المنشور

رعب وهستيريا

حالة الرعب والهستيريا التي يعيشها البعض عند الحديث عن أي حوار، أو أي
إمكانية للوصول إلى حل توافقي، ومهما كان هذا الحل، لا يمكن تفسيره إلا
بتفسير واحد لا غير، وهو حرق جميع مراكب العودة، فإمّا إبقاء الوضع على ما
هو عليه وإمّا فليقضى على الجميع في صراع لا نهاية له.

هذا البعض ومن
خلال ما بثه من بغض وكراهية بين أبناء الوطن الواحد يعرف قبل غيره أن لا
مكان له في مجتمع متصالح ومتحاب، وإن من ظل يزرع الشوك والحنظل لا يمكن له
أن يرى الأزهار متفتحة في شوارع الوطن، ومهما كان ما قبضه من ثمن فإن هذا
الثمن يبقى تافهاً عند مقارنته مع الذل والعار الذي ألحقه بنفسه حين يكتشف
الجميع ما مارسه من تضليل وكذب طوال هذه السنين، ولذلك هو يرفض أي حل ويقف
أمام أي مصالحة وطنية.

طوال السنوات الماضية لم نجد في خطابهم ولو
مفردة واحدة تدعو إلى الوحدة الوطنية أو محاسبة المسئولين عن الانتهاكات
والسرقات أو محاربة التمييز بين الناس بسبب معتقداتهم الدينية أو المذهبية
أو الأهداف الخفية لعملية التجنيس السياسي والتي يدفع ثمنها الجميع من
أبناء هذا الوطن ولم نسمع منهم حرفاً واحداً يدين عمليات القتل خارج
القانون أو انتهاكات حقوق الإنسان وإنما كل ما سمعناه منهم هو تبرير لكل
ذلك.

تناسوا عن عمد كل ما جاء في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة
لتقصي الحقائق، وكل ما يذكرونه من هذا التقرير هو أن الدولة أنجزت جميع
التوصيات التي جاءت فيه، لماذا هذه التوصيات؟ وما هي مدلولاتها؟ ولماذا
وكيف أتت؟ هم لا يتحدثون عن ذلك ولا يودون.

هؤلاء هم أول من يأخذ
وآخر من يعطي، فلا يهمه أن تقترض الحكومة مليار دينار في العام 2001، في
حين أن العجز في الموازنة لا يتعدى 30 مليون دينار، ولم يتساءلون قط أين
ذهبت 970 مليون دينار تتحملها الدولة كديون يتحتم دفعها إن آجلاً أو
عاجلاً، مادام فتات من هذا المبلغ يمكن أن يدخل في حسابهم الخاص في البنوك.

لستم
أنتم من يدافع عن الوطن، فمن يحب وطنه يحب جميع أبناء وطنه، ولستم أنتم من
تحمون حالة السلم الأهلي من خلال تأليبكم السلطة على استخدام البطش ضد
الشعب، إنما أنتم مجرد خرقة بالية تُستخدم لمسح الأوساخ ثم ترمى في القمامة
عندما تهترئ تماماً.

دعوا الناس لتعبر عن آرائها ولتطالب بحقوقها،
ولتكتفوا بما نلتم من عطايا حتى الآن، فمهما كانت هذه الفترة صعبة وحرجة،
ومهما كان الأمر يبدو مستحيلاً، فإن الحل لا بد وأن يأتي وإن المصالحة
الوطنية لا بد وأن تتحقق.

جميل المحاري

اقرأ المزيد

من الذي يحمل السلاح؟

في تغطيته لجلسة المحرق البلدي، كشف الزميل صادق الحلواجي أمس عن وجود أشخاص يمتلكون أسلحةً هدّدوا بها موظّفي هيئة الكهرباء.

الخبر
نشر في الصفحة الأولى أمس، نقلاً عن مدير إدارة خدمات المشتركين بهيئة
الكهرباء والماء، الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، الذي أعلن عن قطع التيار
عمّن يرفض بتاتاً أية تسوية أو دفع ولو بالتقسيط، وأضاف أن «هناك من أغلقت
عليه محطة وشارف على الموت داخلها».

هذا الكلام الخطير ليس من
ادعاءات المعارضة، ولا من جهات مشبوهة تحاول تشويه صورة البحرين، وإنّما
كلام مسئول رسمي ينتمي للعائلة الحاكمة، ويتكلم عن مشاكل هيئة حكومية، تريد
تطبيق القانون واستحصال الديون.

شخصياً ودفعاً لأي لبس، أؤمن بأن
دفع رسوم الماء والكهرباء واجبٌ مستحقٌ على المواطن، فهي خدماتٌ تقابلها
التزامات، وتترتب عليها حقوق أيضاً. هكذا تجري الأمور في كل دول العالم،
وهكذا كنا في البحرين حتى قبل سنوات، حيث كانت الأغلبية العظمى تلتزم بسداد
الفواتير المستحقة. ونادراً ما تلجأ الإدارة إلى قطع التيار حين يتراكم
المبلغ لظرفٍ قاهرٍ لعائل الأسرة.

الإشكال بدأ مع قرار مفاجئ للحكومة
بإسقاط ديون الكهرباء قبل سنوات. هذا القرار استفاد منه الأثرياء
والمتنفذون المتخلفون عن السداد لسنوات، أكثر من الفقراء الذين كانوا
يواظبون على الدفع كل شهر. وكشفت الصحافة حينها أن هناك وزراء ومتنفّذين
مدينون للكهرباء بعشرات الآلاف.

هذا الإجراء ولّد ردة فعل لدى قاعدة
واسعة مع الجمهور، فتحوّل الإشكال إلى مشكلةٍ تعاني منها هيئة الكهرباء.
وكان الحل الأسهل لديها، هو اللجوء إلى الوسيلة التقليدية التي كانت
تستخدمها منذ الستينيات، وهو قطع التيار كطريقة ضغط.

الموضوع لم يكن
عجزاً عن الدفع في كثيرٍ من الحالات، ولكنه وسيلة احتجاج غير معلن على واقع
التمييز في المعاملة، وسوء الإدارة، والعجز عن تطبيق القانون على الجميع،
وهو ما اعترف به ضمناً مدير إدارة خدمات المشتركين بهيئة الكهرباء. إنه
فقدان الثقة بالدولة وعدالتها في أجلى صوره، وهو ما ينبغي عليها العمل
لإصلاحه إن أمكن، ليقتنع الرأي العام بأنه لا وجود للتفرقة ولا التمييز بين
المواطنين، وأن الجميع سواسية عند تطبيق القانون، ودون محسوبيةٍ أو
محاباة.

إن ما كشفه مدير خدمات المشتركين يمثل تحدّياً للدولة
وأجهزتها، فهناك مئات الأسئلة التي يطرحها الناس في مجالسهم ومنتدياتهم:
أين تطبيق القانون على الجميع؟ ولماذا توجد أسلحةٌ لدى بعض المواطنين بحيث
يهدّدون بعض الموظفين العموميين؟ وهل هؤلاء فوق القانون؟ وكيف لا يتم
محاسبتهم بينما يُحاسب من يمتنع عن سداد فاتورة كهرباء؟ وأيهما أخطر على
الأمن العام ومصالح الدولة: من يهدّد بالقتل ويحجز حرية موظفين عموميين
ويعرّض أرواحهم للموت، أم من يتوقف عن دفع بعض الرسوم؟

مدير خدمات
المستهلكين حاول تفنيد المعلومات المثارة بشأن التمييز في عمليات التحصيل
وقطع التيار، لكنه عاد وأثبت ما كان يريد نفيه، حين اعترف بوجود أغلب
المجمعات في محافظتي المحرق والجنوبية، حيث تبلغ قيمة المتأخرات في الأولى
وحدها 14 مليون دينار، ثم المحافظة الوسطى، ويشمل ذلك القطاعين السكني
والتجاري، بما فيه من شركات ومصانع و… حتى الفنادق! وبعضها يزيد ديونه
على 12 ألف دينار؟ هل عرفتم سر الامتناع «الاحتجاجي» عن الدفع؟

ليس
حلّ هذه المشكلة في قطع التيار، ولا رفع التكلفة، ولا بالمنّ على الناس بأن
الدولة تبيعهم الخدمات بأسعار رخيصة، فذلك ليس في صالحها لأنهم يقارنونها
بدول الجوار. إنّما الحل بالبحث عن مصادر الإسراف والتفريط بالثروة
الوطنية، والتلاعب بالمال العام، والفاجعة الكبرى… استمرار تجنيس الآلاف
من أبناء البلدان الأخرى وما يضفيه ذلك على الموازنة العامة من أعباء
تستنزف البلد وتنهك الاقتصاد وتدفع الدولة قريباً للإفلاس.

اقرأ المزيد

تجاوب الحكومة مع المطالب الشعبية



وثيقة اليوم تعيد التاريخ إلينا من تلقاء نفسها، وهي مدونة في كراسات
تاريخ الوطن بيوم (3 ذي القعدة 1373 هـ) (4 يوليو/ تموز 1954م)، أي أن
عمرها نحو 60 سنة. لذلك فهناك مازال بيننا في هذا الزمن من عاصرها وشهد
أحداثها عيناً بعين، لكن الأجيال الجديدة من الشباب لم تعاصرها ولم تعلم
بها.


وميزة هذه الوثيقة أنها ليست منقطعة بذاتها، بل هي ضمن سلسلة من
عدة وثائق شكلت عنوان مرحلة جد مهمة من تاريخ البلاد. لذلك فهي مرتبطة
بوثيقة أخرى جاءت بعدها بحوالي 16 شهراً كردٍّ عليها وتجاوب معها. فما هي
هذه الوثيقة؟


لنقرأ معاً محتواها: «3 ذي القعدة 1373


حضرة صاحب الفخامة معتمد الدولة البريطانية في البحرين بعد السلام وتقديم فائق الاحترام


نتشرف أن نرفق لكم بطيه نسخة من المطالب القومية المقدمة لصاحب العظمة حاكم البلاد للاطلاع عليها ودمتم


المطالب التي يتقدم بها أهالي البحرين إلى صاحب العظمة حاكم البلاد راجين أن يأمر بتحقيقها:


1
– تشكيل مجلس استشاري بطريق الانتخاب الحرِّ يمثل أهالي البلاد سنَّة
وشيعة بالتساوي، وصلاحية هذا المجلس النظر في شئون البلاد الداخلية بصورة
عامة ويسنُّ الأنظمة واللوائح ويرفعها إلى حاكم البلاد لإبرامها أو نقضها
بالبيانات.


2 – تشكيل لجنة من رجال القانون لسنِّ قانون عام للبلاد
يتمشى مع حاجاتها وتقاليدها المرعية على أن يعرض هذا القانون على المجلس
الاستشاري، أي الهيئة التي تمثل البلاد تمثيلاً صحيحاً لإقراره.


3 –
إصلاح المحاكم وتنظيمها، وتعيين قضاة لها ذوي كفاءة يحملون شهادات جامعية
في الحقوق ويكونون قد مارسوا القضاء في ظل القوانين المعترف بها ومثل هؤلاء
القضاة يكون استقدامهم من الخارج، إذا لم يتوافر وجودهم في البلاد.


4 – إجراء انتخابات حرة لتشكيل مجالس للبلديات والصحة والمعارف.


5 – إصلاح دوائر الأمن وتركيز المسئولية في شخص واحد، فإذا ما حدث ما يعكر الأمن فعلى المسئول تبعة ذلك.


6 – تعويض أهالي منكوبي الحوادث من الطرفين التي حدثت منذ اليوم العاشر من محرم وإصدار عفو عام عن المسجونين والمبعدين.


7 – معاقبة المسئولين عن إطلاق النار من قبل الشرطة على الشعب يوم الخميس 30 شوال 1373.


نسخة إلي صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين


˝ ˝ صاحب الفخامة المقيم السياسي في البحرين


˝ ˝ صاحب السعادة المعتمد السياسي في البحرين


˝ ˝ صاحب السعادة مستشار حكومة البحرين


نسخ لتوزيعها على الجمهور».


إذن
هي عريضة مطالب شعبية قدمتها القوى الوطنية للحكومة في مطلع الخمسينات من
القرن الماضي ولا تختلف كثيراً عن اليوم. وكان المعتمد السياسي البريطاني
الذي قُدمت له هذه الرسالة هو (جي. دبليو. وول). وتأتي ضمن الحراك الوطني
المطلبي الذي يبدأ بسيطاً ثم يتطور مع عدم الحل السريع لأية أزمة كانت.


فقد
بدأت الأمور في حراك الخمسينات من أحداث أرادت السلطة البريطانية
والمنتفعين من حولها استغلالها طائفيّاً بعد أحداث مؤسفة جرت في سبتمبر/
أيلول العام 1953 في كل من المنامة والمحرق. ثم إلى أحداث شركة نفط البحرين
المحدودة (بابكو) بين العمال ومحاولة إشعال البحرين بقتال طائفي رفضه
الجميع. ثم تفجر الوضع باستخدام الانجليز للعنف ضد الناس بالقرب من القلعة
«في يوليو 1954» مما أدى إلى قتل 3 أشخاص وجرح 12 آخرين من الأهالي. وجاء
الحدث الآخر المحرك للمطالب في 24 سبتمبر 1954 بإضراب سواق التاكسي، والذي
كان نتيجته تأسيس «صندوق التعويضات التعاوني» لحل أزمة التاكسي والتأمين
على السيارات. وجاء انتخاب عبدالرحمن الباكر سكرتيراً أو رئيساً للصندوق،
لتصبح للحركة الوطنية هيئة مدنية رسمية تقدم من خلالها بعض المطالب، التي
سرعان ما تحولت من مجرد حل مشكلة التأمين على السيارات إلى حل مشكلات الوطن
بأكملها. فضاقت حكومة (بلغريف) ذرعاً بهذا النشاط، ولذلك سرعان ما بعثت
برسالة إلى الباكر تتضمن سحب جنسيته البحرينية. وكان لهذا الإجراء التعسفي
ردة فعل كبيرة بين المواطنين بمختلف أطيافهم، فعقدوا اجتماعاً حاشداً في
«مسجد خميس» في المنامة، وأعلنوا رفضهم سحب جنسية عبدالرحمن الباكر ودعوا
إلى اجتماع في السنابس في 13 أكتوبر/ تشرين الأول متطلعين إلى تأسيس نوع من
التكتل الوطني للدفاع عن كل قضايا الوطن. وبهذا، بعد حوالي أربعة أشهر من
تقديم المطالب المدنية المشروعة للناس بحسب الوثيقة أعلاه، تم تأسيس
«الهيئة التنفيذية العليا» في أكتوبر 1954 بعد اجتماع «مأتم بن خميس» في
السنابس، وفي الفترة نفسها عُقد اجتماع آخر للهيئة في مسجد مؤمن بالمنامة.
ودائماً، أمام مثل هذه الأحداث المتتالية في فترة قصيرة؛ وبسبب أحقية
المطالب المقدمة من قبل الأهالي في هذه الوثيقة؛ تم تجاوب الحكومة مع مطالب
الهيئة، وصدر هذا التجاوب في وثيقة أخرى في 12 ربيع الأول من العام 1375
هـ، سنعرض لها لاحقاً.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4172 – السبت 08 فبراير 2014م الموافق 08 ربيع الثاني 1435هـ   

اقرأ المزيد

أسئلة لا يمكن للبعض الإجابة عنها

مهما حاول البعض اختزال المشكل السياسي في البحرين والأزمة المستمرة
لثلاث سنوات بمجرد الخلاف مع جمعية الوفاق أو المجلس العلمائي بسبب سعي
هاتين الجهتين لتطبيق نظام ولاية الفقيه في البحرين، ومهما حاول إثبات
رؤيته هذه لدى البسطاء فإنه لابد أن يصطدم في تحليله هذا بعدد من الأسئلة
الأساسية التي لا يمكنه الإجابة عنها مهما زوّر الوقائع وخلط الأوراق
واستغبى جمهوره، فعلى الأقل لم نجد حتى الآن تحليلاً منطقياً يمكن من خلاله
أن يؤسس لإقناع الناس بهذه الفرضية البائسة.

وأهم ما يربك الشارع
المتبني لهذه الفرضية هو السؤال عن استماتة السلطة للدخول في حوار مع هذه
الطغمة الباغية التي تتآمر مع جميع دول العالم وتخون الوطن جهاراً، فلماذا
حاولت السلطة الدخول لثلاث مرات حتى الآن في حوار ومفاوضات مع جماعة تسعى
للإطاحة بها؟ ولماذا تصمت السلطة ولا تتخذ الإجراءات القانونية ضد هؤلاء
الخونة؟ ولماذا لا تقطع رأس الفتنة من أساسه ليعود الأمن والاستقرار للوطن
دون تقديم أي تنازلات تصب في نهاية المطاف في تحقيق الأهداف المشبوهة لهذه
الجماعة؟ بل الأدهى من ذلك كيف قَبِل من يوزعون تهم الخيانة بالمجان على
هذه الجماعة أن يجلسوا معها على طاولة الحوار نفسها.

السؤال الآخر
والأكثر غرابة، إن كانت الوفاق والمجلس العلمائي يسعيان إلى إقامة نظام
الولي الفقيه في البحرين، فلماذا تتحالف معها القوى الديمقراطية والعلمانية
التي كانت ومنذ خمسينات القرن الماضي تعمل وتناضل من أجل أن تسود
الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات السياسية والشخصية في المجتمع؟
وإلا يتعارض مشروع الولي الفقيه مع مشروع القوى الديمقراطية بحيث يلغي
أحدهما الآخر وبذلك ليس من المفترض أن يكون هناك أي تحالف بينهما وإنما
العكس؟

سؤال آخر نوجهه لمن يدعي أن الوفاق والقوى الديمقراطية
الوطنية المعارضة لا تمثل الشارع البحريني على العموم والشارع الشيعي على
الخصوص، لماذا يستجيب عشرات الآلاف من المواطنين، وبشكل أسبوعي لكل دعوة
لتسيير المظاهرات والاعتصامات في حين لا يملك «المارد» أن يقنع أتباعه، ولو
200 شخص منهم أن يعلنوا موقفهم الوطني المشرف في تظاهرة تنظم ولو كل سنة
مرة واحدة؟

السؤال الآخر وليس الأخير، لماذا تقف أغلب الدول بما فيها
الدول الصديقة والمنظمات الحقوقية في صف المعارضة البحرينية وتطالب الدولة
بتنفيذ إصلاحات جذرية رغم ما أنفقته الدولة من ملايين الدولارات على شركات
العلاقات العامة من أجل تبييض صفحتها لدى المجتمع الدولي؟

ليس من
السهل التحايل على من يملك فكراً حتى وإن كان بسيطاً تبرير كل ذلك بإجابات
ممجوجة وسخيفة تكرر في كل يوم لكي يصدقها الناس، فالحق بيِّن، والكذب مفضوح
مهما طال الزمان.

اقرأ المزيد

توقعات حول التوترات الاجتماعية في العالم



وفقاً لبعض دوائر رصد التحولات الاجتماعية الناجمة عن تطبيقات السياسات النيوليبرالية New Liberalism الراديكالية في عدد كبير من بلدان العالم، فإن التوقعات تذهب الى احتمال تعرضها لهزات اجتماعية خلال عام 2014 الجاري نتيجة لاتساع فجوة اللامساواة وتراكم السخط الاجتماعي المصاحب لها . وقد وضعت وحدة الإكونوميست للمعلومات Economist Intelligence Unit- EIU التابعة لمجلة الإيكونومست البريطانية، 65 دولة من 150 دولة عاينتها (أي 43% منها) في خانة الدول عالية المخاطر الاجتماعية .
 
البطالة المرتفعة وانخفاض مداخيل الناس، لا يشكلان بحد ذاتهما دوما محركان لزعزعة الاستقرار ما لم ترافقهما أشكال أخرى من الهشاشة الاجتماعية المتزعزعة مثل اتساع فجوة المداخيل بصورة غير عادلة، ووجود حكومة ضعيفة، ومستوى خفيض من شبكات الدعم والأمان الاجتماعي والتوترات الإثنية وانعدام الثقة في الحكومات، وهو ما صار يُعبر عنه بأزمة الديمقراطية .


الاتحاد الأوروبي الذي يتابع عن كثب تقلبات الأحداث في العالم، صار يولي اهتماماً خاصاً ومتزايداً للجوانب المتصلة بضعف مؤسسات الدولة وتراجع كفاءة أدائها الإداري الكلي، السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بما يشمل ذلك سوء ادارة وتوزيع المحصول السنوي لإجمالي الناتج المحلي .
 
موقع واشنطن الأمريكي في بحث عالمي أجرته مجموعة من الباحثين المتخصصين منهم كايل باس ولاري إيدلسون وتشارلز نينر وجيمس داينز وجيم روجرز ومارتن آرمسترونغ ومارك فيبر وآخرون، ونشره الموقع في 20 أكتوبر الماضي، يرسم صورة أكثر قتامة للبنى الاجتماعية في العديد من مناطق العالم المختلفة، حيث ستفضى إعادة هيكلة تريليونات الدولارات من الديون المتراكمة في الدول المتقدمة الى خسارة ملايين المدخرين لنسبة كبيرة من قدرتهم الشرائية الفعلية في أوقات حرجة من حياتهم . ومع أن هذه ليست نهاية المطاف بالنسبة لتماسك البنى الاجتماعية، إلا أنها ستؤدي الى تهتك نسيجها وفي بعض الحالات تمزقه . وللأسف الشديد فإن التاريخ – بحسب أولئك الباحثين – ينبئنا بأن الحرب هي المخرج البسيط من مثل هذه الدوّامات الاقتصادية .


المحلل المالي والاقتصادي السابق في غولدمان ساخس تشارلز نينر يقول ستكون هناك حرب كبرى ستهبط بمؤشر داو جونز الى 5000 نقطة (اليوم 23 يناير 2014 كان 4 .16000) . والمستثمر المخضرم جيمس داينز يرى بأنها ستكون على غرار الحربين العالميتين الأولى والثانية، وستشتعل أولا في منطقة الشرق الأوسط . أما لاري إيدلسون فيقول انه في ضوء متابعته لما أسماه ب”دورة الحروب” منذ ثمانينات القرن الماضي، فإن إرهاصاتها تتموج صعوداً في المجتمعات، من الفوضى الى الكراهية ثم الى حرب أهلية، وربما تالياً حرب عالمية، مضيفاً بأنه أسس رؤيته على أول راصد لهذه الظاهرة وهو ريموند ويلر الذي كان نشر أول تأريخ جازم للحرب غطى فترة من المعلومات والبيانات تبلع 2600 سنة من تاريخ البشرية .


بدوره يقول المستثمر البليونير جيم روجرز إن عمليات الإنقاذ والكفالة المالية الواسعة للمصارف والمؤسسات الرأسمالية المتهاوية في أوروبا (منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008)، يمكن أن تفضي في نهاية المطاف الى إشعال حرب عالمية بسبب بحث كل دولة منهارة مالياً عن كبش فداء، فيما يرى مارك فيبر بأن الحكومة الأمريكية هي من ستبادر الى إشعال الحرب رداً على تردي أوضاعها المالية والاقتصادية لتشد انتباه الشعب الأمريكي بعيداً عن معاناته الاجتماعية الداخلية .
 
رئيسة البرازيل الحالية دلما فانا روسيف، وهي الرئيسة ال 36 للبرازيل وأول امرأة تتقلد هذا المنصب الرفيع في بلادها، كانت قد علقت قبل عام من فوزها بمنصب الرئاسة البرازيلية، أي في عام ،2010 وذلك في حمأة المواجهات الكلامية بين الدول المتقدمة والدول الصاعدة، ومنها البرازيل، حول بوادر حرب العملات التي لجأ إليها بعض الدول لمعالجة مشكلة تراجع صادراتها ، علقت قائلة إنه في المرة الأخيرة التي شهدت سلسلة من عمليات خفض العملات لتعظيم تنافسية الصادرات السلعية، فقد انتهى الأمر باندلاع الحرب العالمية الثانية .
 
ومن دون إغفال مرئيات بعض كبار المستشارين الاقتصاديين ومديري المصارف المركزية التي تذهب الى أن الحرب تعتبر “وصفة جيدة” للاقتصاد(!)، إليكم ما كان أفصح عنه ألن جرينسبان الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي)، إذ أقر بأن الحرب التي شنتها بلاده ضد العراق كانت من أجل النفط . أما وزير الخزانة الأمريكي الأسبق بول أونيل فقد أكد أن التخطيط للحرب ضد العراق كان قد بدأ قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر! وهل يعني هذا أن جميع الدول الغنية بالنفط والغاز وموارد المدخلات الصناعية الخام الأخرى، هي عرضة للغزو تحت أي ذريعة يمكن تدبيرها وتلفيقها بكل يسر وسهولة! في ذات السياق تصب آراء المستثمر ال”ملتي ملياردير” هيوغو ساليناس، فهو يزعم أن تجرّؤ صدام حسين على إحلال اليورو محل الدولار الأمريكي في تجارة النفط العراقية، هو الذي تسبب في غزو بلاده واحتلالها، مثلما يعتقد أيضاً بأن نوايا القذافي لإحلال الدينار الذهبي في تجارة إفريقيا الخارجية قد جلب عليه غضب واشنطن ودسائسها .


الآن، الى أي حد يمكن أن يذهب المرء في مجاراته لمحاولة فهم، والاقتناع، وتصديق كل هذه القراءات، والتنبؤات المبنية عليها لمستقبل صراع الأضداد الدائر بشراسة على كوكبنا الأرضي الذي صار أكثر احتراراً، سواء جراء نشاط الإنسان غير العقلاني الاهداري لموارد الكوكب، أو بأعماله وأفعاله العسكرتارية؟!


هذا يحتاج الى قراءة أخرى بخلفيات اقتصادية وجيوسياسية سنحاول مقاربتها استكمالاً لموضوعها بالغ الدقة .


على صعيد منطقتنا العربية، سوف نلحظ بعد معاينة تاريخية اقتصادية سريعة، أن هنالك دولاً قد تخلت طواعيةً عن الاضطلاع بوظيفتها المتصلة بالبعد الاجتماعي للتنمية لمصلحة قوى رأس المال وقواه النافذة، فأضحت اليوم نهباً للهبات والاحتجاجات الشعبية المتوالية . وهناك البعض منها وقد بات يفكر الآن بجدية في مغادرة هذه الوظيفة تحت ضغط تناقص الموارد ومصادر التمويل الذاتية المحلية .
اقرأ المزيد

استنفار الهزل ..!

جميل
أن يقر مجلس الوزراء لجنة لمناهضة الكراهية والطائفية تعنى باقتراح وتبني
السياسات والمنهجيات واعداد البرامج الفعالة التي تتصدى لمشكلة خطابات
الكراهية التي تبث عبر المنابر والكتابات ووسائل الاعلام والاتصال وبث روح
التسامح والتصالح والتعايش وتعزيز عوامل الوحدة بين ابناء الشعب.



وجميل
ان يدعو وزير الدولة لشؤون الاتصالات مستخدمي شبكة الانترنت ووسائل التواصل
الاجتماعي الى نبذ الفرقة والكراهية الدينية والطائفية واعلاء مصلحة الوطن
فوق اي صراعات واعتبارات ويلفت الانتباه الى ان تنسيقا جاريا مع الجهات
المختصة لتطبيق القوانين على مثيري الفتن والشائعات واتخاذ اجراءات صارمة
ضد الحسابات التي تحرض على العداوة واشاعة الفرقة بين افراد المجتمع
الواحد.


وجميل ان يطالب المشاركون في احتفالية المولد النبوي الشريف وهم
من كل الاطياف بترشيد الخطاب الديني ليكون وسطيا تسامحيا، ويدعون الى
التأمل في حقيقة الاسلام الذي بني علي قيم الحب والتسامح والاخاء والذي
تمثله وتخلق به صاحب الذكرى «ًص».


وجميل ان تظهر الى العلن مبادرات
وائتلافات وطنية على يد اهل الرشد والوعي السليم تعمل على وقف اذكاء الفتنة
والنفخ في النار وتتبنى نشر واشاعة قيم وثقافة التسامح وترسيخ مفهوم
المواطنة القائمة على الايمان بالوحدة الوطنية وتعمل على ما يهيئ المناخات
الايجابية الرافضة للفرز والكراهية والطائفية ونبذ الآخر.


وجميل ايضا ان
تصدر جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني بيانات تؤكد وقوفها مع جهود لم الشمل
والتسامح ووحدة الكلمة «بعيدا عن اللعب بالشعارات والمتاجرة بالمسميات»
ودوافع اصحاب الشهوات المفتوحة على كل شيء ومنهم من باتوا يتصدرون الواجهة
في هذا الزمن الرديء.. وجميل كذلك ان تصدر الجمعيات المعارضة وثيقة «لا
للكراهية» .. تعبر فيه عن القلق العميق ازاء المدى المؤسف الذي بلغناه وان
تدعو الى التسامح ومناهضة التحريض..وجميل كذلك ان يؤكد ائتلاف الفاتح بان
الحوار استراتيجي.. وجميل حتما قيام قلة من اصحاب المنابر الدينية، وبعض
اصحاب الرأي والقلم الى الدعوة ذاتها.


في مناخ كهذا ظنناه سيستمر سائدا
بعد دعوة جلالة الملك الى حماية المسار الديمقراطي والحفاظ على التعايش
والوسطية والقبول بالآخر ورفض محاولات تغذية الطائفية والتعصب المذهبي،
ودعوته الى اتخاذ اجراءات تحمي تماسك المجتمع وبعدها جاء تحرك سمو ولي
العهد نحو حوار جديد .. الحوار الذي هو موضوع الساعة وكل ساعة، وبدل ان
يتعزز تلاقي جهود المخلصين من ابناء الوطن المعلومين والمجهولين للعمل بهمة
وجدية واخلاص لمغادرة الحال الراهن .. الدوامة المفرغة .. الطموحات
المجبولة بالانانيات والشخصانية.. والمجموعات العابرة التي تعيش على
السلبيات.. و»بازار المهازل» والتبجح الوطني المعبر عن الذات بطريقة مسرحية
فجة .. بدل ان يتحقق ذلك .. وجدنا من قاد معركة الحذر والتشكيك من جدوى
الحوار وضخ كلام كثير في عقول الناس رافضا للحوار .. وهناك من تباهي علنا
برفض الحوار ومن اي مصالحة او تقارب او توافق بين ابناء الوطن .. ووجدنا من
أيد الحوار ولكن بروح غير بريئة تهدر في ثناياها وباسم الحوار ابسط قواعد
الحوار، كما وجدنا ممن يعدون أنفسهم غيارى على الوطن يواصلون مساعيهم
«الحميدة» جداً لاعاقة المساعي الحميدة، لكن هذا لايعني ان هناك اصواتا
ارتفعت .. اصوات صادقة في دعمها للحوار.. ورافضة للتفسيرات السيئة
للنوايا.. ومقتنعة بانه لايجوز لاي كان .. اي طرف .. اي جمعية .. اي تيار
.. ان يدفع البلاد الى مجهول تكاد تبلغه .. ومستنكرة حالة استنفار المهازل
التي تريد ان تجعل مشروع الحوار كذبة مضحكة .. وهي واعية بعبثية عموم
المشهد ومدركة بانه لابد من فعل شيء يقلص مساحة هذا العبث ويوقفه .. وان
ذلك ينبغي الا يستمر حتى لايظل وكأن ما يجمعنا يأس مترابط الحلقات .. وما
يلمنا ضياع افق لايؤدي إلا الى خسارة للوطن تفوق اي تقدير ..


هل هذا مقبول ..؟


هل هذا معقول..؟


هل
نحتمل محاولة استدامة حالة العقم والخيبة المقرونة بثرثرات سطحية تختبئ في
ظلها اخطر «المفاجعات».. التي يتجلى اسوأها واخطرها حين يتحدث الكل باسم
الشعب..!


هل نظل نبقى أسيري دوامة اصحاب النفوذ والمصالح، وتجار
السياسة، وتجار الدين ومن يعدون انفسهم رجالا للمواقف الصعبة والأنانيين
الذين لا يرون في الوطن الا مصالحهم.. والكل يتحدث باسم الشعب يوظفون حالة
الانشطار لخدمة اغراضهم ومصالحهم التي لا يراعى فيها مصلحة الشعب ولا الوطن
.. والامثلة واضحة وصريحة .. ومؤسفة..!


هل يبقى المصير الوطني يهدر على
مذبح التعصب .. والتعنت.. والنفخ في نار الانقسامات واستثارة الغرائز
الرخيصة.. وتسعير ما تيسر من الضغائن والاحقاد..


ثم هل ندرك بان نبذ
الكراهية لايتحقق فقط عبر تصريحات وبيانات ووثائق وما في حكم ذلك، الغريب
والمذهل ان منها ماهو صادر عن اطراف الفناها منخرطة في ممارسات عبثية قسمت
البحرينيين انقساما عموديا وافقيا وبلغة دنيئة مثلت الرداءة في اكثر صورها
تجليا..!!، وهذا امر نترك لكم الاجتهاد في تفسيره..


هل هذا مانريده..؟
كلما لاحت في الافق فرصة للتوصل الى مخرج، او مبادرة انقاذية للتوافق يخرج
من يريد ان يقفل هذا الافق باعذار اقبح من كل الذنوب..؟!


ثم هل نملك ترف
تضييع المزيد من الوقت؟.. ان ندور ونراوح في مكاننا نتبنى شعارات .. ونلقي
خطبا، نصدر تصريحات.. وبيانات و»مسجات» وننظم «مهرجانات» لاتحتاج الى رعاة
او معلنين..!.. ونشكل لجانا ولجانا فرعية ولجانا منبثقة تحمل كل الاسماء
وكلها تصب في خانة نبذ الكراهية والحث على الود والتراحم والتواصل بين جميع
مكونات الوطن، هل هذا يكفي..؟ وكأن كل طرف ادى دوره المفترض فيما تستمر
ممارسات هؤلاء الذين شيعت ضمائرهم الى مثواها الاخير.. يقتاتون من مستنقعات
الخلافات ويشوشون على اي موجة انفراج ويشوهون كل مسعى طيب مع مايحمله ذلك
من تهديد للمستقبل والمصير ليظل واقعنا مفتوحا على مساحات لاحدود لها من
لوثات الكراهيات المتبادلة ولنظل مربوطين بمسلسل معقد من الازمات التي يمكن
ان تختصر في عنوان «الكارثة».. دون ان تمتد اليها يد بالتطهير والعلاج.


هل
هي دعوة منطقية تلك التي تبناها البعض الداعون الى اصدار قانون نبذ
الكراهية؟ .. هل نحتاج الى مثل هذا القانون حقا الذي يرى الداعون اليه
تطبيقه على كل من يؤجج ويشحن النفوس ويدفع الى مواطن التشنج والكراهية
والاقصاء على مسمع ومرأى من الجميع، من سياسيين ومن يعدون انفسهم نشطاء ..
واصحاب رأي وقلم ومنبر ديني واعلامي .. ام ان الحاجة تكون اكثر الحاحا
واكثر جدوى حين اجراء مراجعة رصينة وامينة لكل السياسات .. وكل الممارسات
وكل الآفات والانحرافات التي ادت بنا الى ما نحن عليه كي يصبح مشروع نبذ
الكراهية اكثر جدوى ويصبح معه وقف تمزيق الاواصر وعدم تغليب المصالح
الفئوية على المصالح العليا، وبشكل عام وقف تمزيق الوطن واهدار طاقته، اكثر
فاعلية وقادرا على بلوغ غاياته النبيلة.


ان ما كان سيئا ومعبرا عن قدر
كبير من الفجاجة مِن بعض َمن كانوا يذكون نار الفتنة والكراهية نجدهم اليوم
فجأة من دعاة محاربتها ومعاقبة موقديها..!! .. هذا امر جيد ومطلوب اذا كان
هؤلاء ممن لاينطبق عليهم البيت المشهور لامير الشعراء احمد شوقي..»برز
الثعلب يوما في ثياب الواعظين..»


نتمنى ان لايكون ذلك لمجرد خلط
الاوراق، او ارباك مشروع الدعوة الى الحوار الذي لا بديل عنه.. بل نتمناه
مراجعة للمواقف .. وصحوة من هذا التلوث الذي اصاب العقول والوعي .. ومن
مصلحتنا العليا… مصلحة الوطن والشعب.. ان يرد الاعتبار الى قيم التعايش
والتسامح واحترام الاخر، اما اولئك الذين لاتعجبهم هذه الدعوة.. من اصحاب
المآرب، والذين يصرون على رعاية حملات التحريض، والاستمرار في استثارة
العصبيات الفئوية والمذهبية والطائفية بلاهوادة ويمعنون في صب الزيت على
نار الفرقة ويريدون لنا ان نكون دوما امام طريق مسدود ويبنون امجادهم
المزيفة على الخلافات، هؤلاء نعلم بانهم سيظلون يرفضون بفجاجة كعادتهم
محاولة تهيئة الاجواء لافساح الطريق امام مرحلة جديدة من الحوار الوطني
يراد لها ان تثمر مخرجا من الازمة، لانهم يدافعون عن مصالحهم الذاتية
ولايهمهم الا تعميق الانقسامات وان نمضي نسكب الزيت على النار، وليس امامنا
نحن الذين نتطلع الى حالة انفراج واستعادة معالم الحياة الطبيعية الا ان
نكون اكثر فطنة ووعيا واكثر اصرارا وحزما امام هؤلاء المحترفين والمتاجرين
باوجاعنا .. بالعصبيات الطائفية .. وان يعوا انه كلما تأخر الحوار .. او
تعطل الحوار .. وتأخرت الحلول .. كلما غرقنا من حيث ندري او لاندري في وحل
التنازل عن وطنيتنا، نحو الولاءات والانتماءات الضيقة ومضينا نحو
الانعزالية المقيتة والمشينة.. وهذا امر لايجوز ولايليق ولايمكن السكوت
عليه بحال. نبذ الكراهية .. وتصفية المرارات العالقة في النفوس والمترسبة
في الاعماق مرورا بفتح افق جديد للحوار الوطني، عمل مضن.. ومعركة كبيرة
حقا.. لكن من قال ان الاهداف الوطنية الكبيرة والنبيلة يمكن بلوغها بسهولة
او بالمجان..؟!
اقرأ المزيد

ماركسية التيار التقدمي

بقلم: د.فواز فرحان*


يطلق
بعض الناشطين سياسياً بين الفينة والأخرى بعض التعليقات على التيار
التقدمي الكويتي تنم إما عن جهل أو تدليس، من أشهر هذه التعليقات القول إن
هذا التيار هو تيار شيوعي أو ماركسي؛ والبعض يبالغ بجهله أو تدليسه ليقول:
هؤلاء بقايا اللينينية و أيتام موسكو! ، وتأتي هذه التعليقات في ظل حداثة
إسم التيار؛ وفي الوقت نفسه حضوره البارز على الساحة السياسية؛ وتوسّع
قاعدة التأييد الشعبي له رغم بطئها أو رزانتها كما أحب أن أصفها.


ولن أبالغ إذا قلت بأن أغلب التعليقات
التي تخرج بهدف التدليس منظّمة وشبه مدروسة؛ وتريد أن تحصر التيار في زاوية
المواجهة مع الدين أو تضعه في خانة المحاكمة عن تاريخ الأحزاب الشيوعية
العالمية بمختلف تجاربها وظروفها، ولدي علامات وشواهد على ذلك ولكن المجال
لا يتسع في هذا المقال لتعديدها. 


تشكّل التيار التقدمي قبل ثلاث سنوات
بمبادرة من أفراد جمعهم التوجه اليساري التقدمي العام الذي يركّز على
العدالة الاجتماعية (بمعناها الطبقي المعادي للرأسمالية وليس بمعناها
الفضفاض العام) والحريات الشخصية والعامة وتقدم المجتمع على جميع الأصعدة،
ويتمحور الخط السياسي للتيار التقدمي حول استكمال النظام البرلماني
الديمقراطي ومواجهة مشروع السلطة الذي يعرقل التطور الديمقراطي في البلد،
وهذا التيار له من اسمه نصيب؛ فهو تيار سياسي عريض يضم في صفوفه مختلف
أطياف اليساريين والتقدميين من ماركسيين لينينيين واشتراكيين ديمقراطيين
وناصريين وقوميين وماويين وتروتسكيين وبعض العناصر التي تؤمن بالعدالة
الاجتماعية بتعريفها البسيط غير المنطلق من إيديولوجيا معينة، وخلال مسيرة
التيار التقدمي في السنوات الثلاث الماضية انضم الكثير من الأعضاء إليه
بسبب الموافقة على أهدافه التي أعلن عنها، وكذلك بسبب مواقفه السياسية التي
قرأوها ولمسوها من خلال وجوده على الأرض إبان فترة الحراك الشعبي
الاحتجاجي، وهؤلاء الأعضاء يعرفون تماماً من خلال وجودهم في قيادة التيار
ولجانه المختلفة بأنه تيار يساري عريض وليس محصوراً على إيديولوجيا يسارية
محددة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن التيار السياسي الوحيد في الكويت
الذي تبنى الماركسية اللينينية بوضوح لا لبس فيه ولا غموض هو حزب اتحاد
الشعب في الكويت الذي تأسس في عام ١٩٧٥ ثم اندمج أعضاؤه في إطار المنبر
الديمقراطي الكويتي وتجمّد نشاطه على أرض الواقع، ثم لظروف موضوعية انسحبوا
من المنبر الديمقراطي واستعادوا استقلاليتهم وشارك بعضهم في التيار
التقدمي الذي تمر علينا في هذه الأيام الذكرى الثالثة لتأسيسه.


ويأتي وصف التيار التقدمي بأنه تيار
شيوعي أو تيار ماركسي لينيني في إطار تأجيج نوع من الرفض الشعبي له تحت
اتهامه بتوجهه (الكافر) كحد أقصى أو (العلماني) كحد أدنى؛ ناهيك عن الجهل
أساساً بتعريف مصطلح ماركسية أو شيوعية وكذلك بطبيعة تكوين التيار التقدمي؛
فالسؤالان المستحقان لمروجي مثل هذه الانطباعات هما: ما هو تعريفهم
للماركسية وللشيوعية أصلاً؟ ثم ما هي أدلتهم الملموسة على كون التيار
التقدمي يتبنى الماركسية أو الشيوعية؟ وهذا ليس تهرباً من الماركسية أو
الشيوعية الذين يتبناهما بعض أعضاء التيار ولكنه رد مباشر على هؤلاء
المروجين ولوضع الأمور في نصابها الصحيح. وفي خضم هذه الانطباعات المغلوطة
يغيب عن مروجيها أن صراع الماركسية أو الشيوعية ليس مع الدين ولكنه مع
الرأسمالية والاستغلال الطبقي؛ وأن الدين لم يكن يوماً مستهدفاً في أهداف
ومبادئ ومشاريع الأحزاب الشيوعية العالمية فما بالكم بالتيار التقدمي ذي
التوجه اليساري العريض، ويبدو أن هناك هدفاً يبدو أصغر من هدف وضع التيار
التقدمي بمواجهة مع الدين ولكنني أعتقد بأنه الأعمق؛ وهو محاولة تقليل
شعبية هذا التيار ليبدو أمام الناس بأنه تيار يضم مجموعة نخبوية منغلقة على
نفسها، والمؤشر الأقوى الذي يدل على هذا الهدف هو إثارة مسألة شرط تزكية
شخصين من أعضاء التيار لقبول العضوية الجديدة؛ وهنا لي وقفة….من المتعارف
عليه في أغلب التيارات والأحزاب السياسية العالمية والتي تعمل في واقع صحي
ديمقراطياً بعكس واقعنا الكويتي المريض والمشوّه أن تزكية طالب العضوية من
الشروط المهمة لضمان معرفة جدية العضو وعدم دخوله بهدف التخريب أو تسريب
العمل الداخلي للحزب أو التيار السياسي، وهذا الضمان مهم جداً لأن العضو
الجديد سيمارس كل حقوقه والتي من ضمنها الدخول في اللجان والترشح لقيادة
الحزب أو التيار، والنقطة البديهية الأخرى من وراء شرط التزكية هي أن الحزب
أو التيار ليس جماعة ضغط أو مجموعة حقوقية أو نادياً ثقافياً حتى لا يتم
الاهتمام بالجانب الشخصي للعضو.


بعيداً عن محاولات حصر التيار التقدمي
الكويتي بإطار إيديولوجي يساري محدد يظل هو الأوضح في الموقف تجاه مشروع
السلطة وضد الاستغلال الطبقي، ويظل هو الأدق في تبنيه للديمقراطية بشقيها
السياسي والاجتماعي وعدم حصرها بالصناديق فقط، ويظل هو الأكثر علمية في
تبنيه للعدالة الاجتماعية من منطلق رفض الاستغلال الطبقي وعدم تسطيح
تعريفها وحصره في التكافل الاجتماعي فقط، والأهم من هذا كله يظل هو الأكثر
انحيازاً للطبقات العاملة والفئات الشعبية ومحدودة الدخل، وهذا كله مذكور
بالنص في أدبيات التيار التقدمي المكتوبة وتعكسه مواقفه وتحركاته على
الأرض.


————————————-
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
اقرأ المزيد

متاهة الجنرال


لم يكن هدف غابرييل غارثيا ماركيز من كتابة روايته: “الجنرال في متاهته”، الحديث عن أهم الشخصيات في تاريخ أمريكا اللاتينية، الجنرال سيمون بوليفار القائد الذي تدين له جمهوريات القارة باستقلالها عن الحكم الإسباني .





يبدو مثيراً للفضول قول ماركيز نفسه حين سئل لماذا اختار أن يكتب رواية عن هذا الجنرال، إن ما فكر فيه في الحقيقة هو كتابة رواية عن نهر ماغدولينا، فقد نزل إلى هذا النهر مرات عدة، لذا فإنه يعرفه جيداً، ويعرف كل ما يحيط به قرية قرية وشجرة شجرة، ما يؤهله لكتابة رواية جميلة عنه .


لم يجد ماركيز ذريعة للحديث عن النهر الذي يعرفه جيداً سوى الحديث عن السفر الأخير للجنرال سيمون بوليفار المولود في فنزويلا الذي تنظر إليه شعوب أمريكا اللاتينية بتقدير كبير، وهو القائد الذي درس الفلسفة، وأعجب كثيراً بجان جاك روسو الذي ترك أثراً عميقاً في شخصيته، واستحوذت عليه فكرة تحرير القارة من الحكم الإسباني الذي أحكم القبضة على سكانها الأصليين . 


كان يقول: “إسبانيا ستنهزم لا محالة، لكن من الضروري أن يتحقق ذلك بأسرع وقت وبأقل الضحايا والأضرار”، ولكي يقرب فكره إلى البسطاء من أبناء شعبه شرح لهم الأمر بالصورة التالية: “في كلمة واحدة، هل تريدون أن تعرفوا لماذا نذرونا للحقول لزراعة الحبوب والقهوة وقصب السكر والكاكاو والقطن . . وللسهول الشاسعة المعزولة لرعاية قطعان الحيوانات، ولأحشاء الأرض؟ لاستخراج الذهب الذي تتعطش إليه إسبانيا” .


لم يكن هذا ما اهتمّ به ماركيز في سيرة بوليفار، فلقد سعى لنزع الطابع الأسطوري عن بطله . تعامل معه كإنسان بكل تناقضاته، بقوته وضعفه . ورغم أنه أنفق ثلاث سنوات في كتابة هذه الرواية، وثلاث سنوات أخرى في البحث في المادة التاريخية المتصلة بشخص بوليفار وبالمرحلة التي عاش وعمل فيها، إلا أن الممتع بالنسبة له كان في العمل على سد الفجوات الغائبة عن الوثائق، تخيل ما لم يرد عنه حديث فيها . هنا شعر بحرية أكبر في ابتكار شخصيات، وإضافة أحداث وتفاصيل، وتمثل ذلك على ما يبدو في رسم الشخصية من جوانبها السيكولوجية وطريقة تصرفها .


حين طلب محبو بوليفار منه أن يكتب مذكراته، ردّ عليهم رافضاً بشكلٍ قاطع: “مطلقاً . هذه اهتمامات أموات” . كان على ماركيز أن يتخيل هذه المذكرات التي لم تكتب، ويصنع منها رواية . 


اقرأ المزيد

ماذا لو كنت مفصولاً سعادة الوزير؟

الاعتصام الأخير للمفصولين عن العمل وعوائلهم أمام وزارة العمل، يحكي
لمن شهده أو شاهد صوره عن معاناة فئة ما زالت تدفع ضريبة انتمائها المذهبي
أو السياسي أو الثقافي في فترة كانت القبضة الأمنية هي المتحكمة في مصير
شعب كامل.

فالانتماء المذهبي أصبح تهمة يحاكم عليها الموظف في بعض
المؤسسات الأهلية أو تلك المحسوبة على القطاع الحكومي بشكل صار علنياً حين
خضعت البلاد للمزاج السياسي فقُسِّم الشعب إلى فئتين إما مع أو ضد، مع
الحكومة أو ضدها، وبالتالي صنفه بعض المؤزمين ومن يصطادون في المياه العكرة
إلى مع الوطن أو ضده، فصار كل معارض لسياسة ما تنتهجها الحكومة أو جهة
فيها خائناً للوطن ومعارضاً للوطنية، وغدا كل من كان ينتقد في السابق بعض
السياسات أو التصرفات لهذه الوزارة أو تلك يصفق لها، حتى وإن كانت لا تروق
له، نكاية في الطرف الآخر أو خوفاً من اتهامه بـ «معارضة النظام».

والانتماء
السياسي بعد كل ما أشيع عن الحراك الشعبي من شائعات وتهم أثناء فترة
السلامة الوطنية ومابعدها، صار تهمة أخرى تجيز للمؤسسات فصل موظفيها
وعمالها بسببه، حتى أصبحت جميع التهم التي فُصِل بسببها من فُصِل متشابهة
لا تختلف إلا في تفاصيلها الدقيقة التي طرّزتها المؤسسات لتتناسب وسياساتها
الداخلية، ولون شعاراتها.

هؤلاء المفصولون وعوائلهم ممن مازالوا على
قيد الفصل، ومن تجمهروا في تلك الساحة أمام وزارة العمل، يقولون لوزير
العمل ووكيله إن ملف المفصولين لا يجب أن يغلق أبداً، وما أشيع من الأخبار
في الصحف المحلية على لسان الوزارة بشأن حل الملف مجرد خزعبلات لا صحة لها،
خصوصاً وأن ما بقي من أعداد المفصولين مازال بالمئات بحسب إحصاءات الاتحاد
العام للنقابات قبل أقل من أسبوع.

ولو افترضنا على سبيل التفاؤل أن
العدد تقلص إلى مفصول واحد فقط، يجب ألا يغلق هذا الملف أيضاً مادام الوزير
المعني أقسم على خدمة وطنه وشعبه حين استلم حقيبته الوزارية، فهذا المفصول
سيكون غير قادر على إعالة نفسه، إن لم يكن العائل الرئيس لأسرته، وسيكون
مضطراً لتحمل قرار ظالم لحِقَ به ممن باع ضميره أو وقع له إجازة مفتوحة كي
يحمي نفسه ومصالحه.

ومن تواجد من أطفال في ذلك الاعتصام كان كفيلاً
بأن يسرد معاناة أسر كاملة تعيش أوضاعاً ماديةً صعبة بعد أن فقد عائلها
عمله، وكان بعضها محسوباً على الطبقة الاجتماعية الوسطى في يوم من الأيام،
وها هو الآن يتجرع مرارة العوز، وغصة الحاجة إلى الآخرين.

وليعذرني
وزير العمل على تساؤلي «البريء»، الذي أتمنى لو أوجهه له شخصياً وجهاً
لوجه، لأسمع جوابه من غير وسيط: لو كنت أنت المفصول أو أحد أفراد أسرتك، هل
كنت ستطالب بإغلاق الملف من دون أن تحصل على حقك أو حقه كاملاً؟

سوسن دهنيم

اقرأ المزيد

البيئة الحاضنة للفساد

لا تولد نزعة الفساد مع ولادة الانسان ولا
تكمن في تركيب جيناته، وقد دحض العلم منذ عشرات السنين نظرية وراثة نزعة
الاجرام، وحتى النظرية الأحدث التي بررت النزعة الاجرامية بالتركيب الجيني
للانسان، أو ما سمي بالكروموسوم الزائد.

الفساد لا ينمو الا في بيئات مناسبة له، وليس له سبب وحيد ورئيسي، فالتربية
الأسرية لها دور والتربية المجتمعية بمجمل مفاصلها الاعلامية والتعليمية
والقانونية والثقافة السائدة بما فيها أنماط السلوك في المجتمع المعين لها
دور، وبشكل عام الوضع الاقتصادي الاجتماعي أي البنية التحتية للمجتمع التي
تعكس بنية فوقية بتنوعها الثقافي والحقوقي والمؤسسات السياسية والأفكار
والأيديولوجيات والفنون… الخ

كما أن ثقافة المجتمع ليست واحدة وثابتة
في المكان والزمان، فيحدث أن تتغير هذه الثقافة في ذات المكان ولكن في
أزمان مختلفة عبر البنى التحتية المختلفة والتي أشرنا الى مفهومها سابقاً،
ففي فترات زمنية ترى ثقافة نفس المجتمع الذي يعيش على نفس بقعة الأرض
المعينة وما تشمله من سلوك قد تختلف عن فترات زمنية أخرى، ومن غير المهم ان
تكون هذه الفترات الزمنية سابقة أو لاحقة، فيمكن أن يكون هذا المجتمع
المعين ذا ثقافة وسلوك متقدمين ومتحضرين في فترة زمنية قديمة، ويصبحان رغم
مرور السنين وتطور منجزات البشرية متخلفين.

وهناك قصة أسطورية ترى أن في داخل كل
انسان ذئبين أحدهما شرير والآخر خيّر، وهما يتصارعان حتى ينتصر أحدهما على
الآخر، وعندما يُسأل حكماء هذه الأسطورة: منْ منَ الذئبين ينتصر عادة؟
يجيبون بأن الذئب الذي ينتصر هو الذي نربيه ونرعاه أكثر.

ورغم أنها أسطورة الا أن لها دلالات
مجازية، لا تلقي كل اللوم على الفرد ولكنها تشير بشكل دلالي الى أن المجتمع
بمؤسساته وطبيعتها وتركيبتها وسياساتها لها دور في سيادة أحد الذئبين،
فإما أن تكون طبيعة أو سياسة هذا المجتمع بمكوناته المؤسساتية وادارته
حاضنة للفساد على سبيل المثال أو محاربة له.

لذا اخترع الانسان نظاماً أسماه
«الديموقراطية»، ويعني حكم الشعب للشعب وبالشعب، وهو نظام يشارك فيه جميع
المواطنين على قدم المساواة، إما مباشرة أو عبر ممثلين له، ويمكّن المواطن
من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي، والديموقراطية
بمعناها الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع، ويشير
الى ثقافة سياسية وأخلاقية تتجلى فيها مفاهيم العدالة الاجتماعية وتداول
السلطة سلمياً، و«الديموقراطية» مصطلح مناقض لمصطلح «الأرستقراطية» الذي
يعني «حكم النخبة».

فعندما يحكم الشعب نفسه بنفسه فانه يحكم
لصالحه، وعندما تحكم النخبة أو الفرد فانها تحكم لصالحها أو لصالح الفرد
وليس لصالح الشعب، ومن هنا يبدأ التعارض بين مصالح النخبة ومصالح الشعب
فتستحوذ النخبة على مصالح الشعب وحقوقه، وبالتأكيد ليس عن طريق التراضي أو
عن طريق تنازل الشعب عن مصالحه، ولكن سرعان ما يبدأ التنافس بين النخبة
نفسها على الاستحواذ على جميع المصالح وهو عادة تنافس غير أخلاقي، ولضمان
سيطرة النخبة تستخدم أدوات العنف والقمع والرشوة وشراء الولاءات والذمم،
واستخدام الأدوات القانونية والقضائية لصالح النخبة أو الفرد.

هذه هي البيئة الحاضنة للفساد، الذي يبدأ
ببؤرة أو بؤر ويتفشى ليصبح ثقافة سائدة في المجتمع ومؤسساته المختلفة،
وتصبح استخدامات الواسطة والمحسوبية والتنفيع على سبيل المثال جزءا من
تفاصيل الحياة اليومية، فتتحول المجتمعات التي تحترم القوانين الى كاسرة
لها وتتحول اللامشروعية الى مشروعية بديهية، في تحقيق عملي للمثل الكويتي
«من صادها عشى عياله».

وليد الرجيب

اقرأ المزيد