المنشور

تجريم العمل السياسي بطرق ملتوية

في مرحلة ما قبل العام 2001 كان العمل السياسي خارج إطار الحكومة يُعتبر
جريمة يعاقب عليها القانون، وذلك بحسب التفسير الذي كان معمولاً به منذ
إصدار مرسوم بقانون أمن الدولة في منتصف السبعينات. بعد العام 2001 كان
هناك نوع من التردد في إفساح المجال للعمل السياسي، وكان هناك من يحبذ
اعتماد النهج الكويتي الذي يتغاضى عن العمل السياسي، بمعنى أنه يسمح له
بصورة غير رسمية، من دون قانون يمنع أو يفسح له المجال.

غير أن
الفكرة البحرينية تطورت إلى شيء أقل من العمل السياسي المعتمد في أنحاء
العالم، وبدلاً من السماح للأحزاب السياسية تم اختراع مصطلح الجمعيات التي
تنشغل بالسياسة من دون أن تشتغل بها. وعلى الرغم من رفض الناشطين على
الساحة لهذا المفهوم، إلا أن ما هو معمول به من الناحية العملية كان منعاً
لهذه الجمعيات من العمل كأحزاب سياسية لها برامج محددة للوصول إلى مواقع
القرار.

لاحقاً بدأت السلطات تتضايق من الجمعيات السياسية «التي صدقت
نفسها» وبدأت تتحرك وكأنها أحزاب سياسية، ولاسيما أن بعض المسئولين دأب
على التصريح بأنه لا فرق بين الحزب السياسي والجمعية السياسية، وأن
الاختلاف يكمن في التسمية فقط. غير أن هذا اصطدم بالواقع، وبدأت جهات نافذة
تعلن الطوارئ كلما نظمت جمعية مؤتمراً وكأنها حزب سياسي في أي بلد آخر،
وأصبحت الحالة أقرب إلى الخيال، إذ كانت هناك اتهامات بأن مؤتمراً سنوياً
عُقد في مطلع 2010 لجمعية سياسية وكأنه يمثل تهديداً عظيماً لأمن الدولة.

بعد
العام 2011 انهالت التشريعات بصورة متسرعة من كل جانب وذلك من أجل تجريم
كل خطوة وكل نشاط يقوم به أي شخص وتقوم به أي جمعية، وأصبحت الحالة الآن
تقترب شيئاً فشيئاً من وضع ما قبل 2001، مع فرق بسيط وهو أن مرسوم بقانون
أمن الدولة كان واضحاً ويحتوي على مواد قليلة جداً واستطاع أن يمنع ويجرم
كل النشاط السياسي. أمّا الآن فإن التشريعات تصدر من كل جانب وبمئات
المواد، وهي «تلف وتدور» وتصل في نهايتها إلى نقطة تقترب من تجريم العمل
السياسي. نأمل أن لا نفقد مكتسبات ما تحقق في 2001، والطموح كان يحدونا بأن
تتطور فكرة الجمعيات السياسية إلى أحزاب حقيقية، ولا نصل إلى مرحلة تجريم
العمل السياسي بطرق ملتوية.

منصور الجمري

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4217 – الثلثاء 25 مارس 2014م الموافق 24 جمادى الأولى 1435هـ

اقرأ المزيد

كيف ننظر إلى جماعة الإخوان المسلمين؟!

بقلم: د.فواز فرحان*


٢٠١٣١١١٨-١٠١٨٣٢.jpg
الصراع
الحقيقي في المجتمعات هو الصراع الطبقي بين الطبقات المستغِلة والطبقات
المستغَلة، وهذا الصراع هو ما يُحدث التغيير وهو الذي يسير بسببه التاريخ
نحو الأمام. والأحزاب السياسية بما يمثلها من خط سياسي وبرنامج
اقتصادي-اجتماعي تكون ممثلة إما لمصالح الطبقات المستغِلة أو لمصالح
الطبقات المستغَلة؛ مع الأخذ بعين الاعتبار مستويات التطور المختلفة بين
الدول وبالتالي نضوج هذه الطبقات من عدمه وما يترتب عليه من عدم وضوح
الجانب الطبقي الذي يمثله الحزب السياسي تماماً. تعتبر جماعة الإخوان
المسلمين من حيث التمثيل الطبقي حزباً سياسياً يمثل مصالح الطبقة
البرجوازية والمتوسطة؛ وفي بعض البلدان قد تتبنى مطالب الطبقة البرجوازية
الصغيرة التي يحب البعض أن يدمجها في ما يسمى بالطبقة الوسطى. و يدل على
هذا التمثيل البرنامج الاقتصادي-الاجتماعي الرأسمالي لها في مختلف البلدان
والخط السياسي اليميني والمنطلق الفكري المتخلف الذي يشكل قاعدة لهذا
البرنامج. 


وحتى يكون ما ذكرته مدعماً بالأدلة
التاريخية والحالية سأتطرق لجانب من الأحداث في بعض البلدان يبين الخط
السياسي لهذه الجماعة. في مصر مثلاً؛ تأسست جماعة الإخوان المسلمين في عام
١٩٢٨م تحت ظل رضا القصر الملكي ومباركته، وليست جملة “مات الملك.. يحيا
الملك” التي تصدرت صحيفة الإخوان المسلمين عند موت الملك فؤاد واعتلاء
الملك فاروق عرش مصر إلا عنواناً لموقفها آنذاك؛ في حين كانت القوى الوطنية
والتقدمية المصرية تناضل في سبيل تحرر مصر من الاستعمار واكتمال النظام
الديمقراطي الدستوري، وتلقت هذه الجماعة أول دعم مالي علني في بداية
تأسيسها من شركة قناة السويس البريطانية، ثم بسبب تورط جماعة الإخوان
المسلمين باغتيال النقراشي باشا تعرض حسن البنا مؤسس الجماعة للاغتيال
المدبر من أقارب النقراشي باشا بقبول من السلطة الملكية التي استنكرت
انقلاب هذه الجماعة ضد ولائها لها. وبعد تحول هذه الجماعة إلى سرية بسنوات
حدثت ثورة يوليو ١٩٥٢م وكان موقف جمال عبدالناصر منها إيجابياً بسبب ما
يشاع عن انتمائه لها في فترة الأربعينيات، ثم انقلب عبدالناصر على الإخوان
تدريجياً بسبب طريقة عملهم واستخدامهم للدين كمدخل للعمل السياسي؛ وبعد ذلك
انقلب عليهم كلياً بعد العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦م بسبب مواقفهم التي كانت
تمثل مصالح الغرب وتحديداً أميركا. وبعد انقلاب عبدالناصر عليهم وقمعه لهم
لجأت أغلب كوادرهم التي نجت من الاعتقال إلى المملكة العربية السعودية
وتلقت الدعم الكامل من الملك فيصل. وكان للسلطة في الكويت دور معروف في دعم
نمو هذه الجماعة وتوسعها بعد استقبال بعض كوادرها الهاربة من مصر. وفي
الأردن لم يكن موقف السلطة الملكية ببعيد عن موقف السلطتين السعودية
والكويتية منها؛ فقد قام الملك حسين بحل جميع الأحزاب السياسية الأردنية
بعد انقلابه على الحكومة الوطنية في عام ١٩٥٧ ما عدا جماعة الإخوان
المسلمين! أما في البحرين فما زالت جماعة الإخوان المسلمين حليفة للسلطة
فيها ولها تمثيل معتبر في الحكومة في ظل المطالبات الشعبية بالتطور
الديمقراطي.


كانت جماعة الإخوان المسلمين مدعومة
بالكامل من السلطة في الكويت تحت إطار دعم العمل الخيري ممثلاً فيما يسمى
بجمعية الإصلاح الاجتماعي. وحظيت هذه الجماعة بعناية خاصة فيما يشبه
التحالف مع السلطة، وفي ظل قمع اليسار في الكويت وإغلاق نادي الإستقلال
وغيره من جمعيات النفع العام بعد استنكار الإنقلاب السلطوي الأول على
الدستور في عام ١٩٧٦م لم توقع جمعية الإصلاح الاجتماعي على بيان الاستنكار
الذي وقعته جمعيات النفع العام وكوفئت بإعطائها منصب وزير كان من نصيب رئيس
جمعية الإصلاح الاجتماعي في تلك الفترة! والتحق جزء من جماعة الإخوان
المسلمين على استحياءٍ بحركة دواوين الإثنين المعارضة للانقلاب الثاني على
الدستور في عام ١٩٨٦م وما يزال الڤيديو الشهير الذي يوجه به الدكتور أحمد
الخطيب اللوم الشديد لعبدالله العلي المطوّع شاهداً تاريخياً على التباس
موقف هذه الجماعة من انقلاب السلطة على الدستور. في فترة الحراك الشعبي
الاحتجاجي ضد فساد السلطة كانت لمجموعة (الصقور) في جماعة الإخوان المسلمين
مواقف قد تصنف بأنها إيجابية؛ ولكن في نفس الوقت كانت (حمائمها) مرتبطة
بعلاقات اقتصادية وبمصالح مع السلطة توجتها المناصب العالية التي تقلدها
ويتقلدها بعض رموز هذه (الحمائم) وكذلك الاستثمارات والمناقصات التي
استفادت وتستفيد منها شركات بعض رموز هذه الجماعة. وموقف جماعة الإخوان
المسلمين اليوم (بصقورهم وحمائمهم) الملتبس من الخطوات العملية لمشروع
الإصلاح الديمقراطي وموقفهم الغامض والمتجه نحو قبول المشاركة بالانتخابات
البرلمانية القادمة يدل على تناقض هذه الجماعة.


من هذه الأمثلة التاريخية والحالية
نستطيع الوصول إلى النتيجة التي تقول بأن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن
يوماً جماعة مناضلة في سبيل الحرية والديمقراطية بقدر ما هي حزب سياسي يمثل
مصالح الطبقات البرجوازية؛ وهذا ينسحب حتى على حركة حماس الإخوانية والتي
لا ننكر دورها المقاوم للعدو الصهيوني في مرحلة معينة. ونستطيع القول كذلك
أن انقلاب بعض السلطات العربية عليها -بعد انسجامها معها في بعض المراحل-
ليس إلا دليلاً اختلاف مصالح الجماعة ومواقفها مع هذه السلطات. وفي نفس
الوقت ورغم كل هذا التاريخ يجب أن يكون لنا موقف مبدئي ضد أي قمع أو ملاحقة
أمنية جائرة لهذه الجماعة وضد وصفها بالجماعة (الإرهابية) ما دامت لم تقم
بأعمال إرهابية، وأن يكون موقفنا واضحاً من أن الصراع أو الخلاف معها هو
بالأساس يقع في إطار الصراع الفكري والخلاف السياسي.


——————————————
*عضو التيار التقدمي الكويتي.
اقرأ المزيد

متى ستقدم السلطة مرئياتها؟

في حين قدَّمت جميع القوى السياسية المشاركة في الحوار الثالث مرئياتها،
بقت السلطة وهي الطرف الأقوى والأكثر تأثيراً في الوضع الراهن صامتة، ولم
تعلن حتى الآن عن نيتها لتقديم أية أفكار أو مرئيات، كما أنها لم تعلن عن
الخطوة المقبلة، والتي كان من المفترض أن تكون لقاءات ثنائية بينها وبين
الأطراف الأخرى.

إن تعليق الحوار أو إيقافه بسبب التطورات على الأرض
لا يمكن أن يكون سبباً حقيقياً أو حتى سبباً مقنعاً للمواطنين، فما هو
معلوم أن التطورات هي نتيجة وليست سبباً.

المسألة الأهم في هذا
الإطار هو الاعتراف بوجود مشكلة سياسية لا يمكن تجاوزها، ومن ثم تشخيص هذه
الأزمة للخروج منها بأقل الخسائر وبما يرضي جميع الأطراف، أما التعامل
بطريقة رد الفعل، فذلك أمر غير محمود تماماً.

حتى الآن لم تعترف
السلطة بوجود أزمة سياسية مع أنها دعت للحوار ثلاث مرات متتالية، ما أوقع
مناصيرها في حيرة كبيرة، فإن كانت الدولة ترى أن المعارضة في البحرين ما هي
إلا مجموعة من المخربين يجب التعامل معهم بالأسلوب الأمني، فكيف تدخل معهم
في حوار؟ وإن كانت ترى أن هناك مشكلة سياسية حقيقية تواجهها البحرين، وأن
ما تطرحه المعارضة يصب في مسار تطوير التجربة الديمقراطية، فلماذا تعلن في
جميع لقاءاتها مع السياسيين من مختلف دول العالم، أن الحوار هو المخرج
الوحيد للأزمة ومع ذلك تحاول بشتى الطرق سواء من خلال ممثليها على طاولة
الحوار أو من خلال القوى المحسوبة عليها من مستقلين أو جمعيات موالية تعطيل
الحوار، وعدم الدخول في جدول الأعمال وطرح المرئيات بشكل جدي؟

في
المرة الأولى التي طرحت فيها السلطة فكرة الحوار حاولت الالتفاف على
المطالب الشعبية من خلال جمع أكبر عدد من الشخصيات، والجمعيات المختلفة غير
المهتمة أصلاً بالعمل السياسي، بهدف إضاعة الفكرة الأساسية من الحوار، وفي
المرة الثانية تعمّدت تغليب كفة على أخرى، بحيث تكون طاولة الحوار مائلة
بـ 180 درجة، ولذلك لم يكن من المتوقع أن تصمد لوقت طويل وأن تصل لنتائج
متوافق عليها.

على السلطة في هذا الوقت الصعب أن تعلن للجميع إذا
كانت لا تزال ملتزمة بمواصلة الحوار الجدي، وأن تطرح مرئياتها التي تشخص
الوضع الحالي وكيفية الخروج منه، وأن تهيّئ الأجواء الصحيحة لاستئناف
الحوار بشكل يؤدي إلى الحل. فمتى ستقدم السلطة مرئياتها؟

جميل المحاري

اقرأ المزيد

بصراحة | الدرس الأبلغ في صراع روسيا والأمريكان وحلفاءهم

ارتكبت الإمبريالية الامريكية وحلفاءها خطأ فادحاً عندما أقدموا على مغامرة
سياسية خاسرة ، بالوقوف وراء الانقلاب  على السلطة  الحاكمة في كييف  تحت
دعاوي مختلفة ، بدعم القوى الفاشية والمالية الأوكرانية  وإفشال الاتفاق
الذي تم التوقيع عليه بين أطراف الصراع في كييف ، ارادت  الإمبريالية
المتوحشة  أن توجع روسيا من خاصرتها ، والتضييق عليها من خلال مد نفوذها
إلى الحدود الروسية من خلال القوى الجديدة الحاكمة في كييف ، ومن المعروف
بأن روسيا تملك أسطول بحري كبير في شبه جزيرة القرم ، كان استفزاز واضح
لروسيا القوية ، قادة الكرملين كانو  يريدون أن تحن تلك الفرصة التاريخية ،
بأن تعود القرم  إلى الأم  روسيا بعد ستين عاماً من قرار الرئيس السوفياتي
الراحل نيكتيا خروشوف  الذي ضم القرم الروسية إلى جمهورية أوكرانيا
السوفياتية في عام 1954م ، لأسباب مختلفة ، بوصول القوى الفاشية في
أوكرانيا المدعومة من الإمبريالية الامريكية والاتحاد الاوروبي ، أتخذ
برلمان القرم قراره بالانفصال عن أوكرانيا، وقرر أجراء الاستفتاء في يوم
الآحد 16/3/2014م ، من أجل الانضمام إلى روسيا الاتحادية ، جاءت النتيجة
كاسحة حيث صوت 80% من شعب القرم ، بنعم على الانضمام لروسيا ، بالرغم من
الاحتجاجات من قبل الإمبريالية الامريكية وحلفاءها ،  انتصرت روسيا في هذا
الامتحان الصعب ، لم ترضخ للتهديدات الامريكية والأوروبية ، روسيا القوية
اقتصادياً وعسكرياً ، لن تخشي تلك التهديدات ، هل ينتهي زمن القطب الأوحد ،
الدرس المستفاد من هذا الصراع ، بان روسيا جعلت الأمريكان وحلفاءهم يدفعون
الثمن باهظاً ، بعد حماقتهم في أوكرانيا ، شبة جزيرة القرم تعود إلى الأم
روسيا الاتحادية .
فاضل الحليبي
اقرأ المزيد

«حقول القتل»… باسم دين الإسلام

قبل ثلاثة عقود كان أحد أهم الأفلام عن كمبوديا قد تم إنتاجه باسم The
Killing Fields، أي «حقول القتل»، وهو فيلم فاز بجوائز عديدة ويحكي تجارب
أحد مراسلي «نيويورك تايمز» ومساعده الكمبودي وهما يغطيان ماذا فعل «الخمير
الحمر» بقيادة بول بوت بسكّان كمبوديا ما بين 1975 و1979، وكيف قتل هؤلاء
المتطرفون مليوني كمبودي، بحيث أصبح لكل عائلة كمبودية فقيد واحد على
الأقل.

أخبار الإذاعات في سبعينات القرن الماضي كانت تتحدث عن حجم
القتل آنذاك، وفي كثير من الأحيان كان الخبر عن كمبوديا لا يهز السامع لأن
القتل أصبح عادياً. وإنه لمن المؤسف جداً، وبعد كل تلك السنين تنتقل «حقول
القتل» إلى منطقتنا العربية، بحيث أصبحت أخبار القتل والتفجيرات والدمار
والمعاناة التي تصب على الناس وكأنها أخبار اعتيادية.

قائد الخمير
الحمر، بول بوت، كان حينها قد أعلن خطته لتطهير المجتمع الكمبودي من
الرأسمالية والثقافة الغربية والدين ومن جميع المؤثرات الخارجية، وقال
حينها إنه يريد جعل كمبوديا مكتفية ذاتياً من ناحية الزراعة، ولذا أجبر
السكان على الانتقال إلى معسكرات العمل الزراعي… غير أن حقوله الزراعية
تحوّلت إلى حقول للقتل جوعاً حتى الموت، أو التعذيب أو الإعدام لأتفه
الأسباب.

المتتبع للأخبار في بلدان عربية متحضرة، وفي الهلال الخصيب،
يستغرب كيف تحوّلت إلى حقول للقتل، وكيف تُخنَق المرأة بسلك حول رقبتها
لأتفه الأسباب، وكيف يُقتَل الناس بصورة بشعة، وكيف يتم استخدام حتى
الأطفال في أعمال القتل، بل ويبث من يقوم بذلك وحشيته على اليوتيوب ليرى
العالم ما يقوم به. إن متابعة الكثير مما يتوافر على وسائل الاتصال
الاجتماعي توضح أن ما كنا نسمعه عن بول بوت من ذبح وقتل للناس باسم
الشيوعية، لا يختلف في بشاعته ووحشيته عن ما يقوم به البعض في المنطقة
العربية باسم الدين الإسلامي.

إن الايديولوجية المتطرفة (شيوعية كانت
أو إسلامية) تتوحد في نهج وحشي واحد، وهذا لا ينفي حق الآخر في العيش
الكريم فحسب، وإنما يُحوِّل أيضاً حقول المزارع في الهلال الخصيب إلى حقول
الموت والقتل والدمار. لعلَّ هناك من يفكر في إنتاج الحلقة الثانية من
حقول القتل، وهذه المرة ربما تتحسن صورة الخمير الحمر بالمقارنة مع
الجماعات التي تعبث بمعنى الحياة وبكرامة الإنسان باسم دين الإسلام.

منصور الجمري

اقرأ المزيد

ارحموا شارع البديع!

شارع البديع أحد أقدم شوارع البحرين، ويخدم قطاعاً عريضاً من القرى
والمدن، ولكنّه اليوم أسير إحراق الإطارات ومسيّلات الدموع والمولوتوف. ولم
يتوقّف الأمر عند هذا الحد، بل زادت مأساة الشارع عندما أُغلقت أكثر
منافذه لأغراض أمنية، وتضرّر الكثيرون جرّاء هذا الإغلاق، وإليكم هذه
الرسالة التي وردتنا عبر البريد الالكتروني:

«أنا شاب بحريني للتو
بادئ في عملي الخاص بعد أن يئست من التوظيف في وزارات الدولة والشركات
الحكومية لأسباب الكلّ يعلمها لسنوات طوال، رغم المؤهلات والخبرات. ولكن
الآن بعد أن توكلت على الله واستأجرت شقة لمشروعي الخاص قريب جداً بأمتار
قليلة من دوار عبدالكريم بشارع البديع يتم قفل الشارع ولا يسمح لأي أحد
بدخوله! أنا صاحب المكتب لا يسمح لي بالدخول فكيف بالزبائن؟ حيث أدخل من
طرق فرعية لأصل للمكتب. أصحاب المعارض والمحلات جالسين هكذا بدون أي زبائن!

شارع
البديع من دوار عبد الكريم إلى تقاطع إشارة البرهامة، الشارع مغلق طوال
اليوم من يوم «انفجار الديه» من الاتجاهين، ولا يسمح لأحد بدخول الشارع
للقادمين من البديع والقادمين من المنامة، في حين يمكن دخوله من الشوارع
الفرعية ومن جهة السنابس والديه وجدحفص، فما هو الداعي لغلق الشارع إذا كان
يمكن دخوله من الشوارع الفرعية؟ لا يفهم منه إلا التضييق على أصحاب
المحلات في هذا الشارع وقطع الرزق عليهم، فمن يعوّضنا عن قيمة الإيجار
والخسائر والمعاشات؟

أرسل هذه المناشدة لكم لترفعوها لأصحاب القرار
حيث يقع في هذا الشارع أكثر من 100 محل وشركات ومعارض سيارات ومطاعم
وصالونات وغيرها من المحلات التجارية. إن كان الهدف أمنياً كما يدعون
فليغلقوا كل المنافذ وإن كان لا فليضعوا نقطة تفتيش على الأقل مكان الغلق
وليسمحوا للناس بالمرور»!

انتهت رسالة الشاب المتضرّر، ولم تنتهِ
مأساة هذا الشارع، فكل يوم تأتينا الأخبار عن حرقه وخرقه، أو عن الغازات
المنتشرة فيه، ولا يسكت المتظاهرون ولا رجال الأمن فوقه، بل يواصلون عمليات
الكر والفر، ونحن لسنا ضد الأمن ولا الأمان، ولكننا بالطبع ضد قطع أرزاق
الناس، فالشارع خدمي بطبيعة الحال، وما افتتح تاجر مشروعه إلاّ بنيّة
الاستفادة وليس الخراب.

هناك من يظن بأنّ تشديد القبضة الأمنية قد
يُهدّيء الشارع، ونحن نذكّره بالمثل الذي يقول: «اللي في قلبه الصلاة ما
تفوته»، وعليه هناك خطط أخرى من أجل عدم تعطيل الشارع، عن طريق القيادات
الشعبية في حثّها للناس على ضرورة عدم التعرّض للعامّة، وكذلك في وزارة
الداخلية بحثّها منتسبيها على الحد من اجراءات التعطيل في هذا الشارع
العام، وأيضاً ننصح الجميع بوضع أصحاب المحلاّت نصب أعينهم، لأنّهم لم
يفتحوا ليشاهدوا منظراً غير منظر حركة الناس وهم يدخلون المحلات ويشترون،
وهم اليوم أكثر المتضرّرين.

صاحب الرسالة ناشد من بيده القرار بفتح
الشوارع الفرعية من أجل المصلحة العامة، ونحن نناشد الجميع، سواءً الشعب أو
الحكومة، بعدم التعرّض إلى هذا الشارع بالتحديد، فهناك أُناس لا دخل لهم
بالسياسة ولا بالحكومة، ساقوا سيّاراتهم للوصول إلى ذلك المعرض أو ذلك
المحل أو تلك المزرعة، ولم يستطيعوا الخروج ولا قضاء حوائجهم بسبب
المغامرات والمهاترات الموجودة! رجاؤنا… ارحموا شارع البديع قبل أن ينفجر
هو الآخر ضد ما يحدث له!

مريم الشروقي

اقرأ المزيد

نحن والغرب

لم تكن كلمة الغرب تعجب إدوارد سعيد ، فهو يرى أن هناك خطراً في استخدامها، والأرجح أن موقفه هذا آتٍ من رفضه للتعميم، لأن مقولة الغرب هكذا على إطلاقها تضع كل ما في العالم الغربي في سلة واحدة، وتحجب التناقضات داخله، فالغرب، شأنه في ذلك شأن المجتمعات والتجمعات والكتل والظواهر الأخرى، يحمل في طياته أوجه تناقض وحتى صراع بين مكوناته .


الكلمة التي يفضلها إدوارد سعيد بديلاً عن كلمة الغرب هي مفردة: “أطلسي”، وهو ربما استوحاها من مصطلح طومسيون: “العالم الأطلسي”، وهو بذا يريد التفريق بين الدلالة الجغرافية للغرب من حيث هو مكان، وبين الدلالة الإيديولوجية لهذا الغرب الذي يريد الماسكون بالأمور فيه تحويله إلى قوة آمرة ناهية، مُوجِهة لمَن هم خارجه، على جري ما فعلته الإمبراطوريات الاستعمارية الكلاسيكية التي تآكلت كالفرنسية والبريطانية أو ما تفعله الولايات المتحدة اليوم .


في اللغة العربية “الغرب” هو كيان جغرافي . فهذه اللفظة لا تدل على موقع أو مكانٍ بعينه، سوى أنه المكان الذي تغرب فيه الشمس، ولأن الأرض تدور فإنه يتبدل معها . بيد أن ثمة من يرى أن الغرب، لغةً، هو عند العرب مكان الظلمات والمجهول، فحيث تغيب الشمس تنتظرك الظلمات . 


والغرب، إلى ذلك، هو أرض الأجنبي، ومنه اشتقت صفة الغريب . ويقال إن تسمية أحد الطيور بالغراب مشتقة، لغة، من هذه اللفظة، ويحمل دلالتها لأن هذا الطير يحمل سوء الطالع ويبعث على التشاؤم .


عودة للعلاقة الملتبسة بيننا وبين الغرب، سنرى أنها مثقلة بمرارات التاريخ الاستعماري الطويل، والإعاقة الغربية الدائمة لأي مسعى نهضوي عربي، لقد حصل هذا مع مشروع محمد علي باشا ومع المشروع الناصري، وارتدادات هذه الإعاقة واضحة فيما يجري اليوم من تبنٍّ أو دعم لما عُرف “الفوضى الخلاقة” التي لا تعني سوى الزج بهذه المنطقة في أتون صراعات مذهبية وحروب أهلية مدمرة لن يكون فيها منتصر .


وللإنصاف علينا ملاحظة أن بواعث من اشتغلوا على مقولة الاستشراق من مفكرينا العرب مثل أنور عبدالملك وعبدالله العروي وإدوارد سعيد نفسه لم تكن بواعث عدائية او انتقامية من هذا الغرب ومستشرقيه، بقدر ما انطلقت من الرغبة في إعمال الفهم النقدي، بالنظر الى الحضارة الإنسانية نظرة كلية، منطلقها التكافؤ ورفض صور الاستعلاء أو الازدراء على حد سواء .


د . حسن مدن

اقرأ المزيد

أزمة الإعلام الغربي

انتهينا
في مقالتنا السابقة المعنونة “إشكالية الصحافة العالمية . .محاولة للفهم”،
الى أن الوسائط الإعلامية الغربية أضحت اليوم جزءاً لا يتجزأ من المؤسسة
الحاكمة، باعتبارها أحد أكثر أوساط الطبقات المسيطرة على عملية التراكم
الرأسمالي، من دون التقليل أيضاً من حقيقة هامش الحرية الذي تتمتع به،
باعتبارها، بحد ذاتها، مركزاً من مراكز قوى رأس المال النافذة والمتمتعة
بسلطة غير مرئية على عملية مونتاج وتصنيع مخرجات مطبخ دوائر صناعة القرار .


ونتيجة
لقوة الجذب الهائلة التي ما فتئت تتعرض لها الصحافة ووسائط الميديا
الغربية بوجه عام من جانب رأس المال الكبير، فكان من الطبيعي أن يثير ذلك
الشبهة في صدقيتها، وأن يطرح تساؤلات عن مدى أهمية وفاعلية الجمعيات
والنقابات التي تنتظم ممتهني الحرفة الصحفية في الغرب الذي نجح باقتدار في
تسليع كل شيء، باستثناء الهواء الذي تتنفسه مجتمعاته . . ومدى جدوى ونفع
مواثيق الشرف التي يقررون فيما بينهم توقيعها كردة فعل يبغون بها اشهار
تعهدهم بصون شرف المهنة الذي يقدسون لغواً .


فلا يزال الإعلاميون في
الغرب، والقائمون منهم على إدارة الوسائط الإعلامية، مستمرين في العمل بوحي
من مركز عقل “الأخ الأكبر” الذي يصمم ويضع الاستراتيجيات ويسند إلى
مخدوميه مهمة التكفل بتطبيق تفاصيل السياسات الإعلامية لتلك الاستراتيجيات،
من حيث استمرارهم في استخدام الأدوات ذاتها لإحداث التأثير النفسي
والإبستيمولوجي في الجمهور المستهلك لمختلف الوسائط الإعلامية، حيث لا يزال
التشويق والإغواء والترفيه والاثارة والتغريب، “خلطة البهارات” المفضلة
لدى الدوائر الإعلامية الغربية في تقديم “أطباق وجباتها” لثبوت نجاعتها
ومفعولها السحري في الناس المستهلكين لها .


فلاغرو أن يجد المراقب
صحفيين موضوعيين أمثال سيمون هيرش، يتامى تقريباً في مقابل الكم الهائل من
أمثال أحد أقطاب المحافظين الأمريكيين الجدد فؤاد عجمي، وكُتّاب وصحفيي
“مدرسة” مجموعة “فوكس نيوز” الإعلامية الأكثر غلوا في تطرفها النيوليبرالي
و”المدارس” الأخرى اليمينية الأوروبية الأقل غلواً، ولكن الأكثر مكراً في
تعاطيها المعياري المزدوج مع الأحداث العالمية . وفي المحصلة سيكون من
النادر أن تخلو هذه الواجهات الصحفية من مقال كيدي ضد الصين وروسيا
المنافستين الكبيرتين للغرب على الزعامة العالمية . ومن النادر جداً جداً
أن تجد مقالاً، أو حتى خبراً في هذه الواجهات يتحدث بموضوعية عن القضية
الفلسطينية في الصحافة الأوروبية فما بالك بالصحافة الأمريكية التي تعمل
فيها صحافة السوق الحرة “بكامل طاقتها”، فلا تكاد الصحافة الاحترافية تجد
فيها متسعاً لمزاولة وظيفتها الأصلية التي كانت أنشئت من أجلها أساساً قبل
ما يربو على ثلاثة قرون . بل إن ضواري هذا السوق البالغ العِظَم، نجحت،
بفضل تكالبها على تعظيم أرباحها، في تجريد النظام المؤسسي الديمقراطي الذي
أشاده الآباء الأوائل المؤسسون للاستقلال، من إحدى أهم آليات تجديده وتصحيح
أعطاله من الداخل ومن دون الحاجة للاضطرار لاجتياز دروب التغيير الوعرة في
حال انسدادها وجمودها . 


“لو كان النظام الدولي الجديد يتمتع بشيء من
الرحمة وشيء من الإنسانية وشيء من الأخلاق فلربما كانت الحكومة العالمية هي
ما نحتاج اليه . بيد أن هؤلاء لا يعدون أن يكونوا أناساً مقرفين تتملكهم
شهوة المال وإهمال متحجر القلب للمعاناة الإنسانية . وللأسف، فإن هذا يحدث
فقط لأن القسم الأعظم من الميديا الممملوكة والموجهة بواسطة تلك القوى،
ولأن مالكي الميديا، هم من يختار ويقرر اتجاهات تسليط الأضواء، لذا فإن
القصص نفسها والأصوات نفسها تصدح عبر 6 مجمعات إعلامية احتكارية لتلقن
الناس ما يتوجب عليهم معرفته عن عالمهم وعن بلدهم” . .(كريس برات Chriss
Pratt منتج فيلم الخداع Deceptions)


بيد أن دوام هذا الحال المريح
للاعلام الغربي من المحال . فقد واتته المفاجأة من “السيستم” ذاته الذي
اقتضت طفرات الرأسمالية في فرع تكنولوجيا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات،
فتح خطوط انتاج جديدة عالية الربحية بارتياد أفق الاقتصاد المعرفي وتوجيه
أموال استثمارية طائلة للفوز بقصب السبق في هذين القطاعين العملاقين
الصاعدين . فكان أن ظهر لأول مرة ذلكم التهديد الجدي للحالة الاحتكارية
التي انتهى إليها الإعلام الغربي بعد ثلاثة قرون ونيف، والمتمثل في الإعلام
الموازي أو الإعلام الشعبي الآخذ في الاتساع بصورة مدهشة الذي يتخذ من
برامج التواصل الاجتماعي المتكاثرة على شبكة الإنترنت وسيلته العجيبة لكسر
وتجاوز احتكار الإعلام الموجه الذي انتهى به الحال ليكون جزءاً من “عدة”
الصراع الإيديولوجي الذي ما زالت تخوضه الرأسماليات المركزية ضد كل أشكال
ونماذج الاستقلال التنموي عبر العالم .


ولكن علينا أن نتذكر أن القوى
القابضة على مفاتيح الاقتصاد، وبضمنها أجهزة الدعاية والإعلام، كانت
دائماً، وعلى امتداد مراحل تطور الرأسمالية، على قدر التحديات التي
تقابلها، وكانت تنجح دائماً في تخطي صعابها بفضل المرونة التي تتمتع بها في
تطويع وتكييف نفسها مع مختلف المستجدات والتطورات . وهي في هذه الحالة
التي نحن بصددها، ونقصد ظهور الإعلام الموازي لمؤسستها الإعلامية الضخمة،
ذي الطابع الشعبي، لن تعدم الوسيلة للتغلب على هذا النوع الجديد والخطر من
التحديات، إما من خلال الاحتواء بتخليق آليات إعلامية أمنية تؤمن له حضوراً
مادياً غير مباشر داخل توليفته، وإما عن طريق تتبعه ومراقبته وإغراقه
بالتوافه، كما جرى لوسائل الإعلام المرئي، وإفراغه، ترتيباً، من محتواه
“الضار” بالخط العام للتوجهات والسياسات الإعلامية “المتبعة” .


لطالما
شنّف هذا الإعلام آذان مستمعيه وكحّل أعين متابعيه وهو يلوك اتهاماته
لل”آخر” ويوصمه بال”الغوبلزية” (نسبة الى جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازية
ورفيق الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر مؤسس “فن غسيل الأدمغة” حتى
الدقائق الأخيرة من حياة “الفوهرر” – القائد)، فإذا هو اليوم يسير على هذه
الخطى ليس أكثر، حتى إن تعرَّق وأنكر ذلك .


أين المشكلة؟ المشكلة أن هذا
الإعلام الموجه على نحو سافر، ما انفك يدَّعي الموضوعية والحيادية، مع أن
صدق القول أنه إنما يعكس مصالح الحكومات الغربية المتعاقبة، الراعية ليل
نهار لمصالح قوى رأس المال الكبير، أو لو أنه توقف على الأقل عن ادعائه تلك
الموضوعية والرصانة، لكان أكسبه ذلك احتراماً مستحقاً . أما أن يدّعي
الموضوعية والحيادية، في حين أنه لا يعدو أن يكون صورة مُطَوَّرة ومبهرجة
من الإعلام الحكومي “العالم ثالثي”، فهذا لا يضمن استحقاقه للمصداقية التي
تشكل الرأسمال الأساسي للعمل الإعلامي .



د . محمد الصياد 

اقرأ المزيد

إلى متى يتساقط مرضى «السكلر»؟

الأسبوع قبل الماضي وخلال مراسم عزاء عضو مجلس إدارة جمعية البحرين
لرعاية مرضى السكلر سيدمحمد الكامل «الذي أدخل المستشفى، في الأول من مارس/
آذار، ليقضي نحبه بعد أربعة أيام في قسم الطوارئ أمضاها بانتظار سريرٍ في
قسم العناية المركزة»، جلس رئيس الجمعية زكريا الكاظم في زاوية مأتم قرية
القدم يتلقى العزاء في صديقه بحزن كبير، وبصراحة شعرت بإشفاق شديد على هذا
الرجل الذي يحمل على كاهله ثقل 18 ألف مصاب بهذا المرض، ويرى أصدقاءه
يتساقطون واحداً بعد الآخر.

وعلى رغم قلة إمكانات الجمعية فإنه
استطاع من خلال إيمانه بقضية مرضى السكلر وما يعانونه من آلام لا يمكن
تحملها وإهمال لا يمكن تبريره، أن يجعل من قضيته قضية رأي عام، كما استطاع
أن يكسب تعاطف المجتمع بأسره.

وبحسب الإحصاءات الرسمية فإن هناك 56
ألف حامل لمرض فقر الدم المنجلي (السكلر) أو مرض الخلايا المنجلية منهم 18
ألف مصاب به. وتشير الإحصاءات إلى أن متوسط أعمار المصابين بهذا المرض
قصيرة، فهي في الذكور بين 42 إلى 45 سنة وفي الإناث قد تصل إلى 48 سنة.

في
أغسطس/ آب من العام 2010 سقطت أربع ضحايا لهذا المرض في يوم واحد، ما حدا
بعدد من المرضى وأهاليهم الى إشعال الشموع ونثر الورود أمام مدخل طوارئ
مجمع السلمانية الطبي حداداً على ضحايا السكلر الأربعة الذين قضوا في يوم
واحد، واحتجاجاً على طريقة التعامل مع المرضى من قبل إدارة المستشفى.

لا
أحد يحمِّل وزارة الصحة مسئولية جميع الوفيات التي تحدث نتيجة هذا المرض
الخطير، ولكن لا يبدو أن هناك إستراتيجية واضحة لدى الدولة لمحاصرة هذا
المرض الوراثي وعدم انتشاره بصورة أكبر في المجتمع البحريني الصغير.

قبل
ثماني سنوات تقريباً زار البحرين أحد أهم الباحثين في مرض السكلر وهو
البروفيسور جراهام سيرجنت وهو بريطاني مقيم في جامايكا، وأنشأ مركزاً
للأبحاث متخصصاً في هذا المرض بالهند، عندها تحدث هذا البروفيسور عن أهمية
إقامة مركز متقدم للأبحاث في مرض السكلر في البحرين بسبب كثرة المصابين به.

كما
أن المختصين من الأطباء والاستشاريين في البحرين كانوا يؤكدون ذلك منذ وقت
طويل، ولكن للأسف فإن وزارة الصحة لم تأخذ بهذه النصيحة إلا مؤخراً حيث
افتتح في شهر فبراير/ شباط الماضي مركز أمراض الدم الوراثية بعد أن سقط
المئات من أبناء هذا الوطن ضحية لهذا المرض.

ما نحتاج إليه فعلاً هو إستراتيجية وطنية لمحاصرة هذا المرض الفتاك، والحيلولة دون انتشاره بصورة أكبر.

جميل المحاري

اقرأ المزيد

تحديات التعليم عربياً


كانت المطالبة بالنهوض بالأوضاع التعليمية في البلدان العربية وما زالت مطلباً حيوياً في كل البرامج التنموية الداعية إلى النهضة الحضارية؛ فالنهوض بالتعليم وتوفير الرعاية الصحية المتطورة وتأمين فرص العمل تعد مرتكزات محورية لأي برنامج اجتماعي جدي، تلزم لتطبيقه مقادير كافية من الحوكمة والشفافية .





إلا أن التعليم بالذات كونه يتوجه نحو الاستثمار في الأجيال الجديدة يحتل أهمية خاصة بين هذه المرتكزات . ويلاحظ تقرير حديث ومطول للبنك الدولي نشره على موقعه في “تويتر” ازدياد القدرة على الالتحاق بالنظام التعليمي في المنطقة العربية خلال العقدين الماضيين إلى درجة تعميم الالتحاق بالتعليم الابتدائي للبنين والبنات في معظم بلدان المنطقة . 


وارتفع صافي معدل الالتحاق من 86 إلى 94 في المئة بين عامي 2000 و2010 . وكذلك ارتفع صافي معدل الالتحاق بالتعليم الثانوي، وإن لم يكن بالدرجة نفسها من 62 إلى 70 في المئة خلال الفترة نفسها .


كما أن المؤشرات المتصلة بجودة التعليم ما زالت تظهر أن الأنظمة المدرسية في المنطقة العربية تتسم بشكل عام بتدني الجودة، فلا أحد يتعلم المهارات الأساسية، وهي حقيقة تظهرها بأوضح برهان الاختبارات القياسية الدولية التي تكشف نتائجها أن المنطقة مازالت دون المستوى المتوقع بالنظر إلى متوسط دخل الفرد فيها .


ويعني هذا أنه بالنسبة للكثير جداً من التلاميذ في أنحاء المنطقة لا يُعد الالتحاق بالمدارس مرادفاً للتعلم، كما أن الدلائل تشير إلى وجود تنافر سائد بين ما تحتاجه سوق العمل من مهارات وما يتم تعليمه في المدارس . وفيما يتم إجراؤه من دراسات عالمية، يقر الكثير من شركات المنطقة بأن عدم كفاية مهارات القوى العاملة، سواء الفنية منها أو الشخصية، تعيق نموها وقدرتها على توظيف العاملين .


وحسب معطيات إحصائية فإن نحو ثلث الخريجين الجدد فقط هم الجاهزون لمكان العمل . ولا تستثمر المنطقة سوى القليل في التدريب بشكل عام قبل العمل وأثناءه، وذلك بالمقارنة بغيرها . 


ولكي ندرك فداحة الفجوة بين الجنسين في فرص تلقي التعليم، علينا التوقف أمام ما يشير إليه التقرير من تفوّق البنات على البنين في نتائج امتحانات الحساب بالصف الرابع الابتدائي، وهو اتجاه يستمر بشكل عام حتى الصف الثامن، لكن هذا التفوق لا تقابله خطط استيعاب تعليمية للفتيات في منطقة تشتهر بافتقارها إلى المساواة بين الجنسين .


اقرأ المزيد