المنشور

في الذكرى الثمانين للحزب الشيوعي العراقي: العلاقات التاريخية بين الحزب الشيوعي العراقي وجبهة التحرير الوطني البحرانية


لعل
مرور ثمانية عقود على تأسيس اول تنظيم اشتراكي يساري في ارض الرافدين،
العراق العظيم، ممثلاً بالحرب الشيوعي العراقي 1934، فرصة لاغتنام هذه
المناسبة لتسليط شي من الاضواء على العلاقات التي تربطه مع اول تنظيم
اشتراكي يساري في الخليج العربي وفي ارض اوال “البحرين” الا وهو حزب جبهة
التحرير الوطني البحرانية الذي تأسس في فبراير (شباط) من عام 1955، ابان
الانتفاضة الشعبية المجيدة المعروفة بقيادة هيئة الاتحاد الوطني في الفترة
1954- 1956.






وعلى
الرغم من التفاوت الزمني بين عمري الحزبين الشقيقين، حيث يكبر الحزب
الشيوعي العراقي 20 عاماً حزب جبهة التحرير الوطني البحرانية، فانه ومنذ
السنوات الاولى من تأسيس هذا الاخير ارتبط بعلاقات حميمة مع الحزب الشيوعي
العراقي الشقيق سرعان ما توطدت على مختلف الاصعدة الفكرية والسياسية
والتنظيمية، بدءاً من اوخر الخمسينيات على وجه الخصوص، وهي فترة خصبة من
تاريخ العراق السياسي الحديث وتاريخ الحزب الشيوعي العراقي والتي وصل
خلالها الى ذروة صعوده السياسي والجماهيري، وبخاصة بعد ثورة 14 تموز بقيادة
الشهيد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، ففي خلال هذه الفترة المجيدة من
حياة الحزبين الشقيقين (اواخر خمسينيات واوائل ستينيات القرن الماضي) جرى
تدشين جسور العلاقة بين جبهة التحرير الوطني البحرانية والحزب الشيوعي
العراقي، ولعل من ابرز شواهد هذه العلاقة، الفترة التي قضاها احد قادة جبهة
التحرير الوطني البحرانية الا وهو المناضل الراحل الرفيق علي دويغر خلال
اواخر الخمسينيات في العراق، حيث عاصر في السنوات الاخيرة من العهد الملكي
والسنوات الاولى من العصر الجمهوري بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 العراقية،
واكتسب خبرة سياسية وتنظيمية اثناء اقامته في بغداد من خلال عضويته ونشاطه
في الاتحاد العام لطلبة العراق الذي كان تحت نفوذ الحزب الشيوعي العراقي،
وهو المنظمة الطلابية التي تعمل ايضاً تحت الارض حتى قيام ثورة 14 تموز.
كما انخرط في صفوف لجان المقاومة الشعبية للدفاع عن الثورة ومكتسباتها، الا
انه واجه اثناء اقامته في العراق بعض المضايقات من قبل السلطات العراقية
واجبر على مغادرة العراق على ظهر سفينة متجهة الى قطر.






كما
ساهم الرفيق الراحل دويغر بعدد من الدراسات والبحوث المتعلقة بالعراق من
ابرزها: دراسة عن “العراق: العمل في الزراعة سياسات الاصلاح الزراعي 1958″،
دراسة عن “العراق: البيروقراطية في المرحلة الانتقالية حالة الادارة
الزراعية في العراق 1958- 1970″.






وبالرغم
من ظروف العمل السري القاسية الصعبة التي صبغت النشاط السياسي لكلا
الحزبين معظم سني حياتهما فان اشكال هذه العلاقات بين الحزبين مضت نحو
التطور في مختلف المجالات طوال ستينيات القرن الماضي سواء على الصعيد
الثنائي المباشر ام من خلال النشاط السياسي الدولي في المهجر، سواء في بعض
العواصم العربية كبيروت ودمشق والقاهرة او عواصم بلدان المنظومة الاشتراكية
السابقة وعلى الاخص موسكو. ازداد توطد هذه العلاقات بين حزبي الشيوعيين
البحرانيين والعراقيين خلال عقد السبعينيات وعلى الاخص في النصف الاول منه
حيث شهدت الحياة السياسية في كلا البلدين ظروفاً مؤاتية الى حد ما من العمل
العلني.






ففي
العراق تمتع الحزب الشيوعي العراقي خلال هذه الفترة القصيرة من العمل
العلني ابان الجبهة الوطنية التقدمية التي وأدها دكتاتور العراق السابق
المقبور صدام حسين عشية صعوده رسمياً الى قمة السلطة عام 1979 وبخاصة بعد
شنه حملة القمع الواسعة النطاق على عناصر الحزب الشيوعي العراقي والذي يعد
العمود الفقري لاحزاب الجبهة الوطنية خارج السلطة، وفي المقابل تنسم حزب
الشيوعيين البحرانيين شيئاً من العلنية غير الرسمية، او على الادق تخفيف
درجات الملاحقة البوليسية نسبياً وذلك على اثر استقلال البحرين عام 1971 ثم
اقامة مجلس نيابي منتخب عام 1973 والذي فاز فيه ائتلاف من اليسار “تكتل
الشعب” بثمانية مقاعد من مجموع 30 مقعداً الا ان هذه التجربة لم تدم بدورها
سوى عامين بعد ان اقدمت السلطة القبلية الحاكمة بحل المجلس صيف عام 1975.  






وخلال
تلك الفترة من شبه العلنية في حياة كلا الحزبين الشقيقين ساهم الحزب
الشيوعي العراقي بناء على طلب جبهة التحرير الوطني البحرانية في تثقيف
وتدريب عدد من كوادر جبهة التحرير الحزبية والشبابية والطلابية، كما كانت
بغداد قبلة لوفود ممثلي الاحزاب اليسارية والتنقدمية في المنطقة العربية
للمشاركة في الندوات السياسية والاقتصادية الاقليمية والدولية التي
تستضيفها العاصمة العراقية. وكان امين عام حزب الجبهة الراحل سيف بن علي
(احمد الذوادي) أحد مؤسسي الحزب من ابرز المشاركين في تلك الندوات العلمية،
كما تتجلى اشكال المحبة والتقدير التي يكنها الشيوعيون البحرانيون
لاشقائهم الشيوعيين العراقيين واتخاذهم من حزبهم مثلا أعلى ونبراسا في
حياتهم النضالية في عدد من المظاهر التي عرفتها الحياة السياسية العامة
والشخصية لحزب جبهة التحرير الوطني البحرانية، ومن ذلك انبهارهم واستلهامهم
للملاحم البطولية في الصمود بوجه الجلادين في غياهب السجون والتي سطرها
ثلة من خيرة رفاقكم الشهداء وعلى رأسهم الرفيقان القائدان مؤسس الحزب
الخالد فهد وسلام عادل.






ولا
غرو اذا ما علمنا بأن العشرات من رفاقنا وأنصارنا قد اطلقوا اسمي هذين
القائدين الفذين على مواليدهم، ولربما هذه الظاهرة او التقليد اللافت قلما
نجدها لدى أي حزب آخر من الأحزاب الشيوعية الشقيقة في البلدان العربية.






ولعل
حزبنا هو الحزب الوحيد من بين تلك الأحزاب الذي جذبه بقوة شعار حزبكم
الخالد “وطن حر وشعب سعيد” وتبناه كشعار دائم له يعرف ويتميز به بين فصائل
الحركة الوطنية بخاصة والحياة والسياسة بوجه عام. وابان انطلاقه انتفاضة
فبراير / شباط من عام 2011، وتحديدا خلال الاعتصام الجماهيري الحاشد الذي
قدر بما لا يقل عن ربع مليوم معتصم، بما يوازي ثلث سكان البلاد من
المواطنين تقريبا، والذي كان المنبر التنقدمي الديمقراطي (وريث حزب جبهة
التحرير الوطني البحرانية) في مرحلة العلنية الجديدة الراهنة بعد اصلاحات
2001 الشكلية النسبية التي اعلنها ملك البلاد والتي سرعان ما جرى الاجهاز
عليها، كانت خيمة المنبر في اعتصام دوار اللؤلؤ الجماهيري يتوجها ويزينها
على يافطة عريضة بخط كبير بارز خط على  يافطة حمراء شعارنا المشترك “وطن حر
وشعب سعيد”.






ولعل
من مظاهر هذا التأثر والاعتزاو البالغين ايضا، ما تحظى به اغاني فرقة
الطريق العراقية التابعة لحزبكم من شعبية جارفة منقطعة النظير في صفوف عامة
رفاقنا والأنصار والفئات الشعبية القريبة من نبض الحزب، وهذه الأغاني ما
زالت تتردد على شفاه الشيوعيين البحرانيين وانصارهم في مختلف المناسبات
الحزبية والسياسية العامة. وبالمثل فإن عددا من فناني الحزب الشيوعي
العراقي يحظون بشعبية منقطعة النظير لدى رفاق الحزب وانصاره وجماهيره، ولعل
من ابرزهم الفنانان جعفر حسن والمرحوم الراحل فؤاد سالم والذي  يحظى
بشعبية طاغية على الصعيد السياسي وعلى الصعيد الشعبي العام لدى مختلف فئات
الشعب ممن يستهويهم الفن الغنائي والموسيقى العراقية وكان الفنان جعفر حسن
قد احيا حفلة غنائية قبل سنوات قليلة في قاعة جمعية المهندسين التي غصت
بالجمهور الذي تفاعل بحماس كبير مع اغانيه الوطنية.






ومن
نافلة القول ان العلاقات التاريخية بين الشعبين العراقي والبحراني وما
يربطهما من روابط وعلاقات تاريخية مختلفة حضارية ودينية واجتماعية وثقافية
تضرب بجذورها في اعماق التاريخ انعكست بطبيعة الحال على العلاقات بين
الحزبين الشقيقين ناهيك عن العادات والتقاليد والسمات المشتركة بما في ذلك
التشابه اللهجوي وعلاقات المصاهرة والامتدادات العائلية والعشائرية
والقبلية المشتركة، ناهيك عن الهجرات المتبادلة، ليس خافيا على احد من كلا
الحزبيين ان عددا من رفاقكم انما تعود اصولهم الى البحرين.






واذ
نزف أحر التهاني والتبريكات القلبية للحزب الشيوعي العراقي الشقيق في ذكرى
ميلاده الثمانين، وفيما يستعد حزب الشيوعيين البحرانيين بدوره للاحتفال في
العام القادم بمرور ستة عقود على ميلاده فان الآمال تحدونا بقوة بأن تشهد
هذه العلاقة بين الحزبين المجيدين دفعة قوية من التوطد في سياق تطور
مسيرتهما النضالية وصمودهما وإصرارهما وإرادتهما الفولاذية لتخطي العقبات
والأوضاع السياسية الراهنة البالغة التعقيد التي يمر بها حزبيهما وشعبيهما
وعلى الاخص في ظل الانشطارات والتجذابات الطائفية المتشابهة في كلا
البلدين. كما تحدونا الآمال بأنهما وبإرادتهما الفولاذية لتخطي تلك العقبات
والأزمات  الكبرى البالغة التعقيد ستكون هذه العلاقة بين الحزبين الشقيقين
اكثر ازدهارا جنبا الى جنب مع استعادة نفوذهما وقوتهما الجماهيرية التي
عرفا بها في سنين الصمود والعز والكرامة وليكونا اكثر قربا من تحقيق
شعارهما الخالد “وطن حر وشعب سعيد”.






رضي السماك
اقرأ المزيد

تحالف القوى المعارضة

المثير في الأمر وما يدعو إلى الشك في النوايا، أن من يدّعي الإيمان
بالمبادئ اليسارية وينتقد القوى الوطنية التقدمية في تحالفها مع جمعية
«الوفاق»، يتخذ موقفاً متوافقاً مع السلطة، بل إنه في كثير من الأحيان يذهب
إلى أبعد من ذلك ليتخذ موقفاً معادياً لجميع الأحزاب اليسارية ومنظمات
حقوق الإنسان العالمية التي تقف مع المطالب المحقة للشعب البحريني. ولا يجد
غضاضةً في الكذب وتزوير الحقائق والخداع، فهناك من وقف على منصة الدوار
يخطب في الجموع المحتشدة بشأن المطالب المشروعة للتحرك الشعبي، ولكنه سرعان
ما انقلب على عقبيه في فترة السلامة الوطنية ليتخذ موقفاً آخر تماماً.

تحالف
القوى الوطنية المعارضة لم يبدأ في العام 2011، وإنما كان هذا التحالف
موجوداً بصورة أو بأخرى منذ تشكيل الجمعيات السياسية في البحرين، وذلك لم
يمنع اختلافها في بعض المفاصل، واتفاقها في محطات أخرى. لقد اختلفت القوى
الوطنية فيما بينها في دخول الانتخابات البرلمانية في العام 2002، كما
اختلفت بشأن الشق الجعفري من قانون الأحوال الشخصية، وغيرها من الأمور
الأخرى، فذلك مقبولٌ في العمل السياسي، ولا يمكن لأحد أن يطلب من القوى
السياسية المختلفة أن تتوافق في جميع رؤاها.

من يهاجم القوى اليسارية
في تحالفها مع جمعية الوفاق التي يعتبرها «جمعية دينية»، عليه أن يحدد
المطالب المطروحة ويكشف عن المطالب التي يدعي أنها مطالب طائفية تخص طائفةً
دون سواها، أما وإن المطالب مجمع عليها من قبل الجميع، فإنه حتى لو لم
تتحالف هذه القوى فيما بينها، فإن الجمعيات السياسية التقدمية ستطرح هذه
المطالب نفسها.

إن القوى اليسارية التي تقف ضد الأغلبية العظمى من
شعبها، وتدافع عن السلطة، وتدخل في تحالفات مشبوهة مع القوى الدينية
المعادية للتقدم والديمقراطية وإشاعة حقوق الإنسان في أي مجتمع من
المجتمعات، هي من يجب أن توصف بالانتهازية، وليس العكس. فليس من العدل أن
توصم الحركة الاحتجاجية في البحرين بالطائفية لمجرد أن تتبنى طائفة معينة
من المجتمع المطالب المحقة التي يتطلع إليها جميع أبناء البحرين باستثناء
المستفيدين من بقاء الوضع الراهن على ما هو عليه.

أحد أقطاب تجمع
الوحدة الوطنية أو «جمعيات الفاتح» وهو الناشط السياسي عبدالله هاشم، يلقي
اللوم على الجهة الأخرى من المعادلة، حيث أنه يعترف بأن المكوّن الآخر تم
تجييره من قبل السلطة من خلال استقطاب شبابه وأبنائه للعمل في السلك
الأمني، سواءً في قوة دفاع البحرين أو وزارة الداخلية، بهدف منعه من العمل
السياسي، وضمان عدم معارضته للسلطة، ولذلك إن كان الطرف الآخر قد تم شراؤه
وإسكاته، فلا يمكن الطلب من الطرف الثاني الركون للواقع والقبول بجميع
الأخطاء، لمجرد ألا يتهم بالطائفية.

لقد كان دور القوى اليسارية
بوصفها «القوى العابرة للمذاهب» التقريب بين أبناء الوطن الواحد ودعم
الوحدة الوطنية، من خلال طرح المطالب الجامعة، وهي لاتزال كذلك.

جميل المحاري

اقرأ المزيد

الشكوى العمالية لم تُشطب نهائياً

دخل الشارع البحريني يومي الأربعاء والخميس الماضيين في حالة من
الالتباس بشأن مدى دقة وصحة ما نقلته وزارة العمل عن مجلس إدارة منظمة
العمل الدولية الذي عقد اجتماعه الدوري يوم الأربعاء من شطب الشكوى
العمالية المرفوعة من قبل 12 منظمة عمالية عالمية ضد حكومة البحرين.

البيان
الرسمي لوزارة العمل أكد أنه «في ضوء المستجدات الإيجابية التي تحققت في
معالجة ملف المفصولين خلال الفترة الماضية، وخاصة توقيع اتفاق ثلاثي
ومطالبة الأطراف الثلاثة بشطب الشكوى، بعد أن أثبتت حكومة مملكة البحرين،
بالتعاون المثمر مع الشركاء الاجتماعيين، حرصها وجديتها في طي هذا الملف
بشكل نهائي، فقد توصل مجلس إدارة منظمة العمل الدولية إلى قرار بشطب الشكوى
المقدمة ضد حكومة البحرين»، مؤكداً أن «هذا الملف أغلق نهائياً دون الحاجة
إلى اتخاذ أية إجراءات إضافية».

المتوقع كان «شطب» الشكوى في ظل
قبول الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بذلك وتوقيع الحكومة على
الاتفاقية الثلاثية، وأشد المتفائلين لم يتوقع عكس ذلك، إلا أن توصيات
المجلس جاءت مغايرة تماماً للخطة «الرسمية»، فقد نصت على أمر مختلف وواضح،
وهو أن أعضاء مجلس إدارة المنظمة أوصوا بدعوة لجنة الخبراء المعنية بتطبيق
الاتفاقيات والتوصيات بمتابعة تنفيذ اتفاقية 111 المعنية بالتمييز في
الاستخدام والمهنة، إلى متابعة تنفيذ الاتفاقية الثلاثية، ودعوة مكتب
المنظمة إلى تقديم المساعدة التقنية في حال استدعت الحاجة لحكومة البحرين
والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وذلك من أجل التنفيذ الكامل والفعال
للاتفاقية.

كما تتضمن التوصية عدم اتخاذ مجلس إدارة المنظمة أي إجراء بشأن الشكوى المقدمة ضد حكومة البحرين، بما يتضمن ذلك سحب الشكوى المذكورة.

الواضح
من التوصيات، أن الشكوى العمالية ضد حكومة البحرين لم «تشطب»، وذلك
استناداً لأمرين؛ الأول، إقرار المنظمة «عدم اتخاذ مجلس إدارة المنظمة أي
إجراء بشأن الشكوى المقدمة ضد حكومة البحرين، بما يتضمن ذلك سحب الشكوى»،
والثاني، دعوة لجنة الخبراء لمتابعة الاتفاقية الثلاثية ومدى التزام حكومة
البحرين بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات بمتابعة تنفيذ اتفاقية 111 المعنية
بالتمييز في الاستخدام والمهنة.

الشكوى العمالية المقدمة من قبل
المنظمات العالمية تقوم أساساً على اتهام حكومة البحرين بمخالفة اتفاقية
التمييز، وما إحالة الشكوى إلى لجنة الخبراء المعنيين بتلك الاتفاقية
لمتابعتها، إلا إبقاء عليها وجعلها موجودة ضمن ما يعرف بـ «آليات منظمة
العمل الدولية».

الحقيقة المؤكدة أن الشكوى شُطبت فقط من على جدول
أعمال مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، إلا أنها أُحيلت للجان المتابعة
والمراقبة في المنظمة للتأكد من سلامة الالتزام أولاً بالاتفاقية الثلاثية
الأولى والثانية (التكميلية) وكذلك بالاتفاقية العمالية رقم 111 المعنية
بالتمييز في الاستخدام والمهنة صلب الشكوى.

ماذا يعني ذلك؟

يعني
ذلك أن الشكوى العمالية لم تشطب «نهائياً» وأن ملف المفصولين نتيجة
الأحداث السياسية في البحرين انتهى، بل هي باقية في أروقة منظمة العمل تحت
ما يعرف بـ «المتابعة والملاحظة».

تحدثنا من قبل وبشكل واضح عن
الفارق بين «توصيات بسيوني» و«الاتفاقية الثلاثية» وأكدنا أن الفرق كبير
جداً، فلجنة تقصي الحقائق وتوصياتها، لم تكن بغطاء دولي، أما «الاتفاقية
الثلاثية» فهي بتوصية من منظمة العمل الدولية، وتحت إشرافها وبعلمها
ومسئولة أيضاً عن متابعتها ولو بشكلٍ غير مباشر.

الخلاصة هي أن
الشكوى العمالية الدولية ضد حكومة البحرين باقية بشكل أو بآخر، وأحيلت
للمتابعة، وأن «الاتفاقية الثلاثية» التي صادقت عليها الحكومة وطرفا
الإنتاج تنص بوضوح على حق أي طرف من الأطرف الثلاثة وبشكل منفرد الرجوع إلى
آليات منظمة العمل الدولية في حال وجد إخلالاً في تنفيذ الاتفاق، وبشكل
أكثر وضوحاً فإن من حق أي طرف «الاحتكام» للمنظمة والرجوع لها لتكون الفيصل
في ظل تراجع طرف عن تنفيذ ما هو متفق عليه.

في ظل تلك التداعيات،
وفي حال إخلال طرف ببنود «الاتفاقية الثلاثية»، فإن احتمالية عودة الشكوى
العمالية سواء بصورتها الحالية أو بصورة مختلفة، سيكون وارداً من باب لجوء
أي طرف من أطراف الإنتاج لاستخدام حقه في الاستفادة من «آليات منظمة العمل
الدولية»، ومن باب لجنة الخبراء، المعنية بمتابعة ملف المفصولين البحرينيين
حالياً.

هاني الفردان

اقرأ المزيد

زيارة أوباما للسعودية في ظل السياسة الجديدة

زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للسعودية يوم أمس الجمعة (28 مارس/
آذار 2014) تعتبر أهم زيارة إلى المنطقة منذ اندلاع الاضطرابات في البلدان
العربية مطلع العام 2011، ضمن ما عُرف بالربيع العربي.

المحادثات
التي أجراها الرئيس الأميركي مع العاهل السعودي لا شك أنها تناولت مختلف
الملفات التي يختلف عليها الطرفان، وهي جميع الملفات تقريباً، ربما فيما
عدا ملف اليمن. إضافة إلى كل ذلك، فإن العلاقات الخاصة بين أميركا
والسعودية تعود إلى فترة طويلة جداً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية،
وهي علاقة ارتبطت بسعي أميركا لاستقرار تدفق النفط إلى السوق العالمية
مقابل توفير الحماية الاستراتيجية للدول الحليفة في المنطقة.

بعيداً
عن الطرح الذي يهول في الخطاب والشعارات، فإن السياسة الجديدة التي يتبعها
أوباما في الشرق الأوسط تعتمد على ما أوضحه في كلمته أمام الجمعية العامة
للأمم المتحدة في 24 سبتمبر/ أيلول 2013. فنحن نرى حالياً توسعاً للوجود
الأميركي العسكري في المنطقة بخلاف ما هو مطروح في الإعلام عن إعادة توجيه
الارتكاز الأميركي إلى شرق آسيا.

لقد كتب أستاذ جامعة كولومبيا «غاري
سيك» ملخصاً عن رؤية أوباما نحو المنطقة، موضحاً بأن الهيمنة العسكرية
الأميركية المصحوبة بتحرك دبلوماسي واقتصادي مكثف في الخليج أصبح جزءاً لا
يتجزأ من الوضع في الخليج، وأميركا لها وضع استثنائي ولا يمكن الاستغناء
عنها في المستقبل المنظور. هذا الوضع بدأ في العام 1971 ثم تطور في
ثمانينات القرن الماضي عندما تشكلت قوات التدخل السريع التي أصبحت الآن
مجموعة متكاملة من القواعد والتسهيلات الدائمة من شمال الخليج إلى جنوبه،
وبالقرب منه من كل جانب، ولاسيما بعد الاجتياح العراقي للكويت في 1990، ومن
ثم الغزو الأميركي للعراق في 2003.

انشغل أوباما في ولايته الأولى
بإنهاء الحرب في العراق، وهو يستعد حالياً لإنهاء حالة الحرب في أفغانستان،
التي تعتبر أطول وأغلى الصراعات في تاريخ الولايات المتحدة. وفي هذا الوقت
بالذات تعقدت أوضاع المنطقة وزادت القضايا من كل جانب في وقت سعت أميركا
للخروج من كساد عظيم عمَّ العالم بسبب الأزمة المالية التي بدأت في 2008.
وعليه، فإن السياسة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط تنص على أن الولايات
المتحدة مستعدة لاستخدام كل عناصر القوة، بما في ذلك القوة العسكرية،
لتأمين مصالحها الأساسية في المنطقة، وأن أميركا ستواجه أي اعتداء خارجي
(وليس داخلياً) ضد حلفائها، وأنها ستعمل على ضمان التدفق الحر للطاقة إلى
كل أنحاء العالم. وفي الوقت ذاته، فإن أولويات أميركا تتضمن تفكيك الشبكات
الإرهابية التي تهدد أمنها، وإنها لن تتسامح مع تطوير أو استخدام أسلحة
الدمار الشامل.

أميركا في عهد أوباما تفضل الدبلوماسية على العمل
العسكري، مع إفساح المجال للأطراف الأخرى المؤثرة للدخول في كيفية معالجة
قضية ما، ولكنها ستلجأ إلى القوة إذا احتاجت إلى ذلك.

الاستراتيجية
الجديدة لم تذكر أي شيء عن الدفاع عن مبادئ الحرية والديمقراطية (لأنها لا
تفرض بالقوة)، ولم تتحدث بالحماس السابق عن أمن إسرائيل أو أي بلد آخر في
المنطقة، وإنما تحدثت فقط عن مساعدة الحلفاء ضد العدوان الخارجي المباشر.
فوق هذا وذاك، فإن أوباما يهمه أن يحقق إنجازاً ملموساً في تهدئة المنطقة
عبر معالجة الملف النووي الإيراني، وتحريك عملية السلام بصورة أكثر جدية،
دون تجاهل قضايا ترتبط بحقوق الإنسان وتحرير التجارة في المناطق التي تؤثر
فيها. وعلى ضوء ما أعلنه أوباما بشأن سياسته الجديدة في الشرق الأوسط فإنه
يمكننا أن نستقرئ شيئاً مما قد توصل إليه خلال زيارته أمس للسعودية.

منصور الجمري

اقرأ المزيد

وجه آخر للديمقراطية البريطانية

نشرت صحيفة
“الديلي ميل” البريطانية في عددها الصادر في 20 أغسطس/ آب 2013 تحقيقاً
خبرياً لمراسلها في مقر الحكومة دانيل مارتن، جاء فيه أن الأمير تشارلز ولي
عهد بريطانيا زرع شخصاً غامضاً له داخل مكتب رئاسة الوزراء البريطانية
ليعمل بوظيفة السكرتير الخاص لأحد وزراء الحكومة المقربين من رئيس الوزراء
ديفيد كاميرون . والشخص المقصود هو الآنسة لاورا أوسبالدستون ذات ال 28
ربيعاً التي كانت تعمل كباحث أول في القصر الملكي “كلارينس هاوس” في
العاصمة لندن قبل أن تتم إعارتها لمكتب رئيس الوزراء للعمل هناك لمدة سنتين
. وخلال الفترة التي قضتها لاورا بمكتب رئيس الوزراء، تمت ترقيتها لمنصب
السكرتير الخاص لوزير شؤون المجتمع المدني نيك هيرد .


بل إن المراسل كشف
أن الأمير تشارلز زرع ثلاثة من أعوانه، باسم الإعارة، في مكتب رئاسة
الوزراء وإدارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية على مدى السنوات الخمس
الأخيرة .


بعض نواب البرلمان البريطاني الذين أخذتهم الغيرة على
ديمقراطية بلادهم الليبرالية، اتهموا الأمير تشارلز بزرع أعوانه داخل
مؤسسات الدولة من أجل تأمين سلاسة انسياب مصالحه ومصالح عائلته . وذهب
بعضهم في انتقاداته لأمير ويلز، خصوصاً بعد انكشاف أمر لاورا، لحد اتهام
الأمير تشارلز بالتدخل في عمل الحكومة، وأنه يخرق العرف والتقليد السائد في
الحياة السياسية البريطانية، والمتمثل في حياد الأسرة البريطانية المالكة
في ما يتعلق بكل الشؤون السياسية للبلاد . واعتبر النائب عن حزب العمال
البريطاني بول فلين أن الأمير تشارلز بات “يشكل مشروع أزمة دستورية” .


ومع
أن أياً من قصر “كلارينس هاوس” الذي يستخدمه الأمير تشارلز كمقر لإدارة
أعماله واستقبال ضيوفه، ومكتب رئيس الحكومة البريطانية، لم يؤكد واقعة
انتقال لاورا أوسبالدستون بينهما وظيفياً، إلا أن الأخيرة أكدت على صفحتها
في موقع LinedIn أنها بدأت عملها في وظيفة باحث مساعد “بمؤسسة خاصة” في عام
2007 قبل أن تتم ترقيتها إلى وظيفة باحث أول، حيث شاركت في فعاليات خيرية
عدة أقامتها مؤسسة الأمير تشارلز Clarence House، قبل أن تتم إعارتها في
عام 2011 للعمل لمدة عامين كسكرتيرة خاصة بمكتب نيك هيرد الوزير الشديد
القرب من رئيس الحكومة ديفيد كاميرون . وقد تناوب مكتب رئيس الحكومة ومؤسسة
كلارينس هاوس على التقليل من شأن هذه الحادثة، نافيين أن يكون الأمير
تشارلز زرع له ثلاث عيون (ثلاثة جواسيس) داخل أروقة مجلس الوزراء، دافعين
بأن هؤلاء الثلاثة لا يملكون سوى صلات قليلة بالأمير تشارلز .


إلا أن
الديلي ميل كشفت عن أن الأمير تشارلز كان “أعار” رئاسة الحكومة 30 موظفاً
منذ وصول ديفيد كاميرون للحكم، وأن الاثنين عقدا على الأقل سبعة اجتماعات،
فضلاً عن اجتماعات الأمير تشارلز مع عدد كبير من الوزراء الذين يتولون بعض
القضايا التي هي محل مصالح شخصية لدى الأمير، ما طرح أسئلة عن قيام الأمير
بدور اللوبي داخل أروقة الحكم .


منذ ملابسات حادثة مقتل الأميرة ديانا
أو أميرة القلوب كما لُقِّبت استحقاقاً للفتاتها الإنسانية، في 31 أغسطس/
آب 1997 إثر الحادث الذي تعرضت له السيارة التي كانت تقلها وصديقها دودي
الفايد نجل الملياردير المصري محمد الفايد الذي لم يكشف النقاب حتى اليوم
عن الغموض الذي يلفه – منذ تلك الحادثة والصحافة البريطانية تجاهد للحيلولة
دون اهتزاز صورة القصر الملكي في أعين البريطانيين، وتعريض خصوصية
الديمقراطية الليبرالية البريطانية وتقاليدها العريقة، ترتيباً، إلى الخدش .


ولكن
يبدو أن الجري اليومي وراء المصالح الخاصة وتخليص معاملاتها يودي بمن يركب
أمواجها المتموجة إلى السقوط في المحظور، كما حصل ربما مع أمير ويلز الذي
اضطرت الصحافة البريطانية مرة أخرى لإسعافه، بغض طرفها عن متابعة ملابسات
تدخلاته في أعمال مكاتب الوزراء .


في السياق أيضاً . . لكأن هذه الصحافة
لا يكفيها “توريطات” أمير ويلز، ليخرج عليها الموظف السابق لدى “السي آي
إيه” ووكالة الأمن القومي إدوارد سنودين برواياته الفاضحة لجهاز المخابرات
البريطاني في تتبع والتجسس على رسائل البريد الإلكتروني والاتصالات
الهاتفية، والتي تجرأت صحيفة ال”غارديان” ونشرت بعضها، فكان أن جلبت عليها
غضب الأجهزة الأمنية البريطانية التي لم يهدأ لها بال إلا بعد أن قامت
بتدمير الأقراص الصلبة التي احتوت تسريبات سنودين . وكما في حالات سابقة
حين يضيق الخناق عليها تضطر الديمقراطية الليبرالية البريطانية للخروج عن
تقاليد وقارها، فقد فزع المستوى السياسي الأعلى والمستوى التشريعي للجهاز
الأمني عندما اضطر للكشف عن أنياب الوجه الآخر للدولة العميقة الساهدة كما
الأسد في تورية المتنبي الشعرية “إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن
الليث يبتسم”، حيث تدخل نيك كليغ نائب رئيس الوزراء والسير مالكولم ريفكند
رئيس لجنة المخابرات والأمن بمجلس العموم ووزير الدفاع والخارجية السابق
لمؤازرة المخابرات في ملاحقة وإلقاء القبض على ديفيد ميراندا شريك الصحفي
غلن غرينوالد الذي نشر فضائح التجسس البريطانية في ال”غارديان” ومصادرة
متعلقاته الشخصية حين كان يهم بالسفر من برلين إلى ريو دي جانيرو، حيث يقيم
هناك مع زميله الصحفي غرينوالد .


بهذا المعنى فإن بريطانيا ربما تكون
المنافس الأول للولايات المتحدة في استغلال مكافحة الإرهاب لتحقيق أهداف
أجندات خفية، حتى إن أدى ذلك إلى إراقة ماء وجه ديمقراطيتها الليبرالية!
اقرأ المزيد

ليلى خالد لـ»الطليعة»: المفاوضات مع إسرائيل عبثية.. ولا يمكن أن تعيد لنا الأرض (2-2)



00Leila_Khaled_wh

حوار بدر النجار:
دعت عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضلة ليلى
خالد إلى رفع شعار «الوحدة.. النهوض.. المقاومة» وإلى رسم سياسة
واستراتيجية وطنية لمواجهة العدو الصهيوني، وإعادة بناء منظمة التحرير،
بحيث تكون ممثلاً حقيقياً للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

وأكدت خالد في الجزء الثاني من حوارها مع
«الطليعة»، أن المفاوضات التي تجري بين القيادة الفلسطينية والكيان
الصهيوني حالياً هي مفاوضات عبثية، بكل ما تحملة الكلمة من معنى، وأنها فقط
من أجل أن نكون في الإعلام، مشيرة إلى أن إسرائيل تحاصر الآن مليوناً ونصف
المليون مواطن في غزة، التي أصبحت أكبر سجن في التاريخ.

● نشاهد الآن حملات متعددة بشأن استكمال
المفاوضات بين القيادة الفلسطينية والكيان الصهيوني.. ما رأيك في الحل
الدبلوماسي؟ وهل هو بديل مرحلي للكفاح المسلح؟

ـ هناك معادلة لم نخترعها نحن، بل
اخترعتها البشرية، أينما وجد الاحتلال وجدت المقاومة، هذه المعادلة طبيعية،
لا يستطيع أحد أن يغيرها، وبالتالي في ظل تطور البشرية، فإن هناك وسائل
أخرى في المواجهة استخدمتها الشعوب، مثل الدبلوماسية والعمل السياسي، لكن
هذه روافد، وليست النهر الرئيسي، فالمجرى الرئيسي هو المواجهة، فلا يوجد
بلد تحرر من المحتل من غير السلاح، لأن العدو يكون مسلحاً بكل الوسائل
العسكرية وغير العسكرية، لذلك هو أقوى من شعب ضعيف وإمكاناته محدودة، لكن
الإرادة هي التي تجعل الناس تقاتل، وبالتالي، هذه المعادلة لا يستطيع
الفلسطيني أو غيره أن يغيرها، فإذا ما قمنا بهذه المعادلة بتكتيتات ورؤية
استراتيجية صحيحة، نكون قادرين على المواجهة، ونستطيع استخدام أسلوب
التظاهرات والاعتصام.. الخ، فهذه المقاومة الشعبية نحن قادرون عليها،
والنقطة الثانية أن تجمع القوى الأخرى المحيطة بك من الدول العربية.. أما
النقطة الثالثة، فهي أن يكون لنا صوت على المستوى العالمي، فنحن كسبنا من
العالم الكثير من المواقف حقيقةً، ومن هنا الجانب السياسي يجب أن نلعبه،
وكذلك الجانب العسكري، فهو مسؤولية، ولا يمكن للمحتل أن يغادر إلا إذا شعر
بأن الاحتلال يسبب له خسائر، وهو بطبيعته يظل لأنه مستفيد من الأرض وما
تحتها، وللأسف الآن هذه المفاوضات جرت سابقاً وتوقفت قبل سنتين، ولم يحصل
شيء، بل وصلوا إلى طريق مسدود، ثم رجعوا مرة أخرى، وقد كان الشرط هو وقف
الاستيطان، لكن هذا الشرط ألغي الآن، وبالتالي، فإن الأرض لم يتبقَ منها
شيء، بسبب الاستيطان، كما أنهم يحاصرون مليوناً ونصف المليون مواطن في غزة،
التي أصبحت أكبر سجن في التاريخ.. لذلك، فإن هذه المفاوضات عبثية بكل ما
تحملة الكلمة من معنى، هي فقط من أجل أن نكون في الإعلام، فهذه المفاوضات
ما حصيلتها، وماذا يمكن أن تعطي الشعب الفلسطيني؟ هل من الممكن أن تعيد لنا
الأرض، هم لا يسمحون بالحديث عن القدس أو عن حق عودة اللاجئين، فهذا خط
أحمر بالنسبة لهم، لذلك هذه المفاوضات عبثية، والأهم من ذلك أن الذي يريد
أن يذهب للتفاوض يجب أن يكون متسلحاً بنقاط قوة، أولى هذه النقاط هي
الوحدة، نحن لدينا اليوم انقسام، وهذا يضر بالمشروع الوطني ويدمره، أليس من
الأفضل أن نرتب البيت الفلسطيني أولاً، ونعيد مكانة منظمة التحرير، التي
استبدلوها بسلطة أي كلام، هذه هي الأولويات في العمل، ويجب أن نرسم سياسة
واستراتيجية وطنية للمواجهة، وأن نعيد بناء منظمة التحرير، بحيث تكون
ممثلاً حقيقياً للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، لأن هذه السلطة الآن لا
تمثلنا، والشيء الآخر إذا ما أخذنا عوامل قوة الشعب والقيادة، فإن القضية
الفلسطينية في طريقها للتصفية، لذلك نرفع شعار «الوحدة.. النهوض..
المقاومة»، حتى نتمكن حقاً من تحشيد شعبنا، الذي جرَّب المفاوضات، وجرَّب
الانقسام، وشاهد النتائج، وبالتالي نحن نفكر كيف نخط هذا الطريق الثالث
الذي يمنع أياً من الطرفين أن يقوم باللعب على شعبنا بغير أن يصل إلى
أهدافه.


دور المرأة

● باعتبارك أيقونة المرأة الثورية في الوطن العربي.. ما الدور الذي لعبته المرأة في الحركات الفلسطينية؟



tumblr_mbc0c2cEOJ1r6f2iko3_1280
ـ
في تاريخ القضية الفلسطينية، لعبت النساء دوراً مهماً، لكن لم يكن هذا
الدور منظماً، والآن يتم التوثيق لتلك المرحلة، وتسليط الضوء على المرأة
الفلسطينية، فمن دعا إلى الإضراب العام في سنة 1936 هو الاتحاد النسائي،
وقد استجابت له القوى الأخرى، وقد كان أطول إضراب في تاريخ فلسطين أثناء
الانتداب البريطاني، وأثناء الثورة كان هناك مئات وآلاف من النساء، بدليل
أن هناك عدداً كبيراً منهن استشهد، ويقال إن حصيلة الشهيدات من 12 ـ 15 في
المائة من شهداء الثورة، وكذلك هناك نساء في المعتقلات الإسرائيلية، وهذا
يدلل على أن نشاط المرأة ودورها، وهناك اعتراف من قِبل منظمة التحرير
الفلسطينية في وثيقة الاستقلال بمساواة المرأة بالرجل، وهذه المسألة دلالة
على احترام المكانة والدور التي لعبته المرأة الفلسطينية في مسار هذا
النضال الفلسطيني، وأهم ما في ذلك الموضوع أن المرأة الفلسطينية استطاعت أن
تحافظ على نفسها من التفتيت، فالزوج يستشهد أو يعتقل أو يغادر إلى بلد
لتحسين ظروف الحياة، ورغم ذلك كانت مسؤولة عن هذه العائلة، ونحن لدينا آلاف
العائلات المعيل الأول لها هي الأم، بسبب الظروف السابقة التي تصيب الزوج،
وهذا يدل على فهم المرأة لدورها في هذا النضال، فتعمل على المستويين
الاجتماعي والوطني، ورغم أن هناك تراجعاً لدورها الآن، فإننا يمكن أن نقول
إن المرأة الفلسطينية هي نموذج للنضال الثوري.

● هل كانت المرأة، بالنسبة للفصائل الفلسطينية، في مطبخ صناعة القرار أم هي واجهة لإثبات حالة المساواة؟

ـ في البداية، لم تكن في مطبخ صناعة
القرار السياسي، لكن مع تطور الوضع أصبح لها حضور في بعض الفصائل في صنع
القرار.. أما على مستوى منظمة التحرير، فقد أصبحت حنان عشراوي في اللجنة
التنفيذية، لكن باستمرار كانت المرأة ممثلة في هيئات المنظمة بنسبة لا
تتناسب مع دورها، وكنا دائماً نطرح هذا الموضوع، لأن هذا الدور لم تأخذه
منةً من أحد، بل كانت على الأرض فعلاً، ومع ذلك، فإن المرأة الفلسطينية
لاتزال جزءاً من النضال الوطني الفلسطيني، لكنها لا تشارك في صناعة القرار،
وأفتخر بأنني في تنظيم يساري أصبحت فيه المرأة تشارك في صناعة القرار.

● ما رأك بالتحولات التي مرَّت بها المرأة العربية في الآونة الأخيرة؟

ـ من متابعتي لهذه المسألة، أعتقد بأن
النساء العربيات مستمرات في النضال، من أجل مزيد من الحقوق، حتى يصبحن
جزءاً من صناعة القرار، هذا ما لمسته في المنتديات التي حضرتها وقرأت عنها،
فالمرأة العربية تعرف تماماً بأنها أصبحت رقماً لا يمكن تجاهله في أي بلد
من البلدان، والدليل على ذلك ما شاهدته في شاشات التلفزة، أو من خلال
الإنترنت، فنجد كيف النساء يخضن الانتخابات بتحد، فمثلاً في الكويت لم تكن
المرأة ممثلة في البرلمان، أما اليوم فأصبحت تخوض الانتخابات، كما أن دور
المرأة كان مذهلاً في الحراك الشعبي، كما حصل في مصر واليمن والبحرين، وهذه
الجموع من النساء التي تخرج في الشارع دليل على أنها جزء من نضال الشعوب.

● هل هناك مشروع حقيقي لوحدة اليسار الفلسطيني في إطار معيَّن؟

ـ اليسار طالما هو مجزأ، فهو الخاسر
الأكبر، بكل أطرافه، لذلك نحن مررنا بعدد من التجارب، من أجل وحدة اليسار،
وهناك خلافات سياسية أساسية لم نتمكن من تجاوزها، وندعو الآن إلى تيار وطني
ديمقراطي يكون اليسار هو عموده الفقري، لكن هذا اليسار ما لم تكن له رؤية
واضحة في مواجهة التحديات الكبيرة التي يواجهها شعبنا سيبقى اليمين قادراً
على إنهاكه أيضاً، أو جذب بعض أطرافه، سواء كان اليمين الليبرالي أو اليمين
الديني، لذلك علينا أن نبذل جهوداً كبيرة، من أجل أن يتوحد هذا اليسار في
جبهة واحدة الآن، ثم بعد ذلك يتوحد تنظيمياً، فالمرحلة طويلة عموماً،
وعلينا أن نلعب هذا الدور، وقد تقدَّمنا فعلياً بكثير من المبادرات لهذه
المسألة، لكنها كانت تصطدم بعض الأحيان بظروف موضوعية، وفي أكثر الأحيان
بظروف ذاتية للفصائل أو الشخصيات، وقد وضعنا هذا المشروع في برنامجنا
السياسي بعد المؤتمر السابع بأن التيار الوطني الديمقراطي مهمة عاجلة الآن.


انتفاضة جديدة

● في الآونة الأخيرة حرك مخطط برايفر، ولو
قليلاً، الشارع في فلسطين وبعض الدول العربية.. هل ترين أنها بداية
لانتفاضة ثالثة؟ وهل الفصائل الفلسطينية قادرة على إشعال فتيل انتفاضة
جديدة؟
Leila Khaled T-Shirtـ
أي انتفاضة يجب أن تسبقها عوامل مساعده لها، لكنها الآن غير موجودة، بمعنى
أن الشعب في لحظة معينة لا يعود يقبل الحالة التي يعيش فيها، ولا يستطيع
أن يتحمَّل من هم في السلطة، وكذلك السلطة لم تعد قادرة على أن تستمر في
الحكم.. بهذا المنطق تقوم الثورات والانتفاضات، أما أن نقول للشعب تعالوا
وانزلوا في الشوارع كما الانتفاضة الأولى والثانية، فعلياً لا يملك أحد
ذلك، وأي ادعاء بأن هناك تنظيماً حرَّك الشارع غير صحيح، فالتنظيم ساهم في
حركة الشارع والبناء الداخلي فيها، لكن لم يكن هو من أمر الناس بالخروج
للشوارع، إنها حالة عفوية، ومخطط برايفر هو مشروع لمنطقة 48، والذي حرك
الشارع هم الناس في هذه المنطقة، كما أن هناك إعادة بناء للمناطق التي تقوم
بهدمها إسرائيل، على سبيل المثال، قرى العراقيب هدمت 56 مرة وعاد الناس
وبنوها، لكن مشروع برايفر توقف، بمعنى جمد القرار، لذلك يجب على الشعب أن
يعرف أن هناك إمكانية فك التجميد عن المشروع ويعاد هذا القرار، ونحن تعودنا
من الصهاينة بأن أي مشروع يريدون القيام به يقومون به ولو على جثث شعبنا،
لذلك يجب أن نعرف طبيعة هذا العدو، لكي نعرف كيف نواجهه، وما جرى الآن في
منطقة النقب يعطي مؤشراً بأن شعبنا لديه الإمكانات والطاقات الكبيرة التي
تمكنه من مواجهة العدو في هذا المشروع وغيره من المشاريع، صحيح ان الكل
يتحدث عن أنه قد تكون هناك انتفاضة جديدة، وأتمنى ذلك، لكن هناك فرقا بين
الرغبة والواقع، والواقع لا يقول إن هناك انتفاضة ثالثة، هذه هي رؤيتنا على
الأقل.


كسر حاجز الخوف

● ما رأيك بالثورات العربية بعد 3 سنوات على انطلاقتها؟



2727dc1c-7ac2-4100-a72f-5692bfed3815
ـ
أهم ما في هذه الثورات أن الشعوب كسرت حاجز الخوف من قمع السلطات، لكن هذا
الحراك جاء من دون قيادة أو برنامج، لذلك هناك من سمى هذا الحراك الشعبي
العارم انتفاضة، وهناك من سماه ثورة، وبالنسبة لي هو حراك شعبي واسع شعاره
إسقاط الأنظمة، لكن ما حصل فعلياً أن الأنظمة لم تسقط، بل سقطت رؤوسها فقط،
ولم يستكمل هذا الحراك أهدافه حتى هذه اللحظة، إلا أن هناك طاقة وقدرة على
الاستمرار من أجل تحقيق ما قام من أجله هذا الحراك من تطهير لمؤسسات
الدولة القائمة على البيروقراطية والفساد، كل هذا يحتاج إلى وقت عموماً،
وكذلك هذا الحراك الشعبي بدأ يتشكل على شكل أحزاب، مثل الجبهة الشعبية في
تونس، لكن هناك اختلاف في الحالة المصرية، فهي مرَّت بمرحلتين، الأولى نجاح
الإخوان المسلمين الذين لم يحققوا أهداف الثورة، بل قاموا بالإساءة إليها،
ثم خرجوا من السلطة، وهذه دلالة على أن الحركة الشعبية لاتزال قائمة
لإسقاط أي قيادات سياسية جديدة لا تلبي طموحات الشعوب، وسيظل الشعب في
الشارع، حتى تتحقق مطالبه الرئيسة.. أما في اليمن، فقد اختلفت الصورة، علي
عبدالله صالح سقط من الحكم، لكنه لا يزال يدير البلاد من الخلف، وأصبح هناك
نوع من مصالحة بين الأطراف المتنازعة.. أما في سوريا، فإن الوضع لا يشبه
أي بلد آخر، وهو مختلف عن كل الحالات، وفي البحرين لايزال هذا الحراك
قائماً، لكن مع الأسف لم يحقق أهدافه بعد.

ما أريد أن أقوله إن أهم ما في ذلك أن الشعب عرف الطريق، لكن الأهم كيف نسلك هذا الطريق، حتى تتحقق أهداف الجماهير الشعبية.

● هل حصدت القضية الفلسطينية شيئاً يذكر من الثورات العربية؟

ـ أعتقد بأن الحراك العربي لم ينسَ القضية
الفلسطينية، وهذا الأمر كان واضحاً بالنسبة لنا، والأهم ألا يتم احتواء
هذا الحراك، لأن أي بناء ديمقراطي حقيقي هو لصالح القضية الفلسطينية، لأن
البناء الديمقراطي هو بناء وطني وقومي في الوقت نفسه، وكذلك إذا تجذرت
الديمقراطية والحريات العامة، فستقدم للقضية الفلسطينة ما لم يقدمه أحد،
لذلك إسرائيل والولايات المتحدة ضد هذا الحراك، لأن أي بناء ديمقراطي حول
دولة فلسطين سيعود بالفائدة على القضية الفلسطينية.

● ما رأيك في ما يحصل في مصر في الفترة الأخيرة وإغلاق معبر رفح المتكرر؟ ومن يتحمَّل المسؤولية؟

ـ العلاقة ما بين مصر وفلسطين تاريخية،
إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأت مصر تتخوَّف كثيراً من مسألة العلاقة بين
«حماس» والإخوان المسلمين في مصر، كما أن هناك اشتباكات بين الجيش المصري
والإرهاببين، ونسمع بأن هناك اعتقالات لفلسطينيين من أنصار القدس، لذلك كون
«حماس» اعتمدت على الإخوان المسلمين في التسليح والأموال وتسهيل حياة
الناس في غزة، جعل المصريين يتشككون في هذا الأمر، لكي لا تنتقل عدوى
الإرهاب إلى أراضيهم، هنا لا أتحدث عن غزة، لكن ما يحصل في سيناء يعطي
مؤشراً على وجود خلايا مسلحة تواجه الجيش، وأعتقد بأنه لا أحد من
الفلسطينيين له مصلحة في ذلك، وأولهم «حماس»، لكي لا تتوتر العلاقات بين
الطرفين، هم قاموا بإغلاق الأنفاق، بسبب عبور الأسلحة منه، وفي النهاية كل
بلد يفكر بأمنه أولاً، وهذا من حقهم، لأن هناك تخوفاً حقيقياً من الإرهاب
عموماً، لكن المعبر يتم فتحه في فترات متقطعة لتسهيل حياة شعب غزة.



1394292624

محطات كويتية

استذكرت المناضلة ليلى خالد أثناء الحوار
السنوات التي عاشتها في الكويت، وقالت: لقد عشت في الكويت ست سنوات، وهي
أيام أحبها، لأنني كنت أدرّس فيها، وفي كل سنة كنت أدرّس تسعين طالبة، لذلك
دائماً أشعر بشوق كبير للكويت، رغم هذا الانقطاع، لأنني لم أزر الكويت منذ
مدة طويلة، وأنا أريد أن أقول شيئاً دائماً كنت أردده باستمرار، في إحدى
السنوات زرت الكويت وقمت بزيارة المدارس، كانت المديرة تتحدث حينها في
الطابور بأن هناك فدائيات عندنا في المدرسة، وكنت مع صديقتي أمينة دحبور،
فطلبت المديرة من الطالبات إعطاءنا ما يستطعن – كان ذلك في الزمن الذهبي
كما تعرف – فأتت طالبة وقدمت لي تفاحة، وقالت: هذا كل ما أملك، فأنا اعتبرت
أن هذه التفاحة أعظم هدية في حياتي، ليس بقيمتها المادية، لكن بقيمتها
المعنوية، لذلك أنا لا أستطيع أن أنسى تلك الأيام في الكويت، وكيف كان
يعاملنا الناس بكل محبة واحترام وتقدير، وكيف كانت النساء يقدمن لنا الذهب
من أجل القضية الفلسطينية، هذه دلالة على أصالة الشعب الكويتي حقيقة، لذلك
أنا أوجه تحية أولاً لطالباتي اللاتي أعتز بهن كثيراً، وللشعب الكويتي الذي
قدم الكثير للقضية الفلسطينية، ولم يبخل عليها يوماً، رغم الخلافات
السياسية، لكن تبقى الحقيقة للتاريخ، كذلك أريد أن أشير إلى أمر، بأنني
متابعة للحراك الديمقراطي في الكويت، وأوجه تحية للشباب الذي يناضل من أجل
مزيد من الحرية والديمقراطية، وأكرر تحيتي لشعب الكويت.

__________________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 26/03/2014

اقرأ المزيد

ليلى خالد لـ«الطليعة»: الأنظمة العربية تخلت عن القضية الفلسطينية وجعلتها في يد الفلسطينيين وحدهم (1-2)



Portrait of Leila Khaled

حوار بدر النجار:
أكدت عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضلة، ليلى خالد، أن الأنظمة العربية تخلَّت عن القضية الفلسطينية، وجعلتها في يد الفلسطينيين وحدهم، مشيرة إلى أن هذا الأمر معوق حقيقي لأي تطور يحصل في الوضع الفلسطيني.

وأضافت في حوار مطول مع «الطليعة»، أن اتفاقات أوسلو تعد كارثة حقيقية، موضحة أن هذه الاتفاقات لم تعالج فعلياً جوهر الصراع العربي، ولم تعالج قضية الأرض والسيادة الفلسطينية، وكذلك مسألة عودة اللاجئين، لذلك تبدد كل ما أنجز على طريق الحرية والاستقلال في اتفاقيات عاجزة تماماً عن حل جوهر الصراع.

ولفتت خالد إلى أن حركة القوميين العرب كان برنامجها قائماً على تحرير فلسطين، وأن جميع الأنظمة العربية كان برنامجها هو تحرير فلسطين، لكن لم يستطع أحد أن يحرر أرض فلسطين، بل على العكس، فقد احتلت إسرائيل بقية أرض فلسطين، مؤكدة أن كل الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني هي انحراف كامل عن المشروع الوطني الفلسطيني.

قضايا كثيرة حول القضية الفلسطينية تناولها الحوار، وفي ما يلي التفاصيل:

● أريد أن أتحدث عن الماضي.. لقد قمت بخطف عدة طائرات وأخذت تلك العمليات شهرة واسعة.. هل كانت تلك العمليات ضرورة حتمية بالنسبة للقضية الفلسطينية؟ وما المكاسب التي حققتها لها؟




08142332781480894634360266162044 
ـ أولاً هذا العمل هو عمل تكتيكي استخدم في مرحلة مبكرة، من أجل دق ناقوس في العالم تحت شعار من هم الفلسطينيون، لأن العالم تعامل مع القضية الفلسطينية بأن هناك مجموعة لاجئين بحاجة لمعونات إنسانية، وبدأ التعامل مع هذه المسألة بنصب خيام للاجئين.. لذلك، كان لابد أن نطرح على العالم هذا السؤال. وكانت قد بدأت الثورة الفلسطينية المسلحة، ووفق هذا الإطار، اختارت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحت شعار «وراء العدو في كل مكان»، أن تقوم بعمليات محددة، للفت انتباه العالم للمضمون الحقيقي للقضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه من أجل إطلاق صراح المعتقلين في السجون الإسرائيلية.. هذا الأمر وضع المسألة في حالة جدل، حيث إن الغرب، بكل مكوناته ومن تبعه في المنطقة، رأى أن هذا العمل لا يخدم القضية الفلسطينية، وأهم ما في الموضوع، هو أننا لم نتعرَّض لأحد، سواء من طاقم الطائرة أو الركاب، بأي أذى، بناء على تعليمات القيادة، وكنا نتحدَّث لهم عن النكبة الفلسطينية، وقد أطلق سراح بعض المعتقلين.. لذلك، فإن هذه العمليات هدفها تكتيكي ولمدة محددة من الزمن، وقد حققت الهدف المرجو منها، أي أنه أصبح هناك إعلام قوي بالنسبة للقضية الفلسطينية، بغض النظر عن وجهة نظر الإعلام، وكذلك تم إطلاق سراح المعتقلين.


العمق العربي

● كانت تلك الفترة هي فترة صعود الحالة الثورية على مستوى العالم، رغم ذلك لم تستطع الثورة الفلسطينية أن تحقق أهدافها المرجوة منها، ما السبب التاريخي لذلك؟ وما الأخطاء التي وقعت فيها الثورة منذ نكسة 67 إلى حرب اجتياح بيروت في 82؟



534733_555180554499416_1967362849_n 
ـ لا شك أن فصائل المقاومة هي السبب، أولاً، لقد بدأت الفصائل بتنظيمين، هما حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثم بعد ذلك أصبحت هناك فصائل أخرى، وكان جزء من تلك الفصائل تابعاً لأنظمة عربية، لكي تكون لها حصة في القضية الفلسطينية، والنقطة الثانية أنه أصبحت هناك انشقاقات، وهذا أمر طبيعي في حالة الثورة، والأهم من ذلك أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الغطاء الذي يجمع كل هذه الفصائل، والقيادة فيها كانت هي القيادة اليمينية، التي بدورها لم تسمح بمشاركة الفصائل الأخرى في اتخاذ القرار، وكانت مؤسسات المنظمة إجمالاً هي مؤسسات تابعة لهذه القيادة أو غالبيتها على الأقل، لذلك منذ اللحظة الأولى التي انطلقت فيها الثورة من الخارج، كان لها دعم من الداخل الفلسطيني، الذي كان على خط المواجهة مع المحتل، ولا ننسى أن هذه المقاومة بدأت من الدول المحيطة بفلسطين تحت شعار أن البعد العربي للقضية الفلسطينية مصان، وفي البداية فشلت هذه الأنظمة في حربها مع إسرائيل، التي قامت باحتلال باقي فلسطين والأرض العربية في سيناء والجولان وجزء من الأردن، وبعد سنتين لم تعد تحتمل هذه الأنظمة أن تقوم ثورة مسلحة تدعو إلى التحرير، وجماهير هذه الدول مع الثورة، فكانت أولى المعارك في الأردن، ثم خرجت المقاومة إلى لبنان، وبطبيعة الحال واجهت أيضا قوى لبنانية مضادة، كما أن إسرائيل كانت دائماً مستعدة لمواجهة المقاومة، وبالتالي كل هذه العوامل مجتمعة لم تؤهل هذه الثورة لتحقق أهدافها، ومن المفترض أن تحققها في الداخل الفلسطيني، وليس في الخارج، لكن كما قلت إن العمق العربي هو من يساعد على تحقيق أي هدف على أرض الواقع، وعندما كنا في لبنان خاضت إسرائيل ثلاث حروب مع المقاومة.. لذلك، كان هناك استنزاف حقيقي لها، لكن في ما بعد جاءت الانتفاضة، التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً كبديل شعبي ينادي بالحرية والاستقلال، إلا أن القيادة الفلسطينية التي كانت متفردة في قرارها لم تستفد منها، وذهبت إلى المفاوضات، في ظل ظروف عربية ودولية مساندة للعدو، لذلك عندما نتحدَّث عن القضية الفلسطينية علينا أن نتحدَّث عن المعسكر المعادي الذي واجهه الشعب الفلسطيني، في حين كانت كل الأمة العربية مؤيدة للثورة الفلسطينية، حتى إن الشباب أتوا من كل الدول العربية للاستشهاد في سبيلها، ومع ذلك ذهبت هذه القيادة إلى اتفاقات في ظل ميزان قوى ليس في صالح الثورة الفلسطينية.. لذلك، فإن اتفاق أوسلو يعد كارثة حقيقية، والآن نرى النتائج التي ترتبت على هذا الاتفاق، الذي لم يعالج فعلياً جوهر الصراع العربي، كذلك أريد أن أشير إلى أن الأنظمة العربية تخلَّت عن القضية الفلسطينية، وجعلتها في يد الفلسطينيين وحدهم، وهذا الأمر معوق حقيقي لأي تطور يحصل في الوضع الفلسطيني، وقد جاءت هذه الاتفاقات التي لم تعالج قضية الأرض والسيادة الفلسطينية، وكذلك مسألة عودة اللاجئين، عدا أن هذه الاتفاقات وقعت برعاية أميركية، منحازة بالكامل للجانب الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته كانت الظروف العربية سيئة جداً، استغلتها الإدارة الأميركية، لكي تطرح رؤية، وتنهي الصراع بالتوافق مع إسرائيل.. 



cY9i56e40bzf2pcwPZ6v4GGW_400 
لذلك، بددت كل ما أنجز على طريق الحرية والاستقلال في اتفاقيات عاجزة تماماً عن حل جوهر الصراع، وهذا ما أعطى فرصة لدولة مثل الأردن أن توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل، طبعاً بداية المسار في كسر الحاجز الذي يمنع أي علاقة مع إسرائيل من أي طرف عربي هو اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، وهذه كانت بداية الهبوط السياسي وإنهاء أي شكل من أشكال المواجهة العربية العسكرية ضد إسرائيل، مع أن سنة 73 أثبت فيها الجندي العربي أنه قادر على هزيمة هذا المحتل، لكن القيادة السياسية في مصر إبان حكم السادات فتحت مجالاً واسعاً في العلاقات مع إسرائيل، ما جعل دور مصر القيادي يضعف، وهذا بطبيعة الحال أثر بشكل مباشر في القضية الفلسطينية، والآن نحن نحصد ثمار اتفاق سيئ لا يعطينا أي حق، بل بالعكس، سلب منا حقوقاً كثيرة.


بين نارين

● بدأ العد التنازلي للثورة الفلسطينية فعلياً، بعد اجتياح لبنان عام 82 وتفرَّقت الفصائل الفلسطينية.. ما السبب في ذلك برأيك؟

ـ كانت هذه هزيمة حقيقية للفصائل الفلسطينية، بكل مكوناتها، وللأسف ما حصل هو أنه لم يكن هناك اتفاق أين سنتواجد في ما بعد؟ على سبيل المثال «فتح» اختارت أن تذهب إلى تونس، وأن توزع المقاتلين على عدة بلدان عربية، منها الجزائر والسودان واليمن، وهذا يضعفها، بسبب تشتتها في أماكن متفرقة جغرافياً، لكن لا يمكن أيضاً أن نتوقع أن هناك بلداً عربياً يقبل بأن يستقبل كل هذا الكم من المقاتلين، وحتى لا أحمل فقط القيادة المسؤولية، فقد بدأت هذه المسألة في ما بعد تعطي تبريرات للقيادة بعدم دعم الحالة الشعبية الثورية التي مثلتها الانتفاضة الأولى.. لذلك، اتجهت إلى الطريق الآخر، وهو طريق المفاوضات، وهذا الأمر أضعف الشعب، بحكم أنهم وضعوه بين نارين.. إما أن تقبل المفاوضات وإما أن تعود للسلاح، وهو ما سبب حالة انقسام شعبي.. لذلك، كان المفترض أن يحشد الشعب بأكمله نحو بوصلة واضحة بالنسبة له، وهو القتال مع العدو، لا التفاوض معه.. لذلك، بدأت الثورة الفلسطينية تضعف بعد الخروج من لبنان سنة 82.


رفض «أوسلو»

● لماذا رفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اتفاق أوسلو في العام 1993؟



948_62234 
ـ نحن منذ 1990 عندما عرض وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر عقد مؤتمر مدريد، واشترط ألا يكون هناك وفد عربي موحد، وكذلك لا تكون منظمة التحرير الفلسطينية وفداً مستقلاً، عارضنا هذا الموقف، لأننا نعتقد بأن أي مؤتمر دولي بقيادة الأمم المتحدة وليس أميركا، لأنه بقيادة الأمريكان يعني أن يكون هناك انحياز كامل للجانب الإسرائيلي، ومع ذلك لم يقنع هذا القيادة الفلسطينية، وذهبت إلى مدريد، وقد تم تشكيل وفد باسم المنظمة، لكن ليس من القيادات البارزة، وكان يقود الوفد الراحل حيدر عبدالشافي، وكان على جدول الأعمال ما هو مختلف عليه، بمعنى أن الوفد الفلسطيني تحدث عن انسحاب إسرائيلي من الضفة وقطاع غزة، وحقوق الشعب الفلسطيني في الأرض.. الخ، ومع ذلك بعد تسع جولات رفضت إسرائيل جدول الأعمال تماماً، وكان من الواضح أن موازين القوى تميل لصالح العدو بالكامل، وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، والحرب العراقية الأولى، وهذه الظروف كانت مناسبة للإدارة الأميركية كي تطرح هذا المشروع، وفعلياً لم يحقق شيئاً، وكانت هناك قنوات سرية من أجل اتفاقية أوسلو، وها نحن اليوم نحصد النتائج الكارثية لهذا الاتفاق.. هذا الاتفاق لو يقرأه أي شخص يقول إن هؤلاء الذين وافقوا عليه لا يفهمون أي شيء عن الواقع الفلسطيني، وأريد أن أشير إلى أن من عمل هذا الاتفاق هو أحد أهم القانونيين في العالم، وهو يوئيل زنجر، وكان أول سؤال له للقيادة الإسرائيلية: ماذا تريدون من هذا الاتفاق؟ فكان جوابهم أن يكون غامضاً، البند فيه يفسر على أكثر من وجه، ولا يوجد فيه شيء عن الانسحاب من الضفة أو قطاع غزة، وعدم ذكر مسألة الاستيطان، وكذلك عدم ذكر حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.. لذلك، عندما سألوا الإسرائيليين عمَّا إذا كان هناك اختلاف على بند معيَّن، كان جوابهم بأن الأقوى ينفذ، وفعلاً هذا الذي حصل، يعني كانت السلطة الفلسطينية ترصد الانتهاكات التي تحصل من قِبل الإسرائيليين، لكن لم تسطع أن تعمل شيئاً للإسرائيليين، هل تذهب وتشتكي للراعي الأميركي؟، لذلك كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين متنبئة بما سيحصل من قراءتها للواقع بشكل ناضج، حيث إن الجبهة كلها، وحتى أصدقاؤها من الفصائل الأخرى، رفضوا هذا الاتفاق، لكن السؤال ماذا فعلنا؟ نحن رفعنا شعار أننا ندين هذا الاتفاق، ونحن ندرك سلفاً أننا سنكون محاصرين على المستوى الداخلي والعربي وحتى الدولي، وقد حصلت الانتفاضة الثانية، وشاهدنا جنين وما حصل فيها من إبادة بشرية، وكان هناك ما هو أسوأ، وهو اتفاق باريس الاقتصادي، حيث ربطوا الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي، يعني هل يمكن لشعب أن ينهض بالاقتصاد في وضع مماثل للوضع الفلسطيني؟ الضرائب تأخذها إسرائيل، وكذلك الحال مع الجمارك، وكلما غضبت القيادة الإسرائيلية أوقفت كل الأموال عن الشعب الفلسطيني، وتستمر المعاناة، هذه الأمور كان من الطبيعي أن تتم رؤيتها والتنبؤ بها، وليست المسألة بأنهم وقعوا اتفاقية ونحن نعارضها من أجل المعارضة، لأن هذا الاتفاق لم يعالج جوهر الصراع، وكي ننهي الصراع يجب أن نعالج الجوهر، والأهم من ذلك رسائل الضمانات التي قدمتها منظمة التحرير وإسرائيل إلى الأمريكان قبل عقد الاتفاق، وكان من تلك الضمانات اعتراف منظمة التحرير بحق وجود دولة إسرائيل، وهو لا يعد اعترافاً دبلوماسياً، بل اعتراف بحق إسرائيل بـ 78 في المائة من أرض فلسطين التي اغتصبت سنة 48، وفعلياً إذا نحن اعترفنا بهذا الأمر، فلماذا نقاتل؟، والدليل على ذلك أن «فتح» عندما قامت قالت سنحرر فلسطين، ولم تتحدث عن الاعتراف بإسرائيل، وهذا الأمر ذكر في برنامج عمل المنظمة، وكذلك حركة القوميين العرب كان برنامجها قائماً على تحرير فلسطين، حتى إن جميع الأنظمة العربية كان برنامجها هو تحرير فلسطين، لكن لم يحرر أحد أرض فلسطين، بل على العكس احتلت إسرائيل بقية أرض فلسطين.. لذلك، هذه الاتفاقيات هي انحراف كامل عن المشروع الوطني الفلسطيني، والدليل على ذلك أن الأرض الفلسطينية الآن نهبها الاستيطان، وكل جولات المفاوضات من أجل إخراج إطلاق سراح المعتقلين قبل سنة 1993.. لذلك، مع الأسف هذه العوامل كلها كانت ضمن رؤية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لهذا الاتفاق، وأنه مضر للمشروع الوطني الفلسطيني.

● الانتفاضتان الأولى والثانية.. هل قامتا بدورهما لإحياء القضية الفلسطينية؟

ـ الانتفاضة الأولى هي انتفاضة الشعب الفلسطيني بأكمله، وأصبحت كلمة الانتفاضة في كل العالم تعني ما حدث في فلسطين سنة 87، وكل شرائح الشعب الفلسطيني اشتغلت فيها، والعالم وقف يحيي الشعب الفلسطيني، وأصبح لنا مناصرون لم نتوقعهم بعد هذه الانتفاضة، التي كشفت الوجه الحقيقي لإسرائيل، وهنا أتحدَّث تحديداً عن الدول الغربية، وكيف تعاطت مع الانتفاضة، أمام هذه المشاهد التي كانت تبثها شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام، بمعنى أن هذا العدو المدجج بالسلاح كيف كان يركض خلف الأطفال والنساء لقتلهم واعتقالهم بشكل بشع.. لذلك، فإن هذه الانتفاضة حققت شيئاً كبيراً جداً على المستوى الفلسطيني، وكذلك العربي، فقد كان هناك خفوت في تأييد القضية الفلسطينية، لكن الأنظمة العربية قامت بالدعوة لمؤتمر قمة عربية، وكان سبب ذلك هو الشعور بالخوف من شعوب تلك الأنظمة التي خرجت إلى الشوارع، وقدَّمت الدعم السياسي والإعلامي والمادي للانتفاضة الأولى.

أما الانتفاضة الثانية، فهي انتفاضة مسلحة، وقد استطاع الشعب الفلسطيني أن يعود للكفاح المسلح بعد نكسة اتفاقية أوسلو، وهذه الانتفاضة لم تأخذ الطابع الشعبي، بل أخذت الطابع المسلح.. بطبيعة الحال، فإن قدرة العدو العسكرية أكبر بكثير مما نملك، لذلك استطاع أن يدمر بشكل كبير، ولكن هذا لا يعني أن الكفاح المسلح خطأ، بل يعني أن القيادة لم تستفد من هذه الانتفاضة لتحولها إلى انتفاضة شعبية ومسلحة في آن واحد، أضف إلى ذلك دخول الإسلام السياسي في هذه المعركة، وأريد أن أذكر بأنه كانت هناك قيادة وطنية موحدة في الانتفاضة، الأولى غير معروفة لأحد، وهي من الفصائل، وكان ذلك كي لا تقوم إسرائيل بملاحقتها، وقد وضعت برنامجاً شعبياً لكي تستجيب له الجماهير، فإذا قالت غداً إضراب أو تظاهرة كانت الجماهير تستجيب.. كان هناك برنامج للحراك الشعبي التي تشارك فيه كل القرى والمدن والمخيمات، وكان محظور استخدام السلاح، لماذا؟ كان السبب هو أن الشارع يموج بالبشر، فأي طلقة رصاص في جهة العدو قد تبرر له القيام القصف بالدبابات، وكان ذلك موقفا حكيما جداً لكي لا نقع في خسائر بشرية كبيرة، لكن الانتفاضة الثانية كان العدو في عهد شارون يحتل الأرض، ومن الطبيعي أن تقاتل بالسلاح، وهذه الانتفاضة لم تأتِ بالكثير، لكن أثبتت أن الشعب الفلسيطيني قادر على مواجهة هذا التحدي في الوقت التي يتعرض فيه لهذا الانتهاك الكبير.



f7dd3b7f47c444c2467853ca61892d5c

أيقونة المرأة المناضلة

تعد المناضلة ليلى خالد أول امرأة تقوم بخطف طائرة في تاريخ البشرية، كما أنها من أولى الفدائيات اللاتي عملن في المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني، حتى أصبحت ليلى خالد أيقونة المرأة المناضلة.

ولدت ليلى خالد في مدينة حيفا عام 1944، حيث كانت لا تزال تحت الانتداب البريطاني، وأثناء حرب 48 قام غالبية سكان العرب، بمن فيهم عائلة ليلى، باللجوء إلى مخيمات في لبنان. وفي 15 من عمرها انضمت مع أخيها إلى حركة القوميين العرب المؤسسة من طرف جورج حبش، التي أصبحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في سنة 1968.
وقد اتخذت ليلى خالد الاسم الحركي شادية أبوغزالة، تيمناً بأول مناضلة فلسطينية تسقط شهيدة بعد حرب 1967.

وتعد أول امرأة تقوم بخطف طائرة، في أغسطس 1969، حيث قامت بخطف طائرة شركة العال الإسرائيلية، وتحويل مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح المعتقلين في فلسطين، ولفتت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية.

وبعد فترة قامت بخطف طائرة TWA الأميركية التي هبطت في لندن، وألقي القبض عليها وأفرج عنها بعد ذلك، وتعيش الآن في الأردن مع زوجها ووولديها.

__________________________________

منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 19/03/2014

اقرأ المزيد

لماذا كذب المسئولون في ملف المفصولين؟

تمسكت الحكومة ومؤسساتها متمثلة في ديوان الخدمة المدنية، ووزارة العدل
عبر اللجنة المعنية بمتابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي
الحقائق بعدم وجود أي مفصول بحريني من القطاع العام، وأنه تم إرجاعهم
جميعاً إلى وظائفهم، وتم «تصفير» الملف منذ فترة طويلة جداً.

اللجنة
التنفيذية بمتابعة تنفيذ توصيات بسيوني أكدت في ديسمبر/ كانون الأول 2013
بعبارتها الشهيرة تحت توصية «إعادة جميع الموظفين المفصولين» أنه «تم تنفيذ
التوصية بالكامل»، لتغلق ملف المفصولين بشكل نهائي وتعتبره كأنه شيء لم
يكن أبداً!

رئيس ديوان الخدمة المدنية هو الآخر رفض الحديث عن وجود
مفصولين في القطاع العام منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2013، بل أكد وجزم أيضاً
خلال لقائه وفد منظمة العمل الدولية غلق ملف المفصولين بشكل نهائي في
القطاع الحكومي، كما أطلع وفد المنظمة برئاسة كيلوبترا هنري على الإجراءات
التي اتخذتها الحكومة لإنهاء الملف بشكل كامل!

الحكومة مؤخراً،
وبتوقيعها الاتفاقية الثلاثية مع أطراف الإنتاج وبرعاية منظمة العمل
الدولية، اعترفت وأقرت، بـ «كذب» مسئوليها، وسعيهم لتزييف الحقائق، وخداع
المنظمات الدولية، وغشهم للرأي العام البحريني، وعدم صدقهم، وعدم تحليهم
بالشفافية، بل لجوئهم إلى تزييف الحقائق والخداع، والمراوغة، اعتقاداً منهم
بأن الملف سينتهي عند حد «كذبهم».

الحكومة ممثلة بوزارة العمل صادقت
على «الاتفاقية الثلاثية» والتي ضمت في طياتها قائمة بأسماء المفصولين عن
العمل حتى الآن بسبب الأحداث السياسية التي شهدتها البحرين في العام 2011.

اعترفت
الحكومة التي وقعت الاتفاقية الثلاثية التكميلية مع طرفي الإنتاج «غرفة
تجارة وصناعة البحرين، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين»، بوجود 165
مفصولاً، من بينهم 25 مفصولاً من القطاع العام، و50 مفصولاً من الشركات
الكبرى، و68 مفصولاً من القطاع الخاص، ناهيك عن 22 مفصولاً بسبب الأحكام
القضائية الصادرة بحقهم.

الحكومة تعترف الآن بعد نفيها لمدة عامين وجود مفصولين بسبب الأحداث السياسية في القطاع العام لم يعودوا بعدُ لأعمالهم.

الحكومة
اعترفت، بوجود ثلاثة مفصولين في وزارة البلديات والتخطيط العمراني، 12
مفصولاً في وزارة التربية والتعليم، مفصولين في وزارة الصحة، ثلاثة مفصولين
في الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، مفصول من إدارة البريد، وآخر من
اللجنة الأولمبية البحرينية، ومن المجلس الأعلى للمرأة، ومفصولين في جامعة
البحرين، ومفصولين في مجلس النواب.

أضف إلى ذلك فإن الحكومة صادقت
أيضاً على وجود مفصولين في القطاع العام بينهم أطباء ومدرسون بسبب أحكام
صادرة بحقهم، ومن بين أولئك المذكورين جملة من الشخصيات المعروفة أشهرهم
الكادر الطبي الذي تعرض لمحاكمات أثارت ضجة وسخطاً عالمياً.

وكيل
وزارة العمل صباح الدوسري في مقابلة مع صحيفة محلية أكد أن رقم الـ165
مفصولاً الذين شملتهم الاتفاقية، هو «رقم متفق عليه»، أي أن الحكومة أصبحت
حالياً ملزمة بإرجاع جميع الواردة أسماؤهم، بمن فيهم المحكومون وباعتراف
وزارة العمل.

من أهم ما ورد في تصريحات وكيل وزارة العمل رداً على
سؤال بشأن ما إذا عمدت قطر لفصل بحرينيين عن العمل على خلفية الأزمة
الخليجية الحالية، قوله انه «ليس هنالك حكومة حكيمة تقوم بقطع أرزاق ناس
ليس لهم ذنب».

وهو جواب، أجده شديدا، وغريبا، في ظل أن حكومة البحرين
فصلت وأوصت بفصل آلاف المواطنين من وظائفهم وشهّرت بهم، وأجرت لعدد كبير
منهم محاكمات صورية عبر شاشة تلفزيون العائلة العربية، لأسباب سياسية.

تقرير
لجنة تقصي الحقائق خلص في الفقرة رقم (1446) إلى أن «مختلف المسئولين
الحكوميين الذين أدانوا المظاهرات علناً هيأوا أجواء الانتقام من الأفراد
الذين شاركوا في المظاهرات والإضرابات. وأنها تلقت أدلة تفيد بأن مسئولين
حكوميين صدر منهم تشجيع مباشر للشركات على فصل الموظفين الذين اشتبه في
أنهم ضالعون في أحداث فبراير (شباط) ومارس (آذار) 2011».

لجنة تقصي
الحقائق في الفقرة (1450) وصفت عملية فصل الموظفين في القطاعين العام
والخاص بأنه «انتقام»، مؤكدة أن ذلك كان «واضحاً للغاية في حالات الفصل من
وزارة التربية والتعليم والشركات الكبرى».

ما جاء في تقرير لجنة تقصي
الحقائق، من إثباتات وأدلة في قضية المفصولين، سيجعل من مقولة وكيل وزارة
العمل واقعة وبشدة ومنعكسة على شأننا المحلي، أكثر من إسقاطها على قطر.

قضية
المفصولين مستمرة، وهذا لا يعني أن الحراك توقف، فهو أيضاً مستمر،
واستمرار القضية، ليس فقط مع إرجاع المفصولين بل مع نيل جميع حقوقهم
والعودة إلى جميع مواقعهم، لن ننسى أبداً موظفي معهد البحرين للتدريب الذين
نقلوا ظلماً ليكونوا ولأسباب طائفية، فقط من أجل إبعادهم عن المعهد، ضمن
مخطط «تطهير» المعهد من أي وجوه لا ترغب بها وزارة التربية والتعليم، والتي
وثق تقرير بسيوني اسمها بصراحة أنها كانت تمارس الانتقام من الموظفين.

الحراك
العمالي المقبل لن يكون للعودة فقط، بل سيكون لاسترجاع الحقوق ومحاكمة
المسئولين الطائفيين الذين تلاعبوا في مصائر وأرزاق البشر، وكذبوا وزيفوا
الحقائق، بل مارسوا الانتقام من فئة كبيرة في هذا البلد.

هاني الفردان

اقرأ المزيد

استقصاء الشعوب… وأهداف الألفية

تكرر بلدان المنطقة العربية، في العادة، تمكنها من تحقيق الإنجازات
والأهداف في كل حدث ومناسبة. ولعلَّ الحديث عن تحقيق أهداف الألفية التي
وضعتها الأمم المتحدة لتحقيقها مع حلول العام 2015، وهو التاريخ المحدد
للأهداف الإنمائية للألفية، مازال يمثل تحدياً كبيراً، فماذا لو تمت قراءة
ما يطرح ما بعد العام 2015. للأسف حتى الآن البلدان العربية مشغولة بإطلاق
بيانات لمجرد الاستهلاك الإعلامي، بينما الواقع والمشهد العربي يقول شيئاً
آخر.

وبحسب بيان رسمي عن هيئة الحكومة الالكترونية صدر أمس
(الثلثاء)، فإن «البحرين حريصة على لعب دور أساسي بالشراكة مع الأمم
المتحدة لتحقيق أهداف الألفية».

هذا التصريح يأتي ضمن التصريحات التسويقية التي تصدر من كل جانب، من دون أن يكون لها سند ملموس على أرض الواقع.

إن
أهداف الألفية التي أقرها قادة دول العالم في العام 2000 لكي تتحقق في
العام 2015 لا ينطبق كثيرٌ منها على البحرين، وتلك التي تنطبق على البحرين
فإن البحرين بعيدة كل البُعد عن تحقيقها. فأهداف الألفية الحالية تتحدث عن
ثماني قضايا، هي: القضاء على الفقر الشديد، والجوع، ونشر التعليم الأساسي،
وتمكين المرأة وتحقيق المساواة الجندرية، وتقليل عدد الأموات عند الولادة،
وتحسين الصحة أثناء الحمل، ومكافحة الإيدز والأمراض الخطيرة، والمحافظة على
البيئة، وتطوير المشاركة من أجل التنمية بما في ذلك مكافحة الفساد وتحقيق
الحكم الصالح.

ولو نظرنا إلى تفاصيل هذه الأهداف، فإن بعضها ينطبق
على الدول الفقيرة جدّاً، وبالتالي فإن البحرين بالتأكيد حققتها قبل العام
2000 (وليس العام 2015)؛ لأنه لا يوجد لدينا فقر مدقع تُعرِّفه الأمم
المتحدة بدخلٍ قدرُه أقل من دولارين في اليوم، وليس لدينا أموات عند
الولادة، إلى آخره، لكننا بعيدون كل البُعد عن تحقيق المشاركة في التنمية،
وفي المحافظة على البيئة وتحقيق المساواة.

على أي حال، إن أهداف
الألفية الحالية ستنتهي في 2015، وتستعد الأمم المتحدة حاليّاً لتحديد
أهداف إنمائية مستدامة للفترة من 2015 إلى 2030، ودعت جميع الناس في كل
العالم (استقصاء الشعوب) إلى التصويت على أهم ستة أهداف وذلك عبر الدخول
على الموقع الإلكتروني http://www.myworld.org، وإن الأمم المتحدة ستعتمد
على ما يصوت عليه عامة الناس في تحديد الأجندة مع قادة العالم أثناء انعقاد
الجمعية العامة للأمم المتحدة في (سبتمبر/ أيلول 2015). كما دعت المجتمعات
المدنية إلى الاشتراك لتحديد أولوياتها، وللتصويت على التغييرات التي من
شأنها أن تحدث أهم التحسينات في مستقبل العالم.

وقالت الأمم المتحدة
إنها ترغب في استخدام الاستقصاء العالمي لاختيار أولويات الناس للحصول على
عالم أفضل، وسيتم إطلاع قادة العالم على النتائج لوضع خطة التنمية العالمية
التالية.

ولحد الآن، فقد أظهر الاستقصاء الأولويات الآتية (وهي
قابلة للتغير مع استمرار التصويت الألكتروني في كل أنحاء العالم): المساواة
بين الرجل والمرأة، حماية الغابات والأنهار والمحيطات، دعم الأشخاص غير
القادرين على العمل، توافر الطعام المغذي وبأسعار معقولة، التعليم الجيد،
رعاية صحية أفضل، فرص عمل أفضل، توفير الوصول إلى الهواتف والإنترنت، توفير
طاقة موثوق بها في المنازل، تحسين النقل والطرق، اتخاذ إجراءات بشأن
التغيير المناخي، توافر حكومة أمينة ومستجيبة، التحرر من التمييز
والاضطهاد، توفير مياه نظيفة ومرافق صحية، الحماية من الجريمة والعنف،
الحريات السياسية.

من الضروري، أن يعي المجتمع في البحرين أهمية
إيصال صوته إلى العالم من خلال هذا التصويت لتحقيق صورة أفضل لمستقبله،
وذلك من خلال المشاركة لرسم أهداف الألفية لما بعد العام 2015 من أجل إيصال
الرأي والرأي الآخر إلى الأمم المتحدة.

وقد تأتي الحريات السياسية:
المساواة بين الرجل والمرأة، التحرر من التمييز والاضطهاد، فرص عمل أفضل
وأخيراً تحسين النقل والمواصلات، توفير الطعام المغذي وبأسعار معقولة
مجموعة من الخيارات التي تتمثل في مطالب وهمومٍ مازالت تشغل بال الشارع
البحريني من أجل تحقيقها. وتلك فرصة أخرى تعطى لشعوب العالم بصورة مفتوحة
من دون أية استثناءات، والشعب البحريني جزء من شعوب العالم، ولابد من
الاستفادة منها وخاصة في ظل التوجه إلى رفع الأسعار في مختلف النواحي وكبت
الحريات بشكل عام.

ريم خليفة

اقرأ المزيد

تعديلات إسقاط الجنسية عن البحرينيين

في مخالفة فاقعة لدستور مملكة البحرين، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان،
وافق مجلس الشورى أمس الأول على مرسوم بقانون يتيح للسلطة القضائية إسقاط
جنسية من يثبت تورطه في الأعمال الإرهابية، فقد وافق المجلس على المرسوم
بقانون رقم (20) بتعديل بعض أحكام القانون رقم (58) لسنة 2006 بشأن حماية
المجتمع من الأعمال الإرهابية، حيث تمت إضافة مادة تحت رقم (24) مكرر تنص
على «بالإضافة إلى العقوبة المقررة يحكم بإسقاط الجنسية عن المحكوم عليه في
الجرائم المنصوص عليها في المواد من (5) إلى (9) و(12) و(17) من هذا
القانون. ولا ينفذ الحكم إلا بعد موافقة ملك البلاد».

المادة (17) من
دستور العام 1973، تشير إلى أنه لا يمكن إسقاط الجنسية لمن يتمتع بها بصفة
أصلية، إلا في حالة الخيانة العظمى وازدواج الجنسية. في حين حدد دستور
البحرين بعد تعديلاته في 2002 في الباب الثالث (الحقوق والواجبات العامة
المادة 17) أ- أن الجنسية البحرينية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاطها عمن
يتمتع بها إلا في حالة الخيانة العظمى، والأحوال الأخرى التي يحددها
القانون. ب- يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها.

وحدد
القانون الحالات التي يجوز فيها إسقاط الجنسية البحرينية، وتشمل: أولاً:
إذا دخل المواطن الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية وبقي فيها بالرغم من
الأمر الذي يصدر له من حكومة البحرين بتركها.

ثانياً: إذا ساعد أو انخرط في خدمة دولة معادية.

في
شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2012 أسقطت وزارة الداخلية الجنسية
البحرينية عن 31 شخصاً دون تقديمهم لمحاكمات، وبخلاف القانون الذي أعطى
لجلالة الملك وحده الحق في إسقاط الجنسية عن المواطن البحريني، ولم يعطَ
هذا الحق لأي من السلطات التنفيذية أو القضائية، ولذلك فإن هناك تخوّفاً
كبيراً من أن تستخدم التعديلات التي تم إقرارها من مجلس الشورى، لمعاقبة
المعارضين السياسيين، كما حدث في قضية إسقاط الجنسية عن الـ 31 معارضاً،
والذي اعترف عضو مجلس الشورى، الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان
عبدالعزيز أبل بأن هذه المسألة قد سبّبت مشكلة للبحرين، وهي الآن تبحث عن
مخرج لهذه المشكلة.

جميل المحاري

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4218 – الأربعاء 26 مارس 2014م الموافق 25 جمادى الأولى 1435هـ

اقرأ المزيد