المنشور

الخليج في مرآتهم


 
في أوروبا، ولنقل في فرنسا أو ألمانيا مثلاً، وفي آسيا، ولنقل في اليابان والصين وحتى في الهند القريبة منا، وفي أمريكا الجنوبية، ولنقل في المكسيك مثلاً، وفي غيرها من أصقاع الأرض، كيف ينظر الناس إلينا، نحن شعوب الخليج والجزيرة العربية؟
 
لو أن مراسلاً لمحطة تلفزة خليجية أو عربية أو أجنبية، نصب كاميرته في زاوية بأحد الشوارع في باريس أو برلين أو طوكيو، أو حتى في نيودلهي القريبة، وتعمد اقتناص المارة من الجنسين ومن مختلف الأعمار بميكروفونه ليباغتهم بالتالي: قولوا في كلمة واحدة أو كلمتين: ما الذي تعنيه منطقة الخليج بالنسبة لكم، أو في صياغة أخرى للسؤال: ما الذي يخطر في ذهنكم حين تسمعون أو تقرأون كلمة الخليج؟

أكاد أجزم بأن أغلبية الإجابات ستكون كالتالي: النفط، الثراء الكبير . ويمكن للبعض أن يضيف، انسجاماً مع خطاب الإعلام، كلمة الإرهاب . ومرد هذا الجزم هو معرفتنا بالصورة النمطية التي تكرست في أذهان الآخرين عنا، إلى الدرجة التي تجعل هؤلاء لا يرون فينا سوى هذه الأمور الثلاثة: النفط والمال الوفير وأخيراً الإرهاب .

أسباب هذه الصورة النمطية عنا عديدة ومتشابكة . لن ننفي، ولا يجوز أن ننفي، أن هناك من يتعمد تصدير وتكريس هذه الصورة في أذهان الرأي العام في العالم عنا، وهناك ماكينة إعلامية ودعائية نشطة تبرع في ذلك، ويتخطى نطاق تأثيرها التلفزيون والصحافة، ليخترق وسيلة تأثير جماهيرية كبرى مثل السينما .

ليس هذا ما نود أن نتوقف أمامه الآن، بل دورنا نحن في تكريس هذه الصورة البائسة عن أنفسنا لدى الآخرين، وبدرجة أساسية فإننا نود التساؤل عن حجم ونوع الجهد الذي نبذله في تبديد هذه الصورة .

إن هذا يطرح على بساط البحث العلاقة التي يجب أن تنشأ بين مؤسساتنا المعنية بالشأن الثقافي، رسمية كانت أو أهلية، ونظيراتها من وزارات الثقافة أو مؤسسات التعاون الثقافي في البلدان الأجنبية .

وإشارتنا إلى الميدان الثقافي بالذات مقصودة، لأن الثقافة هي الأجدر في مجال مد جسور التفاهم والتعاون والحوار بين الشعوب . إنها تقدم الوجه الإنساني الأصيل لكل شعب وأمة، ومكوناته الروحية والحضارية .

ونحن بالذات أحوج ما نكون لإبراز هذا الوجه للعالم عنا، سعياً لتكريس النظرة النمطية السلبية عن هذه المنطقة، التي لا تبدو للرائي البعيد سوى صحراء قاحلة قاسية وبراميل نفط .


 

2 ايريل 2015
 

اقرأ المزيد

يحسبون أخطاءهم انتصارات وهزلهم بطولة ..!!


 
هذا موقف ليس من المصلحة العامة تفويته، بل اننا على قناعة بانه سيكون من الخطأ الفادح ان يمر مرور الكرام، فهو على الأقل يبعث رسالة يجب ان تقرأ جيداً وتؤخذ على محمل الجد ..!! الموقف صادم بتفاصيله التى ظهرت للملأ وبالالوان الطبيعية، ومكمن الصدمة انه يؤكد اولاً ان العمل البرلماني لا زال مسكوناً بكل ما يطلق العنان لكل الاحتمالات والتوقعات والهواجس التى يصعب ان تستصحب ارتياحاً، بل تثير ما يسحب من رصيد البقية الباقية من مساحة التفاؤل ان وجدت بتوقع أداء برلماني افضل في هذه المرحلة، في هذه المرحلة بالذات، وكأننا لا نتعلم ولا نتعظ.. ومكمن الصدمة ثانياً، هذه العودة غيرالميمونة بالطبع، لنوعية من النواب الذين يعكرون الأجواء والنفوس ويفتعلون المواجهات والأزمات والمعارك الوهمية ويحسبون أخطاءهم انتصارات، وهزلهم بطولة، نواب يعرضون وفي وقت مبكر جداً العمل البرلماني لامتحان عصيب، بل بدا هؤلاء وكأنهم يغتالون أي أمل في ان يكون مناخ العمل البرلماني نظيفاً، نظيفاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، مناخ لا يشعرك بانك تنتقل من السيئ الى الأسوأ .. !!

الموقف المعني الباعث لكل أشكال ومعاني الأسى والاستياء، هو موقف أولئك البرلمانيين، ومن ضمنهم النائب الثاني لرئيس المجلس، أبطال تلك المسرحية الاستعراضية الهزلية بامتياز التي اقترنت بصخب وتشنج وضجة وعصبية وتهديد ووعيد ورعونة، ونسوا انهم يمثلون الشعب، كل ذلك من اجل اعاقة بل تعطيل الجلسة ولم يتوقف صخبهم الا بعد ان انسحبوا وغادروا الجلسة، اعتراضاً على اتهامات وجهت الى مسؤولين فى الأمانة العامة لمجلس النواب بالفساد، وهو موقف بين لنا ان ما انكره هؤلاء في خطبهم وبرامجهم ايام الانتخابات هو على وجه الدقة ما يصنعونه او على الأقل يشجعون عليه، وهذا احد أوجه الخطورة في المسألة، وجاء موقف رئيس مجلس النواب ورفضه تبعية واسترهان عمل امانة المجلس لأي عمل حزبي، او جمعية سياسية او توجه معين، موقفاً لافتاً وجديراً بالتحية والتقدير، والأهم انه موقف يفتح ملفاً مسكوناً بالألغام والمفارقات والتعقيدات والحساسيات يتجاوز حدود امانة النواب، وهذا إثبات لواقع وليس تذكيراً ولا تنبيهاً ولا مراوغة حول من المقصود ومن المعني، ومن المتضرر (لا أحد هنا بمنأى عن الضرر، لا احد إطلاقاً) ..!!

نعود الى الموقف إياه تحديداً، على خلفيته انهمرت التحليلات والتعليقات والأسئلة، ما ضير النواب في ان يفتح التحقيق في شبهات فساد في امانة مجلس النواب ..؟ الا يفترض من هؤلاء النواب ان يكونوا من حماة حرية الرأي وأول الداعمين والمباركين لمعرفة حقيقة ما نشرته الصحافة عن شبهات فساد وهيمنة جهة او جمعيته او تيار على الامانة العامة لتقويم الامور المعوجة ان وجدت، بدلا من ان الاعتراض لأي مسعى للوقوف على الحقيقة واصلاح المعوج، بل ويتحركون فى اثر مرتكبي الساعين الى الحقيقة والتعامل مع ما نشرته الصحافة على انه جريمة ..؟ أليس النواب، كل النواب، ممن يفترض انهم من المحاربين للفساد بكل انواعه واسمائه وفي أي موقع كان.. وانهم في مؤسسة منوط بها فضح الفساد والتصدي له..؟ ولماذا كل هذه الضجة، وهذا الاستبسال في الدفاع عن أشخاص على طريقة «نخالفكم الرأي وان كنتم تقولون الحقيقة..»، وكأن أمانة النواب، بل النواب انفسهم منزهون ومحصنون من اي خطأ او انحراف او تجاوز او فساد..؟

هل أريد من ذلك الموقف الهزلي تكريس سياسة الهيمنة، القوي والأقوى، وهذا التكتل وتلك الجماعة، وهذه الجمعية وتلك، هل هو محاولة لتغييب مبدأ القانون فوق الجميع وقبل الجميع، وبعث رسالة للصحافة، بل حتى لرئيس مجلس النواب، وبقية النواب مفادها: ممنوع الاقتراب من الامانة العامة.. بل وحتى اي موقع يهيمن عليه هذا الطرف او ذاك وان أردتم فان هذا أمر أصعب من المستحيل.. وطبعاً لمصلحة اعتبارات وحسابات غنية عن التعريف..؟

ولابد من الملاحظة اكتمالاً للصورة ذلك التهديد الذي وجه لرئيس المجلس بدفع الثمن غالياً ان هو مس أياً من العاملين فى امانة النواب، ثم ماذا تعني الفزعة التى قام بها أولئك النواب حين التقوا في نفس اليوم برئيس مجلس النواب السابق، وكأنهم يريدون ان يبعثوا لنا برسالة لا أظنها تخفى على ذوي الفطنة..؟

المصالح الغنية عن التعريف، وهيمنة جمعيات سياسية، هو بيت القصيد في هذا الذي حدث، هو الملف المسكوت عنه والذي يتجاوز بكثير حدود امانة النواب، وهو الأمر الذي بتنا كلنا نعرف ثمنه وامتداداته في وزارات وهيئات وادارات وأجهزة رسمية عديدة، هو الرسالة القديمة المتجددة التي نتلقاها دوما منذ سنوات بعلم الوصول تكشف لنا عن صورة من صور الهم العام، هو التنبيه والتحذير من استمرار فرض هيمنة جمعيات وتيارات سياسية وتوجهات دينية معينة تنخرط في استقطابات وتدخلات وتجاذبات واستهدافات وإقصاءات، وكلها وجدناها تتحرك الى أقصى حدود طاقتها، وأول ما يؤسف له هو انه لم يكن هناك تحصن باليقظة اللازمة. ولذلك لم نجد خطوة تستهدف وضع حد لهذه الهيمنة والسيطرة، وبات معلوماً ان تظهر تصنيفات، هذه الوزارة مستقلة، وتلك محسوبة على هذا التيار، وهذه الهيئة او الجهاز تهيمن عليه هذه الجمعية او تلك، يتحكمون فى مسار العمل، التوظيفات والتعيينات، والمكافآت والترقيات والبدلات والعلاوات والتصرفات والمهمات والصلاحيات، كلها توجه وتحشد وتتوغل لأصحاب الانتماءات والولاءات لهذه الجمعية او تلك، ليس ثمة اعتبار لا لقواعد الجدارة، ولا لمعايير الاستحقاق، ولا لجودة الإنتاج، ولا حتى لنهوض إداري واقتصادي ومجتمعي، طالما تجري الامور على ذلك النحو..!! وهو النحو الذي جعل إدارات وهيئات وأجهزة رسمية اقل فاعلية، واقل صدقية، واكثر عرضة للهدر وتصفية الحسابات، واكثر اغراءً لمن لديهم الاستعداد للفساد والإفساد ..!!

ليس أمام المسؤولين سوى الإقدام على تدابير وإجراءات، نفترض الا تكون ذات طابع مسرحي، للتدليل على ان ثمة إرادة صادقة للقيام بإصلاح إداري حقيقي لا يجعل الفساد يستظل وينمو تحت اي غطاء كان، وبالغ الأسى حين لا يحرك احد ساكناً حيال فساد مفضوح أمره، وقمة الأسى حين نجد نواباً يراوغون في مسألة محاربة الفساد، والأدهى حين ظهروا وكأنهم يتواطؤون مع فاسدين هنا او هناك، بقي مهماً ان يفتح باب الحوار حول هذا الملف المسكوت عنه، الشائك والحساس، فلربما يصلح الحال، ان لم يكن الأوان قد فات..!! فالبحرينيون يحملون هم السؤال الأهم: متى تعالج وتصلح الامور وتعاد الى نصابها الصحيح في كل مواقع الخلل والخطأ، سؤال صعب، والأصعب منه الجواب واللاجواب ..!
 


17 فبراير 2015
 

اقرأ المزيد

ما مصير النفط في اتفاق باريس لتغير المناخ؟


 
هل نقول إن ساعة الحقيقة بالنسبة للنفط قد اقتربت مع اقتراب انعقاد مؤتمر الأطراف ال 21 لتغير المناخ في باريس خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين ثاني الى 11 ديسمبر/كانون أول 2015؟

ذكرنا في مقالنا السابق “الوقود الأحفوري في اتفاق تغير المناخ”، بأن “مجموعة ال 77 + الصين” (الدول النامية)، وبضمنها الدول البترولية، لاسيما المملكة العربية السعودية ومن خلفها الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للبترول “أوبك” والدول الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك”، نجحت من جديد في مؤتمر الأطراف ال 20 لتغير المناخ الذي عقد في ليما عاصمة بيرو في 12 ديسمبر/كانون الأول ،2014 في إحباط المسعى الأوروبي لوضعها على قدم المساواة مع الدول الغنية في تحمل عبء خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى الدولي . وكانت مداخلات الدول النامية، وخصوصا مداخلة وفد المملكة العربية السعودية التفاوضي في مجال تغير المناخ، حاسمة في هذا الصدد، بتشديدها على مركزية ومحورية “مبدأ المسؤولية   (The Principle of Common But Differentiated Responsibilities)
المشتركة لكن المتباينة في الاتفاق الجديد الذي يُفترض أن يحل محل بروتوكول كيوتو المنتهية صلاحيته في عام 2012

فقد جاءت صياغة البيان الختامي لمؤتمر ليما “نداء ليما لاتخاذ خطوات عملية تجاه المناخ  
“(Lima Call for Climate Action)”
، فضفاضة في قوة الزاميتها للدول النامية، وذلك على الرغم من البيان المشترك الذي وقعه كل من الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الصيني شي جين بينج في الثاني عشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2014 على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي(APEC) ، والذي تضمن تعهداً من جانب الولايات المتحدة بالسعي لخفض انبعاثاتها بنسبة تتراوح ما بين 26-28% أخفض من مستوى انبعاثاتها في عام 2005 وذلك بحلول عام 2025 . بينما تعهدت الصين بالوصول الى ذروة انبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 أو قبل ذلك، وزيادة نسبة مصادرها من الطاقة غير الأحفورية إلى 20% بحلول عام 2030 . إضافة إلى تعهد الدولتين بالعمل معاً ومع بقية أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ، للتوصل إلى بروتوكول جديد في مؤتمر الأطراف ال 21 في باريس .
فبيان ليما جاء خالياً من أي إلزام للدول بتقديم تعهداتها بخفض انبعاثاتها بحلول شهر مارس 2015 كما كان مفترضاً، إذ اكتفى البيان بصياغة تقول إن الدول مدعوة للنظر في تقديم تعهداتها، بما يعني في أي وقت تكون جاهزة فيه لتقديمها . وحتى لو قدمت الدول تعهدات تفصيلية قبل انعقاد مؤتمر باريس، فليس من حق الدول الأخرى مراجعتها والتعليق عليها، لأن الصين والهند وبقية دول “مجموعة ال 77 + الصين” (الدول النامية)، رفضت القبول بمثل هذه الرقابة التي اعتبرتها نيلاً من سيادتها .
أيضاً فإنه وعوضاً عن تلبية طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتوصل مؤتمر ليما إلى مسودة اتفاق، فإن المؤتمر أوصى فقط “بتكثيف العمل لوضع صيغة هذه المسودة قبل شهر مايو/أيار 2015 . وعلى الضد من اتفاق معظم الدول الغنية في المؤتمر مع قول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في المؤتمر بأن أكثر من نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تصدرها الدول النامية، فإن الأخيرة دفعت بقوة بحجتها المعتادة، وهي أنه يتعين على الأسرة الدولية السماح لها بتطوير اقتصاداتها النامية وعدم وضع أي عراقيل أمامها، بما في ذلك قيود مكافحة الانبعاثات . مع تأكيدها بأن الدول الغنية تبقى مسؤولة تاريخيا عن حجم تركيز الانبعاثات،  وأنها ما  زالت تتصدر قائمة الدول في الانبعاثات بالنسبة للفرد   
(Per-Capita Emissions)
       وقد رفضت الدول الغنية عملياً الوفاء بتعهداتها المالية لمساعدة الدول النامية لتمكينها من خفض انبعاثاتها (Mitigation)، والتكيف (Adaptation) مع الآثار الاقتصادية والبيئية الناجمة عن تغير المناخ .

كل هذا جيد بطبيعة الحال من وجهة نظر مجموعة ال 77 + الصين (الدول النامية) الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (UNFCCC)، لجهة إبعاد شبح تحمل جزء من الأكلاف المالية والاقتصادية اللازمة لخفض الانبعاثات على الأصعدة الوطنية . ولكن هذا بحد ذاته ليس كافياً لإبعاد الاستهداف عن الوقود الأحفوري، وخصوصاً منه النفط، والذي صار يقترب أكثر فأكثر من تحقيق غايته . فالتدقيق في بيان ليما بكليته، يفيد بصورة لا لبس فيها بأن الاتفاق الجديد سيكون ملزماً لكافة الدول، بما فيها الدول البترولية، وأن جولات التفاوض المقبلة، حتى لو لم تتمخض عن التوصل إلى صيغة بروتوكول تنفيذي جديد للاتفاقية، فإنها ستشهد الدخول في تفاصيل التوزيع الكمي لنسب الخفض التي سيتم الاتفاق عليها وعلى مصادرها، وعلى رأسها بطبيعة الحال النفط الذي يشار اليه دائما بالوقود الاحفوري الذي يشمل أيضاً الفحم والغاز، وذلك مع الاقرار بهذا الصدد بأن بيان ليما لم يتضمن أي الزام للدول الأعضاء لتقديم بيانات تفصيلية عن أهدافها التخفيضية للانبعاثات Prospect reductions targets)) .

يضاف إلى ذلك البيان الرئاسي الأمريكي الصيني المشترك المشار إليه آنفاً، والذي يعد اختراقاً نوعياً للموقف الموحد الذي لطالما تمتعت به مجموعة ال 77 + الصين، والذي شكل سداً منيعاً أمام المحاولات المتواصلة للدول الغنية لإلزام الدول النامية بتحمل قسطها من الجهد الدولي لخفض الانبعاثات . فالبيان يتضمن لأول مرة إقراراً صينياً بأن يكون البروتوكول التنفيذي الجديد لاتفاقية تغير المناخ ملزما لجميع الدول الأعضاء في الاتفاقية .

والأكيد في ضوء تداعيات هذه المواقف المستجدة لأطراف التفاوض الرئيسية، هو أن تعمد الدول الغنية من جديد في مؤتمر باريس القادم (خصوصاً وأنها “تلعب على ملعبها”)، إلى إعادة طرح “مبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة” (The Principle of Common But Differentiated Responsibilities) والضغط على الدول النامية للتخلي عنه أو تعديله، بما يفتح الباب على مصراعيه لاستدراج التزامات كمية مرهقة للاقتصادات البترولية . خصوصاً وأن من المؤكد أن تقوم الدول الغنية بتشكيل أقوى وأوسع وأثقل تمثيل على مستوى رؤساء الدول في مؤتمر الأطراف ال 21 في باريس لممارسة ضغط معنوي وسياسي على رؤساء وفود الدول النامية لحثها على “اتخاذ مواقف وخطوات بناءة” في هذا الصدد . مثلما ستشهد الشهور المتبقية على انعقاد لقاء باريس، ضغوطاً مكثفة على أطراف التفاوض للتوافق على صيغة الاتفاق الجديد الذي سيعرض على مؤتمر باريس لإقراره بحسب مقررات “منهاج دوربان” (Durban Platform) الذي أقرته الأطراف جميعاً في مؤتمر الأطراف ال 17 الذي عقد في مدينة دوربان بجنوب إفريقيا في عام ،2011 والذي قضى بالتوصل إلى اتفاق جديد في عام ،2015 بحيث يكون ساري المفعول في عام 2020 . مع الاستدراك أن كل ذلك لا يعني بالضرورة تمتع هذه المحاولة بفرصة نجاح أكيدة .

بهذا المعنى، فإن إمكانية إبرام الاتفاق في باريس في عام ،2015 تتمتع بفرص نجاح تفوق فرص الفشل . أي إننا هنا في دول مجلس التعاون يتعين علينا من الآن فصاعداً أن نتابع التطورات والمستجدات المتعلقة بهذا الموضوع عن كثب، ووضع قطاعاتنا البترولية والقطاعات الاقتصادية الأخرى المرتبطة بها مباشرة أو غير مباشرة، في صورتها أولاً بأول، لأن الموضوع يتعلق بمصير قطاعاتنا المفتاحية . وهذا ما سنحاول فعله من خلال هذه المساحة.

 
 
حرر في 30 مارس 2015
 

اقرأ المزيد