المنشور

قريباً.. «إسرائيل» تضم الضفة!

كل الدلائل والمؤشرات تدل على أن «إسرائيل» تعد العدة لضم الضفة الغربية المحتلة إلى حدود الدولة العبرية. ففي منتصف شهر مارس/آذار الجاري، رد وزير التعليم «الإسرائيلي» نفتالي بينيت في لقاء جمعه مع طلاب أمريكيين في نيويورك، رد بصلف على استفسار عن الدولة الفلسطينية، قائلاً: «لقد انتهينا من هذا الموضوع، فلديهم (يقصد أبناء الشعب الفلسطيني) دولتهم في غزة»، (أي أن الضفة الغربية هي الآن، كما القدس المحتلة، قيد المصادرة). بعد ذلك، وفي لقاء آخر في واشنطن، لم يتردد هذا الوزير، الذي يقود حركة المستوطنين، في تفسير ما ذكره في نيويورك حين قال بصريح العبارة: «سوف تتعامل «إسرائيل» مع الانهيار الذي سيُصاحب عملية ضم الضفة، تماماً كما تعاملت مع عملية ضم الجولان السوري المحتل في عام 1980». وقال بكل وقاحة إن «المعارضة الدولية لقيامنا بضم الضفة، سوف تتبدد، إذ بعد مرور شهرين سوف تتلاشى قبل أن تتبدد، وبعد 20 سنة وبعد 40 سنة، ستصبح الأرض ملكاً لنا».

وفي «إسرائيل» ما يؤكد أن هذه الكلمات ليست مجرد هرطقات وأمنيات. ففي شهر فبراير/شباط الماضي، أقر الكنيست «الإسرائيلي» قانوناً تم بموجبه وضع ثلاث مؤسسات أكاديمية، من بينها جامعة أرييل، وجميعها مشادة في المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية، تحت ولاية مجلس التعليم العالي. وقبل هذا القانون، كانت تشرف على هذه الجامعات إحدى المؤسسات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة. ويندرج هذا الإجراء ضمن خطوات متتابعة تنفذها سلطات الاحتلال لإضفاء السيادة المدنية «الإسرائيلية» على الضفة في إطار مخطط ضمها. وتأكيداً على أن فكرة ضم الضفة باتت اتجاهاً عاماً في «إسرائيل»، هو أن مسؤولي هذه الجامعات قبلوا على الفور قانون إلحاقهم بمجلس التعليم العالي، على الرغم من مخاطر تعرض جامعاتهم، باعتبارها جزءاً من المستوطنات غير الشرعية، إلى الحملة الدولية الداعية لمقاطعة المستوطنات «الإسرائيلية» المسماة «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» (Boycott, Divestment and Sanctions Movement)، إضافة إلى العقوبات الأوروبية المفروضة على التعاون العلمي مع المؤسسات الأكاديمية المقامة في الضفة الغربية. وهنالك قوانين أخرى قيد الإعداد والإقرار، تسعى وزيرة العدل إيليت شاكيد بإصرار لمد ولاية هذه القوانين لتشمل الضفة الغربية.

وبحسب «حركة السلام الآن»، فإن هذه الوزيرة تعمل بالتنسيق مع واضعي القوانين «الإسرائيلية» من أجل البحث عن ذرائع لمصادرة الأراضي الفلسطينية. حتى أنها اعتبرت فصل القانون الدولي ل«إسرائيل» عن الأراضي المحتلة بأنه «أمر غير عادل استمر لخمسين سنة». أما بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة «الإسرائيلية»، فقد أبلغ حزبه (الليكود)، تعليقاً على صدور القانون سالف الذكر بقوله: «إن «إسرائيل» سوف تقوم، بصورة هادئة، بمد سلطتها وسيادتها على الضفة الغربية، وهذه عملية لها تبعات تاريخية». وهو ما أقرته بالتصويت اللجنة المركزية لحزب الليكود.

وكان نتنياهو قد فضح هذا المخطط (الخاص بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل)، حين قال إن خطط الحكومة «الإسرائيلية» قد تم تنسيقها مع الإدارة الأمريكية، قبل أن يضطر تحت الضغط للتراجع عن هذا الإعلان. والواضح أن هنالك تفاهماً مع واشنطن بشأن هذا المخطط، بشرط أن يجري تنفيذه بطريقة الانسلال المكتوم.

وعلينا أن نعود إلى حديث السفير الأمريكي في «إسرائيل» ديفيد فريدمان للقناة العاشرة «الإسرائيلية»، والذي قال فيه بوضوح لا لبس فيه «لن يذهب المستوطنون إلى أي مكان»، أي أنهم سوف يبقون في الضفة الغربية المحتلة التي سيكون مصيرها، بموجب المخطط «الإسرائيلي»، نفس مصير مدينة القدس المحتلة.

وتدلل التحركات واللقاءات التي تمت مؤخراً، خصوصاً في واشنطن، أن الدولة الفلسطينية، قد تم قصرها على قطاع غزة فقط. وما تبقى الآن هو توقيت وطريقة ليّ أذرع القيادات الفلسطينية لإخضاعها وإجبارها على قبول ما هو معروض عليها.

هي بالفعل أجمل الأيام التي تعيشها «إسرائيل»، إدارة أمريكية تشبهها. فلا غرو أن تصفق وترقص طرباً كلما جيء بأحد ولاتها ليتبوأ مركزاً قيادياً داخل البيت الأبيض، وآخرهم جون بولتون. فالفيلم المعروض علينا يفترض أن الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية مجرد أرقام هامشية يمكن شطبها بكل يسر وسهولة. ولكن دروس الحياة تقول إن التاريخ لا يقل مكراً عن المتحذلقين الباغين مراوغته.