المنشور

التعددية النقابية أساس الوحدة العمالية

إن التعددية من حيث مضمونها الفكري هي القبول بالرأي الآخر سواء ضمن الحزب الواحد، أو التيار الواحد، أو التجمع الذي يضم تيارات متعددة، أو النقابة ذات التوجهات المتعددة التي يربطها هدف واحد وهي الدفاع عن الحقوق النقابية والعمل على تحقيق أهدافها عبر كل الوسائل.
ولا يمكن أن نفصل الجزء عن الكل، خاصة إذا كان الكل يحتوي الجزء أي بما معناه التعددية هي جزء من الوحدة حيث الوحدة هي الشامل والتعددية هي عنصر أساسي من الشامل أو الكل.
وبمعنى حقوقي لا يمكن أن نؤمن بهذا الحق وننكره في نفس الوقت بحجة الزمان والمكان حيث لا يمكن تجزئة الحق وتجريده من مضمونه. ومن ناحية أخرى هو حق نقابي تقره المنظمات الدولية وحقوق الإنسان وهي ضمن المعايير الأساسية لبناء الديمقراطية ضمن المؤسسة الواحدة وهي القبول بالرأي الآخر، والإيمان بحق تمثيله في هذه النقابة أو تلك، خاصة إذا كان الرأي يمتلك قاعدة بشرية مؤيدة له.
ونحن كديمقراطيين من حيث المبدأ لسنا ضد الرأي الآخر، ولسنا ضد مبدأ حقوقي تقره الاتفاقيات الدولية ضمن منظمة العمل الدولية التي وقعت البحرين على أربع اتفاقيات منها من أصل ٢٨١ اتفاقية. والسؤال هل نحن بصدد الضد أم مع هذه الاتفاقيات التي نناضل من أجل إقرارها دوليا وتنفيذها محلياً.
ومن يعتبر بأن التطور ثابت ومنفصل عن مجريات الأحداث المحلية والدولية فهو جامد ولا يعي المصلحة الحقيقية للطبقة العاملة. وللأسف الشديد عبّر بعض النقابيين عن وجهة نظرهم وبحماس شديد ضد إصدار هذا القانون، معتقدين بذلك بأنهم سيحمـون الطبقة العاملة من التمزق، ولو كان هذا القرار نابع من مبـدأ نقابي لكان الأمـر مختلف، ولا غبار عليه ولكن انطـوى تحت عباءة سياسية مما جعل البعض من النقابيين يتحسسون منه محدثين انقساما ما بين مؤيد ومعارض.
نحن لا نشكك أبدا في موقف القوى السياسية الوطني تجاه الطبقة العاملة والداعم لحركة العمال الجماهيرية، والمنطلقة من الحرص من أجل الوحدة، ولو كان هذا المطلب مطلب كل الجماهير العمالية لتراجعنا عن طرح التعددية في الظرف الراهن، ولكـن في حقيقة الأمر هذا المطلب ذو محتوى حقوقي أكثر مما هو سـياسي، ورجال السياسة يعرفون تماما الفرق بين المطلب الحقوقي والمطلب السياسي.
وهذا لا يعني بأن المطالبين بالتعددية دعاة لتمزيق الطبقة العاملة وكأنهم ينتظرون القانون بفارغ الصبر ليفرخوا نقابات، وأن المتخوفين على تمزيق الطبقة العاملة نتيجة إصدار هذا القانون سيكونون حماة حقيقيين على وحدة الطبقة العاملة.
لا نريد أن نسبق الأحداث فالقانون أقر في لجنة الخدمات بالمجلس النيابي بانتظار التصديق عليه من مجلس الوزراء ليصدر بعدها على شكل مرسوم، وحينها سنعرف من الحريص على وحدة الطبقة العاملة ومن يريد النيل منها.
إن المبررات التي طرحها كثير من النقابيين المخلصين من منطلق حرصهم النقابي كان صحيحا من ناحية التوقعات الناتجة بعد إصدار القانون، وهذا في نظري ضريبة سندفع ثمنها لفترة من الزمن، ونحن كبقية النقابيين نعرف بأن هناك فئات متربصة تريد أن تستفيد من هذا الحق عبر خلق كيانات ذات صبغة طائفية، وآخرين يدفعون بكيانات نقابية ضعيفة من أجل إضعاف الحركة العمالية والنيل من مكتسباتها. ولكن فليعلم الجميع بأن المكاسب تحققت بفضل وحدة العمال ومن دونها لا يمكن أن تتحقق، وبالتالي لن تستمر هذه الكيانات لفترة طويلة وستذوب مثل ذوبان الثلج متى ما تعرضت للحرارة المولدة من زنود العمال المتكاتفة.
علينا الآن أن نفكر بعقلية الواقع وكيفية التعامل معه لمنع أي انقسام في صفوف الطبقة العاملة، والدفع باتجاه الوحدة والبحث عن كل ما يمنع انقسامها وأن يتدارك أعضاء الأمانة العامة وكل القيادات بمجال إدارات النقابات المختلفة والمنطوية تحت مظلة الاتحاد العام كل الثغرات والأخطاء التي صاحبت العمل النقابي على مدى ٤ سنوات وأن يكون الرأي والرأي الآخر محط تقدير ونقد التجاوزات الشخصية والممارسات السلبية تجاوز كل ذلك من أجل أن تستطيع النقابات أن تأخذ دورها الصحيح في الدفاع عن مصالح من يمثلونهم من جموع العمال في كل موقف خاصة أننا مقبلون على أبواب مؤتمر الاتحاد العام لعمال البحرين الذي سيكون في نظري نقطة تحول نحو بناء عمل نقابي متكامل ومرتبط بوحدة قوية وليكن هذا الشعار يافطة من يافطات المؤتمر (وحدة عمالية قوية + عمل نقابي صحيح = مكتسـبات عمالية).
ولنكن أكثر جرأة من الماضي لتدور العجلة إلى الأمام من أجل الدفع لتحقيق المطالب الملحة الممثلة بالحق النقابي للقطاع العام، ووقف كل العمليات الاستفزازية ضد النقابيين، ووقف التمييز الوظيفي والعمل على مبدأ الكفاءة لمن يستحقها بعيدا عن المحسوبية والفساد الإداري وعدم حرمان المخلصين والمثابرين في عملهم، وممن أفنوا شبابهم في العمل من العلاوات والحوافز.
إن صرخات موظفي البريد وغيرهم من الوزارات لن تهدأ ما دام الفصل والتهديد مستمرا وآخرها للنقابي جمال عتيق الذي أضرب عن الطعام لمدة ٥ أيام تعادل مدة الفصل، كان بمثابة إشعار بأن صوت العمال عبر وحدتهم سيعلو وهذا كفيل بانتزاع حقوقهم المشروعة.
فليسمح لي أعضاء الأمانة العامة بالاتحاد العام لعمال البحرين إبداء ملاحظاتي التي يراها البعض بأنها أتت في وقت غير مناسب، ولكن حرصي على تماسك الاتحاد ضد أي انشقاقات أو انقسامات هو الدافع الحقيقي لطرح هذه الملاحظات.

صحيفة الأيام
31 يناير 2008