المنشور

علاوة الغلاء

يبدو إن المواطن على حق حينما شبه الـ “40” مليون دينار التي خصصتها الحكومة لمواجهة غلاء الأسعار “بيض الصعو” الذي تسمع عنه ولا تراه أو تلمسه،  لان صرف هذه “العلاوة” طالت وطولت والمواطن البائس يحترق من الأسعار ومن الوعود، وكذلك من النواب الذين زاد نشاطهم وتضاعف في المجالس الأهلية وفي الديوانيات بشكل غير عادي أملا في تحسين الصور رغبة في تعويض ما فات، ولكنهم نسوا أو تناسوا إن الأربعين مليون دينار كانت مفاجئة لهم عندما التقوا بالحكومة مع إن المماطلة والتلكؤ في صرف مخصصات الدعم مسألة يجب إن تحسم بين النواب واللجنة الوزارية فان من المهم هنا مساندة مقترح النواب المعني بدعم كل الأسر البحرينية التي لا يتجاوز دخل رب الأسرة فيها عن “1500 دينار” بخلاف رأي اللجنة الوزارية التي تصر على احتساب “50دينار” للأسر المحتاجة فقط ، كأن اغلب الأسر البحرينية لا تعاني من تكاليف الحياة المعيشية الباهظة والمرهقة!!
وفي هذا الجانب هناك ما يلفت النظر ألا وهو إن جهاز الحكومة للمعلومات يفتقد إلى المعلومات الدقيقة عن عدد ومستوى دخل هذه الأسر وهذا بحد ذاته مشكلة يترتب عليها تعقيدات ربما تعيق صرف هذه “العلاوة” ولا ندري ماذا سيفعل هذا الجهاز فيما لو طلب منه توفير الإحصائيات الدقيقة من بحوث ودراسات لها علاقة بالتخطيط الاقتصادي والاجتماعي والتنموي!!
على أية حال إن عدم توافق النواب مع اللجنة الوزارية بشأن تحديد آلية صرف العلاوة.. يعني في النهاية إن المواطن سوف يدفع ثمن هذه المماطلة وهذا التأخير وبالتالي على الجهتين أن تفكرا في حلول سريعة لعلها تنقذ ما يمكن إنقاذه لان الأوضاع المعيشية لا تحتمل ولا الانتظار يحتمل، وصرف هذا الدعم يتأخر شهرا بعد شهر.
 والذي لا يطاق ولا يحتمل أكثر أن ينسب بعض نواب الإسلام السياسي الـ ”40 ” مليون لانجازاتهم!! وبالطبع هذا الادعاء لا ينطلي على المواطن الذي يدرك جيدا مثل هذه المزايدات والادعاءات!!
صحيح إن الحكومة قد أقرت هذا المبلغ بشكل فوري مما فاق تصور النواب والأكثر من ذلك اختطفت الأضواء عنهم ولكن هل هذا المبلغ كاف ليغطي جميع الأسر البحرينية المستحقة؟
ولو افترضنا إن هذه المشكلة قد تم تسويتها وبالطبع هذا هو المهم على الأقل في الفترة الحالية، ولكن ماذا عن علاج ظاهرة غلاء الأسعار في المدى البعيد؟  ما هي الإستراتيجية الوطنية التي يجب أن تعد على صعيد الحكومة والنواب والشورى مع العلم إن الأخير كان بعض أعضائه في حالة تردد أو هروب من عضوية لجنة “الغلاء” التي شكلت متأخرة بحجة أنهم ليسوا من ذوي الاختصاص!!
إن غلاء الأسعار ظاهرة شأنها شأن الفقر أو الظواهر الأخرى التي تحتاج إلى استراتيجيات وطنية واضحة، ومن هنا نعتقد أن النائبة “القعود” قد لامست الجرح فيما طالبت أن لا يقتصر الدعم على صرف “علاوة الغلاء” خلال “12” شهرا فقط بل يستمر طالما وجد التضخم لان وحسب اعتقادها لا توجد بوادر ولا إشارات بان التضخم سينخفض، وبالتالي من المهم توسيع مفهوم الأسرة ليشمل اكبر عدد من المواطنين.
اذاً من المهم أن نتعامل مع الغلاء أو أية أزمة اقتصادية أو اجتماعية بجدية وشفافية وأن نبحث ليس عن الجذور والأسباب فحسب وإنما أيضا عن الحلول القريبة والبعيدة، ودعونا من الوعود والمسكنات المؤقتة وتصريحات بعض النواب التي لا تخلو من مزايدات وتلميع الصور!!
 
صحيفة الأيام

2 فبراير 2008