المنشور

على وتر الهم



الغلاء من امامكم : والبحر من ورائكم


 
تجتاح البحرين منذ فترة ليست بالقصيرة، موجة غلاء فاحش يستشري تصاعدياً بمرور الوقت و جشع البعض و تقاعس الحكومة، ماينذر بأوضاع اقتصادية متردية و ازمة معيشية خانقة تلقي بظلالها القاتمة على الغالبية العظمى من ابناء شعبنا.
ان هناك عوامل ذاتية و موضوعية ، أدت و ستؤدي إلى المزيد من النتائج و التداعيات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية الكارثية على مستوى الوطن المبتلي بشئون و شجون الممارسات الخاطئة و البعيدة عن اي تخطيط علمي يلتمس الحلول الحقيقية الناجعة و السبل الناجحة لتفادي ما حل و يحل وسيحل في قادم الأيام التي كان المخلصون يتمنون ان تكون الأجمل و التي لم نعشها بعد.
يقولون ان موجة الغلاء عالمية و اقليمية ، وهي جاءت كنتيجة للعوامل المناخية و البيئية و الكوارث الطبيعية و تباطوء الإقتصاد العالمي في مفاصله المؤثرة و ارتفاع اسعار النفط ، ومحلياً ايضاً بسبب ارتباط العملة الوطنية بالدولار الأمريكي  وتدني قوته الشرائية وضعفه مقابل العملات الاخرى.
و ان مشترياتنا من مصادر انتاج معظم المواد الإستهلاكية تأتي من مناشئ ذات سلة عمولات اقوى من الدولار الأمريكي سعرياً. كل ذلك لا يعفي الحكومة من واجباتها الملحة و الفورية، و عدم الإكتفاء بالبالونات الترقيعية كما حدث مع تخصيص أربعين مليون دينار بحريني لمكافحة الغلاء حيث تناهبتنا سيوف الوعود و التصريحات المتناقضة، فصارت كرة الدعم يتلاقفها بعض الشوريين مطالبين بحل، ويتقاذفها النواب بين من يزعم الدعم بـ 200 د.ب لكل من يعمل في القطاعين العام و الخاص و المتاقاعدين، من ذوي الدخل المحدود، ثم اعلن عن مبلغ 70 او 50 د.ب  لكل اسرة بحرينية، وجاءت الطامة الكبرى باعلان احد النواب بأن مبلغ 40 مليون د.ب لم يتبق منه سوى مبلغ 8 مليون د.ب بعد أن استقطعت الحكومة مبلغ 32 مليون د.ب لتغطية مبالغ الدعم السابقة.
أن ملف الغلاء هو ملف عابر للطوائف و الاثنيات بإمتياز، وهو محل إجماع وطني، بعد أن إنكشف الستر بشكل واضح فاضح عن تردد الحكومة في طيه بالسرعة المرجوة ، فبات خطره الداهم يضيف طوابيراً إلى جيش المعوزين المتكاثر كل يوم، فهاهي الطبقة الوسطى تتآكل و تضمحل تدريجياً و يثري الطفيليون و يزداد الأغنياء غنى و تموت احلام العاطلين المؤجلة إلى مستقبل مبهم.
ان الملفات الرئيسة العالقة المتراكمة، كالإسكان و التجنيس و التمييز و الحريات و البطالة و الفساد و الأراضي و التنمية المستدامة و الصحة و البيئة وغيرها، تستدعي بالضرورة و بالحاح، وحدة قوة شعبنا الحية و مكوناته المتآخية، في بوتقة وطنية تلتزم بواجباتها المناطة بها وتستخلص الحقوق ضمن الأطر السلمية.
 ان الخطاب هنا .. للعاطلين و المحرومين و متدني الأجور و كل من يعاني من غلاء الأسعار و كل غريب في وطنه لأن ( الجوع في الوطن غربة ) .
ان لسان الحال يخاطبنا : الغلاء امامكم .. و البحر من ورائكم و قد احرقت سفن الصمت .
لتتوحد كل الجهود الخيرة ولترتفع عالياً أكف القلوب المعذبة و لتحلم كل العيون المؤرقة بغد افضل و لنبادر جميعاً للمطالبة بالحقوق، و كما قيل ( ما ضاع حق وراءه مطالب ) .
 فلناطلب الدولة بتوظيف الوفرة المالية النفطية، في تنويع مصادر الدخل و توفير فرص العمل المجزي و الحياة الحرة الكريمة للمواطنين و التوزيع العادل للثروة و الإرتفاع بمستوى الدخل ليناسب الأسعار.
 
أيها الناس أصيخوا للنداء :                أرفعوا اصواتكم ضد الغلاء
أقذفوا من حجر الوعي على                آسن الغفلة في بركة ماء
وخذوا الحق غلاباً .. هكذا                 قد تعلمنا دروس البسلاء
 
نشرة التقدمي العدد 59
يناير 2008