المنشور

لجان تحقيق

لكوننا امام تحولات جديدة وواقع سياسي‮ ‬جديد‮ ‬يفرض على جميع اطراف المجتمع التعامل معه بواقعية وبعقلية نقدية وباولويات جديدة مرحلية ومستقبلية فانه من الطبيعي‮ ‬ان تثار الاسئلة على اكثر من صعيد‮. ‬وفي‮ ‬خضم هذا الواقع المتشابك والمتداخل كيف نواجه تحدياتنا الذاتية والموضوعية مواجهة صريحة؟ وكيف نرتب اوضاعنا الداخلية بما‮ ‬يتناسب وطموح وتطلعات المواطن الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والمادية وتطلعات دولة المؤسسات والقانون في‮ ‬تدعيم اسس المجتمع المدني‮ ‬الحديث بغية تكريس حقوق المواطنة والمساواة والديمقراطية،‮ ‬هذا ما‮ ‬يشغل البال وفي‮ ‬اعتقادنا لا‮ ‬يمكن احراز اي‮ ‬تقدم نحو الاصلاح الاقتصادي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬من دون ممارسات سياسية داعمة لما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬بلادنا من اصلاحات‮.‬
ما حققناه من انجازات سياسية‮ ‬يشهد لها الجميع‮ ‬يعد مكسبا مجتمعيا رغم الدعوات الرافضة له ورغم القيود المفروضة على الاصلاحات سواء كانت هذه القيود نابعة من عقليات مسؤولة في‮ ‬هيئات حكومية لا تزال تتصدى للرقابة والمساءلة من اجل الحفاظ على مصالحها الخاصة والضيقة ام من نواب اعاقوا هذه الاصلاحات وان نجحوا في‮ ‬طرح بعض الملفات الساخنة فان هؤلاء لا زالوا‮ ‬يخافون النقد والمحاسبة،‮ ‬والادهى من ذلك لا زالوا‮ ‬يعدون انفسهم فوق هذه الادوات وبالتالي‮ ‬كيف لادائهم ان‮ ‬يكتمل‮ ‬من دون محاسبة‮!! ‬وكيف لهذه العقلية التي‮ ‬لا تتفق مع الرقابة والنقد والمحاسبة ان تواجه مشاكلنا الداخلية بشكل‮ ‬يفيد مصالح الوطن والمواطن‮!!‬
وابسط مثال اليوم لجان التحقيق التي‮ ‬لا‮ ‬يمكن لأحد ان‮ ‬ينكر اهميتها على مستوى العمل البرلماني‮ ‬لان هذه اللجان في‮ ‬الاصل تفعيل لادوات المجلس التشريعي‮ ‬الرقابية التي‮ ‬يؤكد عليها الدستور،‮ ‬ولكن مخاوف وهواجس الغالبية من المواطنين ان بعض هذه اللجان باتت مضيعة لوقت المجلس ووقت الحكومة ومصالح الناس،‮ ‬لان الهدف من تشكيلها ليس الا تصفية حسابات سياسية وشخصية وايديولوجية‮!!‬
وغني‮ ‬عن القول،‮ ‬ان اقصاء وزيرة الصحة جاء ضمن هذه الحسابات والتوجهات التي‮ ‬تعبر عن ثقافة التمييز بين الرجل والمرأة وعن عقلية الجمود التي‮ ‬تسعى لمصادرة حقوق المرأة السياسية‮!!‬
ورغم اهمية مقترح‮ “‬الوفاق” ‬القاضي‮ ‬بتشكيل لجنة تحقيق في‮ ‬املاك الدولة وتوافق الكتل النيابية حوله الا ان تجاربنا مع هذه اللجان مريرة بل وقاسية وخاصة تجاربنا مع الكتل الاسلامية التي‮ ‬ومن اجل مصالحها الحزبية تدخل في‮ ‬مساومات على حساب اهداف هذه اللجنة وغيرها من اللجان وهذا بالفعل ما حدث ليس على مستوى وزارة الصحة فقط وانما على مستوى لجنتي‮ ‬الثقافة ومرسى البحرين الصناعي‮!!‬
وعن هذه اللجان‮ ‬يمكننا ان نوجز بعض ردود الافعال التي‮ ‬اتخذت موقفا حازما من تشكيلها ومن ادائها ولعل ابرز ما قيل عنها‮: ‬هناك اخطاء فعلا في‮ ‬بعض الوزارات ولكنها لا تستحق اضاعة وقت المجلس في‮ ‬مناقشة حيثياتها ومن بينها ما حدث في‮ ‬مهرجان ربيع الثقافة،‮ ‬وبالتالي‮ ‬لا‮ ‬يعني‮ ‬ان نشغل المجلس لاجل مشكلة واحدة وننسى دعم وزارة الاعلام في‮ ‬استقطاب المزيد من الكتّاب والشعراء،‮ ‬فقد‮ ‬غاب عن سماء البحرين مثل هذه التجمعات الثقافية‮.‬
وفي‮ ‬هذا السياق قيل ايضا‮: ‬ان تشكيل لجنة التحقيق في‮ ‬ما قيل عن تجاوزات مرسى البحرين الصناعي‮ ‬غير مهني‮ ‬فالامور كلها واضحة ولا تستحق المساءلة،‮ ‬ولذلك فهي‮ ‬بالتأكيد استهداف لشخص وزير التجارة حسن فخرو وللاسف دخلت بعض الكتل النيابية لعبة الاستهداف البيني‮.‬
وهذا الوضع‮ ‬يفرض علينا ان ننتقد ونحاسب اية جهة كانت لم تعالج أزماتنا الداخلية وخاصة تلك العقليات التي‮ ‬تستغل لجان التحقيق لمكاسب حزبية وعقائدية معادية للمرأة ولإشاعة الحقوق والمساواة وتقدم البلاد‮.‬

صحيفة الايام
9 فبراير 2008