المنشور

الاستجواب: إرادة حكومة أم إرادة نواب

المشهد السياسي في بلادنا هذه الأيام يزداد سخونة ونحن في فصل الربيع فهل تستمر درجات الحرارة في الارتفاع نظراً للاحتقانات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاختلاف الواضح في مجلس النواب وتزايد سخط الناس على مجلس النواب والحكومة معاً.  تتحمل الحكومة مسؤولية ما يجري لأنها هي التي جاءت بمجلس للنواب طائفي في التركيبة، يراد منه أن يمرر ما تطلبه منه، وليس محاسبتها ومراقبة أداء وزراءها والتصدي لكبار المفسدين وسارقي المال العام، مجلس يبصم على كل شيء تريده، وتعطيه الفتات من أجل حفظ ماء الوجه أمام الناخبين.  حتى هذا المجلس الكسيح، تعمل الحكومة جاهدة من اجل شله عن محاسبة المسئولين عن الفتنة الطائفية في البلاد، ونحن هنا نشير إلى ” التقرير المثير ” الذي يعرفه القاصي والداني في البلاد، الذي كشف عن مخطط طائفي وعرقي يراد من خلال تطبيقه في البلاد، تفتيت وحدة الشعب وإشعال الفتن الطائفية.  والغريب في الأمر أن الشخصية التي تطالب كتلة ” الوفاق ” في مجلس النواب استجوابها، اعترفت في الصحافة المحلية بإصدارها الشيكات، وحورت الموضوع بأنه سرقة من قبل المستشار السابق في مجلس الوزراء أي ناشر التقرير. نتساءل إذا كانت تلك الشخصية وهي من أبناء الأسرة الحاكمة في البحرين بريئة فلماذا الإصرار على رفض الاستجواب، وهو حق للنواب، وفق اللائحة الداخلية لمجلس النواب، ووفق دستور 2002، وأكد على ذلك العديد من المستشارين  القانونيين في البحرين ، بمن فيهم المستشار القانوني لمجلس النواب عمرو بركات المستقيل والذي غادر البحرين إلى موطنه مصر على وجه السرعة. ولماذا ترفض الكتل وبدعم حكومي وضع الاستجواب على جدول أعمال مجلس النواب خلال الجلسات الماضية، مما خلق حالة من الفوضى والاحتقان داخل المجلس ؟ هل تريد السلطات الحاكمة في بلادنا إفشال التجربة التي جاءت بها من خلال مشروعها المعروف بالإصلاحي وتم دعمه من القوى السياسية المعارضة في بداية فبراير 2001؟  ألا يكفي إنهم أصدروا دستوراً لا يمثل الإرادة الشعبية، ينتقص من الصلاحيات التشريعية لمجلس النواب، ويعيق عمل النواب في التشريع والرقابة!.  وبدلاً من تطوير التجربة الديمقراطية الوليدة في بلادنا والدفع بها للأمام بسن قوانين حضارية وعصرية تحترم إرادة الإنسان في هذا الوطن، وتصون حقوقه من الانتهاكات والاعتداءات وتحفظ كرامته وآدميته، تبرز مظاهر غريبة في مجلس النواب وهي التفنن وبشكل مخالف للقواعد في تعطيل الاستجوابات، الورقة الوحيدة التي تحافظ على ماء وجه هذا المجلس فأين أنتم من دولة القانون والمؤسسات عندما تنتهك القوانين واللوائح يا نواب الشعب ؟ وهل دواعي الوقوف إلى جانب الحكومة مكافأة لها على تقسيم الدوائر الانتخابية بشكل طائفي وهي التي أوصلت العديد منكم من خلال المراكز العامة، وهي التي تماطل في إيجاد حلول جذرية للملفات العالقة في بلادنا، البطالة والإسكان والصحة والتعليم ووقف مظاهر تفشي الغلاء في الأسعار بصورة لا مثيل لها، وهي تنذر بازدياد طبقة الفقراء والمحتاجين في بلادنا، وتمعن السلطة الحاكمة في تحدي إرادة الناس بالاستمرار في التجنيس، والتي بحت أصوات الشرفاء في وطننا  وهي تطالب بأن توقف هذا الفعل الذي لا تقوم به أي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، وهي التي تمتلك ثروات وموارد مالية كبيرة وأراضي شاسعة . نعود إلى من يعرفون بنواب الموالاة الذين لا نعرف هل يمثلون ناخبيهم الذين أوصلوهم إلى قبة البرلمان، أم يمثلون أنفسهم وجماعتهم، فنراهم يتسابقون من أجل الظفر بغنائم من السلطة .  لذا لا يستغرب المرء من هؤلاء وهم الذين يطالبون السلطة بحل البرلمان كمخرج لأزمة الاستجواب، والبعض ذهب بعيداً بتأييده ما قامت به مؤسسة الحكم في بلادنا بحلها المجلس الوطني في عام 1975، والأكثر من هذا يعاتب أعضاء المجلس الوطني لرفضهم قانون أمن الدولة السيئ الصيت.  والبعض الآخر من أعضاء مجلس النواب شغله الشاغل إثارة النعرات الطائفية والمذهبية في المجتمع وتنشر له بعض الصحف المحلية بدلاً من رفض تلك الدعوات السيئة لصب الزيت على النار، فهؤلاء الطارئون في الحياة السياسية يتحكمون في إرادة الناس ويفرضوا عليهم أجندتهم الطائفية البغيضة، والحكومة تصفق لهؤلاء الطائفيين وتغدق عليهم الأموال والعطايا.

خاص بالتقدمي