المنشور

الغلاء يورث الفقر

تزداد يومياً وتيرة الغلاء بشكل تصاعدي مخيف، إذ ما أن يشتري المواطن اليوم حاجة معيشية ماسة بسعر غال معين، حتى يجدها ذاتها قد ازداد سعرها بنسبة مئوية عالية جداً.
 
خذ مثلاً الألبان ومشتقاتها،  فاليوم تشتري الحليب المجفف المعبأ بكيس نايلون بسعة 2.25كجم بمبلغ 3.990د.ب، حتى تفاجأ غداً بسعره الجديد البالغ 5.125د.ب، هذا عند أرخص البرادات والأسواق، وكذلك مسحوق صابون الملابس touch من الماركات الرخيصة نسبياً، فبالأمس عبوتان من وزن 2.350 كجم بسعر 1.750د.ب، واليوم بسعر 2.190د.ب، والرز ماركة rose  من 9.200د.ب، إلى 15.500د.ب، حيث صرح أحد كبار مستوردي المواد الغذائية، بأن أسعار الرز ستزداد بمعدل 36% ، والزيوت النباتية بمعدل كبير جداً خلال الأيام القليلة القادمة وكذلك جميع المواد الأخرى.
 
كنت قبل أيام عند أحد الأصدقاء من باعة قطع غيار السيارات، فجاءه شابان يسألانه عن نوع من بطاريات السيارات بقوة 40 أمبير، فأفادهم بعدم وجود ذلك النوع لأن سعره مرتفع جداً وان هناك البديل الأرخص نسبياً، فسألاه عن السعر وكان جوابه أن سعره كان قبل فترة وجيزة -/9 د.ب،والآن -/22د.ب. بشرط أخذ البطارية القديمة من المشتري لبيعها على السكراب، وضرب مثلاً على ذلك سعر البطارية بقوة 65 أمبير من نوع rocket حيث كان سعرها حتى يوم 2/7/2007، بقيمة -/23د.ب، لكنها زادت إلى -/38د.ب، بتاريخ 14/2/2008، أي بزيادة مقدارها 75% ، ثم أخذ يعدد بعض الأمثلة على ارتفاع أسعار قطع الغيار هذه الأيام مقارنة بالسابق القريب، وهذا ينسحب على الأدوية التي ارتفعت أسعارها كحد أدنى بمقدار 15% منذ بداية هذا العام 2008، وكذلك أسعار المواد الإنشائية التي ترتفع بوتيرة شبه يومية وتتبعها أسعار المقاولات الإنشائية.
 
أما عن أسعار الأراضي، فحدث ولا حرج حيث بلغ أكثر من عشرة أضعافه خلال سنوات قليلة، ومما زاد في هذه الأسعار،  قلة وبطء المشاريع الإسكانية اللازمة لمواكبة تطور نمو المجتمع سكانياً وكذلك التجنيس العشوائي وفتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمار الأجنبي في مجال العقارات الإسكانية، ما حدا بالعديد من الكتاب والصحفيين البحرينيين المهتمين بالشأن الوطني، أن يرفعوا صرخاتهم الغضبى ضد سياسة التجويع والفقر، ففي مقال بعنوان ” أين العدالة الاجتماعية” المنشور في جريدة الوسط البحرينية بعددها المرقم 1964 في 22/1/2008م، تتساءل الصحفية ريم خليفة قائلة ” عندما نعيش في ظل أنانية بعض المسئولين، فأننا لا نستطيع أن نطالب المواطنين بشد الأحزمة أو الاستمرار في العطاء والتضحية مادام هناك شعوراً بعدم القدرة على مواكبة متطلبات المعيشة بما يتناسب والبحرين كدولة خليجية……

إن ما يطلبه المواطن يتمثل في نعمة الحقوق، راحة البال بالنسبة إلى الجانب المعيشي، والمشاركة الفعلية بالنسبة إلى الجانب السياسي، والعدالة الاجتماعية بالنسبة لتوزيع الثروة، ولكن ما نراه هو أن الفقير يزداد فقراً والغني يزداد غنى، والطبقة الوسطى تنكمش باستمرار لتلتحق بالطبقات الدنيا داخل مجتمعنا.

 حالياً لا يهنأ بالعيش إلا نفراً قليل، وهناك بعض من هذه القلة استطاعت العيش بوفرة من خلال التملق والعيش على العطايا جراء خدمات النفاق، وهذا النوع هو الذي يزداد ثراءً يوماً بعد يوم، وهو المقرب للدولة في كل شيء وهو الذي يتسلم المناصب والتعيينات التي لا يمكن أن يتخيلها المواطن العادي….الغريب أن الجهات الرسمية لا تبخل على فئات معينة وتبذر الأموال في كل جانب، ولكنها تتردد ألف مرة إذا كان الأمر يتعلق بكل الناس….أين العدالة الاجتماعية في هذا البلد؟ “.
 
آن الأوان وبدون إبطاء،  أن يبادر أعضاء مجلس النواب المفترض تمثيلهم للشعب، فوراً وبلا مماطلة أو تسويف، بوضع حد عاجل لما يعانيه المواطنون من إجحاف بالحقوق ومن استنزاف لمداخيلهم الضعيفة والقليلة  أصلاً.
 
أن أصحاب الكروش والهوامير  وعازفي طنبور التملق والقائلين بأن كل شيء على ما يرام، يتاجرون بآلام الناس ويجمعون المال، تاركين حبل الغلاء على غارب الأرصدة.
 
أن البحرين الحبيبة وطن لجميع الطيبين المخلصين والحريصين على سيادة السلم الأهلي، وهي تدعونا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن نتوحد بكل مكوناتنا المتآخية وطوائفنا الكريمة، وأن نصد عنها غائلة الاحتقان والتمترس الطائفي والعرقي البغيض، وصولاً إلى دولة المشاركة والقانون والوحدة الوطنية.
 
إضاءة 
 
أيها الناس إذا رمتم  مـــرادا                       فاقدحوا من جذوة الوعي زنادا
واستعيدوا وحدة العشق فما                        خاب صف برؤى الحق تنادى
فستسقينا عــذاري حــبـــها                        ويشيع العدل في النـــاس ودادا

خاص بالتقدمي