المنشور

الحوار الوطني هدف سامي

تزداد أهمية الحوار الوطني في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها  بلادنا والمنطقة، للتصدي للنزعات الطائفية والعصبوية والفئوية التي ازدادت في السنوات الخمس الأخيرة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، وما نتج عنه من تداعيات خطيرة تهدد الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي بين طوائف وتكوينات المجتمع المختلفة، وتنذر بتصاعد قوي التطرف والغلو في المجتمع على حساب قوى الاعتدال والتسامح والتعايش. تغذي هذا الاتجاه أطراف مسئولة في الدولة وتعمل جاهدة على استمراريته، بدلاً من التصدي له ونشر ثقافة الحوار الوطني والتعددية الفكرية والسياسية واحترام الرأي والرأي الآخر ، وأن يؤسس لدولة القانون والمؤسسات. الذي يجري في مجتمعنا غير ذلك ويساهم في توتير الوضع الطائفي في البلاد، وللأسف فإن البعض من رجال الدين بدلاً من أن يطفئوا النار، يزيدوها اشتعالاً بصب الزيت عليها، وبدلاً من أن يلعبوا دوراً توحيدياً وطنياً، يؤجج البعض منهم النعرات الطائفية والعصبية. إن ذلك يتطلب تضافر جهود الجميع في توحيد فئات وطوائف واتجاهات المجتمع المختلفة وتعزيز روح المواطنة لدى الناس، وأن يقر الجميع بإن الوطن فوق الطوائف والمذاهب ، فالوطن يأتي قبل الطائفة والقبيلة، وأن يتحاور الفرقاء ، قوى سياسية ومنظمات للمجتمع المدني ، وحكومة ويتفقوا على قواسم وطنية مشتركة تحافظ على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي المتداخل في مجتمعنا. إن وجود الاختلاف والتباين في الآراء والتوجهات تجاه قضايا الوطن المتعددة لا يعني بأن تتخندق وتتمرس كل فئة مجتمعية وراء طائفتها أو قبيلتها لتشق الصف الوطني، وتنشر سموم الطائفية والفرقة في المجتمع من أجل تحقيق مكاسب نفعية وفئوية على حساب وحدة الشعب والوطن، وتعريض البلاد والعباد لمزيد من الاحتقان الطائفي البغيض وتكريس مفاهيم التمييز بين فئاته وطوائفه. إن القوى الاجتماعية تختلف في نظرتها لجملة من قضايا الوطن، وطرق معالجتها ومقاربتها الواقع المجتمعي، وقد لا تتفق فيما بينها، فهذا لا يعني بأن تلجأ إلى الطائفة، تستقوي بها لتحل قضاياها ومشاكلها، فبمثل هذه الأساليب تقوم بتكريس مفاهيم الطائفية والتمييز بين فئات المجتمع، وهنا مكمن الخطورة في هذا الفهم والرأي الذي يؤسس لثقافة الفرقة والفتن والتراشق والتباعد في المجتمع. إن ما يحدث في مجتمعنا نتيجة لعوامل وأوضاع عديدة مر بها الوطن من أحداث وتداعيات وتداخلت معها التأثيرات الإقليمية وكان آخرها الاحتلال الأمريكي للعراق وما جرى فيه، وتكرس الوعي الطائفي بدلاً عن الوعي الوطني، وعملت جهات عديدة في ترسيخه في أذهان الناس، وأصبح كل شيء يُنظر له بمنظور طائفي ومذهبي. إننا في حاجة ماسة لمزيد من الحوارات الوطنية ليتبادل الفرقاء فيما بينهم الرأي حول قضايا الوطن المشتركة، ويتعرف كل منهم على الآخر عن قرب، وتتعزز الثقة فيما بينهم. وغني عن القول أن الحكومة قبل غيرها من قوى المجتمع المختلفة تستطيع التخفيف من التوترات والاحتقانات الطائفية عندما تتجه نحو ترسيخ المفاهيم والأسس الوطنية وتبتعد عن سياسة المحاصصة الطائفية في التوزيع الوزاري أو في عملية التوظيف في وزارات ومؤسسات الحكومة، وأن تؤكد على أهمية توفر الكفاءات والمؤهلات العلمية قبل أي شيء آخر.  ويقع عبء كبير في ذلك على عاتق وزارتي الإعلام والتربية والتعليم في نشر وتدريس مبادئ وقيم الوحدة الوطنية والابتعاد عن المفاهيم المذهبية والطائفية ، وان تتوقف الحكومة عن الاستمرار في سياسية التجنيس التي تشكل خطورة على مستقبل هذا الوطن وأجياله وتهدد وحدته الوطنية، وأن تكرس روح المواطنة الحقة لدى الناس من خلال نيلهم حقوقهم التي تدخل الثقة والطمأنينة في نفوس الناس على حاضرهم ومستقبلهم وليس من خلال سياسية المكرمات والعطايا، وأن تعمل على تأسيس مجتمع عصري مدني ديمقراطي تسود فيه المساواة والعدالة الاجتماعية.
 
في مجال حقوق الإنسان: 
يؤكد البرنامج السياسي للمنبر أهمية  العمل على تكريس دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان القائمة على التعددية السياسية، والتأكيد على ضرورة توسيع الحريات العامة وصيانة حرية التفكير والتعبير وحق التنظيم، وحرية الصحافة والنشر، وتفعيل ما نص عليه الدستور بهذا الخصوص، والعمل على إصدار التشريعات اللازمة، لتنظيم مثل هذه الحقوق والحريات، كقانون الصحافة والنشر والأحوال الشخصية والنقابات المهنية وغيرها، على أن لا ينال هذا التنظيم من جوهر الحقوق والحريات التي تنظمها هذه القوانين. لكي يسود القانون في المجتمع على الجميع على الدولة أن تلتزم بمواد الدستور وميثاق العمل الوطني في الممارسة الفعلية لهما، وأن لا تنتهك حقوق الإنسان وتهان كرامته وآدميته ، وأن لا يساق إلى غياهب السجون والزنازن بسبب آرائه الفكرية أو السياسية ، وأن لا يمارس عليه التعذيب الجسدي والنفسي، وانطلاقا من ذلك ، نرى في التجاوزات التي حدثت للمتهمين في أحداث ديسمبر 2007، والمعتقلين حتى هذه اللحظة، انتهاك واضح لهذه الحقوق. فالتعذيب الذي مورس ضدهم يشكل تراجعاً عما تمّ إنجازه في بداية الانفراج السياسي في البلاد في فبراير2001، وإساءة للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك وتأجيجاً لمناخ الاحتقان السياسي والأمني في البلاد، وفي بداية الأمر لم تتوفر الضمانات القانونية للمتهمين ولم تسلم التقارير الطبية بالسرعة المطلوبة لأعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين من المحامين . إن التعاطي بإيجابية مع قضايا حقوق الإنسان مطلب وطني وستشكل خطوة متقدمة إقدام الدولة على إغلاق ملف ضحايا التعذيب بالإقرار بالجرم الذي اقترف بحقهم وأن يتم تعويضهم معنوياً ومادياً ، وأن يتم الإسراع بتشكيل هيئة الإنصاف والحقيقة، وبالأخص بإن مملكة البحرين ، مرشحة لعضوية مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذي سوف تنعقد دورته في جنيف في أبريل القادم، لذا فإنها مطالبة بأن تبدأ صفحة جديدة في هذا المجال ، كما عليها بأن تسمح لجميع المواطنين بالعمل في وزارتي الداخلية والدفاع، وأن لا تحرم أبناء طائفة من العمل فيهما ، وأن تتوقف عن سياسة التمييز المتبعة في التوظيف في العديد من وزارات ومؤسسات الحكومة.  وعلى أعضاء مجلس النواب أن يلعبوا دوراً ايجابيا في تخفيف التوتر الطائفي في المجتمع ، بدلاً من تأجيجه ، وبالأخص عندما رفضوا إصدار قانون يجرم التمييز، وساهموا في توسيع الهوة بين الناس والمجلس.
 
خاص بالتقدمي