المنشور

أحكام الأسرة مرة أخرى

 

 

من الواضح إن قانون أحكام الأسرة الذي احتدم الجدل حوله في المجلس التشريعي مؤخراً دخل مرحلة المساومات السياسية وان هذه المساومات التي لم نعرف نتائجها بعد، أساسها كما هو واضح أما سحب القانون إلى اجل غير مسمى أو تأجيله بعض الوقت حتى يحين التوافق عليه أو يحظى كما يسمى بالتوافق المجتمعي والسؤال متى يتم هذا التوافق؟ وكيف؟ هذا مربط الفرس.
وفي جميع الأحوال عدم إقرار هذا القانون وبشكل عصري ستظل العديد من القضايا الشرعية في المحاكم مؤجلة او في حكم المجهول؟!
 قلنا في مقالة سابقة الحكومة عندما تبنت هذا القانون كانت أكثر التزاما بحقوق المرأة والاستقرار الأسري من المجلس التشريعي الذي تستحوذ على اغلب مقاعده كتلة الوفاق والأصالة الرافضتين لهذا القانون في صورته الحالية.
ومن الطبيعي اذا لم يتم الاتفاق على هذا القانون الواقع تحت تأثيرات ومبررات الضمانة الدستورية والمذهبية ورأي المرجعية والتقنين فإن تعثره اكبر الاحتمالات او اقل ما يقال عنه انه ربما في إعداد الموتى.
 المؤشرات التي تقودنا إلى هكذا نتيجة التهديد بالمسيرات والتظاهرة الرافضة لإقرار القانون من دون ضمانات دستورية والكل يتذكر ما حدث في عام 2005 عندما كانت هذه المسيرات الغاضبة تطالب بعدم تمرير هذا القانون!!
وهذا يعني أن التبريرات والحجج التي تتمسك بها القوى الرافضة لهذا القانون في البرلمان او خارجه لا تزال تؤكد ان المرأة في هذه البلاد رهن الوصاية من قبل القوى المتأسلمة.
حقيقة من خلال الجدل الدائر هذه الأيام حول هذا القانون نستنتج عدة استنتاجات.

أولها-  أن القوى الإسلامية البرلمانية مهما تباكت على الديمقراطية وحقوق الإنسان إلا إن مصالحها العقائدية والحزبية فوق كل شيء.

وثانياً-   ان هذا القانون طالما نصوصه وأحكامه مستمدة من الشريعة الإسلامية كما هو الحال في الدول العربية والإسلامية التي تعمل وفق هذا القانون.. اذن لماذا التهديد والوعيد وكل هذه الزوبعة؟!

ثالثا-     كلنا نأمل اقرار هذا التشريع وفق توافق مجتمعي ولكن على ما يبدو ولأسباب عقائدية وايديولوجية لم يحدث مثل هذا التوافق؟

رابعاً-   بصرف النظر عن اختلاف الآراء فإن سحب القانون كما تقترح الوفاق يعني هذه القوى المعارضة التي تدخل ضمن تحالفات المعارضة ها هي تعترض على حق من حقوق المرأة وبالتالي كيف التعاطي معها على هذا الصعيد؟ وبالإضافة إلى ذلك إن هذا الموقف كما يقول بعض النواب المؤيدين لهذا القانون سابقة لتأمين عرف خاطئ في مجلس النواب.

خامساً-  ليس هناك اخطر من تكريس الطائفية على مستوى القانون, وأهمية هذا القول ان الأصالة والمنبر الإسلامي مع إصدار قانون يخص الطائفة السنية وآخر للطائفة الشيعية ونعتقد ان هذه الدعوة تتناقض تماما مع مبدأ المواطنة وحقوق تلك المواطنة تشريعيا وقانونيا وهذا ما حذر منه الاتحاد النسائي وهوعلى حق.

وأخيرا رغم استمرار التجاذبات والمساومات حول هذا القانون فإن ما هو مطلوب تكوين رأي عام ضاغط من اجل إصدار تشريع عصري وموحد وهذا من مهمة القوى الديمقراطية والمنظمات النسائية الحريصة على حقوق المرأة ومنظمات ومراكز حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني الحية والحديثة الفاعلة.
بمعنى لا بد لدعاة حرية المرأة وحقوق الإنسان أن يبلوروا موقفا احتجاجيا سلمياً للدفاع عن هذه الحرية وهذه الحقوق ..
 
متى يتبلور هذا الموقف خارج حدود البيانات؟ هذا هو المهم في المرحلة الحالية.
 
الأيام 31 يناير 2009