المنشور

الزلازل المصرفية تعصف بالخليج


 
 
كانت البحرين، وعلى مدى ثلاثة عقود خلت، عاصمة مصرفية للشرق الأوسط فهي موطن لـ 150 بنكاً تستخدم أكثر من 14 ألفاً من الأشخاص.

وعلى أية حال، ففي جزيرة مغلقة ومجتمع يضم فقط 740 ألفاً من المواطنين، فإن حرمان أي مواطن بحريني من الإعالة يعتبر في نظر الكثيرين شكلاً من أشكال الخيانة والغدر الاجتماعي. وهكذا عندما انتشرت أخبار في أواخر الشهر الماضي بأن بنك الخليج الدولي الـ ( GIB )، قد استغنى عن 950 موظفاً من مركزه الرئيسي في البحرين، أي ما يعادل، تقريباً، خمس القوة العاملة هناك، فإن اضطراباتٍ عارمة اندلعت من قبل زملاءٍ موظفين في البنك البحريني ونشطاء نقابيين آخرين.

انتهي مستقبلنا

إلى ذلك تقول نرجس أحمد الحداد، وهي موظفة اتصالات في بنك الخليج، كانت تحضر لقاءً نقابياً حول التسريحات منذ أسبوع مضى: “لقد عملت لمدة أربع سنوات بأمانة وشرف في هذا البنك، وكنت اعتبره بمثابة بيتي الثاني، ولكنهم أنهوا أعمالنا في لحظة واحدة ولهذا لا بد أن أكون غاضبـة”.

وتقول منى الكوهجي، التي عملت كسكرتيرة في قسم التمويل الدائم: “لا أستطيع أن أتخيل بأنه لم يعد لدي عمل بعد الآن، ولدينا الكثير من الأشياء التي نخطط لها من أجل مستقبلنا، وأطفالنا، وانتهت، كلياً، الآن”.

رد الفعل النقابي

بدورها، تخطط نقابة المصرفيين في البحرين لسلسة مطولة من الاحتجاجات بسبب عملية التسريحات هذه. وتنوي قرع أجراس الإنذار لذلك. وطبقاً لما يقوله رئيسها خليل زينل، فإن كثيراً من البنوك في البحرين تخطط لعمليات فصل كبيرة خاصة بكل منها، وكان قد اطلع على قوائم بأسماءٍ تم تقديمها لوزارة العمل، وأردف بالقول: “إن هذا هو جزء من تسريحات مستقبلية ستتم عبر القطاع المصرفي, وإذا سـُمح بتمرير هذا الأمر، فإنه سيؤثر على البنوك الأخرى. فالغاية من احتجاجاتنا، هي أن نرسل إشارة إلى إدارات بنكية أخرى، بأن هذا الأمر غير مقبول بالمطلق”.

إخفاق ظالم

وبنك الخليج الدولي هو بنك استثماري، ومملوك بشكل مشترك، من قبل حكومات الدول العربية الست التي تشكل مجلس التعاون الخليجي، وهي تستثمر بشكل كبير في المشتقات المركبة، والصناديق الوقائية في الخارج، وقد تعرض لخسارة بلغت 396 مليوناً من الدولارات في العام الماضي، إضافة إلى خسارة أخرى بلغت 757 مليوناً، في العام 2007. وكان قد باع مؤخراً أكثر من نصف أصوله الخارجية إلى صناديق سيادية مالية للحكومات التي تمتلك الأسهم، كما قام بتقليص العديد من عملياته.
ويقول الرئيس التنفيذي الذي عيـّن في منصبه، مؤخراً، وهو الدكتور يحيى اليحيى ” ربما كان بنك الخليج الدولي الأكثر تعسفاً، والأكثر عالميةً في مستوى نشاطاته، ولكن وقع البنك، ولسوء الطالع، في شراك هذه الأزمة المالية، التي أفضت تالياً، إلى هذا الواقع المؤسف من حالات الفصل”.

إيجاد الوظائف

أصبحت البحرين العاصمة المصرفية في الشرق الأوسط، عقب اندلاع الحرب الأهلية في لبنان التي كانت تعتبر المركز السابق للأعمال المصرفية في الشرق الأوسط. ووجدت الحكومة في ذلك فرصة لفتح قطاع اقتصادي جديد، وسرعان ما سنت لذلك التشريعات اللازمة للأعمال المصرفية الداخلية كي تستجلب مؤسسات من جميع دول العالم التي أنشأت لها فروعاً في البحرين، متخذة من هذا البلد قاعدة لإدارة الثروة البترودولارية الخليجية. واليوم فإن الخدمات المصرفية تولـّد أكثر من ربع الدخل القومي البحريني. ويعتبر القطاع المصرفي من أكثر القطاعات أماناً للعمل في البحرين.

إن هذا غاية في الأهمية، لأنه لا يوجد بلد في الخليج، أكثر حساسية حيال قضية فقدان الوظائف من البحرين، فحتى أربعُ سنين خلت، كانت معدلات البطالة فيها تتجاوز الـ 15%. وكانت هناك احتجاجات مستمرة، وأعمال شغب بسبب نقص الوظائف. غير أنه، وفي هذه الأيام، فإن معدل البطالة هو تحت الـ 4% وساهم فيه، إلى حدٍ كبير، التوسع بقطاع الخدمات المالية، الذي يستخدم أكثر من 10آلاف مواطن بحريني. والسؤال هو فيما إذا سيــُدفع هذا المعدل مرة أخرى، للارتفاع نحو الأعلى، من خلال عمليات التسريح الجماعي عبر القطاع المصرفي.

النظر إلى نقاط الضعف

هل هناك بنوكٌ أخرى في البحرين مضطربة مالياً كما هو الحال بالنسبة لبنك الخليج الدولي؟ يجيب عن هذا السؤال روبيرت أيني، الرئيس التنفيذي لاتحاد المصارف البحرينية الأمريكي المولد، بالقول: “لا أعلم، ولكنك لو اطلعت على نتائج أرباب الأعمال المصرفيين في البحرين ستراها راكدة. ومن هنا فإن قضية تخفيض نفقات الموظفين للعودة إلى الربحية هي غير واردة الآن. غير أن نقابة المصرفيين تقول بأن هناك عدداً من البنوك الأخرى، وتعمل فقط كبنوك استثمارية مستقلة، لكنها تكابد، هي الأخرى، من نفس الورطة.

وهناك اثنان من البنوك الاستثمارية المملوكة لسعوديين، ومقرهما في البحرين، وهما الأول Awal ، والشركة المصرفية الدولية، وكل منهما ينوي القيام، حالياً، بعملية إعادة هيكلة للديون. فالأول كان قد خفض من معدلات الائتمان إلى حدودها الأدنى، فيما تخلفت الشركة المصرفية الدولية عن تسديد ديون في الشهر الماضي.

من حق النقابات البحرينية المصرفية قرع أجراس الخطر بشأن المشاكل المتنامية في القطاع المصرفي البحريني، ولكن السؤال: هل ستفلح هذه الاحتجاجات في فعل أي شيء بهذا الخصوص؟ 



 
الكاتب : Jeremy Howell
ترجمة نضال نعيسة

العنوان الأصلي اضطرابات في مركز الشرق الأوسط المصرفي

http://news.bbc.co.uk/2/hi/business/8099919.stm