المنشور

ما الجـديـد !


عدت إلى البحرين بعد غياب شهر كامل وأنا متلهف لأخبارها، وفي جولة لتخليص بعض المعاملات الحكومية مررت بدرك من مختلف الجنسيات التي قل ما وجدت البحرينية بينها.
 
كنت في وزارة الخارجية لتصديق عقد زواجي الاجنبي حين سألني شرطي “أجنبي” بلكنة عربية ركيكة (أشلك بالاجنبية بنت ديرتك أولى). قلت في قلبي ياليتك تسمع هذه الجملة لحكومتنا الرشيدة، لمست ميدانياً خلال جولتي ما يعرف بظاهرة التمييز الطائفي، دوائر حكومية صبغت عن بكرة أبيها بطائفة معينة، فيما كانت أخرى مثالاً للقرية الكونية!
 
تداولت أخبار الصحف “القنبلة” التي فجرها وزير الإسكان حول إسكان النويدرات مطيحاً بأحلام مئات الاسر البحرينية، وشخصياً لم أعرف بعد إذا ما كان المشروع مخصصاً لأهالي قرية نويدرات أم لإمتدادات القرى، أم أنه يعتمد الأقدمية، أم أن أحدهم عبث بالخارطة فأثار فتنة مذهبية!
 
وفي أروقة المحكمة الشرعية شهدت عشرات من تدافعوا إليها لإثبات نسبهم البحريني وهم يحملون هويات شكلت مثالاً لمفهوم الأممية!.
 
على الساحة الشيعية كان الوضع مثيراً ففي غمرة التنافس على زعامة الطائفة بين (العلمائي – حق – الوفاء- الشيرازية) وبعد سلسلة الانتقادات المتوالية التي تعرضت لها كتلة الوفاق النيابية المحسوبة بطبيعة الحال على المجلس العلمائي، ظهر إلينا الشيخ حيدر الستري بتصريح مدروس أراد منه تبجيل زعماء الطائفة حد القداسة في محاولة يائسة لإخراس المنتقدين.
 
فيما تداعيات الازمة المالية ما زالت مستمرة: فصل العديد من العمال والموظفين، توظيف عدد من الخريجين الجامعيين بأجور أقل ما توصف به بالمتواضعة، تظاهرات خجولة منددة بالفصل، أما الأسعار فهي الوحيدة التي ما زالت تعلو بعزتها دون إكتراث.
 
المعارضة باتت معارضات فبعد أن جعلتها الحكومة تؤمن بالحكمة القائلة: الطعن في الميت حرام، باتت تطعن بعضها بعضا، وقد بح صوت التقدمي وهو ينظر لأهمية وحدة التيار الديمقراطي وهو يعي تمام الوعي أن الحديث عن هذا الوضع مؤجل لحين الإنتهاء من إستحقاقات الانتخابات البرلمانية القادمة في عام 2010م التي ستؤول وفق المؤشرات الموضوعية إلى تكرار سيناريو 2006.
 
إذا فالحديث عن الإصلاح السياسي يحتاج إلى إصلاح في المفاهيم  ينطلق من معالجة الوضع الشكلي للاصلاح السياسي تحول إنعاش للوضع المعيشي يكفل تحسين الأجور وتوفير السكن الملائم لينتقل بعد ذلك إلى إصلاحات سياسية تدريجية تواكب جرعات الثقافة الديمقراطية التي سيكتسبها الشعب – فقط حين يشعر بأنه آمن في وطنه ، وإذا ضاق بالناس ذرعاً من تجاهل الحكم لسلسلة الازمات المتوالية سيفتح الباب على كل الاحتمالات،بما فيها أسوأها.
 
خاص بنشرة التقدمي سبتمبر 2009