كنت أتحدث عن ذلك مع احد أعضاء الشورى من رجال الأعمال الشباب والذي منحته الدولة سيارة خاصة لم يكن في حاجة إليها فمنحها لأخيه، واقترحت عليه سؤالا افتراضيا “ ماذا لو قررت الحكومة رفع الدعم عن مجلس الشورى وجعلت رواتبكم رمزية فقط باعتبار أن الكثير منكم من شريحة التجار والمتقاعدين المرتاحين والممكنين مهنيا والذين لا يحتاجون لهذه الرواتب العالية والامتيازات والسيارات ومكافآت رفع المكانة ، فقال : اتفق معك، فأنا – وأتحدث عن نفسي- لا احتاج لهذا الراتب الذي يدخل في حسابي ولا المسه ولا ضير لدي لو انقطع او تقلص إلى مبلغ رمزي بسيط واعتقد ان بعض الزملاء الأثرياء والتجار يشاطرونني هذه الفكرة، كان الحديث قد بدأ عن الدعم المقدم من الحكومة للسلع والخدمات وغيرها وكيف يجدر رفعه وتقنيته وتوجيهه لمستحقيه لكنه امتد إلى أوجه الصرف والإنفاق العالية التي تستنزف ميزانية الدولة دون ان تنعكس بالفائدة على المواطنين.
مجلس الشورى المعيَن ذو طبيعة استشارية وصلاحيات محدودة تأسس في مطلع التسعينات وجاء الميثاق ليقول باستحداث نظام المجلسين، وترى المعارضة ان المجلس المنتخب الحالي يغني عن الشورى لأنه مكون حاليا من جناحين رسمي وشعبي “مؤيد ومعارض“ وان الغلبة فيه هي للجناح الرسمي، 23 نائبا مقابل 17 ، ولن تخرج انتخابات السنوات المقبلة عن نتائج مغايرة، وثمة من يرجح ازدياد وتنامي الكتلة الحكومية
كثيرون لا يرون في مجلس الشورى سوى مؤسسة مكونة من وجهاء واعيان وعلية قوم مرتبطين بالسلطة التنفيذية ومؤتمرين بأوامرها فحسب، صلتهم بالقوى السياسية الأخرى وبمجلس الشعب المنتخب وبالمعارضة داخل وخارج البرلمان ضعيفة وواهية، وكلا الطرفين ينظر الى الآخر بتوجس وريبة، واغلبهم لا يلتقي بزملائه في الغرفة التشريعية المجاورة إلا ضمن رحلات السفر الخارجية أوفي بعض اللجان المشتركة، لا يشاهدون في ندوات الجمعيات السياسية ولا يشاركون في القضايا السجالية والجدلية إلا تأييدا للموقف الرسمي وحتى لو نشط بعض أعضائه ومارسوا دورا في الحراك السياسي الدائر فلا يتعدى ذلك دور المتفرج السلبي.
لست من الناس الذين يستهينون او يقللون من دور مجلس الشورى في العملية التشريعية ورفدها بالتفاصيل والمعلومات والحقائق التي يمتلكها “ذوي الاختصاص والخبرة والعلم“ في مجالاتهم المختلفة كطبيب او مهندس او أكاديمي او إعلامي او رجل اقتصاد.
صحيح ما حاجة أعضاء مجلس الشورى لعروض التقاعد المغرية وجلهم من الممكنين وغير المحتاجين، ولأننا لا نشك لحظة واحدة في ولائهم ووطنيتهم وعشقهم للوطن وللوحدة والعدالة والمساواة ومساندة البلد في أزماته ودعم خزينته والتضحية بالغالي والنفيس في سبيله، نضم صوتنا إلى صوت النائب الشوري الذي أيد مقترح تقليص رواتب الشوريين وتحويلها إلى مبالغ رمزية، اسألوا أعضاء لجنة الشؤون المالية في البرلمان عن حصيلة الوفرة المالية المتحققة للخزينة جراء ذلك، إنها احد الحلول الرافدة لسياسة رفع الدعم القادمة وتوجيهها لمستحقيها.
الأيام 12 يناير 2010