المنشور

قراءة نقدية في مشروع قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات


انتهى مجلي النواب من مناقشة مشروع قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات وأحاله إلى مجلس الشورى. وهو مشروع مقترح من قبل مجلس النواب وقد أحاله المجلس إلى الحكومة التي إحالته إلي إدارة الشئون القانونية لصياغة أحكامه الصياغة القانونية المحكمة ثم إعادته الحكومة إلي المجلس مع مذكرة برأيها في أحكامه بتاريخ 7 نوفمبر 2007 .

والمشروع على غرار القوانين التي شرعت في الدول التي سبقتنا في سن مثل هذا القانون كان من المتعين عليه أن يضمن إتاحة المعلومات الموجودة لدى الدولة  إلي الصحافة والي الأفراد وأن ينظم عملية الحصول على هذه المعلومات انطلاقاً من أن المعلومات الموجودة لدى الحكومة هي من حق الناس، فمن الطبيعي أن يكون من حقهم الاطلاع عليها. وان الشفافية تتطلب حصول الأفراد على المعلومات الدقيقة في الوقت المناسب حتى يتمكنوا من المشاركة في شئون بلدانهم وفي اتخاذ القرارت العامة وانتخاب ممثليهم ومحاسبة المسئولين ممن يتبوءون المناصب العامة .

ويتكون مشروع القانون عند إحالته الى مجلس النواب من عشرين مادة تحدد أحكامها الجهات الرسمية الخاضعة للقانون ومسئولياتها في توفير المعلومات ومن له الحق في الحصول على المعلومات ، والشروط التي يجب توافرها في من يتقدم بطلب الحصول على المعلومات والإجراءات التي يجب عليه إتباعها للحصول على المعلومات .

 كما يحدد مشروع القانون نوع المعلومات التي تعد سرية مستثناة من حق الاطلاع ويسمى الجهة المناط بها مراقبة تطبيق أحكام القانون ونفاذه على مستوى الدولة وكل جهة فيها واختصاصاتها .

وقبل مناقشة مواد المشروع نود أن نناقش رأي إدارة الشئون القانونية في مسمي القانون التي رأت حذف كلمة (ضمان) من المسمى مُرجعة ذلك إلي أن القانون لا يقتصر على ضمان حق الحصول علي المعلومات وإنما ينظم الحق في الحصول عليها بما فيه ضمان ذلك. 

وهذا الرأي  الذي لا يفرق بين تنظيم الحق وضمانته غير دقيق والدليل أن دستور البحرين تنبه الى هذه المسألة فميز بينهما في المادة 31 منه . فقد اشترط الدستور فيما يتعلق بتنظيم الحقوق والحريات أولا أن لا يتم ذلك إلا بموجب قانون آو بناء عليه، وثانياً أن لا ينال التنظيم من جوهر الحق والحرية .

لذلك فان  جميع القوانين التي شرّعت لتنظيم الحريات والحقوق العامة في فترة قانون أمن الدولة مثل حرية التجمع السلمي, حرية تكوين النقابات وغيرها قد شرعت على حساب الحريات ذاتها ، فقد قيد التنظيم ممارسة هذه الحريات وجعل حرية ممارستها رهناً بموافقة الجهات الأمنية التي تشددت في السماح بممارسة هذه الحقوق والحريات وصادرتها.

لذلك فإن  تسمية القانون ليست من الشكليات وإنما هي عنصر جوهري في تفسير القانون وتطبيقه. فإذا كانت التسمية ضمان حق الحصول علي المعلومات فإن إرادة المشرع هنا واضحة وجلية وهى أن المسألة الأساسية بالنسبة للقانون هي ضمان حق الحصول على المعلومات على أوسع مدى بحيث تكون الاستثناءات من هذا الحق أي حظر كشف المعلومات قي أضيق صورها ولا يتوسع في تفسيرها على حساب ضمان حق الأفراد والصحافة في الحصول على المعلومات التي هي الغاية الأساسية لسن هذا القانون .

وقد حددت المادة 1 من المشروع الجهة الخاضعة لأحكام القانون فسمت الوزارات والهيئات العامة والمؤسسات والدوائر الحكومية والشركات التي تتولي إدارة المرافق العامة. ونرى أن تكون الجهات الخاضعة لأحكام القانون هي ذاتها الخاضعة لرقابة ديوان الرقابة المالية وهى كل الجهاز الإداري للدولة  إضافة الى مجلسي الشورى والنواب والمجالس البلدية والمؤسسات الاعتبارية العامة التي للدولة أو للمؤسسات العامة حصة في رأسمالها تزيد على 50 %.

وبالنسبة  للشروط والآلية التي وضعها مشروع القانون للحصول على المعلومات فقد  نص على أن يتقدم طالب المعلومات بطلبه الى الشخص المسئول وهو حسب المشروع الوزير أو من يمثله وأن يحدد في طلبه ” بدقة ووضوح ” موضوع المعلومات التي يطلبها . وللجهة المقدم لها الطلب أن تطلب آية بيانات أخرى تراها ضرورية لإجابة الطلب . كما اشترط مشروع القانون أن تتوافر لدى المتقدم للحصول علي المعلومات ” المصلحة المشروعة والمباشرة ” في طلب تلك المعلومات .

وعلي الجهة المقدم لها الطلب الرد عليه خلال ثلاثين يوماً ابتداء من اليوم التالي لتقديمه وفي حالة الرفض يكون قرارها مسبباً. ويعد فوات المدة المذكورة دون رد بمثابة رفضاُ لهذا الطلب .

ويلاحظ هنا  عدم استفادة مقدم مقترح القانون  من تجارب الدول الناجحة التي سبقتنا في سن هذا القانون. فقد كان من الضروري أن ينص القانون علي  إلزام كل جهة خاضعة لأحكامه على تعيين موظف مختص بتقديم المعلومات يكون حلقة اتصال بينها وبين طالبي المعلومات.وإلزامها بحيازة نظام وبرامج لترتيب المعلومات والسجلات والأرشيف يسهل استخراج المعلومات بالوسائل التقنية. وإلزامها بعمل دورات لموظفيها تبين أهمية حق الحصول على المعلومات وكيفية حفظها والسبل الأسرع لاستخراجها .

ولم يوفق مقدمو  الاقتراح عندما ضمّنوا المشروع  النص على إلزام مقدم الطلب بتعيين  موضوع المعلومات ” بدقة ووضوح ” وأعطوا الجهة المقدم لها الطلب الحق في طلب أيه بيانات أخرى تراها ضرورية لإجابة الطلب . فقد يكون ذلك مبرراً للجهة المقدم لها الطلب في رفض الكثير من الطلبات في حين كان يتعين إلزام الجهة المقدم لها الطلب بتقديم المساعدة للراغبين في الحصول على المعلومات في تقديم طلباتهم وإكمالها كما تنصح المبادئ الدولية في هذا الشأن .

ولم يوفق كذلك مقدمو المقترح بتضمين مشروع القانون  نصاً يقضى باعتبار الطلب مرفوضاً  بانقضاء المدة المحددة دون الرد من قبل الجهة لمقدم لها الطلب. فقد ألغى هذا النص عملياً ما نص عليه المشروع من إلزام الجهة بتسبيب قرارها في حالة رفض الطلب المقدم إليها .

ولقد  أفرغ مقدمو المقترح مشروع القانون من محتواه عند ما  ضمنوه النص علي اشتراط “توافر المصلحة المشروعة والمباشرة” في طلب المعلومات لدي مقدم الطلب. لأن هذا الشرط يتعارض مع المبادئ والأسس التي سن على أساسها القانون وهي الشفافية، وأن المعلومات الموجودة لدى الحكومة هي من حق الناس فمن الطبيعي أن يكون من حقهم الاطلاع عليها ومبدأ الاجتماعات المفتوحة التي تعتبر اجتماعات الحكومة مفتوحة ومن حق الناس معرفة ما يدور فيها.

فالمصلحة  تعني المنفعة القانونية التي يحصل عليها الشخص من القيام بعمل معين. فمثلاً المصلحة في رفع الدعوى هي المنفعة القانونية التي يجنيها المدعي من الالتجاء للقضاء، سواء كانت هذه المنفعة القانونية مادية أو أدبية كبيرة أو تافهة. وتعد المصلحة هنا شرط لقبول الدعوى فلا تقبل الدعوى إذا لم يكن لدى رافعها مصلحة في رفعها، ويقال تعبيراً عن ذلك بأن لا دعوى بغير مصلحة وبأن المصلحة مناط الدعوى.

والمصلحة  تكون هنا إما قائمة وحالة وقت رفع  الدعوى وإما أن تكون مصلحة محتملة ويكون الغرض من الدعوى الاحتياط لدفع الضرر أو الاستيثاق لحق قبل زوال دليله. مثال أن يرفع شخص بيده محرر عرفي دعوى علي الشخص الذي اصدر له هذا المحرر ليقر هذا الأخير بأن المحرر بخطه أو بإمضائه أو بصمته ، وذلك قبل أن يحل الالتزام الوارد بالمحرر.  أي أن الالتزام لم يصبح بعد واجب الأداء من قبل الشخص الذي اصدر المحرر، ولذلك فأن مصلحة المحرر لصالحه المحرر لم تصبح بعد قائمة وحالة .

ولا يكفي فقط  أن يكون لذي الشخص مصلحة بل يجب  أن تكون له مصلحة شخصية مباشرة ،  بمعنى أن يكون رافع الدعوى هو نفسه صاحب الحق المراد حمايته أو من يقوم مقامه  كالوكيل بالنسبة لموكله .

إذن فبحسب  هذا الشرط فإن المتقدم بطلب الحصول على المعلومات يجب أن تكون للمتقدم للحصول عليها منفعة قانونية سواء مادية أو معنوية في الحصول عليها،  وأن تكون هذه المنفعة له شخصياً وليس لشخص آخر حتى لو كان قريباً وأن تكون هذه المنفعة مشروعة أي منفعة يقرها القانون بشكل عام وله بشكل خاص أيضاً
 لذلك يجب أن يلغى هذا النص من مشروع القانون  وإلا فأن 90 % من الطلبات التي ستقدم سترفض بناء على عدم توافر المصلحة المشروعة والمباشرة في طلب هذه المعلومات لدى المتقدمين للحصول عليها.

إن حق الحصول علي المعلومات هو حق أساسي من حقوق الإنسان مثله مثل الحق في التعليم  والحق في حرية التنقل فهذا ما أقرته الأمم المتحدة. فلا يتصور أن يسأل المرء لماذا يريد أن يتعلم أو لماذا يريد أن ينتقل من مكاناً الى آخر ولهذا السبب أيضاً لا يجب أن يسأل المرء لماذا يريد أن يحصل علي المعلومات. من الضروري أن تكون هناك شفافية في المعلومات وأن يكون من حق كل شخص الحصول علي المعلومات دون أن يذكر الأسباب. هذا هو المعمول به في الدول الديمقراطية، ففي هذه الدول تعد المعلومات الموجودة لدى الحكومة هي من حق الناس فمن الطبيعي أن يكون لهم الحق في الاطلاع عليها .

وفيما يتعلق  بالمعلومات التي يمكن الحصول عليها  نص المشروع على عدم جواز طلب  المعلومات التي تحمل طابع التمييز الديني أو العنصري أو العرقي أو بسبب الجنس  أو اللون. وفي هذا الشأن أيضاً  ميز المشروع بين نوعين من المعلومات “معلومات مصنفة” بمعني مصنفة  علي أنها سرية وأخري غير مصنفة. كما أورد مشروع القانون في المادة 10 منه قائمة من الاستثناءات من حق الاطلاع والتي لا يجوز طلب الحصول عليها فهي مستثناة من حق الاطلاع .

فبالنسبة لاشتراط عدم جواز طلب المعومات التي تحمل طابع التميز الديني أو العرقي أو بسبب الجنس أو اللون، فعوضاً علي انه يفترض وجود معلومات من هذا النوع وهو ما يتعارض مع الدستور كما تقول مذكرة الشئون القانونية، فأنه في حالة وجود مثل هذه المعلومات فأن من الضروري بل ومن الواجب الكشف عنها لمعرفة ما إذا كانت تدل علي وجود سياسة للتمييز على أساس الدين او الجنس أو العرق أو اللون من اجل معالجة وإصلاح هذه السياسات ومحاسبة المسئولين عنها والكشف عن المتورطين فيها وتقديمهم للمحاكمة إذا لزم الأمر.  وهذه هي احد الأسباب الرئيسية من وراء سن هذا القانون .

أما بالنسبة  لمسالة تصنيف المعلومات علي أنها سرية ومستثناة من حق الاطلاع فإنها يجب أن تخضع للضوابط والشروط التي ينص عليها مشروع القانون في المادة 10 منه علي سبيل الحصر وبحيث أن لا يتم التوسع في تفسير هذه الاستثناءات وان لا يتم بالإضافة إليها الإحالة على القوانين النافدة في هذا الشأن .

فإذا كان  الهدف المفترض من سن القانون هو تأمين الشفافية في المعلومات وضمان  الحق في الحصول عليها فعلياً، فمن  الضروري أن لا يحيل القانون تصنيف المعلومات إلي القوانين النافدة وان ينص علي الضوابط والشروط التي تصنف  علي أساسها الوثائق والمعلومات على إنها سرية، بحيث تكون هذه الضوابط المنصوص عليها في القانون هي الشروط الوحيدة التي تتم علي أساسها عملية التصنيف .

 فإذا كانت  المعلومات التي تتضمنها الوثيقة تدخل ضمن نطاق الضوابط التي وضعتها المادة 10 من القانون لاستثناء المعلومات من حق الاطلاع ، فإنها تعد في هذه الحالة وثيقة سرية وتصنف على أنها سرية. أما إذا لم تدخل المعلومات التي تتضمنها ضمن هذه الضوابط فإنها لا تعد وثيقة سرية ولا تصنف على أنها وثيقة سرية حتى لو كانت مصنفة كذلك بموجب القوانين النافدة.
وهذا الحكم  يتفق مع التفسير الصحيح للقوانين الجديدة التي تصدر لتنظم مسائل سبق تنظيمها بموجب القوانين النافدة. ففي هذه الحالة فأن أحكام القوانين الجديدة ان تعيد تنظيم هذه المسائل وهي بذلك إما أنها تلغي صراحة أحكام القوانين السابقة بالنص على إلغاءها وإما أنها تنسخ هذه الأحكام فتعد هذه الأحكام لاغية ضمناً.

لذلك ففي  حالة وجود تنازع وتعارض بين أحكام القوانين النافدة وبين أحكام قانون ضمان حق الحصول علي المعلومات حول تصنيف الوثائق والمعلومات ما إذا كانت سرية ومستثناة من حق الاطلاع أم لا، فإن أحكام قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في هذه الحالة هي التي تكون نافدة .

فالمادة 10 من مشروع القانون وضعت قائمة من الاستثناءات من حق الاطلاع يجب أن تكون هي المرجع الرئيسي في مسألة تصنيف المعلومات على إنها سرية  . ومن هذه الاستثناءات المعلومات المتعلقة بالأسرار والوثائق المحمية بموجب أي تشريع آخر . ونرى إضافة [ ما لم تتعارض مع أحكام هذا القانون ] وذلك أولاً لأن الأصل هو الإباحة والحظر هو الاستثناء، وثانياً لأنه في حالة تعارض أحكام هذه القوانين مع أحكام هذا القانون فإن أحكام حق الحصول على المعلومات هي التي تكون نافدة كما سبق الإشارة .

ومن الاستثناءات أيضاً التي جاءت علي ذكرها المادة المعلومات التي يتم الحصول عليها باتفاق مع دولة أخرى. ونرى هنا إضافة [ إذا ما كان الاتفاق على إبقاءها سرية قبل منح أو تبادل هذه المعلومات ] لان تصنيفها سرية يجب أن يرجع إلي وقت منحها أو تبادلها وليس بعد ذلك لأنها في هذه الحالة تكون غير سرية فلا يجوز تصنيفها بعد ذلك علي انها سرية .

ومن الاستثناءات أيضا المعلومات المتعلقة بالأسرار الخاصة بالدفاع الوطني أو أمن الدولة  وسياستها الخارجية. والإشكالية في هذا النص أن مصطلح “أمن الدولة ” هو من المصطلحات الفضفاضة التي يسمح عند التطبيق بالتعسف في تفسيره علي هوى الجهات المعنية. لذلك لا نتفق مع جعل “أمن الدولة” ضابطاً أو شرطاً لتصنيف المعلومات على إنها سرية لأن هذا المصطلح لا يصلح أن يكون معياراً قانونياً لهذا التصنيف كونه لا يملك محتوى محدداً وثابتاً فهو مصطلح غير منضبط يصعب التوصل إلى تعريف واضح ومتماسك له بعيدا عن ما تراه الجهة المعنية بتطبيقه و تعتقده. ولذلك من الصعب إعطائه محتوى قانونياً منضبطاً فهو اقرب إلى أن يكون مصطلحاً سياسياً من أن يكون معياراً قانونياً . لذلك فإن مصطلح ” أمن الدولة ” لا يصلح معياراً لهذا التصنيف كونه يعطي للجهة المعنية حسب المحتوى الذي تمنحه للمصطلح عند تفسيره أن تتعسف في تطبيقه.

كما لا نتفق على  تصنيف المعلومات المتعلقة بالسياسة الخارجية للدولة على أطلاقاتها بالسرية . لذلك نقترح هنا إضافة [ إذا ما كانت تتعلق بالشئون الدفاعية المستثناة بموجب هذا القانون.

ومن المعلومات  المستثناة أيضا بموجب المادة 10 المعلومات المتصلة بالتحقيقات التي تجريها النيابة أو الأجهزة الأمنية بشأن أية جريمة أو قضية تدخل في اختصاصها أو يتعلق بتحقيقاتها تجريها السلطات المختصة للكشف عن مخالفات مالية أو بنكية ما لم تأذن الجهة المختصة بالكشف عنها .

ونرى إضافة  [إذا كانت هذه المعلومات متعلقة بهذه التحقيقات ومن شان الكشف عنها الأضرار بالتحقيق ] حتى يكون النص أكثر انضباطا.

وأخيراً من المعلومات  المستثناة أيضا المعلومات المتعلقة بالنظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة ولا نتفق مع هذا  الاستثناء لأنه لا يوجد إي مبرر ولا  نرى أي ضرر من أن تحصل الصحافة أو الأفراد على المعلومات المتعلقة بالصحة العامة أو الآداب العامة ما دامت تتعلق بالشأن العام للمجتمع . بل قد يكون من المفيد كذلك الكشف عنها لمعالجة أي سلبيات أو نواقص في هذا المجال. أما إذا كان المقصود حظر الكشف عن المعلومات التي تتضمن مساساً بحقوق الآخرين المادية والمعنوية أو سمعتهم وحرياتهم الشخصية فأن هذا الحظر قد نصت عليه الفقرة ( ى ) من المادة 10.

ولإيجاد جهة  مسؤولة عن الإشراف على نفاد القانون ومراقبة تنفيذ الجهات المعنية بتطبيق إحكامه على مستوى الدولة ، ولتظلم أمامها من قرارات الجهة المعنية برفض الطلبات المقدمة لها للحصول على المعلومات، نص مشروع القانون على تشكيل مجلس للمعلومات يتكون من مفوض للمعلومات وستة من الأعضاء يسمى من بينهم الرئيس ويتم تعيينهم جميعاً بقرار من مجلس الوزراء وبناء على اقتراح من وزير الاعلام . ويؤدي رئيس وأعضاء المجلس عند تعنينهم وقبل مباشرة عملهم القسم أمام رئيس الوزراء وتكون مدة عضويتهم في المجلس ثلاث سنوات قابلة للتجديد .

ولنا مآخذ كثيرة على طريقة تشكيل المجلس وتركيبته واستقلاليته خاصة عن السلطة التنفيذية . فتعيين أعضاء المجلس بقرار من مجلس الوزراء يفقد المجلس استقلاليته ومصداقيته في الوقت الذي يجب أن يتمتع المجلس باستقلالية تامة خاصة عن السلطة التنفيذية لكونها الجهة المطلوب من إداراتها وأجهزتها تنفيذ أحكام القانون . فلا يمكن أن تكون السلطة التنفيذية هي الخصم والحكم في آنٍ واحد.

لذلك نقترح أن يتبنى مشروع القانون الصيغة التي تشكل بها ديوان الرقابة المالية لتشكيل مجلس المفوض العام للمعلومات المناط به مراقبة تنفيذ الجهاز الإداري في الدولة لأحكام القانون. كما وان يكون له ذات الصلاحيات التي يتمتع بها ديوان الرقابة المالية مع الاختلاف في مجال كل منهما وان يرصد له من المخصصات المالية ضمن الموازنة العامة للميزانية حتى يتمتع بالاستقلالية المالية .

فتشكيل ديوان الرقابة المالية تم بموجب المرسوم رقم 16 لسنة 2002 بإصدار ديوان الرقابة المالية والذي نص علي إنشاء جهاز مستقل يتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الملك. ويتألف هذا الجهاز من إدارات وأقسام تحدد اللائحة التنفيذية عددها وتبين طريقة تشكيلها وتنظيمها واختصاصات كل منها وأسلوب سير عملها. ويرأس الديوان رئيس في رتبة وزير يعين ويعفى من منصبه بأمر ملكي المادة 23 . ويشرف الرئيس على أعمال الديوان الفنية والإدارية والمالية وعلى الموظفين به المادة 25 . ويكون لرئيس الديوان بالنسبة إلى موظفي الديوان الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح للوزير بالنسبة لموظفي وزارته. وتكون له السلطة المخولة لوزير المالية والاقتصاد الوطني فيما يتعلق بوضع تقديرات نفقات الديوان في الميزانية دون أن يخضع في ذلك لرقابة مجلس الوزراء أو وزارة المالية والاقتصاد الوطني أو ديوان الخدمة المدنية المادة 26 .

 وبالمناسبة  فأن هذه الصيغة تشبه إلى  حد بعيد الصيغة المقترحة لتشكيل  مكتب المفوض العام للمعلومات  في اليمن المقترحة بموجب مشروع  قانون ضمان حق الحصول على  المعلومات اليمني.

أما بالنسبة  لصلاحيات المجلس فأن مشروع القانون نص على جملة من الصلاحيات منها تسهيل الحصول علي المعلومات دون أن يذكر ما هي سلطاته للقيام بذلك. وأيضا النظر في الشكاوي واعتماد نماذج طلب المعلومات وإصدار النشرات والقيام بالأنشطة لتعزيز ثقافة الحق في المعرفة وأخيراً اعتماد التقرير السنوي حول إعمال حق الحصول على المعلومات.

كذلك لإفراد المشروع جملة من المهام والصلاحيات لمفوض المعلومات،  منها إعداد  القواعد والإجراءات المنظمة لقبول  الشكاوي ورفعها إلي المجلس للفصل  فيها، و إعداد نمادج طلب  الحصول علي المعلومات ، واقتراح  رسوم الخدمات التي تستوفيها الجهات ، وإعداد التقرير السنوي حول إعمال  حق الحصول علي المعلومات ورفعه  للمجلس، وأخيرا القيام بالإجراءات الإدارية والمهنية اللازمة لتنفيذ المهام والصلاحيات المناطة به .

ويلاحظ وجود ازدواجية في السلطة والصلاحيات داخل المجلس بين رئيس المجلس ومفوض المعلومات وهذه  واحدة من السلبيات العديدة التي وقع فيها مشروع القانون.  ويرجع السبب في ذلك إلى تركيبة المجلس وطريقة تشكيله وتوزيع المهام والصلاحيات في  داخله . حيث نص على تشكيل مجلس للمعلومات يتكون من مفوض للمعلومات وستة أعضاء يسمى من بينهم الرئيس وأيضا إلى تقسيم الصلاحيات بين المجلس وبين مفوض المعلومات كما سبق الإشارة.

لذلك فأن  تبني صيغة تشكيل ديوان الرقابة  المالية لتشكيل مكتب المفوض العام  للمعلومات سوف يزيل هذه الازدواجية  والتداخل في المهام والصلاحيات داخل المجلس وذلك بتوحيد منصبي الرئيس والمفوض المعلومات في  منصب مفوض  المعلومات .

إما بخصوص  الصلاحيات التي يجب أن يتمتع بها  المفوض العام للمعلومات بالإضافة الى تلك التي سبق الإشارة إليها حتي يتمكن من القيام بدورة علي أكمل وجه فيجب أن يمنح القانون لمفوض المعلومات الحق في الحصول على تقارير دورية من الجهات الخاضعة للقانون، تتعلق بالمعلومات الموجودة في حيازتها، وعدد الطلبات التي تم تقديمها لها للحصول على المعلومات، وعدد الطلبات التي تم رفضها وأسباب هذا الرفض. وكذلك النص على حق مفوض المعلومات أو من يفوضه في الدخول في أية مؤسسة عامة والتفتيش في سجلاتها وأوراقها التي لها صلة بالمعلومات المطلوبة والتحقيق مع أي موظف على انفراد بغية الوصول إلى المعلومات المطلوبة وإحالته إلى النيابة العامة من أخفى أو أتلف المعلومات أو عدّل فيها بشكل مخالف لحقيقتها بقصد التهرب من تقديمها تمهيداً لتقديمه للقضاء .

وكذلك النص على حق مفوض المعلومات في الاستيضاح من كبار مسئولي الدولة كالوزراء  وغيرهم عن سبب حجب المعلومات إذا كان هذا الحجب نتيجة لأوامر صدرت عنهم مباشرة. 

    وأخيرا أن يصدر مفوض المعلومات التقرير السنوي عن كيفية إعمال حق الحصول علي المعلومات علي مستوى الدولة وما هي العراقيل التي وقفت في وجه تنفيذه وما تعترضه من العراقيل وما يقترحه من قرارات وتوصيات ويرفع هذا التقرير إلي الملك والبرلمان .

وأخيرا فلقد شابت مشروع القانون الكثير من النواقص  والسلبيات فبالإضافة الى ما سبق ذكره فأن الكثير من أحكامه ونصوصه شابها الغموض والتشويش. كما غابت عنه الكثير من الأحكام الضرورية مثل الأحكام الخاصة بحماية الموظفين الذين يدلون بمعلومات تساعد على التحقيق في المخالفات والانتهاكات التي ترتكب ضد أحكام القانون وكيفية إنصافهم وتعويضهم عن أي ضرر قد يلحق بهم بسبب ذلك .وكذلك غاب عن مشروع القانون النص علي العقوبات الجزائية التي يمكن أن تتخذ بحق المسئولين الذين يقومون بحجب المعلومات خلافاً لأحكام القانون آو ممن يقومون بإعطاء معلومات مغلوطة بغرض تضليل مقدم الطلب آو القيام بأي فعل أو ترك يهدف من وراءه عرقلة أو منع تقديم المعلومات أو تنفيذ أي حكم من أحكام القانون .