المنشور

الفقراء…والأسعار


ما هي أولوياتك في الحياة أو المجتمع..  

لو طرح هذا السؤال على طريقة الاستطلاع على عينة من الأفراد في البلدان النامية أو الفقيرة، بما فيها بلداننا العربية والخليجية، والبحرين واحدة من تلك الدول، فالجواب سوف يأتي سريعاً وجاهزاً دون تفكير عميق، تحسين الوضع الاقتصادي، أي الوضع المعيشي.

فالفرد في المجتمع يريد أن يعيش حياة كريمة وهانئة مع أفراد أسرته ويريد أن يرى الابتسامة على وجوههم، وليس الكآبة واليأس، في عالمنا اليوم، وتحديداً في البلدان العربية والإسلامية وغيرها من البلدان، أصبح الفقراء وقوداً للمنظمات الإرهابية، إضافة إلى أسباب أخرى، ففي بلدنا البحرين، بدلاً من أن تتقلص الفوارق الطبقية ما بين الفئات الاجتماعية المختلفة، تزداد الهوة اتساعاً فيما بينهم.

فاليوم لا وجود لطبقة وسطي في المجتمع، تستطيع القول هناك أغنياء وفقراء، في ظل المستوى المعيشي المتدني للآلاف من المواطنين، وفي الارتفاع المستمر للأسعار في المواد الغذائية، القوت الرئيسي للفرد، أضف إلى ذلك المواد الاستهلاكية ومواد البناء، والرواتب لسنوات لا تتغير للمئات وربما الآلاف من المواطنين، وأن كانت هناك زيادات، فهي قليلة جداً، في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار.

 في مثل هذه الظروف المعيشية الصعبة، تريد الدولة أن ترفع أسعار البنزين  لتحمل المواطن أعباء مالية أضافية، وان أعلنت بأن الموضوع قيد الدراسة، فأنها أجلت الفكرة، أي لم تلغها، في الوقت التي توجد شركات وطنية تكبد الدولة سنوياً ملايين الدنانير، مثل طيران الخليج، حيث يذكر، الحساب الختامي الصادر عن الحكومة لعام 2008، بأن خسائر طيران الخليج من عام 2005 إلى عام 2008، 551.5 مليون دينار بحريني، وفي الوقت ذاته كانت مصاريف وزارة الصحة لنفس الأعوام 531.5 مليون دينار بحريني.

تصور أيها القارئ، خسائر تفوق مصاريف وزارة الصحة، أما الحديث بأن الدولة تريد، أن تحسن الوضع المعيشي للفرد، المستفيد من الدعم المالي للمواد الغذائية والبنزين، هم “الأجانب” “والشركات” فهذا موضوع يراد له مقالة خاصة، فقط توضيح “معظم الأجانب من العمال الفقراء، رواتبهم جداً متدنية”.

توجد أسباب حقيقية لزيادة الدعم المالي الحكومي للحوم والطحين والدجاج في السنوات الأخيرة، منها التجنيس، يذكر أحد الاقتصاديين البحرينيين في ندوة عقدت مؤخراً، بأن الدعم المالي للحوم والطحين والدجاج عام 2000 كان 2 مليون دينار وبضعة الآلاف، وفي عام 2008 أرتفع المبلغ إلى 34 مليون دينار .

الفارق جد كبير، بعيداً عن ارتفاع الأسعار دولياً أو الأزمة المالية العالمية وتداعياتها، ولكن كيف يصل المبلغ إلى هذا الحجم، فالسبب واضح، السياسة الخاطئة لبعض أجهزة مؤسسة الحكم، وهي الاستمرار في التجنيس السياسي.

وقبل أن نختم المقال، نتساءل أين ذهبت أموال الإيرادات الفائضة أو الزيادة، بسبب ارتفاع أسعار البترول والتي وصلت إلى 180 دولار للبرميل الواحد، قبل الأزمة المالية في أكتوبر من عام 2008، وتقدر تلك الإيرادات المالية وهي لم تدخل في ميزانية الدولة، بأكثر من 2 مليار دولار، فقط في عام 2008، أين هي، وأين ذهبت.