المنشور

دعوة إلى مجلس منتخب أكثر تمثيلاً …مقترح التقدمي لإصلاح النظام الانتخابي: تقليص الدوائر الأربعين الى خمس دوائر كبرى


في شهر مايو الماضي نظمت الجمعيات السياسية الست بمقر جمعية وعد في أم الحصم، حلقة حوارية حول النظام الانتخابي والدوائر الانتخابية، حيث استعرض ممثلو الجمعيات السياسية الست، مقترحات جمعياتهم بشأن تعديل النظام الانتخابي والتي تباينت رؤاهم حوله.

وقد تداخل كثير من الحضور في الموضوع وتركزت مداخلاتهم على ضرورة بلورة الجمعيات السياسية الست لمقترح واحد لتعديل النظام الانتخابي  وتبنيها له والعمل على خلق توافق مجتمعي حول هذا المقترح وبلورة حركة ضاغطة على الحكم من أجل تعديل النظام الانتخابي في البحرين .
وقد شارك ممثل “التقدمي” في هذه  الحلقة الحوارية واستعرض النظام الانتخابي الذي  جاء في الوثيقة التي أعدها  التقدمي والتي سميت بوثيقة إصلاح النظام الانتخابي في البحرين – مقترح النظام الانتخابي البديل.

و مقترح “التقدمي” لتعديل النظام الانتخابي تبلور في خضم العمل الذي قام به تنظيمنا مند عام 2006 والذي سعى من خلاله للوصول إلى توافق مجتمعي على هذا التعديل. وكان “التقدمي” قد طرح على أثر انتخابات 2006 مقترحاً بتعديل  النظام الانتخابي إلى جميع القوى و الجمعيات السياسية، ومن خلال النقاشات المستفيضة مع تلك القوى، توصلنا إلى تطوير مقترحنا بجعل البحرين خمس دوائر انتخابية بدلاً من أربعين دائرة، عن طريق دمج مجموعة من الدوائر القريبة من بعضها دون النظر إلى حدود المحافظات .

ويقوم مقترح التقدمي على أساس تعديل نص المادة  (17) من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية،  وتتكون الأسس التي يقوم عليها التعديل من الآتي:-

1- تقليص الدوائر الانتخابية إلى خمس دوائر بدلا من أربعين دائرة، وذلك عن طريق دمج مجموعة من الدوائر الحالية القريبة من بعضها دون النظر إلى حدود المحافظات.

2- تمثل كل دائرة انتخابية بثمانية نواب، أي تخصيص لكل دائرة ثمانية مقاعد من مقاعد المجلس النيابي. ويكون لكل ناخب الحق في انتخاب ثلاثة من المرشحين في الدائرة فقط، بحيث يكون باطلاً أي تصويت لأكثر من ثلاثة مرشحين.

3- يتم تحديد الدوائر الانتخابية وحدودها بموجب قانون، على أن لا يتجاوز الفرق في عدد الناخبين بين دائرة وغيرها من الدوائر نسبة 15 .%
وحسب وثيقة مقترح التقدمي فأن عدد الناخبين في الدوائر الخمس الجديدة المقترحة هي كالتالي:-

الدائرة الأولي) : تشمل جميع الدوائر الحالية في المحرق) 53.425 ناخباً في انتخابات 2006 وستكون  57.931 ناخباً المتوقع في انتخابات 2010 .
الدائرة الثانية) : تشمل جميع دوائر العاصمة إضافة إلى خامسة والسادسة من الوسطى) 64.511 ناخباً في  انتخابات 2006 وستكون 70.731 ناخباً المتوقع في انتخابات   2010 .
الدائرة الثالثة : (تشمل الأولى والثالثة والرابعة والسابعة والثامنة والتاسعة من الوسطى والثانية من الجنوبية) 61.268 ناخباً في انتخابات 2006 وستكون 68.362 ناخباً المتوقع في انتخابات   .2010
الدائرة الرابعة) : تشمل الثانية من الوسطى والأولى والثانية والخامسة والسادسة من الشمالية) 45.352 ناخباً في انتخابات 2006 وستكون 61.529 ناخباً المتوقع في انتخابات 2010 .
الدائرة الخامسة) : تشمل الثالثة والرابعة والسابعة والثامنة والتاسعة من الشمالية والأولى والخامسة والسادسة من الجنوبية) 62.130 ناخباً في انتخابات 2006 وستكون 69.812 ناخباً المتوقع في انتخابات .2010

4-  يكون لكل دائرة انتخابية لجنة لإدارة العملية الانتخابية ولجان فرعية للاقتراع والفرز .  على أن تشكل كل لجنه من قاض ٍ وعضوين على الأقل ، ويكون مقر كل لجنه اقتراع مستقل عن لجان الدوائر الأخرى .

5- يكون  من حق كل مرشح أن يختار له وكيلاً من بين المقيدين في جداول الدائرة التي يرشح فيها لدى كل لجنة فرعية.
و المسالة الأساسية في مقترح التقدمي هي تلك المتعلقة بحق الناخب  في انتخاب ثلاثة فقط من المرشحين الذين يتنافسون على ثمانية مقاعد هي مجموع المقاعد المخصصة للدائرة.

و تقوم فكرة هذا المقترح على  أن الناخب يحق له أن ينتخب عدداً من المرشحين يقل عن نصف عدد المقاعد المخصصة للدائرة. فإذا كان ثمانية هم المرشحون الذين سيفوزون بالمقاعد المخصصة للدائرة، فإن الناخب يحق له أن ينتخب ثلاثة مرشحين فقط.

و يرمي المقترح من وراء ذلك إلى تقليل نسبة الأصوات المهدرة التي لا تترجم إلى مقاعد في المجلس النيابي، وبالتالي لا يتمكن أصحابها من الحصول على تمثيل لهم في المجلس المنتخب. وهي نسبة مرتفعة بلغت أصغرها في الشمالية بنحو  32.2 % من مجموع الأصوات وأكبرها في المحرق بنحو 48.6 % من مجموع الأصوات .
 لذلك فإن المقترح يهدف إلى إيجاد نظام انتخابي أكثر عدالة وأكثر تمثيلاً يعطي من جهة فرصة أكبر لأصحاب هذه الأصوات لتتمكن من إيصال ممثليها إلى المجلس النيابي وهي أصوات لناخبين عادة ما يصوتون إلى الجمعيات السياسية الصغيرة أو إلى المستقلين .

ومن جهة أخرى فإن المقترح يهدف إلى الحد من فرصة الجمعيات السياسية التي تمتلك قوة انتخابية أكبر نسبياً في الدائرة من أن تستحوذ على كامل المقاعد المخصصة للدائرة من دون وجه حق .

ففي حالة الأخذ بمقترح “التقدمي” فإن المرجح أن كل جمعية سياسية من الجمعيات التي لها قوة انتخابية في الدائرة أكبر نسبياً من غيرها من الجمعيات أو المرشحين المستقلين، سوف ترشح لها ثلاثة مرشحين في الدائرة . في حين أن الجمعيات الأصغر والمستقلين سوف تركز على ترشيح مرشح واحد لكل منها في الدائرة .
و هذا يعني أنه إذا كان هناك مثلاً جمعيتان سياسيتان لهما قوة  انتخابية أكبر نسبياً من غيرها في الدائرة، فإنها سوف تفوز بستة من مقاعد الدائرة الثمانية المخصصة للدائرة. أما المقعدين الباقيين فأنهما من المرجح أن يكونا من نصيب الجمعيات الأصغر ومن نصيب المستقلين.

أما في حالة السماح للناخب بأن ينتخب مرشحين بعدد نصف عدد المقاعد المخصصة للدائرة، أي بانتخاب 4 نواب من أصل 8 نواب المخصصين لهذه الدائرة. فإن ذلك يعني بأن الجمعيات المذكورة سوف ترشح أربعة مرشحين في الدائرة وبذلك فإننا سوف نسمح لمرشحي الجمعيات التي لها قوة انتخابية أكبر نسبياً  في الدائرة من أن تستأثر بالمقاعد المخصصة لهذه الدائرة وتهميش القوى الأصغر.

فمثلاً إذا كانت جمعيتان سياسيتان تمتلكان معاً 55  أو 60 % من أصوات الدائرة . فأن أعطاء الناخب حق انتخاب أربعة مرشحين ، يعني السماح إلى هاتين الجمعيتين من ان تتقاسمان المقاعد الثمانية المخصصة للدائرة على الرغم من ان أصواتها لا تتجاوز معاً ال60 % من مجموع أصوات الدائرة .

في حين إن 40 % من من أصوات الدائرة ستكون مهدرة ولن تترجم إلى مقاعد في المجلس النيابي ، وأن أصحابها لن يحصلوا على  تمثيل لهم في المجلس مع انها تشكل نسبة كبيرة من أصوات الدائرة . في الوقت التي سيكون بإمكان أيا من تلك الجمعيتين ب 30 % فقط من أصوات  الدائرة حصد أربعة مقاعد من أصل الثمانية مقاعد .
أي إنها ستحصل على نصف المقاعد المخصصة للدائرة مع إنها في الحقيقة لا تمثل سوى 30 % من مجموع أصوات الدائرة !! .  فأين هي العدالة في هذا النظام الانتخابي ؟ .

ولذلك فان من ينتقدون مقترح التقدمي ويتهمونه بأنه يحد من حرية وإرادة الناخب في اختيار مرشحيه  ويطالبون بأن يترك للناخب حق انتخاب مرشحين بعدد  المقاعد المخصصة للدائرة ، يضعون أنفسهم في تعارض تام مع المعايير الأساسية  الدولية للانتخابات .

وإنهم على وجه الخصوص يضعون أنفسهم في تعارض مع مبدأ الاقتراع العام المتساوي. والذي يقصد به أن تضمن العملية الانتخابية إعطاء صوت واحد للناخب الواحد لدى جميع الناخبين.

فكون أن 30 % من الأصوات تستولي على 50 % من المقاعد في حين أن 40 % من الأصوات تعجز عن الحصول على تمثيل لها بمقعد واحد في المجلس. فأن ذلك  يعني ان صوت الناخب ليس واحداً لجميع الناخبين ، وان إرادة نسبة كبيرة من الناخبين قد غيبت ، وأن الاقتراع ليس عاماً ولا متساوياً.

أما إذا سايرنا منتقدو مقترح التقدمي فيما يطالبون به من إعطاء الناخب حرية انتخاب عدد من المرشحين بعدد جميع المقاعد المخصصة للدائرة. فأن ذلك يعني أن تعطى الجمعية السياسية التي تمتلك 55% أو حتى أقل من القوة الانتخابية في الدائرة ، الحرية في أن تستولي على جميع المقاعد المخصصة للدائرة .

أما الجمعيات الأخرى فإنها لن يكون بمقدورها أيا منها في ظل هذا الوضع من أن توصل مرشح واحد من مرشحيها ، حتى لو كانت إحداها تمتلك نسبة الـ 45% الباقية من أصوات الناخبين في الدائرة .

لذلك فأن من ينتقدون مقترح التقدمي ويطالبون بعدم تقيد حرية وإرادة الناخب في انتخاب مرشحيه ، يتغاضون عن أن ما يطلبون به يجعل من مخرجات العملية الانتخابية تزيفاً إلى حداً بعيد لإرادة الناخبين .
فلا يكفي لإصلاح النظام الانتخابي أن تنادي بالعدالة في توزيع الدوائر الانتخابية في حين تبقى طريقة تحويل الأصوات إلى مقاعد غير عادلة .

فكما أن توزيع الدوائر الانتخابية تكون غير عادلة إذا ما كان هناك فارق كبير في أعداد الناخبين بين دائرة وأخرى كونه يتعارض مع مبدأ الصوت واحد للناخب الواحد. فانه أيضاً تكون طريقة تحويل الأصوات إلى مقاعد طريقة غير عادلة إذا ما  كانت مبنية على عدم  تساوي أصوت الناخبين في تحقيق النتائج لذات المبدأ.

 فإذا كانت 30% من أصوات الدائرة تستطيعان توصل 4 مرشحين من أصل 8 مرشحين، في حين تعجز 40 % من أصوات الدائرة من إيصال مرشح واحد . فهذا يعني أن النظام الانتخابي أيضاً غير عادل  وأنه غير مبني على مبدأ صوت واحد للناخب الواحد .

لذلك لا يمكن أن تكون متسقاً في مطالبك، إذا ما نادت بتحقيق العدالة في توزيع الدوائر الانتخابية من جهة، في حين وقفت من جهة أخرى ضد هذه العدالة عندما يتعلق الأمر بالطريقة التي تحول بها الأصوات إلى مقاعد.