المنشور

نعم .. نخاف على بلادنا


لسنا من دعاة القومية المتعصبة ولا من المروجين لشعار أما معي أو ضدي وإنما من دعاة الحفاظ على هذه البلاد في ربوع الأمن والاستقرار، نؤمن بالحوار الوطني لأنه الأنفع في كل الأزمات ونخاف على بلادنا من أي تدخل خارجي يفرض عليها أجندته الخاصة ويتدخل في شؤونها الداخلية كما تفعل إيران اليوم التي تريد ان تصفي حساباتها لصالح القوى الطائفية التي نرى فيها ظلاما وصوليا يعيدنا إلى الوراء.

نعم نخاف على بلادنا من اي ممارسات سياسية متطرفة ومغامرة أياً كان مصدرها تعيدنا إلى المربع الأول بعد ان قطعنا شوطا لا يستهان به في المسيرة الإصلاحية.. ولأننا نؤمن بالنقد والكشف عن مواطن الضعف ومراجعة الأخطاء نقول ان الأحداث التي شهدتها بلادنا مؤخرا كانت مؤلمة لم نحصد منها الا الفوضى والكارثة التي مزقت نسيجنا المجتمعي بفعل الممارسات السياسية غير المسؤولة التي كانت تدار بعقلية طائفية ولدت شرخاً اجتماعياً كبيراً واصطفافات طائفية دمرت التعايش الطائفي والسلم الأهلي الذي كان أهم الثوابت في هذا الوطن، وطن التسامح والتعدد والانفتاح على الآخر. ونقول أيضا آن الأوان لمراجعة خططنا التنموية وإعادة النظر في أولوياتنا وترتيب أوضاعنا الداخلية للحد من كافة الأزمات والتحديات دون القفز فوق جذور مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.

ولا مراء ان وحدتنا الوطنية هي الحصن المنيع للدفاع عن هذا الوطن الذي تتربص به مخططات سياسية وعسكرية إيرانية تود فرض سيطرتها العدوانية على البحرين ومنطقة الخليج بأكملها، هذه السياسة التي تبناها الشاه محمد رضا بهلوي بعد ان سحبت بريطانيا حمايتها وقواتها المسلحة من المنطقة في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، نجد النظام الإيراني اليوم وفي عهد الثورة ماضياً وبإخلاص في تحقيق استراتيجية الشاه التوسعية في منطقة الخليج!! ولعل التهديدات الإيرانية للبحرين وباقي دول الخليج كالكويت التي كشفت مؤخراً عن شبكات تجسس إيرانية هي من ابرز منطلقات المشروع الإيراني الذي يذكرنا بمشروع الإمبراطور الشاه.

ومن المفارقات ان نقف موقفاً سلبياً من تلك التدخلات والتهديدات الإيرانية وفي الحقيقة ان الموقف الذي اختارته الفعاليات السياسية في مجتمعنا تجاه هذا المشروع ينم عن مدى إخلاص تلك الفعاليات تجاه الوطن وتجاه تحولاته ومكتسباته التي قلنا عنها مراراً وتكراراً الحفاظ عليها وتطويرها من أولويات المرحلة بمعنى ان حمايتها هو حماية منجزات كثيراً ما ناضل هذا الشعب وحركته الوطنية من اجلها.

ومن بين هذه الفعاليات المنبر التقدمي الذي أكد في بيان له حول هذه المسألة « إن أمن البحرين هو جزء من منظومة الأمن الخليجي والعربي، كما رفض كافة أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلاد واستنكر التقدمي البيان الذي أصدرته لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني والذي يعتبر تدخلاً سافراً في شؤون البحرين الداخلية ومن شأنه ان يزيد الأمور تعقيداً فيما بلادنا تحتاج إلى كل ما من شأنه تعزيز الصف الوطني وإشاعة روح المحبة والتسامح.

على أية حال ان محاولات إيران لتغيير الخريطة السياسية والجغرافية في الخليج وفقاً لأهداف وغايات إيرانية لا يمكن إدراكها واستيعابها الا بالعودة الى المشروع الإيراني الذي حلم به الشاه وتحلم به الآن القيادة الايرانية، هي محاولات بالغة الخطورة تزعزع امن واستقرار الخليج، وبالتالي فاذا كانت ايران بصدد لعبة تريد منها او الهدف من ورائها ولأسباب تكتيكية في المنطقة، لامريكا ودول اوروبية اخرى اهداف ومصالح كبرى نفطياً واقتصادياً واستراتيجياً، فان هذه اللعبة لن تعود على إيران الا بنتائج عكسية وخاصة اذا فقدت دول الجوار الذين لا تخيفهم فزاعة ايران التي من المفترض منها حل مشاكلها الداخلية التي تثير سخط الشعب الإيراني قبل ان تتوعد بدول الخليج.
 
الأيام 9 ابريل 2011