المنشور

ماذا ننتظر من «وعـد»؟


تظل جمعية العمل الديمقراطي «وعد» رقماً صعباً ومهماً في العمل الوطني، بل هي تُعد مؤشراً واضحاً وجلياً لحيوية العمل السياسي الوطني، سواءً اختلفنا معها أو اتفقنا. فلولا الوزن والأهمية اللذان تتمتع بهما وعد على الساحة الوطنية وفعلها المؤثر لما تعرضت لكل ما تعرضت له منذ ظهورها على ساحة العمل السياسي العلني وحتى الآن، وكان أقسى ما تعرضت له تدمير مقريها في المنامة والمحرق واعتقال أمينها العام وتقديمه لمحكمة السلامة الوطنية. للتأكيد على حيوية وعد وكونها مؤشراً فعلياً على حيوية العمل السياسي في البحرين، فإن مشاركتها في الانتخابات النيابية يُعد مؤشراً واضحاً جلياً على حيوية العمل السياسي في البحرين وعلى حيوية وعد، فمن حضر وتابع الخيم الانتخابية لإبراهيم شريف ومنيرة فخرو وسامي سيادي، ولا ننسى مشاركة الأب الروحي لها عبدالرحمن النعيمي «شافاه الله» في انتخابات 2006، ونوعية الفعاليات التي كانت تقام في تلك الخيم إبان الحملات الانتخابية وتفاعل الجماهير الواسعة التي كانت تحرص على الحضور مع تلك الفعاليات. كان وجود وعد ومشاركتها في يوم الانتخابات يمثل عرساً وطنياً للوطن بأكمله. وكانت النتائج التي حققتها، وبالرغم من عدم وصول أي مرشح من مرشحيها إلى قبة المجلس النيابي، مؤشراً على الوزن الذي كانت تتمتع به وعد على الساحة الوطنية.
 
إذا كنا نحب وعد ونقدر فعلها الوطني، فإن ذلك لا يعني أن لا يكون لنا منها موقف ناقد فيما نرى أننا لا نتفق معه، وهذا أمر طبيعي، لأننا نرى في وعد ومعها شقيقتيها جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي وجمعية التجمع القومي الحضن الوطني الديمقراطي الذي نلجأ إليه، وهو الحضن العابر للطائفية المدمرة، الحضن الجامع للحراك الوطني المعزز لقيم المواطنة؛ لذا فإذا كان لنا نقد لوعد والتقدمي والتجمع، فذلك نابع من حبنا وحرصنا على التيار الوطني الديمقراطي الذي تظل الجمعيات الثلاث تشكل الركن الأساسي لمكوناته والمسئولة عن نهوضه.
نعتقد أن وعد ومعها شقيقتيها جمعيتا المنبر التقدمي والتجمع القومي، بل وجميع المحسوبين على التيار الوطني الديمقراطي، الجميع مسئولون بدرجة وأخرى عن ترك ساحة العمل الوطني كرة تتقاذفها الجمعيات السياسية ذات البنية الطائفية؛ ما أدى إلى الانشطار الفعلي والخطير بين مكونات الوطن. نعتقد أن قوى التيار الوطني الديمقراطي وفي مقدمتها وعد لم تكن تعير الانتباه الكافي إلى ما كان ينتظر الوطن وما هو متوقع، بل وما كان يُرى رؤية العين، ولم يكن في علم الغيب، وهو الانشطار الطائفي الذي كان محدقاً بالوطن ومتوقعاً حدوثه في أية لحظة. كان المطلوب من قوى هذا التيار جهوداً وأفعالاً تتجاوز ما كان معمولاً به لمقاومة هذا الغول الجارف ووقف فعله المخرب والمدمر.
 
عصر يوم السبت كانت لحظات فرح لأعضاء وعد ومحبيها عندما أزيل الشمع من على أبواب مقريها في أم الحصم وعراد، بالرغم من الحزن الذي اختلط بهذا الفرح نتيجة الدمار الذي لحق بمقريها نتيجة حرق وتدمير فرع أم الحصم وتعريض فرع عراد إلى دمار كبير، كل ذلك تم من قبل نفوس مريضة.
 
الآن ووعد تعيش في غمرة الغمز واللمز ممن سعى في الماضي وازداد سعيه مؤخراً وبالذات خلال هذه الأيام للتشكيك في وعد وفي مواقفها، في محاولة لزرع بذور الفرقة بين المنتمين لها. في هذه الظروف تقع مسئولية كبيرة على كوادر وأعضاء وعد وأنصارها في رصّ الصفوف أمام من حاول ويحاول هدم هذا الكيان الوطني. ذلك هو وحده أبلغ رد على كل من حاول ويحاول أن يوقع السوء بوعد.
 
نتمنى لوعد بعد أن استعادت مقريها أن تستعيد عافيتها وحيويتها مجدداً وتستعيد أمينها العام كي تكتمل فرحتها وفرحة محبيها.
فماذا ننتظر من وعد في قادم الأيام؟ ما ننتظره من وعد هو نفس ما ننتظره من شقيقتيها المنبر التقدمي والتجمع القومي، بل وجميع المنتسبين لقوى التيار الوطني الديمقراطي. إن أهم ما ننتظره وينتظره كل محبيهم والحريصين على وحدة مكونات الوطن، هو تعزيز وحدتهم الداخلية مهما كانت التباينات ووجهات النظر التي قد تبرز أو قد تكون برزت نتيجة الأحداث التي مرّ ويمر بها الوطن، وهو أمر طبيعي أن تبرز تباينات بحجم الأزمة الوطنية العامة التي نمر بها جميعاً.
 
ننتظر من وعد وقفة تقييمية لمسيرتها، بما يعزز برنامجها الوطني الديمقراطي، ننتظر منها تعزيز وحدتها الداخلية، ننتظر من قيادتها ومن منتسبيها ومن أنصارها أن يكونوا جميعاً على مستوى المسئولية، وعلى مستوى الحمل الملقى على عاتقهم وهو ثقيل وكبير. فلتكن الحملات التي تطال وعد حافزاً للجميع لمزيد من التحدي والإصرار.
 
إن أهم ما ننتظره من وعد بعد أن تستعيد عافيتها أن تكون السبّاقة، وهي قادرة على ذلك، لطرح مبادرة تتعلق بالتيار الوطني الديمقراطي، على أن تكون هذه المبادرة شفافة وواضحة ليتحمل كل طرف وكل فردٍ منتمٍ لهذا التيار مسئوليته التاريخية؛ فالتيار الوطني الديمقراطي هو سفينة النجاة الوحيدة للخروج من الأمواج العاتية للطائفية التي باتت تنخر في جسد الوطن وفي أجسادنا.
 
إن مهمة انتشال الوطن من النفق الطائفي المظلم هي مهمة مقدسة تتقدم على كافة المهام في المرحلة الراهنة.
ثقتنا وأملنا كبير في وعد والمنبر التقدمي والتجمع القومي وفي كل مكونات التيار الوطني الديمقراطي.
ننتظر من أعضاء وعد مزيداً من التراص والتلاحم، وأن لا يتركوا للتباينات في وجهات النظر، التي هي أمر طبيعي، بل قد تكون معبراً عن الحيوية وعدم الجمود، أن تكون عنصر تفريق وتمزيق للصف الداخلي، بما يُضعف التنظيم ويُضعف العمل الوطني الجاد.
 
 
إن ما ننتظره من وعد متعلق بمهام جسيمة ملقاة على عاتقها وعاتق أخواتها، هذه المهام ذات صلة بالجروح العميقة التي ألمّت بالوطن، وفي مقدمتها الانشطار النفسي الذي تغلغل في النفوس، وكان هناك فاعلون ومشجعون على هذا الانشطار، بل وفرحون بحدوثه ويهللون له. هذه المهام الوطنية الكبرى لا تستطيع الهيئات ذات البنية الطائفية القيام بها، هذه الهيئات لا تستطيع معالجة التداعيات الطائفية، وهي غير مؤهلة البتة للقيام بهذا الدور، بل قد تكون هي بوعي منها أو بدون وعي عاملاً من عوامل التحريض على هذا الانشطار الطائفي.
ثقتنا وأملنا كبير في وعد والمنبر التقدمي والتجمع القومي وفي كل مكونات التيار الوطني الديمقراطي
 

صحيفة الوسط البحرينية – 22 يونيو 2011م