اليوم، الأول من مايو، عيد العمال العالمي، وعيد الطبقة العاملة في البحرين التي ناضلت طوال عقود، مقدمة التضحيات، في سبيل الاعتراف بهذا اليوم، واعتباره عطلة رسمية، وهو الأمر الذي تحقق منذ عشر سنوات.
في هذا العام تغيب عن شوارع العاصمة، كما غابت في السنة الماضية، المسيرات الاحتفالية بهذه المناسبة، كتعبير عن الأزمة السياسية الحادة التي تعيشها البلاد، والتي دفعت الطبقة العاملة والحركة النقابية حصة كبيرة من عواقبها السلبية، ووجدت أبلغ تجلياتها في الأعداد الكبيرة من العمال الذين فصلوا من أعمالهم، وهو الملف الذي بذلت جهود كبيرة من أجل إغلاقه، سواء من قبل الحركة النقابية نفسها أو من قبل وزارة العمل وكذلك من قبل اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، ومازالت هناك أعداد من المفصولين لم تسوَ أوضاعها حتى الآن.
ليست معالجة الآثار السلبية على الطبقة العاملة في البحرين هي الموضوع الوحيد الجدير بالوقوف أمامه في هذه المناسبة، فهناك قضايا عديدة تتصل بأوضاع عمال البحرين والعمالة الوافدة بحاجة إلى معالجة، بينها قضايا الاجورالمتدنية والتعطل عن العمل، وحول هذه القضية الأخيرة بالذات علينا إثارة سؤال كبير عن مصير الاقتطاعات من رواتب الموظفين لحساب صندوق التعطل، في الوقت الذي تشكو فيه أعداد كبيرة من العاطلين عن التلكؤ وحتى الإحجام عن صرف الإعانات لهم، وعن آلية بيروقراطية معقدة تحكم عمل الصندوق تفقده الغاية التي تأسس من أجلها، وكان من بين من عانوا من ذلك من فقدوا أو فُصلوا من وظائفهم في السنة المنقضية.
وفي وقت يغلب فيه الطابع السياسي على كافة مظاهر الحياة في البحرين، فان البعد الاجتماعي، من حيث هو في جوهرها، حقوق معيشية واجتماعية، لا ينال ما هو جدير به من اهتمام، وعلى الحركة النقابية، كما على القوى السياسية أن تولي اهتمامها بهذا الموضوع، ونتفق مع الأمين العام لاتحاد نقابات العمال فيما ذهب إليه بهذا الخصوص في كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام السادس للمنبر التقدمي.
وستواجه الحركة العمالية والنقابية في البحرين في الأفق القريب تحديات ومهام جديدة بسبب ما أقر من تشريعات ذات صلة بالجانبين العمالي والنقابي، حيث ينتظر أن يصدر قريباً قانون العمل الجديد، الذي لم يأخذ بالكثير من المطالب والمقترحات التي طرحتها الحركة العمالية والسياسية لتطويره، كما ستكون الحركة العمالية أمام استحقاق التعددية النقابية، التي ستغدو، بعد التشريع لها أمراً واقعاً، وكان المنبر التقدمي قد دعا في أكثر من مناسبة إلى إعادة بناء هياكل الاتحاد العام لنقابات العمال، لتوسيع الصفة التمثيلية للاتحاد، بحيث تتسع لكافة أطراف وأطياف الحركة العمالية في البلاد، بما يخدم وحدة الطبقة العاملة في البحرين، ونرى أن هذه الدعوة مازالت تحتفظ براهنيتها وأهميتها.
إن الفكرة الأساس التي انبنت عليها مناسبة الأول من مايو باقية، فمظاهر الغبن والعسف والظلم، حتى وان تغيرت أشكالها فإنها لا تتغير من حيث الجوهر، مما يجعل من المغزى الكفاحي لهذا اليوم حاضراً وبقوة أكثر على الصعيد الدولي العام وعلى صعيد كل بلد على حدة.