المنشور

أيها الشهيد هاشم لن نفترق ” لكننا سنسير’ “

 
خاطـــــــرة 
  
 


رفيقنا الغالي أبا عادل ..


نخاطبك قبل أن تخف بنا أقدامنا لزيارتك في هذا اليوم الكبير. ومعذرة إن كنت لا تعرف كِبَرهُ كما نعرف. أنت لم تعرف من ذلك اليوم سوى آلام الشهادة التي سرعان ما انطوت مع انطواء حياة أحد أطهر من عرفنا. لم تكن تعرف أن هذا اليوم، حاملا اسمك، سيدخل تاريخ حزبك والحركة الوطنية، إذ دخلتَ قلوب آلاف ممن عرفوك أو قرأوا سيرتك مناضلا حزبيا وطنيا وأمميا جسورا، وطبيبا إنسانيا عالجت بسطاء الناس رغم عدم توظيفك لسنوات بسبب التمييز السياسي. لم تكن تعرف أن يوم 18 سبتمبر سيُحفر في ذاكرة رفاقك وأبناء شعبك المخلصين ويسكن عقولهم قبل أفئدتهم كشعلة نار متقدة غضبا على أولئك الذين غدروا بك وقابلوك بسيوفهم ورماحهم وأنت أعزلا، إلا من فكرك وإيمانك بقضيتك.

أنت الشهيد الإنسان الرفيق الجبهوي الوطني العربي الأممي الثوري الغاضب المتسامح العاصف اللطيف الشجاع المتواضع الناقم المحب الجاد المرح.. وذلك غيض من فيض أسمائك الحسنى التي نستحضرك بأحدها في كل موقف نواجهه في حياتنا.

اليوم، أكثر من كل يوم، سيذكرك كل من عرفك على مقاعد الدراسة الجامعية وفي اللقاءات الحزبية والأنشطة الاجتماعية ومؤتمرات ومهرجانات الشبيبة والطلبة العالمية .. ممن كانوا شباب ما اصطلحنا وإياك على تسميته اختصارا “ثلاثة ألف” ، أي القارات الثلاث : آسيا، أفريقيا وأميركا اللاتينية، التي نهضت شعوبها في حركة تحرر وطني عالمية ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية. وغيرهم من ممثلي شعوب العالم الذين عرفوا في نبل خلقك وأصالتك الثورية سفيرا لشعب البحرين وقضيته العادلة، ونصيرا قويا لقضاياهم العادلة أيضا.

سيدنا هاشم .. معذرة لك ولمن في حاضرتك من شهداء حزبنا والحركة التقدمية الديمقراطية والوطنية عموما. فلم يكن ولن يكون تقديم الشهداء قرابين على مذبح حرية وكرامة وتقدم إنسان البحرين هدفنا أبدا، بل ذلك قدرنا الذي ليس بيدنا رده على طريق هذا النضال الذي لم يكن سهل الوطأ يوما. 
 
أبا عادل .. اعذرنا إن لم يكن في جعبتنا أثناء زيارتنا اليوم ما يفرح في هذا الزمن الرديء، فهناك شهداء وجرحى يسقطون، وشباب معتقلون وآخرون فصلوا من أعمالهم، وغازات تخنقنا، وطائفية تقتلنا، ورَدَّات وتَرَد فكريٍ وضبابية تلف عقول الكثيرين. ها .. هنا خبر وحيد نزفه وسيفرحك بلا شك . إبنك عادل تزوج قريبا. ونأمل أن يهديك عادل وزوجته ويهديانا قريبا حفيد الشهيد أو حفيدته. أما ابنك، وحامل إسمك هاشم، فعسى أن نزف لك خبر فرحه في الزيارة القادمة.

اليوم .. ستطل علينا من علياء قصرك وسنشخص إليك من حضيض قبرنا. تقبل منا إكليلا متواضعا في مثل اليوم الذي تقبلك ربنا وشعبنا وحزبنا قربانا على الطريق الشائك الوعر العسير. سيصدح جلال صمتك بهذا النشيد عندما تجمعنا اليوم روحك الطاهرة. سنستمع ثم سنترك ورودنا نياشين متجددة على صدرك كل عام. بعدها، كما بعد اجتماع حزبي، لن نفترق، بل سنقفل عائدين مرددين : “لكننا سنسير”.
 

18 سبتمبر 2012