المنشور

أميركا ترسم خارطة جديدة للعالم

أشرتُ في مقالي السابق «التفاهمات الأميركية في المنطقة» والتي بدأت بالفعل من خلال زيارة أوباما إلى إسرائيل والجولات المكوكية للخارجية الأميركية في المنطقة، وذلك نقلاً عن صحيفتي «وول ستريت جورنال والنيويورك تايمز» الصادرتين في الأسبوع الماضي، وألقت صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر 28 مارس الجاري ضوءاً على الاستراتيجية الأميركية الجديدة في العالم التي استندت إليها هذه التفاهمات الأميركية الشرق أوسطية.




فقد ذكرت الصحيفة أن وزير الدفاع الأميركي الجديد «تشوك هيجل» طلب من البنتاغون مناقشة الاستراتيجية العسكرية الأميركية في ظل التخفيضات في الميزانية الذي سبّبه العجز جراء الأزمة الاقتصادية، حيث ستدرج نتائجها في استراتيجية الأمن القومي الجديدة في وقت لاحق من هذا العام، والتي من شأنها أن تسهم في تقاسم الأعباء مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة في العالم.


ويعد وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع تشوك هيجل في الإدارة الأميركية الجديدة من الشخصيات التي تبدي ميلاً أكبر لاستخدام الديبلوماسية إلى أقصى حد قبل الانتقال لاستخدام القوة العسكرية.


إذ ان الحربين اللتين خاضتهما الولايات المتحدة في كل من أفغانستان والعراق، لم تكن مكاسبهما متناسبة مع كلفتهما التي بلغت مليارات الدولارات، فتنظيم القاعدة مازال نشطاً رغم تراجعه في السنوات الأخيرة.


ويبدو أن المبدأ الاستراتيجي الجديد الذي تبناه «حلف الناتو» قد ساهم بتنشيط وتفعيل الحلف، كما يبدو أن الاستراتيجية العسكرية التي استخدمها أوباما في ليبيا والتي سميت تهكماً بـ «القيادة من الخلف» قد نجحت حسب نيويورك تايمز.


وللتمهيد لهذه الاستراتيجية الجديدة نشر المجلس القومي للاستخبارات الأميركية أخيراً ما أسماه «الاتجاهات في العالم 2030م» والتي ترى ضرورة الدفع لتقوية النفوذ في الشرق والجنوب وتمكين دول جديدة، وشمل هذا التقرير الموقف الاستراتيجي المستقبلي لتغييرٍ محتمل لقواعد اللعبة الأميركية في العالم.


وترى هذه التقارير أن الولايات المتحدة ستواجه عالماً أكثر خطورة مع الموارد الأمنية التي أصبحت أقل، مما يتطلب إدخال شركاء أقوياء في العالم لتجاوز حالة الركود الاقتصادي.


وضمن هذه الاستراتيجية الجديدة ستقلص الولايات المتحدة من وجودها العسكري البري وسحب معظم القوات من أوروبا والشرق الأوسط، وستمكن الشركاء في العالم لأخذ زمام المبادرة في مناطقهم الإقليمية.


وشركاء أميركا في هذه الاستراتيجية الجديدة حسبما أشارت الصحيفة سيكونون الحلفاء التقليديين في أوروبا وآسيا، بالإضافة إلى «الديموقراطيات الناشئة» مثل البرازيل والهند وأندونيسيا، وكذلك المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، التي ستشكل شراكة طبيعية في العمليات الاقليمية.


كما سيسعى جون كيري إلى تشجيع الشركاء والحلفاء للقيام بدور الشرطي في المناطق المحيطة بهم، ما يقلل الأعباء على ميزانيات الدفاع الأميركية، فالولايات المتحدة تحتاج إلى إعادة التوازن والبقاء في المقدمة من خلال تقاسم المسؤوليات مع الشركاء والحلفاء.


والسؤال هو أين موقعنا نحن كدول عربية في هذه اللعبة الأميركية الجديدة؟ التي ستحقق أهدافها ومصالحها بالدرجة الأولى من خلال شرطة المناطق، دون أن تتسخ يداها في الحروب المباشرة، ودون تقديم مزيد من الخسائر المادية والبشرية التي سيدفعها الشركاء والحلفاء نيابة عنها.