المنشور

بعد المنظمات والدول جاء دور البنك الدولي

يوم أمس الاثنين نشرت صحيفة «الوسط» خبرا صحافيا عن التقرير السنوي
الصادر عن البنك الدولي للعام 2013 بشأن مؤشرات الحكم الصالح في دول العالم
ومن بينها البحرين، وعلى رغم أن التقرير تم إعلانه يوم الجمعة الماضي، فإن
أياً من وسائل الإعلام لدينا لم تشر من قريب أو بعيد إلى هذا التقرير الذي
يعد من أهم التقارير الدولية، كما أن الحكومة لم تصدر ولو بيانا واحدا
يفسر سبب التراجع في أغلب المؤشرات التي يتناولها التقرير والتي من بينها
التمثيل السياسي والمحاسبة، الاستقرار السياسي وغياب العنف، فاعلية
الحكومة، جودة الإجراءات، سيادة حكم القانون، ومكافحة الفساد. البحرين
تأخرت في جميع المؤشرات السابقة فيما عدا مؤشر فاعلية الحكومة، وبمقارنتها
مع الدول الخليجية في هذا التقرير فإن البحرين أقل الدول الخليجية، بعد
السعودية، في مؤشر التمثيل السياسي والمحاسبة، فيما كانت الدولة الخليجية
الأخيرة في مؤشر الاستقرار السياسي وغياب العنف، كما أنها ثالث أفضل دولة،
بعد الإمارات وقطر، في مؤشر فاعلية الحكومة، وتساوت مع الإمارات في أفضل
مؤشر على صعيد جودة الإجراءات، فيما كانت البحرين والسعودية أقل دولتين في
مؤشر سيادة حكم القانون، وجاءت بعد قطر والإمارات في مؤشر مكافحة الفساد.

البنك
الدولي ليس منظمة حقوقية مؤدلجة لتسعى لتشويه صورة البحرين، كما يتهم
البعض جميع المنظمات الحقوقية، كما أنه ليس دولة تحاول فرض سيطرتها أو
أجندتها، وإنما هو مؤسسة اقتصادية، يقوم بتقييم مستويات التنمية في جميع
البلدان، ويقدم قروضاً لكثير من الدول، وبالتالي فإن البنك الدولي عندما
يضع هذه المؤشرات فإنه يهدف من وراء ذلك إلى مساعدة هذه الدول للتغلب على
هدر المال العام. وكذلك فإن البنك الدولي عندما يريد أن يقدم قرضاً لأي
دولة فإنه ينظر إلى هذه المعايير ومدى تطبيقها في الدولة التي تتقدم للحصول
على القرض.

ويعتمد «البنك» على هذه المؤشرات لقياس القدرة على تفعيل
برامج التنمية المستدامة من خلال ضبط الفساد، وإفساح المجال للتمثيل
السياسي ومحاسبة المسئولين، والاستقرار السياسي وجودة الإجراءات، وحكم
القانون، وفاعلية الحكومة.

في العام 2007 قمت بتنظيم ندوة حول تقرير
البنك الدولي عن البحرين خلال العام 2006 حيث استضفت فيها نائب الأمين
العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان في ذلك الوقت عبدالله الدرازي ونائب
رئيس الهيئة المركزية لجمعية العمل الديمقراطي عبدالله جناحي، إلى جانب
عضو جمعية الشفافية البحرينية خليل يوسف والنائبين من كتلة الوفاق جاسم
حسين وعبدالجليل خليل.

المشاركون في المنتدى توقعوا أن تخسر البحرين
مليار دولار سنويا على الأقل بسبب الفساد المالي الذي يتسرب إلى الجيوب
الخاصة بدلا من ضخه في برامج التنمية، وأن أكثر من هذا المال يتم هدره في
مشروعات تفتقر إلى البنية التحتية بسبب عدم وجود تخطيط سليم وبسبب تنفُّذ
أصحاب المصالح الخاصة.

وقالوا حينها إن هبوط مؤشرات البحرين واقع
نلمسه من التعدي على المال العام، وفي شتى القضايا اليومية التي يعيشها
الوطن، حيث وصل الأمر إلى أن المخالفات والفساد تمارس بعلانية من دون خشية
من العقاب ومن دون أي اعتبار لوجود برلمان، ويضاف إلى ذلك ما تقوم به
مؤسسات الدولة مثل وزارة التنمية الاجتماعية من مضايقات للمجتمع المدني
بهدف إطباق الخناق على أي نشاط خارج إطار اتجاهات معينة، فضلا عن عرقلة دور
البرلمان ومنعه من مراقبة الأشخاص ومحاسبة الوزراء الذين تدور حولهم مختلف
أنواع الشبهات.

ذلك ما قيل قبل نحو ست سنوات، حين كانت البحرين تمر
بظروف شبه عادية، فماذا يمكن قوله اليوم بعد التراجعات الكبيرة في جميع
مناحي الحياة؟