المنشور

التمديد للمجلس النيابي الحالي… الخيار الأفضل للسلطة


بين جميع الإشاعات التي صدرت خلال الفترة الأخيرة من تعديل وزاري مرتقب والقرب من حل سياسي برعاية أميركية بريطانية، تبقى الإشاعة الأقرب واقعية، والأكثر صدقا هي التمديد للمجلس النيابي الحالي، لفترة سنتين أخريين، وهي مسألة تعني فيما تعنيه، استمرار الوضع الحالي المتأزم، وعدم رغبة السلطة في إجراء مصالحة وطنية حقيقية أو الخروج بحلول مرضية للجميع.

دستورياً يمكن تمديد الفصل التشريعي وفقا للمادة (58) من الدستور والتي تنص على أن «مدة مجلس النواب أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له، وتجرى في خلال الشهور الأربعة الأخيرة من تلك المدة انتخابات المجلس الجديد مع مراعاة حكم المادة (64) من هذا الدستور. ويجوز إعادة انتخاب من انتهت مدة عضويته. وللملك أن يمد الفصل التشريعي لمجلس النواب عند الضرورة بأمر ملكي مدة لا تزيد على سنتين».

وفي حين نفت السلطة على لسان وزيرة الدولة لشئون الإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب الإشاعات الخاصة بالتعديل الوزاري وقالت خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب جلسة مجلس الوزراء الأخيرة «إن كل ما قيل بهذا الخصوص مجرد إشاعات لا وجود لها على أرض الواقع»، وقالت في ردها على إشاعة تمديد عمر دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث خلال المؤتمر الصحافي قبل الأخير «لا توجد لديّ أية معلومات رسمية عن هذا الموضوع، وبالتالي لا أستطيع نفيه أو تأكيده»، وهي بذلك لم تنفِ هذا الأمر.

ويبدو أن مسألة التمديد للمجلس بتركيبته الحالية لسنتين أخريين يبقى الخيار الأفضل بالنسبة للسلطة وخصوصا مع إعلان القوى السياسية المعارضة عن نيتها مقاطعتها للانتخابات النيابية المقبلة في العام 2014، ذلك أن إجراء انتخابات نيابية في ظل مقاطعة شعبية قد تفوق الـ60 أو 70 في المئة من الكتلة الانتخابية قد يحرج السلطة ويثبت ما لدى القوى السياسية المعارضة من تأثير كبير على الشارع، وبالتالي إثبات تمثيلها المطلق للشارع البحريني.

ومن جهة أخرى فإن التشكيلة الحالية لمجلس النواب، وبعد الانتخابات التكميلية تعتبر حلما ورديا، وقفازات مخملية، وجائزة كبرى لا يمكن التفريط بها بالنسبة لأي حكومة، وخصوصا في الظرف الراهن.

لقد عملت الحكومة بكل ما لديها من إمكانات وقوة خلال الفترة السابقة لتغيير مواقف المؤسسات الأهلية والنقابية، لتتفق مع الطرح الرسمي، فقامت بإغلاق جمعيات سياسية وأهلية فيما غيّرت مجالس إدارات جمعيات أخرى بمختلف الطرق، وأوجدت جمعيات ونقابات عمالية من العدم، لتثبت للرأي العام الداخلي والخارجي أن أغلب مؤسسات المجتمع المدني تقف مع ما تتخذه الحكومة من إجراءات، فما بالك بمجلس نواب من المفترض أن يمثل الإرادة الشعبية والجهة الرقابية والتشريعية في الدولة.

مثل هذا المجلس من حيث الطاعة العمياء لأعضائه، وضعف أدائه البيِّن، وعدم تمكنه من محاسبة ولو مدير إدارة في وزارة خدمية، لا يمكن تكراره، ولو حتى بالتزوير، ولذلك يمكن التأكيد أن السلطة ستكافئه على كل هذه الإنجازات بالتمديد له لسنتين أخريين.



صحيفة الوسط البحرينية   29 أكتوبر 2013م