المنشور

الديمقراطية وعناصرها


الديمقراطية وعناصرها هي احدى الفصول من كتاب التيار الديمقراطي في العراق – الواقع والآفاق وهي دراسة لرسالة الماجستير لعضو الحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي وأحد مؤسسي الإطار التنظيمي للتيار الديمقراطي وعضو لجنته التنفيذية . وهذه الدراسة قيمة جداً ولا تدعي الكمال ولا المثالية بل تحسبها محاولة معالجة لموضوع التحالفات في العراق.

وهذا الموضع أيضاً يشغلنا  في مملكة البحرين مما تحول إلى هاجس مرتبط بمستقبل التيار الديمقراطي في مملكة البحرين، والذي كان من المفترض أن يلعب دوراً كبيراً لولا المطاردات والقيود البوليسية التي ابعدته عن الساحة السياسة، ومع الفترة النسبية من الديمقراطية الذي تشكلت فيه الجمعيات السياسية واجه صعوبات في تكوين هذا التيار مما أعطى مبرراً لخلق الأجواء الطائفية والذي كان من المفترض لوجوده دوراً في كسر حاجز الطائفية.

سنتاول في هذه الحلقة عناصر الديمقراطية ومفهوم الديمقراطية بشكلها البسيط على انها تمثيل الشعب وهي تعارض الاستبداد وعرفها الدكتور عبد الجبار أحمد بأن الديمقراطية تكون على مستويين أقلهما أن يكون للشعب صوته المسموع في العملية السياسية، وأما أكثرهما تطوراً فهو ان يكون الحكم فيه للشعب بالشكل الذي يحدد فيه الشعب مسارات العمل السياسي.

ويمكن تجسيد هذا المفهوم بحده الأدنى بالنسبة للمجتمعات الحديثة في ممارستها للديمقراطية.
وللديمقراطية خصائص يمكن إيجازها في التالي:- 

1-  المواطنة:-
وهي الأخذ بمبدأ المساواة بين الجميع وعلى الحكام تقبل رأي المواطنين المتساويين وأن يتحملوا بالقدر نفسه تطبيق القوانين من منطلق السلطة. 
  
2-  التعاقدية:
ان فهمنا للديمقراطية دون ارتباطها بالدستور لهو فهم سلبي لأن الدستور بمواده التي عبر عنها الشعب عبر ممثليه في البرلمان وعبر استفتاء عام ساهم في التصويت عليه من أجل الحفاظ على الديمقراطية وفي طار يحميها من اي استغلال لأي فئة تستفرد بالنظام وبالتالي الشعب يضمن الرقابة من خلال تنفيذ مواد الدستور و التقيد بها. 

 
3-  القبول والرضى:
ومبدأ القبول والرضى هو قرار تتخذه الأغلبية وعلى الأقلية ان ترضى به وأن يعترف أيضاً باحترام حقوق الأقلية وعدم هضمها وخاصة اذا ما كانت النسبة بينهما بسيطة اي 51% مقابل 49%.
وبالامكان وضع ضوابط للرضى والقبول عبر طريقة النسب المتفاوتة لكل كتلة حسب تمثيلها لإرضاء الأقليات وبهذا النظام نفوت الفرصة في المجتمعات  المنقسمة طائفياً.
 
4-حكم الأغلبية واحترام حقوق الأقلية:
 
صحيح في المجتمعات الديمقراطية الأغلبية تقرر والأقلية تلتزم وتخضع للأكثرية وفي نفس الوقت لا يعني وجود حكومة ديمقراطية يوجد مجتمع ديمقراطي فأحياناً الأغلبية من الشعب والتي أوصلت حكومة معينة لا تتمتع بالثقافة الديمقراطية، وبهذا للديمقراطية خاصتان:

أولهما: اتساع حقوق المواطن والمشاركة العالية من المواطنين والمساواة بينهم في اتخاذ ما يرونه مناسبا .

ثانياً: يتضمن حق المواطنة فرصة المواجهة في تنحية أعلى مسئول تنفيذي في الحكومة من منصبه من خلال التصويت ضده في الانتخابات وبهذا في المجتمعات الديمقراطية المتطورة تضمن الأقلية وصول رأيها عبر التقنيات الحديثة وهذا ما يحدث للدول الديمقراطية المتطورة حيث لكل مرحلة متطورة من الديمقراطية  خصائص تتناسب معها. 
 
5- حرية الرأي والتعبير:
 
ان حرية الصحافة وإبداء الرأي في وسائل الإعلام والوصول إلى المعلومة عبر التقنيات الحديثة وحرية الإدلاء إلى الصحافة وثقافة المكاشفة والشفافية لهي خصائص للديمقراطية وركيزتها الأساسية والتي يتوجب ان يحميها القانون. وعبر هذه الوسائل يزداد الوعي بحق المواطن وحينها لا يتردد في المطالبة بحقوقه مما يعطي دافعاً للإبداع في كل المجالات.

 بعد تناولنا خصائص الديمقراطية بشكل مختصر انتقل بنا الكاتب جاسم الحلفي إلى صور الديمقراطية وأنواعها .
وهي كالتالي:-

1-   الديمقراطية المباشرة:-
الديمقراطية المباشرة هي نوع من ممارسة اليونانيون القدامى في اتخاذ قرار الشعب بشكل مباشر ودون وسيط، وكان اليونانيون بحكم صغر المدينة وقلة السكان يجتمعون في ساحة كبيرة يتخذون قراراتهم بشكل مباشر . وهذا الشكل يمكن ايجاده في خمس مقاطعات سويسرية صغيرة اذ يقوم السكان هناك بانتخاب عدد قليل من بينهم لتولي بعض الوظائف العامة باسمهم لمدة عام لإدارة وسير اعمالهم في الشئون الداخلية.

2-  الديمقراطية غير المباشرة ( النيابية):-
وهي النموذج المتبع لدينا وفي معظم الدول عبر انتخاب نواب ممثلين من الشعب يمثلون السلطة التشريعية في البرلمان ويناقشون ويقررون كل برامج السلطة نيابة عن الشعب، ويكونون مؤتمنون على تنفيذ برامجهم لمدة معينة حسب دستور البلاد وهم يمثلون كل الشعب وجرت العادة في النظم السياسية البرلمانية ان تكون وظيفة النواب في البرلمان تشريع القوانين وإقرار الميزانية ومراقبة نشاط السلطة التنفيذية ومنحها الثقة، وبعض الدول الكبرى تعتبر السلطة التنفيذية تابعة للسلطة التشريعية ومسئولة امامها.

3-  الديمقراطية شبه المباشرة:
هو نظام يمزج بين الديمقراطية المباشرة والديمقراطية غير المباشرة. فالديمقراطية المباشرة يتدخل فيها الشعب في تقرير عدد من القضايا التي تخص الشئون العامة ولكن من جهة أخرى هناك نواب منتخبون يقومون باختصاصات محددة” اذ يمارس الشعب مظاهر السيادة دون وسيط والنواب يمارسون دورهم كوسيط عبر مجلس منتخب، ويحق للشعب بالتدخل بشكل مباشر لممارسة بعض مظاهر السيادة عن طريق وسائل تختلف من نظام سياسي إلى نظام آخر وأهمها حق الاقتراع الشعبي بأن يلزم عدد من المواطنين البرلمان بوضع ومناقشة مشروع قانون والتصويت عليه، وحق الاستفتاء الشعبي والاعتراض عليه، حيث يضمنه الدستور ،فقد منح الدستور الايطالي حق الغاء قانون جزئياً او كلياً بواسطة الاستفتاء اذا طلب ذلك 500 الف ناخب.