المنشور

“دور الجامعة العربية السلبي في عدم الوقوف مع الشعوب العربية التي تطمح للحرية”


في هذا التاريخ  يصادف  مرور سبعون عاما على تأسيس الجامعة العربية من 22 مارس 1945 إلى 22 مارس 2015 , حينها  كانت الدول العربية المؤسسة  للجامعة  العربية في تلك الحقبة من الزمن هي  المملكة الأردنية الهاشمية, و الجمهورية السورية, و المملكة العراقية  سابقاً, ثم المملكة العربية السعودية و الجمهورية اللبنانية, و كذالك  المملكة المتوكلة اليمنية  سابقاً.  وقد وصلت العضوية الآن  فى حرم الجامعة العربية  إلى 22  دولة  كان ذلك على مراحل, و كان  من ضمن الاهداف الجامعة العربية ان تصبح  منظمة إقليمية تعمل على توثيق الصلات بين الدول العربية الأعضاء من اجل التنسيق فيما بينهم لوضع الخطط في المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الأمنية.
 
 نعم هذا شيء تاريخي جميل جدا أن يقام مثل هذا المشروع الكبير, و من المفترض من  فترة زمنية طويلة جداً كان قد مهد للوحدة العربية لو كانت الإرادة  للدول العربية المؤسسة تصب فى هذا الاتجاه,  و من اجل الاستقلال الوطني الحقيقي و من ثم الابتعاد عن الهيمنة للاستعمار الذي عم البلدان العربية, و الحصول على  القرار السياسي المستقل بعيدا عن التبعية للوصايا الاستعمارية و الهيمنة الامبريالية, و التأثير الصهيونى و الرجعي, وهكذا قد وصلت الشعوب العربية و قواها الوطنية الديمقراطية و اليسارية الى قناعات  بأن الوضع الراهن لم نرى  فيه من انجاز واحد لا سياسي و لا اقتصادي, و لا صناعي, و لا علمي, و لا ثقافي, و لا حتى رياضي  من قبل الجامعة العربية,  ولا  موقف وطني مشرف لا لصالح البلدان العربية و لا للشعوب العربية,  ثم ان مسألة القومية العربية قد حاربتها بعض الانظمة العربية خصوصا فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي حاول ان يدخل فى وحدة مع سوريا, الا ان القوى المضادة فى الجامعة العربية قد افشلت المشروع الوحدوي انذاك بالتعاون مع الاستعمار.
 و ايضاً  و من  خلال   الأوضاع الراهنة والساخنة على الساحة العربية الحالية فهي  توضح تماما ان الجامعة العربية ليس لها مشروع وطني قومي سياسي او اقتصادي  لصالح الشعوب العربية, بل مانراه ان الجامعة العربية تسير وراء الاوهام  والشروع في التجهيزات العسكرية  متحالفة مع المشروع للقوى  الاقليمية و الامبريالية والصهيونية, و التي تسعى لأن يكون الوطن العربي فى حالة من الازمات  العسكرية و السياسية والاقتصادية  لمشروع التمزق العربي و تدمير لقواه الاقتصادية,  و تدمير بناه التحتية و العسكرية بقرار عربي من الجامعة العربية,  و  ذلك مثل مايحدث  في سوريا  وليبيا و العراق و اليمن  و لبنان  وبلدان عربية اخرى.   ومن ثم  هناك دولاً عربية قد دعمت و ساندت و سلحت  هجوم قوى الإرهاب من قبل المرتزقة في العالم و المدعوم من قبل أنظمة اقليمية و عالمية  أجنبية  مع تطبيق عقلية الفوضى الخلاقة لمفهوم الليبرالية المتوحشة التي تطبق من قبل النظام الرأسمالي, و الصهيونية في العالم بقيادة أمريكا و بعض الدول فى  الاتحاد الاوروبي  لتدمير الوطن العربي.  حقيقةً ان الشعوب العربية  ترى أن الجامعة العربية  ليس لها أي مخرج عربى قومي لحلحلة الاوضاع الماساوية فى الوطن العربي  و فى المقدمة القضية الفلسطينية,  بل هي مقيدة  و تسير فى اتجاه تبعية السياسات الرأسمالية الصهيونية و الرجعية العربية.
حقيقة  ومع اختلافنا مع نظام الاسد كنظام دكتاتوري مثلما كان نظام صدام حسين وحسني مبارك  والقدافي, الا اننا نرى ان تدمير سوريا و العراق وليبيا  و اليوم اليمن  سوف يعمل خلل يصعب اصلاحه في  الوطن العربي على مدى سنوات قادمة, خصوصا مسالة تدمير   القوى المعادية للكيان الصهيوني وتتمثل  في سوريا,  و اهمال المقاومة الفلسطينية او تطويعها للسياسات الامبريالية,  و من ثم تدمير القدرات الاقتصادية و البنى التحتية للدول العربية المعادية للامبريالية,  و تبذير للثروات النفطية العربية,  و إلا لماذا هذا التحالف الامبريالي الصهيوني مع بعض الانظمة الشمولية  العربية بصنوفها وافكارها المتخلفة التي  تسعى وتبارك تدمير الوطن العربي بالتحالف مع القوى الاقليمية صاحبة الاطماع في الوطن العربي.
 
حقيقةً  ان السبب الاول  لما يجري على مستوى الوطن العربى من ازمات سياسية و اقتصادية و عسكرية هو لصالح ان تبقى اسرائيل صاحبة السيادة على قرارات الشرق الاوسط, و المتحكمة في السياسات الاقتصادية لصالح الشركات الاحتكارية العالمية,  و في المقدمة الانجلو أمريكية و الغربية  تحت السيطرة الصهيونية.  كما ان تحفظ  المصالح العليا  لامريكا و الكيان الصهيوني و ان تبقى الانظمة العربية الرجعية الدكتا تورية صاحبة القرار و النفوذ في الجامعة العربية لضرب كل الحركات والاحزاب العربية المعادية للامبريالية والانظمة الدكتاتورية, ثم ان  من خلال السياسة الامريكية و التطبيق لسياسة  الفوضى  الخلاقة في الوطن العربي, و تدمير الوطن العربي  لصالح السيطرة على منابع النفط و الغاز والاسواق التجارية والعسكرية و من اجل سلب السيادة الوطنية والشعبية وجعل الشعوب العربية تعيش تحت الهيمنة والنفوذ للأمبريالية,  و اعتقد هذا ما تخطط اليه القوى المعادية للشعوب العربية من المحيط حتى الخليج العربي  تحت قبة الجامعة العربية و الذي يتمثل فى شن العدوان ان كان من قبل اسرائيل او الامريكان او من ينوبون عنهم من انظمة عربية, او قوى همجية مرتزقة هذا  امر صعب تحت مرأى و مسمع الجامعة العربية,  وهى التي تساوم على القضية الفلسطينية منذ عام 1948  و لغاية الان,  ومن ثم قد تعودنا  ان نسمع اصوات الشجب و الاستنكار  مثلما حدث فى حرب تدميرية على غزة عام  2014 , و  من حروب أخرى  كانت قد شنتها إسرائيل على العرب,  و للاسف  كل ذلك فى ظل هيمنة الجامعة العربية على القرار السياسي و المستمر فى محاربة تطلعات الشعوب العربية فى نيل  الحرية والاستقلال الوطني الحقيقي,  و بناء الاسس لنظام عربي ديمقراطي تكون فيه للشعوب العربية ادوار, و ليس مثل ما هو الان ان الشعوب العربية مغيبةً’ و مضطهدةًة و مكبوتةً’ و محاربةً من قبل الانظمة العربية, وها نحن الشعوب العربية نعاني من سطو الانظمة الشمولية  العربية التي تحارب شعوبها و تمنع  الحريات العامة و الخاصة ومحاربة حرية الانشطة السياسية و الفكرية و النقابية, و المحاولة لعرقلة كل الانشطة المدنية, و تغييب لمسألة حقوق الانسان, و اضعاف التطور الديمقراطي و المشاركة الشعبية, بل نرى ان هناك  دولاً عربية هي من ينفخ في تأجيج الصراع الطائفي فى اكثر البلدان العربية بمباركة الجامعة العربية, ولديهم توجهات لدعم و تشجيع الثقافة الطائفية على حساب تغييب الوعي القومي و الوطني و الديمقراطي فى صفوف الشعوب العربية, و تدميير كل ما له صلة بشعارات القومية العربية او الوحدة العربية او أي شيء لصالح الشعوب العربية, و منها التراث التاريخي الذي يبرز معالم الحضارات التي نشأت على الارض العربية, و  هذا مايحدث فى العراق وسوريا و بلدان عربية اخرى.
 
  نعم و هكذا  سوف تبقى الشعوب العربية خاضعة عشرات السنين تحت سيطرة الاستعمار الجديد الامريكي الصهيوني الاوروبي بمباركة الانظمة الرجعية العربية تحت قبة الجامعة العربية,  وسوف تضيع كل الجهود للقوى الوطنية  الديمقراطية التي تطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية  و حقوق الانسان,  و سوف تبقى مثل هذه المطالب صعبة للغاية و من هنا يجب ان تتعالى الاصوات المعادية للحروب  الهمجية فى  سوريا و العراق و ليبيا  و اليمن وغيرها من البلدان العربية كواجب وطني وقومي للشعوب العربية وقواها الوطنية والديمقراطية واليسارية, و ان تتعالى الاصوات  ويشتد النضال الوطني من اجل  تحقيق المطالب بالديمقراطية, و اعطاء القوى الوطنية و الديمقراطية الفرصة فى الوصول لمراكز القرار السياسي لانقاذ الوطن العربي من المزيد من الانقسامات و الدمار الشامل الذي يصب لصالح الهيمنة لقوى الظلام و الرجعية و الاستعمار الجديد العسكري و الاقتصادي.


  
  جواد المرخي/
المنبر التقدمي / البحرين