المنشور

قصص قصيرة جداً

اطمئنان
كان عليه أن يموت. ليضع حداً لذلك الشتات الذي أضناه، وأرّقه ليالٍ عجاف. ما كان لهم أن يلتفوا حول بعضهم البعض كعائلة صغيرة، لو لم تغادره الروح ويحضروا هنا ليعزّوا أنفسهم فيه. ها قد اطمئن قلبه بعد أن ترك لهم ذلك الدفء الذي طالما اشتاقه طوال سنوات الشتات. ولا ضير إن فارقهم الآن. يكفيه أنهم اجتمعوا وإن غاب عنهم، إأن غاب الوطن.

رطانة
في الساعة الوحيدة التي منحت لإستراحة الغذاء، اخترت مطعماً قريباً، ومألوفاً اعتدت أن ألجه كلما ولجت للمنطقة. بدا المطعم شبه خالي، فيما كانت فيروز تصدح بحنجرتها الذهبية، كانت العاملة تمسح الأرضية والعاملون منهمكون جداً في إعداد الأطباق. اتخذت لنفسي زاوية قصية ورحت اترنم مع فيروز. كل شيء بدا منسجماً ومتناغماً: الديكور، الأكل، والموسيقى والكلمات سوى الرطانة التي أفسدت عليّ متعة اللحظة.

غليون
قفزتُ من سريري وهرعت إليه من فوري.. ما أن لمحني خلف الباب الموارب حتى ناداني، وأسقط في كفي الصغيرة تلك البيضة التي سلقها تواً على جمر المنقلة. تلقفتها بفرح ورحت أنقلها من يد لأخرى كي تبرد قبل أن التهمها. كبرت. وبقي جدي مقرفصاً في زاويته الأثيرة. يشذب غليونه العتيد حتى بعد مضي أربعة عقود من رحيله.