المنشور

المديونية وتقرير ديوان الرقابة المالية

كشف تقرير ديوان الرقابة المالية أن رصيد الدين العام للدولة قد بلغ كما في 31 ديسمبر 2019 حوالي 13.6 مليار دينار، فيما بقيت فوائد القروض المدفوعة على نفس المستوى مقارنة بعام 2018 إذ بلغ اجمالي فوائد القروض المدفوعة في عام 2019 حوالي 644 مليون دينار، وقد بلغت نسبة رصيد الدين العام من الناتج المحلي 101.2% لعام 2019، وبلغت نسبة فوائد القروض المدفوعة في عام 2019 من اجمالي إيرادات الدولة حوالي 22%..
وكما هو معروف فإنه ومنذ عام 2014 عندما تدهورت أسعار النفط وانخفضت بشكل كبير من 130 دولار للبرميل الى ما دون 35 دولار، استمر الديّن العام لمملكة البحرين في الارتفاع، حيث تشير البيانات الرسمية إلى أن الرصيد في سنة 2012 بلغ 3.9 مليار دينار (33.6% من الناتج المحلي الإجمالي)، ثم قفز إلى 5.1 مليار دينار في عام 2013 ( 41.8% من إجمالي الناتج المحلي) وارتفع إلى 5.4 مليار دينار عام 2014 ( 42.9% من إجمالي الناتج المحلي) ووصل إلى 7.1 مليار في عام 2015 ( 60% من إجمالي الناتج المحلي) وارتفع ليصل إلى 8.9 مليار دينار في 2016 (74.2% من إجمالي الناتج المحلي)، ثم قفز إلى 12.4 مليار دولار عام 2018 (94% من إجمالي الناتج المحلي)، واستمر في الارتفاع إلى أن وصل إلى رقمٍ قياسي تجاوز ال 13 مليار دينار حسب ما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية.
وبناء على هذا الارتفاع المخيف طلبت الدولة من السلطة التشريعية أكثر من مرة الموافقة على رفع سقف الدين العام إلى ان وصل الى 13 مليار دينار.
إن هذا الارتفاع الهائل في المديونية العامة ومقارنة إلى حجم الاقتصاد البحريني وموارده المحدودة وبالمقاييس الاقتصادية تعتبر مرتفعة للغاية، فالبحرين هي الأفقر في الموارد النفطية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتنتج نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يومياً، ومواردها غير النفطية ضئيلة جداً لا تتجاوز 15% فقط من مجمل الإيرادات العامة.
إرتفاع المديونية بعد التحدي الأهم الذي يهدد الاستقرار الاقتصادي للمملكة، ولذلك اتخذت الدولة كافة الإجراءات لوقف نموه، ويأتي على رأس تلك الاجراءات سياسة مالية تقشفية صارمة انخفضت على أثرها المصروفات الحكومية وتوقف الدعم الحكومي على بعض السلع الاستراتيجية مثل البنزين.
وعلى الرغم من كل ذلك يفاجئنا تقرير ديوان الرقابة المالية لعام 2019 بوجود 1.54 مليار دينار ديوناً غير مدرجة في رصيد الدين العام، وذلك بعد قيام جهات حكومية بالاقتراض المباشر من الصناديق الخارجية، وهو ما يجعل مجموع الدين العام يصل إلى 14.54 مليار دينار، فيما تأكل فوائد القروض ما يقرب من 22% من الإيرادات الحكومية.
كما رصد تقرير ديوان الرقابة المالية أن وزارات وجهات حكومية تقوم بالاقتراض المباشر من المصارف المحلية بقيمة 1.8 مليار دينار دون إدراجها في رصيد الدين العام، تحت أي عنوان يدرج هذا الاقتراض؟ وكيف سمح لهذه الجهات بالإقتراض دون موافقة وزارة المالية والسلطة التشريعية؟
المؤكد أنه أكثر من تجاوزات. الاقتصاد الوطني لا يتحمل ما يسمى بالمخالفات أو التجاوزات غير الممنهجة التي تقوم بها بعض الوزارات والجهات الرسمية كما بينها تقرير ديوان الرقابة المالية.
ويكشف التقرير أيضا أن المساعدات الاجتماعية لا تتوقف بموت الفرد حيث تم صرف مبالغ المساعدات لأفراد متوفين نظراً لعدم تحديث بيانات وفاتهم في نظام الهيئة، حيث بلغ عدد الحالات التي تم صرف المساعدات لهم بعد تاريخ الوفاة حوالي 639 حالة للدعم المالي و 113 حالة للضمان الاجتماعي و 613 حالة للتعويض عن اللحوم و 69 حالة لمخصص الإعاقة.
ويطالعنا التقرير بأن وزارة التربية والتعليم صرفت علاوة سكن لبعض المدرسات غير البحرينيات رغم توفير سكن لهم، كما قامت هذه الوزارة بصرف علاوة انتقال لبعض الموظفين على الرغم من قيامها بتوفير وسائل النقل لهم. كل هذه التجاوزات تعتبر اهدار للمال العام، وللمال حرمة.