المنشور

المنبر التقدمي” في اليوم العالمي لمكافحة الفساد”

الفساد أضر بالوطن والمواطنين وتجفيف منابعه يجب أن يكون فى صدارة الأولويات
قضايا الفساد لا تسقط بالتقادم وأهمية إنشاء لجنة وطنية لمكافحة الفساد

يُحي العالم في هذا اليوم، التاسع من ديسمبر، مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، ويأتي هذا العام حاملاً شعار “التعافي تحت راية النزاهة”، وذلك من منطلق أن الفساد يزدهر في أوقات الأزمات وأن الوباء العالمي كوفيد 19 ليس استثناء مما يتطلب اتخاذ كل ما يلزم للحيلولة دون استغلال الظرف الراهن بفتح قنوات جديدة للفساد والإفساد.

وبهذه المناسبة يؤكد المنبر التقدمي على ضرورة اعتماد وتعزيز قيم ومبادئ النزاهة كأساس لمكافحة الفساد كي يمضي شعب البحرين قدماً بثقة نحو مستقبل أفضل ازدهاراً واستدامة، وفي الوقت الذي يرحب فيه التقدمي بما أشار إليه مجلس الوزراء وفقاً لما نشر يوم أمس الثلاثاء حول ذات المناسبة من أهمية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد من خلال تطوير الأجهزة الرقابية وسن وتحديث التشريعات بما يخدم التطلعات المنشودة الرامية إلى تعزيز نهج الشفافية والمحاسبة وتعزيز حقوق الإنسان، فإنه يشدد على أهمية تسريع الخطوات التي من شأنها توفير كل ما يقتضيه السير في هذا النهج بحزم وثقة ويرسم معالم نقطة الانطلاق المنشودة التي تكفل بالنهاية محاربة كفؤة وفاعلة في محاربة الفساد، وفي هذا السياق ندعو إلى إعادة النظر في الضوابط والاجراءات التي وردت في التعديلات الأخيرة على اللائحة التنفيذية لقانون ديوان الخدمة المدنية والتي منعت موظفي الحكومة من توجيه النقد لسياسة الحكومة وقراراتها بأي وسيلة من الوسائل في الوقت الذي نحتاج فيه إلى إرساء قيم ومباديء حرية الرأي والتعبير وتشجيع المواطنين في أي موقع كانوا على الكشف عن مواقع الخلل والفساد، وهذه مسؤولية الجميع ولابد أن تتضافر من أجله الحكومة وكل القوى والمؤسسات الأهلية الوطنية خاصة أننا أمام مرحلة تتعاظم وتتكاثر فيها التحديات خاصة بالنظر إلى تفاقم الدّين العام والعجز فى الموازنة العامة والمساس بحقوق وامتيازات المتقاعدين، وزيادة حجم البطالة، وغيرها من التحديات.

إن اليوم العالمي لمكافحة الفساد يأتي هذا العام في ظل ظروف وأوضاع غير مسبوقة أفرزتها جائحة كورونا كوفيد 19 على الصعيد العالمي، كما على الصعيد المحلي يأتي بعد فترة قصيرة من صدور التقرير السابع عشر لديوان الرقابة المالية والادارية والذي تستحضر مع صدوره كل المعاني الدّالة على مدى حاجتنا لتعزيز تلك القيم والمبادئ وتبني الأولويات والمبادرات التي تصب فى خدمة هدف مكافحة الفساد، ووضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، تقترن بإنشاء هيئة وطنية مستقلة ترسخ مبادئ النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد والتي هي أحد الالتزامات المترتبة على الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي وقعّت عليها البحرين في عام 2010.

إن هذه المناسبة تأتي بعد أسابيع قليلة من صدور التقرير السابع عشر لديوان الرقابة المالية والادارية الذى سلط مجدداً الضوء على قضايا جديدة من قضايا الفساد وهدر المال العام، وهذه مناسبة يجدد فيها التقدمي تأكيده على أهمية وضرورة التعاطي الأمثل واللازم والمنتظر تجاه كل المخالفات الواردة في هذا التقرير والتقارير الأخرى السابقة، آملين أن يكون أمر صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء بإحالة 8 ملاحظات إلى النيابة العامة، و10 ملاحظات إلى لجان التحقيق، و215 ملاحظة للمتابعة الادارية مع الوزارات، انطلاقة مبّشرة لمواجهة جادة للفساد المستشرى في العديد من الوزارات والأجهزة الحكومية.

لا يفوتنا هنا من مطالبة النواب بدور فاعل وحاسم في التعامل مع هذا التقرير ومع كل الملفات التي تحمل شبهات الفساد والتجاوزات المالية والادارية، مطالبين النواب ببذل كل ما يمكن من أجل إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة لمكافحة الفساد وتجاوز المراوحة حيال هذا الملف، والنظر بمنتهى الجدية في بقية الالتزامات التي تقتضيها الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، ووضع التشريعات التي تجرّم كل أشكال وأنواع ومستويات التلاعب بالمال العام وتحمي المبلغين عن الفساد، وإصدار تشريع يقضي بمنع تعارض المصالح وتفعيل قانون الذمة المالية، وتشكيل لجنة برلمانية دائمة لنزاهة العمل البرلماني، ومتابعة وقياس حجم التزام البحرين بالتشريعات والتعهدات التي أبرمتها لمكافحة الفساد.

إضافة إلى ذلك يدعو التقدمي النواب وكل الأطراف المعنية ببذل كل الجهود الكفيلة بإصلاح البنية التشريعية والمؤسساتية الموجهة لمكافحة الفساد، وتوسيع الصلاحيات التشريعية والرقابية للبرلمان، وخاصة الرقابة على أداء الحكومة ومساءلتها وتوسيع صلاحيات ديوان الرقابة بما يعزز دوره في الرقابة المسبقة على الإنفاق الحكومى، كما يدعو إلى الدفع بإتجاه إعداد تقارير وطنية مستقلة حول كافة قضايا الفساد، و تفعيل دور قوى المجتمع المدني ووسائل الاعلام والصحافة في مكافحة الفساد وإذكاء الوعي المجتمعي، بثقافة مكافحة الفساد.

إن المنبر التقدمي يؤكد أن قضايا الفساد والإضرار بالمال العام لا تسقط بالتقادم، وأنه لابد من تجاوز سياسة إفلات الفاسدين مما يستحقونه من مساءلة وعقاب، ويدعو إلى اتخاذ مواقف حازمة حيال التطبيق الفعلي لكل مقتضيات النزاهة والشفافية وفي هذا السياق نشدد على ضرورة المضي قدماً وبكل حسم وجدية لخنق الفساد ومكافحته وتجفيف منابعه وتطهير كافة المؤسسات والأجهزة من الفاسدين والعابثين بالمال العام بمختلف مستوياتهم الوظيفية ومحاسبة كل من تسببوا في تعطيل التنمية والتقدم وألحقوا الضرر بالوطن والمواطنين، وأخيراً يؤكد التقدمي على ضرورة وضع تلك المرامي والأهداف في قمة أولويات المرحلة الراهنة والمقبلة.

المنبر التقدمي – البحرين
9 ديسمبر 2020