المنشور

ساعتا الرضاعة والقانون

انسجاماً مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة

ساعتا الرضاعة والقانون

في عام 2015 اعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومنها مملكة البحرين، أهداف التنمية المستدامة (SDGs) السبعة عشر كاملة، أي أنها تدرك أن العمل في مجال ما سيؤثر على النتائج في مجالات أخرى، وأن التنمية يجب أن توازن بين الإستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، والقضاء على كل مايعيق تقدّم الدول للأمام، خاصة منها تلك التي لازالت بالخلف، ولهذا تمّ تصميم أهداف التنمية على جعل العالم يتحول إلى أصفار في العديد من جوانب الحياة المتغيرة، بما في ذلك التمييز ضد النساء والفتيات. والهدف الخامس يُعنى بالمساواة وعدم التمييز، ولا يمكن تحقيقه بشكل منفصل عن الأهداف ال16 الأخرى، وخاصة الهدف الثامن الذي يعنى بالعمل اللائق، وكذلك الهدف العاشر الذي يعمل على الحدّ من عدم المساواة.

ومنذ أكثر من عقدين طالب الاتحاد النسائي، ممثلا في جمعياته، بالمساواة في ساعات الرضاعة بين القطاعين العام والخاص، حيث أن هذه الفجوة في التمييز، وعدم المساواة تسبب الكثير من المعاناة للمرأة في القطاع الخاص، وتعديل القوانين التمييزية هو ما يجب أن تقوم به الحكومة، لأنه مهمة من مهماتها، حيث أن التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة لا يمكن بدون التعديل في العديد من القوانين المتعلقة بالمرأة العاملة سواء في القطاع الخاص أو العام .

ومؤخرا تقدّم خمسة نواب في البرلمان، باقتراح بتعديل المادة 35 من قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بالقانون رقم 26 سنة 2012، لتحقيق المساواة بين المرأة العاملة في القطاع الأهلي وتلك العاملة في القطاع الحكومي، ويتضمن مشروع القانون استبدال المادة 35 من قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بالقانون رقم 26 لسنة 2012، والذي ينصّ على: “تستحق المرأة العاملة بعد الانتهاء من إجازة الوضع وحتى يبلغ طفلها عامين من العمر فترة رعاية لرضاعة طفلها على أن لا تقل مدة كل منها عن ساعة واحدة، وللعاملة الحق في ضمّ هاتين الفترتين وتحتسب هاتين الفترتين من ساعات العمل أسوة بالقطاع العام، ولا يترتب عليها أي تخفيض في الأجر ويحدد صاحب العمل فترة الرعاية المشار إليها في الفقرة السابقة وفقا لظروف العاملة وظروف العمل.”.

وينصّ النص المطلوب تعديله في قانون العمل رقم 26 الصادر في العام 2012/ المادة 35 منه: “على أن يكون للمرأة العاملة بعد الإنتهاء من إجازة الوضع وحتى يبلغ طفلها ستة أشهر من العمر فترة رعاية لرضاعة طفلها على ألا تقل مدة كل منها عن ساعة واحدة، كما يحق لها فترة رعاية مدة كل منها نصف ساعة، حتى يبلغ طفلها عامه الأول، وللعاملة الحق في ضمّ هاتين الفترتين. وتحتسب هاتان الفترتان الإضافيتان من ساعات العمل، ولا يترتب عليها أي تخفيض في الأجر، ويحدد صاحب العمل موعد الرعاية المشار إليها في الفترة السابقة، وبحيث تتناسب مع وقت العاملة وظروفها، ومصلحة العمل.”

لكن الحكومة طلبت إعادة النظر في مشروع القانون، وذكرت بأن المقترح ليس في صالح إدماج المرأة في سوق العمل، وأن له تداعياته السلبية على أصحاب الأعمال ويكبدهم خسائر مالية مع كثرة الإجازات الممنوحه لها.
إن الحكومة معنية بشكل أساسي بتطبيق المساواة في القوانين، وإن خلق الحجج للقطاع الخاص للاستمرار في التمييز ضد المرأة العاملة، سيشجعه على الاستمرار في هذا التمييز، بل سيوغل في تمييزه، بحيث يشمل حقوقا أخرى لإلغائها بحجة تأثر أرباحه بهذه الحقوق، كما حدث سابقا، وقد تمّ إلغاء النص الذي يلزم القطاع الخاص بتوفير حضانات في الشركات التي تزيد نسبة النساء العاملات فيها عن 100 عاملة.

إن ساعات الرضاعة من المواد الأساسية في اتفاقية الأمومة التي سنتها منظمة العمل الدولية والتي نصت على التالي:
– يحق للمرأة الحصول على فترة أو فترات توقف يومية أو تخفيض ساعات العمل اليومية لإرضاع طفلها رضاعة طبيعية.
– تحدد القوانين والممارسات الوطنية المدة التي تسمح فيها بفترات الإرضاع وتخفيض ساعات العمل اليومية وعددها وطولها وإجراءات تخفيض ساعات العمل اليومية وتعتبر فترات التوقف هذه وتخفيض ساعات العمل اليومية بمثابة ساعات ويدفع أجرها وفقا لذلك.

وقد أوصت دراسة علمية نشرتها جريدة الوطن في 18/5/2015 بمساواة المرأة البحرينية العاملة في القطاع الخاص مع نظيرتها في القطاع الحكومي، بخصوص ساعات الرضاعة الطبيعية، وإجازة الرعاية والأمومة، ووقفت الأستاذة المساعدة في كلية الحقوق بجامعة البحرين د.نعيمة الحداد في دراستها المعنونة بـ (المساواة وعدم التمييز بحق الرضاعة الطبيعية للأمهات العاملات في البحرين على قصور قانون العمل بخصوص ساعات الرضاعة الطبيعية وإجازة الأمومة والرعاية، ورأت الحداد لدى مشاركتها في مؤتمر (رؤى قانونية) مؤخرا أن هناك تمييزا في التعامل بين المرأة العاملة بالقطاع الأهلي ونظيرتها العاملة في القطاع الحكومي ودعت إلى مراجعة هذا القانون

تقع على المرأة العاملة ضغوط كثيرة، وذلك في الجهد المبذول للتوفيق بين مهماتها الوظيفية والأسرية، والتي من المفترض أن لا تتحمل تبعاتها بمفردها، بل لابد أن يساهم المجتمع، بتوفير بيئة داعمة لها، لتحقيق مشاركتها في سوق العمل بشكل فاعل، كما أكدت المادة 5 الفقرة (ب) من دستور مملكة البحرين (على أن تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع)، حيث لم تعد مشاركة المرأة في سوق العمل ترفا بل ضرورة من أجل مشاركة المرأة في التنمية ودفع عجلة الاقتصاد.