المنشور

“زرايب العبيد” رواية تحكي معاناة المرأة السوداء

تروي الكاتبة الليبية نجوى بن شتوان في روايتها “زرايب العبيد” مأساة ومعاناة الإنسان الذي خلق ببشرة سوداء، واتخذه الإنسان الأبيض عبداً له يباع ويشترى كالحيوان، ويعيش ذليلاً أجيراً.
في ليبيا قديماً كانوا يتاجرون في ذوي البشرة السوداء. يجلبونهم من دول عدة منها السودان مشياً على الأقدام، يموت منهم من يموت، وتغتصب من تغتصب من النساء، وتموت جوعاً وعطشاً واغتصاباً وعذاباً وبؤساً، وإن شاءت لها الاقدار ان تصل إلى بر الامان فإنهم يعرضونهن في الأسواق للبيع كأي بضاعة تعرض دون شفقة أو رحمة يستطيع من يريد شرائها أن يتحسس جسمها كما يشاء لا كإنسانة بل كبضاعة معروضة للبيع، ثم يأخدها من يشتريها امة له يتصرف فيها كما يشاء جارية خادمة وينادونها (بالشوشانه) اذلالاً واحتقاراً لها أو خليلة تعيش الذل والهوان بجميع أشكاله.
هناك عادات غريبة عند المرأة في المجتمع الليبي القديم، حيث يؤمنون بأن البنت لابد وأن تقفل كي لا يستطع اي رجل أن يغتصبها وذلك عبر امرأة عجوز تطعمهن بعض التمرات وتطلب منهن ترديد بعض الكلمات والقفز على صندوق خشبي، مع أن الجميع يدفع لها مقابل هذا العمل، إلا أنها تنظر إلى المرأة السوداء نظرة دونية، وحتى لو حضرت قبيل موعد المرأة البيضاء، فإن المرأة العجوز تقدم البيضاء عليها، كأنه ليس من حقها أن تأتي إلى هذا المكان.
مع كل ما يعاني هذا الإنسان الأسمر من عذاب وويل، إلا أن هناك بعضاً من قصص الحب التي تتخطى كل أسوار الممنوعات والتجاوزات بين السادة والعبيد، وبينها تلك التي عاشها السيد محمد وجاريته تعويضة التي قاست كل أنواع العذاب والويل، وذلك بسبب عشق ابن سيدها لها، حيث هجر زوجته الجميلة ابنة خاله وتعلق قلبه بتلك الشوشانة كما يطلقون عليها.
كان مستعداً أن يضحي بكل شي مقابل هذا الحب، إلا أن السلطة الأبوية في ذلك الزمان تقف حاجزاً في وجه هذا الحب كي يفرق بينهم، حيث أرسله والده عدة مرات في تجارة الى مالطا حيث تستغرق الرحلة في تلك الايام عدة شهور، ولكنه يرجع اليها باشتياقٍ أكثر ولكن رحلته الاخيره كانت هي منفاه الأخير إلى الأبد حيث وافته المنية هناك.
ولكن هذه العلاقة انتهت بمولود مات بسبب تعجرف وقساوة جده دون أن يعلم أنه حفيده الصبي، الذي كان ينتظره طويلاً وبسبب غلطة ارتكبتها تعويضة لم تكن مقصوده فعاقبها سيد البيت بالضرب والحبس مع ابنها الرضيع ومنعها من إرضاعه مما تسبب بموت الطفل وهو لا يعلم أنه قد قتل حفيده.
الرواية تعطينا مثالاً على العلاقات العنصرية وطبيعتها بين البشر، وما تؤدي إليه من مآسٍ ومن هدر لحقوق الإنسان وطبيعة المجتمعات القبلية في بعض البلدان العربية، التي تصادر حقوق الإنسان بسبب اللون وتعامله كشخص في مرتبة أدنى .