Search Results for: كتلة تقدم

شباب ضائع

شبابٌ غضُ الأعمار في قاعة صغيرة يثيرُ الضجيجَ العنيف. أغانٍ وكلماتٌ مبتذلة، وضربٌ على الطاولات وحناجر متحمسة للهراء، وعدم احترام للناس وصرخات نابية ضد رجال الأمن في المكان. عربدة منذ الصغر تبدو مروعة ورهيبة بشكلٍ لا يطاق.والجو في الخارج ملبدٌ بغيوم الماء والغبار، السيارات تتحول في بضع دقائق إلى حديد محنط بالتراب.تصورت انهم من الوافدين. لا يزيد عمر الواحد منهم على خمسة وعشرين عاماً، شبابٌ متوردون، كل الدنيا مقبلة أمامهم، ولكنهم بدوا كمدمنين قدماء، كهياكلَ عظميةٍ فاقدةٍ للدم والنور، وكشيوخٍ يائسين من الحياةِ ومستعدين للموت بلامبالاة بأي شيء!أخرجوا بطاقاتهم ليؤكدوا انهم بحرينيون.(ظننتكم مجنسين وعراقيين من لهجتكم؟!).(هي الأغنية العراقية التي نرددها، الريل وحمد!).(نعم، أعرف هذه الأغنية الحزينة جداً!). (لكن ما الذي يجعلكم بمثل هذه الحدة والصراخ والفوضى؟!).واصلوا إثارة الضجة، واقتربوا مني ، وسألوني من أنت؟ وما هذا الورق الذي بين يديك؟!حدقوا في بريبة. قلتُ لهم: (إنني أدون الآن ماذا تفعلون، إنني كاتب وأسجل القصص والمشاهد والقضايا التي تجري أمامي، تجعلون الناس في المكان تستاء وتهرب، تبرزون عضلاتكم وتهددون كل من يقترب منكم. لماذا هذا الصراخ والضجيج؟).انتابهم خوفٌ غريب. حدقوا في الورق، تساءلوا: هل سوف تكتب عنا؟ نحن لا نخاف، حتى لو أوصلت هذا لرؤوسنا. نحن نعمل في وزارة مهمة. لكن هل سوف تكتب أسماءنا؟يقول الكهلُ الوحيدُ المهدمُ فيهم مثل خرابة، ومع هذا فهو ليس كهلاً بل هو قريب لسن الشباب، ولكنه مثل تمثال محروق، أو كتلة من العظام من دون لحم أو شحم، هيكلٌ عظمي فيه لحية صغيرة وجمجمة فارغة إلا من تجاويف العظام وعينين غائرتين في الكهف العظمي، تعودان ربما لعصر آخر.ولهذا فهو في هذه السن المبكرة حُول للتقاعد!إنه يصرخ بشكل مستمر، رافعاً قبضته النحيفة، ومع هذا يتوجه لكل الحاضرين بالقبل والعناق بالأحضان، وهو لا يعرفهم، ثم يتجمدُ في مقعده طالباً المشروبات لكل موجود، من دون أن يضع يده في جيبه ويخرجُ فلساً.رحتُ أدون على الورق، فهدأت ضجتهم. سكتوا. راحوا يهدئون بعضَهم بعضا.اقتربوا مني وتساءلوا مرة أخرى: (هل تكتب عنا؟)دهشتُ كيف أن هؤلاء المراهقين يحترمون الكلمة هكذا. دوتْ كلمة (الجريدة) بينهم كأنها يوم الحساب!يصرخون: (هل سوف تكتبُ عنا؟) (نحن لم نفعل شيئاً)، نحن لا نخاف، انشرْ ما تريد!لكنهم هدأوا كثيراً! في دخيلة أنفهسم هابوا سلطة الكلمة.وتداخل مع صراخهم العنيف دخول رجل أشبه بمجنون راح يوجه لهم التهديدات، ويطالب بإغلاق المكيف، وهو بلباس أشبه بتلك التي يلبسها الهاربون من المستشفيات النفسية!كان يوما من أيام الخماسين، هذا الذي نعيشهُ بين الشتاء الذي لم يجئ، والصيف المندفع وهو يحملُ الحرَ والغبار وزوابع كاذبة من المطر!يتقدم القائدُ الصغيرُ في شلة الفوضى نحوي، وعمره ثلاثة وعشرون عاماً، كان أكثر أفراد هذه الشلة شغباً وصراخاً، يغني الأغاني العاطفية بكل التلميحات الجنسية والألفاظ الوقحة، يقحم شتى الكلمات النابية ويظهر كأنه خرج تواً من سجن العقوبات المشددة، ثم إذا به يظهرُ كحملٍ وديع!يقول: (أنا لستُ عراقياً! أنا بحريني ومن المحرق!)، ويظهر بطاقته الشخصية مبرهناً على براءته من العروبة.قلت: (أن تكون عراقياً ليست تهمة!).هدأ الشباب واهتمت القاعة بتدخل الكلمة، وارتاح المكان قليلاً من الشغب.سألتهُ: (لماذا تفعل بنفسك هكذا؟ الآن هي الظهيرة وكأنك كنتَ تشربُ منذ الصباح الباكر؟).قال: ( ليس من الصباح الباكر، بل منذ أمس، لم أتوقف عن الشرب.)!ثم تدفق الشابُ فجأة: (أنا أعمل في وزارة، وراتبي لم يتجاوز مائتي دينار، وزوجتي تعمل أيضاً!).قلتُ ؛ (هذا شيء جيد، اثنان يعملان في أسرة واحدة، ماذا تريد أفضل من ذلك؟ فلماذا هذا اليأس؟).قال: (زوجتي لا يزيد راتبها على مائة وسبعين ديناراً. […]

Read more

السيناريوهات الثلاثة… وربما غيرها!

  هناك ثلاثة سيناريوهات للمشهد السياسي الكويتي في مرحلة ما بعد الانتخابات… أولهما: سيناريو إعادة إنتاج المشهد السياسي المأزوم من جديد واستمرار الوضع على ما كان عليه… وثانيهما وثالثها: سيناريوها إعادة تشكيل المشهد السياسي على نحو جديد إما نحو الأسوأ أو نحو الأفضل… ولعلّ هناك من الشواهد والإشارات ما يعزز احتمال حدوث هذا السيناريو أو ذاك من السيناريوهات الثلاثة على الرغم من التفاوت الكبير بينها! فتتعزز على سبيل المثال فرص سيناريو إعادة إنتاج المشهد السياسي المأزوم نفسه مجدداً وذلك إذا جاءت مخرجات الانتخابات مشابهة لسابقاتها، اللّهم إلا في تغيير بعض الوجوه والأسماء، لأنّ معايير تصويت الناخبين ثابتة لم تتغير، ولأنّ طبيعة الاستقطابات الطائفية والقبلية والعائلية والفئوية والمصلحية المؤثرة على اتجاهات الناخبين في هذه الانتخابات لا تزال باقية على ما كانت عليه في الانتخابات السابقة… وتتعزز فرص هذا السيناريو أكثر إذا لم يختلف التشكيل الحكومي المقبل عن التشكيل الحكومي السابق، وكان امتداداً له، مع تبديل جزئي في بعض المناصب والمسميات وشاغليها. أما سيناريو إعادة تشكيل المشهد السياسي على نحو جديد فتتمثّل مؤشراته ودلالاته في أنّ هناك مزاجاً عاماً في صفوف الناخبين تدفع بهم نحو إحداث تغيير ما في اتجاهات تصويتاتهم، وأنّ نسبة التغيير في تركيبة المجلس المقبل قياساً بالمجلس المنحلّ بلغت قبل إجراء الانتخابات نحو 26 في المئة بخروج 13 نائباً سابقاً من حلبة المنافسة الانتخابية، وأنّ التغيير بعد الاقتراع لن يقل عن تلك النسبة، بحيث سنجد أنفسنا أمام مجلس جديد ومختلف عن المجلس السابق… ومن الجانب الحكومي فإنّ الاتجاه العام هو إحداث تغيير حكومي واسع لن يقتصر على الوزراء وحدهم… بالإضافة إلى ما شهدته التيارات السياسية والكتل النيابية من تغييرات ملحوظة، حيث انتقلت «الحركة الدستورية الإسلامية – حدس» إلى صفوف المعارضة، في الوقت الذي برز فيه تمايز في صفوف التيار التقدمي أو الليبرالي بين «المنبر» و«التحالف» فيما تواجه «كتلة العمل الشعبي» تحديات جدية بتقلّص عددها… وفي هذه الحالة فإنّ تركيبتي المجلس والحكومة المقبلين ستختلفان عما سبق، وكذلك ستتغير أوضاع التيارات السياسية والكتل النيابية وتتبدل اصطفافاتها، وهذا ما سيدفع باتجاه إعادة تشكيل المشهد السياسي الكويتي بعد الانتخابات على نحو جديد ومختلف عما كان عليه قبل الحلّ… وإما أن تكون إعادة تشكيل المشهد السياسي على نحو أسوأ مما كان عليه، خصوصاً في ظل التوجهات غير الديمقراطية والإجراءات الاستثنائية غير المسبوقة تجاه عدد من المرشحين، التي صاحبت الانتخابات لأول مرة، وربما تكون مقدمة لنهج مستمر بعدها يأخذ هذا الطابع ويتكرّس كواقع، بالإضافة إلى تزايد الاستقطابات والنعرات الطائفية والقبلية والفئوية والمناطقية في المجتمع الكويتي وتأثيراتها السلبية على الانتخابات وعلى مرحلة ما بعد الانتخابات… أو أن تكون إعادة تشكيل المشهد السياسي الجديد على نحو أفضل مما كان عليه هذا المشهد قبل الحلّ، وذلك لأسباب منها التوجّه الملحوظ لتمكين المرأة وانتخاب عدد من المرشحات إلى عضوية مجلس الأمة، وما يبدو أنّه حركة بندول الساعة في انتقال المزاج الانتخابي والتوجّه السياسي، واحتمال إعادة بعض الاعتبار إلى التيار التقدمي أو المدني في المجتمع الكويتي، وأخيراً فشل المحاولات التي جرت لفرض توجّهات غير ديمقراطية خلال الانتخابات والاضطرار للتراجع عن الإجراءات الاستثنائية، التي تمّ اتخاذها.  باختصار فإنّ السؤال القائم أو الأسئلة المطروحة، ترى هل سنواصل دوراننا المرهق في الحلقة المفرغة للوضع المأزوم؟… أم سيترافق هذا الدوران المرهق مع تدحرج أخطر وانحدار أسوأ وسقوط أسرع نحو الهاوية لا قدّر اللّه؟… أم لعلّنا سنجد لأنفسنا مخرجاً بديلا نستأنف بعده المسار فنلتفت نحو مشكلاتنا الجدّيّة وقضايانا الأساسية ونحاول ما أمكننا أن نلبي استحقاقات […]

Read more

الرأسمالية الحكومية في الهند

رغم ضخامة السوق الوطنية الهندية، وكثافة القوى العاملة ذات الأجور الزهيدة، لم تستطع الهند القيام بتجربة مماثلة للرأسماليات الحكومية في كل من الصين وروسيا، وقاربت تجربتها تجربة بعض الدول العربية كمصر، رغم توجهها لحكم علماني ديمقراطي.يعود ذلك للطابع المسالم لتجربة حزب المؤتمر التي كانت تعني تداخلات بين الفئات الوسطى القائدة لهذا الحزب وطبقتي الإقطاعيين الزراعيين والدينيين، وهو أمرٌ ماثل حراك الفئات الوسطى المصرية منذ الوفد حتى الضباط الأحرار، ومن هنا جاء اللقاء في كتلة عدم الانحياز.لكن مسائل التشابه تعود لقضايا أكثر تعقيداً وبشكل أوسع وبطريقة تلاق غريبة، فقد قام حزب المؤتمر بعد الاستقلال عام 1948، بتأميم صناعات عديدة وانشاء القطاع العام في العديد من الصناعات، في مشابهة أخرى للتجربة المصرية.يقول تقرير عن المشكلة الاقتصادية للهند بالرؤية التالية:“ويرى كثير من الخبراء الهنود والأوروبيين أن هذا النمط التنموي الموجه ظل يعمل بكفاءة طيلة فترة حكم نهرو، حيث نجح في خلق قاعدة صناعية واسعة ومتنوعة، فضلا عن تحقيق قدر كبير من الحرية للاقتصاد الهندي في مواجهة التبعية الخارجية. ويذهب البعض إلى أن الفضل في ذلك يرجع إلى ما كانت تتمتع به النخبة الهندية في ذلك الوقت من رؤية للتحديث، مما ساعدها على التوظيف الأمثل لموارد الدولة المتاحة واستثمارها في القطاع العام الصناعي. ومع هذا تظل نقطة الضعف الأساسية في هذا النمط التنموي في أنه لم يكن مصمماً على افتراض ضرورة التصدير للأسواق الخارجية، استناداً إلى اتساع السوق الداخلية الهندية والوفاء باحتياجاتها من السلع والخدمات. وبالتالي فإن بؤرة تركيزه انصبت على تحقيق طفرة إنتاجية كمية وليست نوعية عالية للصناعة الهندية، وهو ما أدى بدوره إلى ضعف قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية”، “موقع المعرفة، تطورات الاقتصاد الهندي، بقلم عبدالرحمن عبدالعال).رغم صوابية هذه النظرة فإنها تبقى جزئية، فالقضية أكبر من ضعف القطاع العام الصناعي، فالثورة الصناعية تفترض ثورة في الإنتاج الزراعي وتغلغل المكننة في الريف، وهذا ما لم يحدث، بل تـُرك الريف في تخلفه وبسيادة الإقطاع داخله، وبكل فسيفساء القوميات وهيمنات رجال الدين الكثيرين والسحرة وغيرهم وهذا أمرٌ ينفي الثورةَ العلمية الرديف الثقافي للتصنيع في المدن والأرياف. وبهذا فإن المدنَ الهندية الكبرى تعرضتْ لموجاتِ الهجرة من الريف نحوها وملئها بالعمالة الرثة وببحر من المقتلعين والمهمشين وبمدن الصفيح، فنجد شيئاً من المشابهة هنا كذلك مع الاقتصاد المصري والعديد من اقتصادات الدول العربية والإسلامية.وبدلاً من ذلك لجأت الحكومة الهندية إلى عمليات واسعة لاستصلاح الأراضي حققتْ شيئاً من الفوائض الزراعية لسنوات، لكن الإنتاج الزراعي ظل راكداً.إن فشل القطاع العام الصناعي كان متوقعاً، أولاً بسبب جزريته وسط المحيط الزراعي الحرفي القروي، وثانياً لضعف الموارد التي كانت سوف تأتي من عمليات إصلاح الريف، وثالثاً للفساد والبيروقراطية داخل هذا القطاع.وبهذا فإن تجربة (الاشتراكية) الهندية استنزفت الموارد وعجزت عن القيام بتحولات جذرية في القطاعات الاقتصادية الكبيرة، فحصلت أحزاب اليمين على فرصة لرفع شعارات الخصخصة، وتغيير التحول الاقتصادي بجهات جديدة.إن الهند وهي تشكل نظاما انتخابيا حرا، لم تستطع أن تقوم بإصلاحات شبية بإصلاحات ستالين وماو، في استنزاف الريف واستخراج الفوائض منه، لتوسيع الصناعات الكبرى، ولم يكن ذلك ممكناً عند أقطاب المؤتمر وأساسهم الاجتماعي البرجوازي الوطني، فحاول المؤتمر أن يوازن ويحتفظ بدور الأب السياسي الراعي للطبقات المحافظة، والفقيرة على حد سواء ، وهذا محالٌ إلا في فترةِ توازنٍ اقتصادي مترجرجة بين الطبقات الأساسية، لكن الطبقات الفقيرة تنمو بمعدلات هائلة، والتصدير ضعيف، والصناعات مُستنزفة بيروقراطيا، فكان مجيء اليمين والأحزاب الهندوسية الدينية، والتوجه لتصعيد دور القطاع الخاص، كقيادة للاقتصاد. وقامت هذه بإجراءات الخصخصة الواسعة بدءا من أوائل […]

Read more

يسرقون الوطن “دفان سترة”

“لجنة التحقيق في أملاك الدولة” التي تشكلت منذ أكثر من عام ونصف كلجنة تحقيق من قبل مجلس النواب، لا نعرف هل انتهت من التحقيق، بمعنى هل أنجزت أعمالها التي من أجلها تشكلت، أم انتهت مدتها الزمنية المحدودة؟ الذي نعرفه، ما تناقلته الصحافة المحلية بأن رئيس اللجنة وزملاؤه الأعضاء من النواب يشكون من عدم تعاون العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية مع اللجنة، وما تطلبه من وثائق ومستندات، يعني وضعت متاريس حجرية وربما حديدية لا تستطيع اللجنة عبورها أو تجاوزها.   وسبق هذه اللجنة بحوالي ثلاثين عاماً عندما طرحت كتلة الشعب في المجلس الوطني 1973 -1975م مشروع بقانون بتسجيل وتوثيق كل أراضي وأملاك الدولة، ولكن ذلك المشروع أو الاقتراح رفض من قبل بعض أعضاء مجلس النواب والحكومة في حينه، وسبق أن ذكرنا في مقالاتنا بعض مما دار في جلسات المجلس الوطني آنذاك.  بعد ثلاثين عاماً جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وتمت سرقة أضعاف ما كان يفترض بان يسجل كأملاك عامة، وأصبحت ثلث البحرين أملاك خاصة بما فيها السواحل والجزر والبحار، ولم يبق شيء للأجيال القادمة. إنهم يسرقون البلاد بحراً وأرضا وليس فقط الأموال من عائدات النفط “البترول” وحولوا البحرين إلى إقطاعية خاصة يتقاسمونها، وعلى النواب أن يقبلوا بذلك الفعل بحق الشعب، هناك من الأفراد من يعطي له أجزاء واسعة من بحر البحرين ويدفن له من أموال الدولة، وتباع تلك الأراضي فيما بعد إلى مستثمرين خليجيين وأجانب، ابحثوا عن السواحل في المنامة والبحرين إن وجدتموها تكون أملاك خاصة حتى المقابر والمواقع الأثرية لم تسلم من السرقة، مقبرة وتلال عالي الأثرية والتاريخية وتلال مدينة حمد، والمحميات الطبيعية تحت البحر وبالقرب من الفشوت والهيرات، بيوت الأسماك الطبيعية تم تخريبها ودفنها وسرقتها وبيعها، ليس فقط خليج توبلي، تم دفن مساحات واسعة منه لمتنفذين وتخريب طبيعته الجميلة والخلابة.   هؤلاء المتنفذون ومن يمنحهم ويهبهم تلك الأراضي، لا يهم بالنسبة إليهم ان تغيرت طبيعة الخلجان أو المحميات أو التلال والهيرات، فالكلام في الصحافة والأعلام شيء وما يجري على الواقع شيء آخر، وفي هذه الأيام سيناريوهات جديدة، بدأت في دفان ساحل سترة الشمالي، الذي من المفترض بان تكون في تلك المنطقة حديقة عامة للناس، حسب ما أكده عضو مجلس بلدي سترة، ولكنهم يريدون تحويل تلك المنطقة إلى قاعدة أو ثكنة عسكرية وكأن البلاد في حالة حرب، وتحتاج لمزيد من القواعد والمعدات العسكرية، ومزيد من استنزاف المال العام على حساب التنمية، وهناك أخبار تناقلها الناس بان ساحل كرانة سوف يدفن وتشيد عليه قاعدة عسكرية في الوقت الذي طال انتظار الأهالي لمركز صحي في المنطقة وتأتيهم الأخبار السيئة، لا ندري، هل يريدون إحاطة القرى بالمزيد من القواعد العسكرية، من المسئول عن ذلك، وما هي مواقف النواب فيما يجري وما هي الخطوات والإجراءات التنفيذية التي سوف نراها من قبل ممثلي الشعب في مجلس النواب، لم تعد مقبولة سرقة الأراضي والبحار في وضح النهار، والنواب لا يحركون ساكناً، لا نريد مناكفات على قضايا طائفية ومذهبية، والبلاد تسرق والمال العام يستنزف في الموقع الخاطئ.     نشرة التقدمي ابريل

Read more

هيئة التخطيط الاستراتيجي .. حاجة أم ترف؟

مرة أخرى تعاود الحكومة رفضها للمقترح النيابي الداعي  لتشكيل هيئة عليا للتخطيط الاستراتيجي، والذي سبق لمجلس النواب في الفصل التشريعي الأول  أن تقدم باقتراح تشكيلها عبر اقتراح تقدمت به كتلة النواب الديمقراطيين، والذي حظي  آنذاك بإجماع  مختلف الكتل النيابية، مما أعتبر مؤشرا عن الحاجة الماسة إليه، علاوة على  الإحساس  بحجم الفراغ الحاصل جراء ما يعتري العمل الحكومي من تخبط وإرباك وإضاعة للوقت وتكريس للبيروقراطية المعيقة لتوجهات التنمية، والتي كثيرا ما تطفو للسطح، لتضيع فيما بعد في دوامة فوضى التخطيط وخلط الأولويات، وبالتالي تعطيل وإعاقة مسار التنمية، ولتتحفز مجددا مؤشرات الفساد، وتتراكم نتيجة لذلك المصاعب أمام الدولة.    غريب أمرنا حقا، فكيف لنا أن نتحدث بزهو عن تجارب ناجحة للكثير من الدول المتقدمة، كسنغافورة أو ماليزيا على سبيل المثال، ونبدأ في تتبع نجاحاتهم، وهم الذين خططوا ودرسوا ونفّذو، ونرفض مجرد الحديث حول ضرورات التخطيط الاستراتيجي ومركزيته على مستوى دولتنا ومؤسساتها؟ وتتباهى جامعاتنا ومعاهدنا بتدريس مناهج وبرامج التخطيط الاستراتيجي، ويستمر الحديث حول مفاهيم الجودة والتمّيُز وزيادة الإنتاجية ومراقبة الأداء وتقليص الفساد والهدر في الموارد العامة والخاصة، وزيادة معدلات الشفافية والتوظيف الأمثل للموارد البشرية والمادية وغيرها! فجميعها مؤشرات ومفاهيم عصرية لا يمكن إهمالها في بناء الدول والمؤسسات. وبالرغم من كل ذلك تبقى إرادة السلطة التنفيذية على مدى أكثر من ثلاثة عقود وتحديدا منذ انتهاء مرحلة الحماية البريطانية وتحقيق الاستقلال الوطني، وانتهاءاً بفصلين تشريعيين غير مقتنعة بأهمية التخطيط، ونراها تصر على إبقاء الأمر للوزارات والهيئات من دون نسق محدد، لتضيع بعدها جهود وميزانيات وكفاءات دون تحقيق أدنى استفادة، وهذا في حد ذاته وبمفهوم الإدارة الحديثة يعتبر فسادا إداريا وماليا أيضا. ونظرا لغياب مفهوم وممارسات  التخطيط تضطر الدولة لإلغاء الكثير من المشاريع والخطط، كما تضطر باستمرار بتوجيه مؤسساتها ووزاراتها ومسئوليها بضرورة التعاون فيما بينهم، لتنفيذ أو استكمال مشاريع تعطلت بفعل غياب الخطط والبرامج أو حتى خلط الأولويات، وهذا بالضبط ما حصل منذ فترة وجيزة عندما  تأخرت بعض الوزارات في تقديم خططها وبرامجها التنفيذية، لتصدر توجيهات عليا للوزراء المعنيين بضرورة التعاون والالتزام.   واقع الحال يقول أن غياب التخطيط  قد كلف ويكلف الدولة عشرات إن لم نقل مئات الملايين سنويا، نتيجة كل تلك الفوضى المستحكمة والتي لا تخضع أبدا لآليات واضحة، وهي بكل صراحة خاضعة لعدة اعتبارات ليس اقلها اعتبارات المزاج الشخصي  للوزير أو المسئول المعني، وهي في أغلب الأحيان ليست ذات علاقة بأولويات التنمية ومصالح وأولويات الناس أيضا.   وإذا كان التفكير بالاقتداء بتجارب دولية وإقليمية ناجحة  وقريبة منا في هذا المجال، هو أمر وتوجه محمود يستحق الإشادة ، مكابر من يعترض عليه، فالأجدر بنا أخذ جوهر ومغزى تلك التجارب، وفهم ابعادها وكيفية بناءها لمقومات نجاحها قبل التفكير في استنساخها،  فهي بالمناسبة لدول نامية تتشابه وتتقاطع معنا في الكثير من الأمور، فتجربة مثل  التجربة السنغافورية تتشابه معنا في عدد السكان والمساحة الجغرافية وقلة الموارد والإمكانات وطبيعة الطقس وحتى تعدد الإثنيات والأعراق، تجعل منها التجربة الأنسب لنا ربما، ولكن يبقى التحدي الأكبر  أمامنا هو كيفية التخطيط لتوظيف مرامي تلك التجارب التي بقينا نتحدث عنها بما يشبه الحلم طيلة عقود طويلة ولم نعكس من نجاحاتها على واقعنا سوى القشور حتى الآن!  فهناك فرق شاسع بين الحلم والرغبات المتوقدة وبين التعاطي بجدية وبعيدا عن الازدواجية في القرار أو التخبط والخلط في الأولويات، وذلك كثيرا ما يحدث لنا لأننا ببساطة نكابر في رفض مبدأ التخطيط الاستراتيجي في ألأساس.  فمتى نعي أن الأخذ بمبدأ التخطيط ليس مساً أو جنوناً أو رجس […]

Read more

المونولوج الإنساني

نحتاج التأمل والوحدة وان دفعتنا الحياة إلى الركض والتهالك، حتى وان رددنا تلك المفردة المتكررة «يا أخي ما في وقت علشان الواحد يستريح!!» صحيح هناك بشر متهالكون ويلهفون وراء الأشياء التي بدت لآخرين أنها النهاية القاتلة لهؤلاء، فيما ردد بالعكس أمثال المتهالكون نحو الوظيفة والعمل والمال أن أولئك البشر لن يصيبهم النجاح لكونهم قبلوا أن يكونوا رهنا للكسل والتراخي. من نصدق بين النقيضين، وان قال لنا طرف ثالث بالإمكان الجمع بينهما فكلاهما يشكلان تطرفا إنسانيا «فنحن لدينا متسع للوقت بالجمع بين الاسترخاء والعمل الشاق» المهم أن تعرف «كيف توزع ساعات وقتك!» وبالطبع سنجد من تستهويه برامج في علم النفس والتي صارت رائجة هذه الأيام وكتابات فائضة عن ذلك الكلام الذي ليس بإمكانه حل مشكلاتنا العاطفية والإنسانية لمجرد قام شخص كوسيط مرشد لتلك الحالة الإنسانية «حيث اخذ يكتب لنا على طريقة أولا وثانيا وثالثا وتاسعا» المهم أنه يحاول تسهيل مهمته الكتابية ومحاضراته التي يراها البعض كلاما من الرغو الاجتماعي والإنساني، تذكرنا بتلك الكتب التي كانت رائجة في بداية الستينات «كيف تتعلم الألمانية في خمسة أيام وبعضهم كان كريما في أسبوع!» والبعض قام بترديد ترجمات في الغرب الذي شكلت ثقافته حالة إنسانية وثقافية مختلفة لا تناسبنا، فنرى ترجمات على طريقة «مشكلتك في يدك» هل أنت من النوع الانطوائي؟ وتبدأ تلك العناوين بتوريط هؤلاء الناس بمنزلقات أعمق وهوة سيكولوجية وعاطفية. فهل نحن بحاجة للتأمل كلذة ومتعة إنسانية كعاطفة مفقودة؟ تلك الحالة الشبيهة بالمونولوج الإنساني، الذي كان ملازما للإنسان منذ القدم. فكم كانت الحوارات الداخلية، دون صوت مسموع متعتنا الصامتة، فهناك القرين الملازم لنا او «ظلنا الحياتي المتحرك»، وكم ردد الناس دون فهم أن هذا الشخص بدأ يجن لكونه يحدث نفسه، مع إن الأمر عكس ذلك، فالمسألة قديمة ومعتادة بين جميع البشر، وكل ما في الأمر أننا سمعنا صوتا تعدى حدوده الداخلية، مثل «الايكو» الصدى الذي لا يمكننا التحكم في مداه عندما يبدأ الصوت في الخروج من الأعماق الداخلية. وليس غريبا أن كل الفلاسفة القدماء كانوا يحدثون أنفسهم مثلما كن ربات البيوت أيضا وهن في مطابخهن، غير إن الجديد في الأمر، انه بدأ يخرج لفضاء جديد اعتقد الإنسان انه اكتشاف وانجاز ضخم، حينما نقله الكتاب إلى عتبة المسرح، ولكننا نسينا أن الحياة كانت هي «المسرح الأكبر» لنا جميعا، وكلنا تارة متفرجين وتارة ممثلين ومبدعين نكتب سلسلة حياتنا بصمت حتى نهاية العمر، حيث في الشيخوخة تلازمنا الوحدة، والوحدة هي المسرح والفضاء المناسب للمونولوج الداخلي، والذي نود أن نصرخ من خلاله كلما اتسعت هوة الوحدة، وبذلك التبادل الجدلي الدائم بيننا وبين الحياة كمسرح ضيق حينا وفي الحين الأخر مسرح عميق بلا مدى أو مجال. لهذا نجح الإغريق كمنتج فلسفي للمسرح، فيما نحن ضيقنا من قيمة المسرح، الذي بإمكانه أن يكتب نصا رائعا هزليا لحياتنا ومؤلما أكثر في حالات عدة. ولكن لا يجوز أن نحيل الحياة باستمرار إلى صورة قاتمة، حتى وان عشنا وحدة الشيخوخة بعالم من الألم الداخلي. كيف نجعلها وحدة جميلة في رحلة العمر؟ بحيث يلازمنا المونولوج كصوت في أعماقنا وذاكرتنا الماضية، لمجرد أن تلك التداعيات يفهمها الناس كصوت لا قيمة له صادر من بشر معزولين في أرذل العمر أو أن دورهم قد انتهى. ا عتقد أن المجتمع جميعه ذاهب نحو محطات عدة، وعلينا أن نبني منظمات مدنية تعني بذلك المونولوج المسرحي الرائع ولا تجعله يتلاشى في الفضاء دون قيمة. والأمثلة كثيرة في المجتمعات المتقدمة فكبار السن والمتقاعدين ليسوا فقط كتلة انتخابية ضخمة وحسب، بل […]

Read more

إصلاح المجلس بإصلاح الحكومة!

الملاحظ أن هناك دعوات مطروحة تركز فقط على ضرورة ترشيد الممارسات النيابية السلبية وتتجاهل الحاجة الملحة إلى إصلاح الحال السيئة للإدارة السياسية للدولة… فهناك دعوات لتفعيل بعض بنود اللائحة الداخلية لمجلس الأمة أو تعديلها لضبط الممارسات النيابية، وهناك اقتراحات أخرى لاستحداث لجنة للقيم في مجلس الأمة، فيما يتوسع البعض الآخر في اقتراحاته فيدعو إلى تنقيح الدستور بحيث يرتفع النصاب العددي المطلوب دستورياً لتوجيه الاستجوابات إلى رئيس الحكومة والوزراء، بحيث يقيّد حقّ النائب الفرد في توجيه الاستجواب باشتراط مشاركة خمسة نواب في التوقيع على صحيفة الاستجواب وأن تتم مناقشة الاستجوابات أمام لجان المجلس وليس في الجلسات العامة… وغير ذلك من دعوات واقتراحات تتركّز فقط حول الممارسة النيابية! وفي هذا السياق نجد من يختصر الأمر ويختزله ويرفع شعاراً مباشراً يدعو إلى عدم انتخاب من يسميهم «نواب التأزيم»، قاصداً بذلك نواب المعارضة وغيرهم من النواب الذين يصرون على ممارسة دورهم الرقابي، وكأن الرقابة البرلمانية تأزيم وليست دوراً دستورياً مقرراً لنواب الأمة، وكأن الشرط الأساسي لوجود حياة برلمانية سليمة أن يكون البرلمان ذا لون واحد و«صورة طبق الأصل» عن الحكومة! ومع أني لا أنكر هنا وجود العديد من الممارسات النيابية السلبية على مستوى لغة الخطاب النيابي، والاستهداف الشخصاني والنزعة الفردية الطاغية التي تتطلب ترشيداً ولكن ليس عبر مثل ذلك التشخيص الأحادي القاصر ولا من خلال مثل تلك الدعوات الارتدادية المطروحة، إذ إن المدخل الأهم إلى تطوير الحياة البرلمانية وترشيد ممارساتها لا يمكن الوصول إليه ما لم يتحقق ذلك في إطار أوسع يستهدف ترشيد الممارسة السياسية في البلاد ككل… وهنا لا بد أولا من معالجة الخلل الأخطر في الممارسة السياسية المتمثل في النهج الفاشل المتبع في الإدارة السياسية للدولة والمعايير القاصرة في التكليف بتشكيل الحكومة واختيارات الوزراء بحيث يتم تغيير هذا النهج وتصحيح هذه المعايير ليتحقق الترشيد المطلوب على مستوى الممارسة الحكومية، التي هي مدخل تصحيح وترشيد الممارسة النيابية، إذ يفترض أن يتشكل مجلس الوزراء رئيساً وأعضاء من رجالات دولة من ذوي الكفاءة السياسية والشخصية وممن يتصفون بالنزاهة، ويمتلكون تصورات إصلاحية واضحة يكونون قادرين على بلورتها على شكل برنامج حكومي إصلاحي واقعي قابل للتطبيق… فالأساس أن الحكومة هي التي تمتلك زمام المبادرة في العمل التشريعي، والأصل أن تتقدم الحكومة وليس النواب ببرنامج العمل وبالأولويات وبمشروعات القوانين المدروسة بناء على ما يتوافر لديها من معلومات وبيانات ودراسات حول المشكلات والقضايا العامة وسبل معالجتها وكيفية التعامل معها والحكومة هي التي يفترض أن تعمل على إقناع الرأي العام قبل النواب بأهمية هذه البرامج والسياسات والمشروعات بقوانين وسلامة مقاصدها وجدوى تشريعها، وأن تكون قادرة على تبريرها والدفاع عنها والتفاهم مع النواب على تعديلها وإقرارها، ناهيك عن أنّ الحكومة وحدها هي التي تشكّل داخل مجلس الأمة الكتلة التصويتية العددية الأكبر التي يمكنها أن ترجح كفة أي تشريع، كما أنها غير ذلك هي التي تمتلك حقّ اقتراح ردّ القوانين التي يقرّها المجلس في حال وجود اعتراضات جدّيّة عليها…  وهذا كله ما افتقدته تماماً التشكيلات الحكومية المتعاقبة، خصوصاً في السنوات الأخيرة، فأدى الضعف الحكومي الفاضح إلى بروز خلل صارخ في موازين القوى بين المؤسسات الدستورية، وبالتالي فقدان الحكومة زمام المبادرة السياسية، وهذا ما فتح الباب أمام بروز بعض الممارسات النيابية السلبية وانتشارها. ومن هنا فإن ترشيد الإدارة السياسية للدولة، بمعنى ترشيد الممارسة الحكومية هو مدخل أساسي لترشيد الممارسة السياسية في البلاد وبالتالي ترشيد الممارسة النيابية… أما السبيل الآخر لتطوير الحياة السياسية في البلاد وترشيد ممارساتها فيتمثل في استكمال أسس النظام الديمقراطي ومتطلباته […]

Read more

الوطن في متاهته!

يتابع بقلق كل وطني حريص على مصلحة الكويت «وهي أولاً وأخيرا». هكذا يرى ويعيش الكثيرون في الساحة السياسية البحرينية, التي يصلها «طشار الكويت تارة على الخفيف وتارة بقوة, فنحن لدينا إرث سياسي مشترك, فهناك مقولة تكاد تكون ثابتة مفادها» إن أي تقدم واستقرار في الكويت يعني تقدم واستقرار البحرين. وعلى العكس تماما فكل انتكاسات سياسية واقتصادية في الكويت الشقيق بالضرورة أنها تتحول إلى البحرين فنحن لدينا لفيف من المؤثرات الكويتية وديمقراطيتها منذ زمن حرب أفغانستان, ولله الحمد تصدر لنا الكويت كل حبها الحقيقي فيما يحاول البعض ترشيدنا فكريا وثقافيا بكل ما يقوله الملا عمر كونه «رجلا من خارج العصر «وهو بالفعل رجل خارج العصر طالما يعيش في الكهوف, ونحن دخلنا القرن الواحد والعشرين وتتملكنا ثقافة وهندسة أمكنة ومدن مختلفة, صارت ناطحات السحاب السياسية مجرد كتلة من الرمل والرماد بعد تحويلها إلى مجرد ركام متناثر . ما يصيب الكويت من تراجع في وضعها الداخلي يتحول إلى شظية في الفضاء البحريني «ولكن السياسة لدينا لها في النهاية نكهتها المحلية حتى وان كنا نتوحد بالثوب القصير والطويل والمزركش والسواد القاتل, ليس كأيامنا في حزن عاشوراء التي صارت حالة سياسية. هذه الثقافة» القادمة من ضفتي الخليج إلى البحرين الصغيرة والكويت» المأسورة» بثقافة صحراوية حاولت الحياة الدستورية تشكيل عجينتها في طينة مدنية متطورة, فلعل الجامعات والسيارات الفاخرة والأسهم المغرية تفعل فعلها الاجتماعي, ولكنها فشلت فشلا حقيقيا في تشكيل الدولة الحديثة المكتملة بكل شروطها المعاصرة, ففي فناء خلفية المعمار الكويتي تعيش هناك ثقافة خفية لم تأخذ ملامح الحياة الدستورية والسياسية ( النيابية ) كل بنيتها الفكرية, فقد تلبس النائب «الصغير» في قبة البرلمان بحقوق الحصانة فصار ماردا, وكأنه ينتقم لضآلة حجمه الإنساني والمجتمعي قبل أن يكون نائبا داخل تلك الجدران, فأصبح صوته أثخن من الطبل ولكنه في حقيقة ذاته يدرك إن صوت «الجماعة» هو الذي يحدد صوته, واعتلاء مطالبه فوق حجم رأسه يأتي من هناك, من قرارات «الحزب الخفي» القادر على تصدير مثقفيه المهووسين بالعنف والقتل والتدمير, بل ويفاخرون عندما يأتون البحرين عن أنهم أحفاد سلالة تبيض الانثراكس كبياض فخرنا العلمي وتطورنا العظيم في كل حقول المعرفة . لقد علمتنا الأزمات وانعكاساتها على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية, وكنا في خليجنا المنهك سياسيا والطافح بثروات الله, فسالت الغنائم بين أيدينا ولكننا لم نسعد بتوزيعها فبتنا نتكالب عليها . وكلما خطونا خطوة الحلم نحو الأفضل تداخلت عصي التعطيل من طرفي العجلة فلا نعرف من الذي يوقفها من الأمام ومن الذي يشدها للخلف, وحينما تسقط عربتنا من الوادي نتحول إلى قوى قادرة على توزيع اللوم دون أن نسأل أنفسنا هل قدمنا حلا للمشكلة ؟ هنا يبرز فكرة المتاهات التاريخية الكبرى حيث تموت قدرة العقل ومصالح القلة وسطوة الفرد والطائفة والقبيلة بل والإيديولوجيات الجامدة , كلها تعجز في إفراز حل لإخراجنا من متاهات اللحظة التاريخية . ليس الكويت وحدها دخلت تاريخيا عنق الزجاجة وتعاملت مع أزماتها بخياراتها الأليمة ولكنها «الممكنة والعصية» القادرة على القفز من حلقة النار , وان كانت دائرة الفساد لن تغيب في كلا الجولتين الدستورية وغير الدستورية . تراجعت بلدان عظيمة كألمانيا عندما قادها مهووس كهتلر نحو جنون حلمه وكم كان التاريخ مجحفا مع نفسه مثلما الوطن والناس كذلك . هكذا يضع الإنسان في البحرين يده على قلبه , إذ يخشى انعكاسات المرآة الكويتية على سطح جزيرتنا, والتي لم تقدم فيها ست سنوات من «الصراخ واللغو» البرلماني إلا غبارا وكحلا للعيون وثرثرة تنقلها المجالس إلى مبانٍ وديوانيات […]

Read more

قضية الفساد المليارية .. المنسية

قضية فساد ألبا/ ألكوا هي أكبر قضية فساد في تاريخ البحرين المعاصر -على حد ما نعلم- فوفقاً لما أكدته صحيفة ‘وول ستريت جورنال’ أن نحو ملياري دولار من مدفوعات ألبا كانت تقدم إلى شركات صغيرة في سنغافورة وسويسرا وأيسل جورني، وتبين من التحويلات المصرفية -بما لا يدع مجالا للشك- أن قطعاً من تلك المبالغ كان يحول لاحقاً لمتنفذين في البحرين على هيئة رشاً وعمولات!! وتبعات تلك القضية مازالت تستنزف شريان المال العام إلى يومنا هذا.. فالصفقات التي أبرمت -والتي لاتزال سارية وستبقى كذلك حتى 2014- تستلّ من خزينة الشركة بحسب تقديرات العاملين في سوق لندن للمعادن ما يتراوح بين 50-60 مليون دولار شهريا ‘بحسب تقلبات أسعار الألموينا’ ورغم فداحة الخسائر لم نلتمس تحركات جدية حيال هذه القضية!! ولولا الصحف الأمريكية التي نبشت الأمر؛ ولولا المحاكم الأمريكية التي تلقفت المزاعم وأوغلت في التحقيق فيها، لما أتى على الأمر ذكر.. فبالرغم من أن ألكوا ‘الشركة المتورطة’ هي شركة عملاقة تربطها مصالح متشعبة مع الجمهوريين وإدارة بوش -المتسيدة آنذاك- إلا أن المدعي العام قد حرك القضية من دون تردد، بل ورغم أن البحرين التمست من المحاكم الأمريكية الاكتفاء بتحريك القضية مدنياً إلا أنهم أبوا إلا الفصل فيها جنائيا -أولاً- باعتبار أن تقديم رشاوى وعمولات جريمة جلل لا ينظر إليها بخفة إلا في دولنا بطبيعة الحال..!! في البحرين؛ ورغم الإحراج الذي مثلته القضية للدولة؛ ورغم الغطاء الذي وفره سمو ولي العهد بتوعده المفسدين بالمحاسبة وإن كانوا وزراء؛ إلا أن القضية لم تحرك أنملة في محاكم البحرين، وكأن المبلغ موضوع الحديث ‘فراطة’ لسنا بحاجة لاستعادتها أو وقف تدفقها إلى الخارج!! وفي المقابل -وذراً للرماد في العيون- حركت ألبا قضية ضد اثنين من صغار الموظفين متهمةً إياهما بتقاضي عمولات!!و نسأل رئيس مجلس إدارة ألبا هاهنا: إن كانت الشركة جادة -وسنحسن الظن بها ونزعم أنها جادة- في محاربة الفساد فلِمَ حركت قضية ضد هذين ‘اللذين سيحاكمان اليوم بالمناسبة’ وتغافلت عن الرؤوس التي لهمت ملايين الملايين؟! ومتى تعتزم رفع قضية جنائية أو حتى مدنية تتعلق بالمليار الذي ذهب من الحساب العام للحسابات الخاصة؟! أتخال الشركة أن الولايات المتحدة ستكون أكثر حرصاً على مال البحرين من مسؤوليها؟! اعذروا لي سذاجة السؤال الذي أسحبه واستعيض عنه بالسؤال التالي: ألا تعتقد الشركة بأن عليها استحصال أمر بتجمد الصفقات المبرمة إلى حين البت في الدعوى الأمريكية وهو أضعف الإيمان!! إن المحاكم الأمريكية لا تعبأ أعاد مال البحرين أم خرج من غير عودة.. فهمهم الأول هو تطهير الشركات والإدارات الكبرى من المفسدين والمتنفعين بالطرق الملتوية.. وإن كانت السلطات القضائية عافةً عن هذا الدور، فأين ممثلو الشعب عن هذا الملف الخطير.. كثير من النواب تعهدوا مراراً بأنهم سيفتحون تحقيقاً حول ملف ألبا، وعلى رأسهم عبدالحليم مراد وعبدالجليل خليل ولطيفة القعود، بل كتلة المنبر الوطني الإسلامي بأكملها، ومن ثم تراجعوا، ونريد هنا أن نعرف السبب: أهو الضغوط أم غيرها يا ترى؟! هناك قضايا هامشية.. وهناك قضايا وطنية خطيرة.. فإلى متى سنظل منشغلين عن هذه بتلك؟! للحديث – بلاشك- بقية.. الوقت 11 مارس 2009    

Read more

عواطفنا المتشظية !

ربما كان سهلا أن اعتقد أن الكتابة لا يمكن فعلها وتفعيلها وأنا محبوس داخل كتلة من الجبس، فبدت يداك التي تكتب بها معطلة عن فاعليتها ونشاطها ، وبالفعل فلكل صاحب مهنة عضو أساسي لديه فالذين يكتبون باليد اليسرى لا يتمنون أن تصاب يدهم بالأذى ويفضلون بين خيار اليدين أن تتعطل يدهم اليمنى، أما إذا كان الشخص كاتبا يتعاطى مع الحرف والموضوعات يوميا من مثل شاكلتي، فهو يصاب بخيبة أمل قصيرة الأمد، عندما اكتشف الطبيب علة في الأربطة ( الوريد ) في كتفه الأيمن ومن الأفضل أن يخضع لعملية جراحية عاجلة. صار الأمر واقعا ولا فكاك من معضلة العملية وواقعها وأهميتها ومحنتها وخيارها المقيت، فمن خلال تلك اليد نسترزق قوتنا وخبزنا اليومي. لكم بدت الحقيقة مؤلمة عندما نكتشف كيف يعيش ذوو الاحتياجات الخاصة طوال حياتهم بتلك الصورة ، بينما سنمر نحن بالحالة نفسها لمجرد أسابيع ، ورغم ذلك، يداخلنا شعور مختلف بأنها مجرد حالة عطل مؤقتة مخيبة للآمال كلما تلمسنا حالة ما بأننا غير قادرين على انجازها بمفردنا ، ولا بد من أن يكون حولنا شخص نتكئ على مساعدته ، وهي بالطبع فرصة لاستخدام الابتزاز العاطفي وتوظيف المسكنة والدلال، فالآخرون ينظرون لنا بعين الشفقة، إلا ذلك المنحوس الذي مر بتجربة أسوأ فسيقول لك، بسيطة المسألة مافيها شيء ، كلها أيام وترجع لنشاطك ، ويبدأ يقارن السيئ بالأسوأ ، يبدأ يعد لك كيف مر بظروف سيئة فأنت وحالتك لا تعد أمرا يستحق التفكير فيه، إذا ما قستها بالويلات التي مررت بها ، لحظتها ينسونك الجالسون وكأنك مقعد فارغ لا قيمة لك وحالتك مجرد زكام عابر، لحظتها تود أن تخنقه من عنقه وتريح العالم منه وتريح نفسك . لكم مزعج هذا النوع من البشر، الذين لا يفهمون معنى المواساة والحنان وشعور الآخرين بأهمية الدفء وبضرورة رفع معنوياتهم المنهارة أو حتى الهابطة. لكل واحد فينا تجربة من هذا القبيل، يلامسها بأسى داخلي خاصة لمعرفته وتجربته اليومية وانه يعطل معه بعض أفراد العائلة لكي يقوموا بخدمته ورعاية مطالبه ومشاطرته ولو جزء صغير من معاناته، هكذا أعادت لذاكرتي زوجتي عندما أجرت عملية اعتقد في كتفها الأيسر وقمت كممرض لمتابعة شؤونها وحاجاتها، ولازمتها حتى في سفرتها إلى مسقط أثناء حضورها المؤتمر ، فقد كان عليها أن تستحم وترتدي ملابسها وتنظف أسنانها وان أكون برفقتها في المطعم ، إلى أن يحضر زملاء العمل فعلى الأقل هناك من تستطيع أن تطلبه أن يساعدها في حالة احتياجها لضرورات قصوى، لا يمكننها أن تفعلها إلا بوجود يدين معافيتين، في التجربة النسوية تعلمت كيف أشياء كثيرة عن النساء، وهن لا حول لهن ولا قوة، استعدت الحالة وما مرت بها، وها أنا أقع فريسة العملية في الكتف، متذكرا حكاية ذلك الإنسان، الذي لم يتعلم أن المشاعر والعاطفة الإنسانية، وفي لحظات معينة من الضعف الإنساني تحتاج إلى مشاعر استثنائية لا يمكن أن نقارنها بأوقات اعتيادية فزمن زمبرك الساعة فيه ممل من حياتنا، ونحن في كامل صحتنا ، فهناك لا يهتم البشر بكل ما يتحرك في داخل جسدهم ولا يستشعرون بدفق ذلك الدم، المميت أحيانا، فيما لو قيل لنا ذات يوم عن مدى نزيف منهمر لم يجد صاحبه وقت لإسعافه بسرعة . المرض والزمن هما حالتان تتحركان ببطء شديد ومقيت لا نحبه، ونود أن يمر الوقت بأسرع ما يمكن ، وكلما تقدمنا في وضعنا الصحي شعرنا أن مشاعرنا وعاطفتنا تتماسك كفصل من فصول السنة الأخضر، بينما الحياة الرمادية ليست إلا تشظيا حقيقيا في مشاعرنا المنهكة، […]

Read more