Search Results for: كتلة تقدم

قوة البرنامج لا كثرة العـدد

فكرة هذا المقال اوحتها لي الحلقة الأخيرة من برنامج “كلمة أخيرة” الذي تقدمه الأخت الإعلامية سوسن الشاعر ,حول مستقبل التيار الديمقراطي في البحرين, وهي الحلقة التي جمعت ثلاثة ضيوف هم الأستاذان عقيل سوار ورضي الموسوي وكاتب هذه السطور. دار حديث في الحلقة عن العدد المتواضع نسبيا لأعضاء الجمعيات السياسية للتيار الديمقراطي, قياساً لما يفترض أن يكون عليه الحال, ولن أجادل في هذه الفكرة, لأني موافق تماماً على صحتها, والأسباب في ذلك كثيرة, ربما أتينا عليها أو على بعضها في أحاديث لاحقة. لكني أسارع إلى القول أن عدد أعضاء جمعيات الإسلام السياسي التي تحتكر البرلمان الحالي ليس أكبر كثيراً من أعضاء جمعياتنا الديمقراطية, وأزعم أن عدد أعضاء جمعية مثل المنبر التقدمي ربما يزيد عن عدد أعضاء بعض هذه الجمعيات لو اعتمدنا العضوية وحدها معياراً. لكن الجمعيات الإسلامية تتوفر على وسائل قوة وتأثير أخرى غير عدد أعضائها. “الوفاق” مثلا التي تعد الجمعية الأكبر من حيث عدد الأعضاء, تعتمد على آلية حشد وتعبئة مختلفة كلياً وجذرياً عن آليات العمل الحزبي المعروفة, وتتمثل هذه الآلية بالغطاء الذي توفره المرجعية الدينية الشيعية, وهو غطاء من الاتساع والقوة, بحيث يحجب حتى إخفاقات أو أخطاء الوفاق, ككتلة برلمانية وكجمعية سياسية. على ضفة التيارات الإسلامية السنية تتوفر هذه الأخرى على أدوات تعبئة تتيحها إمكانياتها المادية الناجمة مما تلقاه من دعم متعدد المصادر والجهات ومن صناديق خيرية فعالة ومن تسهيلات لا تعد ولا تحصى. رغم ذلك ليس على جمعيات التيار الديمقراطي أن تندب حظها العاثر الذي لم يوفر لها أدوات وآليات التعبئة التي تتوفر عليها جمعيات الإسلام السياسي, السنية منها والشيعية, وأن تقر بالتعقيدات الكثيرة التي تحيط بعملها في ظروف اليوم التي تشهد صعوداً للتيارات الإسلامية لا في البحرين وحدها وإنما في العالمين العربي والإسلامي عامة. ما يحتاجه التيار الديمقراطي هو التوقف أمام عوامل القوة المتاحة لديه, وليست موجودة لدى التيارات الإسلامية. لن نقلب الأرض عاليها سافلها بين يوم وليلة, فمن أجل استنهاض التيار الديمقراطي وتفعيل دوره, نحتاج لعمل تراكمي دؤوب, ينطلق من التبصر في عوامل القوة هذه, وفي مقدمتها البرنامج السياسي الوطني الشامل الذي يطرحه هذا التيار, وهو البرنامج الذي لن تبلغه التيارات الإسلامية أبداً مهما سعت, لأنها محكومة بخلل بنيوي ناجم عن تركيبتها المذهبية في مجتمع قائم على ثنائية طائفية عميقة تكاد تقسمه إلى قسمين. من شروط ذلك أن يظهر هذا التيار استقلاليته بالتعويل على إمكانياته هو في المقام الأول لا على إمكانات القوى الأخرى, لأن غواية إمكانيات هذه القوى تحجب أبصارنا عن قوانا الكامنة التي هي في حاجة لاستنهاض وحشد, ومع الوقت فان إغفالنا لقوانا الكامنة سيؤدي إلى تآكلها التدريجي, حين لا تجد من يعيد بناءها وتجميعها. قلت في حلقة البرنامج التلفزيوني المشار إليه إلى أن التيار الديمقراطي في البحرين هو أوسع بكثير من منتسبي الجمعيات السياسية ذات التوجه الديمقراطي, ولكني أضيف أن على عاتق جمعياتنا, بصفتها الإطار المنظم لهذا التيار, تقع مسؤولية كبرى في استنهاضه, وهو استنهاض لن يبدأ إلا حين يشعر جميع الديمقراطيين أن لهم كلمتهم المستقلة.   صحيفة الايام 2 مارس 2009

Read more

مبادرة الحوار الوطني… كيف نبدأ فيها؟

في الأوساط الساسية والشعبية يدور الحديث في الوقت الحالي عن المبادرة التي طرحتها جمعية المنبر الوطني التقدمي لقيام حوار وطني شامل للخروج من الحالة الراكدة التي تهيمن على المجتمع حاليا، ونزع فتيل الاحتقان الذي نعيشه، بعد ذلك تبعتها الكتلة البرلمانية لجمعية الوفاق الوطني بطرح مبادرة مماثلة من خلال المجلس النيابي، وطلبت مناقشة تلك المبادرة وتبنيها من قبل البرلمان، وطلبت كذلك دعم الكتل البرلمانية الأخرى لها، وساندتها في ذلك كتلة المنبر الوطني الإسلامي.لن نتطرق إلى محتوى مبادرة جمعية المنبر، فذلك حق تمتلكه الجمعية، ولا نرغب في تجاوز ذلك الحق، سواء كان المحتوى كما هو مطلوب، أو أن هناك أمورًا بحاجة إلى التطوير أو الإضافة أو الإلغاء، ولكن أي مبادرة تهدف إلى الوصول إلى حالة مجتمعية مرضية ومطلوبة بحاجة إلى الدعم من قبل الآخرين. من هنا، نأمل في ألا نرى تسابقا في طرح المبادرات المختلفة، ومن قبل أطراف متعددة لنفس الهدف خوفا من تضارب المصالح في تلك المبادرات، وليس في المبادرات نفسها، فلا نظن بأن محتوى المبادرات المختلفة يمكن أن يتضارب أو يختلف بصورة كبيرة. ولكي تلقى مبادرة الإخوة في المنبر التقدمي أو الوفاق الإسلامي بعض النجاح، لا بد من تزامنها مع بعض الأمور التي يمكن إيجازها بصورة شديدة نظرا لصغر المساحة المتوافرة لهذا المقال، التي منها:أولا: من الضروري أن تكون لدينا مبادرة واحدة تقود عملية الحوار الوطني المطلوب، وتكون الأفكار أو المبادرات الأخرى روافد للمبادرة الرئيسية أو جزءا منها، أما أن نجد مبادرات متعددة وحوارات مختلفة بشأن مبادرات متعددة، فإن ذلك سيكون تشتيتًا للجهد والوقت، ويخلق نوعا من التضارب وزرع بذرة للخلاف، لسنا بحاجة لها في الوقت الراهن.ثانيا: من المهم أن يسعى أصحاب المبادرة إلى خلق نوع مطلوب من الهدوء والأمن الاجتماعي يعطي الأرضية الصالحة والمناسبة للحوار الوطني المطلوب، ويعطي المجال المفتوح لأصحاب المبادرة لإجراء الاتصالات المطلوبة. ثالثا: على أصحاب المبادرة إبعادها عن التكتلات التي خلقت نوعا من التفتت أو الشروخ في الحالة السياسية والاجتماعية، والقيام بالاتصالات اللازمة بصورة شاملة مع الأطراف المختلفة، ثم الدعوة إلى لقاء عام يضم الجميع.رابعا: في الحوار الوطني، سيكون الهدف والغاية هو الوصول إلى توافق بشأن جميع أو على الأقل جل القضايا الخلافية والملفات الوطنية التي بسببها وصلنا إلى الحالة التي نحن فيها اليوم، وطرح الملفات دفعة واحدة وبصورة شاملة قد يدق المسمار في نعش المبادرة بمجرد طرحها أو بدء الحوار فيها، بالتالي فإن هناك بعض الملفات يمكن الالتقاء أو الحوار بشأنها، وبالتالي التوافق على حلول معينة بخصوصها، ثم تطرح الملفات الأخرى بعدها، وبعد أن وضعت تلك الملفات الأرضية المناسبة للحوار الشامل، أما أن نصر على مناقشة القضايا الخلافية الشديدة منذ البداية، فلا أعتقد بأن ذلك يمثل البداية الصحيحة لأي حوار.الحوار في أي قضية من المهم أن يبدأ وهو لن يبدأ بما يعيقه أو ينهيه من بدايته، بل بما يقويه ويعين المبادرين على مواصلة التحاور.خامسا: الطرف المهم في الحوار هو النظام السياسي أو “الحكومة”، فالخلاف ليس بين الأطراف السياسية المتمثلة في الجهة الشعبية، بل هو بين النظام وبعض الأطراف في الحالة السياسية المجتمعية، لذلك لا بد من قناعة تتواجد لدى النظام السياسي تدفع به للدخول في الحوار المطلوب، ولكي توجد تلك القناعة لا بد من توافر الثقة المتبادلة، وتلك الثقة لن تأتي باستمرار العنف في المجتمع، فهي سلسلة متعاقبة من المطالب من الضروري توافرها لكي نبدأ الحوار.تلك أمور أرجو أن يعذرني الإخوة أصحاب المبادرة في طرحها منذ البداية، ولكنها نقط أرى – من وجهة نظري على […]

Read more

الأزمة المرشحة للتفاعل!

مع أنّ الاستجواب المقرر أن يوجهه نواب «الحركة الدستورية الإسلامية – حدس» إلى رئيس مجلس الوزراء هو العنوان المثير واللافت والمسيطر على واجهة الأحداث السياسية، اتصالاً مع ما يمكن أن يترتب على هذا الاستجواب الموعود من تداعيات تتصل بكيفية التعامل معه من حيث صعود رئيس الحكومة المنصة أو ترجيح عدم صعوده، وما إذا كانت جلسة مناقشة الاستجواب ستكون سرية أم علنية، واحتمالات الدفع بالأوضاع نحو حلّ مجلس الأمة، وما يمكن أن يتعرض له المشهد السياسي بعد ذلك من تغيرات مستحقة أو ستفرضها الظروف… إلا أنّني أظن أنّ هناك عنواناً آخر للأزمة السياسية مرشح لأن يتفاعل ويبرز على السطح، وذلك ربما قبل تقديم استجواب«حدس» الذي لما تنقض بعد أسابيعه الستة! ولعلّ العنوان المرشح للأزمة المقبلة هو مشروع قانون تعزيز الاستقرار المالي في الدولة، الذي تقدمت به الحكومة… وذلك من مدخلين محتملين…المدخل الأول لتفاعله كأزمة سياسية يتمثّل في توجّه عدد لا بأس به من النواب لربط إقرار هذا المشروع الحكومي بتمرير الاقتراح بقانون المثير للجدل في شأن شراء مديونيات المواطنين… وها نحن نلاحظ المواقف والاصطفافات النيابية تتشكّل مبكراً مع هذا الاقتراح النيابي أو ضده… وها هي الندوات الجماهيرية تُقام لحشد أوسع تأييد له… وذلك مقابل موقف حكومي مناهض لمثل هذا الاقتراح بقانون ورافض للربط بينه وبين إقرار مشروع قانون تعزيز الاستقرار المالي في الدولة… وهذا كله مرشح لأن يفرض نفسه كعنوان للأزمة السياسية وأن يبرز في واجهة الأحداث. أما المدخل الآخر لعنوان الأزمة السياسية المرشحة للتفاعل بالارتباط مع مشروع القانون الحكومي لتعزيز الاستقرار المالي فيتمثّل في موقف «كتلة العمل الشعبي» المعارض بشدة لهذا المشروع بقانون، حيث ترفضه من حيث المبدأ وتعدّه مشروعاً معيباً وبالغ السوء… إلا أنّ عدم قدرة الكتلة لكونها أقلية على حشد غالبية نيابية معارضة مبدئياً لإقرار هذا المشروع الحكومي، يدفعها إلى التصدي له عبر تفعيل أدوات المساءلة الدستورية، التي سبق أن لوّحت بتفعيل أداة الاستجواب لمنع تمرير مثل هذا المشروع بقانون وذلك قبل أن يتم تقديمه في بيان سابق لها أصدرته في 11 يناير الماضي عندما أعلنت أنها بروح الحزم والعزم التي سبق أن تصدّت فيها لمشروع المصفاة الرابعة وصفقة«الداو» ستتصدى أيضاً للمقترحات الداعية لاستخدام المال العام لصالح بعض أصحاب المصالح والنفوذ تحت أي عنوان لتبديد الأموال العامة وهدرها في سداد ديون داخلية وخارجية مستحقة على شركات خاصة… كما سبق لـ«كتلة العمل الشعبي» أن كررت مثل هذا التلويح باستجواب رئيس مجلس الوزراء لمنع تمرير مثل هذا المشروع بقانون في مداخلة شهيرة لرئيس مجلس الأمة السابق النائب أحمد السعدون خلال اجتماع للجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة المنعقد يوم 25 يناير الماضي… والآن وبعد أن تمّ تقديم هذا المشروع بقانون وأصبح قاب قوسين أو أدنى من إقراره، وبعد أن اتضحت أمام «كتلة العمل الشعبي» عيوبه وسلبياته ومخاطره، وفق ما كشفته مصادرها المقربة، فإنّ تنفيذها لتلويحها بالاستجواب أصبح أمراً قائماً، بل من المتوقع أن يتم خلال فترة قصيرة جداً، وذلك قبل تمرير مشروع هذا القانون الخطير؛ وفرضه كأمر واقع.وليس أمامنا سوى أن نترقب ما سيشهده الأسبوعان المقبلان من تطورات قد تسبق الاستجواب الموعود من”حدس”!   عالم اليوم 16 فبراير 2009  

Read more

ما هذا‮ ‬يا عرب‮.. ‬حتى الدول‮ »‬الطرّارة‮« ‬لم توفركم‮!‬

أولاً‮ ‬هل هناك دول‮ ‘‬طرّارة‮’ (‬تعبير خليجي‮ ‬دارج‮ ‬يعني‮ ‬الدول المتسولة)؟ نعم لقد اقترنت ظاهرة التسول والمتسولين‮ (‬الطّراروة‮) ‬بالأفراد كما هو معروف وشائع‮. ‬إنما أن‮ ‬يصل الأمر بالدول وحكوماتها لتمارس عادة تسول أحد أشكال الدعم والمساعدة فهذا ما لا‮ ‬يستقيم والبنية السيادية،‮ ‬القانونية والأخلاقية،‮ ‬للدول والبروتوكولات والأعراف الدولية،‮ ‬ولكن شتان بين هذه الأنساق والقواعد وبين الواقع الدولي‮ ‬المعاش،‮ ‬ففي‮ ‬هذا الواقع هنالك العديد من الدول التي‮ ‬تجد نفسها أكثر في‮ ‬توسم عشم الدول الغنية من ابتداع برامج خلاقة لحشد وتسخير كافة الطاقات المحلية المتاحة والبناء عليها‮.‬ والطرارة أو التسول على صعيد الدول،‮ ‬أنواع وأشكال‮. ‬فهنالك سلوك الطرق التقليدية المتبعة في‮ ‬استجداء العون والمساعدات الدولية من الأطراف والأقنية المتيسرة والمعروفة،‮ ‬وهناك التطوع لقبول النهوض بمهام لوجستية لصالح أطراف ثالثة لقاء الحصول على مساعدات ثابتة أو مقطوعة أو الحصول على تسهيلات وميزات محددة‮.‬ جمهورية تشيكيا هي‮ ‬أحد النماذج المضلّلة‮ ‬للدول المتسولة‮ (‬الطرّارة‮)‬،‮ ‬فهي‮ ‬إذ تخدعك ويخدعك شعبها بأنفتهما وغرورهما،‮ ‬إلا أنها في‮ ‬حقيقة الأمر لازالت تعيش في‮ ‬جلباب عقدتها من عقود الخضوع للتبعية الألمانية في‮ ‬القرنين الرابع عشر والخامس عشر ثم ولمدة‮ ‬300‮ ‬سنة لهيمنة الإمبراطورية البروسية الهنغارية التي‮ ‬استمرت حتى نهاية الحرب العالمية الأولى في‮ ‬عام‮ ‬‭.‬1919‮ ‬ولم تهنأ القومية التشيكية التي‮ ‬استدرجت القومية السلوفاكية في‮ ‬إعادة تأسيس دولتها في‮ ‬عام‮ ‬‭,‬1918‮ ‬إذ سرعان ما عاد النازيون في‮ ‬بداية الحرب العالمية الثانية في‮ ‬عام‮ ‬1939‮ ‬وضموا مقاطعتي‮ ‬بوهيميا ومورافيا إلى الدولة الألمانية قبل أن تعود دولة تشيكوسلوفاكيا مرة ثالثة للمسرح الدولي‮ ‬بعد تحريرها على‮ ‬يد القوات السوفييتية في‮ ‬ابريل‮ ‬‭,‬1945‮ ‬العام الذي‮ ‬وضعت فيه الحرب العالمية الثانية أوزارها‮.‬ وعندما أصبحت تشيكوسلوفاكيا جزءاً‮ ‬من الكتلة الإشتراكية العالمية التي‮ ‬قادها الإتحاد السوفييتي‮ ‬منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى عشية سقوطه في‮ ‬عام‮ ‬‭,‬1995‮ ‬كان التشيكيون‮ (‬وليس السلوفاكيين‮) ‬لا‮ ‬يخفون نبرة‮ ‬غرورهم ونكرانهم للجميل والهزأ والسخرية من أبناء القومية السلوفاكية الذين كانوا‮ ‬ينظرون إليهم نظرة دونية كفلاحين متخلفين‮. ‬فما ان تفكك الإتحاد السوفييتي‮ ‬ومعه كتلته الشرقية حتى قاموا بتفكيك الفدرالية التشيكوسلوفاكية في‮ ‬عام‮ ‬1993وتحولوا لتملق الغرب واستجداء عضوية حلف شمال الأطلسي‮ ‘‬الناتو‮’ ‬في‮ ‬عام‮ ‬1999‮ ‬توطئة للإلتحاق بمنظومة الدول الأوروبية الغربية المتقدمة المؤتلفة في‮ ‬إطار الإتحاد الأوروبي‮ ‬لجني‮ ‬ثمرات هذه العضوية وإشباع‮ ‬غرورهم بالتفوق والتميز‮ ‬،‮ ‬حيث نجحوا فعلاً‮ ‬في‮ ‬الحصول على عضوية الإتحاد في‮ ‬عام‮ ‬‭.‬2004 وعندما أعلنت الولايات المتحدة عن عزمها نشر ما أسمته بالدرع الصاروخية في‮ ‬أوروبا سارع التشيكيون للتطوع بدعوة واشنطن لنشرها على أراضيهم،‮ ‬في‮ ‬استفزاز وقح للجار الروسي‮ ‬لا‮ ‬يليق إلا بالدول الخائبة المتعايشة على استجداء الدعم والمؤازرة لقاء‮ ‘‬توفير الخدمة‮’.‬ فلا‮ ‬غرو،‮ ‬والحال هكذا،‮ ‬أن‮ ‬يعلن وزير خارجية تشيكيا كارل شفارتسينبيرغ‮ ‬فور تسلم بلاده الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي‮ (‬مدتها ستة أشهر‮)‬،‮ ‬أن العدوان الإسرائيلي‮ ‬على قطاع‮ ‬غزة‮ ‬يندرج في‮ ‬إطار الدفاع عن النفس‮(!). ‬وليته اكتفى بنسب هذا الموقف الصفيق ببلاده،‮ ‬ولكنه أصر على الإدلاء به باسم الإتحاد الأوروبي،‮ ‬وهو الذي‮ ‬لم‮ ‬يكن ليتخيل‮ ‬يوماً‮ ‬أن تترأس بلاده،‮ ‬ولو إلى حين،‮ ‬دول أوروبية كبرى رئيسية في‮ ‬الاتحاد الأوروبي‮ ‬مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا‮.‬ فكان أن تسبب هذا الموقف التشيكي‮ ‬الأخرق في‮ ‬إحراج الاتحاد الأوروبي‮ ‬كمفوضية في‮ ‬بروكسل وكدول أعضاء،‮ ‬ما حدا بكل من لندن وباريس للمسارعة للتبرؤ من هذا التصريح والإعلان عن عدم تعبيره عن الاتحاد الأوروبي،‮ ‬مما اضطر الدولة الطارئة إلى سحب تصريح وزير خارجيتها ولكن من دون الاعتذار عنه‮.‬ وهل‮ ‬يعتذر المغرور عن سوءاته؟ كلا بطبيعة الحال،‮ ‬لأنه […]

Read more

قانون أحكام الأسرة

الحكومة وافقت على مشروع قانون الأحوال الشخصية وأحالته إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره، وفي “بيت الشعب” كيف سيتم التوافق عليه؟ والى أي حد يأتي لمصلحة المرأة وتنظيم الأسرة والاستقرار الأسري والاجتماعي؟ هذا هو مربط الفرس.المرأة من دون هذا الحق يعني معاناتها في أروقة المحاكم ستطول ويعني أيضا المزيد من المشكلات الأسرية والمزيد من الظلم الواقع عليها.المنظمات النسائية والحقوقية والقوى الديمقراطية والتقدمية نصيرة حقوق الإنسان أعربت عن ارتياحها وتأييدها للخطوة الحضارية التي أقدمت عليها البحرين، ونعتقد أن هذه الخطوة لن تبلغ مداها إلا بمبادرات نيابية مسؤولة لا تخضع لاجتهادات متعصبة وتفسيرات جامدة تضيف القيود تلو الأخرى على هذا الحق وهذا القانون الذي تطمح المرأة والرجل الحريص على حقوقها وإنصافها أن يكون هذا القانون عصرياً موحداً.المرأة البحرينية طيلة عقود من الزمان ناضلت – ولا تزال – من اجل حقوقها كاملة في المساواة والعدالة واليوم وبعد ان وافقت البحرين على الاتفاقية الدولية لإلغاء أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” أحرزت انتصاراً جديداً بعد الانتصار الذي حققته على صعيد الحياة السياسية.تجربتنا مع الكتل النيابية الإسلامية موالاة كانت أم معارضة تبرز لنا التطرف والتشدد ضد هذا القانون ولكننا نتذكر التجييش والمظاهرات النسائية الحاشدة التي كانت ومن دون وعي وقفت ضد مصالح المرأة بحجة الضمانة الدستورية التي تضمن عدم تغيير القانون مستقبلا إلا من خلال علماء الدين والأمر لا يختلف بالنسبة للكتلة السلفية التي تعتقد أن انسب الحلول هي رفض تقنين الأحوال الشخصية.هذا يدفعنا إلى الاعتقاد انه رغم الاعتراف الحكومي بقانون الأحوال فان المخاوف لا تزال قائمة من تقليص حقوق المرأة الشرعية وبالتالي وعلى ضوء هذه الرؤية التي تتجه صوب إقصاء المرأة فان طموحات المرأة في أن يقر هذا القانون وفق الأوضاع العصرية الراهنة تستوجب ممارسة نيابية لا تعود لا للعصور السالفة ولا للمرجعيات المتزمتة، وبعبارة أخرى طموحات وآمال المرأة البحرينية أن يكون هذا القانون موحداً بين المذهبين الكريمين وان لا يكون فيه مساحة للاجتهادات بما يخفض من تطبيق العدالة ويبتخس حق المرأة.لا شك إن موقف النائبة “لطيفة القعود” أثلج الصدور وخاصة عندما أكدت على أهمية هذا القانون وعلى أهمية الموقف الداعم له بقولها “البلد بحاجة إلى هذا القانون ولا اعتقد أن القانون يختلف عن الشرع بشيء وأنا شخصياً سأدفع في هذا الاتجاه ونأمل أن نرتقي إلى مرتبة بعض الدول التي سبقتنا في هذا المجال ولماذا لا نكون نحن السباقين..”.  خلاصة الأمر حقوق المرأة ليست قابلة للتجزئة ولا للمساومات والمراهنات انها مسألة حق ومساواة وعدالة.. مسألة استقرار عائلي واسري ومجتمعي.ولا شك فإذا ما أردنا أن نحسن الأداء الوطني وندعم الخيار الديمقراطي وندفع عجلة التنمية إلى الأمام فلا بد من إنصاف المرأة في هذا المجال والمجالات الأخرى وهذا بالطبع يحتاج إلى مناخ صحي تشريعي وتوافق مجتمعي ومساندة من المرأة ذاتها والقوى الديمقراطية والجهات الحقوقية والقانونية وسائر منظمات المجتمع المدني الفاعلة.  الأيام 27 ديسمبر2008

Read more

من يعوق انضمام روسيا لأوبك؟

قبل عشر سنوات، ضربت العالم أزمة مالية وانخفض سعر برميل النفط إلى مستوى 10 د/ب. حينها حاولت أوبك جاهدة لقاء القيادة الروسية. أما في أكتوبر/تشرين الاول هذا العام فلم تحتج أوبك إلى كبير جهد كي يستقبل الرئيس الروسي دمتري مدفيديف الأمين العام لأوبك عبد الله سالم البدري. أصبح الطرفان مقتنعين بأنهما في سفينة واحدة وأن برامجهما الاقتصادية والاجتماعية تعتمدان إلى درجة كبيرة على مستويات أسعار النفط في السوق العالمية. ولسخرية القدر تقع أسعار هذه السلعة الحيوية خارج نطاق سيطرتهما. وبذلك فقد ظل ليس النفط فقط، بل ومسألة التطور الاقتصادي الاجتماعي في هذه البلدان رهن الدول المستهلكة وتلاعب المضاربين. فالفقاعة التي في سوق المال كررت نفسها في أسوق النفط أيضا. حجم سوق النفط فاق عشرين مرة حجم مبيعات النفط الفعلية. وحين كان المضاربون يتاجرون ‘في الهواء’ كانوا يعمدون إلى رفع الأسعار أو الهبوط بها إلى الحضيض متلاعبين بمصائر البلدان المصدرة والاقتصاد العالمي. أما الآن فإذا كانت الأزمة المالية الاقتصادية تتسبب في انخفاض أسعار النفط لأن العالم يريد حل مشكلاته على حساب الدول المصدرة له، فإن هذا الانخفاض سيتسبب بدوره في كارثة مستقبلية هي الأخرى أكثر خطرا. إن إنتاج حقول بحري الشمال والكاريبي وفي ألاسكا وغرب سيبيريا يتناقص طبيعيا بمعدل 6.5 إلى 9% سنويا. والتعويض عن ذلك ممكن فقط في مناطق النفط الصعبة في كندا، فنزويلا وروسيا. هناك الاحتياطات هائلة لكن العمل عليها يحتاج إلى توظيف أموال هائلة أيضا[1]. في نشرتها لشهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي أشارت (جمعية كمبريدج لأبحاث الطاقة – (Cambridge Energy Research Association إلى أن التنقيب في الأماكن الصعبة مجد فقط عند سعر برميل WTI 71 دولارا بالنسبة للخامات الثقيلة في أنجولا و 114 د/ب في فنزويلا. وأنه إذا بقي سعر 75 د/ب فسينخفض عرض النفط بعد خمس سنوات بمقدار 250 مليون طن سنويا، أي بنحو 9% من الإنتاج العالمي. أي أنه لن يلبي الطلب العالمي حتما، وسيهيئ لفقاعة كارثية جديدة في الاقتصاد العالمي. وهكذا فإن ما يدور بين روسيا و’أوبك’ حول مسائل التنسيق وصولا إلى عضويتها في الكارتل لا يعد من صلب المصالح الحيوية للطرفين، بل وموقفا مسؤولا من جانبهما تجاه الاقتصاد العالمي. غير أن روسيا لا تزال غير موحدة بشأن علاقاتها بأوبك. فمصالح ممثلي القطاع العام والخاص في الصناعة النفطية الروسية متعارضة بشأن هذه الخطوة. ومع كل منها تتقاطع أو تتباعد مصالح ومواقف ممثلي المؤسسات المالية وكذلك أعضاء البرلمان. في لقائه التشاوري بشأن قضايا التطور الاقتصادي الاجتماعي في الأورال قال الرئيس الروسي دمتري مدفيديف في 12 ديسمبر/كانون الأول إن ‘روسيا يمكن أن تصبح عضوا في أوبك وتخفض إنتاج النفط بهدف وقف تدهور أسعاره في الأسواق العالمية..’ مضيفا ‘بلادنا يمكن أن تقدم على خفض الإنتاج، وكذلك على الانضمام إلى منظمات المنتجين الموجودة أو الجديدة – فهذه مصالحنا الوطنية، وسنعمل وفق ما هو مناسب[2]’.دينيس بوريسوف، محلل مؤسسة ‘سوليد’ الروسية رد بأن التزامات روسيا عبر عضويتها لأوبك يمكن أن تتناقض مع مصالحها السياسية والجيوسياسية. ولهذا فإن التكامل والتعاون اللاحق بين الطرفين يمكن أن يتطورا تدريجيا، لكن ليس إلى العضوية الكاملة[3]’. نائب رئيس شركة النفط ‘ت.ن.ك – بي بي’ الروسية البريطانية جوناتان كولليك عبر للصحافيين عن عدم قناعته بجدوى انضمام روسيا لأوبك. ‘إنها فكرة غير منطقية وغير مجدية من وجهة النظر الاقتصادية[4]’. نائب رئيس لجنة السياسة الاقتصادية ومجال الأعمال والملكية لدى المجلس الفيدرالي الروسي فلاديمير غوسيف يعتقد بعدم جدوى الانضمام، مؤكدا على أن روسيا ذات 10% من الإنتاج العالمي تحتاج إلى سياستها […]

Read more

تجربة المدارس الابتدائية ــ الإعدادية المدمجة

المقترح الذي تقدمت به كتلة المستقبل النيابية لفصل طلبة المرحلة الابتدائية عن طلبة المرحلة الإعدادية، يبدو لي أنه مقترح ملح وعلى درجة من الأهمية، على الأقل من ثلاث نواحٍ مهمة: تربوية أخلاقية، وإدارية إشرافية، ومناهج دراسية.فبعد سنوات طويلة من تطبيق هذه التجربة، أي تجربة دمج كلتا المرحلتين في مدرسة واحدة تحت إدارة واحدة، وتحت إشراف واحد، وفي ظل تكليف عدد من المدرسين أو المدرسات بتدريس طلاب وطالبات كلتا المرحلتين على السواء، يتبين أن حصاد هذه التجربة مرير جداً، بل مثقل بالسلبيات والأزمات المتفاقمة عاماً بعد عام، من دون أن تتمكن لا إدارات هذه المدارس، ولا الجهات المعنية داخل الوزارة نفسها من حلها. وقد آن الأوان لأن تفكر هذه الجهات جدياً لحل هذه المشكلة المزمنة.ويمكننا أن نوجز أهم سلبيات دمج المرحلتين والمشاكل المترتبة عليهما فيما يلي:أولاً: إذا كان يمكن تفهم لجوء الوزارة إلى هذا الخيار قبل نحو عقدين أي خيار دمج طلاب المرحلتين في مدرسة واحدة للتكيف افتراضاً مع محدودية الميزانية، فإنه لا يمكن اللجوء الآن إلى هذا الخيار بأي حال من الأحوال في عصرنا الراهن لأسباب عديدة من المتغيرات التربوية والاجتماعية، إذ ثمة أضرار معروفة جمة لاحتكاك طلاب وطالبات الإعدادية والذين تصل أعداد غير قليلة منهم إلى ما بين 14 سنة إلى 17 سنة في حين معظم طلبة المرحلة الابتدائية هم ما بين 6 إلى 12 سنة.ثانياً: إن دمج طلبة المرحلتين في مدرسة واحدة يترتب عليه أن يكون المجموع الكلي لطلبة المدرسة الابتدائية ــ الإعدادية الواحدة متضخماً لا يقارن البتة بأحجام المجاميع الكلية لطلبة المدارس الابتدائية القائمة بذاتها، مقتصرة على المرحلة الابتدائية تحديداً، ولا بأحجام طلبة عدد من المدارس الإعدادية القائمة بذاتها المقتصرة على المرحلة الإعدادية فقط، ولا بأحجام طلبة المدارس الثانوية المستقلة القائمة بذاتها المقتصرة على المرحلة الثانوية بذاتها.وبهذا المعنى فإنه من الظلم الصارخ تحميل إدارة ومدرسي المدرسة الابتدائية ــ الإعدادية المشتركة بمسئوليات ومهام كبيرة متشعبة إدارياً وتربوياً وتدريسياً لمرحلتين متميزتين، مقارنة بمديري وإدارات ومدرسي تلك المدارس المستقلة القائمة بذاتها والمقتصرة على مرحلة محددة، إما ابتدائية فقط، وإما إعدادية فقط، وإما ثانوية فقط.ثالثاً: إن وزارة التربية والتعليم ينبغي أن تكون لها رؤية علمية تربوية تدريسية معمقة بعيدة النظر لفهم خصائص وسمات كلتا المرحلتين في الواقع التطبيقي تنسجم تماماً مع الواقع النظري لأسباب تقسيم مراحل التعليم الأساسية إلى ثلاث مراحل. فليس كادر الهيئة الإدارية المخصص لكل مرحلة دراسية على حدة من مدير، ومساعد مدير، ومشرف اجتماعي وسكرتير.. إلخ يصلح لكل مرحلة من هذه المراحل الثلاث الأساسية على السواء، كما ليس كل مدرس مهما تخصص في مادة دراسية أو مادتين يصلح للتدريس في كل هذه المراحل الثلاث من دون استثناء. فمبدأ التخصص إذن لا ينبغي أن يقتصر على الفروق في المناهج فقط، بل على الإدارة والمدرسين، ومربي الفصول، والمشرفين الاجتماعيين.. إلخ بحيث ينبغي أن يدرب كل كادر إداري وتدريسي لكل مرحلة دراسية، أو أن يكون لديه الاستعداد الكافي الذاتي من الخبرة أو الممارسة أو المؤهلات للتخصص في إدارة، وتربية، وتعليم مرحلة محددة مستقلة قائمة بذاتها، وليس كل المراحل الدراسية.وإلا فما معنى وما غرض تقسيم المراحل الدراسية الأساسية إلى ثلاث مراحل؟ ولماذا ثمة مدارس مميزة مستقلة مقتصرة على مرحلة من هذه المراحل الثلاث سواء أكانت ابتدائية أم إعدادية أم ثانوية وإداراتها تنال امتيازات المراحل المدمجة نفسها؟وإذا كان الأمر يُنظر إليه بهذه البساطة فلماذا لا تدمج مثلاً المرحلة الإعدادية مع المرحلة الثانوية في مبنى مدرسة واحدة؟ علماً بأن عواقب وأضرار هذا الدمج أخف […]

Read more

تجربتـي في الروايـة

(ورقة مقدمة لمؤتمر الرواية في القاهرة سنة 2008)   كانت عائلة صغيرة قد قدمتْ من بلدةٍ بحريةٍ وسكنتْ مدينة المنامة في مجمعٍ كبير من البيوتِ المصنوعةِ من سعف النخيل . فقدَ الأبُ ورثَ أجدادهِ البحارةِ أصحابِ السفن والغوصِ على اللؤلؤ والتجارة ، وصار عاملاً زراعياً في شركة النفط بأجر قريبٍ من التراب ، وبسببِ هذا الانتقال إلى هذه المنطقة المليئة بالأحداثِ والجماعات السياسية وضعني والدي في بؤرة الصراع ، وكرسني في المدرسة بقسوة ، ثم اشترى لي بعضَ السير الشعبية البطولية والأم قدمت لي الشعر العامي والأغاني ، ثم رفضا ثمار هذا التحول . فهي قبل أن تموت ، وفي زمنِ عصفِ الشباب السياسي ، وكانت الغرفة تمتلئ بدخان أوراق التقارير السياسية المحروقة ، قالت لي أمي : [دع عنك هذه الأوراق] .   كانت الأوراقُ كثيرة : منشوراتٌ وتقاريرٌ وكتبٌ ومجلاتٌ ومعها أصدقاء كثيرون ، وخلايا في حارات المدينة ، وثمة أحلام كبيرة بتغيير الوطن والعالم ، ووقوفٌ صامدٌ طويل مرهق أمام عيون الطلبة في الصباح . كانت أوراقٌ كثيرةٌ تحترقُ أو في طريقها للاحتراق ، فحين جاءت الشرطة في صبيحة يومٍ أغبر هو الثالث والعشرين من أغسطس 1975 ، يوم حل البرلمان في البحرين ، أصر العريف على حمل كل كتبي عن التراث الإسلامي ونصوص الروايات وكتب الفكر إلى الجيب ، فسألته وما دخل كتبي ؟ لماذا تريد أن تأخذها هي الأخرى ؟ معتقداً بأنني سأعود إلى هذا البيت الهادئ بعد زمن قصير، ولكن العاصفة أخذتني طويلاً. فيما بعد رأيتُ المحرقة عند بوابة قلعة المنامة ، فكانت براميل سوداء لا تختلف عن أية براميل للحرق ، وفي خطوطها السوداء المتفحمة رأيتُ مصير الثقافة والرواية في عالمي ! في زمنِ تعليم الأطفال والأولاد تصعب الكتابة الأدبية ، وفي زمن الطرد من مهنة التعليم بسبب الدعوة لإصلاحها ، والاشتغال في صحافة التحقيق المنتوف الريش والأظافر ، تصعب الكتابة الإبداعية ، فاللهث وراء اللقمة وكتابة حروف انعكاسية عن الأسعار والأكواخ ، تمزقُ آخرَ ما بقي من رقة وخيال ! والآن أطبقتْ أسوارُ السجن ، ووقفت القبضاتُ الصلدة على الباب ، فلا ترى العينُ سوى الجدران ، أو الأصدقاء ، ولا تسمع سوى شريط الماضي يتدفقُ صوراً ، وكتلة الأحجار والقبضات مكونة من أجل أن تنتزع آخر ما بقي في رأسك من حلم ، وآخر ما في روحك من حروف . ولكن عليك أن تقرأ  سواء من مكتبة السجناء الفقيرة أم من جريدة تحصل عليها ، والجريدة ليست سوى أوراق ملوثة عليك أن ترفعها من برميل الزبالة وتخبئها في فوطتك وأنت متجه لدورة المياه في الصباح البارد . كلُ شيءٍ يدعوك للموت الثقافي، الصراخ والعلبة الأسمنتية الصغيرة ووجود الرفاق المستمر فوق رأسك، وغياب الشاي والهدوء والنساء. لكن الكتابة في الظلام ممكنة ، حين يختفي النورُ منذ العصر ، يمكنك أن تخربش فوق الورق المعتم ، وتملأ رأسكَ بالحبكات القصصية ، التي تكبرُ كل يوم من اليوم السجني الطويل ، تتعثرُ بالأرز اليابس ، أو بشوربة العدس الأقرب للقيئ ، أو بأشباح النسوة لكن الكتابة تنمو فوق الأرض الحقيقية ، تسحب الصواري من عند البحارة الذين غطسوهم موتى وهياكلَ خاليةً من المعنى في قعر الخليج ، فتغدو الروايةُ الكبيرة المخططة في الرأس روايات عديدة . كتبتُ روايات عدة على أوراق السجائر وعلب الصابون في السجن ، مثل: الدرويش والذئاب ، و لا مكان للصعلوك بين الملوك .. ورواية عن شهرزاد المسجونة بعد قصصها المثيرة […]

Read more

عودة السداسي

بدأت مرة أخرى تظهر عبارة جمعيات‮ “‬السداسي‮” ‬في‮ ‬بيانات ومواقف سياسية مختلفة،‮ ‬ولكن هذا السداسي‮ ‬مختلف عن‮ “‬السداسي‮” ‬السابق،‮ ‬الذي‮ ‬لم تتفق فيه الجمعيات في‮ ‬أول محطة له عندما كانت جدلية المقاطعة والمشاركة في‮ ‬عنفوانها‮.‬السداسي‮ ‬السابق الذي‮ ‬كان‮ ‬يضم‮ “الوفاق‮ – ‬وعد‮ – ‬أمل‮ – ‬القومي‮ – ‬التقدمي‮ – ‬الوسط‮”،‮ ‬لم‮ ‬يستطع ان‮ ‬يستمر إلا أشهر معدودات،‮ ‬إلى ان أتت فكرة تنظيم‮ “‬المؤتمر الدستوري‮ ‬الاول‮”‬،‮ ‬فكان بمثابة إعلان لموت هذا التحالف‮.‬الجمعيات الست حينها،‮ ‬أكدت في‮ ‬بيان لها ان التحالف مستمر فيما عدا المؤتمر الدستوري،‮ ‬إلا انه كان واضحاً‮ ‬ان هذا البيان لا‮ ‬يعدو كونه‮ “‬دجلا سياسيا‮”.‬أحد الأسباب الجوهرية التي‮ ‬أدت الى انهيار التحالف السداسي‮ ‬آنذاك،‮ ‬ان الجمعيات الأربع المقاطعة كانت في‮ ‬اجتماعاتها الخاصة‮ “‬تقرر‮”،‮ ‬ثم في‮ ‬اجتماعات السداسي‮ ‬تريد ان‮ “‬تملي‮”.‬السداسي‮ ‬اليوم‮ ‬يختلف قليلاً‮ ‬عن سابقه،‮ ‬فجمعية الوسط العربي‮ ‬الإسلامي‮ ‬لم تدع بحسب تصريح لأمينها العام د‮. ‬جاسم المهزع،‮ ‬الذي‮ ‬قال ان‮ “فيتو‮” ‬اتخذته بعض الجمعيات السياسية على جمعيته،‮ ‬فدخلت مكانها جمعية‮ “‬الإخاء الوطني‮”‬،‮ ‬وطبعاً‮ ‬شتان بين الجمعيتين فكراً‮ ‬وأسلوبا وأداء،‮ ‬فجمعية الوسط لها ثقلها السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬وإن كان ليس بذات قاعدة،‮ ‬ولكنه أكبر بكثير من‮ “‬الإخاء‮”.‬ذات الخطأ الجوهري‮ ‬الذي‮ ‬كانت ترتكبه الجمعيات الأربع في‮ ‬السداسي‮ ‬السابق‮ ‬يتم ارتكابه الآن ولكن من دون الجمعيات الأربع،‮ ‬فاللاعب الوحيد بين الجمعيات السياسية بأكملها هي‮ ‬جمعية الوفاق،‮ ‬بحسب ما تمتلكه من كتلة نيابية كبيرة،‮ ‬واتصال مباشر مع السلطة التنفيذية على الأقل داخل أروقة المجلس‮.‬ للحديث صلة صحفة الايام 16 نوفمبر 2008

Read more

وانتصرت إرادة العمال في شركة “ألبا”

لقد جاء فوز “الكتلة العمالية” برئاسة النقابي علي البنعلي، في انتخابات نقابة العاملين في شركة ألبا، بجميع المقاعد الخمسة عشر، مبعث فخر عمال شركة ألبا، بل القوى الإنتاجية البحرينية كافة بشتى نقاباتها العمالية، ومختلف مواقع الأعمال عبر العلاقات الإنتاجية.. بقدر ما جسد هذا الفوز الفريد من نوعه، انتصارا رائعا لقوى التيار الوطني الديمقراطي، والمتمثل في جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي بالمقام الأول.   ولعل ما يرسخ هذا الفخر ويعزز هذا الانتصار في ضمير الطبقة الكادحة ووجدان الشعب البحريني هو ان فوز “الكتلة العمالية” جاء تتويجا لتضحيات أعضاء نقابة العاملين في شركة ألبا، من خلال مصداقية العمل النقابي الدؤوب، الذي أثمر الكثير من المكتسبات العمالية والنقابية، والانجازات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وأهمها رفع الأجور وتحسين ظروف العمل والتأمين الصحي وصرف البونس ونظام التقاعد والنهوض بالعمل النقابي وقد تحقق الكثير منها على أرضية المطالبة عبر عقد اللقاءات والاجتماعات ما بين إدارة النقابة وإدارة شركة ألبا.من هذا المنطلق جاءت عملية اكتساح “الكتلة العمالية” انتخابات النقابة في دورتها الثالثة، مقرونة بحسم المواقف النقابية والوطنية لعمال نقابة ألبا، البالغ عددهم 2500 عامل.. هو حينما أكدوا أن إرادة العمال هي الإرادة المحتومة في تقرير مصيرهم النقابي، ومستقبلهم الوظيفي، خاصة بعد أن اكتشفوا بمدى وعيهم ومداركهم ورصدهم ومتابعتهم، عجز الكتل العمالية الأخرى وخاصة المحسوبة على تيار الإسلام السياسي، عن تمثيل العمال بما يحقق مطالبهم وينسجم مع طموحاتهم وأهدافهم وأحلامهم لعوامل تعود أسبابها إلى عدم إيمان تيار الإسلام السياسي بالعمل النقابي والقضايا العمالية أصلا، هذا من جهة وغياب الإستراتيجية العمالية والنقابية لدى كتلهم العمالية من جهة أخرى.. ويكفي استدلالا هو ما أورده مصدر عمالي وفاقي بالقول “ان كتلة العامل أولا.. لم تعمل بالشكل المطلوب، كما إن الانجازات التي حققها رئيس النقابة السابق علي البنعلي دفعت بالعديد من قواعد الوفاق إلى التصويت لقائمة الكتلة العمالية المدعومة من المنبر الديمقراطي”.والاهم من ذلك كله هو ان عمال شركة ألبا قد أماطوا اللثام عن مواقف أولئك النقابيين الإسلاميين في الشركة التي اكتنفتها الاصطفافات الطائفية والانتماءات المذهبية والولاءات للمرجعية الدينية.إن عمال شركة ألبا في الإدلاء بأصواتهم دعما لـ “الكتلة العمالية” ذات الفكر الديمقراطي التقدمي، خلال انتخابات حرة وعبر صناديق الاقتراع العام أشرفت عليها أربع جهات هي: “الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، وجمعية الشفافية، وجمعية مراقبة حقوق الإنسان البحرينية” هي مواقف عمالية تاريخية أعادت إلى الأذهان فتح الصفحات النضالية المضيئة للطبقة العمالية البحرينية ما قبل عقود من الزمان، أي منذ عقد الثلاثينيات إلى عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، بقيادة اللجنة التأسيسية لعمال البحرين، من قوى التيار الديمقراطي التقدمي والمتمثل آنذاك في التنظيمين “جبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية” التي حققت الكثير من أهداف العمالة البحرينية.انه من الأهمية بمكان القول إن عمال شركة ألبا، حينما أحسنوا الاختيار في الإدلاء بأصواتهم لدعم وانتخاب أعضاء “الكتلة العمالية” بصورة مطلقة.. فانهم ضربوا النموذج المشرف بنضجهم الواعي والمتقدم على وعي وأفكار وعقول الناخبين لشعب البحرين الذين صوتوا لشديد الأسف خلال الانتخابات النيابية والبلدية عامي (2002 – 2006) لصالح قوى تيار الإسلام السياسي.. ليس هذا فحسب ولكن ستظل مواقف عمال ألبا النقابية والوطنية تمثل مواقف بالغة النضج (فكريا ومهنيا واجتماعيا).. بل تمثل النبراس الذي يرنو إليه الجميع في ان تسترشد بضيائه جماهير الشعب البحرينية من الناخبين في مختلف الدوائر الانتخابية.. وان يحذوا حذو هؤلاء العمال بشركة ألبا بحسم مواقفهم في الإدلاء بأصواتهم لصالح قوى التيار الديمقراطي التقدمي.. وخاصة ان الشعب البحريني أعلن امتعاضه واستياءه من هزالة ووهن […]

Read more