المنشور

لبنان.. على صفيحٍ ساخن!

لدى الكثيرين من العرب وغير العرب شَغفٌ خاصٌّ تجاه لبنان أرضا وشعبا، ليس بسبب كونه الديمقراطية العربية اليتيمة فحسب بل لأنه الأرض التي تجسّد حلمهم الضائع واليوتوبيا المفقودة وتعوضهم عما ينقصهم في أوطانهم من أمور عديدة تعتبر من أساسيات المجتمع المدني الحديث المأمول، لعل على رأسها؛ دولة المؤسسات وآلية تداول السلطة والثقافة المجلوبة من التزاوج الأثني والديني والتاريخي وعراقة هذا الشعب الصغير الذي استطاع رغم الصعاب والتركيبة الطائفية المعقدة لديمقراطيته والكابحة لتقدمه، أن يؤسس مجتمعا أهم مكوناته؛ الاعتراف بالآخر والتعددية السياسية والثقافية والتنوع الفريد لحياة دستورية عصرية وان شُرعنت بصورة محاصصة دينية وطائفية فرضها الاستعمار الفرنسي! لكل ما قيل فان لبنان يسحر الكثيرين، بمن فيهم كاتب هذه السطور، المبتلى بحب لبنان. في كل مرة يتأرجح فيها المسار اللبناني، انتشي بعبق التاريخ الفينيقي العريق. تتراقص أمامي وفي ذهني أفكار كثيرة وجمل سحرية، يمتلكني الحماس للكتابة عن الشأن اللبناني.. على أن القلق الشديد على لبنان والتخوف من أصدقاء لي من الطرفين المتخاصمين يجعلني أتردد في كل مرة، بل يبعدني عن الخوض في هذا الملف المعقد والمركب. وقد كدت أكرر العادة نفسها هذا الأسبوع أيضا وأنا بصدد إعداد مقالي الأسبوعي، لولا تفاعل الأحداث السريعة والمخيفة في الأيام الأخيرة منبئة بتطورات لا تحمد عقباها، الأمر الذي أحفزني أن أدلي بدلوي في المسالة اللبنانية العصيّة على المقارعة، على أن يكون اختياري متسما بحيادية موضوعية واختصار يتلخص في عرض الحالة اللبنانية فحسب غير مستبق للأحداث الحبلى، آملا العودة إلى تفتيت وتشريح المعضلة اللبنانية في فرصة أخرى!
ما أن قررت الحكومة اللبنانية أخيرا، بعد أن ضاقت ذرعا من لغة قوى المعارضة المجلوبة من فن الكر والفر، رفع الغطاء السياسي عن قوى المعارضة وبالأخص حزب الله وتفجير موضوع شبكة الهواتف وكاميرات المراقبة والرصد التجسسيين، التي أطلقت عليها ‘الشبكة الأخطبوطية’ إلا وولج لبنان في دوامة عويصة لايمكن الخروج منها إلا بعملية قيصرية! فالقوى المتنافسة والمتخاصمة، دخلت الآن في مواجهة مباشرة لكسر العظم، التي لابد أنها ستسفر عن شيء ما حاسم ومهول، قد يؤدي إلى وضع غير مسبوق في خطورته! والأمر الجدير بالملاحظة أن فرقاء القوى السياسية اللبنانية المشتركة في خصومة الاستقطاب الحالي تختلف في تركيبتها ورؤاها عن استقطابات الحرب الأهلية في سبعينات القرن الماضي .. وقد يكون من المفيد ذكرها للقارئ الكريم حتى يتسنى له الحكم بنفسه على مجريات الأمور
أولا .. أهم أحزاب وقوى ما يطلق عليهم بـ ‘ الموالاة’، عنوانها الأساس كلمة ‘الدولة’:
– ‘كتلة المستقبل’، تيار ليبرالي علماني معتدل، جديد نسبيا على الساحة السياسية، يدعي انه يعبر عن مصالح طائفة المسلمين السنة، وان كان يجسد مصالح البرجوازية السنية، كون الدستور اللبناني يلزم مواطن لبناني سني لرئاسة الحكومة. أسسه رئيس الحكومة الأسبق الشهيد رفيق حريري ويرأسه الآن ابنه سعد الحريري.
– ‘الحزب التقدمي الاشتراكي’، حزب ديمقراطي اشتراكي علماني توجهه السياسي؛ يسار الوسط، مفتوح لكل اللبنانيين وان كان يعبر عن مصالح طائفة الدروز، أسسه الشهيد كمال جنبلاط الشخصية الوطنية الكبيرة ويرأسه الآن ابنه وليد جنبلاط.
– ‘حزب القوات اللبنانية’، ليبرالي مسيحي / موارنة، يمثل يمين الوسط، أسسه زعيمه الحالي؛ سمير جعجع.
– ‘حزب الكتائب’، ليبرالي يميني تقليدي مسيحي / موارنة زعيمه التاريخي بيير الجميّل ويرأسه الآن ابنه أمين الجميّل.
– ‘حزب الأحرار الدستوريين’، حزب البرجوازية اليمينية للمسيحيين الموارنة زعيمه التاريخي كميل شمعون ويرأسه الآن ابنه طوني شمعون.
– ‘اليسار الديمقراطي’، حزب اشتراكي ديمقراطي منشق عن الحزب الشيوعي الأم، يتزعمه النائب الحالي الياس عطا الله (شيوعي سابق) ومن زعمائه؛ الكادر الشيوعي القديم نديم عبد الصمد، الذي غير جلده السابق سالكا سكة ‘ السوسيال ديموقراط’.
– ‘الحزب الشيوعي / حركة الإنقاذ’، يتكون هذا الحزب الناشئ مؤخرا، من كوادر قيادية وقاعدية منشقة عن الحزب الأم بعد أن فُصلوا عنه بالجملة بعد المؤتمر التاسع والأخير للحزب الشيوعي اللبناني، وان كان المفصولون يدعون أحقيتهم بتراث الخط الفكري والتاريخي لحزبهم الأساس. يرأس هذه المجموعة الجديدة الكادر القيادي القديم غسان الرفاعي، الذي تربى على يد فهد (مؤسس الحزب الشيوعي العراقي) في يفاعته الأولى في العراق، ومجموعة من الكوادر الفكرية المجربة والمخضرمة. يؤيد خطهم السياسي المفكر اللبناني المشهور والمشهود كريم مروة.
ثانيا .. أهم أحزاب وقوى من يطلقون على أنفسهم بـ ‘ المعارضة’، عنوانها الأساس كلمة ‘المقاومة’:
– ‘حزب الله’، حزب ديني شيعي تقليدي . قاعدته الشعبية الأساس؛ فقراء الجنوب اللبناني، ذو منحى إقطاعي يؤمن بأسلوب حكم ‘ولاية الفقيه’. أسسه السيد الشهيد عباس الموسوي بمساعدة الحكومة الإيرانية. خاض ببسالة منقطعة النظير حرب مقاومة ضد العدوان الإسرائيلي في سنتي 2000 و2006 بقيادة زعيمه الحالي السيد حسن نصر الله، الأمر الذي مكنه من لعب دور دولة داخل دولة، وزاد طموحه الآن في منافسة الدولة الرسمية بأسلحته الموهوبة من إيران وميليشياته المسلحة بالإضافة إلى استحواذه على شأن الحرب والسلم ! يملك فضائية خاصة.
– ‘حركة أمل’، تيار شبه عصري / ديني شيعي أقدم، انبثق من حركة المظلومين الشيعة. أسسه الغائب السيد موسى الصدر يرأسه الآن رئيس مجلس النواب ( البرلمان) اللبناني نبيه بري، يملك فضائية خاصة.
‘تيار الوطني الحر’، حزب براجماتي ليبرالي مسيحي/ ماروني يرأسه الجنرال المتقاعد والطموح ميشيل عون.
‘تيار المردة’، حزب ليبرالي مسيحي/ ماروني أسسه سليمان فرنجية ويرأسه حاليا حفيده سليمان فرنجية.
‘الحزب الشيوعي اللبناني’، زعيمه التاريخي الشهيد فرج الله الحلو ( اغتاله النظام السوري الأسبق في الخمسينات )، أمينه العام الحالي د. خالد حدادة.
هذه باختصار خريطة القوى الرئيسة الفاعلة في الساحة اللبنانية، المتسمة بفترة حرجة من ‘ ازدواجية الدولة’، طالت أكثر من اللزوم ولا يمكن بالطبع أن تستمر إلى مالا نهاية. قد تحسمها المواجهة الأخيرة الحالية، على ضوء حرب بالإنابة، باردة مسعرة- تسخن أحيانا- دارت وتدور رحاها على أرض لبنان منذ بعض الوقت وقودها الناس والحجارة! أتون حرب بين مشروعين مضادين في شرق المتوسط؛ الأمريكي/الغربي والإيراني/السوري.. أي صراع بين مشروع رأسمالي/ ليبرالي (نيوليبراليزم) . أهدافه؛ تحرير الاقتصاد التام وفتح الأسواق ضمن منظومة إقليمية (بما فيها إسرائيل) أمام الشركات العابرة للقارات وتحويل دول المنطقة إلى تخوم رأسمالية عصرية مؤسساتية ‘تابعة’ للمراكز المتقدمة . ومشروع آخر؛ ‘وطني/ قومي/ إقطاعي/ ديني’ شعاراته البارزة؛ مقاومة الخطط ‘الامبريالية/الغربية والصهيونية’، ‘تحرير’ فلسطين و’القضاء’ على إسرائيل وإنشاء الثيوقراطية المستحدثة (الدولة الدينية الحديثة) على نمط حماس في غزة اوالنمط الإيراني! و مما يزيد الطين بلة أن الطرفين، الخصمين اللدودين يتسمان بالحدية ولا يتركان مجالا للتنازل، يتجسد ذلك في التراشق اليومي بالكلمات وغيرها من المصطلحات الشاملة لمفردات؛ كالفاقدة للشرعية والخيانة والعمالة للخارج الغربي اوالنظام الإيراني المنبثقة، على مدار الساعة، من خلال قنوات الفضائيات اللبنانية.
 
صحيفة الوقت
13 مايو 2008

اقرأ المزيد

مصر وأمانات المنظمات العربية والدولية

كانت مصر هي الدولة العربية أرست عرفا ضمنيا بأن يكون أمين عام جامعة الدول العربية مصريا، أي من دولة المقر. وباستثناء الفترة التي تم فيها نقل المقر الى تونس على إثر توقيع القاهرة معاهدة الصلح مع اسرائيل، حيث تقلد الامانة العامة التونسي الشاذلي القليبي، باعتباره من دولة المقر الجديد، فإن كل الأمناء العامين للجامعة العربية منذ تأسسها عام 1945 حتى اليوم هم مصريون، بدءا من عبدالرحمن عزام ومرورا بعبدالخالق حسونة وانتهاء بأمينها العام الحالي عمرو موسى.
وهذا العرف الذي تكرس بالرغم من مرور ستة عقود على انشاء الجامعة جرت خلالها مياه كثيرة ومتغيرات عربية ودولية كبرى انما تم ارساؤه بالتوافق مع الدول الاعضاء التي نحت الى مجاملة الدولة التي تستضيف وتحتضن مبنى المقر، ناهيك عما تلعبه مصر من نفوذ سياسي معنوي على الساحة العربية، وعلى الاخص خلال حقبة الصعود القومي الناصري ابان عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر المعروف بتمتعه بشعبية عربية كارزمية كاسحة، علما بأنه لم يعين في عهده سوى أمين عام مصري للجامعة العربية هو عبدالخالق حسونة (1952 ــ 1971)، وهي أطول فترة يتولى فيها هذا المنصب أمين عام للجامعة.
على ان الجدل العربي بدأ يثور على الساحة السياسية العربية منذ تولي الرئيس المصري السادات السلطة في مصر حول أهمية مراجعة هذا العرف وحاجة الأمانة العامة لضخ دماء عربية جديدة اليها بالتناوب من مختلف الدول العربية وعلى الاخص الدول العربية الكبرى المؤثرة على الساحة العربية ومن ثم الحاجة الى كسر احتكار مصر لهذا المنصب باعتباره حقا عاما لكل الدول العربية كأعضاء متساوين في الجامعة العربية . وطفح هذا الجدل على السطح غداة توقيع مصر اتفاقيات كامب ديفيد مع اسرائيل عام 1979، ثم بلغ ذروته عشية اسناد المنصب الى عمرو موسى عام 2001، والذي كان وزيرا للخارجية المصرية لسنوات طويلة، ومثله كان كذلك كل من محمود رياض واحمد عصمت عبدالمجيد.
ويبدو ان القاهرة بصدد نقل هذا العرف الى بعض المنظمات الدولية، أي بممارسة نفوذها الدبلوماسي العربي وحتى الاقليمي والدولي لدعم ترشيحها في تلك المنظمات كما حدث بنجاحها في تسمية بطرس غالي (وزير دولة للشئون الخارجية) للمنظمة الفرانكفونية وغيرها من المنظمات العربية والاقليمية والدولية. والملاحظ ان مصر كذلك غالبا ما تلجأ الى اسناد مثل هذا الترشيح لشخصية من شخصياتها الحكومية في التشكيلة الوزارية، وهو على ما يبدو كنوع من التكريم لهذه الشخصية أو تلك، وخاصة ممن قضوا وقتا طويلا في حقيبتهم الوزارية كبعض وزراء الخارجية الذين أشرنا اليهم آنفا، وغالبا ما يظل هؤلاء بدورهم سنوات طويلة في مناصبهم الدولية الجديدة. ولعل ما توليه مصر من اهتمام بالغ منذ عامين لدعم ترشيح وزير الثقافة فاروق حسني لمنصب أمين عام اليونسكو، والذي تولى وزارة الثقافة منذ أكثر من عشرين عاما، لهو امتداد وتكريس لهذا العرف المصري.
لا أحد يقلل بطبيعة الحال من الكفاءات المصرية، سواء لمنصب الأمانة العامة للجامعة العربية أم لأي أمانات أخرى من المنظمات العربية والدولية، لكننا نعتقد ان الظروف العربية والاقليمية التي جرى خلالها ردحا من الزمن تكريس مثل هذا العرف قد تغيرت كثيرا وآن الأوان لأن تراجع مصر والدول العربية سويا هذا التقليد، وبخاصة بالنظر الى ان عطاءات أي شخصية مصرية مهما شهد لها بالكفاءة قد استهلكت مقدما طويلا في العمل الحكومي التنفيذي البيروقراطي هي ليست كعطاءات كفاءات جديدة في متوسط العمر، كالاربعينيات او الخمسينيات منه، كما ان قدرة شخصية مصرية على الحركة والاقناع وهي تتمتع بقدر معقول متوازن وشبه حيادي على الاقل بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني العربية لقيادة جامعة الدول العربية أو أي منظمة دولية ليست كقدرة شخصية مصرية احترقت طويلا مقدما في الجهاز البيروقراطي الحكومي وأحيطت بها شبهات بالفساد، ولربما ترتب على بقائها الطويل في المؤسسة الحكومية خصومات في الداخل كما في الخارج، ومن ثم فإن الحاجة تغدو ملحة لترشيح شخصية كفوءة مصرية من خارج المؤسسة البيروقراطية المصرية هو أضعف الإيمان إذا ما تمسكت مصر والدول العربية بهذا العرف المتقادم.
 
صحيفة اخبار الخليج
13 مايو 2008

اقرأ المزيد

خطوة الدب التالية‮!‬

في‮ ‬الادبيات السياسية عندما‮ ‬يتحدثون عن روسيا،‮ ‬يميلون الى استخدام تعبير‮ “‬الدب الروسي‮”،‮ ‬ليس فقط لأن روسيا موطن الدببة،‮ ‬وانما لأن فيها من صفات الدب الشيء الكثير‮: ‬الصبر الذي‮ ‬يجد احد تعبيراته في‮ ‬المقدرة على تحمل العيش في‮ ‬ظروف الصقيع القاسية،‮ ‬وايضا الغموض المحيط بالسلوك،‮ ‬لأنك لا تستطيع ان تتوقع ما الخطوة التالية التي‮ ‬سيتقدم عليها الدب‮.‬ روسيا الغامضة،‮ ‬المحيرة دفعت الى موقع الرئاسة فيها برجل ‬يحمل تسمية الدب،‮ ‬اذا ما عرفنا ان اشتقاق اسم عائلة الرئيس الجديد آت من مفردة الدب في‮ ‬اللغة الروسية‮.‬
قلنا ان روسيا دفعت بميدفيدف الى الرئاسة،‮ ‬لكن هل تراها كانت ستفعل ذلك من تلقاء نفسها،‮ ‬اي‮ ‬لو لم‮ ‬يوظف رجل الكريملين القوي‮ ‬فلاديمير بوتين كل رصيده الشعبي‮ ‬والسياسي‮ ‬لمصلحة الرجل الذي‮ ‬اصطفاه خليفة له،‮ ‬حين بات متعينا عليه ان‮ ‬يغادر الكرملين لأن الدستور لا‮ ‬يمنحه فرصة اضافية لترشيح نفسه،‮ ‬فدفع بميدفيدف الذي‮ ‬بالكاد تجاوز الاربعين من عمره‮.‬ لقد اختار الرئيس الذي‮ ‬انتهت ولايته واحدا من اخلص خلصائه،‮ ‬من موقع الاطمئنان الى ان خطاهما معا ستكون متناغمة في‮ ‬المستقبل،‮ ‬باعتبار ان الطموح السياسي‮ ‬لبوتين اكبر من ان‮ ‬ينتهي‮ ‬بنهاية ولايته الرئاسية التي‮ ‬دامت ‮٨ ‬سنوات،‮ ‬وهذا ما برز في‮ ‬ما كان معروفا سلفا‮: ‬غادر الكريملين كرئيس لروسيا،‮ ‬ليذهب الى البيت الروسي ‬الابيض ‬غير البعيد بصفته رئيسا للحكومة،‮ ‬تاركا الباب مفتوحا امام التأويلات المختلفة حول ما ستكون عليه طبيعة العلاقات بينه وبين ميدفيدف،‮ ‬خاصة وان بوتين لايزال في‮ ‬اوج قوته ونشاطه وحيويته،‮ ‬محمولا على امجاد نجاحاته البينة التي‮ ‬اعادت لروسيا الكثير من هيبتها التي ‬اهدرها‮ ‬يلتسين ومن قبله‮ ‬غورباتشيوف‮.‬
منذ ان اصبحت موسكو عاصمة بناء على اقتراح من مؤسس الدولة السوفييتية فلاديمير لينين،‮ ‬لم‮ ‬يحدث ان حكم الكرملين شخص من موسكو، ‬فكل الرؤساء السوفييت والروس اتو اليه من الأقاليم البعيدة‮.‬ الرئيس الذي‮ ‬انتهت ولايته والرئيس الجديد لم‮ ‬يشذا عن القاعدة،‮ ‬فهما ليسا من موسكو،‮ ‬ولكن مع ملاحظة انهما آتيان من المدينة الروسية الثانية،‮ ‬سانت بطرسبورغ،‮ ‬والتي‮ ‬قد تكون اجمل مدن روسيا على الاطلاق،‮ ‬بناها بطرس الاول محاكيا في‮ ‬تصميمها نموذج مدينة البندقية الايطالية لتكون عاصمة القياصرة‮.‬
نشأت العلاقة بين بوتين وميدفيدف في‮ ‬تلك المدنية التي‮ ‬ذاع صيتها في‮ ‬الحرب العالمية الثانية‮ ‬يوم كانت تحمل اسم لننغراد،‮ ‬حيث صمدت سنوات متتالية بوجه الحصار النازي‮.‬ كان بوتين عمدة سانت بطرسبورغ،‮ ‬فيما كان الرئيس الجديد محاميا استعان به‮ “‬العمدة‮” ‬في‮ ‬تقديم استشارات قانونية،‮ ‬قبل ان‮ ‬يتدرج معه في‮ ‬المناصب،‮ ‬حين اتى بوتين الى موسكو ضمن الحلقة المحيطة ببوريس‮ ‬يلتسين‮.‬ وستحتاج روسيا،‮ ‬ومعها العالم كله،‮ ‬الى بعض الوقت للتيقن ما اذا كان رئيسها الجديد سيظل ظلا للرجل الذي‮ ‬دفع به الى دائرة المجد،‮ ‬ام انه سيشب عن الطوق‮.‬
 
صحيفة الايام
13 مايو 2008

اقرأ المزيد

كيف نحول الحوار الوطني‮ ‬إلى حقيقة فاعلة؟‮!‬

تعترض حوارنا الوطني‮ ‬قضايا مفصلية لتخطي‮ ‬إشكالية التناقضات القائمة في‮ ‬جسد المجتمع ونسيجه،‮ ‬سواء من حيث بعده التاريخي‮ ‬أو الآني‮ ‬أو المستقبلي،‮ ‬ولكي‮ ‬يصبح الحوار ناجزا ومؤثرا في‮ ‬عملية تماسك الوحدة الوطنية وتقطيع جذور وعوامل مكونات الطائفية ونزعتها ولو من منظورها القريب،‮ ‬ومن جهة أخرى الحفاظ على كل جوانب الحقوق المدنية والدينية لذلك النسيج،‮ ‬إذ لا‮ ‬يمنع تطور المجتمع تدريجيا في‮ ‬بنيته الطائفية والقبلية نحو الدولة الحديثة الدستورية،‮ ‬إلا بشروطها التخلي‮ ‬عن استخدام وتوظيف تلك النعرات من اجل ديمومتها لشعورها أن ذلك‮ حقق لها الهيمنة على السلطة دون الاعتماد على شرعية وحدة الشعب والدستور اللذان‮ ‬ينبغيان أن‮ ‬يكونا هما المرجعية الفعلية للجميع،‮ ‬ولن‮ ‬ينجز ذلك إلا بتنفيذ وتفعيل تلك المرتكزات الأساسية فيه،‮ ‬من حريات وحقوق وسلطات فاعلة وعادلة‮. ‬
لكي‮ ‬لا ندخل في‮ ‬دهاليز الصراع القبلي‮ ‬والطائفي‮ ‬ودولة مشوهة الكيان،‮ ‬حيث نراها مشدودة لذهنية الماضي،‮ ‬بينما تيار التغيير وقوة التفاعلات العالمية تقتضي‮ ‬الانخراط أكثر نحو دولة محددة الكيان والحداثة،‮ ‬مستكملة شروط وشكل تفاصيلها الدستورية،‮ ‬في‮ ‬وضع مؤقت مقبول ومستقبل ‬يسعى الجميع لاستكماله معا،‮ ‬إذ برهنت الحقبة السابقة ان ذلك النموذج الاستبدادي‮ ‬المتكئ على عنوان القوة والكبت ومراسيم التسلط،‮ ‬لم تقد وتدخل البحرين إلا نحو التوترات والتنمية البطيئة المتشحة بالفساد‮. ‬
ولكي‮ ‬يكون مشروع الإصلاح الذي‮ ‬جاء به عاهل البلاد فاعلا،‮ ‬عليه‮ ‬ممثلة بالدولة وعلينا ممثلة بالمجتمع المدني‮ ‬المساهمة في‮ ‬نسج توافق مشترك لنوعية ذلك المستقبل والدولة العصرية التي‮ ‬من ضروراتها الأساسية إعطاء كل النسيج حقوقه وإبعاد الطائفة والدين عن التعامل مع السياسة من منظورهما الضيق،‮ ‬الديني‮ ‬والطائفي،‮ ‬بحيث لا‮ ‬يمكن أن تستقيم دولة حديثة تدير المجتمع والدولة بذهنية طائفية وسلطة دينية،‮ ‬فذلك‮ ‬يدخل فكر الدولة ونهجها السياسي‮ ‬إلى تناقضات متضاربة،‮ ‬في‮ ‬كيفية وطبيعة سلطة الشعب ووحدته السياسية والاجتماعية والحقوقية‮. ‬
الإسلام حقيقة في‮ ‬أوال والطوائف حقيقة بحرينية كذلك،‮ ‬وهما حقيقتان تاريخيتان ترسخت جذورهما في‮ ‬تربة البحرين منذ نشوء الإسلام،‮ ‬ولكن الدولة العصرية والطبقات الاجتماعية والعلاقات الدولية وتعقيدات فكر الدولة والحقوق المدنية وبرامج التنمية المستدامة وغيرها من حراكية دائمة داخلية وخارجية هي‮ ‬جزء من معطيات الحياة الإنسانية وعناصرها الحضارية المتفاعلة،‮ ‬وهي‮ ‬ضرورة من ضرورة التغيير ولا‮ ‬يمكن إقحام التاريخي‮ ‬بالديني‮ ‬بالسياسي‮ ‬بصورة ميكانيكية،‮ ‬تدخلنا في‮ ‬الصدام الأهلي،‮ ‬ما لم نكن قد استوعبنا تلك الحقيقة،‮ ‬وبأن تجارب الدولة الدينية لا ‬يمكن أن تستمر في‮ ‬عصرنا،‮ ‬فهي‮ ‬في‮ ‬نهاية الطريق تدخل نفسها في‮ ‬تعرجات العصر،‮ ‬وترى نفسها مجبرة على التنازل‮ ‬يوما اثر‮ ‬يوم،‮ ‬حتى وان احتفظت بقيافتها ومظهرها الخارجي،‮ ‬وحاولت تفسير الأمور الدينية بمرونة،‮ ‬إذ هناك ثوابت دينية لا تقبل التغيير بينما الدولة وفكرها السياسي ‬ومجتمعها المدني‮ ‬مبنية على أساس مبدأ التحول المستمر وبأن قانون الصراع الاجتماعي‮ ‬احد محركاته الأساسية‮.‬
لن‮ ‬ينجح أي‮ ‬مشروع إصلاحي‮ ‬وطني‮ ‬لتذويب الحساسية التاريخية والاجتماعية بين السكان بطوائفهم وأعراقهم وثقافاتهم المتباينة،‮ ‬إلا بالتوافق على حل سؤال هام وهو ما هي‮ ‬ثقافتنا الوطنية المشتركة ؟ التي‮ ‬ينبغي‮ ‬زرعها في‮ ‬نفسية وذهنية أطفال الوطن؟ كيف نغربل برنامجنا الثقافي ‬الوطني‮ ‬القائم على المزيج والتنوع المشترك دون خوف من الشعور بطغيان الآخر،‮ ‬فالمهم هو المستقبل الذي‮ ‬يقدم نوعية جديدة من الثقافة المشتركة التي‮ ‬ستحدد ملامح الأجيال القادمة،‮ ‬والتي‮ ‬نراها مجسدة بلا وعي‮ ‬مفروض في‮ ‬تداخل فنوننا ومزاجنا في‮ ‬الملبس والطعام،‮ ‬وغيره من التنوعات التي‮ ‬بهذا القدر أو ذاك تفرض نفسها بصورة طبيعية،‮ ‬دون حاجة لممارسة الهيمنة الثقافية وتسلطها الفوقي،‮ ‬خشية من ذوبانها وضياعها في‮ ‬تيار‮ “‬تتوهم‮” ‬انه سيجرفها بقوته،‮ ‬متناسية أن المساواة وحدها تخلق روحا جديدة،‮ ‬والتمييز والتسلط‮ ‬يدخلنا في‮ ‬دائرة الانغلاق عن الآخر والخوف منه وكراهيته بصمت،‮ ‬لكونه‮ ‬يمارس التهميش والقسر الثقافي‮. ‬ولن تكون أفضل لثقافتنا الوطنية،‮ ‬من مناهج المرحلة المدرسية الأولى إلى أعلى درجة في‮ ‬الجامعة،‮ ‬كما إن التداخل السكاني‮ ‬لكل مشروع ووحدة سكانية‮ ‬يُؤسس على التداخل دون النظر بروح النسبة والحصص،‮ وإنما بأهمية توزيع عادل لحقوق المواطنة،‮ ‬فمن كان رقمه أقدم من حقه أن‮ ‬يحصل على حقه دون مماطلة،‮ ‬كما إن ممارسة مواصلة بناء المشاريع بروح فئوية وطائفية وقبلية،‮ ‬لا‮ ‬يجوز تكريسها وتعميقها بإرادة ووعي‮ ‬يسهم بسياسة التفتيت والتقسيم والتمايز،‮ ‬وبدلا من أن نطوق فكرة التطويف والنزعة القبلية،‮ ‬نسعى إلى دولة الطوائف اعتقادا منا على أنها طوقنا وحصننا المنيع،‮ ‬في‮ ‬مواجهة المشاكل الاجتماعية والسياسية الناجمة عن صراع أعمق في‮ ‬مظاهره البنيوية‮.‬
‮ ‬انتهى زمن المعجزات،‮ ‬وباتت القدرة الإنسانية والمعرفة قادرة على معالجة شتى أنواع الظواهر التي‮ ‬من المهم أن نضع لبنات وأسس صحيحة لحلها،‮ ‬ولن تكون البحرين بلدا أعمق واعقد في‮ ‬نسيجه الاجتماعي‮ ‬والديني‮ ‬عن بلد بحجم الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي،‮ ‬ومع ذلك تخطو كل ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يخلق شعورا بضياع الهوية الحقيقية للمواطن الأمريكي‮ ‬والهندي‮ ‬والأوروبي.
 
صحيفة الايام
13 مايو 2008

اقرأ المزيد

حسين الحليبي… قبل وبعـد الشـبـيـبة

راودتني منذ أيام فكرة شكر حسين الحليبي الذي أنهى فترة ترأسه لجمعية الشبيبة البحرينية بعد أن أسسها وترأسها 6 سنوات متواصلة باذلاً خلالها كل جهده من أجل تميزها وحيويتها، حتى صارت في مرحلة من مراحلها تضاهي أكبر مؤسسات المجتمع المدني، بل والسياسي، علاوة على ريادتها التي سبقت في كثير من الأحيان وتيرة المؤسسة العامة للشباب والرياضة في خدمة الشباب. 
عرفت الحليبي فناناً في مسرح الصواري، وفي غمرة سنوات المراهقة كان العداء بيننا مستفحلاً إذ أن الشللية والعصبوية في ثقافتنا سبقت وبسنوات ما أفرزه الوضع السياسي القائم منذ عام 2001، كان الحليبي أبرز مخرج شاب في مسرح الصواري ولم يستطع غيره لسنوات طويلة من انتزاع جوائز مهرجان الصواري المسرحي للشباب الذي كان يقام منذ بداية التسعينيات حتى مطلع عام 2000، إلا أننا – أي الشلة الأخرى – استطعنا في السنوات الأخيرة أن نزاحمه في حصد الجوائز وهو ماسبب بيننا غيرة فنية تضاف إلى غرور المراهقة “وعنطزة” الشباب. 
مضت السنوات فوجدت نفسي أكثر قرباً للحليبي رغم أن هذا القرب لم يرأب الصدع بقدر ما كان مفروضاً علينا نتيجة لصداقة مشتركة تجمعنا بأحمد الفردان. 
وفي نهاية العام ألفين وواحد يطلعني أحمد هامساً على خبر تأسيس جمعية سياسية، لم يعجبني الأمر فوجدته محاطاً بالكثير من السرية التي لم أجد لها مبرراً في تلك المرحلة التي كنا فيها في مسرح الصواري نتجادل حول جدوى المشروع الإصلاحي مع المشاغب الأكبر عبدالله السعداوي. 
وبعدها ببضع أشهر يطل علينا الحليبي من جديد معلناً عن جمعية شبابية مستقلة عن المنبر، يدور كما النحلة بين التجمعات الشبابية مستعرضاً النظام الأساسي للشبيبة وأهدافها بيده اليمنى، وفي يده الأخرى قائمة ليمليها بأسماء المؤسسين بهدف بعثها فيما بعد لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية بغرض نيل الإشهار. 
وفعلاً أشهرت الشبيبة واستطاعت أن تعدو بخطى حثيثة، لكن خلافي مع الحليبي ظل مستمراً فكنت أجد الشبيبة قائمة على أبناء أعضاء جبهة التحرير الذين لا يربطهم بالشبيبة سوى حماس جاهل وسوقٌ من قبل أهاليهم – وأعترف الآن – أن لحدة ِ – وليس صحة – هذا الرأي علاقة بشخصيتي المتعجرفة وبحس الغرور الذي أحاول منذ سنوات أن أروضه في نفسي. 
مضت السنوات وأنا في الجبهة المضادة للحليبي، إلا أن قرر هو أن يستوعبني، دعيت إلى اجتماع الإدارة وطلب مني أن أنسجم مع الشبيبة وأكون فاعلاً، لم أعر الموضوع أهتماًماً لكني وجدته يستدرجني دون أن أعي إلى الشبيبة عبر تكليفي بمجموعة من المهمات المُرضية لغروري. مضت السنوات وأصبحت عضيداً للحليبي ونائباً له في أول إدارة أنضم إليها، وخلالها جمعتنا الكثير من الطموحات والأفكار، والنقاشات الجدلية، التي لم تخدمها الظروف لكي تتبلور بمستوى طموحنا. 
وبعد 6 سنوات ودع الحليبي كرسي الرئاسة، مخلفاً ذاكرة 6 سنوات من حياته مزدحمة بالأحداث والإنجازات والإخفاقات، ذاكرة لم تخلو من لحظات السعادة، ولحظات التوتر والحزن، بخطى متثاقلة نزل الحليبي من مسرح جمعية الأطباء بعد أن سُلم درعاً من قبل أعضاء الشبيبة تكريماً لإنجازاته وتضحياته على مدى السنوات الستة الماضية.
لكن الضوء لم يخفت عن حسين الحليبي ولم يتفرغ لكتابة مذكراته، فما زال الحليبي شاباً مفعماً بالحيوية وها هو اليوم يتألق بعودة حميدة للساحة الفنية عبر مسرحية حياة إنسان، وفيلم أربع بنات الذي يعرض حالياً في سينما السيف بعد أن نال الجائزة الثانية عن فئة الأفلام الروائية في مهرجان دبي للسينما الخليجية، هذا الفيلم المشاكس الذي يدعو لتحرر المرأة في ظل تنامي نعرات أصولية تواجه هذا التحرر، يجسد الحليبي في فيلمه هذا الصراع بجرأة لافتة، فاضحاً من يتكئ على الدين لمصالحه الشخصية.
أخيراً أقولها لصديقي حسين الحليبي شكرا على عطائك المستمر، ونحن بانتظارك في الشبيبة لتُدير مركز المبادرات الشبابية الحائز على المركز الثاني في مسابقة المنح المالية التي يمولها مركز دعم المنظمات الأهلية في وزارة التنمية الاجتماعية.
 
خاص بالتقدمي

اقرأ المزيد

ســـؤال السكـــــــان


الأسئلة التي يقدمها نواب المجلس النيابي والشورى وتطرحها الصحافة من حين لآخر حول التعداد السكاني للمملكة هي أسئلة مهمة، إلى أين نحن ماضون سكانيا؟ وكم هي نسبة النمو المتوقعة سنويا من أعداد المحليين والمجنسين والوافدين؟
 لقد كان بلوغ الرقم المليوني مفاجأة كونه جرى في فترة قياسية، لكن تلك أسئلة مهمة وجديرة أن تطرح مع كل خطة وطنية قصيرة أو بعيدة المدى.
 إن الأزمة الإسكانية التراكمية والشوارع المكتظة مروريا وقضية النظافة وشحة أسرة المستشفى المركزي السلمانية ونقص الأدوية كلها مؤشرات على هذه الزيادة غير المتوقعة في تعدادنا، حتى المخطط الهيكلي الاستراتيجي الذي وضع مخططا كاملا للبحرين للعشرين سنة القادمة ولاستخدامات الأراضي وللإسكان والخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية تغيرت نتائجه واختلت موازينه مع هذه الزيادة السكانية.
 إن سؤال السكان مهم جدا وقد طرح منذ عدة أسابيع في ندوة خليجية منبها إلى خطورة ما يجري في دول الخليج وقطر والإمارات وتحول السكان المحليين إلى أقلية في مجتمعاتهم مما يزيد الخلل في التركيبة الديموغرافية المختلة أصلا في بعض الدول وقبل بروز النهوض العمراني والاقتصادي وما يترتب عليه من استحقاقات سياسية واجتماعية للأجانب والمجنسين.
 الواقع إن سؤال السكان يستدعي أيضا طرح النقاش حول نوع ومستوى النمو الاقتصادي الذي نرنو إلى بلوغه والمحافظة عليه والذي يستدعي كل هذه الأيدي العاملة، وما مدى اتساعه وشموليته وتغطيته لكافة شرائح المجتمع، فالنمو أو التنمية التي تغني فئة على حساب فئة أخرى أو تجور على مصادر الرزق وتحرم المزارعين من مزارعهم والبحارة من سواحلهم وتخصخص القطاعات الاقتصادية وتصرف الموظفين من أعمالهم وتتركهم إلى المجهول بلا تعويض ولا فتح منافذ جديدة للارتزاق هي تنمية معوجة وفاشلة.
 وعودة إلى سؤال السكان، أقول انه سؤال يعني كل وزارات الدولة وخططها ومشاريعها المستقبلية، وكذلك القطاع الخاص.
 أتأمل في كم الشوارع التي يجري اليوم إنشاؤها وإصلاحها وتوسعتها، اكثر من 145 شارعا في وقت واحد، وهو يشير إلى التوسع العمراني الهائل الذي تحقق لبلدنا بفضل الأيدي العاملة الأجنبية وهو أمر لا يجب إغفاله، لكن هذه العمالة تحتاج إلى ضبط وتشريعات لا تضر بنا ولا تكون على حسابنا، وإذا أصبحت جزءا من نسيجنا الاجتماعي مع تنامي تجنيسها وحقوقها ومع اتساع العمران وامتداد المدن وزيادة الحاجة إليها فيجب أن تتوجه إليها أيضا البرامج التوعوية والتعليمية والأسرية، فهؤلاء يتزايدون اليوم بوتيرة أسرع من المحليين مستندين إلى ثقافتهم وقيمهم التي لا تزال تعلي من شان الأسرة الكبيرة، وثمة من يتوجس من هذه العمالة ويراها أداة سياسية من شأنها أن تعيد صياغة الكتل الانتخابية وألوانها وتوجهاتها المستقبلية.
 كثيرة هي الأسئلة المعنية بالسكان والتي يجدر طرحها بكل مصارحة وشفافية، قد بلغنا المليون في عام 2007 فكم سنبلغ في عام 2020؟ وهل ثمة خطة مدروسة لنسب الزيادة السنوية التي نحتاجها بما يتناسب مع إمكانياتنا المادية والبشرية؟
 
الأيام 12 مايو 2008

اقرأ المزيد

قبيل فض دور الانعقاد


أيام قليلة فقط هي تلك التي تفصلنا عن موعد انفضاض دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الحالي لمجلس النواب، أي إن نصف مدة هذا الدور تكون قد مرت بالتمام والكمال، وبقي أمام المجلس نحو عامين فقط. يدفعنا هذا لطرح السؤال عن حصيلة المجلس خلال العامين اللذين انقضيا منذ انتخابه، لنقول دون خشية الوقوع في المبالغة، أو نبدو في مظهر المتجني أو المتحامل على أعضاء المجلس إن هذه الحصيلة بائسة؛ فالمجلس أهدر وقته في تشكيل لجان تحقيق في قضايا عرضية وجانبية، ونأى في الغالب الأعم عن المهام الملقاة على عاتقه. بل أكثر من ذلك انخرط النواب بقضهم وقضيضهم، في قضايا أظهرت أنهم أبعد ما يكونون عن الهموم الحقيقية للمواطنين، فأقاموا الدنيا وأقعدوها حول أمور أبعد ما تكون عن هذه الهموم. ودخل المجلس في دوامة الاستجوابات التي بدلاً من توجيهها في الوجهة الصحيحة، بصفتها حقاً رقابياً معطى للمجلس عليه أن يمارسه على أداء الحكومة ووزرائها، أخذ الموضوع بُعدا طائفيا ومذهبياً صرفاً في لعبة متقنة، أجادت قوى مختلفة داخل وخارج مجلس النواب أداءها، وذلك كله في ظل غياب الأجندة الواضحة لهذا البرلمان حول سلم الأولويات. بل إن القسمة الطائفية للمجلس التي تتحمل هذه المعارضة مسؤولية فيها، حين استبعدت فكرة القائمة الانتخابية الوطنية الموحدة التي تعكس تلاوين وأطياف المعارضة، مما أفاد خطة قيام المجلس بهذه التركيبة، فباتت أي مقاربة لأي ملف مهما كان وطنيا وشاملا تضفى عليها الأبعاد المذهبية وتفرغ من مضمونها الأصلي. يتطلع المواطنون إلى أن يروا مجلس النواب يناقش قضاياهم وهمومهم اليومية، في أن يتصدى لرفع أجورهم وتحسين مستوى معيشتهم وتأمين حقوقهم في سكن لائق وفي خدمات اجتماعية تواكب الغلاء ومصاعب الحياة المتزايدة. إذا ما استمر المجلس على هذه الوتيرة البائسة من الأداء؛ فالحصيلة لن تكون فقدان الناس لثقتهم في هؤلاء النواب فحسب، وإنما فقدان ثقتهم في أن تصبح الأمور في هذا البلد أفضل مما هي عليه. لا مناص من تكرار القول إن التركيبة الراهنة للمجلس لا يمكن أن تسفر إلا عن مثل هذا الأداء، وعن تقديرنا لذوات النواب الكرام، وعرفتنا بأن كثيرين منهم يحملون ملفات ذات طابع وطني، لكن الوجهة العامة لكتل المجلس التي بُنيت على أساس القسمة الطائفية، جعلت وستجعل من هذا المجلس في ما تبقى له من أمد أسير هذا الطرح.  ولعل في ذلك عبرة لأولي الألباب.
 
الأيام 12 مايو 2008
 

اقرأ المزيد

بغداد.. بيت عمر وعلي وآزاد


الأيام الستة التي عشتها الأسبوع الماضي في بغداد بدعوة من الأستاذ فخري كريم رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون وكبير مستشاري رئيس الدولة لحضور ‘أسبوع المدى الثقافي’ كانت مشوبة ببعض القلق وسط الحماية الأمنية ومحدودية الحركة. لكنها أيضا كانت مليئة بمتعة الاكتشاف والتحدي والزاد الثقافي والالتقاء بأصدقاء قدامى وجدد ومعرفة كثير مما يجري على الأرض. ولم يكن الكسل هو ما حال دون خروجي على القارئ في الأسبوع الماضي، بل لأنني كنت حريصا على أن أقطع مع كل شيء آخر لأعيش وجودي في بغداد لحظة بلحظة.



أسابيع المدى الثقافية الثلاثة الأولى جرت في دمشق عندما كانت بغداد تئن تحت الدكتاتورية، الرابع والخامس في أربيل عندما كانت بغداد تكتوي ‘بالفوضى الخلاقة’ وبنيران الاحتلال وإرهاب تحالف قوى النظام السابق وقوى الظلام الطائفية. وفي أواخر مايو/ أيار 2006 كتب الأستاذ فخري كريم في جريدة المدى: ‘.. فليوقد كل منا شمعة في زاوية يحاول القتلة أن يحاصروها بظلامهم. ولنجعل من مدينة بغداد عنفوان كل عراقي يرنو نحو أفق مضيء مشرق بالأمنيات التي يحاولون إطفاء جدوتها في روحهم..[1]’ . وهاهو في الأول من مايو/ أيار 2008 يحقق خطوة هامة على هذا الطريق بافتتاح أسبوع المدى الثقافي السادس في قاعة المسرح الوطني بغداد. ‘ستنبض بغداد بالثقافة من جديد’ يقول كريم.



وبالفعل، شاهد المشاركون في المهرجان في كل يوم عروضا مسرحية وفنية وأفلاما واستمعوا إلى الشعر والغناء من قدامى المبدعين وشبابهم، نساء ورجالا. وحضروا معرضا للكتب ضم ما يزيد على عشرين ألف كتاب لمؤلفين عراقيين وعرب وعالميين. وجالوا معارض للوحات الفنية والصور الفوتوغرافية ومنتجات الحرفيين والفنانين. وحضروا تكريم رجال الثقافة والأدب والفن ابتداء من فنانة العراق التسعينية العمر عفيفة اسكندر. كما دعي السيد عادل عبدالمهدي، نائب رئيس الوزراء إلى مواجهة صريحة هي الأولى من نوعها مع أكثر من ألف مواطن حول التطورات منذ سقوط الدكتاتورية بأبعاد تحليلية للماضي، حيث حكم الحزب الواحد 35 سنة بالدكتاتورية التي قتلت ونكلت وشردت العراقيين واستحقاقات الحروب الداخلية والخارجية التي أفقدت العراق سيادته وأخضعته للعامل الدولي منذ سنوات طويلة قبل التغيير. وعليه فلم يأت التغيير الذي حدث عام 2003 بالشكل الصحيح، ولم توافق عليه كافة القوى الشعبية، حيث إن القوات الأميركية التي أسقطت النظام هي ذاتها التي حمته من السقوط في السابق. وقد ترك ذلك إرثا ثقيلا لا يزال الوضع العراقي يعاني من آثاره، ومنه دخول ‘تنظيم القاعدة’ وقوى دولية وخارجية أخرى على الخط. ومع التحولات السياسية الإيجابية الجارية إلا أن آثار الإرث وأشكال من المحاصصة ستظل تجد مكانها حتى الوصول إلى التوازنات المطلوبة في إطار الدستور، وبحيث يصبح ‘الدستور بالنسبة للمجتمع المدني كالقرآن للمؤمن’ حسب عبدالمهدي. وجرى الحديث والنقاش حول الاقتصاد ونزعة الدولة لتسريع عمليات الخصخصة، الأمر الذي قوبل من الحاضرين بالتأكيد على أهمية ثقل قطاع الدولة والوفاء بالتزاماتها الاجتماعية، خصوصا في المرحلة الحالية.



كما ساهم المشاركون في نقاشات الطاولات المستديرة حول عدد من القضايا الملحة كالطاولة حول مشكلة الطاقة التي حضرها وزراء النفط والكهرباء والموارد المائية وأكاديميون واختصاصيون واقتصاديون ورئيس مؤسسة المدى وضيوفه من الخارج.



أجل، رغم أن بغداد تبدو للقادم من الخارج مدينة معاناة وقلق وأمن مضطرب إلا أن شهادات مسؤوليها وأهلها والنقاشات الدائرة والأنشطة الثقافية والعمالية تبين أن طلقات النيران بدأت تتراجع أمام طلق ولادة بغداد الجديدة. وعلى حد قول الرئيس العراقي جلال الطالباني (مام جلال) الكردي القومية والمتشرب بالثقافة العربية في خطابه الافتتاحي بأننا ‘نعيش فصلاً ربيعاً حقيقياً، ينبض فيه ربيع افتراضي’ مشيرا إلى الخطوات السياسية والجسورة التي اتخذها رئيس الوزراء نوري المالكي مستهدفاً الخارجين على القانون، وإلى هذا الحدث الثقافي الذي يقوده ‘المثقف العراقي الكردي المستعرب ثقافياً’ كما نعت الرئيس الطالباني فخري كريم. إنك أمام شخصين يجسدان الوطنية العراقية بمحتواها الإنساني الرائع والنبيل متخطية الانتماءات القومية والدينية والطائفية. وتشعر وكأن الناقد الأدبي والرومانسي الفرنسي الشهير أناتول فرانسوا (Jacques Anatole François Thibault 1844 -1924)، الحائز على جائزة نوبل للأدب عام 1921 كان يتحدث عنهما حين قال بأنه ‘بدون حب حقيقي للإنسانية لا يوجد حب حقيقي للوطن. فالوطن هو جزء من الإنسانية، ولا يمكن فصله عنها..’. وليس هما فقط. فغادة العاملي العربية الشيعية هي المصممة الرئيسية لكامل أسبوع المدى، وغادة جوني المسيحية هي المرتبة لكل التسهيلات اللوجستية وثالث سني ورابع صابئي، وهذا شيوعي وذاك قومي وهنا رجل دين وهناك مستقل سياسي.. كلهم يعملون معا في بوتقة أسبوع المدى الثقافي، أو، قل صورة عراق المستقبل الذي يبنى اليوم.



هذه الأيام بالذات تشكل مرحلة عبور العراق الحقيقي نحو الدولة الوطنية العراقية التي لا يريد لها المحتل الأميركي ولا الإرهابي القاعدي أو الصدري أن تترسخ. وكما سمعت من حميد مجيد موسى الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي فإن الوحدة الوطنية هي فقط التي تقوي الموقف الوطني الوطني أمام الاحتلال وتوفر المستلزمات المادية والسياسية والنفسية غير ضروري وغير ممكن. كما أن الخطط الحالية لترميم الحكومة القائمة بانضمام جبهة التوافق وآخرين إليها، والنزوع إلى انتهاج سياسة تنبع من المصالح الوطنية أولا، ورفض جماعات الصحوة السنية لوجود ونشاط منظمات القاعدة، ورفض أعداد متزايدة من الشيعة للنشاطات الإرهابية التي يمارسها التيار الصدري، ومحاربة الدولة بحزم لهذين الاتجاهين المتطرفين حتى تجريدهما من السلاح أصبح يعطي للدولة طابعها الوطني العام ويعطيها بالتالي هيبتها اللازمة أمام المجتمع.



وكما قال محدثي، المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية جلال الماشطة، ونحن في السيارة إلى أحد أنشطة الأسبوع بأنه إذا كان وضع البصرة الأمني قد استتب فإن الأهم هو أن المزاج العام قد انتقل من حالة رفض الدولة إلى حالة رفض ‘اللا دولة’ على طريق القبول والمطالبة بسيطرة الدولة هناك.



هذه الدولة أصبحت تحظى بتزايد تضامن أشقائها العرب. وكما سمعت من السيد الماشطة فإن مبادرة جلالة ملك البحرين بإعادة فتح السفارة في بغداد جعلت له مكانة خاصة في نفوس العراقيين لا يحتلها إلا أول القادمين.


[1] فخري كريم، ‘لكي لا أستقيل من هذا الوطن’، دار المدى للثقافة والنشر، الطبعة الأولى .2008





الوقت 12 مايو 2008

اقرأ المزيد

ملاحظات أولية سريعة على قانون النقابات المهنية المقترح


 
بداية أود أن أشكر المنبر الديمقراطى التقدمى على دعوته لنا بالمشاركة وأبداء الرأى والملاحظات على مشروع بقانون بشأن النقابات المهنية المحال من مجلس الشورى والذى أحيل بدوره من قبل الحكومة لمجلس النواب لوضعه في صيغة مشروع قانون.
 
هذا المشروع بقانون يتكون من بعد الديباجة من ( 57 ) مادة موزعة على ستة فصول على النحو التالى : –
 
المادة ( 1 ) تعاريف.
المواد  من ( 2 ) حتى ( 11 ) تتعلق بأنشاء النقابة وأهدافها.
المواد من ( 12 ) حتى ( 28 ) تتعلق بالتنظيم العام للنقابة.
المواد من ( 29 ) حتى ( 41 ) تتعلق بواجبات الأعضاء وتأديبهم.
المواد من ( 42 ) حتى ( 49 ) تتعلق بصندوق المعاشات والأعانات.
المواد من ( 50 ) حتى ( 53 ) تتعلق بتقدير الأتعاب.
المواد من ( 54 ) حتى (56 ) أحكام عامة.
المادة ( 57 ) مادة تنفيذية
.
 
 
أود فى هذة العجالة أن أطرح بعض النقاط التى أراها مهمة لتصحيح مسار قانون قد يكون من أهم القوانين التى سيعمل بها لاحقا أذا ما قدر له الحياة في ظل اختلال موازين القوى فى مجلس النواب لمصلحة ذوى الشأن من النواب البصامين على كل مشروع قانون ترسله الحكومة للمجلس وأود ان أبلغ الآخرين من النواب المحترمين أن يتأنوا كثيراً فى اتخاذ قرار بشأن هذا القانون آخذين بعين الأعتبار الملاحظات المبداة عليه من قبل الجمعيات ذات العلاقة بهذا القانون وأقصد بذلك الجمعيات المهنية من محامين وأطباء ومهندسين ومعلمين وقد ينظم اليهم الممرضين والصحفيين وغيرهم من النقابات والتى قد ينطبق عليها هذا القانون المخيف فى توجهاته ومحتواه ومضمونه والذى بموجبه سيسير عمل الجمعيات المهنية باتجاة أقرب الى عمل أى جمعية تعاونية وليس نقابة تحترم نفسها كما أود أن أشكر بعض النواب والنقابيين المتصدين لهذا التوجه من قبل الدولة لفرض هذا القانون والعمل على التحرك السريع لألغاء هذة القيود الواردة فيه.
 
فعلى الرغم من سوء المشروع بقانون المقدم من مجلس الشورى فإن التعديلات الواردة عليه من قبل الحكومة زادته سوءاً على سوء واليكم الأمثلة على ذلك:-
 
 فالحكومة قامت بحذف عبارة ” بموافقة المجلس ” من البند(د) من المادة ( 6 ) والمتعلق بالأعضاء غير البحرينيين بحيث لا يصبح للنقابة دور فى الترخيص بمزاولة المهنة وبالتالى يكون الأختصاص معقودا للجهة الأدارية فقط.
 
قامت الحكومة بحذف المادة ( 29 ) من الأقتراح والخاص بالتأديب لغير أعضاء النقابة أسوة بباقى الأعضاء بمقولة أنهم لم ينضموا للنقابة ولا يجب أن يخضعوا لقوانينها وأنضمتها.
 
كما تم حذف الفقرة الأخيرة من المادة (34 ) والخاصة بتوقيع العقوبات المنصوص عليها بالمادة على ممارسي المهنة من غير المنتمين للنقابة.
 
كما أن الترخيص بمزاولة المهنة معقود أيضا بالوزارة المختصة دونما أية مشاركة من قبل النقابة بحجة من أن جعل الترخيص بمزاولة المهنة سيجبر الأعضاء غير المنتميـن للنقابـة بالانضمام إليها ممـا تعـد مخالفـة دستوريـة للمادة ( 27 ) مـن الدستـور وهــذة المقولـــة علــى أيــة حال دائمة التكرار فى المذكرات الحكومية ونحن نقول بأن العضوية إجراء تنظيمى للمهنة ولا يدخل فى مصطلح الأجبار الوارد فى المادة المذكورة.
 
أيضا طلبت الحكومة النص صراحة على حظر ممارسة النقابة للأعمال السياسية.
 
هذا القانون أرى بأنة ولد كيسحا وسيبقى كسيحا اذا لم تجرى علية التعديلات المطلوبة لإخراجه من أعاقته ولإعادة الوضع الطبيعى لمحتواه كما فى بقية الدول المتحضرة.
 
هذا القانون يخالف كافة المطالب والتوجهات بشأن إستقلال النقابات المهنية ودورها الطبيعى المعهود وخلاف مستويات العمل النقابية والمهنية بشكل خاص ومنظمات المجتمع المدنى بشكل عام ولا يتوافق مع المعايير الدولية والأنظمة التى تسمح للنقابات بالتشكل،حيث التزمت المملكة ببيان المنامة فى منتدى المستقبل بتوصيات وقرارات منظمات المجتمع المدنى الواردة فى المنتدى فى الفترة من (11- 12 )نوفمبر 2005، وأهمها الأكتفاء بالإيداع فى التأسيس والتحول المباشر للجمعيات المهنية الى نقابات مهنية بكامل صلاحياتها من خلال الأخطار للجهة المختصة كما هو معمول بة فى النقابات العمالية، بينما نرى المشروع إشتمل على قيود أدارية صارمة وتفصيلية فنص فى المادة الثانية منة على انشاء النقابة بقرار من مجلس الوزراء  (مادة 2 من مشروع بقانون النقابات ) مثلها المادة (55 ) بأشتراط مجلس الوزراء فى أقرار النظام الداخلى للنقابة ).
فالقانون اشترط الحصول على  الترخيص لإنشاء أية نقابة وهو أمر يتناقض مع قانون العمل الدولى  رقم 98 لسنة 1949 وهو القانون الذى انضمت الية مملكة البحرين بانضمامها لمنظمة العمل الدولية .
أيضا هذا القانون يتناقض مع المادة (20 ) من العهد الدولى الخاص بالحقوق الأقتصادية والأجتماعية والثقافية والذى بموجبه يكون لكل مجموعة فى أى منشأة عامة أوخاصة الحق فى تشكيل النقابات ولا يجوز لأى حكومة  أن تفرض قيودا على هذا التشكيل .
من ناحية أخرى انتقص المشروع من أهم صلاحيات النقابة المهنية فى تنظيم ممارسة شئون  المهنة، وأفرغ النقابة من محتواها والذى من أجله انتسب الأعضاء اليها.
 
فأين المفر أذن من سلطة الرقابة الأدارية على عمل النقابة  في ظل هذا القانون فى إرساء نظام داخلى للنقابة يتوافق عليه الأعضاء وأين دور النقابة فى التأديب والقبول وممارسة شئون المهنة بحرية يقتضيها العمل النقابى وإلا ما قيمة أن ينتخب مجلس أدارة لاحول له ولا قوة مكسور الجناحين وبلا أسنان، أمن أجل فقط أن تنشئ نقابة للديكور ليفاخر بها الممالك العريقة أم يعمل على تفعيل دور النقابات فى سبيل تحرير المجتمع من عبودية الظلم الأجتماعى بتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية ويبعدهم عن حالة الخوف من الأنتماء للنقابة وبالتالى العمل البناء فى سبيل الرقى بالمهنة وبمنتسبيها لصالح المجتمع ولمصلحة الدولة أيضا.
 
فالمجتمع لا يستطيع أن يحلق إلا بجناحيه المتمثل في الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى وعلى خلافه فأن كل ما تطلبه الدولة من حصار للحريات فسيرجع ان آجلا أو عاجلا بشكل سلبى على عملها وعلى دورها وهيبتها وعلى ثقة الشعب فيها.
 
وأود فى هذة العجالة أن أذكركم بحادثة حل مجلس أدارة جمعية المحامين والذى أتشرف أن أكون أحد أعضائه أبان حقبة  قانون أمن الدولة السىء الصيت فى العام1998 والذي صدر  بموجب القرار رقم ( 3 ) بشأن تعيين مجلس إدارة مؤقت لجمعية المحامين وما رافق ذلك من تداعيات استطعنا بفضل وقوف أعضاء الجمعية ضد هذا الحل وبمقاطعة الأعضاء المعينين مما شكل ضغطا على وزير العمل آنذاك عبد النبى الشعلة وعاد عن قراره والدعوة لانتخابات مجلس إدارة جديد.
 
وكان قبل هذا الموقف أيضا طلب وزارة العمل حل جمعية المحامين بسبب عدم تضمين نظامها الأساسى بندا يتعلق بعدم ممارسة السياسة أسوة بباقى الجمعيات والأندية وكما هو وارد فى المادة ( 19 ) من المرسوم بقانون رقم ( 21 ) لسنة 1989 والذى رفضته الجمعية رفضا قاطعا تمت تسوية هذا الخلاف بسحب القضية المرفوعة من قبل الجمعية على الوزارة ومضت الجمعية قدما دون أن تجرأ الوزارة على تغيير النظام الداخلى للجمعية.
 ومن سخريات القدر وبعد أكثر من خمسا وعشرون عاما وفى ظل التطورات الدولية والمحلية أن تقوم الحكومة  بحذف كلمة ( الوطنية ) من مشروع بقانون النقابات المهنية فى البند (ه)  من المادة (3 )  والمرفوع اليها من مجلس الشورى حتى لا يكون مبررا لممارسة النقابات العمل السياسى، ولكم أن تتصوروا مقدار التراجع بعد هذة السنين الطوال من العمل النقابى.
  
فكيف تستطيع أى نقابة مهنية فى ظل مشروع هذا القانون أن تعمل وبشفافية فى ظل رقابة ليس فقط من وزارة العدل وهى التى يفترض أن ترخص لعمل هذة النقابة أو تلك كما ورد فى مشروع القانون بل تحت طائلة مجلس الوزراء، وأي رقابة تلك التى يقصد بها، أيقصد بالرقابة على كل شاردة وواردة فى النظام الداخلى وبالتالى تقييده إلى أبعد الحدود ولماذا هذة الرقابة أصلا؟.
فنحن نقول للحكومة أذا ما أرادت للمشروع الأصلاحى أن لا يراوح في مكانه وطالما توافق جلالة الملك مع الشعب على الأصلاح فعلى الحكومة تعزيز ثقتها بالنقابات المهنية وأعتبارها شريكاً حقيقياً فى التنمية بدلاً من محاولات تكبيلها وأعتبارها خصما لها.
 
فكل ما فى الأمر أذن هو أن هذا القانون أتى ليكمل مشوار التراجعات عن فحوى ومحتوى المشروع الإصلاحى وليؤسس لعمل نقابي بعيد كلياً عن أجواء ما تصبوا إليه العملية الإصلاحية من دفعه إلى الأمام باتجاه تفعيل العمل المؤسساتى المستقل عن رقابة السلطة التنفيدية وتسلطها الغير مقبول وتدخلها الغبر مبرر فى عمل مؤسسات المجتمع المدنى فالأصلاح  له شروط لا تقبل القسمة على أثنين.
 
فالقانون فى مواده المتعلقة بالتأسيس والقيد والصلاحيات سيء جداً والى أبعد الحدود وأتى صدمة لكل المهتمين بالشأن النقابى وانتكاسة وتراجع عن كل المكتسبات التى أتى بها قانون النقابات العمالية وخطوة الى الوراء فى مجال حقوق الأنسان فعلى  منظمات حقوق الأنسان أن تأخذ دورها فى التنديد به أمام المنظمات الدولية للتراجع عنه، فلو أقر هذا القانون لا سمح الله  على هذة العلات وهذة النواقص الشنيعة والفضيعة سيظل نقطة سوداء فى تاريخ العمل النقابى فى البحرين .
 
فالقوانين المنظمة لعمل الجمعيات المهنية ولو أخذنا الكويت مثالا كقانون رقم 42 لسنة 1964 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1968 وبالقانون رقم 62 لسنة 1996 فى شأن تنظيم مهنة المحاماة أمام المحاكم لنجد فى المادة السابعة منه بأنها خصت جمعية المحامين الكويتية  بالقيد فى الجدول وبمراجعة الجداول سنوياً وبحث حالات المقيدين من المحامين ونقلهم الى جدول غير المشتغلين.
 
وهذا مثال فقط من دول الجوار حتى لا نأتى بمقارنات لدول فاقتنا كثيراً كالأردن ومصر وغيرها من الدول العربية والغربية.
 
أما الملاحظات التى أوردتها المذكرة الحكومية على مشروع القانون فهى قاصرة فى تناولها لطبيعة النقابات المهنية ونرجوا من مجلس النواب ومن الجمعيات المهنية ومن الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى رفضها.
 
 
 
وأود فى الختام أن أوجز ملاحظاتنا على هذا القانون فى الأتى :-
أولا:- فى المادة (1) فى التعريفات ورد الوزير أي وزير العدل والأصح الوزير المختص لأن هذا المشروع للنقابات المهنية وليس لنقابة واحدة.
ثانيا:- فى المادة ( 2 ) يجوز انشاء النقابة بايداع نظامها الأساسي لدى الوزير المختص وليس بقرار من مجلس الوزراء كما هو وارد فى نص المادة المذكورة.
ثالثا:- فى المادة (3 ) فى أهداف النقابة يتم أضافة بند تنظيم ممارسة المهنة والأرتقاء بها ( بند ب ).
رابعا:- المادة ( 4 ) ويتم ايداع نظام التأسيس لدى الوزير المختص.
خامسا:- فى المادة (5 ) فى شروط العضوية الفقرة ( ب ) أن يكون حاصلاً على مؤهل معترف به.
سادسا :- حذف الفقرة ( د ) من المادة (6 ) والذى يتعلق بالأعضاء غير البحرينيين الممارسين للمهن.
سابعا:- حذف المادة السابعة بكاملها والتى تنص على حرية الأنضمام الى النقابات المهنية والأنسحاب منها مكفولة.
ثامنا:- تضاف عبارة تشكل بكل نقابة لجنة تراخيص  المهنة بدلا من لجنة القيد، ويستبدل كل مصطلح وارد بلجنة القيد الى لجنة التراخيص.
تاسعا:- المادة ( 13 )الفقرة (ج ) يتم حذف التى تصدر بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
عاشرا:- المادة ( 19 ) تحل النقابة بموافقة أربعة أخماس الأعضاء بدلاً من نصاب الثلثين.
حادي عشر:- المادة (28) الفقرة ( ى ) تشكيل لجان التراخيص بدلاً من القيد.
ثاني عشر:- المواد ( 35 ، 36 ، 37 ) يتم حذف مستشار من دائرة الشئون القانونية كما يتم تعديل المادة ( 55 ) بحذف عبارة يصدر بقرار من رئس مجلس الوزراء.
 
كما نقترح بأضافة مادة صريحة بالإختصاص الكامل للنقابة فى الترخيص وإختصاصها الكامل فى بقية اللجان مثل لجنة التحقيق ولجنة التأديب حيث أورد المشروع أضافة مستشار من دائرة الشئون القانونية والأصح أقتصار اللجان كاملة على الأعضاء.
 
كما أود أن أنوه الى أن هذا المشروع بقانون أكثر المتضررين منة هم المحامون من حيث محاولة النيل من استقلالية مهنتهم، هذه المهنة  المعاونة للقضاء فى تحقيق العدالة واحترام سيادة القانون وكفالة الدفاع عن الحقوق والحريات ولا سلطان عليهم فى ذلك الا لضمائرهم وأحكام القانون، علماً بأن جمعية المحامين قد تقدمت لمجلس النواب بمشروع قانون المحاماة في الفصل التشريعي السابق من خلال عضو الجمعية المحامي فريد غازي تضمن كافة الضمانات المهنية للعمل النقابي وحتى تاريخه لم يقم المجلس بإعادة طرحه على جدول أعمال دور الإنعقاد الثاني لمناقشته وإقراره.
 
هذة الملاحظات الأولية والسريعة على مشروع قانون النقابات أختصت بها جمعية المحامين لاعتبارات خصوصية هذه المهنة عن غيرها من المهن قد تتفق معها بعض الجمعيات وقد تختلف ولكن فى الخطوط العامة وكما قرأنا من تصريحات مسئولي تلك الجمعيات بأن الجميع متفق على رفض هذا المشروع بقانون بصيغته الحالية.


 




                                   المحامى :حميد الملا 
                                  نائب رئيس جمعية المحامين

اقرأ المزيد

حول مشروعية النموذج التنموي‮ ‬الصيني‮ ‬

بخلاف قلق الصين من الانعكاسات السلبية لاحتجاجات سكان التبت على سمعتها واستعداداتها الجارية لاحتضان أولمبياد‮ ‬‭,‬2008‮ ‬فان بعض أوساط النخبة الصينية الحاكمة قلقة أيضا من حدوث تباطؤ اقتصادي‮ ‬في‮ ‬البلاد بعد انتهاء الدورة الأولمبية،‮ ‬على اعتبار أن الدورة الأولمبية التي‮ ‬ستستمر لحوالي‮ ‬شهر سوف ترفع من درجة حرارة‮ ‘‬مراجل‮’ ‬تحمية الاقتصاد الصيني،‮ ‬حتى إذا ما انتهت فإن وقود تسخين هذه‮ ‘‬المراجل‮’ ‬سوف‮ ‬ينخفض منسوب تدفقه‮.‬
إلا أن‮ ‘‬لو زهينغ‮’ ‬رئيس معهد الاقتصاديات الصناعية في‮ ‬أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية له رأي‮ ‬آخر،‮ ‬إذ‮ ‬يقول بأن الخوف من حدوث تباطؤ اقتصادي‮ ‬في‮ ‬الصين بعد انتهاء الدورة ليس حتمياً،‮ ‬مستعيداً‮ ‬بهذا الشأن التجارب السابقة التي‮ ‬مرت بها البلدان المنظمة للأولمبياد‮. ‬فقد أشار إلى أن اليابان استفادت وحققت مزايا من تنظيمها للاولمبياد صيف عام‮ ‬1964‮ ‬لاطلاق موجة نمو صعودية في‮ ‬اقتصادها الوطني‮ ‬لتصبح ثاني‮ ‬أكبر اقتصاد فـي‮ ‬العالم بعد ذلك‮. ‬كما ان كوريا الجنوبية،‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‘‬لو زهينغ‮’ ‬يحاضر فيها،‮ ‬استطاعت الحصول على عضوية منظمة التعاون الاقتصادي‮ ‬والتنمية‮ ‬‭(‬OECD‭)‬،‮ ‬أي‮ ‬الانضمام إلى نادي‮ ‬الدول المتقدمة،‮ ‬وذلك بعد تنظيمها لأولمبياد‮ ‬‭.‬1988
لقد أنفقت الصين منذ عام‮ ‬2002‮ ‬وحتى هذا العام‮ ‬6‭,‬268‮ ‬مليار‮ ‬يوان على إنشاء مرافق رياضية وطرق وأنفاق أرضية وعلى مشاريع معالجة التلوث‮. ‬إلا أن هذا المبلغ‮ ‬لا‮ ‬يمثل شيئاً‮ ‬إزاء حجم ما استثمرته خلال نفس الفترة على المشاريع الرأسمالية والأصول الثابتة،‮ ‬حيث بلغ 5,42. ‬تريليون‮ ‬يوان،‮ ‬ما‮ ‬يضع حجم الاستثمار على الألعاب الأولمبية في‮ ‬نطاق أقل من‮ ‬1٪‮ ‬من حجم الاستثمارات الصينية السنوية‮.‬
ولأن الصين ليست كاليابان في‮ ‬عام‮ ‬1964‮ ‬ولا كوريا الجنوبية عام‮ ‬‭,‬1988‮ ‬حيث إنها لم تستكمل عملية تصنيعها وتحديثها بعد،‮ ‬فانها لن تتحول بقدرة قادر بعد انتهاء الألعاب الأولمبية إلى دولة متقدمة،‮ ‬ما‮ ‬يعني‮ ‬أنها لن تتأثر اقتصادياً‮ ‬بانتهاء الدورة،‮ ‬وإن كان بعض التوقعات‮ ‬يذهب إلى إمكانية تأثر بعض المدن مثل العاصمة بكين بانتهاء الألعاب وعودة جموع الرياضيين والزوار من جميع أنحاء العالم إلى بلدانهم‮.‬
ذلك على الأقل ما‮ ‬يذهب اليه‮ ‬يعض الاقتصاديين‮ (‬الأكاديميين‮) ‬الصينيين‮. ‬الا ان الواقع قد لا‮ ‬يتطابق مع مثل هذه التأويلات‮. ‬فالألعاب الأولمبية سوف تسهم بقسطها في‮ ‬تأمين استدامة دورة نمو الاقتصاد الصيني‮ ‬وتنعش مبيعات الشركات الصينية‮. ‬وإذا كان الاقتصاد الصيني‮ ‬يحتل اليوم المرتبة الرابعة من حيث الحجم بين أكبر الاقتصادات العالمية فانه في‮ ‬عام‮ ‬2009‮ ‬وما بعده سوف‮ ‬يحتل المرتبة الثانية‮.‬
ولكن هنالك دائماً‮ ‬شيء واحد‮ ‬ينقص الصين كي‮ ‬تصبح مثل اليابان وكوريا الجنوبية في‮ ‬تحولاتهما التنموية الباهرة‮. ‬إنها الحرية والديمقراطية‮. والأخيرة هي‮ ‬التي‮ ‬أنقذت النموذج الكوري‮ ‬الجنوبي‮ ‬في‮ ‬آخر لحطة قبل أن تجتاحه الفوضى‮. ‬فبعد أن نجحت كوريا في‮ ‬إنجاز التراكم الأولي ‬لرأس المال بنموذج رأسمالية الدولة المركزية،‮ ‬ولكن التنموية،‮ ‬صار الانتقال إلى الديمقراطية التعددية أمراً‮ ‬حتمياً‮ ‬وممكنا‮.‬
وهنا تشبه الصين كوريا‮. ‬فهذا المستوى من التراكم الرأسمالي‮ ‬والفائض الاقتصادي‮ ‬الذي‮ ‬أوصل حجم احتياطياتها النقدية إلى تريليون دولار، ‬تستطيع الصين،‮ ‬مطمئنة إلى هذه‮ ‘‬الوسادة الوثيرة‮’ ‬والمريحة،‮ ‬أن تنتقل،‮ ‬على‮ ‬غرار النموذج الكوري‮ ‬الجنوبي‮ ‬والتايواني‮ ‬والهونج كونجي‮ (‬وكلها بدأت بدكتاتوريات مطلقة تحولت أخيراً‮ ‬بفضل‮ ‘‬هذه الوسادة الاقتصادية المريحة‮’ ‬إلى التعددية الديمقراطية وذلك بالتدرج على ‬غرار النماذج سالفة الذكر‮.‬
وإذا كان الحرص الصيني‮ ‬على استقطاب الفعاليات الرياضية والثقافية الجماهيرية العالمية،‮ ‬يشكل أحد خطوط تسويق فكرة انفتاح الصين بنموذجها الخاص المنفتح اقتصاديا والمنغلق سياسياً‮ ‬وثقافياً،‮ ‬وتوفير الدعم والإسناد اللوجستي‮ ‬للنمو المستدام للاقتصاد الصيني‮ ‬المتعملق،‮ ‬فانه بالتأكيد ليس الخيار الأمثل لإكساب النموذج التنموي‮ ‬الصيني،‮ ‬الخاص جدا،‮ ‬المشروعية الدولية،‮ ‬ولتحسين صورة الحمائية التجارية الصينية الممارَسة‮ (‬بفتح الراء‮) ‬على نطاق واسع حتى مع الشركاء التجاريين في‮ ‬منظومة البلدان النامية التي‮ ‬تصر الصين على نسبة نفسها اليها‮.‬
ولربما كان من المناسب هنا التذكير بما نشرته صحيفة‮ ‘‬China Daily‭’‬‮ ‬الحكومية الصينية في‮ ‬عددها الصادر‮ ‬يوم‮ ‬2‮ ‬يونيه‮ ‬2007‮ ‬حول مؤشر السلام‮ ‬‭(‬Global Peace Index‭)‬‮ ‬الذي‮ ‬وضعته ونشرته لأول مرة وحدة المعلومات في‮ ‬مجلة الايكونست البريطانية،‮ ‬والذي‮ ‬يضم‮ ‬24‮ ‬مؤشرا قياسيا تشمل الانفاق العسكري،‮ ‬عدد القتلى الذين‮ ‬يسقطون في‮ ‬نزاعات مدنية منظمة،‮ ‬عدد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي‮ ‬تستضيفها الدولة المعنية،‮ ‬علاقات هذه الدولة بجيرانها‮. ‬وحيث تتميز الدولة التي‮ ‬تتمتع بالسلام بمستويات عالية من الديمقراطية والشفافية الحكومية،‮ ‬والتعليم المتطور،‮ ‬والرفاهية النسوية‮.‬
وبموجب هذا المؤشر فقد حلت الصين في‮ ‬المرتبة‮ ‬60‮ ‬من مجموع‮ ‬121‮ ‬دولة ومنظمة من مختلف قارات العالم‮.‬
 
صحيفة الوطن
11 مايو 2008

اقرأ المزيد