المنشور

يـوم كنـا نجتمـع!


 
“مجتمع حداثي” هذا هو الانطباع الأول الذي من الممكن ان يخرج به من يزور البحرين للمرة الأولى، فمطاعم الوجبات السريعة، والنوادي الليلية، والمجمعات التجارية، والأبراج الاستثمارية تملأ البحرين أينما حللت.
 
لكن نظرة أكثر تعمقاً تكشف أن هذه الجزيرة الجميلة لا تطل في واقع الأمر على البحر في كل الاتجاهات الجغرافية التي تعلمناها في المدرسة، وفي الواقع إن ما يطل على البحر هي مجموعة من الحوائط الإسمنتية التي شيدت لمشاريع تمتاز بالبذخ والرفاه.
 
لذا فأن طموح أي بحريني أو مقيم أو زائر يتلخص في تحقيق الوسائل المادية والسلطوية التي تمكنه من اختراق تلك الحواجز للوصول إلى مشهد يضمن له أن يستغرق بنظره في عمق مشهد البحر الممتد الذي قرأنا عنه في السير القديمة والروايات الرومانسية.
 
من هنا قد نتستنتج إشكالية التفكك الاجتماعي الذي يتعرض له المجتمع البحريني، فهذه الجزيرة الصغيرة الدافئة التي تتوسط الخليج والتي عرف عن أهلها انفتاحهم وحميمية علاقاتهم، فقدت أهم ما تمتاز به، فلم يعد هنالك بحرٌ أو حميمية. 
 
إنما هلت بزخم مشاريع التطور العمراني والإستقطاب السياحي، ومشاريع إجترار ما في الجيب لصالح كل ما هو ثانوي ومؤقت واستهلاكي .
 
كل تلك العوامل تبدو ظاهرة على طوابع أبناء الجزيرة الدافئة، فالحرمان من مشهد البحر يدفعنا لأن نتوق إليه ليصبح تدريجياً من الموروثات المتحسر عليها، ومن ثم ينشأ جيل جديد وفق ثقافة جديدة تبنى على مقتضيات “الحداثة” وهي لكي تبدو الصورة واضحة، النادي الليلي، المنتجع السياحي، مطاعم الوجبات السريعة، والمكاتب العلوية في أبراج الاستثمار المطلة على البحر.
 
وتكون محصلة كل ذلك شعب مفكك لا تربطه قيم إجتماعية، ولا موروثات حضارية، يعيش في قوالب إسمنتية، عاجز عن التواصل الإنساني ويستعيض بالمجتمع الإفتراضي عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة لخلق علاقاته الاجتماعية.
 
شعب شرس يتصارع على المادة والنفوذ مع كل ممن حوله في جزيرة صغيرة ارتفع وطيس دفئها على نار حامية ينصهر كل من لا يساير شلال تطورها البركاني  “المنفتح، الحر، العادل، والتنافسي”.
 
” كل ما أعترض ناظري سور أسمنتي إستعدت الذكريات يوم كنا نجتمع ونوقد النار ونتبادل الأحاديث الإجتماعية والسياسية بعفوية وبتجرد عن أي ضغائن أو مصالح شخصية، كنا قريبين من بعضنا، أمر اليوم على تلك الأمكنة وأتذكر، أتذكركم وأقول كنا هنا، هنا كان البحر!، بينما تبدو الصورة اليوم مختلفة، حيث حلت محلها غابة أسمنتية، فارضة شروطها وبيئتها وثقافتها”.
 

اقرأ المزيد

سر الفزعة الإنسانية الأمريكية لهاييتي‮!‬

وصفها الرئيس باراك أوباما بأنها أكبر عملية إغاثة إنسانية في‮ ‬تاريخ الولايات الأمريكية وربما تكون بالفعل كذلك‮. ‬فلقد هبت الحكومة الأمريكية على نحو سريع لنجدة هاييتي‮ ‬التي‮ ‬ضربها زلزال مدمر بقوة‮ ‬3‭,‬7‮ ‬درجات على مقياس ريختر في‮ ‬يوم الثاني‮ ‬عشر من‮ ‬يناير‮ ‬2010‮ ‬وأدى إلى تدمير حوالي‮ ‬ثلث العاصمة‮ ‘‬بورت أوبرنس‮’ ‬وإزهاق أرواح حوالي‮ ‬مائتي‮ ‬ألف من السكان وعدد مماثل من المفقودين وتشريد حوالي‮ ‬مليون ونصف المليون من سكان البلاد البالغ‮ ‬عددهم عشرة ملايين نسمة‮.‬
ولا‮ ‬يجافي‮ ‬الرئيس أوباما الحقيقة حين‮ ‬يقول إنها أكبر عملية إغاثة إنسانية في‮ ‬تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية‮. ‬فما فعلته حكومته من تعبئة وحشد لإمكانياتها المادية والبشرية والعسكرية والسرعة الفائقة التي‮ ‬تمت بها عملية نقل كل هذه الإمكانات والتجهيزات لهاييتي‮ ‬المنكوبة،‮ ‬قد فاقت في‮ ‬حقيقة الأمر العمل التعبوي‮ ‬الإغاثي‮ ‬الذي‮ ‬قامت به إدارة الرئيس جورج بوش الابن في‮ ‬ولاية نيو أورليانز نهاية أغسطس ومطلع شهر سبتمبر من عام‮ ‬2005‮ ‬على إثر إعصار كاترينا المدمر الذي‮ ‬ضرب أولاً‮ ‬ولاية فلوريدا قبل أن‮ ‬يعبر الولاية ويزداد شراسة ويضرب ولايتي‮ ‬لويزيانا ومسيسيبي‮ ‬ويقتل ويشرد الآلاف ثم تضرب رياحه العاتية بسرعة‮ ‬225‮ ‬كيلومتراً‮ ‬في‮ ‬الساعة ولاية نيو أورليانز وتدمر عشرات آلات المنازل والمباني‮ ‬وتقتل وتشرد عشرات الآلاف،‮ ‬حيث تم نقل‮ ‬78‮ ‬ألفاً‮ ‬إلى ملاذات للطوارئ وإجلاء آلاف الأشخاص إلى خارج الولاية‮. ‬حيث اعتُبر هذا الإعصار أسوأ كارثة طبيعية في‮ ‬تاريخ الولايات المتحدة بخسائر قدرتها شركات التأمين بحوالي‮ ‬26‮ ‬مليار دولار،‮ ‬ما جعله أكثر الأعاصير تكلفة في‮ ‬تاريخ البلاد‮.‬
ومع ذلك فلقد تعرض الرئيس بوش وأركان إدارته حينها إلى انتقادات شديدة ولاذعة بسبب ما اعتبرته بعض الأوساط السياسية والإعلامية تقصيراً‮ ‬فاضحاً‮ ‬وتباطؤاً‮ ‬غير مفهوم في‮ ‬مد‮ ‬يد العون والمساعدة لولاية نيو أورليانز المنكوبة‮. ‬حيث كتبت نيويورك تايمز حينها‮: ‘‬كالمعتاد من هذه الإدارة فقد ظهر الرئيس متأخراً‮ ‬عن الوقت الذي‮ ‬نحتاجه فيه‮’.‬
بينما لوحظ في‮ ‬زلزال هاييتي‮ ‬التحرك السريع للرئيس أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري‮ ‬كلينتون الذي‮ ‬أسفر عن حملة حكومية أمريكية فاعلة للتوجه والحضور العاجل والسريع في‮ ‬مسرح المناطق المنكوبة والقيام بتنسيق عمليات الإنقاذ والإغاثة لمئات آلاف القتلى والجرحى والمنكوبين والمشردين في‮ ‬العاصمة بورت أوبرنس وما جاورها،‮ ‬حيث قامت طلائع القوات الأمريكية التي‮ ‬وصلت سريعاً‮ ‬إلى هاييتي‮ ‬بتسلم مطار العاصمة وإصلاح مدرج هبوط الطائرات والأعطاب التي‮ ‬لحقت بمبنى المطار قبل إعادة فتحه بسرعة فائقة أمام الطائرات التي‮ ‬بدأت تصل من جميع أنحاء العالم محملة بكافة أنواع المؤن والمساعدات الإنسانية‮.‬
كما نجحت القيادة الأمريكية المسئولة عن تنسيق وإدارة عمليات الإغاثة في‮ ‬إعادة فتح الميناء لاستقبال السفن التي‮ ‬كانت تنقل المساعدات لشعب هاييتي‮ ‬المنكوب‮.‬
وبمواكبة ذلك كلف الرئيس أوباما الرئيس الأسبق بيل كلينتون للإشراف على أعمال الإغاثة وإصلاح الأعطاب والأعطال التي‮ ‬خلفها الزلزال‮. ‬كما تمت الاستعانة في‮ ‬هذا الصدد بالرئيس السابق جورج بوش،‮ ‬حيث أفردت الميديا الأمريكية التي‮ ‬تم استنفارها والزج بها في‮ ‬الحملة،‮ ‬لقاءات مطولة مع الرئيسين السابقين بيل كلينتون وجورج بوش الابن بهدف استقطاب اهتمام الرأي‮ ‬العام الأمريكي‮ ‬والمنظمات المدنية والكنائس والمؤسسات الخيرية للمساهمة في‮ ‬هذه الحملة الوطنية الضخمة‮. ‬علماً‮ ‬بأن الرئيس الأمريكي‮ ‬السابق جورج بوش الابن قد عهد إلى والده الرئيس الأسبق جورج بوش والرئيس الأسبق بيل كلينتون مهمة تنسيق أعمال الإغاثة لمنكوبي‮ ‬إعصار كاترينا في‮ ‬ولاية نيو أورليانز‮.‬
فما هو تفسير هذه الفزعة وهذه الحمية التي‮ ‬نزلت فجأة على ساسة الولايات المتحدة لنجدة هاييتي‮ ‬على هذا النحو اللافت والمثير؟
بعض الأصوات في‮ ‬فرنسا وفي‮ ‬أمريكا اللاتينية ارتفعت منددة بما اعتبرته استغلالاً‮ ‬أمريكياً‮ ‬لمأساة هاييتي‮ ‬ذريعة لإرسال قوات عسكرية إلى جانب المساعدات الإنسانية في‮ ‬محاولة لاحتلال هاييتي‮.‬
هلا هذا معقول؟
لا‮ ‬يبدو الأمر كذلك وفقاً‮ ‬لظاهر المعطيات المتوفرة على الأقل،‮ ‬وإن كانت الاتجاهات التوسعية ونزعة الهيمنة العالمية لازالت موجودة وحاضرة بقوة في‮ ‬بعض مؤسسات النظام الأمريكي‮ ‬لاسيما مؤسساته الأمنية ذات النفوذ الطاغي‮ ‬في‮ ‬الحياة السياسية الأمريكية‮.‬
إنما نحن أمْيَل إلى ترجيح فرضيات أخرى لا تبتعد كثيراً‮ ‬في‮ ‬واقع الحال عن الهواجس التي‮ ‬أبداها بعض الدول اللاتينية والدولة الفرنسية،‮ ‬وهي‮ ‬‭-‬من وجهة نظرنا‭-‬‮ ‬كما‮ ‬يلي‮:‬
‮(‬1‮) ‬إظهار الجانب الإنساني‮ ‬والأخلاقي‮ ‬للنظام الأمريكي‮ ‬اللذين سقطا سقوطاً‮ ‬مدوياً‮ ‬في‮ ‬أعين الرأي‮ ‬العام العالمي‮ ‬إثر الفضائح المدوية التي‮ ‬كشف عنها النقاب والمتمثلة في‮ ‬تورط أجهزة الدولة الأمريكية ومؤسساتها الحاكمة،‮ ‬وعلى أعلى المستويات،‮ ‬في‮ ‬أعمال تعذيب وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان سواء فيما‮ ‬يتصل بمعتقلي‮ ‬سجن جوانتنامو أو فضيحة سجن أبوغريب أو السجون السرية التي‮ ‬أقامتها السي‮.‬آي‮.‬أيه‮. ‬في‮ ‬عدد من البلدان الأوروبية والشرق أوسطية‮. ‬وقد جاء زلزال هاييتي‮ ‬المدمر ليشكل فرصة سانحة للنظام الأمريكي‮ ‬الحاكم لكي‮ ‬يقدم نفسه من جديد للرأي‮ ‬العام العالمي‮ ‬في‮ ‬حلة جديدة‮ ‘‬قشيبة‮’ ‬مفعمة بالإنسانية والقيم الأخلاقية تمحي‮ ‬الصورة السيئة التي‮ ‬لطختها بممارساتها المشينة إدارة الرئيس الأمريكي‮ ‬السابق جورج بوش‮.‬
‮(‬2‮) ‬إظهار وإعادة تأكيد فرادة الزعامة الكونية الأمريكية بعد أن كثر الطامعون في‮ ‬هذه الزعامة وبرز منافسون حقيقيون على المسرح الدولي‮ ‬يمتلكون كل مقومات الزعامة العالمية،‮ ‬وذلك من خلال استعراض‮ ‘‬كمال أجسامي‮’ ‬لعناصر القوة الأمريكية السياسية والعسكرية والاقتصادية واللوجستية ليس بوسع أية دولة منافسة توفيرها في‮ ‬اللحظات التاريخية الحاسمة للأزمات الكبرى ذات الطابع الكوني‮. (‬3‮) ‬القرب الجغرافي‮ ‬لهاييتي‮ ‬من السواحل الجنوبية الأمريكية وتحديداً‮ ‬ميدنة ميامي‮ ‬عاصمة ولاية فلوريدا،‮ ‬ومع الأخذ هنا بعين الاعتبار مجاورة هاييتي‮ ‬لكوبا،‮ ‬فإن الخشية الأمريكية من حدوث موجة نزوح سكاني‮ ‬من هاييتي‮ ‬المنكوبة بالزلزال نحو مناطق الساحل الجنوبي‮ ‬الأمريكية،‮ ‬ولتحاشي‮ ‬مفاجآت جيوبوليتيكية،‮ ‬قد دفعت أجهزة الأمن والطوارئ الأمريكية لاتخاذ إجراءات وقائية،‮ ‬بموافقة ومصادقة ومشاركة المستوى السياسي‮ ‬الأعلى،‮ ‬للحيلولة دون حدوث حالات النزوح الجماعي‮ ‬تلك باتجاه الشواطئ الأمريكية،‮ ‬أو حدوث فراغ‮ ‬في‮ ‬السلطة في‮ ‬البلد المنكوب‮ ‬يمكن أن‮ ‬ينتج حالة من عدم الاستقرار فيه مؤذية ومضرة للوضع الجيوبوليتيكي‮ ‬الأمريكي‮ ‬في‮ ‬القارة اللاتينية‮.‬
ومع أن العمليات برمتها تعتبر مكلفة للولايات المتحدة،‮ ‬اعتباراً‮ ‬بحجم المؤن والمساعدات التي‮ ‬نقلتها إلى هاييتي‮ ‬وحجم القوات التي‮ ‬نشرتها وأعمال الإنشاء وإعادة الإعمار،‮ ‬خصوصاً‮ ‬في‮ ‬ظل وصول مستوى المديونية الأمريكية إلى‮ ‬12‮ ‬تريليون دولار أي‮ ‬تقريباً‮ ‬نفس حجم الناتج المحلي‮ ‬الأمريكي،‮ ‬إلا أن عدم القيام بها لابد أن‮ ‬يكون أكثر كلفة وإلا لما تحرك الأمريكيون بهذه السرعة وبهذا‮ ‘‬السخاء الحاتمي‮’ ‬الذي‮ ‬من المؤكد أنه عقد الدهشة على وجوه الكثيرين في‮ ‬هذا العالم الغريب العجيب‮!‬
 
صحيفة الوطن
6 فبراير 2010

اقرأ المزيد

مضادات حيوية للملل

الملل شيء آخر غير الكسل. يقال انه من المستحيل أن تتمتع بالكسل كما يجب دون أن يكون لديك عمل كثير. ليس ثمة متعة في ألا تفعل شيئاً إذا لم يكن لديك أصلاً ما تفعله. أما الملل، حسب تعريف إحدى دوائر المعارف، فإنه “نوع من عدم لذة، لا نملك له تحديداً، ليس كدراً ولا حزناً. إنه الحرمان من كل لذة، يتسبب به شيء مجهول لنا في أعضائنا، أو أشياء الخارج التي بدلاً من أن تشغل روحنا، ينجم عنها ضيق أو قرف لا يمكن تعوده”.
وفي عدد قديم من ملحق “النهار” الثقافي كتب عفيف عثمان دراسة مطولة عما أسماه “شيطان الملل” تقصى فيها جذور هذا المفهوم، ليرينا بأن الأمر أبعد من مجرد ذلك الشعور العابس الغامض الذي ينتابنا ذات مساء أو أمسيات بأننا مللنا العمل ومللنا إيقاع الحياة اليومي ونرغب في الكف عن مواصلة الحياة على هذا الإيقاع.
تنقل الدراسة عن أحد أدباء القرن التاسع عشر تصويره لحال ضحية الملل “هذا الفراغ الذي لا يمكن التعبير عنه، حيث تجري الحياة من دون رغبات ومن دون أوهام ومن دون هدف (…) يحفر الفراغ في قلبي، حاجات من دون حدود تستنفدني في الصمت. والملل من الحياة هو شعوري الوحيد في عمرٍ نبدأ العيش فيه”.
شوبنهار، الفيلسوف الألماني، بلغ به الأمر أن طلب من السلطات العامة التدخل لمواجهة الملل، لمحاربته، إنه برأيه آفة عامة على الحكومات أن تتخذ إزاءه إجراءات، تماماً كما تتخذ إجراءات لمواجهة الجوع مثلاً، بل أنه يعد الملل والجوع الداء الأقدر على حمل الرجال على الجموح المتطرف.
ورغم أنه لم يقل ما الذي يفعله الملل في النساء، إلا أنه قال انه إذا كان بوسع الفن والفلسفة أن يساعدا على حل مشكلة الوجود، فإن الملل لا حل له، إنه ليس عارضاً نفسياً ولكنه شكل مروع للفشل النابع من طبيعة الذاتية المرتهنة بالكامل لقوة أكثر أصالة منها هي إرادة العيش.
عند الكثير من الكتّاب والمبدعين كانت الكتابة ملاذاً من الملل، لأن في الكتابة حصانة، شكل مقاومة بديل الاستسلام للملل الذي يمكن أن يفضي إلى خراب الروح، إلى الهشاشة والضعف فالانهيار، الكتابة هي الحل وساعتها يغدو الملل مصدراً للإلهام والخلق، لأن النقمة على الملل يمكن أن تخلق إبداعاً محتجاً على ظروف أو عالم يدفع نحو هذا الملل.
«لكن هذه التوصيفات الفلسفية فيها الكثير من الحذلقة والتفلسف الزائد، أو جرعة زائدة من التنظير”، قد يكون أمر الملل أهون من ذلك بكثير، قد يكون مثلاً بسبب فقدان الحب أو ضياعه أو غيابه. يمكن للحب أن يكون دواء لداء الملل، يمكن للحب ألا يسمح للملل أصلاً أن يطل برأسه. ثمة امرأة مشهورة في التاريخ قالت مرة: إن الذي يعيش من أجل شخص ما ليس في حاجة إلى البحث عن تزجية الوقت ولا التساؤل حول استخدام وقته، فكل الوقت يصبح وقتاً مكتسباً.
جرعة واحدة من الحب جديرة بأن تبدد جرعات زائدة من الفلسفة، جرعات زائدة من الملل.
 
صحيفة الايام
6 فبراير 2010

اقرأ المزيد

حتى لا يصبح الصمت جرماً ..!


مشكلة حينما لا تسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية، ومؤسف أن نغرق ونسترسل في الأمور الصغيرة، ومؤلم أن يجري هذا اللغط الكبير حول ملفات بعينها أثيرت ولاتزال تثار حولها علامات استفهام لا حصر لها فيما نحن نصر على ممارسة سياسة النعامة، مكتفين بالصمت المريب، أو خلط الأوراق، أو تكرار القول الذي يثير المرارات المترسبة في الأعـــــــماق، بما في ذلك الكلام عن المصلحة العامة التي لم يسبق لعبارة مثلها أن استعملت وانتشرت واستغلت ولحنت وحرفت استجابة لأهداف مشروعة تارة، ولأهداف تتعارض أصلاً مع المصلحة العامة تارة أخرى.

وعليه نتساءل بدافع المصلحة العامة الحقة .. هل يعقل أمام كل هذا اللغط الذي جرى ولازال يجري حول ملفات مؤرقة يستشعر المرء بغصة حين يمعن في تفاصيلها وفي أبعادها .. ملفات من الخطأ الفادح ألا نسرع في إجراء مراجعات ومعالجات رصينة وأمينة لها، وفي المقدمة يأتي ملف دفان الأراضي وردم البحر واغتيال البيئة البحرية وتحول أكثر من 90% من شواطئ البحرين الى أملاك خاصة، نتساءل .. هل يعقل أمام كل هذا اللغط والصخب وهو في أقصى حدته وغليانه أن نبقى نمارس سياسة النعامة، لتكون الأمور مطوية في المجهول، أو في أحسن الأحوال نقرأ أو نسمع شروحاً مرتبكة أو تعليقات مواربة غير مقنعة أن عبرت عن شيء فإنما تعبر بالدرجة الأولى عن خلل عميق يعتري واقعنا.

واذا كنا لا نعلم حقيقة ما اذا كانت النقاشات التي جرت في مجلس النواب حول تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في أملاك الدولة العامة والخاصة والنتائج التي خلص إليها هذا التقرير، وهي نتائج لخطورتها تفتح المجال لجميع الخيارات كما قال التقرير لاستخدام الأدوات البرلمانية، ومنها الاستجواب، وإحالة التجاوزات الى النيابة العامة، لا نعلم حقيقة مدى الجدية في المضي في هذا الاتجاه، وما اذا كانت أي خطوة متقدمة في هذا الطرح أن حدثت ستؤدي الى نتيجة والى شيء من العبرة لمن اعتبر!!
ولا نعلم حقيقة ما اذا كان أعضاء لجنة التحقيق البرلمانية الذين نشكر لهم جهدهم الطيب في اعداد التقرير، سيوفقون في سعيهم أو في دعوتهم الى استرجاع 50 كيلو متراً من أراضٍ وعقارات للدولة قالوا بأنه قد شابها الفساد وحولت بقدرة قادر الى أملاك ومشروعات خاصة دون سند قانوني.

ولا نعلم ما اذا كانت الأرقام التي خلص إليها التقرير النهائي للجنة والتي نشرت مؤخراً والتي تفيد بأن المساحات البحرية والسواحل التي ردمت منذ عام 2002 حتى الآن قد وصلت الى أكثر من 23 كيلو متراً مربعا وأن 85% الى 90% من تراخيص الدفان طوال هذه الفترة هي لأفراد ومؤسسات خاصة، وأن كمية الرمال المسحوبة أكثر من 170 مليون مكعب تقدر قيمتها بـ 290 مليون دينار على فرض أن حساب المتر المكعب بــ 1.700 دينار لم تدخل خزينة الدولة منها شيء، ناهيك عن الأرقام الفلكية الأخرى حول قيمة الأراضي المغمورة، لا نعلم ما اذا كانت هذه الأرقام تعني شيئاً في أصلها ومنتهاها خاصة لدى من يفترض أنهم معنيون بالهم العام.
ولا نعلم ما اذا كان المعنيون بالشأن البيئي قد ادركوا حجم الآثار السلبية على البحر والبيئة البحرية التي تتسبب فيها عمليات الجرف والدفان وانخفاض التنوع السمكي من 400 نوع الى أقل من 50 نوعاً فقط، قادرين على أن يأخذوا هذه القضية البيئية على محمل الجد وأن يفعلوا شيئاً يوقف هذا الدمار البيئي.

كما أننا لا نعلم ما هي مصلحة بعض الوزارات والجهات الرسمية في إعاقة عمل لجنة التحقيق البرلمانية، ولا نعلم إلى أي مدى هذه الإعاقة والى متى؟ ولماذا الحيلولة دون تفعيل المراقبة وتنشيط المساءلة؟

ملاحظة في الصميم : المادة 69 من الدستور تلزم الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات والبيانات التي تطلب منهم لجان التحقيق البرلمانية، وإعاقة عمل لجنة التحقيق لا نجد حياله مفراً من الاقتناع بأن في الأمر كلاماً كثيراً لم تقله اللجنة .

ولكن ما نعلمه جيداً بأن هذا الملف هو أحد أهم وأخطر الملفات وأكثرها حساسية وأكثرها تغييباً ولو للحد الأدنى من الشفافية، كما غاب عنه أي رؤية للتخطيط أو تصور بحق الأجيال القادمة، رغم أن التساؤلات حول مستقبل هذه الأجيال تتوارد من كل حدب وصوب.

ما يحدث مقلق جداً .. ، ونخشى ألا يؤدي كل ما أثير ولازال يثار في شأن هذا الملف الى نتيجة، وأكثر ما نخشاه أن نكون قد فقدنا إحساسنا بالخطأ.
 
صحيفة الايام
6 فبراير 2010

اقرأ المزيد

للإصلاح أكثر من وجه

مساء الأحد الماضي نظم المنبر التقدمي ندوة حول أبعاد التوجه الحكومي لرفع الدعم عن المحروقات، وهو توجه لم تؤكده الحكومة ولكنها لم تنفهِ أيضاً، مع أن صحافتنا المحلية هي التي أشارت إلى هذا التوجه، وهذا بطبيعة الحال يحيلنا إلى مسألة الشفافية في المعلومات، خاصة حين يتعلق الأمر بقضايا حيوية مثل قضية التوجه لرفع الدعم، لما لذلك من انعكاس على معيشة الناس وأرزاقهم، لكن ليس هذا هو موضوع حديثنا اليوم.
في الندوة المشار إليها والتي تحدث فيها كل من الأخ كريم رضي الأمين العام المساعد لاتحاد نقابات عمال البحرين والنائب السابق الأخ عبدالنبي سلمان نائب الأمين العام للمنبر التقدمي، طُرحت ملاحظة جديرة بأن يسلط عليها المزيد من الضوء، فحواها أن مسألة الإصلاح الاقتصادي لا تقل أهمية عن الإصلاح السياسي.
مفهوم ومبرر ومنطقي جداً أن مجتمعنا الذي عانى من أشكال الاحتقان السياسي والأمني قبل العهد الإصلاحي لجلالة الملك انشغل، ولايزال بطبيعة الحال، بقضية الإصلاح السياسي، بما يقترن بها من عودة للحياة النيابية وانتخاب المجالس البلدية، وقيام الجمعيات السياسية والنقابات والاتحادات الجماهيرية والمنظمات الحقوقية، وكل ما يندرج في إطار حرية التعبير والتنظيم والاحتجاج، بما في ذلك حرية الصحافة ووسائل الإعلام.
لكن مسيرة الحركة السياسية والشعبية في البحرين تشير إلى أن الإصلاح السياسي كان، على محوريته وأهميته، وجهاً واحداً من وجوه الإصلاح المنشودة، وان المطالبة بالحياة الحرة الكريمة، وبتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وتوفير طموحاتهم في سكن لائق وفي فرص العمل والاجور المناسبة والرعاية التعليمية والصحية، وغيرها من قضايا تندرج في البعد الاجتماعي للتنمية كانت مطالب كابد البحرينيون الكثير في سبيل بلوغها.
يهمنا في هذا المجال التأكيد على أن أي إصلاح اقتصادي يجب أن يقترن بالبعد الاجتماعي ذي الصلة الوطيدة بالعناوين المشار إليها أعلاه، ما جدوى معدلات النمو الاقتصادي، مهما كانت عالية، اذا لم يلمس المواطن، خاصة المواطن الفقير ومحدود الدخل، انعكاسها على أوضاعه المعيشية وظروف حياته.
لا يمكن إطلاق العنان لحرية اقتصاد السوق بدون ضوابط تراعي هذا البعد وتصونه، ففي البلدان الرأسمالية العريقة التي يقوم اقتصادها على حرية السوق، تجرى مراجعات جدية للأمر، وتتخذ إجراءات وتدابير هدفها أن تقوم الدولة بدور الحماية للطبقات الفقيرة، وأن تتخذ إجراءات لتوسيع قاعدة الفئات الوسطى، ومنع الاستقطاب الحاد بين غالبية واسعة من الفقراء وحلقة صغيرة من الأثرياء والمتنفذين المتنعمين بالثروات.
ولا يجوز لمجتمعٍ نامٍ مثل البحرين أن يذهب بعيداً في تبني نظريات متطرفة عن الخصخصة والاحتكام لنظريات أن اقتصاد السوق يصحح نفسه بنفسه، في الوقت الذي يجري العالم الرأسمالي المتقدم مراجعة نقدية لمثل هذه السياسات، خاصةً على اثر الأزمة المالية التي عصفت وتعصف بالعالم، والتي أعادت الاعتبار إلى ضرورة تدخل الدولة في الاقتصاد كمنظم له، وكضامن للخدمات الاجتماعية الحيوية.
وتزداد أهمية هذا الدور في بلد مثل بلدنا يعاني من ضعف الأجور، ومن نسبة بطالة تظل قائمة حتى لو جرى احتواء بعض مظاهرها.
 
صحيفة الايام
4 فبراير 2010

اقرأ المزيد

تمهيد الثورة الخضراء الإيرانية (3 – 3)

فشل الشيخ رفسنجاني في إنبات ليبرالية خضراء وسط نظام الرأسمالية الحكومية الإيرانية الدينية، فقد تصاعد القطاع العام وأخذ يتعسكر، أي يغدو عسكرياً، تشكله قوى المخابرات والحرس، التي تنامت أدوارُها على حسابِ أدوار المثقفين الأحرار والتجار المستقلين، وراحت الفوائضُ الاقتصادية تتوجه نحو هذه البؤرة للقطاع العام ونحو سياساته الحربية المختلفة.
وظهرت محاولةٌ ليبراليةٌ أخرى تتمثل في الرئيس محمد خاتمي، الذي أخذ البلدَ نحو السلام الاجتماعي، والعقلانية السياسية، لكنه لم ينجح في جعل زهرة الليبرالية المحاصرة وسط القلعة العسكرية أن تصير حقولاً حرة.
توضحت في أفكار الرئيس خاتمي الذي قلل من سياسات المواجهات، وطرح حوار الحضارات، واللقاء الإنساني مع الغرب الديمقراطي لا الاستعماري، لكنه رفضَ أساسيات الحضارة الحديثة وهي العلمانية والديمقراطية التي تنبثق عنها، ودعا إلى ديمقراطية في ظل الإقطاع الديني، أي إلى حريات في ظل سيادة كبيرة لرجال الدين الذين يحددون سقفَ النظام الاجتماعي وسقف ما هو معقول وما هو غير معقول، وما هو حر وما هو غير حر، وفي التطبيق العملي فإن هذا يعني سيادة الرجال الكبرى على النساء وغياب المساواة بينهم، وسيطرة الحكام على المحكومين، وعائلات الإقطاع على الفلاحين، والتراث الديني المحافظ على التنوير والحداثة.
كذلك غاب عن برنامجه مشروع تحرير الاقتصاد من هيمنة الدولة الشمولية، وبالتالي فشل في إيجاد طبقة وسطى مساندة لإصلاحاته في المجال الثقافي المجرد الذي انغمر فيه!
كان لابد لأغلبية السكان من مساندة الرئيس خاتمي، لأسباب مختلفة لكل منها، نظراً لضغوط النظام على مختلف الطبقات الشعبية، وهو أمر كان يفرض على الرئيس بالمقابل أن يكون له برنامج اجتماعي يساند ويعالج مشكلات كل الطبقات الوطنية من رأسمالية خاصة وفلاحين وعمال وفئات وسطى صغيرة، عبر تحجيم الرأسمالية الحكومية وإصلاح بعض الجوانب الرئيسية فيها، ولكن كان الرئيس خاتمي أضعف من أن يشكل مثل هذا البرنامج، بسبب انشلال وعيه الخائف من العلمانية، والثورة الديمقراطية، وتقلبه كبرجوازي صغير بين الطبقات المختلفة، خاصة بين الرأسمالية الحكومية والرأسمالية الخاصة، وهو لا يعرف لمن ينحاز.
على كل مثل خاتمي نقطة مضافة أخرى لبرنامج الثورة الخضراء الغائرة في جسدِ المجتمع، الذي راحت تتضح ملامحه قليلا قليلا من خلال الشخصيات السياسية الدرامية التي صعدتْ على المسرح السياسي بأقنعة مختلفة، كي تؤسس ما هو نقيض النظام الديني الشمولي. لكنها ترتكز على مؤسساته وأفكاره، وتريد أن تفتح نوافذ في القلعة العسكرية، ولكنها لم تفعل سوى أن تجدد بعض الهواء، ليأتي غلق شديد بعدها، ويزداد الغلق أكثر فأكثر مع تصاعد المؤسسات العسكرية والاستخباراتية في التسيد على المجتمع، الذي راح يتململ. لكنه لا يعرف من هم خصومه في النظام، فوعيه البسيط المباشر لقراءة الظاهرات يتوجه إلى خصمه المكشوف وهم رجال الدين المحافظون، ولا يعرف الخيوط المعقدة بين العسكر والمثقفين والأجهزة الحكومية، ثم ان القطاع العام يظل هو المظلة الاقتصادية الحامية لمعيشته من مجيء وانتشار الرأسمالية الخاصة، وقد قدم العسكرُ شخصية تصلح لهذا المزاج الشعبي الراغب في حلول سريعة (تثويرية) لحياته المتكلسة. وهو الرئيس أحمدي نجاد الذي يقوم باستخدام موتيفاته الفنية السياسية الخاصة، من هجوم كاسح على اليهود وإسرائيل والغرب واستخدام الشعبوية الثورية الزائفة والوعود الدينية السحرية بالتغيير وفي المجال العملي يدعم صعود العسكر لكل شرايين الحياة الاجتماعية ويتظاهر بالفقر ودعم الفقراء وفي الحقيقة يصعد البيروقراطية الحكومية ونرى هنا كيف يتم التلاعب بعقول الجماهير التي تريد التغيير تارة من الليبراليين الدينيين، لكن الذين يعجزون عن فعل شيء جذري، فيخدعها نجاد بوعوده الانتخابية، فيحدث للناس هذا التمزق بين القوى الدينية الحكومية – المعارضة في ذات الوقت، وهذا الموقف التبس في التصويت عبر الانتخابات الأخيرة فتجسد في التصويت المزوّر أو الحقيقي فعلاً.
لقد فشلت الليبرالية الدينية أو الشمولية القومية العسكرية كلتاهما، وعلينا أن نقرأ حيثيات الثورة الخضراء فعلاً لنرى الأقوال والصراعات في خضم الأحداث بين أولئك الخصوم، المتصارعين داخل نظام ديني محافظ.

صحيفة اخبار الخليج
3 فبراير 2010

اقرأ المزيد

لا بحـر في البحرين !


مرة سمعت الأستاذ منح الصلح يحاضر عن المدن الساحلية.  كان ذلك عبر ورقة قدمها في ندوة عن الثقافة، ولعل سائل يسأل: ما علاقة المدن الساحلية بالثقافة؟ ذلكم هو السؤال الذي أراد مُنح الصلح الإجابة عليه، ولم تكن مصادفة أن المحاضر اختار بيروت نموذجاً ليحكي عبره كيف تؤثر كيف تؤثر المدينة الساحلية في صنع الثقافة، لأن بيروت تصحُ مثالاً من خلاله يمكن أن نتقصى كيف مكنت إطلالتها على البحر من أن تجعل منها ميناء مفتوحاً على ثقافات أخرى ومؤثرات حضارية وروحية متعددة، لأن الميناء نافذة على العالم من خلاله يأتي البحارة ويغادرون، وإذ يأتون فإنهم يحملون معهم أشياء من أوطانهم، أشياء تخص الروح، من موسيقى وإيقاعات وأفكار وعادات.

 ومع الوقت يتشكل لدى أهل المدن الساحلية مناخ منفتح على الآخر، متسامح تجاهه، ثم تنشأ بيئة ثقافية وحضارية قابلة لأن تأخذ من هذا الآخر ما تراه مخصباً لثقافتها وعاداتها، وتندغم عناصر هذا التأثر في النسيج الحي للثقافة والحياة، فتغدو جزءاًً مكوناً منه من الصعب رده حرفياً إلى منابعه الأولى، لأنها تكتسب من البيئة المحلية التي اندمجت فيها ظلالاً ليست موجودة فيها، ونحصل بالنتيجة على مُركب جديد، هو نتاج تفاعل احتاج زمناً طويلاً حتى بات ما هو عليه.

ومع أن وطننا البحرين جزيرة فإن عشوائية التوسع العمراني الجارية أدت إلى ردم مساحات واسعة من البحر نجم عنها مع الوقت أن اختفى ساحله أو أوشك. كان الجسر بين المنامة والمحرق طويلاً، وحين كنا نقطعه صغاراً كنا نشعر برهبة من يقطع طريقاً يربط بين جزيرتين أدى ردم البحر إلى تقارب المسافة بين المحرق والمنامة، وباتت مساحة ماء البحر الفاصلة بينهما محدودة.

 ولم يعد الجسر نفسه، الذي ليس وحيداً كما كان، طويلاً، حتى لكأنك لا تشعر أنه يوصل بين جزيرتين.  وأذكر كيف عبر أمين الريحاني عن دهشته من البحر يحيط بجزائر البحرين حين زارها في العشرينات من القرن العشرين، على النحو الذي شرحه بتفصيل عذب في كتابه: “ملوك العرب” عن رحلته في الجزيرة العربية وما حولها، بل بوسعنا أن نعود إلى الوصف العذب الذي قدمه، عن الجسر، شاعرنا قاسم حداد في كتابه عن المحرق:”ورشة الأمل”.

 نبحث عن تلك الصورة فلا نجدها اليوم، فاليابسة باتت تزحف على البحر، وأرخبيل الجزر المتناثرة غاب أو كاد، فاتحدت الجزر في يابسة واحدة واندمجت، ومنظر البحر الذي كنا نروي به عيوننا صغاراً وهو يطرب آذاننا بأمواجه التي تكاد تدخل فناء البيوت لتسامرنا حتى الصباح بات بعيداً، وبالكاد أيضاً صرنا نعثر على بقايا كورنيش نضع فوقه أقدامنا لنمشي خطوات في سويعات الأصيل أو ما دونها، وأمامنا ووراءنا وعلى الميمنة والميسرة تهدر الجرافات وهي تجرف الرمل نحو البحر، لتردمه وتطمره، مدمرة البيئة البحرية ومزارع تكاثر الأسماك دون رحمة وشفقة.

الرمل الذي يدفن به البحر بات ذهباً أعمى الأعين، فلم يعد الدافنون يأبهون بالخراب الناجم عما تقترفه أياديهم، فبتنا مطالبين بصحوة مجتمعية واسعة تتضافر خلالها الجهود لوقف هذا العبث الذي يجري بحق بيئتنا التي تنتهك بشكل غير مسبوق ولا مثيل له في أي مكان لا في منطقتنا ولا في خارجها.


 

اقرأ المزيد

تمهيد الثورة الخضراء الإيرانية ( 2 – 3)

قامت الثورة الدينية الإيرانية في السبعينيات على دعم (البازار) وهي فئة تجار السوق الذين شكلوا حلفاً اجتماعياً بعيد المدى عبر العقود وغائراً في جسم التجربة السياسية الدينية، ولم يكن بإمكان التجارة أن تشكل وعياً ديمقراطياً متكاملاً وجذرياً داخل المذاهب الإسلامية، فعاشت المذاهب الإسلامية على سلطة الأمراء والملوك يحددون لها السقف الاجتماعي الذي يجب ألا ترفع رؤوسها فوقه، ولم تستطع الومضة التحديثية للأفغاني ومحمد عبده أن تقوم بذلك التغيير، وما لبثت المذاهب أن استعيدت السيطرة عليها عبر صعود الدول المستعبدة أو المستقلة فيما بعد، وبهذا فإن التجار الإيرانيين أملوا خيراً في هذه الثورة الشعبية بأن تعزز الديمقراطية والرأسمالية، وبدا ذلك واضحاً في الكتل المدنية التي تحالفت مع السياسيين الدينيين شبه المجهولين وصعدتهم على مسرح الحكم.
كان هناك إيمان مشترك بالإرث الشيعي ونضالاته عبر التاريخ، وهو أمرٌ يتجلى في الممارسات العبادية التضحوية الحسينية خاصة، لكن لم يكن للبؤر البرجوازية النهضوية الإيرانية قراءات معمقة للإرث الإسلامي، وقد رأينا عبدالكريم سروش المفكر الذي نشأ في هذا المخاض وهو يتقلب في رؤاه الفكرية السياسية بين تأييد رجال الدين بحماس ثم الهجوم الكاسح عليهم، (راجع: دلالات أفكار عبدالكريم سروش للكاتب).
إذاً لقد استبشر التجار خيراً من توجهات الثورة، ولم يتعمقوا فهم الاتجاهين الداخليين فيها: اتجاه رقابة الدينيين على الحكم وعدم التدخل فيه، واتجاه التدخل الشامل والتحكم في الدولة. آية الله مطهري مؤسس الاتجاه الأول تم اغتياله بعد السنة الأولى من الثورة، ثم صعدَ الاتجاه التدخلي الشمولي وتحكم الدولة في المجتمع، مستفيداً من الغليان ضد سياسة الولايات المتحدة وحرب العراق وصعود المؤسسات العسكرية والأمنية والاقتصادية، وفرش سيطرته الواسعةَ على كل مناحي الحياة.
وبهذا رأينا أحلام التجار تتبخر، ورأينا تساقط الأزهار الذابلة للحداثة الديمقراطية المرجوة، وترنحت أحزاب القوى المدنية وهرب رئيس الجمهورية الأول وانتشرت المحافظة السياسية، وسادت في الحياة عمليات خنق الحريات، ولم يستطع أحدٌ التعبير إلا من خلال الشعارات الدينية السائدة التي تعكس سيطرة الحياة التقليدية على جماهير المسلمين.
وبهذا فإن عمليات الديمقراطية وإعادة النظر التحليلية العصرية داخل المذهب الشيعي في إيران سدت الأبواب عليها، ولهذا رأينا مير حسين موسوي يصير رجلاً تقنياً، خاليا من الأبعاد الديمقراطية التحليلية والاجتماعية، ويغدو مهندساً للقطاع العام، الجسد الاقتصادي للبيروقراطية الحكومية السياسية.
الشيخ رفسنجاني صار رئيساً للجمهورية فترة، وهو الليبرالي المقنع وسط هذه الشمولية السياسية الدينية الاقتصادية، فلم يستطع أن يشق اتجاهاً رأسمالياً ديمقراطياً واسعاً.
إن القطاع العام هو ضرورة كبرى للبلدان الفقيرة النامية، وهو الرافعة الضخمة لنقلها من التخلف للتقدم. يمكننا هنا رؤية بذرة (الاشتراكية) من حيث هي قوةٌ اقتصادية تخطيطية وتجميعية وتسريعية لقوى العمل الوطني المحشودة من قبل جهاز الدولة، ولكن هذه القوة توظف في خدمة الطبقة الحاكمة، وتتلبس هذه العملية في الشرق الدكتاتوري عبر أساليب إنتاج مختلفة، واتجاه هذه القوة عموماً في العالم الثالث الراهن هو تصعيد الرأسمالية لا الاشتراكية، ولا الإسلام ولا العدالة ولا الوطنية وبقية الكلمات العامة المجردة الضبابية. ولكن أي رأسمالية تنشأ من خلال هيمنة الجيش والمخابرات والبيروقراطية؟! إنها تخضع لمسارات النظام وللقوة السائدة فيه، وبما أن القوة التي قبضت على المداخيل هي القوى العسكرية الاستخباراتية فهي توجهها لنظام عسكري يعيش دائماً على المواجهات ليبرر وجوده.
ومن هنا فإن الفئات الوسطى الصغيرة التي صعدت هذا النظام نفسه، راحت تتساءل: ماذا فعلنا؟! إن المثقفين البرجوازيين الصغار وجدوا أنفسهم مخنوقين من قبل نفس النظام الذي شكلوه، مثلما تم قتل المفكر بوخارين على يد الجلاد ستالين في روسيا، وهكذا فإن آلة الدولة الرأسمالية الحكومية الشمولية تقوم بسحق القوى الثقافية والسياسية والإبداعية المتذبذبة التي بنت هياكل النظام، فتضيع الآفاق الرحبة لنظام مسالم وعصري!

صحيفة اخبار الخليج
2 فبراير 2010

اقرأ المزيد

كنز كتب بابلو نيرودا

في مذكراته كتب بابلو نيرودا عن كنز الكتب الذي راكمه طوال حياته. حين بلغ نيرودا الستين من عمره أدركه القلق على مصير هذا الكنز: ماذا سيحل به بعد أن يموت. واختار أن يفعل ما يفعله المبدعون الكبار عادة: فقرر إهداء كنز الكتب إلى المكتبة العامة في بلاده تشيلي. لكن المفاجأة كانت في الطريقة التي تعاطت بها السلطات مع خطوة الشاعر الكبير.
لقد روى هو بنفسه ذلك حين قال:
«استغرقت ثلاثين سنة وأنا أجمع كتباً كثيرة. كانت رفوفي تحوي كتباً طبعت منذ زمن بعيد ومجلدات كانت تهزني لعظمتها في طبعاتها الأصلية لـ «رامبو»، لـ «لوتريامون»، لـ «سرفانتس»، كأنما صفحاتها مازالت تحتفظ بلمس أولئك الشعراء العظام. لقد جبت العوالم كلها إلى درجة إن مكتبتي نمت بإفراط وجاوزت شروط المكتبة الخاصة. ذات يوم أهديت المجلدات التي بلغ عددها الخمسة آلاف، والتي اخترتها بحب وشغف من أنحاء العالم كله،إلى جامعة تشيلي، فاستقبل مدير الجامعة هذه الهبة بالجمل الطنانة والكلمات الجميلة.
أي إنسان ناضج وشفاف سيفكر في البهجة التي عمت تشيلي إثر هديتي هذه. لكن ثمة أناساً يسكنهم الكدر ويجافيهم الصفاء هاجوا وماجوا. كتب ناقد رسمي مقالات غاضبة، يحتج فيها بحدة على سلوكي. سيد آخر ألقى في البرلمان خطاباً ملتهباً ضد الجامعة لأنها قبلت هداياي، وهدد بقطع الإعانات التي تتلقاها الجامعة، فيما شن آخرون موجة من صقيع الشتائم، وكان مدير الجامعة يروح ويغدو عبر كواليس البرلمان شاحب الوجه مرتعداً، إلى أن فصل من عمله وعزل عن أي وظيفة».
لم تكن تشيلي هي التي تنكرت لمكتبة شاعرها الأهم، وشاعر الإنسانية كلها، الذين هاجوا وماجوا غضباً لأن تلك الكتب النيرة التي ساهمت في تكوين عقل ووجدان نيرودا هم أفراد تلك الحلقة الصغيرة المتنفذة التي تخشى الكتب، وتخشى ما فيها من أفكار.
وما فعلته هذه الحلقة الصغيرة يشبه في جوهره كل ذلك الحصار الذي فرض على الكتب وأصحابها عبر التاريخ، حين كانت هذه الكتب إما تؤخذ للمحارق على قارعة الطريق كما فعل غلاة القشتاليين وهم يقتحمون شوارع غرناطة ويمشطون بيوتها بيتاً بيتاً بحثاً عن الكتب، ثم يجمعونها في كومة كبرى وسط المدينة ويضرمون فيها النار حسب الوصف البليغ الذي قدمه الروائي الباكستاني طارق علي في روايته: «تحت ظلال الرمان».
أو إنها ترمي في الأنهر كما فعل جنود هولاكو بعد أن استباحوا بغداد ودنسوا مكتبتها، فأخذوا بكنوزها النفيسة نحو النهر، كأن الطغاة والمحتلين دوماً، ورجال السلطة الفاسدين يخشون الكلمة الحرة المدونة في كتاب، ويخشون المعرفة الإنسانية وقد تراكمت طبقة فوق طبقة محفوظة في الكتب التي وضعتها ألمع الأدمغة وأكثرها نوراً ونبوغاً.
لقد مات هولاكو وبعده بقرون انتحر هتلر الذي كانت عصاباته قد حرقت الكتب في شوارع برلين، وبقي الكتاب، وبقيت المعرفة. أما تشيلي فقد خرجت صفوفاُ متراصة تحيي ذكرى نيرودا في مئويته، فيما لم يعد أحد يسمع بأمر أولئك الذين احتجوا حين أهدى مكتبته للوطن.
 
صحيفة الايام
2 فبراير 2010

اقرأ المزيد

حرب مفتوحة في اليمن.. ولكن!


في الوقت الذي أعلنت فيه قبل مدة قصيرة حكومة اليمن بأن «حربها مفتوحة في اليمن» فان المؤتمر الذي عقد في لندن كان مؤتمرا مغلقا من جهة، ومن جهة أخرى كان مفتوحا على مصراعيه، فالجزء المعلن سيحضره الإعلام العالمي لتغطية حواراته وقراراته وتوصياته في قبض أموال يتعهد بها المانحون كما حدث من قبل ثلاث سنوات، أما المسائل السرية كالحرب المعلنة على الإرهاب والحرب غير المعلنة على المتمردين الحوثيين في الشمال فهي سرية ومغلقة بالتأكيد، إذ يختلف الملفان عن بقية الملفات، خاصة وان المؤتمر ينوي مناقشة خمسة ملفات يمنية أساسية: الملف الأول- ملف الإرهاب وعلاقته بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، حيث يشكل هذا الملف في الوقت الراهن عصب الموضوع الإقليمي الجديد للقاعدة بعد مرتكزها في أفغانستان وضعفها في العراق ونقله إلى مركز اليمن، وربطه بجغرافيا جديدة هي المملكة العربية السعودية، وبذلك تتحد ساحة العمل العسكري للقاعدة بأرضين متجاورتين وبقيادة جديدة كجزء منها سعودي وجزء منها يمني، وزاد من حالة هذا الملف اكتشاف الطالب النيجيري عبدالمطلب فاروق، الذي غادر اليمن في شهر ديسمبر لتنفيذ مشروع فكرة تفجير الطائرة الأمريكية المغادرة من مطار أمستردام إلى ديترويت، معلنا تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية انه يقف وراء هذا المشروع الإرهابي.

ويناقش الملف الثاني موضوع الحراك الجنوبي وما يمثله من تهديد لوحدة اليمن كدولة، حيث يدور هناك مشروع انفصال الجنوب عن الشمال، والعودة لمرحلة ما قبل عام 1991، وهو ملف له إشكالياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية. ويتعرض الملف الثالث لقضية ساخنة ومعقدة لها بعدها الطائفي والإقليمي، ولها تداعياتها المستمرة والمحتملة، ألا وهو ملف الحرب في الشمال اليمني ما بين المتمردين الحوثيين وحكومة اليمن ونظامها المركزي في صنعاء، فهذا الملف بالإضافة إلى كونه يضيف عبئا عسكريا وأمنيا وسياسيا على عاتق حكومة مثقلة بالعجز في تطوير بنيتها التنموية. ويشكل أهمية في هذه المرحلة وجود ملف رابع في جدول ذلك المؤتمر، وهو ملف المعارضة اليمنية برمتها في مواجهة النظام، غير القادر على تطوير أدواته السياسية وتفعيل مؤسساته الديمقراطية وبناء مجتمع سياسي ومدني صحي. مما يجعل من المعارضة اليمنية بكل أطيافها تصطف مع بعضها البعض في خندق واحد ومشترك، بهدف الضغط على النظام وإذا ما كانت الأطياف مختلفة على التفاصيل اليمنية في ملفاتها تلك، فإنها في المقابل تتفق على ملفاتها في أمور كثيرة تهتم بمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتعثرة وتدهور الحياة المعيشية والأمنية للسكان، وتراجع وتائر التنمية فيما يزداد الإنفاق العسكري والأمني في بنية النظام السياسي تحت حجج كثيرة. يبقى الملف الخامس هو ملف حيوي قد يكون صمام أمان ومانع للعنف ودخول البلاد في متاهات وصراعات دموية لا احد يعرف نهاياتها كما هي معروفة أولى طلقاتها القاتلة. فبدون معالجة ملف الاقتصاد المتداعي في بلد تنميته بطيئة ومتراجعة، فان كل المشاريع والحلول العسكرية لمعالجة التطرف والتخلف والإرهاب والنزاعات الداخلية مصيرها الفشل، إن لم تترافق وتتلازم بشكل متناغم مع الحل السياسي والاجتماعي معا، فاليمن تتداخل فيها تلك الظواهر السياسية-الاجتماعية، مثلما تتداخل فيها الظواهر الاجتماعية – الاقتصادية، والظواهر المجتمعية – الثقافية، إذ لا يمكننا الفصل تماما ما بين الفكر العنيف ونهجه إن لم نربطه بتنمية غير متكافئة وثقافة قبلية ومتشددة ومحافظة تصب زيتها المحموم في نار اليمن المشتعل. من تابع تحركات وتصريحات ما قبل مؤتمر لندن في داخل اليمن وخارجها، يجد أن الانفلات الأمني في اليمن ظاهرة واضحة حتى وان قرر النظام إرسال رسالة للعالم الخارجي بأنهم قادرون بأنفسهم على تنظيف «إسطبلات اوجياس» غير أنهم في الوقت نفسه يلومون الغرب والولايات المتحدة بعدم تقديمها العون والمساعدات اللازمة لملاحقة الإرهاب والقضاء على جيوبه.

وبما أن الخطاب في البيت الأبيض متضارب، بين جهة تلّوح بالتدخل والأساليب الملتوية كما هو تصريح كارل ليفن رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، والذي حث وزارة الدفاع على استهداف القاعدة في اليمن بطائرات بدون طيار أو ضربات جوية أو حتى عمليات عسكرية، في وقت يؤكد فيه اوباما عدم نية بلاده إرسال قوات لليمن.

في مناخ متوتر تنعدم فيه الثقة وتزداد الشكوك، يتصاعد بالضرورة ترمومتر الشارع السياسي لمشروع الجهاد ضد أي تدخل أو غزو أجنبي للبلاد، حيث تداعت رابطة علماء الدين في اليمن إلى الجهاد في حالة أي تدخل أجنبي.

فتوفرت لدى القاعدة تربة خصبة للتصعيد، إذ تضع النظام بين فكي الرحى، فإذا لم تتدخل قوى خارجية يصبح على النظام الأمر شاقا في كسب الحرب المفتوحة بسرعة، طالما ان هناك ثلاث جبهات داخلية تستنزفه سياسيا وعسكريا، وإذا ما تدخلت القوات الأجنبية، فإن مشروعية الجهاد صارت أمر واقع، وبذلك فان الحرب المفتوحة ستطول كثيرا، إذ ينتقل الصراع بعدها بين قطبين أساسيين هما المعارضة اليمنية والقاعدة من جهة بقفازاتها الإسلامية المتشددة، والنظام اليمني المتحالف مع القوى العالمية بقيادة الولايات المتحدة، فتدخل اليمن الفخ كما دخلته باكستان منذ فترة الجنرال مشرف. ومازال كل نظام يأتي بعده يدفع الثمن باهظا.
وإذا ما اتسعت نطاق الحرب المفتوحة في بلد مسلح ومعقد جغرافيا، فان كل أسلحة وتجارب وخبرات الحروب النظامية وغير النظامية سنراها في اليمن، حيث ستجد إيران نفسها تصفي حساباتها مع الولايات المتحدة في الساحة الجديدة من إقليمها.

وهذا ما سيكون احد مفاتيح الحديث في الكواليس، عن كيف نقضي على الإرهاب ونعالجه في المنطقة في ظل ظروف اقتصادية معقدة.


 
صحيفة الايام
2 فبراير 2010

اقرأ المزيد