المنشور

الديمقراطية الهشة

في غمرة النقاش الدائر عربياً اليوم حول قضايا التحول الديمقراطي، فكراً وممارسة، يجدر أن يسلط الكثير من الضوء على الفكرة الليبرالية بوضعها قاطرة سياسية نحو الديمقراطية، والحاجة الى تسليط هذا الضوء، نابعة من أن الفكرة الليبرالية غيّبت طوال عقود من الحياة السياسية العربية لمصلحة فكرة الحزب الواحد، أو الجبهة الوطنية التي هي عبارة عن أطراف مهمشة حول قطب الحزب الواحد . وهناك من يرى أن الأمور عربياً كانت ستسير في مجرى آخر لو قيض للأحوال أن تأخذ مجرى الليبرالية السياسية القائمة على التعددية الحزبية وعلى تداول السلطة سلمياً، على نحو ما هو قائم ليس فقط في الغرب، وإنما في بعض البلدان النامية أيضاً، كالهند مثلاً التي استطاعت رغم تعداد سكانها الهائل ومساحتها الجغرافية الكبيرة وتعددها الثقافي والإثني واللغوي أن تحافظ على حياة سياسية مستقرة إجمالاً بفضل الديمقراطية .

 
ليست الفكرة الليبرالية جديدة على العالم العربي، فدارسو التاريخ والباحثون يتحدثون عما يصفه الدكتور غسان سلامة ب “البرهة الليبرالية”، في اشارة إلى ذلك المقطع الزمني القصير بعد الحرب العالمية الثانية الذي شهد في البلدان العربية المفصلية، مصر وسوريا خاصةً، مظاهر من التعددية الحزبية وبدايات تكون برجوازية وطنية مستقلة إلى حدود معينة أسهمت في خلق مناخ اجتماعي متميز ظهرت بعض معالمه في الحياة الثقافية والفكرية والفنية التي نجد تجلياتها في الأفلام العربية القديمة التي تعكس حياة عاصمة عربية مهمة كالقاهرة أو مدينة كالإسكندرية، كانت هذه المدن نظيفة وهادئة وأنيقة المباني قبل أن تشهد هذا الانفجار السكاني المهول الذي لعبت فيه الهجرة الواسعة من الريف والأقاليم البعيدة دوراً كبيراً، وقبل أن ينتشر تلوث البيئة وتتعرض المدن للاختناقات المعيشية الكبرى في السكن وفي المواصلات وفي فرص العمل وسواها .

معلوم ان الفكرة الليبرالية قد قمعت بشدة، ليس بواسطة القمع في معناه المباشر من حيث هو سجون أو محاكم أو منافٍ فحسب، وإنما عن طريق احتواء المجتمع المدني ومصادرته، واستغل العدوان الصهيوني المستمر على البلدان والشعوب العربية ذريعة لتأجيل النظر في المسألة الديمقراطية، أو النظر اليها بوصفها مسألة ثانوية أو ليست ذات أولوية، وأدى هذا المناخ لنشوء ما يمكن وصفه بالاتحاد بين الفساد المالي والإداري وبين سطوة الأجهزة الأمنية، ففي مناخ كهذا نشأت بيروقراطية فاسدة ضاربة تسلقت عبر أجهزة الدولة والتنظيمات الحاكمة لتستفيد من غياب الرقابة الشعبية والبرلمانية في تكوين ثروات طائلة ومصالح غير مشروعة، من مصلحتها إحباط أية محاولة للإصلاحات السياسية .

 
وفيما العالم كله توجه نحو الدمقرطة في العقود القليلة الماضية، حيث طالت موجة الديمقراطية مواقع عصية عليها كالكثير من بلدان أمريكا اللاتينية التي عُرفت بحكم الديكتاتوريات العسكرية، وانحسرت رقعة الاستبداد السياسي السافر عن مواقع كثيرة في الكوكب، فإن هذه الموجة ظلت خافتة المد في عالمنا العربي، إلى أن أفقنا جميعاً على الزلزال العربي الأخير الذي أطلقت تونس إشارته الأولى، ويظل من المبكر الجزم بأن العرب ولجوا عصر الممارسة الديمقراطية، فدونهم وذاك تشييد قواعدها الراسخة التي تضمن ليس تطورها فحسب، وإنما مخاطر الارتداد عنها، وهي ليست قليلة، خاصة أنها تأتي على حوامل سياسية وحزبية غير ديمقراطية المنشأ .
اقرأ المزيد

لا تتبعوا الفاسقين! – عيسى سيّار

لقد أفرزت الأزمة السياسية في البحرين والتي مر عليها ما يقارب من
الثمانية عشر شهراً الكثير من الظواهر السلبية، ومنها بروز فئة من الفاسقين
والذين يعمل الكثير منهم كـ «بطاقات مدفوعة الأجر» ويتمثل دورهم في نشر
الكراهية والفتنة بين مكونات الشعب البحريني مقابل مناصب أو عطايا (شرهات)
وخطوات وغيرها وهذه الفئة هي التي أنزل الله سبحانه وتعالى بشأنها الآية
الكريمة على الرسول الأعظم (ص) «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا
قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين».

لقد أوجدت مع الأسف
الأزمة السياسية والاحتقان القائم في البحرين مناخاً إيجابياً وبيئة خاصة
لمروّجي الفتن والكذب، وهم كثر ولكنهم والعياذ بالله كغثاء السيل! ويمكن
تقسيمهم إلى أنماط ونماذج عديدة ويمكن للمواطن الحصيف أن يتعرف عليهم من
خطاباتهم وكتاباتهم وحواراتهم في المجالس وفي التجمعات أو الساحات ويمكن
تقسيمهم إلى نماذج عديدة:-

النموذج الأول:

الدعاة والخطباء:
هناك العديد من الدعاة والخطباء التي تنطبق عليهم الآية الكريمة التي
ذكرناها في صدر مقالنا، فهم إن حدّثوا كذبوا حيث يستغلون المنابر الدينية
في التحريض والتشهير وكراهية الشارع الآخر، ولكن دون أن يقدموا الحلول
للخروج من الأزمة السياسية أو الاحتقان الطائفي الذي يعصف بالبحرين، وأن
جئتهم بالنصيحة وطلبت منهم أن يوجهوا المسلمين إلى التعايش السلمي والتراحم
والمودة اقتداءً بالرسول الأعظم (ص) يقولون لك أنت غير واقعي وعليك أن
تتخندق مع طائفتك، وأن علينا أن نحمي طائفتنا ونحصّنها وإلى آخره من الكلام
الذي لا يؤدي إلا حتماً إلى شق الصف ونشر التشرذم وضرب الوحدة الوطنية.

النموذج الثاني:

السياسيون:
لقد نصّب مع الأسف بعض الأشخاص أنفسهم زعماء سياسيين في ليلة وضحاها
وأصبحوا يطلقون التصريحات النارية شرقاً وغرباً، ويعملون على التحريض
والكراهية من أجل تحقيق مطالب شخصية أو حزبية آنية أما الوطن فهو آخر ما
يهمّهم أو يفكرون فيه، ويعتقدون بأن كل ما ارتفعت أصواتهم وصراخهم كنعيق
البوم سيدفع لهم الكثير من العطايا (الشرهات) ونجدهم يجوبون المجالس
والساحات غير القانونية، وتجد معظمهم يحمل تاريخاً مظلماً في الاعتداء على
حقوق الناس والمال العام وأصبحوا فجأة قادة أو أصحاب حظوة عن طريق نهب
المال العام ولا يملك هؤلاء الأشخاص «لزوم المرحلة» أي نقطة حياء في جبينهم
لأن من أكل أموال المسلمين بالباطل لن يتردد في أن يكون فاسقاً!

النموذج
الثالث: أصحاب المجالس: لقد تبنى بعض أصحاب المجالس مع الأسف الشديد نهجاً
سيئاً في التعاطي مع الأزمة السياسية والطائفية في البحرين، فسخّر البعض
مجلسه للفاسقين والمحرّضين لنشر الفتنة في البلاد ونشر الكراهية بين العباد
فنجد صاحب هذا النوع من المجالس يجلب دعاة وكتّاب وقادة سياسيين ينشرون
أفكاراً تهدد بل تضرب السلم الأهلي والتعايش السلمي، ويفاخر أصحاب هذا
النوع من المجالس بأن مجلسه هو الذي ساهم في حشد هذا الشارع ضد الشارع
المقابل وأن مجلسه يرفض الحوار الوطني ومن يدخل الحوار فهو خائن ويفاخر بأن
من مجلسه تنطلق اتهامات الخيانة والتبعية للخارج وغيرها للطرف الآخر.

النموذج
الرابع: الكتّاب والصحافيين: هناك بعض كتاب الأعمدة والصحافيين في صحفنا
المحلية، من أفرزتهم الأزمة وأصبحوا والعياذ بالله كالفطر المسموم ويعرفهم
القاصي والداني بأن جرعة كتاباتهم المسمومة ترتفع وتنخفض حسب قيمة البطاقة
المدفوعة الأجر التي يستلمونها وأصبحوا منظّرين وفقهاء في السياسة وهم في
حقيقة الأمر مجموعة طفيليين ومتسلقين على حساب الأعراف والتقاليد الصحافية،
وأنا أطلقت عليهم كتّاب وصحافيين «لزوم المرحلة» ومتى ما بدأ الحوار
الوطني فسيطلب منهم أن يغيّروا بوصلة أقلامهم لتأييد الحوار الوطني وبالطبع
سيدفع لهم مقابل تغيير قناعاتهم وقيمة حبر أقلامهم؟! وإذا رفضوا ذلك
سيجدون أنفسهم على الرفّ أو داخل «البقشة» وهي عبارة قطعة قماش تضع فيه
جداتنا الأغراض التي لا يحتاجونها ويضعونها إما في «الروشنة» أو فوق
«المرفاعة»، والمرفاعة هي مصير هؤلاء الكتّاب والصحافيين وإن لناظره قريب.

وبالإضافة
إلى ما سبق ذكره هناك نماذج أخرى مثل بعض النواب والشوريين والبلديين ومن
يطلق عليهم في هذا الزمن الرديء ناشطون سياسيون، سنتناول دورهم التحريضي في
مقال آخر، ودورهم بالمناسبة لا يقل بل هو مكمل للأدوار التحريضية المشبوهة
التي تقوم بها النماذج التي استعرضناها.

وهنا نناشد الشعب البحريني
الأصيل ومن منطلق الوطنية وحرصنا على التعايش السلمي بين مكونات الشعب
البحريني، أن يستخدموا بصيرتهم لا آذانهم عند الاستماع إلى مثل هؤلاء، وأن
يتمعنوا جيداً فيما يسمعون ويقرأون، فالتخريب سهل ولكن البناء صعب، كما
نناشد الشعب البحريني بأن يستمع جيداً للناصحين الذين قلبهم على الديرة
وأهلها ويهمّهم أن يروا البحرين متعافية وفي أبهى حللها، ونقول للشعب
البحريني قفوا بجانبهم ووسّعوا دروبهم، امنحوهم الدعم والفرصة لكي ينزعوا
فتيل الأزمة في البحرين… فمن يرفع الشراع؟!

عيسى سيار


صحيفة الوسط البحرينية

اقرأ المزيد

من حقّي أن أطالب في العيد! – مريم الشروقي

من حقّي وحق كل مواطن أن يطالب في العيد وغير العيد بالكثير من الأمور،
فنستطيع على سبيل المثال المطالبة برفع سقف الأجور، والمطالبة بعدم
التمييز، والمطالبة بتحسين الوضع المعيشي، والمطالبة بزيادة الرقعة الخضراء
كذلك، والمطالبة بإدانة العنف ونبذ الطائفية أيضاً، والمطالبة بوقف العنف
والعنف المضاد…إلخ من المطالب!

ما دامت هذه المطالب سلمية فإنّها
بالتأكيد ستصل إلى الغرض الحقيقي منها، وإن كانت هناك مطالب غير مرغوبة
ومنبوذة من قبل المجتمع، فإنّ حتمية استمرارها منتهية، كتلك التي تدعو إلى
الطائفية.

إن المجتمع البحريني وعى جيّداً ما يدور حوله، وننتظر في
هذا العيد أن تنتهي أزماتنا كما انتهت مثيلاتها، بتطبيق العدالة
الاجتماعية، التي هي أساس انتهاء الأزمات، والتي تُعد أفضل الحلول بالنسبة
للجميع.

طاولة واحدة، تمثّل الشعب، سواء من المعارضة أو من الموالاة
أو من الحكومة، ونضع فيها شروط حقيقية تبنى عليها أسس المصالحة، ومن ثمّ
يبدأ الحوار، الذي «كره» النّاس مصطلحه، لأنّه أصبح شحيحاً لا قدر له ولا
مكانة، في ظل العصف الذي يحدث من حولنا، وحالات الاستنفار المصوّبة من كل
قطر.

لا نريد أملاً بل نريد تطبيقاً يخرجنا من استمرارية الأزمات،
ولا نريد كلاماً بل فعلاً يغيّر حالنا إلى الأفضل، فلقد قيل عن شعبنا -شعب
البحرين- الكثير، ونحن أعلى من ذلك، تعالينا عمّا قيل عنّا، فنحن كنّا وما
زلنا أهل شقاء قبل أن نكون أهل نعمة، حرثنا الأرض بسواعدنا، وبنينا البحرين
بعرقنا وتعبنا من دون الاستعانة بالعمالة الآسيوية إبان الخمسينيات
والستّينيات والسبعينيات.

ولكن خرجت أجيال الثمانينيات والتسعينيات
والألفية بصورة جديدة عن البحرين، فلقد حُرموا البناء الذاتي، عندما
استعنّا بالبناء الأجنبي، وحرموا من الرقعة الخضراء، بعد أن قتلنا المليون
نخلة واستبدلناها بمشاريع نمّت بعض الاقتصاد ولكنّها دمّرت الأرض، وكذلك
حُرموا من حقّهم في المواطنة الحقيقية.

لا جَرَمَ أن الواجبات ثقيلة
وكثيرة على أبنائنا، فوجب عليهم التعايش مع كل ما ذكر آنفاً، من دون
الاحتجاج والتصدّي للموجات الفاسدة والسلبية، وبالتالي خلقنا جيلاً ضعيفاً،
لا هدف له ولا معنى إلاّ خلف شاشات الكمبيوتر!

واجبنا في بعض
الأحيان يحتّم علينا المطالبة، وكشف الفساد، ولم الشمل، وتحرير العقول من
الخوف من الآخر، وتغيير الفكر المسيّس عن نظرية المؤامرة، فالوطن يحتاج
منّا كل هذه المطالب، فهل من حقّنا المطالبة؟!

نعم… من حقّنا ومن
واجبنا المطالبة والشروع لتأكيد أهمّية المطالبة، فهي الحرّية التي تجعلنا
نحلم ونعيش بشراً لنا كرامتنا ولنا هويّتنا ولنا أرضنا! وخلاصة العيد بأنّ
كل يوم هو عيد عندما نطالب، فهو دليل على إنّنا أحرار، نوجّه أهدافنا
بالطريقة المشروعة والصحيحة لذلك، وتسير الدنيا وتتغيّر الأشخاص، وتبقى
المطالب للجميع.

مريم الشروقي


صحيفة الوسط البحرينية

اقرأ المزيد

عذراً… لا يمكن تسميته عيداً

مع حلول عيد الفطر المبارك يتبادل الأهل والأصدقاء التهاني، ولكن هذا العام كان مختلفاً.. كالعيد الذي كان قبله.

الكثير من «مسجات» المعايدة بين الناس غلفها الحزن وجاءت باهتة ودون روح.

بالطبع
لا يمكن لنا أن نشعر بالفرح وهناك أم ثكلى، وأب يكفكف دموع الحزن على ابنه
الفقيد الذي لم يتجاوز الـ 16 عاماً من عمره قدماه قرباناً إلى الله في حب
البحرين، هكذا قالت الأم المكلومة وهي تودع ابنها الصغير إلى مثواه الأخير
«اللهم تقبل منا هذا القربان».

إنه قربانٌ يقدمه الشعب البحريني في
عيد الفطر المبارك، كما قدم في عيد الفطر من السنة الماضية قرباناً آخر لا
يتجاوز عمره الـ 14عاماً.

رغم جميع المحن التي عانت منها البحرين
طوال السبعة عشر شهراً الماضية من سقوط قتلى وجرحى واعتقالات وتسريح موظفين
من أعمالهم وفصل طلبة من جامعاتهم، ومحاكمات طالت الأطباء وأساتذة
الجامعات والعديد من فئات المجتمع، وخنق القرى بالغازات المسيلة للدموع
والتي راح ضحيتها عدد من المواطنين، تبقى قضية الانتهاكات التي مورست ضد
الأطفال أكثر ما يوجع القلب، ويحزن النفس.

ما لا يمكن تقبله إنسانياً
وأخلاقياً، هو سقوط أحد الأطفال الأبرياء، نتيجة إصرار البعض على رفض أية
مبادرة للحوار والمصالحة الوطنية، وإصرارهم على تغليب الحل الأمني كحل أوحد
للأزمة التي لا تزال تحصد من أرواح أبناء الوطن يوماً بعد آخر، وما الطفل
حسام الحداد ذو الستة عشر ربيعاً والذي سقط قتيلاً واخترقت شظايا الرصاص
الانشطاري أجزاء جسده الرقيق، إلا نتيجة محتمة لفرض هذا الحل.

قضية الطفل حسام الحداد ما هي إلى واحدة من مئات القضايا التي انتهكت فيها براءة الطفولة وقضت على أحلامها.

لجنة
الرصد بجمعية الوفاق سجلت تعرض أكثر من 250 طفلاً كعينة من الحالات
العديدة التي وصلتها والتي بينت تعرض الأطفال لمختلف أنواع الانتهاكات،
منها وفاة 4 أطفال هم أحمد شمس (15 عاماً) والذي أصيب في 30 مارس/ آذار
2011 بطلق ناري في وجهه حين كان يلعب مع بعض أصدقائه أمام منزل جده في قرية
سار، وأحمد القطان ( 16 عاماً) والذي أصيب بطلقات الشوزن في 6 أكتوبر/
تشرين الثاني 2011 خلال احتجاجات في منطقة أبوصيبع وصرحت وزارة الداخلية
بعدها بأن حجم طلقات الشوزن غير مطابق للحجم الذي تستخدمه قوات الأمن، وعلي
جواد الشيخ ( 14 عاماً) الذي قتل في 30 سبتمبر/ أيلول2011 «أول أيام عيد
الفطر المبارك» في جزيرة سترة بطلق ناري في الوجه، وعلي بداح (16 عاماً)
والذي دهسته سيارة للأمن العام في منطقة الجفير في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني
2011. جميع هؤلاء لم يعرف قاتلهم لحد الآن.

اللجنة وثقت أيضاً
اعتقال أكثر من 130 طفلاً، لا يزال 90 طفلاً منهم تحت السن القانونية رهن
الاحتجاز الآن، بالإضافة إلى جرح أكثر من 20 طفلاً تعرضوا للإصابة المباشرة
بسبب التعامل الأمني معهم، وكذلك حرمان أكثر من 45 طفلاً من العلاج.

كما
رصدت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان حالات التعرض للأطفال والأحداث من
بينها «حالات اختناق ووفاة ناجمة عن استخدام الغازات الخانقة، وحالات
اعتقال واحتجاز».

الأطفال أحباب الله، وأعز ما هو موجود على الأرض،
وضياع أي منهم يخلق غصة لا يمكن أن تنسى، كيف وقد فُقد أحدهم قبل يوم واحد
فقط من العيد، عذراً.. لا يمكنني تسميته عيداً.

جميل المحاري


صحيفة الوسط البحرينية

اقرأ المزيد

شـهيـد العيـــد

 

تغريدات 



 




حسام محمد جاسم الحدّاد ، برعم الطفولة الذي رماه ذبول الضيم  فخرّ صريعاً ..
وحينما يعانق شهيدٌ ترابَ الحُريَّة .. وينطقُ دمُ الشرايينِ يشتعلُ الوعيُ ويزهرُالعِشقُ ..
فتبقى ذاكرةُ الوطنِ مُضاءة .. فتستشرفُ الفجرَ ليُثمرالأمل.  
   




 شَـهِـيـْــدُ العـِـيـــد …! 




عـــيــدٌ لـنــا أم مَـــأتـــَـمٌ ســيُــقــامُ         فلقـد تـخـضّـبَ بـالــدمــاءِ حُــســامُ        
قـمـرُ الشبـيـبـةِ في المُـحَـرّقِ غالـهُ         خسْـفُ الفـجـيـعـةِ فارتوى الإجـرامُ
مِن بعـدِ ما خـرَّ الـوحـيـدُ بطَلْـقِـهِـمْ         وهـوى جـريـحـاً واحــتـواهُ طُـُغــامُ
وتـنـاوشـتـهُ كلابُ صـيــدٍ أوغَــلَتْ         في نـهـشِ ِطـفـلٍ فـارتوى الإجـرامُ
وتـنــاوبَ الـمـتـكـالـبـون فــواحـــدٌ        يـَقـسو فـتـكـتـبَ ركــلَـهُ الأقــــــدامُ
ويــقـــومُ ثــانٍ بـالهـجـومِ .. وآخـرٌ        قــابــيـــلُ عــادَ .. وتكـثـرُ الأرقــامُ
فـتـضـرَّجَ الطـفـلُ الجـريحـُ بـنـزفِـهِ        إذْ عَـفَّــرَ الجــسـدَ الـطـريحَ رَغــامُ
وغـشى سـنـا بـدرِ الـمـُحـَيـّا مـوتُـهُ        و ذوى على غُـُصـنِ الشـبابِ تـمامُ
وبـقـتـلِـهِ ظـنَّ البـغـاةُ ُبــنـهـجِـهِـــمْ         أن السـبـيـلَ إلى الخُـنُـوعِ حِــمـــامُ        
وبـأنَّ خـيـرَ الـتـابـعـيـن سـيـاطُـهُـمْ         و بـذا يـسـودُ على السـوادِ نـِظـــامُ        
تَـبّـاً لمـن رفَـضَ المـشورةَ والنُهـى        حَـسِبَ الرعـيَّـةَ كالـقـطـيــعِ تُـســامُ
لا لــن يطـيـع النـاسُ قـهـراً إنــمــا         بــالـعــدلِ تُـبـنـى دولــةٌ وتـُــقـــــامُ
فـعـلى جـموعِ الصامـدينَ وصبرِهم        وعـلى الشهـيــدِ من القـلوبِ سـلامُ
وإلى غــدٍ حـيـثُ الـربـيـعُ وشمـسُهُ        وبــوحـــــدةٍ تــتـحــقـــقُ الأحــــلامُ
 
 
إضاءة باللهجة العاميّة 

حُسام إبن الوطن مذخور    إســمه
يـشعّ مثـل البـدر لـلناس     واسمى
وسام لكل وفي وللطيب      وسـمه
           وراية شعب ضد الطائفية 
  
  
  
عبدالصمــد الليـــث
19 أغسطس 2012
 

اقرأ المزيد

صدمة النفط المقبلة




هل هناك فعلاً بوادر لصدمة نفطية مقبلة؟ . . وهل هناك بالفعل ما يبرر إطلاق مثل المخاوف والتهويلات؟


كثرت
في الآونة الأخيرة الآراء التي تحاول إشاعة مخاوف من مغبة حدوث صدمة نفطية
خلال هذا العام . وذهب البعض لتشبيه النفط أو بالأحرى الحالة التي تمر بها
أسعار النفط حالياً باليونان . “النفط هو اليونان الجديدة”، تحت هذا
العنوان جاء تقرير بنك إتش إس بي سي، وذلك في تهويل مبني على تصاعد
التوترات في المنطقة العربية وارتفاع سعر خام برميل النفط من نوع برنت
بواقع 5 دولارات دفعة واحدة في يوم واحد هو الأول من مارس/ آذار الماضي
وبلوغه 128 دولاراً .


وعلى
هذه الخلفية من المخاوف يطرح مثيروها عدة أسئلة ذات صلة من قبيل ما هي
الأسباب التي تدفع أسعار النفط للارتفاع؟ وإلى أي حد يمكن أن تصل إليه؟ وما
الآثار الناجمة حتى الآن عن ارتفاع سعر برميل النفط؟ وما حجم الضرر الذي
يمكن أن يسببه ارتفاع سعر النفط في المستقبل؟


ويعتبر
أصحاب هذا الرأي أن صدمات الإمدادات، باعتبارها السبب الأساس لارتفاع
الأسعار، تشكل مصدر الضرر الأكبر للنمو العالمي أكثر من ارتفاع الأسعار
الناجم عن وجود طلب قوي على النفط .


ولكن
ما يحدث في السوق عكس ذلك، فإن الذي دفع ويدفع أسعار النفط للارتفاع ليست
فقط التوترات في المنطقة التي تشكل شريان إمدادات النفط العالمي الأساسي،
وإنما سياسات المصارف المركزية في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا وذلك
باتباعها سياسة توفير ما يسمى بالأموال الرخيصة من خلال ضخ السيولة والتوسع
في ما يسمى بالتسهيل الكمي أي طبع النقود لشراء السندات، أو إعطاء
الالتزام تلو الالتزام بإبقاء أسعار الفائدة المصرفية منخفضة . فهذه
الأموال المتاحة للاقتراض بتكاليف زهيدة هي التي حفزت المستثمرين وخصوصاً
المضاربين منهم على الاستثمار في ما تسمى بالأصول المتينة وخصوصاً النفط .
وهي أي تلك البنوك المركزية هي التي رفعت سقف التوقعات الإيجابية بشأن
النفط وبشأن أداء الاقتصاد الأمريكي والتقليل من شأن الهبوط الارتطامي
للاقتصاد الصيني، وذلك “لغرض في نفس يعقوب”!


ومع
ذلك يجري تعليق سبب تهويل وترويج تلك الأوساط لإشاعة “الصدمة النفطية”
المقبلة على شماعة العرض النفطي حتى ولو بدفوع شكلية ضعيفة من قبيل تقلص
الإمدادات إلى السوق النفطية نتيجة لانقطاع نحو مليون برميل بسبب الأوضاع
في السودان، وبعض الأعطال الفنية في إنتاج بحر الشمال، وتقلص إنتاج النفط
الإيراني بسبب العقوبات، وبعض مشكلات المدفوعات النفطية بين الصين وإيران .
وهذه كلها مشكلات آنية تنتمي إلى طائفة العوامل الفنية التي لا تكاد تختفي
عن خريطة تحديد سعر البرميل في أسواق النفط العالمية على مدار العام،
والتي لا توازي تأثيراتها التأثير الذي تمارسه الأساسيات الاقتصادية
المتصلة بالعرض والطلب والتي يقدر أحد الخبراء أنها مسؤولة عن مستوى 118
دولاراً للبرميل، فيما الارتفاع فوق هذا الحاجز هو الذي يعزى إلى تلك
العوامل الأخرى .


ثم
إن هذه التشككات والتهويلات من صدمة نفطية واردة تستهين بالدور المسؤول
الذي تلعبه منظمة “أوبك” في تحقيق التوازن المطلوب في السوق بين العرض
والطلب وتأمين إمدادات كافية تفيض قليلاً عن حاجة السوق للحيلولة دون حدوث
قفزات سعرية فجائية وذلك اعتماداً على بعض طاقاتها الإنتاجية الفائضة .


الحديث
عن صدمة نفطية مقبلة يفترض أن العالم لا يزال مستغرقاً في أنماطه
الإنتاجية والاستهلاكية غير المقيدة، بما في ذلك الاستهلاك المفرط للطاقة
الذي كان سائداً حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي . في حين أن الواقع يقول
غير ذلك . فلقد غيرت سياسات ترشيد استهلاك الطاقة في الدول النهمة في
استهلاك النفط خصوصاً (الولايات المتحدة وأوروبا واليابان)، مع توصل
المنتجين والمستهلكين النفطيين إلى توافقات أكثر توازناً، بعض أوجه الواقع
النفطي العالمي . فالاقتصاد الأمريكي على سبيل المثال غدا أقل كثافةً في
استخدام الطاقة وأقل اعتماداً على الواردات النفطية، كما صار الأمريكيون
أكثر ميلاً لشراء السيارات ذات كفاءة الوقود العالية .


قد
تكون أوروبا أكثر انكشافاً بالنسبة لما يزعم أنه صدمة نفطية مقبلة وذلك
بسبب فرضها ضرائب عالية جداً على النفط أكبر بكثير من الولايات المتحدة،
عدا عن كون بعض بلدانها مثل اليونان وإسبانيا وحتى ألمانيا وفرنسا وإيطاليا
وبريطانيا، مستوردة صافية للنفط . يضاف إلى كل ذلك أن بلدان القارة العجوز
تجتاز حالياً واحدة من أكثر مراحل نموها الاقتصادي تراجعاً . وهي بالتالي
ليست بحاجة إلى “صدمة نفطية” كي تصاب بنزلة برد قاسية، إذ تكفيها تحركات
سعر البرميل التي يقف وراءها المضاربون بما في ذلك صناديقها الاستثمارية كي
تصاب بالرشح .


وأما
على المستوى الدولي فإنه حتى بافتراض صعود سعر برميل النفط بواقع 10%
سنوياً فإن الاقتصاد العالمي ووفقاً لتقديرات مصادر عديدة قادر على استيعاب
مثل هذه النسبة المعتدلة، حيث إن تأثيرها يبقى عند حدود “حلاقة” نحو 2 .0%
من نمو إجمالي الناتج العالمي، مع التسليم بفوارق تأثيرات هذا الانتقال
السعري من بلد إلى آخر .




ولذا
فإن النفط ليس يونان جديدة كما يحاول البعض تصوير حركة أسعار سوق البترول
الدولية، حيث لا تزال آثار ارتفاع سعر برميل النفط باقية في حدود الاستيعاب
من جانب الاقتصاد العالمي . إنما إذا ما حدث شيء كبير وغير متوقع لا قدر
الله فإن ذلك بالتأكيد سيترك أثره البالغ في الاقتصاد العالمي بمجمله، ولكن
حتى هذا الأثر سيكون محدوداً بالفترة القصيرة التي سيستغرقها الحظر .

اقرأ المزيد

مَنْ صَنع التغيير العربي؟



الاحتفاء
بالتغيرات العاصفة التي شهدتها وتشهدها البلدان العربية مال إلى تمجيد
الشباب، بوصفهم القوة المحركة الرئيسة للأحداث لحظة اندلاعها، وكثيراً ما
سمعنا ساسة ومثقفين عرباً، ممن اعتركوا في العمل النضالي التغييري، وأفنوا
أعمارهم فيه، وهم يرددون، بشعور مركب من الغبطة والفرح وجَلْد الذات، أن ما
عجزوا عن تحقيقه طوال عقود من أعمارهم، حققه شباب اليوم، لكن ما إن انجلت
العاصفة التي أسقطت أنظمة وبدّلت زعماء بآخرين، حتى اتضح أن ثمرة التغييرات
قطفها الكبار من القوى السياسية الأفضل تنظيماً وجاهزية، التي تملك من
وسائل التأثير والتجيير ما لا تملكه الحركات الشبابية الغضة التي تحلّقت
حول مواقع الفيس بوك وتويتر وسواها، تُرسل منها رسائل الاحتجاج والغضب،
بأسماء معروفة حيناً، وأسماء مُستعارة مبهمة في أغلب الأحيان، وحين جرت
إعادة ترتيب وتأثيث المشهد السياسي، اكتشف هؤلاء الشبان أن لا مكان فعلياً
لهم في هذا الترتيب، فبدوا كما كانوا قبل التغييرات مجرد قوة افتراضية . يوم
كانت فرنسا تعيش ربيع باريس الشهير في العام ،1968 في أثناء ثورة الطلاب
التي أجبرت الجنرال ديغول على الاستقالة، وقادت إلى “أَرْبِعة” مشابهة في
بقاع مختلفة من الأرض، قال الكاتب إدغار موران، إن الثورة كانت في أحد
وجوهها تعبيراً عن تمرد الشبان التواقين إلى الحرية . حينها ثار جدل طويل
عن مفهوم صراع الأجيال، لكنّ حججاً قوية وقفت ضد هذا المفهوم من زاوية أن
الصراع كان في جوهره تعبيراً عن تناقضات اجتماعية أعمق ليس بين الأجيال،
وإنما بين دعاة العدالة من جهة، وخصومهم من جهة أخرى .

ما
يصح على فرنسا يصح على المجتمعات الأخرى من دون استثناء، ويبدو مفهوماً أن
طاقات الشباب هي الرافعة الحيوية لدعوات التغيير، كما دلت على ذلك
التحولات العربية الأخيرة، خاصة إذا ما أخذنا في الحسبان، حقيقة أن
التركيبة السكانية في البلدان النامية، خاصة، هي في أغلبها تركيبة شابة، من
حيث غلبة الشبان على سواهم ممن هم في المراحل العمرية الأخرى، وبسبب
التطورات المذهلة في المعارف والعلوم ومناهج التربية والتعليم وتأثيرات
وسائل الإعلام والاتصال، فإن لدى الأجيال الشابة قابليات أكثر للتعاطي معها
والتأثر السريع بما تضخه من مواد .

لكن
“فيس بوك” و”توتير” وسواهما من وسائل الاتصال الجماهيرية واسعة الانتشار
لا يمكن أن تخلق ثورة لم تنضج ظروفها الاجتماعية بعد، ولا يتوافر لها ميزان
قوى مجتمعي قادر على إنجاحها، كما أن دعوات التغيير ووسائله لا تنبت ولم
تنبت في صحراء جرداء، وإنما في مجتمعات تملك تقاليد سياسية ونضالية راسخة،
وكان من الإجحاف أن يجلد المناضلون من الأجيال الأسبق ذواتهم، لأنهم هرموا
في انتظار تلك اللحظة التاريخية التي أتى بها هؤلاء الشبان، فلولا تضحيات
هؤلاء المناضلين الذين هرموا في العمر، ما كان لمجتمعاتهم أن تتهيأ
للتغييرات التي شاءت الأقدار أن يكون أبناؤهم وأحفادهم هم من أطلق شرارتها .
الشباب كتلة متحركة، وشباب اليوم لن يعودوا كذلك بعد حين قصير، لا في
العمر وربما حتى في الموقف نفسه، ومكانهم سيأتي شبان آخرون آتون من
المستقبل . لذا فالتغيير يصنعه المجتمع بتحولاته الممتدة وتراكماته، وحماسة
الشباب على أهميتها، ليست سوى عامل من عوامل التغيير في لحظة أزوفه .

اقرأ المزيد

ماذا يريد الشباب العربي في المنطقة العربية؟

أصبحت شوارع العواصم العربية حاضنة لاحتجاجات شبه يومية من قبل الشباب
العربي الذي يريد أن يرى نظاماً يعي ويلبي مطالبه الحقوقية المسلوبة وغير
المفعلة سواءً كانت مدنية أو سياسية. ولن يكون مشروع الحرية والعدالة مرحلة
زمنية عابرة في التاريخ العربي الحديث الذي ظل على مدى أربعين عاماً يتكلم
إما تمجيداً لركائز دولة الفساد أو قامعاً لكل معارض أو منتقداً للحرية
والعدالة المسلوبة عبر أساليب بوليسية تنتهك حقوق الانسان أو فرض محاكمات
صورية ضد كل من يرفع صوته عالياً ضد النظام.

الشباب العربي في مطالبه
الحالية في الشارع لم تختلف كثيراً عما طالب به شباب دول أميركا
اللاتينية، فالشعب التشيلي مثلاً ذاق مرارة طويلة من الاستبداد ومن سلب
الحريات العامة بشتى أنواعها في عهد حاكمها الديكتاتوري أوغستو بينوشيه
الذي توفي العام 2006.

فقد حكم بينوشيه الذي عرف باعتزازه بنفسه
وبسياساته العقيمة على مدى 27 عاماً، حكماً عسكرياً ظالماً، وقد وُصف بمخلب
القط الأميركي في المنطقة، بل كان العدو الأول لكل مفكر وكاتب وناشط بدول
أميركا اللاتينية التي كان معظمها يقبع تحت وطأة أنظمة قمعية ظالمة تمادت
في انتهاكات حقوق الإنسان والحريات، حتى وصلت إلى نهايات مأساوية تغيرت مع
تغير المعادلات السياسية الداخلية والاقليمية التي انطلقت مع أواخر حقبة
السبعينيات والثمانينيات، وصولاً الى أوائل التسعينيات.

بينوشيه لم
ينته في سجن أميركي مداناً بالإتجار بالمخدرات، ولا انتهى مقتولاً على يد
شعبه كما انتهى غيره من قادة دول أميركا اللاتينية، رغم أنه تعرض لمحاولات
اغتيال، بل انتهى مخلوعاً على يد شعبه رغم قوة نظامه العسكري، وما مارسه من
خنق للحريات كواحد من أسوأ أنظمة العالم الديكتاتورية.

وما حدث في
أميركا اللاتينية عندما سقطت الأنظمة الواحدة تلو الاخرى، هو سيناريو يعاد
مرةً أخرى، لكن هذه المرة في المنطقة العربية التي كانت تصنّف سابقاً –
بحسب المراقبين – بأنها منطقةٌ محصنةٌ عن الديمقراطية ومؤسساتها! فمنذ أن
سقط النظام في تونس ومصر وليبيا العام 2011 ومازال المشهد العربي يشهد
تقلبات سياسية واجتماعية واقتصادية جذرية لأنه امتداد لحراك مجتمعي يسعى
إلى التغيير.

وبقراءة سريعة لتطورات المنطقة، فإن مقاومة التغيير لن
تبقى طويلاً، لأن الشارع العربي ما عاد يحتمل ما كان مفروضاً عليه منذ
الاستقلال قبل أربعين أو خمسين عاماً، خصوصاً أن الشباب اليوم أصبح أكثر
انفتاحاً وإدراكاً بسبب تدفق المعلومة عبر وسائط الإعلام الجديد المتوفرة
حالياً عبر أدوات سهل تناولها وسهل تداول المعلومة من خلالها.

ولو
ربطنا ما يحدث في شوارع وميادين العواصم العربية المفتوحة والمغلقة، وماذا
يريد الشباب العربي في بلدانه، فيمكن استذكار بعض المعلومات التاريخية
المتعلقة بتاريخ المنطقة وإعادة تشكيلها قبل مائة عام، وهو ما يوضح ما يحدث
اليوم من تغييرات. فلقد تشكلت خريطة المنطقة السياسية على أساس المحاصصة
بين بريطانيا وفرنسا كقوى استعمارية مباشرة آنذاك، طبقاً لمصالحها الخاصة.
وعلى ذلك نفذت اتفاقية سايكس- بيكو، ولاحقاً وعد بلفور، ولم تحصل شعوب
المنطقة سوى على شعارات فارغة ورنانة عن القومية والوحدة.

وها نحن
الآن وبعد مائة عام من تلك الحقبة الاستعمارية، تهتز المنطقة وتدخل في
مرحلة جديدة بكل تحولاتها التوعوية الهائلة من ثورات واحتجاجات شعبية تعم
الوطن العربي، كانت بدايتها تونس وامتدت شرارتها من الخليج إلى المحيط.

السؤال
المطروح الآن: هل سيستمر هذا المخاض الكبير دون أن تتحقق تطلعات الشباب
العربي وأمانيه في الديمقراطية والتنمية وتهبط إلى مستويات سفلية تنقسم
فيها المنطقة على أساس عرقي وطائفي وقبلي، كما يسعى إليها البعض لحرف
المسار عن الخط والتطلع الحضاري للشباب ولباقي شرائح المجتمعات العربية
وجعلها تخسر كما خسرت قبل مائة عام.

المراقبون يرون أن هذا غير ممكن
أن يحدث، وذلك لتنامي درجة الوعي السياسي، ولارتباط هذه الحركة بحركة
عالمية تدعو لحقوق الإنسان والديمقراطية. وهذا يعني أن المطابخ السرية التي
كانت تسمم الأمور وتحيك المكائد في الماضي، ليست لديها القدرة ذاتها لأن
عليها أولاً أن تستغبي الناس وكأنهم يعيشون في الظلام، وهو واقع ليس كذلك.

مهما
طال الزمن فإن أمنيات القوى الرجعية والديكتاتورية الرافضة للتغيير في دول
ومجتمعات المنطقة العربية لن تتحقق هذه المرة، لأن الجماهير ستستمر زاحفة
وثائرة حتى تتحقق أهداف الناس في الحرية والديمقراطية على امتداد المنطقة
العربية من مشرقها إلى مغربها.

ريم خليفة


صحيفة الوسط البحرينية

اقرأ المزيد

تأهبات واشنطن لمعركة نوفمبر الانتخابية

   

ونحن الآن في منتصف شهر اغسطس/آب حيث لم يتبق على معركة الرئاسة الامريكية التي ستُجرى في شهر نوفمبر المقبل سوى شهرين فقط، تبدو الأجواء السياسية في واشنطن للناظر اليها خطفا، أجواءً صافية عموما، خالية تقريبا من أية “غيوم” سياسية مثيرة ومستقطبة للاهتمام، يمكن أن تعكر صفو تلك الأجواء .. باستثناء المتابعات الاعلامية الاعتيادية لتحركات حملتي الانتخابات للرئيس باراك أوباما ومنافسه الجمهوري المرجح ميت رومني، والرصد الاعتيادي من جانب مؤسسات قياس اتجاهات الرأي العام لأمزجة الناخب الأمريكي التي تنشرها أجهزة الميديا بين الفينة والأخرى، ولكن من دون تركيز واضح واستغراق مفرط في تحليل أرقامها. فالوقت لازال مبكرا، من وجهة نظر المتحكمين في ايقاع “اللعبة” الانتخابية، الذين لم يقرروا بعد ساعة الصفر” للتدشين الرسمي الواسع النطاق للمعركة الانتخابية، ربما للخشية من حرق الأوراق الدعائية مبكرا.

بيد ان ما هو ظاهر للعيان لا يتطابق مع ما هو حادث تحت السطح، فالعراك السياسي الذي لا يخلو من استخدام تعابير فظة، والذي لازالت الأضواء الكاشفة بعيدة عنه نسبيا، يشي بأن معركة شرسة تلوح وتتشكل ملامحها في الأفق، تنبىء بها تحركات صقور الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري الذين على ما يبدو قد بكَّروا في الايعاز لمرشحهم الرئاسي الأرجح ميت رومني للتعبير عن مكنون ومضمون ذلكم العراك الذي ينوون تصديره برنامجهم في المائة يوم الأولى من رئاستهم في حال ظفروا بالمقعد اليضاوي.

حتى الخامس من يونيه الماضي كانت استطلاعات الرأي تعطي الرئيس أوباما 53% من المستطلعين (بفتح اللام) مقابل 38% للمرشح الجمهوري. ومن الواضح ان الجمهوريين يعملون على محورين في محاولة لتضييق هذا الفارق الى حده الأدنى قبل موعد الذهاب الى صناديق الاقتراع. المحور الأول سيركز على برامج الرعاية الاجتماعية وخصوصا برنامج الرعاية الصحية الذي يشكل أحد انجازات الرئيس أوباما والذي يعتزم الجمهوريون بكل قوة الغائه، كما يعتزمون اعادة النظر في الضرائب  التصاعدية التي فرضها الرئيس أوباما على الأثرياء والتي يستهدف منها تعديل مَيَلان الميزان الطبقي قبل أن تكتسح الليبرالية الجديدة بقية مواقع مؤشر الحياة النوعية (Quality of Life Index) للطبقة الوسطى الامريكية. وعلى المحور الثاني سوف يخوض الجمهوريون معركة ضارية ضد خفض النفقات الحربية، حيث يتهم الجمهوريون الرئيس أوباما بالمسئولية عن خفض حوالي 500 مليار دولار من النفقات الدفاعية، مع ان هذا كان ضمن حصيلة اتفاق الحزبين على خفض العجز في الموازنة، وان ذلكم الخفض الدفاعي يمتد لعشر سنوات اعتبارا من عام 2013، أي بواقع 50 مليار دولار سنويا.

فهل يكون اختيار الجمهوريين لرجل أعمال ذي خلفية رأسمالية شرسة مثل ميت رومني، ردا منهم على محاولة أوباما وحزبه الديقراطي اعادة الاعتبار للطبقة الوسطى الأمريكية بالقضم قليلا من الوزن الطاغي لطبقة الأثرياء الامريكيين؟

في ايطاليا يمين اليمين انتج حزبا وضع على رأسه رجل الأعمال المثير للجدل سيلفيو برلسكوني سرعان ما انخرط بسرعة البرق في السياسة وصار على رأس حكومتها. ويبدو أن يمين اليمين في الحزب الجمهوري قد اقتفى هذا “الأثر” الايطالي فجاء برجل الأعمال الفاحش الثراء والحاكم السابق لولاية ماساشوسيتس ميت رومني لقيادة تياره العازم على استعادة حكم البيت الأبيض. وكما حدث في ايطاليا بعد تصعيد برلسكوني الى سدة رئاسة الحكومة، فقد أثار تصعيد رمني الى هذه المرتبة، جدلا واسعا في أوساط الجمهوريين حفل بالانتقادات والتقريظ من جانب رؤوس بارزة في الحزب مثل الخاسر في سباق الترشح عن الحزب الجمهوري نيوت جينجريتش وحاكم ولاية تكساس ريك بيري، حيث وصف هذا الأخير رومني بالرأسمالي الجشع بتوحش، مستخدما عبارة (Vulture capitalist) ، حيث كان رومني يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة “بين أند كومباني” (Bain & Company) التي تتخذ من ولاية بوسطن مقرا لها. وهي شركة اتجار في الأوراق المالية تجني أرباحها من شراء وبيع الشركات، وحيث فقد الكثير من الامريكيين وظائفهم بعد شراء شركة “بين وشركاؤه” تلك الشركات.

ويمكن للمرء من خلال قراءة أولية لتحركات وخطابات المرشح الجمهوري أن يستنتج – تكهناً – بأن استراتيجية الجمهوريين في ادارة التحديات الحقيقية، الاقتصادية والجيوبوليتيكية، التي تواجه الولايات المتحدة، اذا ما عادوا لسدة الحكم، سوف تقوم –  كما هي استراتيجية ادارتهم لحملتهم الانتخابية الرئاسية – على محورين أساسيين، المحور الأول ويتعلق بتسخير كافة أدوات ممارسة السياسة (الأمريكية) من أجل تصدير المشكل الداخلي (أزمة المديونية التي أضحت في مستوى اجمالي الناتج المحلي السنوي للبلاد، وعجوزات الموازنة العامة التي أصبحت مادة للشقاق السياسي المجتمعي، ومصادرة المكاسب الاجتماعية التي أنجزتها ادارة أوباما لاسيما نظام الضمان الصحي، واعادة اشعال الحرب الباردة بجعل روسيا “العدو الجيوسياسي رقم واحد”، على حد تعبير المرشح الجمهوري رومني في خطابه الذي القاه في جامعة وارسو في بولندا الثلاثاء 31 يوليو/تموز، حيث سيطلق حملة سياسية ودبلوماسية واعلامية مركزة على روسيا وعلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

أما الخور الثاني فيتعلق باستغلال الجو العالمي المتوتر الذي ستُشيعه سياسات الجمهوريين الهجومية (سياسة “نياب الليث”) وجبروت القوة العسكرية الامريكية الضاربة في العالم، لجني عقود التسليح والعقود التجارية، لاسيما للسلع التي تصنع الفارق في موازين المدفوعات وقبلها الموازين التجارية مثل الطائرات التجارية وتكنولوجيا محطات الطاقة النووية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومنتجات مصادر الطاقات المتجددة لاسيما محطات توليد الطاقة باستخدام الألواح الشمسية ونحوها. ولكن قبل ذلك سوف يتعين على الجمهوريين حشد التأييد الشعبي لمرشحهم لتأمين نجاحه في الانتخابات، بما يمكنهم من العودة للبيت الأبيض واستعادة السلطة التنفيذية كاملةً من منافيسهم الديمقراطيين.  نتج حزبا وضع على رأسه رجل ألأعمال المثير للجدل س

اقرأ المزيد

الحرب الباردة لم تنتهِ



لا
يمكن قراءة الموقف الروسي، وبنسبة أقل الموقف الصيني، من النزاع في سوريا،
بمعزل عن تحولات الحرب الباردة التي طبعت العلاقات الدولية بعد نهاية
الحرب العالمية الثانية حتى لحظة تفكك الاتحاد السوفييتي في مطالع تسعينات
القرن المنصرم، بين النظامين السياسيين الاجتماعيين المتضادين: الرأسمالي
والاشتراكي . لقد تغيرت أمور كثيرة، فالأنظمة الحليفة للروس في الشرق
الأوروبي انهارت، ومحلها جاءت أنظمة تسابقت للانضمام للناتو وللسوق
الأوروبية المشتركة، ونزعت الصفة السوفييتية عن السلطة في الكرملين، ولكن
الحرب الباردة لم تنته، ورغم ما وسم السياسة الخارجية لروسيا، في حلتها
الجديدة، من تقلبات وتعرجات، فإن الفشل كان نصيب الوهم الذي استحوذ على
بوريس يلتسين، أول رئيس لروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بإمكان
انعطاف روسيا غرباً، والتنكر لنهجها الذي ورثه البلاشفة عن الإمبراطورية
القيصرية بإيلاء البعد الآسيوي للنفوذ الروسي أهمية فائقة، لا تقل عن بعده
الأوروبي .

المؤكد
أن الأعباء على روسيا تضاعفت وهي تسعى للتمسك بسياستها الخارجية التقليدية
المناوئة للهيمنة الغربية على مواقع النفوذ في العالم، فعدد الدول الحليفة
لها تناقص بشكل مهول، وأصبح للغرب مواقع نفوذ في الحدائق الخلفية لموسكو،
نعني بذلك العديد من جمهوريات الاتحاد السوفييتي المنهار، وأصبح الفضاء
السوفييتي السابق في آسيا ساحة لنشاط القوى الإسلامية المتطرفة، التي تمددت
إلى بعض جمهوريات الفيدرالية الروسية ذاتها، كما هو حال الشيشان .

ورغم
الانتعاش الذي شهده الاقتصاد الروسي جراء ارتفاع أسعار النفط في السوق
العالمية، فإن الجبروت الاقتصادي السوفييتي لم يعد قائماً، وإلى ذلك فإن
روسيا الجديدة، وهي تسعى لمحاكاة السياسة الخارجية السوفييتية، فقدت أحد
أهم عوامل جاذبيتها الأيديولوجية يوم كانت صورة الاتحاد السوفييتي في
البلدان النامية صورة الحليف الداعم لحركات التحرر الوطني والأنظمة
المناوئة للنفوذ الغربي، حيث حلت محلها، إلى حدود بعيدة، مجرد صورة البلد
المورد للأسلحة والتقنيات العسكرية للراغبين في اقتنائها والقادرين على
شرائها .

فعلى
سبيل المثال، يفترض بعض محللي السياسة الخارجية أن مبيعات الأسلحة الروسية
لسوريا تقف في خلفية الدعم الروسي للنظام السوري، حيث يجري تداول تقارير
عن مشتريات أسلحة سورية من روسيا بقيمة 5 .3 مليار دولار، بالإضافة إلى
القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس، لكن هذا، على أهميته، ليس سوى جزء
من الحقيقة، فمحللون روس وأجانب، يرون أنه إضافة إلى هذا البعد المهم، فإن
الموضوع مرتبط بالسياسة الروسية الداخلية أيضاً والمواضيع التي تشغل
الطبقة السياسية في روسيا التي تريد القول للدول الغربية إنه يجب عدم تجاهل
دور روسيا ومصالحها في أي ترتيبات مستقبلية للوضع في الشرق الأوسط، وفي
غيره من المناطق الحيوية، وتخشى أن تطالها هي نفسها هذه التغييرات من بوابة
الدمقرطة وحقوق الإنسان بالذات .

ومنذ
العملية العسكرية التي نفذتها قوات حلف شمال الأطلسي في يوغوسلافيا
السابقة عام 1999 فقدت موسكو الثقة “بالخطاب الإنساني” للحكومات الغربية
وترى أنه تمويه للنوايا الحقيقية لتغيير الأنظمة، وهو ما تعزز بملابسات
إسقاط نظام القذافي في ليبيا، الذي كان متعذراً لولا الدعم العسكري
واللوجستي الغربي، ومن هذه الزاوية يمكن فهم تصريح وزير الخارجية الروسي
لافروف بأن روسيا خُدعت في ليبيا . الحرب الباردة تغيرت في بعض مظاهرها،
ولكنها، في الجوهر، لم تنته .

اقرأ المزيد