المنشور

التعايش العقلاني خيرٌ من الحروبِ الدونكيشوتية


استجابة لنداء الموقع الإليكتروني الأثير للتقدمين العرب والكورد؛ ” الحوار المتمدن”، حول الّلغو المُفتعل، على أثر قيام “مؤسسة ابن رشد للفكر الحر” اختيار الزعيم والفقيه الإسلامي التونسي الكبير؛ ” راشد الغنوشي” كشخصية إسلامية وسطية، مُقرّة ومعترفة بأصول اللعبة الديمقراطية في المرحلة العربية الحرجة الحالية! وكشخصية بروغماتية ماكرة؛ لكنها عملية وعقلانية (عدوٌ عاقل خير من صديق جاهل!).. حيث تأهل (غنوشي) في نيل جائزة مؤسسة ابن رشد للسنة الحالية (2014)؛ حسب “لجنة الاختيار” المكونة من أكاديميين ومثقفين عرب وغيرعرب.

أعتقد -بلا تردد- أن منافع إختيار الجائزة وحيثيات الاختيار أكثر من مضرّتها، لأنها تحمّل النهضويين التونسيين (الاسلاميين السياسيين الوسطيين) مسؤولية مضاعفة على عاتقهم، تؤازر موقفهم “العقلاني” المسؤول، المتعلق بتفهمهم الواقع التونسي الحالي وما يجب أن يجابهونه، من تكتيكات سليمة للتعامل الأمثل مع الوضع التونسي الحالي المأزوم والمعقد (من وُجهة نظرهم)، الأمر الذي يعود بالنفع مرحليا – على الأقل- للتطور السلمي والقانوني للمجتمع التونسي و”تهذيب” الصراع الاجتماعي المستفحل، حتى لا تنفلت الشعارات المتطرفة من عقالها، لتأكل الأخضر واليابس وتسبب صراعا عقيما وعبثيا (مثال ليبيا)، قبل أن يحين موعده الموضوعي ( انفجار الصرع الإجتماعي/ الطبقي والانشطار/ التخندق المجتمعي؛ له أوانه ومرحلته ومشروعيته المادية!) وما لذلك في احتواء الغلو والتطرف، المتأتيين من مختلف التوجهات الايدلوجية (اليسار المتطرف واليمين الارهابي).. وهذا أمرٌ لم ولن يفهمه اليسار المتطرف عامة، والأقلام الحادة والسائدة- للأسف- في الحوار المتمدن، خاصة! مقارنة بما يحدث في مصر، حيث ارتأى الاسلاميون المصريون (الاخوان المسلمون) سلك درب الارهاب والانتحارالسياسي، في حين استفاد “الغنوشي” الداهية من خطايا اخوتهم المصريين الاسلاميين، حتى لو افترضنا أن موقفه عبارة عن كلمة حق يراد بها باطل! المهم أنه يجتهد مبذلا جهودا استثنائية لإقناع مريديه في أولوية استقرار تونس على قدسية الشرع، حاليا على الأقل (هذا يحسب له بالطبع)! بجانب أنه يلعب بحنكة ودهاء، حسب الأصول القانونية واللعبة” الديمقراطية”، الأمر الذي يصبّ (شاء من شاء وأبى من أبى) في سيرورة التعافي التدريجي للمجتمع التونسي واستقراره المأمول وتشييد المجتمع المدني الفعلي وتسييد دولة المؤسسات والقانون الحقيقية .. وهو باعتقادنا الهدف المرحلي الأول للثورة التونسية الرائدة
 
كم يشعر المرء بالاحباط والاكتئاب وهو يلقي نظرة عامة على المقالات المتعلقة بالمسألة الإشكالية هذه .. وكم يحتار من هكذا آراء ومواقف متشنجة وأحادية ؛ مسطورة من قِبَل خميرة مثقفي وكتاب الحوار المتمدن! والأغرب أن الأغلبية تدّعي إمتلاك؛ “مجسّ الجدل المادي/ التاريخي” في الرؤية والتحليل، بينما في الحقيقة بات جُلُّهم كمن فقد الاتصال بالواقع الموضوعي، مستسلما لنزواته الحسية ورغباته الطوباوية، البعيدة عن فهم الواقع ورصده والتعامل معه .. عدا قلة من الأقلام العقلانية! وأكيد .. لاحياة لنا بدون هذه الشريحة الصغيرة من الانتلجنسيا، التي تمثل نواةٍ (ستتكاثر) لمستقبلٍ أفضلٍ لدنيا العرب.

وأخيرا لابد من الإشارة أن هذا الرأي الشخصي المتواضع لا يتكئ على أي وهمٍ، تجاه خطورة منهاج الاسلاميين المستقبلي وأحلامهم الطوباوية، في تفعيل برنامجهم الخرافي المستند على ميتافيزيقيا الغيب والعاطفة الدينية، بُغية إعادة “العدل الإلهي الاسلامي” لديار العرب والمسلمين! غير أن المسألة لا تكمن في طموحات الافرقاء، المشروعة وغير المشروعة (كل حزبٍ بما لديهم فرحون!)، بل تكمن في كيفية التعامل الأمثل والأجدى مع “الأخوة الاعداء” في المجتمع الواحد، من خلال النشاط السياسي التدريجي الدؤوب، المتكئ على الصبر المضني مع الجماهيرالخاضعة حاليا للوعي الديني، والنضال الشاق من أجل إقناعهم بجدوى المشاريع الحداثية وجرهم نحو عالم التنوير والتقدم، بدل المجابهة المباشرة مع المتدينين واستفزازهم. والوقوع في هاوية صراع مفتعل مع الدين والمقدسات! ولعل الأهم؛ هو ادراك المراحل المختلفة المتعاقبة، التي يجب أن تخطيها المجتمعات العربية المعاصرة، بأقل الخسائر الممكنة، لتحقيق إنجاز ما على الأرض- مهما صغر. وضرورة النأي عن رفع الشعارات الكبيرة –قبل أوانها- المدغدغة للمشاعر الثورجية-غير الصبورة- والمعشعشة في الذهنيات المعلّبة بالجمل “الثورية” المجردة!.. خاصة تلك الشعارات الحارقة للمراحل، المجلوبة من بطون الكتب المؤدلجة، للشروع المباشر والسريع في تشييدِ جنةِ عدنٍ الخرافية        
 
إنتهى المقال
……………………………………………………………………………….
 
معلومات أساس عن ” مؤسسة ابن رشد للفكر الحر”
 
مؤسسة “ابن رشد للفكر الحر” ؛ مؤسسة مستقلة تسعى لدعم قيم الحرية والديمقراطية في العالم العربي
أهداف المؤسسة: تشجيع قيم الحرية والديمقراطية والجدل المنطقي
لذلك تقوم مؤسسة ابن رشد للفكر الحر – جمعية عربية مُستقلّة مُسجّلة في ألمانيا – بتقديم جوائز سنوية لمن قام بدور في دعم ونشر الفكر الديمقراطي الحر والديمقراطية والإبداع في البلاد العربية وبإلقاء الضوء على رواد الحضارة تكون قد ساهمت وبمنح مبادري التغيير الفكري حقها في الصدارة وبتكوين الرأي والتوعية لدى الجماهير.
تصدر عن المؤسسة بيانات وخطابات احتجاجية تتعلق بتعديات على حرية الرأي، حقوق المرأة أو بالرقابة وأحكام قانونية ظالمة أصدرتها محاكم في العالم العربي، وممن تحدثت بحقه مثلاً الأستاذة سامية محرز (مصر)، مارسيل خليفة (لبنان)، أحمد البغدادي (الكويت) ونوال السعداوي (مصر). ولا تستطيع المؤسسة مراقبة كل ما يجري في العالم العربي من جرح للحقوق لذلك تتقبل بامتنان أي تأشيرة وتنبيه يدلها على ذلك.
 
من يدعم الفكرة؟

تلقت المؤسسة منذ نشأتها كثيراً من الدعم والتشجيع من قبل مثقفين عرب منهم عزيز العظمة، أدونيس، محمد عابد الجابري، صادق جلال العظم، شوكت الكيلاني، أحمد صدقي الدجاني، حيدر عبد الشافي وغيرهم.
ويعتبر أهم دعم للمؤسسة اشتراك أعضاء لجان التحكيم بعملية اختيار الفائز كما أن تعاون الأكاديميين الألمان الذين تدعوهم المؤسسة كمحاضرين لإلقاء كلمة التكريم في احتفالية منح الجائزة أكبر مكسب للمؤسسة.
 
لجنة التحكيم

كل عام تُشكل لجنة تحيكم جديدة مستقلة تختار الفائز من ضمن الأسماء المرشحة. أعضاءها شخصيات معروفة من العالم العربي وأوروبا. ومن الذين ساهموا كأعضاء تحكيم مثلاً هشام شرابي، برهان غليون، فريدة النقاش، سحر خليفة، خليل شقاقي، على عتيقة، عبد الحسين شعبان، محمد فائق، أسمى خضر، قاسم حداد، أحمد فائز الفواز، فيرنر إنده، أجيلكا نويفرت وغيرهم.
بإمكان الحصول على النصوص الكاملة لكلمات الفائزين وكلمات التكريم من صفحة المؤسسة بالإنترنت، كذلك معلومات تفصيلية عن احتفال تقديم الجوائز (مع صور) وسير حياة أعضاء لجنة التحكيم.
 
المجلة

تفتح مؤسسة ابن رشد للفكر الحر صفحات مجلتها الالكترونية – منبر ابن رشد للفكر الحر – للنقاد والكتاب الذين يرغبون الاشتراك بمقالة أو بالنقاش الحر من أجل التنوير وتقدم المجتمع العربي.
 
أخبار الصحف

لاقت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر تجاوباً كبيراً داخل وخارج ألمانيا وذُكرت في الصحف والمجلات العربية والألمانية والانجليزية. فقد نشر منذ تأسيس المؤسسة إلى اليوم ما يزيد عن الـ 500 مقالة.
 
لا استقلال سياسي دون استقلال اقتصادي

تحقق المؤسسة أهدافها خلال نشاط وتمويل من أعضاء المؤسسة في البلاد العربية والمهجر. إنّ القاعدة الأساسية لِضمان استقلالية مؤسسة ابن رشد للفكر الحر سياسياً هي استقلالها مالياً. بدعمك المالي للمؤسسة مهما كان متواضعاً فإنّكَ تقدم مساهمة مهمة من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية في العالم العربي، وكذلك من أجل دعم الديمقراطية على صعيد عالمي. كُنْ معنا عضواً فعّالاً أو داعماً. التبرعات الواردة للمؤسسة قابلة للتخفيض الضريبي في ألماني
 
الجوائز منذ التأسيس ( 1999 ) حتى الآن
  

Subject                  Country            Name              Year


2014          راشد الغنوشي          تونس      شخصية اسلامية معتدلة ومؤثرة    
2013              ريم بنّا                  فلسطين            الأغنية
2012       رزان زيتونة                سوريا              الربيع العربي
2011      سهام بن سدرين             تونس            صحافة
2010     الحوار المتمدن             منتدى حوار/ صاحب مدونة
2009       سمير أمين                  مصر            الاقتصاد
2008      محمد عابد الجابري       المغرب             النهضة العربية
2007       نوري بوزيد               تونس            إخراج أفلام
2006      فاطمة أحمد إبراهيم       السودان           حقوق الإنسان
2005       نصر حامد أبو زيد        مصر            الإصلاح الديني
2004       صنع الله إبراهيم            مصر            الأدب السياسي
2003        محمد أركون               الجزائر             الفلسفة
2002       عزمي بشارة                فلسطيني           السياسة
2001        محمود أمين العالِم         مصر            الفكر النقدي
2000      عِصام عبد الهادي         فلسطيني           تحرر المرأة
1999       قناة الجزيرة الفضائية      قطر           الصحافة والإعلام
 
الفرق الحضاري هو سبب المبادرة

الفرق الحضاري بين الغرب والشرق هو الذي جعلنا من ضمن من يسأل ويبحث في المجتمع العربي عن أسباب الركود الحضاري وتخلُّف المجتمعات. لا يُمكن إعادة أيّ حضارة سابقة كما كانت لأنَّ ذلك يتطلّب إعادة نفس الشروط التي سمحت بالنهضة آنذاك. إلاّ أنّنا نعتقد أنّ تفعيل حضارة نشطة في مجتمع راكد يحتاج لآمال وأحلام جديدة ونرى أنّ أهمها الإيمان بمحورية وضع الإنسان الفرد المواطن في الدولة والمجتمع والإيمان بالتسامح والفكر الحر والجدل الموضوعي.
 
 

اقرأ المزيد

حول ضرورة النضال للقوى اليسارية العربية في صفوف العمال من اجل تأسيس النقابات المستقلة



في ظل المتغيرات و المستجدات على الساحة العربية و العالمية السياسية
والاقتصادية و الاجتماعية و المشروع الامبريالي و العربي  الرجعي و الصهيوني لتمزيق المجتمعات العربية
خصوصاً في ظل بؤر التوترات المذهبية  الطائفية
البغيضة و المدعومة بقوة من قبل دول عربية و اخرى اجنبية, و ايضا دور الاقتصاد
الرأسمالي في ضرب الاقتصاد العربي الوطني وجعل الدول العربية رهينه ضمن السياسات
الاقتصادية للإحتكارات الرأسمالية العالمية و الامريكية و فتح ابواب  الخصخصة في الوطن العربي لبيع القطاع العام,  ومن ثم اغراق الدول العربية بالمديونية للبنوك
الاجنبية ومنها مؤسسات النقد الدولية التابعة للقرار الاقتصادي الرأسمالي. 


كل هذه المتغيرات و المستجدات  اصبح
لديها انعكاسات سلبية على الاوضاع المعيشية للملايين من العمال في الوطن العربي مع
ازدياد وتيرة تدني مستوى التعليم وزيادة في الامية و الفقر و البطالة بشكل رهيب,
هذه الامور حتماً لها تأثير في الجوانب الاسرية 
و الاجتماعية على الكادحين, ثم هذه الاوضاع سوف تساعد  في  التدهور في حياة الطبقة العاملة وسائرالشغيلة,
هذا مع المزيد من تراجع المجالات التشريعية التي كانت تصب سابقاً لصالح العمال
العرب و لكن في ظل مثل هذه الاوضاع قد انخفظت المكاسب التي تحققت في السنوات
الماضية عندما كانت الانشطه العمالية و النقابية في ذروة النمو, ذلك ابان الوجود
للمنظومة الاشتراكية و في المقدمة الاتحاد السوفياتي و النهوض القومي العربي الذي
دعم الاقتصاد الوطني خصوصاً في مسألة سياسة رقابة بعض الدول العربية على الاقتصاد
العام و محاربتها  للتوجه الامبريالي
الصهيوني  وتأميم الاقتصاد لبعض المشاريع
الحيوية و الصناعية و من ثم تحويلها الي قضية وطنية في رفع نسبة انشطة  الصناعة الوطنية في القطاع العام الذي قد نمت
فيه طبقة عاملة قوية مدربة ومتعلمة. 


حقيقة منذ العشرينات من القرن الماضي قد لعب النضال الوطني العربي دور فعال
في رفع المستوى الفكري, الحقوقي, النقابي, المطلبي, السياسي و الطبقي  في صفوف الطبقة العاملة العربية, و قد اصبحت
الطبقة العاملة العربية رقم صعب في المعادلة السياسية خصوصاً عندما تحالفت الطبقة
البرجوازية الوطنية العربية مع المثقفين الثوريين و الطبقة العاملة و سائر  الكادحين لأحداث تغيير في النضال ضد الوجود
الاستعماري في مرحلة الاستقلال الوطني. 


حينها قد لعب اليسار العربي ادوار عظيمة في هذا الشأن, و قدم التضحيات
الجسام في ذلك  خصوصا في مسألة قيادة النضال
في صفوف الطبقة العاملة, على سبيل المثال في السودان, العراق, الاردن, لبنان,
المغرب, تونس, مصر, فلسطين, اليمن الجنوبي, في الخليج الكويت  والبحرين و العديد من الدول العربية التي قد نمت
فيها الحركات الوطنية اليسارية و الاحزاب الشيوعية الداعمة للطبقة العاملة بشكل
خاص. 


الا ان الاختلال بموازين القوى العالمي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في عام
1991, و الانفراد للهيمنة الامبريالية على القرار السياسي والاقتصادي الدولي  و الخضوع 
 للدول العربية التي التفت حول
المشروع الامريكي الصهيوني و التغييرات في الحركات المجتمعيه من اليسار الى اقصى
اليمين المتطرف الذي اكتسح الشارع العربي بما فيه الجماهير الكادحة, كل ذلك قد أربك
الانشطة للقوى اليسارية في صفوف الجماهير و الحركات  العمالية و الحركات  النقابية العربية. إلا ان  للحراك النقابي والعمالي في الوطن العربي   جذوره
التاريخية الراسخة في طريق النضال العريق و المستمر لحد الان  من اجل حياة افضل للملايين من  العمال و الكاد حين العرب و لو بوتيرة تختلف من
قطر عربي لآخر, خصوصاً مع دخول البلدان العربية في نفق الحروب  الطاحنه بين بعض الدول العربية والحركات
الاصولية الاسلامية والذي فجر صراعات دامية خصوصاً في سوريا والعراق و لبنان و
اليمن و الصومال و ليبيا و غيرهم من الاقطار العربية. 


إلا أن هناك ثمة امل في زيادة وتيرة  النضال للطبقة العاملة في الوطن العربي الذي  سوف لن يتوقف لان  هذا يعتبر بمثابة الحياة  او الموت البطيء لجموع الشغيلة حتى  و لو أن الوتيرة لهذا النضال  قد ترتفع في قطر معين و تنخفض في قطر عربي  آخر ذلك تماشياً مع الاوضاع  الاجتماعية و السياسية, و ايضاً متروك لقوة الحراك
العمالي و النقابي  في وسط المجتمع وتأثيره
 على مجريات الأمور في هذا القطر او ذاك. 


من المعروف و منذ سنوات  ان هناك أنظمة
عربية  قد سمحت بتشكيل النقابات العمالية
والمهنية و دول عربية اخرى لا تزال فيها مثل هذه الانشطة في حكم الممنوع  او الحرام, هذا في بعض من دول الخليج العربي مثل
السعودية و الامارات و غيرهم و من ثم يعا قب ويسجن النشطاء النقابين و هذا مرتبط
بنوع النظام العربي و القرار السياسي الناتج لأجندة هذا النظام أو ذاك الذي يتلائم
او لا يتلائم  مع حجم الحريات و المساحة
الديمقراطية  أو عدمها. 


 في ظل الا نشطة العمالية و
النقابية حالياً في الاقطار العربية, منها  التي تراعي قليلا الحقوق والتي تلبي  المطالب للقوى العاملة, وهي التي  تتفاعل مع الانشطه النقابية, أما دول الكبت
والحرمان  يصعب فيها ان  يسمح  حتى بطرح 
ابسط المطالب و سواء  الحقوق
المعيشية او تحسين لظروف العمل, ثم ان اكثر الانظمة العربية لا تستحسن ان تنمو
فيها الانشطة العمالية و النقابية تخوفاً من طرح  المطلب البسيطه على اقل تقدير كي لا ترتفع وتيرة
النضال في صفوف العمال, ومن ثم تتراكم المطالب و منها توفير الحماية الاجتماعية و
تفعيل الانشطة للمطالبة بالحقواق الاساسية المشروعة و منها تأسيس النقابات
العمالية والمهنية.     


لذ لك و مع سياسة الاختلاف بين الانظمة العربية مع شعوبها في القضايا
السياسية حتماً له انعكاس كبير يؤدي  لإختلاف
في نسبة توفير الفرص من اجل تلبية الحقوق العمالية و النقابية او  من عدمه, وهو جاري في الكثير من الدول العربية
خصوصاً الدول الخليجية التي تحارب الافكار و الانشطة السياسية و العمالية, و  من هنا وفي ظل اكثر الانظمة العربية  الرجعية والدكتاتورية يذكرنا التاريخ ان مناضلي
الحراك العمالي والنقابي من اليسار في الوطن العربي كانوا منذ العشرينيات من القرن
الماضي حتى يومنا هذا قد لعبوا أدوار بطولية من خلال  دور النشطاء الحزبين في وسط الانشطه الجماهيرية
و خصوصاً في وسط الحراك العمالي و النقابي, و نحن لنا في البحرين تجارب في هذا
النضال, و قد كان النشطاء النقابييون  من 
اليسار العربي قد عانوا و لا يزالون  يعا نون 
الامرين  خصوصاً  الذين كانوا ينتمون للاحزاب الشيوعية,  بحيث كان ذلك  في خضم  الصراع السياسي في الوطن العربي والدور الكبير للنضال
المستمر  منذ تلك الحقبة من الزمن الذي  قد تعاظمت فيه ادوار النشطاء النقابيون العرب
بقيادة اليسار العربي, مما قد أثر في مشاعر البرجوازية العربية الوطنية الحاكمة واحساسها
بالخطر, و بذلك ادارت البرجوازية الوطنية ظهرها للحراك العمالي والنقابي الذي قد
ساندها و بقوة في سنوات التحرير ضد الاستعمار بذرائع الحرب على الشيوعية, و في هذه
المسألة قد اصبح لهذه الانظمة العربية  القمعية
اتجاهين احلاهما مر, إما القمع ضد التحركات العمالية ومن يساندهم من القوى اليسارية,
او الدخول في نفق المساومة في ايطار ان تاخذ هذه الانظمة العربية بالالتفاف على
الحراك النقابي والعمالي, و كان الغرض  من
ذلك هو ان يفرغ النشاط النقابي من محتواه و الجوهر الحقيقين,  وهو الدفاع عن الحقوق والمصالح العمالية و من ثم
احقية انشاء وقيام نقابات قوية مؤثرة,  و ايضاً
لعدم توسيع الحراك النقابي بكوادر نقابية وطنية  يسارية قد يهدد المصالح للبرجوازية الوطنية
العربية والمصالح للشركات الاحتكارية الغربية والامريكية ذلك في حالة  توسيع رقعة الوعي في مسألة الصراع الطبقي والوعي
السياسي من خلال الثقافة الماركسية في وسط الجماهير العربية الكادحة. 


لهذه الاسباب وغيرها اصبح النظام العربي يعمل  لتشكيل نقابات و اتحادات  تابعة لهذه الانظمة الحاكمة وتحت اشرافها المباشر
من خلال سن قوانين وتشريعات تنظم المسار العمالي والنقابي  كي  تبقي
النقابات و الاتحادات  تحت الوصايا والرقابة
والهيمنة  والقصد من ذلك هو تحجيم دور
المناضلين   وتفريغ النقابات من المحتوى  والجوهر, خصوصاً في مسألة اتخاذ القرار النقابي
المستقل  وايضا ابعاد الحركة العمالية
العربية عن التوجهات الاممية و الصراع السياسي  وتحويله لصراعات جانبية تخدم النظام العربي
المعادي لتطلعات الحركة العمالية العربية الثورية, و من اجل البقاء على المصالح
للإستعمار الجديد المتمثل في الشركات الاحتكارية  الاجنبية, وهناك من عمل على تحويل الصراع الطبقي
بين العمال و الرأسمالية الى صراع  قومي
عرقي ومذهبي طائفي  لتمزيق الوحدة العمالية
و النقابية العربية و فصلها عن الانشطة العمالية الدولية الفاعلة,  وهذه ثقافة رجعية استعمارية متبعة ليومنا هذا في
مسالة فرق تسد بين الشعوب لصالح من يقمعهم و يضطهدهم و يستغلهم.    
  


ضرورة قيام النقابات المستقلة




للتأكيد علي دور النقا بات المستقلة في الوطن العربي لقد جاء في برنامج
العمل الذي اقر في المؤتمر النقابي اليساري في البلدان العربية الاول المنعقد في
العراق الشقيق في اربيل  و ذلك من 24 الي
26 تشرين الاول عام 2013, ومن ضمن التوصيات الثمانية عشر هناك التوصيه رقم عشرة
التي كانت تؤكد وجوب العمل علي بناء نقابات عمالية ومهنية ديمقراطية في الوطن
العربي مستقله تعمل على محاربة التأثيرات العصبيه الحزبية الضيقة والنعرات القومية
والطائفيه والقبليه مع التصدي للتدخلات الحكومية.   


هنا اعتقد انه من الممكن  ان ننطلق
في هذا المسار في بعض من الدول العربية التي تتاح فيها الفرص للقوى اليسارية ان
تنشط في هذا المجال  ما دامت  لدينا  رؤية
واضحة المعالم حول الانشطة العمالية والنقا بية, لان الفضاء مع هذه الانشطة
النقابية في صفوف الجماهير الكادحة واسع و يتلائم مع طموحات المهتمين من الكوادر
النقابية اليسارية المؤمنة بهذا الخط  والذي
يحتاج الى عمل دئوب لإقناع الشغيلة وجعلها ان تستوعب هذه المرحلة الجديدة  لوجود نقابات عمالية و مهنية  مستقله  تمتلك القرار العمالي و النقابي  المستقل بعيداً عن الهيمنة للانظمة  او الشركات الاحتكارية الاجنبية. 
 
اقرأ المزيد

صعود “بريكس” يُقابَل بتصعيد أمريكي نوعي

عرضنا في
مقالين سابقين كيف انخرطت الولايات المتحدة في “ترتيبات وأعمال” متواصلة
لتشديد الضغط على الصين، على خلفية المخاوف من الصعود الكبير للصين في
منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا ومن ضمنها حوض بحر الصين الجنوبي (بحر يقع جنوب
الصين وهو جزء من المحيط الهادئ، ويشمل المنطقة من سنغافورة إلى مضيق
تايوان، وتحديداً في غرب المحيط الهادئ بين منطقة جنوب شرق آسيا وتايلند
والفلبين وبورنيو، وتبلغ مساحته 3500000 كيلومتر مربع، ما يجعله أكبر بحر
في العالم)، وحوض بحر الصين الشرقي، (بحر هامشي تبلغ مساحته 1249000
كيلومتر مربع، يقع شرق الصين ويتصل ببحر الصين الجنوبي) . . وكيف راحت تحرض
بعض بلدان المنطقة مثل اليابان وبلدان مجموعة “آسيان” على اتخاذ مواقف
مناهضة للصين بما أدى إلى خلق بؤرة توتر خطرة في منطقة جنوب شرق آسيا .
وبالتزامن مع ذلك تقريباً عرضنا (في المقال الثاني) كيف تعمل واشنطن
سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً للضغط على البرازيل وعلى رئيستها دلما
روسيف، وكيف حاولت تأليب بعض الدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية على
البرازيل بغية إرباك حركتها على صعيد علاقاتها الخارجية، قبل أن نتوقف عند
التساؤل الاستخلاصي التالي: ما الهدف الاستراتيجي الأمريكي/الأطلسي من وراء
نقل ثقل الضغوط الأمريكية ناحية الصين وروسيا والبرازيل؟
السبب، على ما
نزعم، أن هذه الدول بحد ذاتها بدأت تزيد من جرعة القلق والحنق لدى
الولايات المتحدة، بصعودها الاقتصادي اللافت وطموحاتها الاقتصادية أولاً،
وفي مرحلة تالية العسكرية، وتطلعاتها لتحقيق هذه الطموحات بتوسيع دائرة
المصالح والنفوذ خارج الحدود، بما انتهى إلى ما تعتبره واشنطن مزاحمة لها
ولهيمنتها العالمية .
وما زاد الطين بلة وفاقم منسوب القلق والسخط
الأمريكي على هذه الدول، هو نزوعها المتزايد لتأكيد استقلاليتها وزعامتها
الإقليمية عبر مبادرات جريئة، وقيامها بإنشاء هيكلية سياسية واقتصادية
تكتلية تجمعها مع الهند ضمن ما سمي تجمع “بريك” (BRIC)، وهو مختصر الحروف
الأولى باللاتينية لأسماء الدول الأعضاء فيه: البرازيل، روسيا، الهند،
والصين، قبل انضمام جنوب إفريقيا إلى التجمع في عام 2010 ليصبح مسماه
“بريكس” (BRICS) .
وقد كان لافتاً حرص الدول الأربع على تضمين إعلان
القمة الأولى للتجمع التي عقدت في عام 2009 عبارة “تأسيس نظام عالمي ثنائي
القطبية”، بما يعني العمل على وضع حد للعالم أُحادي القطبية الذي تحتكر
الهيمنة عليه الولايات المتحدة .
ومن المؤكد أن كل خطوة يخطوها هذا
التحالف السياسي/الاقتصادي الخماسي نحو المزيد من مأسسة عمله، تلاقي عدم
ارتياح مكبوتاً لدى واشنطن، فما بالك بإعلان التحالف منتصف شهر يوليو/تموز
الماضي خلال قمته التي عُقدت في البرازيل، عن إنشاء بنك جديد للتنمية
وصندوق لاحتياطيات الطوارئ برأسمال مبدئي يبلغ مئة مليار دولار من أجل
النهوض بالاستثمار في مشروعات البنية التحتية، وكذلك، وكما قالت الرئيسة
البرازيلية، من أجل “إعادة تشكيل البنيان المالي العالمي” . ثم، ومن بعد
ذلك، وتتويجاً لهذا الطموح، فقد عقد قادة مجموعة “بريكس” على هامش قمتهم،
وتحديداً يوم السادس عشر من يوليو/تموز، قمة مشتركة في العاصمة البرازيلية
مع رؤساء أمريكا الجنوبية، من بينهم رؤساء الأرجنتين وشيلي وكولومبيا
والأكوادور وفنزويلا، أملاً في إقامة بدائل لهم للنفوذ الأمريكي في المنطقة
.
في ذات السياق جال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي
جين بينغ قبل وفي أعقاب اختتام أعمال قمة “بريكس” على عدد من بلدان أمريكا
اللاتينية أبرما خلالها اتفاقيات تعاون وشراكات استراتيجية مع حكوماتها،
الأمر الذي يعني إعطاء دفعة جديدة لعلاقاتهما مع هذا الإقليم الذي كان ينظر
إليه تقليدياً باعتباره الفناء الخلفي للولايات المتحدة، وزيادة نفوذهما
فيه خصوصاً بالنسبة للصين التي يكفي أن ينظر المراقب إلى حجم تبادلها
التجاري معه والذي بلغ في العام الماضي نحو 6 .261 مليار دولار، ليدرك حجم
هذا النفوذ المتعاظم . في فنزويلا اتفق الرئيس الصيني مع الرئيس الفنزويلي
على إنشاء شراكة استراتيجية شاملة، ووقعا في الحادي والعشرين من يوليو/تموز
الماضي على اتفاقيات في مجالات الطاقة والتعدين والمال ومشاريع الإنشاء
والتعمير والزراعة والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها من القطاعات . كما زار
الرئيس الصيني كوبا، ووقع مع حكومتها اتفاقيات تعاون اقتصادي .
ولا شك
أن هذه الدينامية العملية المتجددة للأقطاب الثلاثة الرئيسيين في “بريكس”،
الصين وروسيا والبرازيل، تستثير غيرة الولايات المتحدة وخشيتها من أن تفضي
هذه التطورات النوعية في ميزان القوى الدولي إلى اهتزاز وتآكل زعامتها
العالمية التي لا تتصور طبقتها السياسية حدوث مثل هذا “الكابوس” حتى في
منامها، وهي التي ما انفك زعماؤها، بمن فيهم الرئيس الحالي أوباما، يؤكدون
المرة تلو الأخرى أن القرن الواحد والعشرين سيكون قرناً أمريكياً خالصاً
كما كان سابقه .
أما وأن هذه الطبقة قد صارت تدرك ضمنياً أن بلادهم لم
تعد في كامل “صحتها” و”لياقتها” بعد أن راحت قواها تخور شيئاً فشيئاً، فلا
بأس من استلال أسلحة أخرى غير الإنتاجية والتنافسية، من قبيل مداورة
ومراوغة القدر بوحي من ثقافتها البراغماتية، ومنها مبدأ “إذا لم تستطع
التغلب عليهم التحق بهم”، مع إدخال تعديل “طفيف” عليه ليتناسب مع قواعد
“ملاعبة” المنافسين الصاعدين الجدد، وتحديداً الصين وروسيا والبرازيل،
ليصبح “إذا لم تستطع التغلب عليهم فما عليك سوى التشويش على مسيرتهم
وعرقلتها بشتى وسائل المكر والخداع والأسلحة السرية . وهذا ما هو حاصل
بالضبط!” 
اقرأ المزيد

تفعيل الديمقراطية بشكلها الحقيقي في البحرين الطريق المعبد لعبور النفق السياسي المظلم


بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية الذي صادف
 15  سبتمبر 2014, و المرتبط  بحلم الشعوب التي تعاني من اوضاع سياسية صعبة
نتيجة لحكم  انظمة دكتاتورية. إن هذه
الشعوب تناضل وهي   تتمنى أن يحالفها الحظ و أن تعيش  في واقع سياسي 
جديد تسود فيه الممارسة الديمقراطية لما تقدمه الديمقراطية من اعطاء
الفرصة  للشعوب من اجل  التعبير عن الرأي, و من ثم تعطي الحق للشعوب  في نيل الحرية بدون خوف او قلق. و كان شعب البحرين
 سباق في النضال من اجل الديمقراطية ذلك
بعد ان نال الاستقلال الوطني بعد نضال طويل و عسير ضد وجود الأستعمار البريطاني,
الا إن خيبة الامل  قد رسمت على وجه الشعب
و القوى المعارضة  بعد ان توقف العمل
بدستور عام 1973 وضرب الحياة البرلمانية في عام 1975 و شن اجهزة الامن  الهجمة الشرسة على المعارضة التي كانت تقودها
القوى اليسارية والوطنية آنذاك بحجة وجود إنقلاب شيوعي, وما اكثر هذه الحجج كلما
انتفض الشعب البحراني من اجل التغيير, ثم كانت في تلك الفترة من فترات النضال الوطني
السرى للشعب في البحرين و بتا ريخ 12 من ديسمبر عام  1976  قد
سقط لنا شهيد جراء التعذيب الوحشي  في
السجون  وهو الرفيق المناضل  الشاعر سعيد العويناتي, و ايضا  بتا ريخ  18 من سبتمبر عام 1986  قد سقط لنا شهيد اخر  تحت التعذ يب  وهو الرفيق المناضل الدكتور هاشم العلوي.  


و مع  اغتيال الرفيقين  المناضلين وتعرض الكثيرين من المناضلين للزج في
السجون و بدون محاكمات  لمدة طويلة و
نفي  اخرين,  حينها اغتيلت الديمقراطية الوليده  في المهد على ايدي من هم لا يؤمنون بشي اسمه
الديمقراطية, ذلك خوفاً من ان شعب البحرين  يعمل على تحقيق احلام أجداده في الحرية و الانعتاق
من العبودية, حقيقة و لحد الان شعبنا يناضل و قدم تضحيات جسام و في المقدمه  المائه من الشهداء و الالوف من  المعذبين في السجون  و المحرومين من ابسط الحقوق  و المشردين على مدار عقود من الزمان,  كل ذلك في سبيل نيل الحرية والديمقراطية
الحقيقية.


في حقيقة لقد حضرت مع بعض من الرفاق من اعضاء
التقدمي ملتقى نداء الديمقراطية في 13 من سبتمبر 2014 بنادي العروبة, و ايضاً  كنت متواجداً  في الندوة التي اقيمت  في حرم المنبر الديمقراطي التقدمي بعنوان “نحو
تحولات ديمقراطية”  بتاريخ 14  سبتمبر 2014 كل ذلك بمناسبة اليوم العالمي
للديمقراطية, حيث كانتا تلك  الندوتان في
غاية من  الاهمية وقد حاضرت  فيهما 
نخب وطنية مرموقة مثل الرفيقة الدكتورة منيرة فخرو, والرفيق الدكتور حسن
مدن, و الرفيق الدكتور حسن العالي, و المحامي سامي سيادي و اخرون يهمهم الشأن
الوطني والديمقراطي و الحرية لشعب البحرين,  و قد تطرق المحاضرون  لعناوين عديدة مهمه للغاية في حضرة الديمقراطية
و ماذا تعني الديمقراطية و انواع الديمقراطية و السبل التي ممكن ان تتطور فيها
الديمقراطية, و الاوضاع التي ممكن ان تموت فيها اسس الديمقراطية و قوة الديمقراطية
في حل الكثير من العقد الاجتماعية والسياسية و المذهبية, خصوصاً في ضرورة قيام
انظمة ديمقراطية بحيث ان يصبح فيها التشريع الاقوى مع فصل السلطات التنفيذية و
التشريعية واستقلالية القضاء ليسمو بالنزاهه,  و إعطاء الحق للمعارضة  الوطنية  المشاركة في الحياة السياسية بدون قيود  بصفة ان الديمقراطية  تمثل القوى الشعبية,  و الابتعاد عن العقلية التسلطية و عدم  احتكار  السلطة في يد حزب او اسرة او قبيلة.


كل ذلك كان جميلاً جداً في المو سوعة
الديمقراطية, لكن يجب ان نطرح أسئله مثل هل نحن في البحرين نعيش  اجواء من  الديمقراطية الحقيقية و من ثم ان  الخلاف هو فقط علي تفسيرها بين المعارضة و
السلطة؟ و هل  نعيش في  ظل نظام مطاوع رشيد يتقبل التغيير الوطني  الديمقراطي و الحداثة ويعمل بشعار المواطنة؟  بمعنى تثبيت  الحكم الرشيد المبني على أسس من ممارسة العدالة
الاجتماعية و تقبل القوى السياسية  المعارضة
كي يحدث التلاقي و يستمر الحوار المثمر و الجاد, ذلك  من اجل بناء وطن ديمقراطي تعلو فيه مسألة
المواطنة وحقوق الانسان و العدالة الاجتماعية,  ومن ثم ياخذ المجتمع المدني الدور الريادي في
تطوير العملية الديمقراطية من الاسفل للأعلى تدريجيا حسب ما يقال ان الديمقراطية
تتطور مع التجارب التي تعطي للشعوب فيها 
الفرصه لتعيش في اجواء  آمنه و في
حرية كي يستطيع الشعب أن يتحرك  من خلال
هذه الحرية, و ان تناضل القوى الوطنية  من
اجل  حياة كريمة خاليه من الاستغلال و
القيود.


في
الواقع  نحن لحد الان في البحرين  لا يزال شعبنا 
يناضل  من اجل التغيير الحقيقي و في
سبيل  ان ينال  الديمقراطية الحقيقية المفقوده,  بمعنى نحن لحد الان بعيدين كل البعد عن
الديمقراطية بحيث  قد اصبح  الحديث  عن الديمقراطية فقط هو من باب الهموم و النظريات
بعيداً عن مسالة التطبيق في ظل دستور 2002 غير المتفق عليه بين المعارضة الوطنية
والنظام, و في ظل  اوضاع سياسية صعبة و
معقده  للغاية الا انه سوف  يبقي تفعيل الديمقراطية في البحرين الامل
المرهون بتغيير حقيقي  مع اعطاء الشعب
المزيد من الحقوق المشروعة ليزداد الامل في اوساط  جماهير الشعب, و في المقدمة  المناضلين الشرفاء مثلما سوف يبقي ان تفعيل  الديمقراطية الحقيقية في البحرين هو بمثابة
الجسر لعبور النفق السياسي المظلم و كي يتخلص الشعب من جذور التسلط و القهر و
الاستبداد الذي يعاني منه شعبنا منذ عقود طويلة من الزمن و لحد الآن.

اقرأ المزيد

“إسرائيل” والتكفيريون

في علاقة
الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر دول العالم تطبيقاً “لوصايا” صاحب كتاب
الأمير نيكولو مكيافيلي في طرق ممارسة السياسة بالأدوات الانتهازية
والنفعية في علاقتها بالمجموعات الإرهابية مثل قيادات ومقاتلي القاعدة
والشيشانيين، يمكن للمتابع أن يرصد مراوحتها بين مد (فترات عسل) وجزر
(فترات كمد)!


ويمكن بناء نموذج دورتها على شكل متوالية تبدأ بعملية
التخليق “العملي” المدروس، وتتطور إلى مرحلة النشوء والارتقاء في ظل
الرعاية غير المرئية وغير المعلنة بطبيعة الحال، على غرار الأبناء غير
الشرعيين نواتج العلاقات الواقعة خارج مؤسسة الزواج . . قبل أن تتصير
تنافراً وتجاذباً بين الراعي المثقل بأعباء العلاقة، والمرعي المغدور به،
فالطلاق غير البائن المفضي إلى اشتباك الضواري الوحشي .


أما فيما يتعلق
بعلاقة “إسرائيل” بالمنظمات الإرهابية العاملة على أساس نفي الآخر وتكفيره
وغزوه وسبيه، فإنها تتسم بالغموض والسرية . فقد ظل الطرفان، التكفيريون
و”إسرائيل”، منذ انتظام التكفيريين في أول إطار تنظيمي هو “القاعدة”
لممارسة الإرهاب سبيلاً لإنفاذ معتقداته، يتجنبان بعضهما بعضاً حتى على
مستوى الإشارات الإعلامية . فيندر أن تجد تصريحاً لمسؤول القاعدة الأول، بن
لادن أولاً والظواهري تالياً، وشيوخ المنابر والإفتاء الديني الموالين
للتنظيم، يتناول “إسرائيل” بالتهديد والوعيد، أو حتى الذم . ناهيك بطبيعة
الحال عن الاستهداف المادي . فالقاعدة استثنت “إسرائيل” من عملياتها
الإرهابية . 


وكذلك فعلت “إسرائيل”، فلا هي شاركت الولايات المتحدة،
راعيتها الأم، عملياتها السرية ضد القاعدة، ولا هي اعتبرتها عدواً، أو حتى
عدواً محتملاً، سواء في خطابها السياسي أو خطابها الإعلامي .


وهذا ينطبق
تماماً على علاقة “إسرائيل” بالتنظيمات التي فرختها “القاعدة” مثل “داعش”
و”النصرة” وغيرهما . بل إن “إسرائيل” لم تتردد في نسج علاقات تعاون وتنسيق
مع فرع تنظيم القاعدة في سوريا، أي جبهة النصرة، حيث حظي جرحاها برعاية
طبية وعلاجية في المستشفيات “الإسرائيلية”، فضلاً عن تلقيها إسناداً
عسكرياً، مدفعياً وعتاداً ومعلومات تمكنها من مقاتلة الجيش السوري واحتلال
مناطق محاذية للأراضي السورية التي تحتلها “إسرائيل” .


ف “إسرائيل” لا
تهمها هوية “الزبون الأجير” المستعد لخدمتها، سواء أكان مسيحياً أم شيعياً
أم سنياً أم كردياً أم درزياً . في السابق شغلت في خدمتها مجاميع من
المتعاونين من المسيحيين والشيعة في جنوب لبنان، وأنشأت لهم كياناً عسكرياً
أسمته “جيش لبنان الجنوبي” . مثلما تخادمت مع، وجندت آخرين ذوي انتماءات
عرقية ومذهبية مختلفة . وهي لذلك لا تبدو مكترثة بمذهب “النصرة” أو “داعش”
ولا بخلفيتهما الإرهابية ولا بكونهما مطلوبين للعدالة الدولية، ماداما
يخدمان المصلحة “الإسرائيلية” .


والحال أن المنظمات الإرهابية
التكفيرية و”إسرائيل” تشبهان بعضهما بعضاً، من حيث أن “إسرائيل” هي الأخرى،
كما التكفيريين، لها جذر أيديولوجي، ديني، محوره وهم “شعب الله المختار”،
ومنطلقه ترتيباً، إقصاء، وصولاً إلى إلغاء، “الأغيار”، أي الآخرين غير
اليهود .


يوري افنيري الكاتب والناشط “الإسرائيلي” الذي تقدمه “إسرائيل”
كأحد رموز “الوجه الآخر” الليبرالي للصهيونية، حذر في مقال نشره على موقع
“كاونتر بانتش” يوم 5 سبتمبر/أيلول الماضي، قادة “إسرائيل” من مغبة تساهل
اللعب مع “داعش”، معتبراً أن هذا التنظيم، بكوادره وأتباعه أخطر على
“إسرائيل” من كل الأنظمة القومية العربية التي صارعتها “إسرائيل” على مدى
ستة عقود ونيف . فتلك كانت في نهاية المطاف أنظمة علمانية ذات أهداف وحدوية
عروبية وأبنية ليبرالية وديمقراطية . أما “داعش” وأضرابه فهي تنحو منحىً
دينياً متطرفاً في خوض صراعاتها ضد الآخر . ولما كانت الصراعات الدينية غير
عقلانية بطبيعتها، فإن فرص دخول “إسرائيل” في نفق الصراعات والحروب
الدينية، يتزايد مع ازدياد سطوة تنظيم داعش وأضرابه من التنظيمات التكفيرية
.


اللافت أن يوري أفنيري تعمد الفصل في مقاله سالف الذكر بين خطورة
الأيديولوجية الدينية لتنظيم “داعش” وداعشية “إسرائيل”، سيما توجهها لإسباغ
الهوية اليهودية الخالصة على دولة “إسرائيل”، وإجبار العالم على القبول
بهذا الواقع العنصري الذي يتوج الاندفاع الهستيري للمجتمع “الإسرائيلي”
بكليته تقريباً، نحو استكمال بقية أركان دولة نظام الفصل العنصري البائد في
جنوب إفريقيا .


. . كما لعبت أمريكا بنار “القاعدة” لتكتوي بها لدن
حدوث الانعطاف في مصالح الطرفين، فإن ربيبتها “إسرائيل” هي الأخرى تلعب
بالنار، إذ تلاطف وتُلاعب وتداعب وحش القاعدة الوليد “جبهة النصرة” وربما
“داعش” من تحت الستار أو في مقبل الأيام! 
اقرأ المزيد

أين هي المصلحة العامة في تمييز العاصمة بتنظيم بلدي خاص؟

استكمالاً لقراءتنا في قرار المحكمة الدستورية، لمناقشة مدى دستورية
المادة (5) مكرر، المضافة إلى قانون البلديات، نتناول في هذا المقال
الأخير، الأسباب التي ركنت إليها المحكمة الدستورية.

جاء في حيثيات
قرار المحكمة الدستورية، بأن «مشروع المادة 5 مكرراً من قانون البلديات
المضافة بمقتضى المادة الثانية من مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون
البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم 35 لسنة 2001، فيما اقتضاه من إفراد
العاصمة بتنظيم بلدي اختصّه به، مبناه قاعدةٌ عامة مجردة تستند إلى أسس
موضوعية لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزاً من أي نوع بين المخاطبين بها،
المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها. وكان تمييزه العاصمة بتنظيم
خاص عائداً إلى مصلحة عامة بحسبان العاصمة واجهة المملكة وتضم الأغلب الأعم
من وزارات الدولة وهيئاتها العامة والسفارات والقنصليات الأجنبية، علاوة
على أن العديد من المرافق التي توفرها العاصمة غير مقتصرة على القاطنين
فيها بل تنداح لتشمل بخدماتها جميع المواطنين والمقيمين، أيّاً كانت
المناطق التي يقيمون بها في إقليم المملكة، وما يستلزمه ذلك من تدابير
وتراتيب استثنائية فإن مؤدى ذلك كله أن القواعد التي يقوم عليها هذا
التنظيم الخاص لأمانة العاصمة تغدو مرتبطة بأغراضها النهائية ارتباطاً غير
منتحَل، مؤدية إليها، مفضية لها، غير مخالفة من ثمّ للدستور”.

هل التعيين يعزّز من العاصمة واجهة للبحرين؟

إذا
كنا نتفق على صحة ما سطره قرار المحكمة الدستورية من قول «إن النص المعروض
يتمخض بالشروط التي حدّد بها نطاق ومجال تطبيقه، عن قاعدة عامة مجرّدة
لتعلقه بتنظيم وقائع غير محددة بذواتها أو انسحابه إلى أشخاص بأوصافها.
وكان مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يقوم -على ما استقر عليه قضاء
المحكمة الدستورية- على معارضة صور التمييز جميعها؛ ذلك أن بينها ما يستند
إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة 4 و18 من
الدستور، فالتمييز المنهي عنه بموجبهما هو الذي يكون تحكّمياً، ذلك أن كل
تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يُعتبر هذا
التنظيم ملبّياً لها، وتعكس هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى
المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم
سبيلاً إليها”.

غير أن الذي يتعذر علينا وعلى المواطنين في العاصمة
القبول به ما قرّرته المحكمة بهذا الشأن، بأن تمييز العاصمة بتنظيم خاص
عائدٌ إلى مصلحة عامة بحسبان العاصمة واجهة المملكة وتضم الأغلب الأعم من
وزارات الدولة وهيئاتها العامة والسفارات والقنصليات الأجنبية، وأن العديد
من المرافق التي توفرها العاصمة غير مقتصرة على القاطنين فيها بل تنداح
لتشمل بخدماتها جميع المواطنين والمقيمين”، ذلك أنه وإن كان من المستقر
بأنه لا يوجد في التشريعات ومنها القانون الإداري، تعريفٌ محدّدٌ لمصطلح
المصلحة العامة، وأن جميع النصوص التي جاءت كمصدر لفكرة المصلحة العامة
اكتفت بالنص عليها دون أن تضع تحديداً أو تعريفاً لها، غير أنه لا يمكن
اعتبار مصلحة معينة مصلحة عامة دون أن يكون لها أدنى أثر بالنسبة للأفراد
الموجودين والذين سيوجدون في المستقبل. فالمصلحة العامة حسب هذا المفهوم
ليست إلا حكماً بين مختلف المصالح الفردية.

هل حرمان ناخبي العاصمة مصلحة عامة؟

وفي
إطار هذا الفهم للمصلحة العامة، نتساءل: أين هي المصلحة العامة في حرمان
40 ألف ناخب في 30 منطقة من مناطق العاصمة من انتخاب من يمثلهم في المجلس
البلدي؟ هل المصلحة العامة التي اقتضت تخصيص أمانة عامة بالتعيين للعاصمة،
كما جاء في حيثيات قرار المحكمة الدستورية تتمثل في أن العاصمة واجهة
المملكة ولأنها تضم الأغلب الأعم من وزارات الدولة وهيئاتها العامة
والسفارات والقنصليات الأجنبية، ولأن العديد من المرافق التي توفرها
العاصمة غير مقتصرة على القاطنين بل تشمل بخدماتها جميع المواطنين
والمقيمين؟

إن العاصمة حتى تكون واجهةً في داخل المملكة وخارجها،
يتعين أن يكون مجلسها البلدي ديمقراطياً منتخباً انتخاباً حراً مباشراً،
يمارس نشاطه ومسئولياته في إطار القانون تحت رقابة وتوجيه الدولة، بل إن في
قيام المجلس البلدي بممارسة اختصاصاته التي نص عليها قانون البلديات تجاه
وزارات الدولة وهيئاتها العامة والسفارات والقنصليات الأجنبية والمقيمين،
إنما يعزّز ويساهم من كون العاصمة هي واجهة البحرين ولا ينتقص منها. وعلى
افتراض صحة ما توصلت إليه المحكمة الدستورية بشأن المصلحة العامة، يحقّ لنا
أن نتساءل: ألم يكن من الأجدر بالمشرّع العادي في ظل صحة هذا الافتراض، أن
يضع نصاً في القانون يستثني فيه وزارات الدولة وهيئاتها العامة والسفارات
والقنصليات الأجنبية من خضوع ما يقدّم لها من خدمات بلدية للمجلس البلدي،
ويلحق خضوعها بالجهاز التنفيذي، بدلاً من حرمان مواطني العاصمة من حقهم في
انتخاب مجلسهم البلدي؟!

غير أن الحقيقة تبقى واضحةً من الهدف المعلن
من مقدّمي الاقتراح بتعديل القانون، ليس هو المصلحة العامة بل هو كما زعموا
أن «العاصمة يجب أن تكون بمنآى عن أجندات الجمعيات السياسية، وخصوصاً أن
التجربة أثبتت أن بعض المجالس البلدية انحرفت عن مسارها الطبيعي الذي أنشئت
من أجله وهو تقديم الخدمات العامة للمواطنين، وأصبحت للأسف الشديد تعمل في
السياسة”!

فهذا الزعم فضلاً عن أنه لا دليل ولا حجة عليه، فإنه
يعتدي على حقّ حل المجلس المنصوص في قانون البلديات بموجب المادة (18) التي
نصّت على أنه «يجوز حل المجلس البلدي بمرسوم قبل انتهاء مدة ولايته إذا
ارتكب مخالفات جسيمة متكررة أدت إلى إلحاق الضرر بمصالح البلدية، على أن
يتم إجراء الانتخابات للمجلس البلدي الجديد خلال أربعة أشهر من تاريخ صدور
ذلك المرسوم. ويعين المرسوم الصادر بحل المجلس لجنة تتولى اختصاصات المجلس
حتى يتم تشكيل المجلس البلدي الجديد”.

وعلى الرغم من أن هذا النص
المتعلق بحل المجلس يتعارض مع ما هو مقرّر بأن المجلس البلدي يتم انتخابه
شعبياً ولا يجب حله بمرسوم، فضلاً عن أنه لا يتضمن حق المجلس في التظلم من
الحل، واشتمل على مدة طويلة لانتخاب مجلس جديد، لكنه بنصه الحالي وضع
طريقاً لحل المجلس البلدي إذا تجاوز صلاحياته وارتكب مخالفات جسيمة متكررة،
دون حاجة إلى إلغاء المجلس البلدي وتعيين أمانه عامة مكانه. وبهذا المعنى
فإن هذا الإلغاء لا يتجاوز ويعتدي على أحكام الدستور فحسب بل على قانون
البلديات أيضاً.

اقرأ المزيد

أين هي المصلحة العامة في تمييز العاصمة بتنظيم بلدي خاص؟

استكمالاً لقراءتنا في قرار المحكمة الدستورية، لمناقشة مدى دستورية
المادة (5) مكرر، المضافة إلى قانون البلديات، نتناول في هذا المقال
الأخير، الأسباب التي ركنت إليها المحكمة الدستورية.

جاء في حيثيات
قرار المحكمة الدستورية، بأن «مشروع المادة 5 مكرراً من قانون البلديات
المضافة بمقتضى المادة الثانية من مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون
البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم 35 لسنة 2001، فيما اقتضاه من إفراد
العاصمة بتنظيم بلدي اختصّه به، مبناه قاعدةٌ عامة مجردة تستند إلى أسس
موضوعية لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزاً من أي نوع بين المخاطبين بها،
المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها. وكان تمييزه العاصمة بتنظيم
خاص عائداً إلى مصلحة عامة بحسبان العاصمة واجهة المملكة وتضم الأغلب الأعم
من وزارات الدولة وهيئاتها العامة والسفارات والقنصليات الأجنبية، علاوة
على أن العديد من المرافق التي توفرها العاصمة غير مقتصرة على القاطنين
فيها بل تنداح لتشمل بخدماتها جميع المواطنين والمقيمين، أيّاً كانت
المناطق التي يقيمون بها في إقليم المملكة، وما يستلزمه ذلك من تدابير
وتراتيب استثنائية فإن مؤدى ذلك كله أن القواعد التي يقوم عليها هذا
التنظيم الخاص لأمانة العاصمة تغدو مرتبطة بأغراضها النهائية ارتباطاً غير
منتحَل، مؤدية إليها، مفضية لها، غير مخالفة من ثمّ للدستور”.

هل التعيين يعزّز من العاصمة واجهة للبحرين؟

إذا
كنا نتفق على صحة ما سطره قرار المحكمة الدستورية من قول «إن النص المعروض
يتمخض بالشروط التي حدّد بها نطاق ومجال تطبيقه، عن قاعدة عامة مجرّدة
لتعلقه بتنظيم وقائع غير محددة بذواتها أو انسحابه إلى أشخاص بأوصافها.
وكان مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يقوم -على ما استقر عليه قضاء
المحكمة الدستورية- على معارضة صور التمييز جميعها؛ ذلك أن بينها ما يستند
إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة 4 و18 من
الدستور، فالتمييز المنهي عنه بموجبهما هو الذي يكون تحكّمياً، ذلك أن كل
تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يُعتبر هذا
التنظيم ملبّياً لها، وتعكس هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التي يسعى
المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم
سبيلاً إليها”.

غير أن الذي يتعذر علينا وعلى المواطنين في العاصمة
القبول به ما قرّرته المحكمة بهذا الشأن، بأن تمييز العاصمة بتنظيم خاص
عائدٌ إلى مصلحة عامة بحسبان العاصمة واجهة المملكة وتضم الأغلب الأعم من
وزارات الدولة وهيئاتها العامة والسفارات والقنصليات الأجنبية، وأن العديد
من المرافق التي توفرها العاصمة غير مقتصرة على القاطنين فيها بل تنداح
لتشمل بخدماتها جميع المواطنين والمقيمين”، ذلك أنه وإن كان من المستقر
بأنه لا يوجد في التشريعات ومنها القانون الإداري، تعريفٌ محدّدٌ لمصطلح
المصلحة العامة، وأن جميع النصوص التي جاءت كمصدر لفكرة المصلحة العامة
اكتفت بالنص عليها دون أن تضع تحديداً أو تعريفاً لها، غير أنه لا يمكن
اعتبار مصلحة معينة مصلحة عامة دون أن يكون لها أدنى أثر بالنسبة للأفراد
الموجودين والذين سيوجدون في المستقبل. فالمصلحة العامة حسب هذا المفهوم
ليست إلا حكماً بين مختلف المصالح الفردية.

هل حرمان ناخبي العاصمة مصلحة عامة؟

وفي
إطار هذا الفهم للمصلحة العامة، نتساءل: أين هي المصلحة العامة في حرمان
40 ألف ناخب في 30 منطقة من مناطق العاصمة من انتخاب من يمثلهم في المجلس
البلدي؟ هل المصلحة العامة التي اقتضت تخصيص أمانة عامة بالتعيين للعاصمة،
كما جاء في حيثيات قرار المحكمة الدستورية تتمثل في أن العاصمة واجهة
المملكة ولأنها تضم الأغلب الأعم من وزارات الدولة وهيئاتها العامة
والسفارات والقنصليات الأجنبية، ولأن العديد من المرافق التي توفرها
العاصمة غير مقتصرة على القاطنين بل تشمل بخدماتها جميع المواطنين
والمقيمين؟

إن العاصمة حتى تكون واجهةً في داخل المملكة وخارجها،
يتعين أن يكون مجلسها البلدي ديمقراطياً منتخباً انتخاباً حراً مباشراً،
يمارس نشاطه ومسئولياته في إطار القانون تحت رقابة وتوجيه الدولة، بل إن في
قيام المجلس البلدي بممارسة اختصاصاته التي نص عليها قانون البلديات تجاه
وزارات الدولة وهيئاتها العامة والسفارات والقنصليات الأجنبية والمقيمين،
إنما يعزّز ويساهم من كون العاصمة هي واجهة البحرين ولا ينتقص منها. وعلى
افتراض صحة ما توصلت إليه المحكمة الدستورية بشأن المصلحة العامة، يحقّ لنا
أن نتساءل: ألم يكن من الأجدر بالمشرّع العادي في ظل صحة هذا الافتراض، أن
يضع نصاً في القانون يستثني فيه وزارات الدولة وهيئاتها العامة والسفارات
والقنصليات الأجنبية من خضوع ما يقدّم لها من خدمات بلدية للمجلس البلدي،
ويلحق خضوعها بالجهاز التنفيذي، بدلاً من حرمان مواطني العاصمة من حقهم في
انتخاب مجلسهم البلدي؟!

غير أن الحقيقة تبقى واضحةً من الهدف المعلن
من مقدّمي الاقتراح بتعديل القانون، ليس هو المصلحة العامة بل هو كما زعموا
أن «العاصمة يجب أن تكون بمنآى عن أجندات الجمعيات السياسية، وخصوصاً أن
التجربة أثبتت أن بعض المجالس البلدية انحرفت عن مسارها الطبيعي الذي أنشئت
من أجله وهو تقديم الخدمات العامة للمواطنين، وأصبحت للأسف الشديد تعمل في
السياسة”!

فهذا الزعم فضلاً عن أنه لا دليل ولا حجة عليه، فإنه
يعتدي على حقّ حل المجلس المنصوص في قانون البلديات بموجب المادة (18) التي
نصّت على أنه «يجوز حل المجلس البلدي بمرسوم قبل انتهاء مدة ولايته إذا
ارتكب مخالفات جسيمة متكررة أدت إلى إلحاق الضرر بمصالح البلدية، على أن
يتم إجراء الانتخابات للمجلس البلدي الجديد خلال أربعة أشهر من تاريخ صدور
ذلك المرسوم. ويعين المرسوم الصادر بحل المجلس لجنة تتولى اختصاصات المجلس
حتى يتم تشكيل المجلس البلدي الجديد”.

وعلى الرغم من أن هذا النص
المتعلق بحل المجلس يتعارض مع ما هو مقرّر بأن المجلس البلدي يتم انتخابه
شعبياً ولا يجب حله بمرسوم، فضلاً عن أنه لا يتضمن حق المجلس في التظلم من
الحل، واشتمل على مدة طويلة لانتخاب مجلس جديد، لكنه بنصه الحالي وضع
طريقاً لحل المجلس البلدي إذا تجاوز صلاحياته وارتكب مخالفات جسيمة متكررة،
دون حاجة إلى إلغاء المجلس البلدي وتعيين أمانه عامة مكانه. وبهذا المعنى
فإن هذا الإلغاء لا يتجاوز ويعتدي على أحكام الدستور فحسب بل على قانون
البلديات أيضاً.

اقرأ المزيد

المادة (1 البند هـ) من الدستور ومفهوم المشاركة في الشئون العامة

نواصل ما بدأناه في مقالنا السابق من عرض الأسباب التي ركنت إليها
المحكمة الدستورية في قرارها على نص المادة (1 /هـ) من الدستور الذي قضى
بأن «للمواطنين، رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع
بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشيح، وذلك وفقاً لهذا
الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون. ولا يجوز أن يحرم أحد
المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح إلا وفقاً للقانون». فاستظهرت إرادة
المشرع الدستوري على نحو مغاير لما قصده وعناه فقررت أن هذا النص جعل من
الاستفتاء وانتخابات مجلس النواب مناطاً لهذا الحق وناطقاً، بدلالة كما
تقول المحكمة مقتضى نص المادة 43 من الدستور التي نصت على «للملك أن يستفتي
الشعب في القوانين والقضايا الهامة التي تتصل بمصالح البلاد، ويعتبر موضوع
الاستفتاء موافَقاً عليه إذا أقرته أغلبية من أدلوا بأصواتهم، وتكون نتيجة
الاستفتاء ملزمة ونافذة من تاريخ إعلانها، وتنشر في الجريدة الرسمية»، ونص
المادة (56) التي نصت على «يتألف مجلس النواب من أربعين عضواً يُنتخبون
بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقاً للأحكام التي يبينها القانون».
وصولاً إلى القول بأن قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر بمرسوم بقانون
14 لسنة 2002 قد ورد مقتصراً على التنظيم التشريعي لانتخابات مجلس النواب،
وخلا من ثمة إشارة إلى الانتخابات البلدية، إذ نص في مادته الأولى على ما
يلي: «يتمتع المواطنون رجالاً ونساء بممارسة الحقوق السياسية الآتية: إبداء
الرأي في كل استفتاء طبقاً لأحكام الدستور، انتخاب أعضاء مجلس النواب،
ويباشر المواطنون الحقوق سالفة الذكر بأنفسهم وذلك على النحو وبالشروط
المبنية بالقانون». واعتبرت أن مؤدى ما سلف أن الدستور قد عهد إلى المشرع
تحديد أداة تشكيل هيئات الإدارة البلدية في سياق ما يستقل بتقديره من
اعتبارات تستهدف المصلحة العامة.

قرار المحكمة تجاهل مفهوم المشاركة بالشئون العامة

ورأينا
فيما سلف يتلخص في أنه لا صحة على الإطلاق أن نص المادة (1/هـ) من الدستور
سالف الإشارة إليها جعلت من الاستفتاء وانتخابات مجلس النواب مناطاً لهذا
الحق وناطقاً، فهذا النص قد نصّ بوضوح على أنه «للمواطنين، رجالاً ونساءً،
حق المشاركة في الشئون العامة…»، ومفهوم إدارة الشئون العامة مفهومٌ
واسعٌ لا يقتصر على التمتع بالحقوق السياسية بل يشمل شتى أوجه الإدارة
العامة، كما يخص تحديد وتنفيذ السياسة العامة التي ستتبع على الأصعدة
الدولية والوطنية والإقليمية والمحلية. ومشاركة المواطنين في إدارة الشئون
العامة بصفة مباشرة، لا يقتصر على اختيار دستورهم أو تعديله، أو البت في
مسائل عامة عن طريق الاستفتاءات الشعبية أو انتخاب المجالس التشريعية بل
يشمل حق المواطنين في أن يشاركوا مباشرة بانضمامهم إلى المجالس الشعبية
المخولة بسلطة اتخاذ القرارات في المسائل المحلية أو في شئون جماعة معينة،
وبانتسابهم إلى هيئات تنشأ بالتشاور مع الحكومة لتمثيل المواطنين.

ويجب،
حين يقر الدستور بحق المواطنين في المشاركة في الشئون العامة، ألا يميز
القانون حين ينظم هذا الحق بين المواطنين، وألا تفرض عليهم قيود غير
معقولة، فهذه المشاركة وضرورتها لا تقتصر على مواطن محدد، إذ هي حق للجميع
وواجب على الجميع. وعلى هذا الأساس فإن إرادة المشرع في المادة الأولي
البند (أ) من الدستور لم تنصرف إلى حصر الحق في الانتخاب والترشيح في مجلس
النواب أو في الاستفتاء كما ذهبت المحكمة الدستورية في قرارها، بل انصرفت
أيضاً إلى حق المواطنين في أن يشاركوا مباشرة بانضمامهم إلى المجالس
الشعبية المخولة بسلطة اتخاذ القرارات في المسائل المحلية. ولا ينال من ذلك
ما استندت عليه المحكمة الدستورية من قول بأن قانون مباشرة الحقوق
السياسية الصادر بمرسوم بقانون 14 لسنة 2002 قد ورد مقتصراً على التنظيم
التشريعي لانتخابات مجلس النواب، وخلى من ثمة إشارة إلى الانتخابات
البلدية، ذلك أن قانون مباشرة الحقوق السياسية يظل قانوناً شأنه شأن أي
قانون آخر قابلاً للعوار، والطعن عليه بعدم الدستورية، وعدم النص في هذا
القانون على الانتخابات البلدية لا يعني إطلاقاً أن المشرع الدستوري حرم
المواطنين من اختيار ممثليهم في المجالس البلدية في إطار مفهوم المشاركة في
الشئون العامة، بدليل أن المشرع العادي قد نظم هذا الحق بموجب المرسوم
بقانون رقم (3) لسنة 2002 بشأن نظام انتخاب أعضاء المجالس البلدية، فنصّ في
مادته الثانية على أنه يتمتع بحق انتخاب أعضاء المجالس البلدية المواطنون
البحرينيون -رجالاً ونساءً- إذا توافرت في كل منهم الشروط التي حددتها هذه
المادة.

التعديل يخالف مبدأ عمومية الانتخاب والترشيح

إن مبدأ
حق الانتخاب والترشيح، بمعنى فتح باب الانتخاب والترشيح على أساس من
المساواة أمام كل المواطنين، يعد من أهم المبادئ الدستورية التي كفلها
الدستور، وإرساؤها ووضعها موضع التطبيق ليس في الانتخابات النيابية فحسب بل
والانتخابات البلدية أيضاً. وطبقاً لنص المادة (1/هـ) وفي إطار ما نصت
عليه من حق المشاركة بالشئون العامة، غير أنه لا يجب أن يفهم من هذا النص
الدستوري حين ترك تنظيم حق الترشيح والانتخاب للقانون بوضع شروط أو قيود
معينة عليه، أو حين قرر عدم جواز حرمان أحد المواطنين من حق الانتخاب أو
الترشيح إلا وفقاً للقانون، أن يحرم هذا القانون كل المواطنين في محافظة
العاصمة من ممارسة حقهم الدستوري في الترشيح والانتخاب للمجلس البلدي؛ أو
أن يتم تنظيم هذا الحق بصورة تنال من جوهره وتعتدي عليه.

وبالقطع
واليقين، إن إرادة المشرع هنا قد انصرفت إلى أن حق أو حرية الترشيح
والانتخاب ليست مطلقة، وترك للقانون أن يضع من الضوابط والشروط الشكلية
والموضوعية لممارسة هذا الحق بحيث لا تتنافى مع مبادئ المساواة
والديمقراطية، وانطلاقاً من أهمية هذا الحق، فقد أخذ المشرِّع الدستوري
بمبدأ عمومية الانتخاب والترشيح، على أساسٍ من المساواة أمام كل المواطنين،
إلا أن بعض الاعتبارات القانونية والسياسية والاجتماعية تتطلب تحديد بعض
الشروط الموضوعية والشكلية التي لا تتنافى مع مبادئ المساواة والديمقراطية،
والتي لا تتناقض مع عمومية هذا الحق.

وقد وضع المشرع العادي بموجب
المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 2002 بشأن نظام انتخاب أعضاء المجالس البلدية
مثل هذه الشروط والضوابط لممارسة حق انتخاب أعضاء المجالس البلدية، دون أن
يعني ذلك حرمان سكان محافظة بأكملها من اختيار من يمثلهم في هذه المجالس.
(يتبع).

اقرأ المزيد

قراءة في قرار المحكمة الدستورية: ما مدى دستورية المادة (5) مكرر المضافة لقانون البلديات؟

بتاريخ 9 يوليو 2014 أصدرت المحكمة الدستورية قراراً قضى بمطابقة المادة
(5) مكرر من قانون البلديات المضافة بمقتضى المادة الثانية من مشروع قانون
بتعديل بعض أحكام قانون البلديات، الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة
2001 للدستور، فيما عدا عبارة «لا يعفى أمين العاصمة أو نائبه أو أي من
أعضاء مجلس الأمانة من منصبه إلا بمرسوم» الواردة بالبند (2) منها.

وقد
صدر هذا القانون بناء على قرار المحكمة الدستورية فنص على إضافة المادة
(5) مكرر قضت في البند (1) منها على أنه «يشكل مجلس أمانة العاصمة من عدد
لا يقل عن عشرة أعضاء يتم تعيينهم بمرسوم ملكي بمن فيهم الرئيس ونائب
الرئيس من بين الأعضاء المنتخبين بمؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة
بالعمل البلدي ومن ذوي الخبرة والاختصاص من القاطنين في محافظة العاصمة
للمدة ذاتها المقررة للمجالس البلدية الأخرى، ويجوز إعادة تعيين من انتهت
مدة عضويته، ويشترط في أعضاء المجلس شروط أعضاء المجلس البلدي ذاتها».

وإذا
كنا نحترم القرار الصادر من المحكمة الدستورية القاضي بدستورية هذه
المادة، فإن ذلك يعطينا الحق في إطار حرية الرأي والتعبير المكفولة
دستورياً، أن نبدي رأينا من الناحية الدستورية والقانونية في الأسباب التي
ركنت إليها هذه المحكمة في إصدار هذا القرار وفيما استندت عليه من مواد
دستورية، أبرزها المواد (50 / البند أ) و(1/ البند هـ) و(43)، والمادة
الأولى من قانون مباشرة الحقوق السياسية، ونشير إلى رأينا فيما توصلت إليه
المحكمة في محاور أو حلقات ثلاث كما يلي:

المادة (50/ البند أ) من الدستور واستقلال هيئات الإدارة البلدية.

أوضحت
المحكمة الدستورية في حيثيات قرارها أنها استظهرت إرادة ومقاصد المشرع
الدستوري في المادة (50 البند أ) التي نصت أن «ينظم القانون المؤسسات
العامة وهيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة
ورقابتها، وبما يكفل لهيئات الإدارة البلدية إدارة المرافق ذات الطابع
المحلي التي تدخل في نطاقها والرقابة عليها»، ومن المذكرة التفسيرية
للدستور التي لم تورد في ثناياها تفسيراً للمادة 50 من الدستور من حيث أداة
تشكيل هيئات الإدارة البلدية بالانتخاب أم بغيره، وصولاً إلى نتيجة مفادها
أن الدستور لم يميّز من حيث أداة التشكيل بين هيئات اللامركزية الإقليمية
وهيئات اللامركزية المرفقية، إذ جعل من هيئات الإدارة البلدية صنواً
للمؤسسات العامة بهذا الشأن قارناً بينهما في متن المادة 50 منه، محيلاً
بشأن تنظيمها إلى القانون. ولم يغل الدستور من ثم يد المشرع عن المفاضلة
بين البدائل في شأن أداة تشكيلها، إذ لم يوجب في ذلك كله أن يكون الانتخاب
قوامه حصراً، والتمثيل الشعبي أساسها حكماً، مقتفياً المسلك ذاته الذي
اعتمده دستور سنة 1973. وهي شرعةٌ مؤداها أن هيئات الإدارة البلدية تتمخض
شكلاً من أشكال اللامركزية الإدارية، شأنها في ذلك -من حيث كونها هيئات
إدارة بصريح عبارة الدستور- شأن المؤسسات العامة. يظاهر ذلك كله ويسانده
إيراد الدستور للمادة 50 منه آنفة البيان ضمن أحكام الفصل الثاني منه
الموسوم بـ «السلطة التنفيذية. مجلس الوزراء – الوزراء».

التعيين أهدر قيمة الاستقلال

على
الرغم من صحة ما توصلت إليه المحكمة الدستورية من حيث أن الدستور في
المادة (50 البند أ) لم يحدد أداة تشكيل هيئات الإدارة البلدية بالانتخاب
أو بالتعيين، ولم تورد المذكرة التفسيرية للدستور تفسيراً لذلك، غير أن نص
المادة سالفة الذكر قد نصت بوضوح على ضرورة وأهمية استقلال هيئات الإدارة
البلدية، وأن هذا الاستقلال لا يتحقق في الواقع إلا إذا تم اختيار أعضاء
هذه الهيئات بطريق الانتخاب، والقول بغير ذلك يسقط عن هذه الهيئات صفته
اللامركزية من أساسها، إذ لا يمكن اعتبار المجالس البلدية مستقلةً إلا إذا
تشكلت بواسطة هيئة الناخبين في المحافظة، وأن الأخذ بطريقة التعيين لابد أن
ينتهي إلى إهدار كل قيمة جدية لهذا الاستقلال، وذلك بحكم ارتباط هؤلاء
الأعضاء المعينين في علاقة تبعية بالسلطة المركزية التي عيّنتهم، وهو ما
يؤدي في الأعم الأغلب إلى قيام الأعضاء المعينين لتسيير شئون البلدية
بالشكل الذي يرضي السلطة المركزية.

وترتيباً على ذلك فأنه على رغم أن
القانون بتعديل بعض أحكام قانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35)
لسنة 2001 قد نص في المادة (4): بند (أ): على أن مجلس الأمانة يمارس ذات
سلطة المجالس البلدية المنتخبة وهي سلطة إصدار اللوائح والقرارات والأوامر
ومراقبة كل ذلك في حدود اختصاصات كل منها». فإن تعيين أمانة عامة للعاصمة
بدلاً من المجلس البلدي مهما كان شكله، سينال بالضرورة مما نص عليه الدستور
في المادة (50 /أ) من ضمانة الاستقلال، ذلك أن الانتخاب يمثل عنصراً
أساسياً في هذا الخصوص باعتباره أسلوباً ديمقراطياً في تكوين المجالس
البلدية.

المحكمة جزأت ضمانة الاستقلال

وعلى هذا الأساس فإن
المحكمة الدستورية حين استظهرت إرادة المشروع الدستوري في المادة (50 /أ)
فقررت دستورية المادة (5) مكرر من قانون البلديات المضافة بمقتضى المادة
الثانية من مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون البلديات، والتي تقضي
بتعيين أمانة عامة للعاصمة دون النظر إلى ضمانة الاستقلال المقررة دستورياً
في المادة الدستورية سالفة البيان، لكنها في ذات الوقت قررت دون عوار
استناداً على ذات ضمانة الاستقلال عدم دستورية ما نص عليه البند الثاني من
المادة (5) مكرر المعروضة على المحكمة الذي قضى بأنه «لا يعفى أمين العاصمة
أو نائبه أو أي من أعضاء مجلس الأمانة من منصبه إلا بمرسوم»، فاعتبرت
المحكمة هذه العبارة بأنها تؤدي إلى إطلاق يد السلطة التنفيذية -دون عاصم-
في إعفاء أعضاء مجلس الأمانة، وتخل بضمانة الاستقلال المقرّرة دستورياً
لأعضاء هيئات الإدارة البلدية، وتخالف المادة (50) من الدستور. تكون قد
جزأت ضمانة الاستقلال التي كفلها الدستور لهيئات الإدارة البلدية واستظهرت
إرادة المشرّع الدستوري على نحو يخالف ما قصده وابتغاه من ضمانة الاستقلال.

التعديل نال من استقلال الهيئات البلدية

وإذا
كان العمل البلدي يحظى بقدر كبير من الاهتمام في أوساط الناس باعتباره
يتعلق بخدماتهم الضرورية، فالبلديات وإن كانت لا تتمتع باختصاص تشريعي، غير
أنها تمارس اختصاصات خدمية واسعة وكبيرة لصيقة بالمواطنين.

وإذا كان
المشرّع الدستوري قد أولى أهمية بالغة بهيئات الإدارة البلدية ونصّ على أن
القانون ينظّم هذه الهيئات ومنها المجالس البلدية بما يكفل لها الاستقلال
في ظل رقابة وتوجيه الدولة حسب نص المادة (50 البند أ)، وهو استقلال نسبي،
نسبي بمعنى أن هيئات البلدية تظل خاضعةً لرقابة وتوجيه الدولة بنص الدستور،
غير أن هذه النسبية لا تعني على الإطلاق أن تكون وصاية الدولة على العمل
البلدي وصاية صارمة، بحيث يتم إلغاء حق الانتخاب والترشيح للمجالس
البلدية، ويحرم المواطنون في محافظة العاصمة من هذا الحق على النحو الذي
نصّ عليه التعديل، ذلك أن تعيين أمانة عامة مهما كانت أداة هذا التعيين
ينال من الاستقلالية التي نص عليها الدستور في المادة المذكورة، ولا ينال
من رأينا هذا ما توصلت إليه المحكمة الدستورية تدعيماً ومساندةً لإقرارها
هو (إيراد الدستور للمادة 50 ضمن أحكام الفصل الثاني منه الموسوم بـ
«السلطة التنفيذية. مجلس الوزراء – الوزراء»)، ذلك أن المشرع الدستوري لم
يكن يقصد من إيراد نص المادة المذكور ضمن الفصل المشار إليه تبعية هيئات
البلدية المركزية للسلطة التنفيذية بحيث يحق لها تعيين أعضائها، بل أكّد
على استقلالها في ظل رقابة وتوجيه الدولة، ولعل هذه الرقابة هو ما جعل
المشرّع الدستوري أن يرد نص المادة 50 ضمن الفصل المتعلق بالسلطة
التنفيذية. (يتبع).

اقرأ المزيد