المنشور

السؤال البرلماني بين الحق الدستوري وقيود اللائحة الداخلية

ينصّ دســتور مملكــة البحريــن في المادة (91) على أن “لكل عضو من أعضاء مجلس الشورى أو مجلس النواب أنْ يوجِّه إلى الوزراء أسئلة مكتوبة لاستيضاح الأمور الدَّاخلة في اختصاصاتهم. وللسائل من أعضاء مجلس النواب وحده حقُّ التعقيب مرة واحدة على الإجابة، فإنْ أضاف الوزير جديداً تجَدَّد حقُّ العضو في التعقيب. ولا تكون الإجابة على أسئلة أعضاء مجلس الشورى إلا مكتوبة.
والسؤال هو أحد الأدوات الرقابية التي تكفل لعضو السلطة التشريعية القيام بمهامه في ممارسة دوره الرقـابي علـى أداء السـلطة التنفيذيـة، وذلك عن طريق: التزوّد بالمعلومــات والإحصائيات والاطلاع على الأسباب والإجراءات التي اتخذتها مختلف الاجهزة التنفيذية، كما تُمكن النائب من مراقبة أداء السلطة التنفيذية في تنفيذ الدستور وتطبيق القوانين. وقد تساهم في التقدم باقتراحات لتعديلات تشريعية في القوانين لمواكبة التحديات والتطورات التي تتطلبها مسيرة العمل العام في البلد.

وقد نظّمت اللائحة الداخلية لمجلس النواب آلية استخدام هذا الحق وشروطه وهو ما نصت عليه المواد ما بين (133 الى 143) في الفرع الثاني من اللائحة، والتي تضمنت العديد من الشروط، ومنها ما يمكن اعتباره مقيداً لصلاحيات النواب.

والجدير بالذكر أن بعض هذه القيود كانت في أصل القانون، أي منذ صدوره بمرسوم عام 2002 في المادة (143)، وبعضها صدر في تعديلات بمراسيم وافق عليها مجلس النواب بالمرسوم بقانون رقم 49 لسنة 2018 والذي جاء ليضيف قيوداً على صلاحيات النواب.

أولاً: ما نصت عليه المادة (143) (يسقط السؤال بزوال صفة مقدمه، أو من وجه إليه، أو بانتهاء دور الانعقاد الذى قدم السؤال خلال ).

لقد نتج عما نصّت عليه المادة (143) في الفقرة الأخيرة، بسقوط السؤال بانتهاء دور الانعقاد المقدم فيه السؤال، سقوط عدد كبير من أسئلة النواب في الأدوار والفصول التشريعية المتعاقبة، وصلت نسبته في الفصول الأربعة السابقة إلى ما يفوق 40% من مجموع الأسئلة المقدّمة، وذلك إما بسبب انتهاء الدور وعدم الاجابة عليه، وذلك بنسبة 12.5 % من مجموع الاسئلة المقدمة، أو أنه تمت الإجابة عليها إلا أنها لم تعرض في الجلسة، وهي بنسبة 30%، مما أدى إلى الانتقاص من حقّ النواب في استخدام حقهم في التعقيب على الوزير المختص بما قد يضيف أو يسلط الضوء على نقص في الإجابة أو عدم تطابقها مع ما لدى النائب من معلومات أو حقائق وهو ما تثبته الاحصائية عن الفصول التشريعية الأربعة السابقة.
احصائية لوضعية الأسئلة البرلمانية المقدمة من أعضاء مجلس النواب منذ الفصل التشريعي الأول حتى نهاية الفصل الرابع

وضعية الأسئلة البرلمانية ف1 ف2 ف3 ف4 مجموع الفصول النسبة المئوية النسبة المئوية 2
تمّ الرد ونظر في الجلسة 246 220 278 252 996 45.5 49.5
اكتفاء النائب بالرد 0 7 18 23 48 2.2
اجابة الوزير شفاهة 4 12 14 9 39 1.8
تمّ الرد ولم ينظر في الجلسة 98 289 96 154 637 29.1 50.5
تمّ الرد بعد انقضاء الدور 0 4 2 0 6 0.3
عدم اختصاص 6 16 23 19 64 2.9
لم يحن موعد الانتهاء 0 0 0 14 14 0.6
انتهت الفترة ولم يتم الرد 0 0 0 9 9 0.4
ارجاع السؤال لتحديد الموضوع 0 2 6 4 12 0.5
ارجاع السؤال لوجود الموضوع في لجنة 1 1 1 0 3 0.1
تمّ الرد بوجود مخالفة قانونية 1 1 0 0 2 0.1
سقط بانتهاء الدور 31 120 43 80 274 12.5
عالق 0 0 0 3 3 0.1
سقط بالتعديل الوزاري 12 0 35 0 47 2.1
سحب 0 13 3 6 22 1
سقط بزوال صفة مقدمة 0 0 14 0 14 0.6
مجموع الأسئلة 399 685 533 573 2190

هذا بالإضافة إلى أنها تعطي الوزراء إمكانية التخلص من عدد كبير من هذه الأسئلة، خاصة تلك الأسئلة التي يتم توجيهها في الأشهر التي تسبق رفع الدور التشريعي، وبذلك ينتقص من عدد الاسئلة المقدمة من النواب، رغم أن هذه الأسئلة تتعلق بالصالح العام، وهذا لا نجد له مبرراً.
فالمعمول به في معظم البرلمانات في العالم هو بقاء الأسئلة التي لم تتم الإجابه عنها إلى دور الانعقاد التالي، وهو كذلك متبع في دول شقيقة، كمجلس الأمة الكويتي، والمجلس الوطني الاتحادي الإماراتي على سبيل المثال. هذا بالإضافة إلى البرلمانات المتقدمة في الممارسات الديمقراطية
ثانياً: ما نص عليه التعديل في المادة (134): والذي أقره مجلس النواب في جلسته رقم 22 في الدور الأول من الفصل التشريعي الخامس والمنعقدة بتاريخ 14 مايو 2019، حيث أضاف شروطاً جديدةً للشروط الواجب توفرها في السؤال، وبما يمثل قيوداً على السؤال البرلماني وتضيقاً على إمكانية استخدامه كأداة رقابة، حيث حصر موضوع السؤال بوقت تحديد الواقعة في الفصل التشريعي الحالي دون سابقه، حتى وإن كان من يتولى المسؤولية الوزير نفسه ما لم يكن موضوع السؤال مستمراً خلال الفصل التشريعي الحالي، وكذلك حصر تقدير صلاحية السؤال بهيئة المكتب، وبذلك يتم تفويت إمكانية احتكام العضو للمجلس ككل، وتغليب دور هيئة المكتب على الجلسة العامة في هذا الجانب.