المنشور

في ذكرى رحيله: أحمد الذوادي باقٍ

في الثامن شهر يوليو/ تموز الجاري تمرّ الذكرى السنوية لرحيل القائد الوطني، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، وأول أمين عام للمنبر التقدمي الذي قاوم الاستعمار والظلم والاستغلال والتخلف، من أجل أن يرى البحرين التي كرّس حياته في سبيلها، وقد غدت حرّة، متقدّمة وديمقراطية.

كان أحمد الذوادي من المعدن النادر من الرجال الذين قدّمهم شعبنا، الذين صنعوا وجه البحرين المشرق، وجه التقدم والحداثة والفكر النيّر، وواصلوا التراث المجيد للحركة الوطنية ذات التقاليد العريقة في البلاد، فاكسبوها محتوى جديداً قائماً على المعرفة والعلم وإدراك قوانين التطور، وحوّلوها من حركة عفوية إلى حركة منظمة غير موسمية، إلى حركة ذات برنامج واضح، وأفق سياسي وفكري تقدمي منحاز إلى قيم العصر وموجه إلى المستقبل.

علينا أن نتصور وضع البحرين في خمسينيات القرن العشرين، بعد أن انقضّت السلطات البريطانية على حركة هيئة الاتحاد الوطني، فنفت ابرز قادتها إلى جزيرة سانت هيلانة وسجنت الآخرين في جزيرة جدا، وأشاعت في البلاد جواً من الإحباط واليأس. في مثل هذه الظروف الصعبة انطلق أحمد الذوادي الشاب ورفاقه في مسيرتهم التي لا تقطع مع التاريخ السابق المنجز، إنما تنطلق منه ومن دروسه وخبراته وتبني عليها، وتؤسس لتاريخ جديد متصل مع ما سبقه وواصل لما يمليه، ليغدو بعدها هذا الشاب المتحدر من أسرة فقيرة قائداً لتنظيم من طراز جديد لن يمكن كتابة تاريخ البحرين على مدار نصف القرن المنصرم وأكثر دون التوّقف أمام دوره المحوري في النضال الوطني وفي الذود عن مصالح الطبقة العاملة وعموم شغيلة اليد والفكر.

وكما في ظروف العمل السري الصعبة التي كان خلالها يدخل السجن ويخرج منه إلى المنفى، أو يعود من المنفى ليدخل السجن واصل أحمد الذوادي عمله الوطني بكل مسؤولية ونضج في مرحلة ما بعد ميثاق العمل الوطني، وتحوّل العمل الحزبي إلى العلنية، وأصبح رئيساً للمنبر التقدمي، رغم وضعه الصحي الحرج، الذي حال دونه ومواصلة دوره على رأس المنبر، لكنه ظلّ ناشطاً في هيئاته ولجانه وفعالياته، حتى تدهورت صحته كثيراً، وغادرنا في العام 2006، تاركاً فراغاً كبيراً، ولتفقد البحرين واحداً من أخلص رجالاتها وأصلبهم.