المنشور

أفكار كارل ماركس بين الأمس واليوم -1

شبحها ما زال يطارد الرأسمالية

أفكار كارل ماركس بين الأمس واليوم -1

 

بقلم: ألان وودز Alan Woods

ترجمة: غريب عوض

 

لم يَكُن الفِكر الماركسي أكثر مُلائمة قط في أي وقت مضى مما هو اليوم. وهذا مُتَمثلٌ في التَلَهُف على النظرية الماركسية في زمننا هذا. في هذا المقال، يتناول ألان ودز Alan Woods الأفكار الرئيسة لكارل ماركس وصِلَتَها بالأزمة التي نَمُرُ بِها اليوم.

          لقد مضى مائة وثلاثون عاماً مُنذُ وفاة كارل ماركس Karl Marx. ولكن لماذا يجبُ علينا إحياء ذكرى رجلٌ توفى في عام 1883م؟ في أوائل ستينيات القرن الماضي حينها أعلن رئيس الوزراء العُمالي هارولد ولسون Harold Wilson بأننا يجب ألا نبحثُ عن الحلول في مَقبرة هايغيت. ومن يستطيع مُعارضة ذلك؟ ففي المقبرة أنفة الذكر ليس بوسع المرء إلا أن يجد العِظام البالية والغُبار وشواهد قبور صامِته.

          غير أننا حينما نَتحدث عن صِلة كارل ماركس بالزمن الراهن فنَحنُ لا نُشير إلى المقابر وإنما إلى الأفكار – تلك الأفكار التي صمدت في وجه تقلُبات الزمن وظهرت على السطح الآن مُنتَصِرة، حتى إن بعض أعداء ماركس اُجبِرَ، غير راغباً، على الاعتراف بذلك. لقد أظهر الانهيار الاقتصادي في عام 2008 من هو الطَرَف المُتَخلف عن الرَكب، وبالتأكيد أنهُ لم يَكُن كارل ماركس.

          على مدى عشرات السنين لم يَكل أو يمل خُبراء الاقتصاد قط عن تَكرار أن تنبؤات كارل ماركس حول التراجُع الاقتصادي كانت مُتَخَلِفة عن العصر كُلياً. كانت من المفترض أنها أفكار القرن التاسع عشر، وقيل عن هؤلاء الذين يُدافعون عن تلك الأفكار بأنهم عقائديون مُفلسين. ولكن أتضح الآن أن أفكار المُدافعين عن الرأسمالية هي التي يجب أن تُرمى في مزبلة التاريخ، في حين إن كارل ماركس اُثبِتت صحة أقوالة وتمت تبرِئته بالكامل.

          وليس من فترة بعيدة حينما أعلَن رئيس الوزراء العُمالي السابق غوردون براون Gordon Brown، بِكُل ثقة، عن “نهاية الانتعاش والإخفاق الاقتصادي”. بعد انهيار 2008 اُجبِرَ على أكل كلامه. أظهرت أزمة عُملة اليورو € بأنهُ ليس لدى البرجوازية أية فكرة عن كيفية حل مشاكل اليونان واسبانيا وإيطاليا والتي بدورها تُهدد العُملة الأوروبية المُوحدة بل والاتحاد الأوروبي في حد ذاتهِ. بالإمكان أن يكون هذا بكل بساطة مُحَفّز لإنهيار جديد على مستوى العالَم، بل والذي سوف يكون أعمق من أزمة 2008.

          حتى أن بعض خبراء الاقتصاد للبرجوازية اُجبِروا على قبول ما قد اصبح بشكل مُتزايد دليلاً: على أن الرأسمالية تحملُ بِداخِلُها بذور فناؤها؛ ذلك نظام فوضوي مُشوّش يتصف بالأزمات الدورية التي تكثر فيها البطالة ما يتسبب بعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

          والشيء المعروف عن الأزمة الراهِنة هو أنها ليس من المُفترض أن تحدُث. وإلى عهدٌ قريب اعتقد مُعظم خُبراء الاقتصاد البرجوازيون أن السوق، إذا تُرِكت وشأنها، فإنها قادرةً على حل جميع المشاكل، بضربة سِحرية توازن بين العرض والطلب (“فرضية كفاءة السوق”) حتى لا يمكن أن يتكرر أبداً إنهيار 1929 والكساد الكبير.

          لقد تم رمي تنبؤات ماركس بأزمة الإسراف في الإنتاج في مزبلة التاريخ. إن أولئك الذين لا يزالون مُتمسكين برأي ماركس بأن النظام الرأسمالي كان مُنهك بِتناقُضات لا حل لها وهو يحتوي بداخِله بذور فنائهِ كان يُنظر لهم كمجموعة من المهووسين. ألم يُبَرهِن سقوط الاتحاد السوفيتي أخيراً على فشل الشيوعية؟ ألم ينتهي أخيراً التاريخ بانتصار الرأسمالية كنظام اقتصادي إجتماعي مُمكن؟

          ولكن في بحر عشرون عاماً (وهي ليست بالفترة الطويلة في عُمر المجتمع البشري) دارت عجلة التاريخ 180 درجة. والآن إن نُقاد ماركس والماركسية الأقدمون يعزفون نغماً مُختَلِفاً. وفجأةً ودون سابق انذار تَلقى نظريات كارل ماركس الاقتصادية اهتماماً بالِغاً. هناك أعدادٌ مُتزايدة من خُبراء الاقتصاد يتهافتون على قراءة مُدونات ماركس، على أمل أن يعثروا على شيء يُعينُهُم على فهم ما يحدث.

إعادة نظر

          في شهر يوليو/تموز 2009، بعد بدأ الركود عقدت مجلة الإكونومست Economist ندوة في لندن لمناقشة السؤال: ماذا حل بالاقتصاد؟ وهذا كشف ذلك لأعداد مُتزايدة من خبراء الاقتصاد من أن نظرية الاتجاه السائد الاقتصادية لا تلائم الوضع الراهن. لقد صرح بول كروغمان Paul Krugman الفائز بجائزة نوبل، باعتراف مُدهِش. قال “أن الثلاثون سنة الماضية في تطوير نظرية ال macroeconomic قد كانت في أحسن حالاتها إبهاراً عديم الفائدة أو في أسؤ حالاتها مُضِرة.” إن هذا الحُكم يُماثل نقشٌ على ضريح لنظريات الخُبراء الاقتصاديون للبرجوازية.

          والآن تلك الحوادث قد أدخلت شيء من العقل في أذهان على الأقل بعض مُفكري البرجوازية، نحنُ نرى كلُ أنواع المقالات التي تعترف مُكرهةً بأن ماركس كان مُحِقاً في النهاية. وحتى الصحيفة الرسمية لمجمع الفاتيكان (المُراقب الروماني) L’Osserʋatore Romano نشرت مقالاً في عام 2009 تمتدح فيه تشخيص ماركس لعدم المُساواة في الدخل، وهذا حقاً تأييد للرجل الذي قال أن الدين أفيون الشعوب. ويتصدر كتاب رأس المال قائمة المبيعات في ألمانيا الآن. وطُبِعت نسخة مُصوّرة منهُ في اليابان.

          كَتَبَ جورج ماغنوس George Magnus كبير المُحللين الاقتصاديين في البنك السويسري المُتحِد UBS مقالاً تحت عنوانٌ مُثير: “أتيحوا لكارل ماركس فُرصةً لِيُنقذ الاقتصاد العالَمي”. إن البنك السويسري المتحد هو عامود المؤسسة المالية في سويسرا، لديه فروع في أكثر من خمسين دولة وتبلغ أصولهُ أكثر من ترليوني دولار أمريكي. ورغم، ذلك كتب جورج ماغنوس في مقال لصحيفة Bloomberg View “أن الاقتصاد العالمي اليوم يحملُ تشابهاً غريباً لِما تنبأ بهِ ماركس.”

          في هذا المقال يبدأ بوصف صانعي السياسة “يجاهدون من أجل فهم وابل من الذعر المالي والاحتجاجات وأمراض اُخرى تُصيب العالَم” ويقترح أنهم سيستفيدون كثيراً لو أنهم درسوا أعمال الاقتصادي القديم الميت كارل ماركس.”

“على سبيل المثال، دعونا نُفكر في تنبؤ ماركس حول كيف يتجسد الصراع المُتأصل بين رأس المال والعمل. كما كَتَبَ في رأس المال، إن سعي الشركات المحموم نحو الربح والانتاجية من الطبيعي أن ينتهي بِهِم إلى تقليل عدد العُمال شيئاً فشيئاً مما يخلق “جيشاً من العاطلين الصناعيين، من الفقراء والعاطلين: إن تراكم الثروة في قُطب، هو بالنتيجة تركمٌ للبؤس في الوقت نفسه.”

ويُكمل:

“إن العملية التي يشرحها ماركس يمكن رؤيتها في جميع أرجاء العالم المُتطوّر، خاصةً في جهود الشركات الأمريكية لتخفيض التكاليف وتحاشي التوظيف قد أنعش أرباح الشركات الأمريكية كحِصة في كامل الانتاج الاقتصادي إلى أعلى المستويات خلال أكثر من ستة عقود، في حين أن مُعدل البطالة بلغ 9.1% والأجور الحقيقية مُتجمِدة.

“في حين أن التفاوت في الدخل في الولايات المتحدة هو ببعض المقاييس يقترب من أعلى مستوياته مُنذُ عشرينيات القرن الماضي. قبل عام 2008، كان تفاوت الدخل خفي نتيجة لعوامل مثل تيسير الاقتراض، الذي سمح للناس الفُقراء التمتع بإسلوب حياة موُسر. والآن تَرتَد المُشكِلة على رؤوس أصحابَها.”

          أجرت صحيفة وال ستريت مُقابلة مع الخبير الاقتصادي الشهير الدكتور نوريل روبيني Nouriel Roubini، المعروف بين زُملائه الاقتصاديين بلقب “الدكتور دوم Dr. Doom” وذلك بسبب تنبُئِهِ بأزمة 2008 المالية. وهناك فيلم فيديو لهذهِ المُقابلة غير العادية، والتي تستحق الدراسة بِعناية لأنها تُبيّن تفكير النظرة البعيدة لاستراتيجيو الرأسمالية.

          يقول روبيني إن سلسلة الاقتراض انفصمت، وإن الرأسمالية دخلت في حَلَقَة مُفرَغَة حيثُ الطاقة الزائدة (فرط الإنتاج)، وتناقص طلب المُستهلك، ومستويات عالية من الدين جميعها تولّد انعدام الثقة في المُستثمرين والذي بدوره سوف ينعكس في انخفاضات حادة في سوق الأوراق المالية، وانخفاظ في أسعار الأصول وانهيار في الاقتصاد الحقيقي.

          وكغيرهِ من الخُبراء الاقتصاديين، ليس لدى روبيني حل حقيقي للأزمة الراهِنة، عدا مزيد من الضخ النقدي من البنوك المركزية لتفادي إنهيار آخر. ولكنهُ أعترف بصراحة بأن السياسة النقدية بمفردها سوف لن تكون كافية، بينما الأعمال التجارية والحكومات لا يُساعِدون. وقال أن الولايات المتحدة وأوروبا يُطبِقان برامج تقشُف لمحاولة إصلاح الاقتصاديات المَدِنة، في حين أنهُ يجب عليها إدخال مزيد من المُحفزات النقدية. ولم تكُن خواتِمه أكثر تفاؤلاً: “لقد أصاب كارل ماركس، بإمكان الرأسمالية أن تُدمر نفسها يوماً ما”. “لقد ضننا أن السوق بخير. إنها ليست كذلك.”

          إن شبح الماركسية لا يزال يُطارد البرجوازية مائة وثلاثون عاماً بعد دفن جثة ماركس في قبره. ولكن ما هي الماركسية؟ إن تناول جميع أوجه الماركسية بصورة جيدة في بحر مقال واحد هي مُهِمة مُستحِلة. ولهذا سوف نحصر أنفُسُنا في رواية عامة ومن ثم موجَزة على أمل أنها سوف تُشَجع القارئ على أن يقوم بقراءة كتابات ماركس بنفسه. لأنهُ في النهاية، لم يوضح أحداً قط أفكار ماركس أفضل من ماركس نفسه.

          بصفة عامة، يمكن تقسيم أفكاره إلى ثلاثة أجزاء مُتميزة وفي نفس الوقت مُتداخِلة – الذي أسماها لينين Lenin المصادر الثلاث والمُكونات الثلاث للماركسية. وهذهِ عموماً تقع تحت عناوين، الاقتصاد الماركسي، والمادية الجدلية، والمادية التاريخية. وتقف كلُ واحدة من هذهِ في علاقة جدلية مع الأخرى ولا يمكن فهما بِمَعزل عن بعضها البعض. وخيرُ ما نبدأ بهِ، الوثيقة التأسيسية لِحرَكتنا التي كُتِبَت قُبيل الثورات الأوروبية في عام 1848. أنهُ واحداً من أعظم الأعمال وأكثرها تأثيراً في التاريخ.

البيان الشيوعي

          إن الغالبية العُظمى من الكُتُب التي كُتِبَتْ مُنذُ قرن ونصف مضيا، هي اليوم مُجرد ذات اهتمام تاريخي. ولكن الشيء المُثير جداً حول البيان الشيوعي هو الطريقة التي توقع بها الظاهِرة الأساسية الأهم التي تُسيطر على انتباهُنا على مستوى العالَم في الوقت الراهن. إنهُ لأمرٌ غريب حقيقةً الاعتقاد أن كِتاباً كُتِبَ في عام 1847 بإمكانهِ تقديم صورة للعالَم في القرن الحادي والعشرون في غاية الوضوح والصدق. وفي الحقيقة إن كِتاب البيان الشيوعي أكثر صدقاً اليوم منهُ عندما ظهر أول مرة في 1848.

          دعونا نأخذ مثالاً واحداً. في الوقت الذي كان ماركس وأنجلز كانا يكتِبان، كان عالَم الشركات مُتعدِدة الجنسية الكبيرة لا زال ملهاءٌ غنائية لمُستقبل بعيد جداً. وبالرغم من هذا، قاما بشرح كيف ستقود حُرية التجارة وحُرية التنافس في النهاية إلى تَرَكُّز رأس المال واحتكار قوى الانتاج. إنهُ بِصراحة شيء مُضحِك أن تقرأ التصريحات التي كَتَبها المُدافعون عن السوق فيما يتعلق بالخطأ المزعوم لماركس حول هذهِ القضية، في حين إنها في الواقع كانت بالضبط إحدى أذكى وأدق تنبؤاتهِ.

          خلال ثمانينيات القرن الماضي أصبح رائجاً أن تزعم أن الصغير جميل. إن هذا ليس الموقع الذي تدخلُ من خِلاله إلى نِقاش يتعلق بالجماليات النسبية للحجم الكبير أو الصغير أو المُتوسط، الذي يحقُ لكل شخص أن يُشكل رأياً عنهُ. ولكنها حقيقة لا جِدال عليها تماماً أن عملية تَرَكُّز رأس المال الذي تنبأ بهِا ماركس قد حدثت، وتحدث، وقد وصلت بالفعل إلى مُستويات غير مسبوقة خلال السنوات العشر الماضية.

          وفي الولايات المتحدة حيثُ يمكن رؤية العملية على نحوٍ خاص في شكل واضح، ثروة 500 مؤسسة تُقدر نسبتها بـ 73.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2010. لو أن هذهِ ال 500 شَرِكة شَكَلَت دولة مُستقِلة، فستكون ثاني أكبر اقتصاد في العالَم، تأتي بعد الولايات المتحدة مُباشَرةً. في عام 2011، أوجدت ال 500 شَرِكة هذهِ رقماً قياسياً بلغ 824.5 مليار من الأرباح – قفزة 16 بالمائة من عام 2010. وعلى المقياس العالَمي، وتُقَدر إيرادات ال 2000 شَرِكة الأكبر بـ 32 ترليون دولار، و 2.4 ترليون دولار من الأرباح، و 138 ترليون دولار أصول و 38 ترليون دولار في القيمة السوقية، مع ارتفاع في الأرباح بلغ 67 في المائة بين عامي 2010 و 2011.

          حينما كتب ماركس وأنجلز البيان الشيوعي لم تَكُن هناك أدلة تجريبية أو اختبارية لمزاعِمهما. على النقيض من ذلك، كانت رأسمالية عصر ماركس تتأسس بشكل كامل على الاعمال التجارية الصغيرة، والمُنافَسة وحُرية السوق. إن اقتصاد العالَم الرأسمالي بَرُمَتِهِ تُسيطرُ عليه اليوم حَفْنة من الاحتكارات مُتعدِدة الجنسيات مثل شركة إكزون Exxon وشركة والمارت Walmart. إن هذين العملاقين يمتلكان أموالاً تتجاوز بكثير الميزانيات المحلية لِولايات كثيرة. لقد تم إدراك تَنبؤات البيان بوضوح وشمول حتى ماركس نفسهِ ما كان يحلم بهِ.

          ليس بوسع المُدافعين عن الرأسمالية أن يغفِروا لماركس وذلك بسبب أنهُ في ذلك الزمن عندما كانت الرأسمالية في عنفوان شبابِها استطاع أن يُدرِك أسباب شيخوختها. وعلى مدى عقود من الزمن عملوا جاهدين على إنكار تنبؤهِ بالعملية الحتمية لِتَرَكُّز رأس المال وقيام الشرِكات الاحتكارية الكبيرة بإزاحة الشرِكات الصغيرة.

          إن عملية تَركيز رأس المال وتَرَكُّزهِ بلغت حتى الآن نِسَب لا يحلم بها إنسان. إن كثرة الإستيلاء والسيطرة أخذ صِفة وباء في جميع الدول الصناعية المُتقدِمة. وفي حالات كثيرة مثَّل هذا الإستيلاء والسيطرة مُتصِلان بشكل وثيق بجميع أنواع المُمارسات المشبوهة – الاتجار بالأسهُم بُناءً على معلومات سِرية، تزييف أسعار الأسهُم، وأنواع اُخرى من الاحتيال، واختلاس ونصب، كما كشفت الفضيحة حول التلاعُب بسعر الفائدة في ليبور Libor (London Inter-bank Offered Rate) في بنك باركليز وبنوك كبيرة اُخرى. إن هذا التَرَكُّز لرأس المال لا يُشير إلى النمو في الانتاج، وإنما على العكس تماماً. وعلى أية حال، القصدُ ليس هو الاستثمار في مصانع وآلات جديدة وإنما إغلاق المصانع القائمة والفروع والتخلص من أعداد كبيرة من العُمال بقصد زيادة هامش الربح دون زيادة الانتاج. خُذ مثلاً الدمج الأخير لمصرفين سويسريين كبيرين تبع ذلك مُباشرةً خسارة 13,000 وظيفة.