المنشور

عندما تموت المحاسبة تكثر المهازل..!

-1-

-اللهم في هذا الشهر الفضيل نتوجه اليك برجاء ان يعم الخير والأمن والأمان بلدنا الحبيب، وجنبنا يا رب العالمين من شرور اصحاب الضمائر التي ماتت وقبلهم من لا ضمائر لهم أصلًا والذين لا هم لهم إلا ان نكون ألد أعداء أنفسنا، وخلق واقع مأساوي مأزوم، واقع يفرقنا ويغرقنا في وحول الغوغائية، من انشطار وخلاف واختلاف وتباعد وأحقاد، واقع نتجاهل فيه القواسم والمشتركات، ونركز على المنغصات لا نعرف ماذا نفعل، ومن أين نبدأ..
– اللهم نجنا من مكائد اللاعبين على كل الحبال، ومن يحتفظون علنًا وسرًا بمكانة المحركين للبعض مثل الدمى والعرائس، يجعلونهم ويجعلون الكل مطيّة لمآربهم، ويجعلون الوطن مرهقًا والمواطن قلقًا من مآزق وتمزقات، لا هم لهم إلا نصب الأفخاخ واستعادة المشكلات وتحويل أزماتنا الى فرص، ومكّنا يا رب العالمين من ان نخلق من الألم أملًا، ومن الأمل عملًا يجعل بلادنا غاية وهدف الجميع، ونقطة التلاقى ومحور توحدنا وقبلة انتمائنا.
– اللهم خلصنا من كل الظواهر الصوتية، الظواهر التي تجعلنا منهمكين ومنهكين بالشعارات في ترداد مزهق لكلام أجوف عديم الجدوى والفائدة، واكشف لنا يا رب العالمين كل انواع الساقطين الذين لا يَرَوْن في انفسهم إلا انهم ابطال فيما هم في الواقع يمثلون الخطيئة بذاتها، خطيئة بحق الوطن والشعب، خاصة أولئك الذين كل كفاءتهم هي الإيقاع بالناس وإشاعة التوتر في المجتمع وتدمير القيم من اجل مصالحهم وسيطرتهم وسلطتهم..!
– اللهم ونحن في بدايات حراك انتخابي، جنبنا شر من يريدون التلاعب بإرادات الناس، وإيهامهم ببرامج وشعارات زائفة، وإيقاعهم بحبائل مناورات وأكاذيب وصراعات من دون تعفف عن مكر او خديعة او تجييش طائفي او مذهبي، وما إلى ذلك، واجعل يا رب الانتخابات القادمة انتخابات لا تجعل العمل البرلماني مهزلة، عمل يتحلل في الطريق العام، عمل يتحول فيه النواب الى لاعبين في سيرك لا برلمان يفترض ان يمثل شعب البحرين..!
-2-
جميل ورائع ومدهش ان يطمئننا وزير المالية بأن أموال التأمينات بخير، وان إدارة استثمار صناديق التقاعد تسير بكفاءة جيدة جدًا ان لم تكن ممتازة، وان الجهاز الذي أسس لإدارة استثمارات الهيئة أعلى من المتوسط العالمي لصناديق التقاعد، وان موظفي الهيئة يملكون «أصعب الشهادات»..
جميل ورائع ومدهش ان يمضي الوزير ليزيدنا اطمئنانًا بإعلانه بأن شركة إدارة الأصول التي تدير استثمارات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ملتزمة بتطبيق أفضل الممارسات المعمول بها في مجال الحوكمة، وان الشركة أسست قسمًا يختص بوضع الخطط الاستراتيجية للاستثمار، ولديها وحدات لإدارة الاستثمارات العالمية والمحلية والبديلة، كما انها تقوم بمراجعة دورية كل 3 سنوات كحدٍّ أقصى لسياسة الاستثمار لديها، كما تعمل بشكل دوري على تحديث الخطة الاستراتيجية لتوزيع الأصول الاستثمارية بما يتناسب مع التغييرات الجوهرية في التدفقات النقدية للصناديق التقاعدية، ويمضي الى القول إن الهيئة لم ترصد اموال مسروقة او تجاوزات ضخمة..!
إن صح ذلك وكل الكلام الذي ساقه الوزير ردًا على ما كشفت عنه لجنة التحقيق البرلمانية حول صناديق التقاعد التي تدار من الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي والتي نشرتها الصحافة في الأسبوع الماضى، فإن السؤال الجوهري الذي يقفز الى الأذهان: على اي أساس إذن بنيت كل الاتهامات والمآخذات التي توصلت اليها لجنة التحقيق التي نظرت في شؤون وأوضاع الهيئة ووثقتها في تقرير تم اعداده على مدى 14 شهرًا وبلغت عدد صفحاته 2018 صفحة، ووصف بانه من أطول التقارير التى أعدتها لجان التحقيق البرلمانية..!
صحيح ان نوابًا اشتكوا من عدم تعاون الهيئة في إمداد لجنة التحقيق ببعض المعلومات ومنها ما يتصل بالسيّر الذاتية لبعض العاملين بالهيئة، الأمر الذي حدا بأحد النواب الى توجيه اتهام بأن بعض من التحقوا بها كان عن طريق المحسوبية والواسطة، وصحيح ايضًا ان العديد من التجاوزات والملاحظات التي تتصل بمسار عمل الهيئة كان ديوان الرقابة المالية والإدارية قد وثقها هو الآخر فى تقارير سابقة، وصحيح ايضًا ان ثمة تساؤلات مقرونة بعلامات استفهام وتعجب عن سبب الاستمرار في تغييب ممثلي العمال في مجلس إدارة الهيئة، وصحيح ايضًا ان اموال صناديق التقاعد هي اموال الموظفين والعمال والمتقاعدين، وهم الأحق في معرفة كيف تدار وكيف تُصان، وصحيح ان هذه لم تكن المرة الأولى التي ينشر فيها ما ينبش في ملفات تتصل بعمل الهيئة، ملفات تجعل الريبة وحدها عالقة فى الأذهان، كل ذلك موثق ومنشور ويمكن الرجوع اليه والتذكير به في اي وقت، بالاضافة الى ما سبق طرحه وتداوله منذ سنوات في شأن مسار وعمل وأداء الهيئة، وهو ايضًا موثق ومنشور، الا يعني كل ذلك شيئًا بالنسبة لمن هو معنى بشأن الهيئة، فنحن أمامها نجد صورتين متناقضتين، الاولى تشير الى شوائب كثيرة، والثانية تقول ان كل شيء بالهيئة تمام التمام..!! أيهما نصدق..؟!
إنه قدر مرير حقًا، ان نظل في انتظار المشكوك في حصوله، وهو وضع النقاط على الحروف بكل جرأة وشجاعة وحسم، وحتى لا تؤجج الريبة ولا تمس صدقية التطمينات، وحتى لا يبقى السجال فى غير نصابه..!
-3-
صدق من قال، «عندما تموت المحاسبة تكثر المهازل»..!