المنشور

لا تعيدوا إنتاج الخيبة..!

 

لماذا هذا التركيز على مهاجمة النواب، هؤلاء الذين توشك أن تنقضي مدة صلاحيتهم بافتراض أنها صالحة في الأساس..؟!

سؤال من أحدهم، أحد النواب، أعقبته إضافة منه تقول: «لا أقول إن البرلمان كله إيجابي، نعم، به سلبيات، وسلبيات كبيرة وكثيرة، لكن به أيضًا ايجابيات، وإيجابيات كثيرة، فقط انظروا اليه نظرة منصفة، وثقوا انه لا يوجد في أي دولة في العالم برلمان كامل ومتكامل..».

آخر قال: ما حدث في مجلس النواب من تراشقات أكثر من مرة لا يقلل من أهمية هذا المجلس، التراشقات تحدث في كثير من المجالس النيابية، وكم من برلمان شهد أبعد من هذه التراشقات ومواجهات مباشرة، برلمانات شهدت عراكًا، وضربًا بالأحذية بين نواب بعضهم البعض في مشاهد نقلت عبر وسائل الاعلام، ورغم ذلك لم نسمع أحدًا في هذه الدول يطالب بإسقاط عضوية نائب من النواب، او يقول كلامًا سلبيًا عن مجالسها البرلمانية، او يقول إنها مجالس فقدت هيبتها، وإنما اعتبروا ما حدث إحدى وسائل التعبير، وفي النهاية تحظى هذه المجالس النيابية باحترام الجميع، وينظر اليها بأنها تمثل الشعب، والكلام لنائب آخر..

نائب ثالث قال: طالبتم ببرلمان يليق بالبحرين وشعبها، حسنًا نشاطركم هذا الرأي، ولكن لِم تتجاهلون ان هذا البرلمان هو إفراز لواقع نعيش فيه، ولكنكم تتجاهلون هذه الحقيقة، إنكم ليس فقط تتغافلون ايجابيات هذا البرلمان، بل إنكم تحولونها مادة للتندر والسخرية، ولم نراكم تقّدرون يومًا عملنا البرلماني..!

يا سادة.. تقدير العمل البرلماني مرتبط بأداء وسلوك البرلمانيين، وبقدر ما يرتفع الأداء، وبقدر ما يكون السلوك نزيها وقائمًا على أسس أخلاقية رصينة يكون تقدير الناس لمن هم بحسبة برلمانيين، والعكس صحيح، كلما تدنت مستويات الأداء كلما زاد نفور وسخط المواطن من النواب، فما بالكم وقد شهدنا نوابًا يتهربون من الناخبين، ونوابًا حولوا ساحة العمل البرلماني الى ساحة معارك، ولو كانت «الهوشات» تحت القبة حول قضايا ومصالح عالم لهان الأمر ولأيدها المواطنون، ولكنها كانت بعيدة عن ذلك.. كما شهدنا نوابًا حركوا قضايا في المحاكم ضد بعضهم البعض، نوابًا لم يكن لهم اي إسهام في تقوية عود العمل البرلماني وفرض هيبته، نوابًا لم يدفعوا بالعمل البرلماني لأن يأخذ مجراه وبأخلاق ديمقراطية، فيأتي نتيجة ذلك مجلس يحاسب ويراقب ويشترع بحرية وجرأة واستقلال، بل جعلوا العمل البرلماني وعلى عينك يا مواطن مهزوز البنيان، والأمثلة معروفة وهي اكثر من ان تحصى، باختصار وجدنا نوابًا هبطوا بالعمل البرلماني الى الحضيض، هذا أولاً..

البحرينيون، انتظروا من نوابهم – نواب الشعب – او هكذا اعتقدنا لردح من الزمن على الأقل، تواصلًا مع من انتخبوهم، لا يتهربون منهم، او يخشون من مواجهتهم، نواب لهم دور في كثير من القضايا والملفات، وان يكونوا أول من يتصدون لمن أراد لنا الفتنة، وفي مقدمة من يترجمون تمسكنا بالوحدة الوطنية، وأول من يبتدعون الحلول لكثير من الإشكاليات والمشكلات المستعصية، اقتصادية واجتماعية وسياسية، من خلال أفكار وبرامج ورؤى ونقاشات تتسم بالجرأة والجدية والمسؤولية والنضج، وهذا أمر نترك الحكم فيه للناخب، هذا ثانيًا..

ثالثًا، البحرينيون انتظروا من نوابهم دورًا واضحًا في المحاسبة والمساءلة والرقابة، وليس ممارسات تستهين بكل تلك القيم، وبكل الآليات التي كانت متاحة، بل والانحدار بهذا الدور على النحو الذي شاهدناه والذي تجلى في تخلي النواب طواعية عن صلاحيات رقابية، رغم كل الملاحظات عليها، فعلوا ذلك في مشاهد لا تنسى.. بدءًا من مآلات التعاطي مع تقارير لديوان الرقابة المالية والإدارية، ومشاريع الاستجوابات، ولجان التحقيق، مرورًا بمحاولات تقييد السؤال البرلماني الى درجة ذهاب احد النواب الى القول «لم يعد أمامنا أداة رقابية غير السؤال، خاصة بعد ان استعصت علينا آلية الاستجواب وصعبوها علينا كثيرًا، من خلال ما يسمى» لجنة الجدية «ومن خلال غيرها، كما انه ثبت ان السؤال آلية رقابية محترمة وفاعلة»..!! والكلام للنائب إياه..

رابعًا، كنا ولازلنا نتمنى أن تبادر جهة ما بعمل استبيان لمعرفة الرضا الشعبي عن النواب، وعرض وعود كل نائب قبل الفوز، ومدى التزامه ولو بالحد الأدنى من التطبيق لتلك الوعود، ومعرفة الى اي مدى فضل النواب المصلحة العامة على مصالحهم الخاصة، وهل كان النواب ينظرون الى عضوية مجلس النواب على انها تكليف لا تشريف، وايضًا معرفة ما اذا كان هؤلاء النواب هم نوابًا بالفعل، نوابًا يمثلون بجدارة شعب البحرين، أم انهم اكتفوا بان يكونوا موظفين بدرجة نواب، موظفين مطيعين، منفذين للأوامر والتعليمات والتوجيهات التي تصدر اليهم من فوق، فينفذون صاغرين منقادين، وليس خلف ما يقتضيه دورهم كنواب..!!.

يا سادة، كل ما نريده ونطمح اليه نوابًا بمعنى الكلمة، نوابًا يمثلون الشعب وليس نوابًا يمثلون عليه، نوابًا لا يعتبرون النيابة فرصة عمل وانما مهمة وطنية، نوابًا لا يظهرون لنا وكأنهم معينون بالانتخاب، او معينون بقدرة قادر بواسطة – مجرد واسطة – الانتخاب، والمعنى في قلب الشاعر..

علينا أن نتعلم ونتعظ ونستفيد من الدروس حتى لا يعاد إنتاج الخيبة، وكأن هذا الشعب لم يبلغ سن الرشد بعد..!!