المنشور

التمييز الوظيفي والطائفية


لا اعرف مبررا مقنعا يستدعي وقوف نواب الشعب ضد تشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول التمييز الوظيفي كما لا افهم كيف يمكن لهذه اللجنة أن تساهم في إشعال الفتنة الطائفية رغم اعتراف الجميع بمن فيهم النواب المعارضون لتشكيلها بوجود “أنواع لا تعدّ من التمييز الطائفي والعرقي والقبلي وغيرها” كما صرح احد النواب.
إن الاعتراف بوجود الخطأ يستدعي العمل على إزالته وليس الدفاع عن مبرراته, ولذلك يجب أن تكون لدى الجميع وخصوصا نواب الشعب الشجاعة الكافية للوقوف بشكل جدي ضد التمييز بين أبناء الشعب الواحد, بعيدا عن الحسابات الطائفية والسياسية وتقاذف التهم.
وبعيدا عن من تقدم باقتراح تشكيل اللجنة أو دوافعه “الكيدية” فان بقاء الوضع على ما هو عليه منذ عقود عدة هو ما يساهم فعليا في تكريس مفهوم الطائفية في المجتمع البحريني و يزيد من وطئته فلم يعد مقبولا أن يستثنى أبناء إحدى الطائفتين من العمل في العديد من المؤسسات الرسمية وجعلها حكرا على طائفة بعينها .
في إحدى المرات اخبرني احد الأصدقاء بان مسئولا في إحدى الهيئات شبه الحكومية طلب منه أن يبحث له عن صحفيا للعمل في إدارته ولكنه اشترط في هذا الصحفي أن يكون من إحدى الطوائف وانه لن يقبل بأي صحفي من الطائفة الأخرى مهما كانت مؤهلاته أو خبرته أو كفاءته. في حين روى لي احد المعارف من انه تقدم للعمل في إحدى الإدارات وعند تقديم أوراقه لهذه الإدارة لاحظ فرز الأوراق إلى كومتين منفصلتين وعندما سال الموظف عن ذلك اخبره بان إحدى هاتين الكومتين ستتلف في حين سينظر في طلبات الكومة الأخرى والتي تقتصر على طلبات أبناء إحدى الطوائف.
هناك العديد من الشواهد التي تؤكد على أن وزارات معينة وإدارات معينة لا يشغل وظائفها إلا طائفة معينة ويمكن ملاحظة ذلك عند إجراء أي معاملة معها إذ  يمكن ملاحظة أن جميع الموظفين هم من طائفة معينة.
صحيح “إن بعض القضايا المجتمعية لا تعالج بلجان تحقيق ولكن بثقافة مجتمعية يربى عليها الجيل” كما عبر احد النواب ولكن كيف يمكن أن يربى الجيل الحالي على ثقافة نبذ الطائفية و التسامح وقبول الآخر في حين يرى التمييز يمارس ضده في العمل وفي الكثير من مناحي الحياة؟ أوليس من المفترض أن يكون نواب الشعب هم أول من يزرع هذه الثقافة في المجتمع بدلا من إشعال نار الفتنة؟
إن جميع ما نحققه من انجازات اقتصادية وتنمية وعمران يبقى قاصرا إن بقى المجتمع منقسما على نفسه ينظر لبعضه البعض بعيون الريبة والشك و التشكيك في النوايا, كما إن التاريخ لن ينسى من يقف مدافعا عن التمييز في القرن الواحد والعشرين.
 
صحيفة الوسط

22 يناير 2008