المنشور

من وحي حفل المنبر الديمقراطي التقدمي في افتتاح مقره


سعدت مثل الكثيرين بحضوري الحفل الوطني الجميل الذي أقامه المنبر الديمقراطي التقدمي بمناسبة افتتاح مقره في مدينة عيسى.. كيف لنا لا نسعد ونفرح ونحن نرى ثمرة صغيرة من ثمرات نضالات شعبنا الكثيرة وتضحياته الجمة في سبيل الحصول على وطن حرٍ وشعب سعيد، وطنٍ لا يرجف فيه الأمل، قد تحققت بشكل لايزال صغيراً ونسبياً. شعب قدم الغالي والرخيص، شعب ناضل نضالاً معبداً بدم الشهداء وآهات المعذبين والمنفيين وآلام الأمهات، هذا الشعب يستحق بجدارة أن يعيش سعيداً في وطنٍ حرٍ لا يرجف فيه الأمل .
نعم من حقنا أن نفرح ونسعد بعد أن استطعنا أن نعمل وأن ننتمي إلى أحزابنا في العلن، وأن تكون لنا مقراتنا الحزبية، وأدبياتنا التي تعبر عن وجهات نظرنا في قضايا الوطن والأمة والعالم، بعد أن كان حيازة كتاب ما يخالف رأي السلطة وتوجهاتها وسيلة إثبات للزج بنا في السجون من دون محاكمة .
بالتأكيد فرحتنا لازالت ناقصة كثيراً وكثيراً، ومع ذلك علينا أن نجد لأنفسنا مساحة من الفرح والتفاؤل نبني عليها المزيد من المكاسب لتزداد مساحة الفرح .
تبادر إلى نفسي الكثير من التساؤلات وأنا أرى الجمع الحاضر من شخصيات وطنية وفعاليات مجتمعية وكوادر مهنية، جمعاً يعبر عن مكونات وطنية لم تتلوث بالطائفية .
سألت نفسي: أين يكمن العيب في مكونات هذا التيار حالياً؟ أجبت نفسي إنه غياب البرنامج الذي يوحد مكونات هذا التيار، البرنامج الذي يُفعل مخزونات قوى هذا التيار، البرنامج الذي يُفعل مكونات هذا الوطن، كذلك شيوع السلبية التي لبست الكثير من الشخصيات وسكوتها عن التعبير بوضوح وصراحة عما يجري في هذا الوطن من قضايا تمس أمنه وتفتت مكوناته حاضراً ومستقبلاً. ليس المطلوب أن نتظاهر ونعتصم في كل يوم أو لحظة في الشارع، ‘مع الإقرار بحق التظاهر والاعتصام’، حتى نقول إننا موجودون، بالتأكيد يحق لنا أن ندعي بأننا نمثل قطاعاً واسعاً من الناس ليس مستعداً للنزول إلى الشارع والاصطدام بقوات وزارة الداخلية، ليس مستعداً للتظاهر والاعتصام خلف يافطات وشعارات غير واقعية لا تؤدي إلى حلول، بل هي تؤدي إلى مزيد من التفكك، وتضع المطالبات المحقة لشعبنا في إطار الطائفة وليس في إطار الوطن .
نعتقد أن العيب يكمن في عدم استطاعة تنظيمات هذا التيار من جمعيات سياسية ومؤسسات مجتمع مدني في استباط البرامج والسبل التي باستطاعتها استنهاض مكونات هذا التيار، وبما يجعل السلطة والقوى الطائفية التي استطاعت أن تسيطر على الشارع أن تحسب لوجودنا ورأينا ألف حساب، أما في حالة ضعفنا القائمة الآن لن يكون هناك من يحسبنا رقماً صعباً سواء السلطة أو الآخر .
إن أجمل ما في هذا التيار هو النوعية المتميزة لشخوصه وعدم استطاعة أحد أياً كان أن يتهمه ويوصمه بتهمة الطائفية أو بالعمالة للأجنبي أو بوجود أجندة خاصة وسرية لديه. على هذه الشخوص بمختلف تنوعاتها أن تعلن مواقفها بكل وضوح وجرأة في القضايا الوطنية الكبرى التي إن ظلت معلقة أو موضع تجاذب بين القوى الطائفية مع بعضها البعض، أو موضع تجاذب بين بعضها وبين السلطة، سيقودنا ذلك وسيقود الوطن إلى مزالق خطيرة لا تحمد عقباها .
ونحن في قاعة مقر المنبر الديمقراطي التقدمي التفت إلي الأخ أحمد العبيدلي ليبادرني بسؤال: هل تتوقع منهم أن يتوحدوا؟ قلت له أتمنى أن يعتبر الإخوة في جمعية وعد أن مقر التقدمي في مدينة عيسى هو مقر لهم يمكنهم أن يمارسوا أنشطة لهم من خلاله، وأن يعتبر الإخوة في التقدمي مقري وعد في أم الحصم وفي عراد مقرين لهم، يمكنهم كذلك هم أن يمارسوا أنشطة لهم من خلالهما. نتمنى للتنظيمين وأنصارهما على وجه الخصوص ولعموم قوى التيار الوطني الديمقراطي من تنظيمات وشخصيات أن تتلمس طريقها الصحيح. مبروك للمنبر الديمقراطي التقدمي قيادة وأعضاء وأنصاراً افتتاح مقرهم آملين أن تكون للآمال موضعاً في هذا المقر .
معذرة إن خرجت عن موضوع هذا المقال، وألتفت قليلاً إلى غزة وشعبها .
ونحن نودع عام ألفين وثمانية تعلن إسرائيل من قلب العاصمة المصرية وعلى لسان السيدة الشقراء، وبعد اجتماعها مع فخامة الرئيس حسني مبارك، أنها وحكومتها ستبيد سلطة حماس من غزة وستغير الواقع القائم الآن فيها. في هذه اللحظات تبدأ عصابات الإرهاب في تل أبيب جريمة حرب ضد شعبنا في غزة، يتحمل مسؤوليتها الحكام العرب بالدرجة الأولى قبل أن نحمل العدو هذه المسؤولية، نتهم النظام العربي الرسمي بمباركته، بل وبمشاركته في هذا العدوان، مثلما باركوا وشاركوا في حرب تموز/ يوليو 2006 ضد المقاومة اللبنانية .
هذه هي الدولة التي وعدهم بها فخامة الرئيس الأميركي بوش في اجتماع أنابوليس، التي ستولد في نهاية عام ألفين وثمانية !
نعتقد أن هذا العدوان هو هدية من المجرم الإسرائيلي للسيد الرئيس أبومازن بمناسبة أعياد الميلاد، حيث إن هذا المجرم بعدوانه هذا يريد أن يعيد غزة للسيد الرئيس .
نتوقع مساندة الأنظمة العربية لشعبنا في غزة وأن تصدر بياناتها التي تُحمل سلطة حماس المسؤولية عما يجري من عدوان إسرائيلي، حيث إن في عرفها أن إسرائيل تدافع عن أمنها وأمن مواطنيها .
 
الوقت 29 ديسمبر 2008