المنشور

ليتـنصتوا.. الحكومة أبخص!


عجِلٌ ووجِل شعبنا هذا؛ عجِلٌ ووجِل.

لمَ كل هذه الضجة والتهويل بشأن قرار التنصت على المكالمات والمراسلات الإلكترونية؟ لا نكاد نفهم!

أولاً الجماعة قالوا لكم إننا كنا نتنصت عليكم منذ زمن بعيد، يعني لن يجدّ عليكم – بإذن الله – جديد، ونأمل ألا تتأثر صراحة حواراتكم بزلّة اللسان التي أذاعت الخبر!
ثم إن المؤمن يأخذ أخاه المؤمن على سبعين محملاً، فما بالكم إن كان لهذا المؤمن علاقة بالأجهزة الأمنية! أحسنوا الظن – نقول – ولا تأخذوا الأمر بسلبية، فكل ما تفعله الحكومة – حفظها الله ورعاها – يأتي من منطلق رعاية أبوية؛ فالهدف الأول والأخير للتنصت على المكالمات هو رعاية المواطنين وحفظ أمنهم.. تسألون كيف؟!

أليست الشرطة في خدمة الشعب؟.. وكيف تخدم الشرطة الشعب إذاً إن لم تكن تعرف أين هو؟! بمعنى أدق، كيف للجهات الأمنية أن تؤدي دورها إن لم تكن مطلعةً على تحركات المواطنين ومواعيدهم في الداخل والخارج؟!

شخصياً، سأشعر بالأمان أكثر لو علمت أن الجهات الأمنية تستمع لمكالماتي وتعرف تحركاتي.. فإن حدث أنْ أغمي عليّ في غابة موحشة.. أو فقدت وعيي في مغارة موحلة فسيعرفون حينها أين يبحثون عني! ثم إني – وعن نفسي أتحدث هاهنا – سأشعر أن وشائج العلاقة «الإنسانية» بيني وبين السلطات الأمنية أقوى إذا ما هم سمعوني أسأل الوالدة – أطال الله عمرها – عن يومها.. أو أناقش قريبتي في ترتيبات زفافها.. وإنه ليسعدني ويشرفني أن تعرف الجهات الأمنية ذوقي في المطاعم والمشتريات.. وعلى مستوى أعمق، يسرني أن يسمعوا رأيي فيهم بالذات، وفي قراراتهم الماطرة علينا كالذهب الأسود..

بالمناسبة، هل سمعتم مكالمتي أمس الأول مع صهري؟!
لا.. تباً! كانت – كلها – عنكم.. والله لقد قلت فيكم شعراً.. ربما سأعيدها لاحقاً من أجلكم!

بالُمراد، نتمنى من المواطنين أن يذروا عنهم عقلية المؤامرة التي أردتهم، ويروا سلسلة القرارات الحكومية التي التفت على رقابنا – حديثاً – على حقيقتها.. أنها – كلها – وليده الرعاية الأبوية.. أوَ يسمح الأب الصالح لابنه السفيه أن يجدف في مواقع الإنترنت الخبيثة دونما مراقبة؟! أوَ يسمح للقاصر المراهق أن يحدد خيارات مصيرية بنفسه كخيار المشاركة برأيه الخديج في منتدى أو مؤتمر والعياذ بالله؟!

ثم إن التحكم في المواقع ومراقبة الهواتف والمراسلات ليس بانتهاك للمادة 26 من الدستور كما يطنطن الحقوقيون منذ ذيوع هذا الخبر.. لا على الإطلاق.. لأن هذه المادة تنطبق على المواطنين.. ونحن لسنا بمواطنين، بل أبناء، وهناك فرق.. فالعلاقة الأبوية لا تحكمها الدساتير والمواثيق والعهود ولا تعترف بالخصوصيات ولا حقوق الإنسان.. فالحكومة «أبخص» بمصلحة المواطنين من أنفسهم، ولا تثريب عليهم في أي قرار يتخذونه..

فإذا ما هم وجدوا أن مراقبة تفوّهات الشعب ومراسلاته لا تتطلب أذونات قضائية فذلك حقهم.. وإن كانوا يعتقدون أن سماع سوالف صلاح الجودر مع خاصته وتسجيل مراسلات عبدالله الدرازي وأخبار امتحانات أبناء جلال فيروز ومعاملات العسومي وزيارات العكري وغداء المزعل والفيلم الذي سهر عليه إبراهيم شريف هو من صلب ” الاحتياجات الأمنية الملحة” ، فمن نحن لنقول غير ذلك؟!

الحكومة أبخص نقول، ولا تتدخلوا فيما لا يعنيكم.. ومن لا يعجبه الأمر فليتخاطب بـ «قواطي العرناص» كما فعل في طفولته، أو ليشرب من ماء البحر؛ علّه «يغص» بحصى الدفان فيريح ويرتاح! 



 
الوقت 29 مارس 2009