23 مارس/ آذار 2010 سيدخل التاريخ البحريني بصفته يوما مشهودا… ففي هذا اليوم (أمس) شهدنا حدثين لم نكن نتوقعهما أبدا.
الحدث الأول يتعلق بجلسة مجلس النواب لمناقشة تقرير أملاك الدولة، وقد شهدت الجلسة وحدة وطنية فريدة من نوعها، إذ تحدث النواب من مختلف الكتل بصوت واحد دفاعا عن الثروات العامة. ومع الأسف فإن البث الإذاعي تم قطعه، تحت عذر خلل فني… ومع الأسف أيضا فإن وزيري العدل والمالية انسحبا من المجلس ولم يفسحا المجال لنفسيهما للاستماع إلى الصوت الموحد للنواب، كما لم يبقيا ليتعرفا عن قرب على وجهات نظر النواب بشأن أملاك الدولة. هذه الوحدة الوطنية هي تعبير أصيل عن شعب البحرين الذي يقف صفا واحدا تجاه القضايا الوطنية الكبرى، وهذا ما يقوله لنا التاريخ عن أحداث جسام في ثلاثينيات وخمسينيات وسبعينيات القرن الماضي، وتجسيده في الوقت الحالي هو أشد مانحتاج إليه.
الحدث الثاني يتعلق بتحقيق النيابة العامة مع وزير الدولة السابق منصور بن رجب بتهمة غسل أموال في الداخل والخارج، وهذا الحدث الأول من نوعه في تاريخ البحرين يحمل مدلولات مهمة. ففي حين تحاول بعض الجهات تسييس الموضوع وإخراجه عن طابعه الجنائي (بحسب التهم التي تحدثت عنها وزارة الداخلية والنيابة العامة)، فإن من بين حيثيات الأمور ومجرياتها أن صكّا مشبوها كان من المفترض أن يُصرف في البحرين، ولكن مصارف البحرين لم تفسح المجال لذلك، وكذلك المصارف الكويتية، وأن الصك اكتشف في لبنان، وبدأت فصول تنفتح بشأن اتهامات ذكرتها النيابة العامة. وإذا كانت الرصانة المصرفية منعت صرف صك مشبوه، فإن البحرينيين جميعهم (على المستويين الرسمي والشعبي) لم ولن يدخروا جهدا في حماية بلادهم من الجرائم الخطيرة. وهذه التهم تبقى تهما حاليا، والمتهمون أبرياء حتى تثبت إدانتهم أمام المحكمة، وكلنا ثقة في القضاء وقدرته على التعاطي مع قضية معقدة من هذا النوع.
وأعود إلى الحدث الأول المتعلق بوحدة النواب حول موضوع حماية المال العام وأملاك الدولة، فإننا نأمل من رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني التأكد من أن العطل الفني سيتم إصلاحه قبل بدء جلسة الأسبوع المقبل، إذ تحدث نحو 15 نائبا في جلسة يوم أمس، وهناك نحو 20 نائبا آخرين يودون المداخلة، ومن حق الشعب أن يسمع ويعرف ما يجري داخل المجلس النيابي، ولاسيما أن الموضوع يتعلق بأكبر تقرير يُعِدُّه المجلس، وأن لجنة التحقيق البرلمانية لم تحصل على تعاون السلطة التنفيذية (المنصوص عليه دستوريا)، وأملنا في أن يستفيد الوزراء من هذا الأسبوع للاطلاع على ما قاله قرابة نصف مجلس النواب، وأن يحضروا الأسبوع المقبل للا ستماع إلى النصف الآخر الذي ينتظر دوره في الحديث حول هذه القضية المهمة. إن أكثر ما يشرح صدورنا أن نشاهد هذه الوحدة الشاملة للجميع، ونأمل من السلطة التنفيذية أن تبادر إلى تعزيز هذه الحالة عبر التعاطي الإيجابي مع النواب.
الوسط 24 مارس 2010م