المنشور

خليجنا بلا نفط

ليس لدي ولع كبير بالأمور العلمية، التي تتطلب ذهناً بتكوينٍ مختلف، يمكن صاحبه من سبر أغوار ما تنطوي عليه الطبيعة من أسرار، ولكن هناك من العلماء، أو من المهتمين بالعلوم الطبيعية من يملك القدرة على تقديم معارفهم بتشويق يحمل حتى غير الشغوفين بالأمر مثلي على أن يقرأوها بمتعة واستفادة.
لكن ما أنا بصدده هنا لا يتصل بالعلم وحده، وإنما بتنمية المجتمعات، واقتصادات البلدان، من زاوية علاقة ذلك بموضوع الطاقة الذي هو عصب التنمية، والأمر وجدته في دراسات للدكتور نبيل حنفي محمود، جمعها كتاب صدر في سلسلة «كتاب الهلال».
بالنسبة لنا في بلدان الخليج حين يدور الحديث عن الطاقة فان أذهاننا تنصرف مباشرة نحو النفط، كونه السلعة الاستراتيجية فائقة الأهمية بالنسبة للعالم، الذي تحتوي أراضي منطقتنا في جوفها جزءا كبيراً من احتياطاته، وهو الذي وفر العائدات المالية، التي يسرت كثيراً من الأمور في حياتنا، دون أن يعني ذلك بالضرورة نجاحنا في تحقيق تنمية مستدامة، تهيؤنا لعصر ما بعد نضوب النفط.
حسب احد الباحثين فانه منذ أن اكتشف العالم النفط وحتى اليوم استهلك حوالي ألف مليار برميل، وما تبقى في جوف الأرض من احتياطات هذا النفط لا يزيد، هو الآخر، عن ألف مليار برميل، أي أن العالم قد استهلك حتى الآن نصف الثروة النفطية.
يرد هذا الحديث في سياق تنبؤ مستقبل العالم بعد نفاد الطاقة غير المتجددة التي تشمل النفط والغاز الطبيعي واليورانيوم والفحم، وحسب الكتاب فان ما تبقى من نفط سينفد عام 2050، ولن يكون هناك المزيد من الغاز الطبيعي في عام 2100.
العالم يفكر الآن في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وفي نظامٍ بأنانية النظام الرأسمالي وجشع القائمين على شركاته العابرة للقارات، فان ذلك لن يتم قبل الاستحواذ على حصص الأجيال القادمة من الطاقة غير المتجددة، في غياب الرشد في التعامل مع ثروات الكوكب، وهو غياب يصل حد التهور في شن الحروب واحتلال البلدان لوضع اليد على ثرواتها، ومثال العراق القريب حاضر في الأذهان.
في الجزء المتصل بنا في هذه المنطقة ينطرح السؤال الكبير، القديم المتجدد، عن غياب البصيرة في الاستعداد للزمن الذي يبدو قريباً حد الفزع، حين تكف هذه المنطقة عن إنتاج النفط، لأنه ببساطة نفد من جوفها.
والبحرين جزء من هذه المنطقة، ولعل ما تبقى لديها من مخزون نفطي تحت الأرض هو الأقل بالقياس لنظيراتها الخليجيات الأخرى، وفيما يدور الحديث عن الاستراتيجيات المستقبلية على الصعيد الاقتصادي، هل وضعنا السيناريو الأسوأ الذي يفترض نضوب النفط حتى قبل الآجال المحددة له حالياً، لأننا لسنا من يتحكم في عدد البراميل المنتجة يومياً، وحيث بات من الصعب النظر إلى هذه المسألة على أنها سيادية في كل دول المنطقة. وبالتالي فالسؤال المطروح هو ما مدى جاهزية البدائل الأخرى لتكون فعالة في الأفق المنظور، في الغد القريب أكثر مما نتصور، حين تروح السكرة وتجيء الفكرة.
هل فكرنا ماذا سنفعل؟
 
صحيفة الايام
29 يونيو 2010