المنشور

سلبيات نظامنا الانتخابي

استمراراً لحديث الأمس بين سلبيات وعيوب كثيرة أبرزتها، بشكل جلي، هذه المرة كما في المرة السابقة، الانتخابات البلدية والنيابية، تبدو سلبيات النظام الانتخابي المعمول به حاليا في مقدمتها، خاصة لجهة التوزيع الراهن للدوائر الذي يقسمها إلى أربعين دائرة، لكل دائرة الحق في انتخاب نائب واحد فقط.
تحدثنا أمس حول الأصوات المهدرة التي حصدها مرشحو التيار الوطني الديمقراطي، في نطاق ما دعوناه مصير من أسميناها بالقوى المتوسطة والصغيرة التي خرجت خالية الوفاض من السياق الانتخابي.
وسنظل نرى أن بقاء التوزيع الراهن للدوائر يعيق فرص هذه القوى في الفوز في المستقبل أيضاً، وان القوى الكبيرة ستظل من يمتلك إمكانات الفوز الفعلية لاعتمادها على أدوات وآليات أخرى في حشد الناخبين ليست متيسرة للقوى الأخرى، خاصة الديمقراطية منها بالنظر للطبيعة الفكرية والسياسية والتنظيمية المختلفة لهذه القوى .
لابد من التوضيح اننا عند مقاربة ملف النظام الانتخابي، خاصة الجزء المتصل بتقسيم الدوائر فيه، إننا نتعاطى مع هذا الملف من منظور مختلف عن ذاك الذي جرى به تناوله في الكثير من الحالات .
منطلقنا يرتكز على الحرص في إظهار ما في المجتمع من تنوع وتعدد سياسي وفكري واجتماعي، من المفترض أن يجد له تعبيرا في المجالس المنتخبة، وفق نظام انتخابي مرن يهيئ ذلك، ولهذا الأمر مزايا عديدة سنأتي على ذكرها، لكن أبرزها هو تأمين استقلالية القوى غير الكبيرة، متوسطة أو صغيرة الحجم، بحيث لا تجد نفسها أسيرة للقوى الأكبر منها طمعا في دعمها في الانتخابات.
وهذا يتيح لهذه القوى الأصغر توسيع دائرة حركتها في إبراز أوجه تمايزها في البرامج والرؤى عن تلك القوى الكبيرة، ومخاطبة القاعدة الاجتماعية التي تمثلها بالشعارات والبرامج التي تفهمها هذه القاعدة وتجد فيها تعبيرا عن مواقفها ورؤاها، إضافة إلى أن هذا النظام الانتخابي المرن الذي ندعو إليه يتيح إمكانيات التحالف والتنسيق بين هذه القوى الصغيرة والمتوسطة لتشكيل كتل انتخابية أكبر قائمة على تبادل المنفعة بين أطراف هذه القوى.
وهو أمر لا يوفره النظام الحالي، ذلك أن الكبير لن يتنازل عن مواقع نفوذه لمن هو أصغر منه قوة وتأثيرا، لأنه باختصار ليس مضطرا لذلك، فهو يرى أن من حقه طالما كان هو القوة الأكبر أن ينال ما يراه حقا مُكتسبا له خاصة في حال غياب النظرة الواسعة التي ترى الأمور من منظور وطني أشمل.
على خلاف الحال في تحالف القوى الأصغر التي تجد لها مصلحة متبادلة في التحالفات التي تخدم أطرافها مجتمعة، وهو أمر وجدنا نموذجا له في التحالف الذي نشأ في انتخابات 6002 بين الأصالة والمنبر الإسلامي والذي عاد بالمنفعة على الطرفين وجعل منهما قوة مؤثرة في مجلس النواب وفي المجالس البلدية أيضا في الفصل التشريعي والبلدي السابق .
هذا التفكير هو منطلق دعوتنا التي أطلقناها في عام 2006، ونعيد التأكيد عليها اليوم في ضرورة إعادة النظر في النظام الانتخابي، ووضع هذه المهمة ضمن أولويات الأجندة الوطنية التي يجب العمل في سبيلها، من اجل تعزيز شروط المنافسة الديمقراطية في الممارسة الانتخابية.
 
صحيفة الايام
30 نوفمبر 2010